رواية أباطرة الغرام الفصل الثامن عشر بقلم اية محمد رفعت
_حمد لله على سلامتك يا أبو لهب كنت عايز تموت وتسيبني أقرف مين؟.
هتف بها آسر لوالده بعد أن اطمئن عليه وعاد لوعيه، أغمض أحمد عينيه ثم فتحهما و أجابه بصوتٍ ضعيف :
_ الله يسلمك يا أبو لسان طويل .
جلس آسر إلى جانب قدمي والده، يريد أن يشاكسه ولكن حالة والده الصحية لم تسمح له بتقبل مزاحه، زفر والده بضيق شعر محمد ليقول بضجر :
_بس يا آسر يابني بقى الله.
تابع آسر مشاكساته ، ليشعر بعدها بضربة خالد على رقبته من الخلف وهتف بضيق وهو يجلس إلى جانب عمه:
_مش قالك بس؟
فرك آسر رقبته بألم، ثم رفع بصره لخالد وهدده قائلًا:
_كده ياخالد ماشي ...
ووجّه بصره لعمه وأردف مهددًا الآخر:
_ أنا طالع أعمل تلفون هيتوقف عليه مصير حياتك.
_مصير حياتي ليه؟
سأله بدهشة، ليجيبه آسر بذات نبرة التهديد:
_في بت بره شعرها أصفر وعينها خضرة وحاجة إيه أخر مانجا! أمسكها كام صورة وأبعتها لسوسو وأقولها جوزك اتجوز عليكِ المزة دي وأنا وخالد اللي شهدنا على العقد.
ارتفع حاجبيهواتسعت عيناه بصدمةٍ ، لما ينويه هذا الطائش ، فهتف بنبرةٍ محتقنة:
_ اعمل ما بدالك يا أسوره خد راحتك.. قوم ياخالد من جنب عمك خلي اسورة يريح جسمه شويه
_ناس تخاف متختشيش.
هتف بها آسر وهو يرمقه بنظرة حادة، ويمط شفتيه مستهزئًا، صدم خالد مما حدث، فنظر إلى والده وسأله ساخرًا وقد أشار لآسر بسبابته :
_بابا أنت خوفت من كلام الواد المجنون ده؟!
_ أديك قولت مجنون وممكن يعملها، وسهير عقلها صغير ومش هتصدقني وهتطردني من القصر كله، يرضيك أبوك في السن ده يتطرد.
برر والده خوفه مما ينويه آسر خاتمًا تبريره بسؤال أجابه خالد نافيًا، وقد أضحك الحدث آسر فهتف بثقة:
_كنت عارف .
شعر أحمد بالضيق مما يحدث حوله من تهديدات، فأوقف ابنه الطائش بنبرته الضعيفة:
_بس يا آسر متضايقش عمك، و أنت ياخالد ارجع مصر عشان تشوف شغلك.
_لا ياعمي أنا هرجع معاك.
أصرَّ الآخر برأيه قائلًا :
_ أسمع الكلام ياخالد وخد آسر وارجع .
_متتعبش عمك يا ابني .
وافق محمد أخاه الرأي ليُلحَّ هو الآخر عليه بالرحيل والعودة إلى مصر، هزَّ خالد رأسه موافقًا ثم قال:
_هرجع بكره إن شاء الله، أنا لو سبتك النهاردة البوص هيعلقني .
_بجد هتتعلق؟!
سأله آسر بسخرية، ليجيبه الآخر بسخريةٍ مثله:
_وأنتَ قبلي.
امتعض وجه آسر وهتف بخوف:
_لا هنرجع بكره يا أبو لهب.
تعالت ضحكة خالد التي ملأت الغرفة، وسأل آسر بسخرية وهو يقرص خديه معًا:
_ أنتِ خوفتي يابيضة أومال فين طولة لسانك؟
_ بس يالا.
