رواية أباطرة الغرام الفصل السابع عشر بقلم اية محمد رفعت
حدجته بارتباكٍ وخاصة حينما ردد ببسمة ماكرة:
_ ياسمين إزيك عاملة إيه؟
هتف بها آدم من خلفها، فنظرت إليه، ثم أجابته باقتضاب:
_ أنا كويسة عن إذنك.
أوقفها آدم بسؤالٍ آخر:
_ استني هو أنتِ لسه زعلانة مني ؟
_أنت مكنتش تعرف إننا بنحب بعض، على العموم حمد لله على السلامة، عن إذنك.
هتفت بها بنبرتها المقتضبة لتنسحب من أمامه، وقف مكانه يحدث نفسه بخبث:
_ماشي يا خالد، حسابك ثقل معايا أوي، بس أنا هاخذ منك أغلى حاجة في حياتك وقريب أوي كمان...
**********
تحرك مقبض الباب يُفتح فجأة ليطلَّ آدم من ورائه هاتفًا بمرح:
_ممكن أدخل؟
نهض خالد من مكانه مبتسمًا ليرحب به قائلًا :
_ آدم أنت رجعت أمتى؟
_حالا وقولت آجي أسلم عليك الأول وبعدين أروح أحجز في أي أوتيل.
أجابه آدم مداعيًا ابتسامته ومرحه ، ليستنكر خالد قوله ويهتف بكرم طبعه:
_أوتيل وقصر الدالي موجود؟!
ثم أضاف بلهفة شوق :
_ده أنت متتصورش واحشني قد إيه؟ بقى يا حيوان تسافر ولا حتى ترفع سماعة التلفون وتقول أما أكلم صاحبي أشوفه عامل إيه، ولا حتى أباركله على الخطوبة.
ابتسم آدم بمكرٍ دفين لم يلاحظه خالد، وهتف بحماس مصطنع:
_ما أنا نزلت مخصوص عشان أباركلك بنفسي.
_حبيبي يا دومي.
هتف بها خالد معانقًا إياه ليضحك آدم وقال:
_قولت بلاش الإسم ده.
دخل آسر مندفعًا للداخل ، يهرول في خطواته وهو يصيح دهشة:
_آدم أنت رجعت امتى ؟
_ حالًا، أنت عامل إيه يا اسورة؟
هتف آدم بمرح ليجيبه آسر:
_ أحسن منك يا أخويا.
وجه آسر بصره لخالد ثم أردف إليه:
_ في حتة موزة برا حاجة كده تحل من على حبل المشنقة عايزة تقابل البوص.
_ أنت مش هتعقل خالص؟!
هتف خالد بيأسٍ بعدما استمع إليه ليجيبه آسر بذات المرح المرافق له:
_ده لو أنا عقلت أُمال مين اللي هبيقي مجنون.
_ أنت جاي عشان تقول المعلومة الخطيرة دي؟
قالها وهو ينظر له بعد أن أشار لآدم بالجلوس، فحرك الآخر رأسه نافيًا، ليهتف مجددًا بحدة:
_ أنت هنتقطني ما تخلص.
_ بصراحة أنا مستخبي هنا من أبوك .
قالها بصوتٍ منخفض قليلًا، وهو يراقب حركة الباب خوفًا من دخوله المفاجئ ، ليهتف خالد باستغراب :
_أبويا... ليه ؟!
بدأ آسر يشرح ما فعله وكأنه شيءٌ بسيط ، استفز خالد :
_أصل أنا كنت رايح على مكتبي ولقيته قاعد مركز أوي على اللاب فقولت لازم أسورة ياخد وضع المراقبة ليكون بيكلم واحدة ولا حاجة إن كان كده أقوم بالواجب مع سهير عشان تفوق...
_ولقيت إيه يا أستاذ آسر ؟
هتف خالد بسخرية ليجيبه الآخر ضاحكاً :
_ الراجل قاعد على اللاب من الصبح بيكتب ملف للصفقة وبيحاول يحفظه، قومت أنا إيه قولتله هات أنسخهولك
_وطبعًا كالعادة عملت كارثة؟
أجابه آسر بلامبالاة وهو يرمي بجسده على الأريكة:
_لا ولا حاجة الملف أتمسح.
_ نهارك مش فايت.
هتف خالد بصدمةٍ ليلمح آسر بعدها يشير إليه ويقول :
_ماهو ده نفس الكلام اللي أبوك قاله قبل ما يتجنن .
_غور يالا من وشي أحسنلك.
هتف بها خالد بعصبية لما فعله هذا الغبي وللا يبالي له، في حين ضحك آدم ضحكته باردة وهتف بسخرية:
_ لسه زي ما أنت كل يوم كارثة؟
نظر إليه آسر باشمئزاز ، و ردّ إليه سخريته:
_ وأنت لسه زي ما أنت بارد.
قاطع خالد حديثهم عندما أخذ مفتاح سيارته وهتف لآدم :
_ يلّا يا أدم تعال زمانك جاي تعبان من السفر .
تحرك آدم معه ونظر إلى آسر بنظراتٍ مستفزة وحدثه بسخرية :
_سلام يا أسورة.
نفث آسر بضيقٍ و هتف بنفور :
_ أسورة في عينك ، عيل رزل.
لم يُعيرله انتباه فما في داخله رغبةٌ خبيثة لكونها للمكوث في قصر الدالي، التي تحققت و بذلك سيسهل عليه تنفيذ مخططه.
***********
كان يهدئ من غضب عمه بعد كارثة شقيقه، أخبره مطمئنًا إياه :
_ اهدى يا عمي أنا هكتب الملف تاني مفيش مشكله.