هتف آسر بحنقٍ وهو يدفع يديّ خالد عنه، ليعاود خالد الضحك، ثم كتم ضحكاته، وهو يخبرهم:
_ أنا هرجع الأوتيل أغير هدومي وأخد شاور.
_ أنا جاي معاك استنى.
تَفَوَّهَ آسر ناهضًا وهو يلحق به مغادرين الغرفة نحو الفندق.
**********
عاد عصام إلى القصر و صعد لغرفته ليأخذ قسطًا من الراحة بعد أن قضى معظم يومه من شركة للاخرى يراقب حركة المصانع والعُمال، استعدادًا لاجتماع مهمًا يحتاج كل طاقته بعد ساعة، ارتخى بجسده على السرير ليسمع رنين صوت هاتفه فرفعه مجيبًا:
_ ألو...
_ عامل إيه من غيري ؟
ردد خالد من الجانب الآخر بلهفةِ شوقٍ إلى صديقه وأخيه، فأجابه عصام بتعبٍ ظهر جليًا في نبرته:
_مشغول من الشركة للمصانع لباقي الشركات حاسس إني هموت.
انطلقت ضحكة خالد الساخرة وهتفه المليء بالسخرية:
_ أجمد يابوص عشان تعرف قيمتي بس .
ابتسم وهو يجيبه بجدية:
_مش محتاج للموقف ده عشان اعرف قيمتك إحنا بنكمل بعض، المهم بابا أخباره إيه دلوقتي؟
طمأنه خالد بإجابته المرضية :
_الحمد لله هو نام بعد لما أنت كلمته على طول.
تساءل بدهشة:
أومال أنت فين ؟
فأجابه خالد وهو يتثاءب :
_في الأوتيل بريح شوية منمنتش من امبارح، ودماغي فيها صداع رهيب والزفت أخوك حجزت له أوضة عشان يحل عني لقيته دخل الأوضة قبلي.
صدحت ضحكة عصام باستهزاء لحال خالد فقال شامتًا:
_ تصدق صعبت عليا أدهولي و أنا أخليه يسيبك.
_هتعرف ؟!
سأله خالد كأنه يشكك في قدراته، ليهتف عصام بثقة:
_عيب عليك ده أنا البوص يا معلم.
_ أصبر لما أنده له بقاله ساعة في الحمام معرفش بيعمل إيه ؟
قالها خالد وهو ينهض عن سريره، يطرق باب الحمام أكثر من مرةٍ الاخر مازال يردد مقطع الاغاني وكأنه ولد ليكون نجمًا لا يسمع الا بالمرحاض، فعاد ليناديه بحدة:
_ آسر...
لم يبلي له آسر رافعًا صوته أكثر في الغناء، فتمتم خالد بعبارةٍ ساخطة تبعها زعيقه بصوتٍ عالٍ:
_ أنت ياحيوان وطي صوتك هتطرد من الفندق بالبشكير!
توقف آسر عن أدائه المزعج ، ليرد عليه بنبرةٍ حانقة:
_ بلاش أغني يعني؟
_هو ده غنى دي تعويذة، يا ابني أنت مش شايف اللي أنا شايفه ، في أسراب الطيور مهاجرة من ورا صوتك .
هتف ساخرًا من أدائه، شعر آسر بحنق من سخريته، فقال بحدة:
_مالكش فيه ، اخلص عايز إيه؟
اجابه ساخرًا:
_مش أنا اللي عايز يا خفيف البوص اللي عايزك برا.
فزع آسر مما استمع اليه وهمس بخفوت:
_ جه امتى؟ هيخلص عليا هنا ولا ايه؟!
ابتلع ريقه بخوفٍ ثم سأل بتردد :
_هو البوص برا ؟
ابتسم خالد وقد شعر بخوفه ، ليجيبه مطمئنًا :
_ لا على التلفون.