_الواد ده غبي أوي.
هتف بها محمد، ليبتسم عصام بسخرية داراها بحديثه :
_أنت عارف أنه غبي بتدي له الملف ينسخه ليه ؟
_ ده هو إللي عامل فيها أبو العُريف و أنا أقوله هتعرف يا آسر يقولي عيب يا عمي، أوعي يا آسر يقولي متخافش ، الظاهر إن كان لازم أخاف وأنا معرفش.
لم يتمالك عصام نفسه لينفجر ضاحكًا ، ثم قال من بين ضحكاته:
_ متزعلش هجيبلك حقك.
**********
جلس آسر في مكانه يستمع إلى حديث الموظف الباكي، ليمد الآخر يده تحمل منديلًا إليه، وهتف باشفاق:
_خد خد بس متعيطش طب مراتك دي تعبانة من إيه؟
تابع الرجل كذبه المصحوب بدموع كاذبة :
_مراتي و إبني الإتنين.
تعاطف لحالته تلك وهتف باشفاق :
_ متعيطش ياعم خلاص والله ماهقول للبوص ده ظالم ومفتري، متقلقش أنت أتأخر كل يوم عشان مراتك وإبنك وأنا هغطي عليك وطول ما أنت ماشي يا إبني ادعي عليه حسبي الله ونعم الوكيل فيك ياعصام يا ابن آمال... لا بلاش أمي قول ياعصام يا ابن أبولهب.
خلف الباب و في هذه اللحظات، كان عصام يستمع لما يُقال منذ بداية حديثهم.
هتف الرجل يشكره :
_متشكر يا آسر بيه ياريت الباشا كان طيب كده في تعامله معنا، إنما هو قاسي ومعندوش تفاهم عكسك أنت ذوق أوي.
ابتسم آسر لإطراء الرجل ثم هتف :
_ميرسي يالا أمشي بدل ما يقفشك.
_متخفش أنا قفشتكم أنتم الإثنين.
هتف بها عصام وهو يتقدم نحوهما ليفزع كلاهما بخوفٍ منه في حين برر الرجل بخوف شديد منه :
_ عصام باشا أنا...
_ أنت مرفود برا.
هتف بها عصام بكل ما لديه من برود أوجل الرجل ليندفع مكررًا تبريره :
_يا فندم أنا...
قاطعه عصام بصرامةٍ مخيفة :
_ الكلمة بقولها مرة واحدة بس... تاني مرة مش بتكلم، إيدي هي اللي بتتكلم.
انسحب الرجل مذعورًا من نبرته المخيفة، فانفعل آسر بحدة:
_ أنت طردته ليه يامفتري، حرام عليك ياشيخ مفيش في قلبك ذرة رحمة؟
_لا.
ردد بها بسخرية ثم انقض عليه يقبض قميصه رافعًا إياه وغادر به إلى مكتبه تحت صيحات آسر معترضًا:
_لا فوق مش انا اللي يتعمل فيا كده.
نظر إليه نظرة مميتة، وهتف بفحيحٍ مرعب :
_بتقول حاجة يا آسر؟
_ يابني عشان برستيجي قدام الموظفين يعني يقولوا إيه لما يلاقوا المشرف عليهم مسحول كده عيب؟
برر بخوف، فابتسم عصام ابتسامةً ماكرة اابعها قوله:
_ هيقولوا أخوه الكبير بيربيه.
وقام بجذبه للمكتب ومن ثم حمله لسقف الغرفة من بذلته، وجلس ببرود يكمل أعماله وكأن شيء لم يكن ، فصرخ اليه مستغيثًا:
_نزلني. يا عصام نزلني.
أكمل أعماله وكأنه غير موجود ولا يبلي له ، طرقات الباب ترتفع ، دخل والده يسأله :
_عصام أنت خلصت العقود اللي همضيها قبل ما أسافر ؟
رفع رأسه يحركها بايجابية ثم أردف بقوله:
_ أيوه يا بابا كل حاجة جاهزة على مكتب حضرتك.
ابتسم والده إليه ثم شكره داعيًا له:
_الله ينور عليك يا ابني و....
قطع كلماته آسر الذي يهتف بتوسل لمساعدته :
_إلحقني يا أبو لهب.
تلفت حوله باحثًا عن مصدر الصوت، فآتاه الجواب من الأعلى:
_ بص فوق
نظر أحمد للأعلى و ظهر الاندهاش واضحًا على ملامحه ليسأله بتعجبٍ:
_ آسر إيه إللي طلعك عندك كده ؟!
_طالع أتفسح تيجي تتفسح معايا.
هتف آسر بسخرية، فأجابه والده بسخطٍ مماثل:
_ لا يا حبيبي شكرًا لذوقك، أنا مبسوط على الأرض.
تابع خطواته مغادرًا، فصرخ آسر به:
_ إستنى رايح فين فكني..
رجع أحمد بخطواته ووقف أمامه ثم رفع نظره إليه متحدثًا بخفوت :
_ أخاف أقوله يفكك ينزلك ويعقلني مكانك خليك كده أحسن.
_أخص على رجالة العيلة.
هتف بها باستنكارٍ، فضحك وغادر المكان دون أن يعبئ به، ارتفع صياح آسر وتهديده:
_نزلني يا عصام أحسنلك.
_ بطل دوشة مش عارف أركز منك.
هتف بها ببرودٍ ولا يزال يتابع عمله، فصاح بحنق :
_حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ.