خرج آسر من الحمام بعد أن لفً منشفة على جسمه دون أن يغسل جسده من سائل الاستحمام ، تصنَّم خالد لرؤيته هكذا ، فقال مصدومًا:
_الله يخرببتك أنت غبي يالا ؟
لم يجيبه والتقط الهاتف من بين يده وهتف بسرعة :
_ والله ماعملت حاجة خالص ولا عاكست أي واحدة والله أستغفر الله العظيم هم ثلاثة بس والله وكنت بهزر مع عمي مكنتش هقول لسهير كده و....
اندفع يعترف بأفعاله جزعًا ، فقاطعه عصام بحدة :
_بسسس!! إيه بكبورت واتفتح ، أخرس واسمعني.
_ اتفضل معاليك..
قالها مرعوبّا وخالد ينظر إليه مصدومًا يفرغ فاهه لحالة آسر وتأثير أخيه عليه رغم عدم تواجدهما معًا،أخبره عصام بنبرته التحذيرية مهددًا إياه :
_ الأوضة اللي أنت فيها دي تسيبها فورًا وعلى أوضتك ، وإلا وقسمًا بالله يا آسر لعلقك...أظن فهمت؟
لم يستمع إلى جوابه فقد كان يركض بعد أن رمى الهاتف لخالد الذي تحولت صدمته لابتسامةٍ لم يستطع أن يمحيها، رفع الهاتف إلى أذنه مجددًا، يسأل عصام بفضولٍ قد يمحو آثار صدمته :
_ أنت هببت إيه خليت الولد بيجري بالفوطة زي الأهبل؟
استمع لضحكة عصام المرحة، والتي تبعها بإجابةِ ثقة :
_ولا حاجة قولتله إني هعلقه بس..
_مدير الفندق هيطردنا أنا وهو بعملة الفوطة دي.
هتف بسخط بعد تبعه ضحكةً ساخرة بعد أن تذكر منظره وهو يخرج راكضًا، ثم قال عصام بعصبية :
_مين ده اللي يجرؤ يطرد حد من عيلة الدالي؟!
_بهزر يا رمضان.
اوقفه ساخرًا يمتص غضبه، فنجح في ذلك عندما ردّ عصام مرِحًا :
_ لا متهزرش يا شعبان اتخمد بقى.
تنهد بعدم تصديق:
_ أخيرًا هنام .
ودعه عصام قبل أن يغلق الاتصال:
_أي خدمة ؟ أقوم ألبس عشان خارج...
تساءل خالد عن سبب خروجه، ليجيبه عصام بعد أن زفر بعمق:
_عشاء عمل.
_مش مصدق نفسي ! البوص طالع عشاء عمل ؟
هتف خالد بانبهار للتغيير الذي طرأ عليه في غيابه، ليجيب الآخر بسخط :
_هعمل إيه ؟ ما حضرتك مش موجود!
_ربنا يستر ، عصام مش ضروري تروح متشيك عشان البنات، خلي الأمور تمشي
هتف خالد محذرًا، فردّ عليه بفخر :
_أنا أمشي متشيك في كل حتة يالا وميهمنيش حد، سلام.
أغلق الاتصال فتمدد خالد على الفراش بانهاكٍ لأخذ قسطٍ من الراحة.
أما آسر فقد كان يجري بالمنشفة لتوقفه سيدةٌ كبيرةٌ في السن فرنسية الجنسية، ظنته يحاول إغراءها فقامت بجذبه من يده نحو غرفتها.
_تعالى يا عزيزي غرفتي من هنا.
قالتها تلك السيدة وهي تحاول اغؤاه، دفع آسر كفها عنه باشمئزاز ، وهتف غاضبًا:
_ في إيه يا ولية أنتِ سيبي إيدي أنتِ ساحلة ابن خالتك...أوعي
_لا تخاف يا عزيزي تعالى معي.
قالتها وهي تحاول سحبه من يده مجددًا نحو غرفتها، ليفلت يده وهتف بغضب :
_أوعي يا ولية، وانتي شبه البوكسر بتاع اعلان قطونيل كده.