دُقّ باب المكتب مجددًا و دلف عددٌ من الموظفين. حدّثهم عصام بجديةٍ وصرامة:
_ أنا مش عارف أيه كمية الاخطاء دي، الملفات دي تتراجع وتكون على مكتبي خلال نص ساعة.
_حاضر يافندم.
هتف بها أحد الموظفين بهلع، ثم انسحبوا بعدها إلى الخارج لكنهم توقفوا فجأة عند ملاحظتهم لآسر المعلق، شعر بتوتر أزاحه بمرح خلال حديثه:
_ أزيكم ياحبايبي عاملين إيه؟ أصل مفيش شبكة تحت قولت أشوف هنا.
هتف عصام ولم يرفع نظره من على حاسوبه:
_لو خلصتم فرجة ياريت كل واحد يروح على مكتبه يشوف شغله أحسن أعلقه جنبه.
ما إن أنهى حديثه حتى اختفوا من المكتب، فهمس بسخط :
_ أبو شكلك راجل ظالم بتفتري على الأضعف منك .
_بتقول حاجة يا آسر؟
هتف عصام من الأسفل بنبرةٍ تحذيريةٍ أربكته، جعلت الآخر يجيب بخوف:
_لا ده أنا بدعيلك ياحبيبي.
وتمتم داخليًا:
_ بس هو خالد اللي هيقدر للواد ده.
**********
_إعتبر البيت بيتك يا آدم.
كرر خالد بها ترحيب بصديقه، بعدما جلسوا معًا على طاولة الطعام لتناول الغداء ، فشكره الآخر بودّ :
_ مش عارف أقولك إيه ياخالد متشكر جدًا.
_مفيش شكر بين الصحاب
رد بها خالد مبتسمًا، في حين قالت سهير وهي تمد إلى آدم بـ "زوج حمام" مشوي قائلة:
_كل يا آدم ياحبيبي أنت محروج ولا إيه؟
اجابها ببسمة هادئة:
محروج فين يا طنط ما أنا باكل أهو.
اضاف خالد ساخرًا:
_كل ده ومش بياكل أُمال لو بياكل هياكلني أنا بقى.
إنفجر الجميع ضاحكًا على حديث خالد، لينظر إليه آدم بغيظ وأشار لوالدته قائلًا :
_شايفة إبنك يا طنط.
_ بس يا خالد .
هتفت بها سهير محذرة إياه وهي ترفع الشوكة في وجهه، فقال خالد بيأس:
_ أنت بتاخد أمي في صفك على طول .
فجأة دقَّ جرس القصر، فأسرعت هنية لفتح الباب، والذي ظهر من خلفه بنات عائلة الدالي، وعلى رأسهن ندى التي هتفت بمرح:
_ إيه يانونا كل ده عشان تفتحي.
ضحكت ياسمين لتستفز ندى وهتفت بمكرٍ بعد أن غمزت لسها:
_ تلقيها لما عرفت إن أنتِ مكنتش عايزة تفتح.
صدحت ضحكة سها على مكر ياسمين، وهتفت وهي تضرب كفها بكف ياسمين:
_عسل يا ياسو.
_ كده شكلكم عايزين علقة من بتاعت الصبح.
هتفت بها ندى محذرة، لتتذكر كلتا الفتاتين ما أصابهما منها، في حين هتفت ياسمين بذعر:
_عيب كدا يا سها دي ندوش قمر.
_ أيوه كده اتعدلي.
هتفت بها محذرةً لكلتيهما، ثم التفتت إلى هنية وسألتها :
_ مامي فين ؟
_ احنا هنا .
صوت أخاها يصدح من المجلس، اتجهت ندى اليه، غير منتبهة لنظرات ذلك الوقح ذو النظرات القذرة وقالت:
_ أنت جيت امتى؟
اجابها ببسمة هادئة:
_ من نص ساعه كده.
ردت عليه باستغراب:
_ ليه؟
لتسمع الجواب من خلفه:
_ كان بيوصلني
انتبهت ندى لذلك الصوت الغريب الذي اخترق أذنيها التفتت تنظر إليه، ثم نظرت لشقيقها تسأله بصوتٍ خافت :
_ خالد مين ده ؟
وكأنه سمع حديثها لينهض من مكانه مقدمًا عن نفسه:
_ اسمي أدم صديق خالد .
_هو أنت بقى آدم أهلا.
هتفت بها مرحبة، ثم قال متسائلًا عن هويتها :
_وأنتِ مين؟
_أنت عندك فقدان ذاكرة مش فاكر ندى اختي.
قالها خالد بسخرية، جعلت آدم يتحدث باندهاش :
_أنتِ ندى؟ بجد آخر مرة شوفتك كان من أربع سنين تقريبًا.
اوضحت له:
_ لأني كنت مسافرة أمريكا بكمل دراستي.
برر آدم نسيانه متغزلًا بجمالها :
_ عندي حق أتوه أنتِ أحلويتي أوي؟
_ لا عندك البوص لو سمعك يجيب رقبتك دي تخصه.
تدخل خالد محذرًا إياه بمرح، تعجب آدم متسائلًا:
_ تخصه إزاي ؟!
_ يبقى خطيبي.
هتفت بها ندى بفخرٍ، في حين ازدادت دهشة آدم مما قالته، ليردف بدهشة :
_ بس عصام كان خاطب لميس...
_ الله يرحمها.
نطق بها الجميع، لتتسع عيناه غير مستوعبًا التغييرات التي لحقت بالعائلة:
_هو أنا فاتني كثير للدرجة دي؟
_ باليل هحكيلك اللي فاتك كله.
قالها خالد وهو يضرب على ذراعه برفق، وفجأة دخلت ياسمين، ثم تحدثت عندما رأت خالد :
_ خالد أنت هنا؟!
_ أيوه يا قلب خالد.
قالها بعشق أخجلها بشدة و حولت وجنتيها لحبة فراولة شديدة الاحمرار، في حين هتفت آمال من خلفه:
_حرام عليك ياخالد أنت كل شوية تكسف البنت كده.
ردت سهير ساخرة ليضحك خالد على حديثهم:
_مش عارف بمسك نفسه
_ خلاص يا جماعة مكنتش كلمة.
تحدث آدم بمرحٍ لكن مليء بالخبث :
_ أخيرًا حد وقعك.
إنتبهت ياسمين لذلك الذي ينظر لها بطريقة غير مريحة و عيناه المليئة بالقذارة التي دائما ما ينظر لها بها، حدث آدم ذاته بشر و خبث يملأ نفسه المريضة بالحقد و الغضب:
_صحيح ندى دي حلوة أوي بس ياسمين جميلة برضه ودي اللي لازم أحقق إنتقامي منها أخته مش هتكسره زي حبيبته واضح من عنيه قد إيه بيحبها.
عاد من شروده على رنين هاتف خالد معلنًا عن وصول اتصال من آسر، أردف خالد بتوجس بعد رؤيته اسم المتصل :
_ إيه ده آسر ربنا يستر...ألو.
تحدث آسر بسرعة صارخًا:
_ إلحقني ياخالد عصام معلقني في السقف.
_ ما أنا على طول بلحقك أنجز عملت إيه المرة دي؟
_مش وقته إلحقني دلوقتي وبعدين أبقى أقولك كل حاجة.
_إقفل أنا جيلك حالًا.
اغلق الهاتف فسألته أمال بتوجس :
_في إيه ياخالد ؟
_ كالعادة آسر عمل كارثة وعصام معلقه.
قالها ببرود أخاف آمال ، التي هرعت وهتفت بلهفتها:
_ إيه ؟! ياحبيبي يابني قوم ياخالد روح الحقه.
وجدها خالد فرصة مثالية لتبرير سفر آسر معه، فابتسم بمكرٍ ثم قال:
_مش عارف هيعمل إيه لما أسافر ده ممكن عصام يخلص عليه.
شعرت آمال بالخوف على ابنها من أخيه الأكبر، في حين اقترحت سهير حلًّا:
_مش أنت مسافر شغل ؟
حرك رأسه بايجابية، جعل سهير تتشجع وتردف باقي حلها :
_خده معاك.
_شكل هو ده اللي هيحصل يا سوسو .
قالها بابتسامة نصرٍ تلوح على شفتيه في حين سأله آدم بدهشةٍ :
_ أي ده هو أنت مسافر؟
_ أيوه عندي شغل هسافر كمان يومين .
شعر آدم بفرح داخلي لقرب تنفيذ مخططه ، في حين رسم على وجهه حزنًا مصطنع وقال:
_ كده ياخالد أنا جاي أقعد معاك وأنت تسافر .
اجابه بآسف:
_معلش يا آدم أنا مينفعش أعتذر لهم يومين بس وهكون هنا.
فابتسم بمكر:
_ تروح وترجع بالسلامة ياصاحبي.
أمّن خلفه، وانسحب مغادرًا لإنقاذ آسر من براثين البوص، فهتف مودعًا:
_طيب سلام بقى ألحق آسر.
ودعه الجميع، أما ذلك ادم الذي لم يزح عينيه عن ياسمين و ينظر لها بنظرات مليئة بخبث حدث نفسه بشر كأنها تسمعه:
_ فاضللك يومين ياحلوة عيشيهم بالطول والعرض لأنك هتكوني ملكي أنا وبس.
**********
اندفع خالد إلى الداخل دون استئذان متسائلًا:
_ آسر فين ياعصام ؟
أتاه الجواب من الأعلى بصوت آسر الساخر:
_أنا هنا يا خالّود..
نظر خالد إلى الاعلى و انفجر ضاحكًا على حالته تلك ، ثم تابع من بين ضحكاته:
_ فكه يا عصام .
تراقص حاجبي عصام نفيًا لطلبه، فاندفع خالد يحلّ وثاقه قائلًا:
_كده طيب أفكه أنا.
_ مابلاش ياخالد.
قالها عصام محذرًا إياه و يرسم على شفتيه ابتسامةً، لكن خالد أصرّ وقرر عدم المبالاة بحديثه، وصعد ليحل وثاقه،فاندفع جسد آسر ليسقط من فوقه، فصرخ متألمًا :
_ اااه ظهري منك لله يا آسر.
_مش قولتلك بلاش .
هتف عصام شامتًا به، في حين هتف آسر بمرح وقد نال حريته أخيرًا:
_ عسل يا خالّود كنت واثق إنك أنت إللي هتفكني.
نهض عن الأرض يحتضنه فجأة ليتأوه خالد بصراخه المتألم:
_ آآه أبعد عني ياغبي ضهري مش قولتلك نهايتي على إيدك.
دخل أحمد ومحمد فجأة بعد سماع تأوهات خالد، فاندفع أحمد نحو خالد يسأله بلهفة:
_مالك ياخالد في ايه؟
_ مالك يابني ؟
هتف محمد أيضًا في محاولةٍ للاطمئنان عليه، في حين أنَّ خالد متألمًا :
_ اسندني بالله عليك يا والدي، آه.
_ مين إللي عمل فيك كده؟!
هتف بها والده بذعر ليشير خالد إلى آسر وأردف بألمٍ :
_كنت بفك الحيوان اللي جنبك ده واقع فوقي آه ظهري.