ظلت السيدة تقترب منه وتحاول أن تقبله، فدفعها آسر وهو يصرخ غاضبًا :
_يخربيتك اوعي ده أنتِ أكبر من أمي سبيني، ياخالد إلحقنــــــــي.
استيقظ من نومه على صوت صرخات آسر المستنجدة ركض ليرى ما الذي يحصل، فوجد تلك السيدة الكبيرة تجذب آسر إلى غرفتها و الآخر يصرخ برفض :
_ والله إن ما سبتيني لأموتك ، سبيني يا ولية.
_ الله يخربيتك.
تمتم خالد بها وهو يتقدم نحوهما ليخلصه من شِباك إغوائها الرخيصة، ابعد آسر عنها و تحدث بالفرنسية مع السيدة :
_ اتركيه ، ماذا تريدين منه؟
_هو من أشار لي أنه يريدني ؟
حاولت سحبه مجددًا، ليفلته منها خالد وهتف بنبرة اعتذارٍ بعدما احتدت نظراته تجاه آسر:
_ أعتذر لكِ نيابة عنه اتركيه من فضلك .
هزت رأسها نافيةً ، وقالت باغواءٍ:
_لا هو يريدني.
زفر خالد بعمق، وهتف كاذبًا:
_ اتركيه ، فهو مجنون وهارب من المصحة النفسية .
دُهشت المرأة لما سمعته، فأردف كلامه مقنعًا إياها :
_نعم، إنه مجنون، و أنا هنا لأعالجه .
احتضنت السيدة وجه آسر مواسيةً إياه:
_ يا للحظ هذا الشاب صغير جدًا، لا تحزن يا عزيزي ستكون بخير.
نفث بضيق وهو يدفع كفيها عن وجهه وهتف بسخط:
_إمشي يا ولية ده أنتِ لو عندنا في مصر كانوا ولعوا فيكِ كتك نيلة وأنتِ عاملة شبه الحاجة أطاطا كده.
جذبه خالد إلى غرفته مبتعدًا عنها، دفعه إلى الداخل وهو يهتف بحدة:
_أدخل يا اللي مفرج علينا مصر والاجانب.
احتدت نبرة آسر موضحًا ما كانت ستفعله المرآة العجوز:
_هي اللي ساحباني من دراعي شبه اللي شافت المرحوم فيا!
أجابه خالد بحدة:
_واحدة شايفة واحد واقف قدامها بالفوطة وبيشاور لها هتعمل ايه؟
رد عليه بسخط:
_يعني أي واحد واقف بفوطة يشاور لواحدة تقوله شوبيك لوبيك.
واستكمل بعنجهية:
_ مكنتش أعرف ان امكانياتي عالية كده!
وتقوس جبينه بضيق:
_ببس التوقيت غلط وجاي مع واحدة شبه الزومبي، يعني لو كانت مزة صاروخ ميضرش كنت هكمل حياتي كلها بالفوطة عشان الدنيا تمطر كريز مش صبار!
وضع خالد كفه على رأسه يفركها متعبًا، واستطرد متألمًا:
_ أنا هروح أتخمد أبوس إيدك بطل مصايب.
_ أنا عملت حاجة يا خلّود؟ آجي أنام جنبك ؟
هتف بها آسر متمسكنًا، فلاحظ تحرك خالد في الغرفة يبحث عن شيءٍ ما قائلًا:
_أوك ، ثانية وحدة...
استغرب آسر تتحركاته، و دُهش عندما رآه يحمل هاتفه بين يده ، فسأله بذهول:
_ بتعمل إيه ؟
_بكلم البوص...
لم يكمل جملته حتى ، ركض آسر على السرير يداثر نفسه ومدعيًا النوم ببراءةٍ، ترك خالد هاتفه مرددًا بسخرية:
_ أيوه كده.
ثم ذهب إلى غرفة آسر لينام فيها.