_ أنت مبيجيش من وراك إلا وجع القلب.
هتف أحمد بحدة في حين اندفع آسر يلقي اللوم على عصام مذنبًا إياه :
_ اتشطر على ابنك يا أخويا يلي هيموت الراجل عشان اتأخر وكان بيجيب علاج لمراته وإبنه.
_ يا غبي الراجل ده مش متجوز أصلا.
هتف عصام بغضب، جعل آسر يتجمد مكانه وقال بصدمةٍ :
_ إيه؟ إزاي ؟! يعني كان فكرني غبي بيستغفلني ؟
_أنت لسه عارف إنك غبي.
أجابه خالد وآلام ظهره لم تزول، فقال آسر بتفكير :
_لازم بعد كده أشغل عقلي ومصدقش أي حد.
هتف والده ساخرًا بغيظ :
_ لا أوعى تشغله هو مش بيشتغل وبيعمل الكوارث دي أمال لو إشتغل هتعمل إيه؟!
***************
اوقف سيارته أمام القصر بإهمال، ثم تراجل منها بتعبٍ بعدما ظل وقت طويل بالعمل وحل عليه الليل، تحرك نحو غرفته يبدل ملابسه بأخرى مريحة، فتح الحاسوب الخاص به وبدأ ينهي ما تبقى من عمل، ولكن شتت انتباه صوت دقات الباب، تعجب قليلًا من الآتي ولكن تمتم بصوتٍ مسموع لمن بالخارج:
_ أدخل.
_ أنا لقيتك مطنشني ومش بتسأل قولت أسأل أنا.. عامل إيه!
ضحك عصام على صراحتها، ثم قال باعتذارٍ :
_اعذريني يا ندى بس كان عندي شغل كثير أوي النهاردة.
مطت شفتيها باستياء مرددة:
_ وحتى لما جيت أقعد معاك برضه بتشتغل.
أغلق عصام الحاسوب، ثم نظر لها متمتمًا ببسمةٍ حنونة:
_ أهو الشغل اللي واخدني من حبيبتي ومزعلها مني.
ضحكت ندى بسعادة تجلس على مقعد الموجه له، تردد بغرورٍ:
_ايوة كده.
ابتسم على طريقتها الطفولية، ثم تسأل ببعض التعجب:
_ إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟!
اجابته بنبرة طفولية:
_مش جاي لي نوم خالص..
وبتردد نادته:
_ عصام!
انتبه لما تريد قوله، لتسترسل ندى حديثه بخوفٍ:
_ هو أنت لسه بتحب لميس؟!
قطب جبينه بدهشة متمتمًا:
_ ليه ياندى بتقولي كده هو أنتِ لسه مش واثقة إني بحبك؟!
حركت رأسها في نفيٍ ثم رددت بخفوتٍ:
_لا أبدًا بس مش عارفة ليه بحس إنك لسه بتحبها!
تنهد عصام من خوف ندى المستمر، ثم تمتم بكلماتٍ أحسن اختيارها:
_عمري ماهكرها ياندى مهما كان كانت بنت عمتي الله يرحمها وعمري ما هنسي أنها كانت خطيبتي و أنا كنت بحبها بس أنا دلوقتي يا ندى بموت فيكِ أنتِ اللي خلتيني أتغير وكسرتي كل الحواجز.
تسللت الابتسامة لها، لتردف بهدوءٍ:
_ الله يرحمها
نظر لها عصام بهدوءٍ، ثم قال بنبرة دافئة:
_ممكن معدتيش تتكلمي في الموضوع ده.
حركت رأسها بايجابية، تردد بسعادةٍ:
_ أوك يا بوص.. تصبح على خير.
تركته مغادرة الغرفة، في حين حرك عصام رأسه بتعبٍ من تفكير ندى المستمر بلميس.
***************
بقيت ياسمين تنتظر خالد، تحرك قدمها بغضبٍ، بقيت وقت طويل حتى غفت مكانها.
دلف خالد إلى القصر بتعبٍ، يتجه نحو غرفته ولكن لاحظ ضوء خافت يأتي من الجوار نظر نحوه ليجد ياسمين قد غفت على المقعد تقدم منها يردد بتعجبٍ:
_ياسمين ياسمين!!
فتحت ياسمين عينيها بتعبٍ من حركة جسدها الغير معتدل فرددت بنعاسٍ:
_خالد أنت أتأخرت كده ليه؟!
اجابها بدهشةٍ:
_كان عندي شوية شغل أنتٍ بتعملي إيه هنا وإيه اللي نيمك كده؟!
ياسمين :
_كنت مستنياك.. انت اتاخرت أوي ه ليه أنا قلقت عليك!
تهللت اساريره، متمتمًا بحب :
_بجد ياحبيبتي كنت خايفة عليا!
اندفعت ياسمين بالحديث، تردد بانفعال:
_لا يا حبيبي ده أنا مستنياك عشان أعرف عرفت كام واحدة غيري ياخاين طلقني!!
_أطلقك إيه يا هبلة مش لما أتجوزك الأول.
قالها خالد بسخطٍ، في حين بقيت ياسمين دقيقتين، ثم قالت بعبوسٍ :
_بردو خاين!
تهجب من نعتها له بـ (خاين)، ليتسأل بحيرة:
_فهميني بس إيه اللي مزعلك؟!
رفعت ياسمين يدها تضربها بأخرى، تردد بسخريةٍ :
_صاحبك الصبح بيقولك اخيرا عقلت وخطبت قولي انت عرفت كام واحدة عليا يا خاين!