***********
اجتمعت السيدات في البهو بعد أن تجهزن لحضور أحد الحفلات، ينتظرن ندى، توجهت آمال بنظرها إلى ابنتها الجالسة بملابسها البيتية وسألتها :
_ ما تيجي يا ياسو معانا ما سها جاية هي وندى؟
حركت رأسها برفضٍ، وأوضحت ذلك في حديثها:
_ لا يا ماما ماليش في جو الحفلات ده.
_ليه بس يا بنتي؟
سألتها سهير مستفسرةً، ورغبةً في الاطمئنان عليها، لتجيبها ياسمين بتعب :
_معلش يا طنط مش هقدر صدقيني.
ربتت على ظهرها بحنان:
_خلاص براحتك يا حبيبتي، واحنا مش هنطول.
**********
ارتدى حلته السوداء من أحدث التصميمات فوق قميصٍ أبيض، وصفف شعره و نثر عطره ، نظر لطلته الجذابة برضا، ليسمع طرقات الباب ثم أطلت ندى من ورائه ، تتقدم نحوه بخطواتٍ ملؤها الإعجاب ، ثم سألته بعد أن أطلقت صفيرًا مغازلِاً :
_إيه الجمال ده كله؟! أنت رايح فين؟
ابتسم وهو يبادلها نظرات الإعجاب بينما يداه منشغلتان في ارتداء ساعته، تلقفت الساعة من يده تساعده بها بينما عيناه الهائمة منشغلةً بها، أجابها بعد صمتٍ قليل :
_عشاء عمل.
انهت عقد ساعته ، ونظرت إليه وطيف غِيرة يلوح أمامه وقد شعره به في سؤالها:
_ وعشاء العمل ده فيه ستات ؟
_أكيد .
أجابها لتكرر جوابه أمامها وهي تحرك رأسها تبعه قولها :
_رجلي على رجلك.
_ندى أنا تأخرت مش فاضي للدلع ده.
لم يشعر بأن غيرتها عليه قد أوصلتها بأن ترافقه إلى عمله، فقد ظنَّ انها تتدلل عليه كعادتها، لكن حدتها المعاندة في قولها جعلته يوافق:
_أنا قولت هجي معاك ، يعني هجي معاك.
_أوك ياندى بس انجزي.
اتسعت ابتسامتها لمرافقته، وهتفت مغادرة :
_هوا.
هتف بعد أن غادر وقد عاد يعدل من شكله:
_ لما أشوف الهوا بتاعتك دي بعد كام ساعة.
**********
حضر آدم من غرفته، ولاحظ تأنق السيدات ، فسأل:
_إيه ده أنتم خارجين؟!
_أيوه ياحبيبي معزومين على بارتي .
مشَّط عينيه عليهن وقد لاحظ ياسمين بملابسها المنزلية فسألها بخبث:
_ أنتِ لسه مش لبستي ليه يا ياسمين
تحاشت ياسمين نظراته التي تعكر صفوها، فأجابته سها بدلًا عنها:
_مش راضية تيجي معانا.
_ليه؟!
_ياسمين ملهاش في جو الحفلات ، هو أنت خارج.؟
أجابته أمال مجددًا، فتراقص الشر بمقلتيه، عندما علِم بقاءها في القصر، تذكر سؤال أمال فتصنع النظر إلى ساعته وأجاب بمكر :
_أيوه أنا خارج حالًا وهتأخر بره.
هبط عصام مع ندى التي تتأبط ذراعه بحجة "بروڤة" لمشهد دخولها معه في حفل زفافهما، هتفت سها من أمامها بضيق:
_كل ده يا ندى؟
اتسعت ابتسامة ندى وهي تنظر لعصام ، ثم هتفت :
_روحوا أنتم أنا هروح مع عصام.
_أوك ياقلبي خلي بالك منها يا عصام.
هتفت أمال وهي تجذب أشياءها عن الطاولة ، فطمأنها عصام بقوله:
_ماتخافيش عليها يا ماما.
ثم فصل تأبطها وأردف بحنوٍ:
_اتدربنا بما فيه الكفايا، يلا هنتأخر!
_ يلا .
هتفت بها بابتسامةٍ ثم غادرت معه، اتبعهما آدم نحو موعده المزيف، حتى لا يقلقون على وجوده برفقة ياسمين بالقصر بمفردهما، ابتعد بسيارته مسافةً كبيرة، منتظِرًا خروج الجميع ، وبعد أن اطمئن عاد للقصر زاعمًا بأنه قد نسي شيئًا، فدخل من المطبخ مستغلًّا زيارة هنية لابنتها، فأعد عصيرًا، وقد وضع بها حبات منومة، لينفذ مخططه، فقام بصنع عصيرًا ووزعه على الخدم بعدما نادى على أحدهم، متصنعًا طيبة قلبه ليشربوه ويسقطوا فاقدين للوعي.
**********
كانت تحترق من شدة الغيرة على من تخترقه نظرات الإعجاب من الفتيات من حوله، وكأنه لا يوجد رجلًا غيره ، نظرت إليه ولنظراته اللامبالية بهن ، ثم هتفت بضيق:
_ عصام يلّا نمشي.
_ اللي يشوفك وأنتِ هتموتي وتيجي ميشوفكيش دلوقتي .
هتف عصام ساخرًا، ليزداد غيظها عندما لاحظت فتاتتين تتهامسان مشيرة إحداهما إلى عصام ونظراتهما تتركز عليه ولضحكته التي سخر بها منها، فهتفت بضيق :
_ أنا عايزة أروح أصل والله أقوم أجيبهم من شعرهم والكل يقول عليك هتتجوز واحدة لوكال.
_ خايفة على منظري؟
سألها عصام من بين ضحكاته التي صدحت فجأةً ، فاحتدت نظراتها صوبه وهتفت بضيق من بين أسنانها :
_أنت بتضحك وأنا هموت.
_بعد الشر عليكِ معدتيش تنطقي الكلمة دي ثاني ، سامعة؟
هتف بصوتٍ عالٍ أرعبها ، ذكر كلمة الموت أمامه أعاد له خاطر فقدان لميس قبلها، شعرت ندى بفادحة ما تفوهت به، فأخفضت صوتها تحدثه :
_ خلاص ، بس وطِّي صوتك ، بقولك إيه؟
سألته وهي تضرب كتفها بذراعه ، فالتفت إليها ليرى ماذا تريد ، فأردفت بطلبها:
_ ما تيجي نرقص ؟
_عصام الدالي يرقص؟ ، متفكريش ...
هتف بها مشيرًا إليها بسخرية من طلبها ، فتضيق عيناها وهتفت بحنق بعد رفضه:
_ كده؟! ماشي يا عصام.
**********
جلست ياسمين على فراشها تحدث خالد للمرة التاسعة خلال اليوم:
_ روح قلبي بتعملي إيه؟
سألها بنبرته العاشقة لتجيبه وهي تضم الكتاب الذي بين كفها :
_ أنا قاعدة بقرأ رواية وأنت بتعمل إيه؟
_مفيش قاعد لقيتك وحشتيني قولت أكلمك.
هتف بمللٍ أضحك ياسمين التي قالت بسخرية:
_ أنت لحد دلوقتي مكلمني 8 مرات و دي المره التاسعة.
_بتوحشيني أعمل إيه؟
قالها متصنعًا الحزن ، لتجيبه مغازلة:
_وأنت كمان وحشتني أووي ياحبيبي .
رفع خالد الهاتف عن أذنه يتحقق من صدق ما سمعه ، فصاح بفرحة:
_وحياة عيالك ياشيخة ده أنا هركب وآجيلك فورًا ، أخيرا حبيبتي حنت عليا بكلمة حلوة ياناس إيه ده؟! هموت مش مصدق .