ما أن استمع لحديثها حتى انفجر ضاحكًا على ما تتفوه به، ليردف بمزاحٍ:
_ أنتِ بتغيري عليا ياسو
اشاحات بوجهها بعيدًا، في حين هتف خالد بهدوءٍ متخلصًا من ضحكه:
_ خلاص إهدي .
ردت باقتضاب:
_ لاء.
ردد بحنو:
_بصيلي ياحبيبتي.
نظرت له بضيقٍ، لي حين استرسل خالد حديثه مرددًا بهدوءٍ ممزوج بحنو:
_ أنتِ شايفة في حد في قلبي غيرك أنتِ مسيطرة على قلبي وعقلي وكل حاجة فيا
أنا كنت ايام الجامعة بعرف اكتر من واحدة بس مفيش واحدة منهم قدرت تأخد قلبي . أنتِ ساكنة في قلبي من زمان من لما كنتِ صغيرة وانا حبي ليكي بيزيد
رضت اجابته قلبها، بل اشبعت ظمأه، لتزحف بسمة صغيرة على شفتيها، في حين ردد خالد بمرحٍ
_ أموت في ضحكتك اللي بتنسيني دنيتي.
حركت رأسها في نفيٍ، مرددة بمكرٍ:
_هسامحك بس لو عملتيلي بيتزا
اتسعت عين خالد بصدمةٍ، ثم ردد بغيظٍ:
_ طقم الشيف اللي جوه ده مش عجبك!!
نظرت له ياسمين بحزن مصطنع، ثم رددت بعبوسٍ:
_ كده ماشي معتش تكلمني المرة اللي فاتت كان نفسي أدوقها بس إتحرقت مكنتش أتوقع منك كده ياخالود أخص.
علق خالد بضحكٍ :
_ يا إيه!!
_خالود
اجابته بنبرة طفولية، ليتمتم خالد بضحكٍ :
_ أنا كنت بكره دلعي بس شكلي هبتدي أحبه حاضر هغير هدومي وأعملك أحلى بيتزا.
اتسعت عين ياسمين بصدمةٍ، ثم قالت وهي تحاول اللحاق به:
_تعال هنا مجنون أنا عشان أخليك تطلع لآسر مش هيرضى يخليك تنزل.
_تصدقي صح!
قالها بعد تفكير بحديثها، لينزع سترته وقام كشف عن ساعديه، مردفًا:
_ يلا بينا نعمل البيتنزا.
صفقت ياسمين مثل لأطفال، تردد بحماسٍ
_ ده الكلام
ضرب خالد كف بأخر، يردد بيأسٍ:
_ أنا قولت انك مجنونة يلا ياختي.
******
ظل آسر يتحرك بالغرفة في حنقٍ، ينتظر خالد بأن يأتي، ليردف بصوتٍ غاضب:
_ مجاش لحد دلوقتي ليه مش عارف إني مبعرفش أنام إلا لما يجي أعمل إيه دلوقتي أحسن حل أروح لسها أرزل عليها.
*****
انتهى خالد من صنع البيتزا، ليتقدم نحو ياسمين التي تنتظره بحماسٍ مرددًا بسعادةٍ:
_أحلى بيتزا لحبيبة قلبي.
مدت ياسمين يدها سريعًا تمسك بقطعة، تقطم منها بحماسٍ، وما أن ابتلعت أول لقمة حتى هتفت بتلذذ:
_الله كان عنده حق عصام لما قال عليك شيف.
مدت يدها له بقطعة، تسترسل حديثها بحنوٍ:
_ مش هتأكل!
حرك رأسه نافيًا، يردد ببسمةٍ متعبة:
_لا ياقلبي مش جعان كلي أنتِ بالهنا والشفا.
حركت رأسها بايجابية، ثم عادت تلتهم البيتزا بمتعةٍ كبير، حتى دهش خالد بسؤالٍ من ياسمين مفاجئ:
_خالد هو أننت ممكن تزعل مني لأي سبب!!
عقد حاجبيه بتعجبٍ، ثم اجابها بسؤالٍ:
_ليه بتقولي كده يا ياسمين!!
_ أنا أسفة ياخالد المرة اللي فاتت كانت من غير قصد لكن المرة دي بقصد.
امسكت بعلبة الكاتشب لترشه بها، في حين نظر خالد لقميصه بصدمة ثم قال بتوعدٍ:
_كده طيب تعالي.
ركض خلفها حتى اصبحت محاصرة، ليشير خالد نحو قمصية متمتمًا:
_ينفع اللي عملتيه ده؟!
اجابته بضحكٍ:
_ لاء
زفر بتعبٍ يردد بصوتٍ حانق:
_ بطلي ضحك.. صبرك بس لما نكتب الكتاب.
ركضت ياسمين من أمامه بضحكٍ نحو غرفتها، في حين زفر خالد بيأسٍ من طريقتها التي بات يعشقها مرددًا بحب:
_ هيفضل حبي ليكي يزيد لحد فين!
لم يلاحظ أحدهما نظرات أحدهم الحاقدة.
*********
_هو أنت يا أحمد يعني لازم تسافر معاهم
قالتها آمال بدموعٍ تنساب على وجنتيها، في حين اجابها أحمد بحنو:
_ يا أمال لازم أسافر بنفسي ومحمد مش هيعرف يتصرف لوحده.. خلي انتي بس بالك من نفسك وأنا أوعدك إني هرجع إن شاء الله علطول.
شعرت آمال بريبة من طريقته، لتردف بشكٍ:
_مالك يا أحمد أنت مخبي عليا حاجة!!
شعر أحمد بتوتر شديد، ولكنه حاول اخفاؤه بقول:
_هخبي إيه يعني!!
*******
احتضنت ندى والدها بأعينٍ مدمعة، تردف بصوتٍ متحشرج:
_مع السلامة يابابا تروح وترجع بالسلامة.
نظرت لهما ياسمين بحزنٍ، تردف بكلماتٍ حزينة :
_ أنتم هتسافروا كام يوم!
اجابها محمد بحنو:
_3 أيام بس وخالد وآسر هيسافروا بكره وهنرجع مع بعض.
علا صوت أحمد من الخارج مرددًا:
_ يلا يا محمد أتأخرنا.
أمسك بحقيبته، يردد بحبٍ:
_حاضر سلام يابنات.
تقدمت ياسمين من والدها، مرددة ببسمة هادئة
_ مع السلامة يا بابي.
تقدمت باقي الفتيات من أحمد الي احتضنهم جميعًا مرددًا:
_سلام ياحبايبي
*******
_خلي بالك من نفسك يابابا وإن شاء الله هتقوم بالسلامة.
قالها عصام بألمٍ حاول اخفاؤه، في حين ضم أحمد ابنه يردف بجدية:
_ إن شاء الله يابني خلي بالك انت بس من أخواتك ياعصام.
حرك عصام رأسه بايجابية، يرد بصوتٍ ثابت:
_متخافش دول في عنيا.
وضع محمد يده على كتف أحمد يردف بهدوء:
_ يلا يا أحمد.
تمتم خالد بجديةٍ وقلق :
_ أنا هكون عند حضرتك قبل العملية.
حرك رأسه، ثم قال بصوتٍ حزين :
_ ماشي يابني بس إبقى خد بالك من آسر هو متعلق بيك ياخالد، قلبه ضعيف أنا مكنتش عايزه يجي بس هو هددني إنه هيقول للكل.
علق محمد بمرحٍ :
_ أنا خايف لما نرجع يقول لأمال إنك أتجوزت.
ضحك الجميع على حديثه، ثم لوح أحمد بيده متمتمًا :
_مع السلامة ياحبيبي.
*******
هبط آدم من غرفته يسير نحو غرفة الاستقبال حيث تجتمع الفتيات، ليدلف قائلًا بمكر:
_صباح الخير
اجابته ندى بهدوء:
_ صباح النور.
ردد آدم بخبثٍ:
_أمال خالد فين ؟
_ أنا أهو ياعم
قالها خالد وهو يدهل للريسبشن، فسأله بدهشة:
_كنت فين ياخالد؟!
اجابه خالد، يجلس على المقعد باريحية :
_كنا بنوصل عمي للمطار.
عتابه آدم بكلماتٍ مزيفة:
_مش كنت تقول كنت سلمت عليه.
ابتسم آسر بتهكم، يردف بصوتٍ ساخط:
_مش مستهالة دول هما يومين وهيكون هنا.
دلف عصام بحالةٍ لم يكن بمثلها من قبل، في حين ردد آدم بترحيب :
_البوص أخيرا قابلتك أنا أمبارح أستنيتك عشان أسلم عليك بس أنت أتأخرت أوي.
اجابه عصام بهدوءٍ:
_أهلا أدم حمدلله على سلامتك
اجابه ببسمة مرحة:
_الله يسلمك يا حبيبي بس إيه ده هموت وأعرف أنت بتكبر ولا بتصغر.
رفع آسر حاجبه بتهكمٍ، ثم قال بسخرية:
_ياراجل أزاي الكلام ده وريني كده ياعصام أنت أحول يالا ماهو زي ماهو أهو ياخويا!!
علقت سها بدهشة:
_ أنتم هتفضلوا واقفين كده؟!
انطلق الجميع إلى الردهة يجلسون سويًا، لتتمتم آمال بحنانٍ بعدما رأت ملامح عصام الحزينة:
_ إيه يا عصام مالك؟!
عصا:
_مفيش ياحبيبتي بس عندي صداع مش أكتر عن أذنكم
صعد عصام إلى غرفته وخوفه يزداد على والده كلما مر الوقت.
***************
اعد كلًا من آسر وخالد حقائبهم للسفر بطائرة خاصة، ليهمس آسر بخوفٍ:
_ خالد أنا خايف على بابا أوي
ربت خالد على كتفه، يردد بكلماتٍ مطمئنة:
_متخافش يا آسر إن شاء الله هيقوم بالسلامة.
_تفتكر؟!
قالها بخوفٍ شديد، في حين اجابه خالد بهدوءٍ:
_إدعي وقول يارب.
رفع يده يدعو بخوفٍ ممزوج برجاء:
يارب يا خالد يارب
***********
طرقات باب الغرفة ثم فتحت كي تستطيع ادخال رأسها لتردف ببسمةٍ مرحة:
_ممكن أدخل
نظر لها بتعجبٍ، يسألها :
_في حاجة يا ندى؟!
تعجبت من جموده، لتسأل بقلقٍ:
_مالك ياعصام فيك إيه من الصبح وأنت حابس نفسك في أوضتك حتى الغدا مرضيتش تتغدا!
أجابها باختناقٍ:
_مفيش ياحبيبتي تعبان شوية!
رددت بحنو:
_ ألف سلامة عليك، مالك طيب!!
شعر عصام باختناق، يجيبه بصوتٍ مقتضب:
_مصدع شوية.
عاتبته بصوتٍ رقيق:
_ عشان أنت من الصبح من غير أكل.
رفعت ندى سماعة الهاتف ثم طلبت طعام يأتي لغرفة عصام.
بعد دقائق احضر العاملين بالقصر الطعام، لتردف ندى ببسمة هادئة:
_ يالا عشان تاكل.
زفر باختناق، يجيبه باقتضاب:
_ماليش نفس ياندى.
حاولت أن تحضر طبق به القليل من الطعام تقربه له متمتمة :
_ طب كل دي بس عشان خاطري.
_ قولت ماليش نفس
قالها وهو يشيح بوجهه بعيدًا، لتردف ندى بتصميم:
_ بقولك عشان خاطري.
دفع عصام الصحن من يدها ثم أردف بعصبيةٍ:
_ أنتِ مبتفهميش قولت مش عايز، إيه هتأكليني بالعافية!
واستطرد بحدة:
_ يالا على اوضتك.
نظرت له بصدمةٍ، والدموع تغرق عينيها فانسحبت من الغرفة وبداخلها ألمٍ كبير مما فعله وارتكبه بحقها
******
بضع كلماتٍ خبيثة قالها عبر الهاتف يرددها بصوتٍ ماكر:
_ متخفش بكره كل شيء هيخلص وهرجع لبنان قبل ما خالد يرجع من السفر
ثم أضاف بضحكات شيطانية:
_ ماشي هصورلكم عشان تتبسطوا.
و أنهى اتصاله وهو يفكر كيف سيستلذ بما سيفعله.
*******
اقترب من غرفتها كي يطرق الباب، فاستمع لصوت بكائها الذي اخترق سمعه بسهولة، أغمض عينيه بندم، طرق الباب بخفة، لتفتح ندى الباب تنظر له بأعينٍ حمراء، شهقاتها التي تزداد بشدة، ردد باعتذار:
_ ندى أنا آسف مقصدش أزعلك والله.
هبطت دموعها بغزارة ومازالت تستدير بجسدها، ازداد تألمها من كلماته، ليعود عصام يتحدث بصوتٍ نادم:
_ آسف أنا كنت متنرفز شوية صدقني مقصدش ندى بصيلي.
لم تنظر له، يزداد بكائها شيئًا فشيء في حين تنهد عصام بألمٍ متمتمًا:
_ للدرجة دي ياندى مش طايقاني أنا أسف إني فرضت نفسي عليكي أوي كده تصبحي على خير.
كاد أن يغادر ولكنها اردفت بصوتٍ متعب:
_متسبنيش!
قالتها وهي تخشى فقدانه، في حين ردد بسعادة:
_ياحبيبتي آسف أنا كنت مخنوق صدقيني مقصدش أزعلك.
مسحت دموعها تتمتم بخفوتٍ:
_ خلاص سامحتك.. بس هات ليا شكولاتة حلوة.
ضحك عصام يجيبها:
_ موافق.
*************
اعد خالد نفسه للسفر سريعًا، وحمل حقيبته، وهو يشير له بعجلةٍ :
_آسر يالا عشان منتأخرش على معاد العملية.
نهض آسر و علامات الخوف ظاهرة على وجهه، نظر له خالد بزفيرٍ، ثم ردد بصوتٍ محاولًا بث الطمأنينة به:
_ إن شاء الله خير مش عايزين حد يحس بحاجة.
_يارب ماشي ياخالد أنت معاك حق
قالها آسر بتوترٍ، في حين اتي عصام لهما يردد بجدية :
_خالد أنت صحيت كويس، خلي بالك من آسر وطمني على طول أنا هبقى معاك على الفون على طول
اجابه خالد مطمئنا إياه:
_متقلقش ياعصام.
استعد آسر أخيرًا، ثم قال وهو يحمل حقيبته هو الأخر :
_ يالا ياخالد أنا جاهز.
أمسك عصام كتف شقيقه، يتساءل بقلقٍ:
_أنت كويس.
ارتمى آسر باحضان اخيه، يردد برعبٍ بطياته البكاء:
_ متخفش إن شاء الله هيقوم بالسلامة.
مسح آسر دموعه يردد بصوتٍ مبحوح:
_ أنا بحبه أوي ياعصام.
ردد عصام بضحك :
_أمال أبو لهب إللي أنت دوشنا بيها دي ليه؟!
اجابه آسر بضحك هو الأخر:
_بحب أعصبه.
تدخل خالد بحديث يردد بضيقٍ مصطنع :
_عود قصب أنا صح طيب و أنا فين من الحضن الأخوي ده.
فرد آسر ذراعه يرد بحبٍ أخوي:
_ أنت ياخالود أعز أخ عندي.
إحتضن الثلاثة بعضهم، يشعرون بوحدتهم و قوتهم.
************
سافر كلًا من آسر و خالد
وظلت الساحة لآدم يدير و يخطط لمأمرته الدنيئة، بينما بقى عصام في مكتبه كي لا يلاحظ أحد قلقه وخوفه الشديد على والده .
بعد مرور عدة ساعات
ارتفع رنين هاتف عصام فحمله بسرعةٍ، يجيب بلهفة:
_طمني!
_الحمد لله ياعصام العملية نجحت.
قالها خالد بسعادة عارمة، في حين جلس عصام على مقعده باريحية يتمتم براحةٍ :
_ الحمد لله ألف حمد وشكر ليك يارب.
ثم استطرد عصام بتسائل:
_هو فاق ؟
نفى خالد سؤاله، يجيب بهدوءٍ:
_ لسه أنا قولت أقولك الأول.
ردد عصام بلهفة لا تزال بكلماته:
_لما يفوق خاليه يكلمني.
_تمام سلام يابوص
اغلق مع عصام، الذي بقى مكانه شاردًا، لا يعلم بأن هناك مخططٍ سينفذ ضد شقيقته في تلك اللحظة!