_بعد الشر عليك ياقلبي.
نَبَسَت بها من بين ضحكاتها ، لتسمع هتافه الفرِح مجددًا:
_وقلبك كمان لا كده كتير والله الكلام الحلو مبيجيش إلا وأنا بعيد ما أنا كنت متلقح جنبك .
تعالت ضحكاتها فتراقص قلبه معها، وقال محذرًا:
_ ضحكة كمان من دي وهحجز حالا وأجي.
وسألها باستغراب:
_هي ندى فين بكلمها مش بترد!
ردت عليه مسرعة:
_ندى بره مع عصام.
أعاد سؤاله يسأل عن والدته، فأجابته بأنها قد خرجت إلى الحفلة مع أمها وسها ليسألها مجددًا:
_يعني أنتِ لوحدك ؟
_لا ، أنت معايا ياخالد دايمًا معايا.
أجابته بهمسٍ عاشق، لتسمع بعدها صوته الذي يحمل ذات العشق:
_بعشق اسمي لما بتناديني بيه يا ياسمينا؛
طرقات باب غرفتها قطعت محادثتهما فهمست وهي تهم بالنهوض:
_هشوف مين بيخبط واكلمك.
_لا انا معاكي مش هقفل ناوي أرغي معاكي للصبح .
أجابها رافضًا إغلاق مكالمته، فضحكت وهي تترك الهاتف على الكومود، وفتحت بابها،لتتفاجئ بآدم أمامها، سألته بضيق:
_عايز حاجة يا آدم ؟
_لو سهرانة تعالي نقعد مع بعض شوية؟
سألها فشعرت بالتوجس من نظراته الماكرة التي يحيطها بها، فقالت وهي تحاول أن توصد الباب:
_لا أنا هنام عن إذنك.
دفعته القوية للباب الموصد في وجهها جعلتها تسقط أرضًا ، دخل غرفتها وهتف بفحيح :
_ أنا كده جبت آخري معاكِ تعالي.
وأمسكها بشدة من شعرها، ليستمع إلى تأوهاتها وصراخاتها المستنجدة بإسمه:
_خالـــــــــــد..
صرخ عبر الهاتف:
_ألو، ياسمين في إيه، ألو.
_أنت عايز إيه؟
رددتها من بين صرخاتها في محاولةٍ لفهم سبب ما يفعله، فأجابها بنبرةٍ قذرة وهو ينظر لجسدها بجرأة :
_عايزك أنتِ ؟
لم يشعر بعدها إلا بصفعةٍ هوت على وجهه، فازداد غضبه، ليردها إليها بأخرى أشد، كاد خالد بأن يفقد صوابه يناديها ويستمع لصرخاتها وتأوهاتها لكنه لا يعلم ماذا يحدث لها.
_ ابعد عني ليه بتعمل كده؟
صرخت وهي تدفعه عنها، لتسمع جوابه وهو يحاول تمزيق فستانها عنها ويهمس بنبرته القذرة:
_هو اللي اضطرني لكده هو أحسن مني في كل حاجة في الجامعة هو الأشطر والأغنى ويوم ما حبيت الإنسانة الوحيدة اللي حبيبتها مطلعتش بتحبني ، كانت بتحبه هو ليه دايما هو بيبقى الأحسن ليه حتى أنتِ أخترتيه هو... بس خلاص أنا هخليكي ليا أنا هكسره في حبيبته زي ما كسرني في عين البنت اللي مشافتش غيره.
أعاد جذبها من شعرها ، فنظرت إلى الهاتف تصرخ مستنجدةً بخالد :
_ إلحقني ياخالد.
لاحظ آدم أنها تنطق باسمه و نظراتها على هاتفها، فعلم أن خالد على الهاتف، أمسكه و فتح مكبر الصوت فانطلق صوت خالد الخائف في الغرفة :
_ ياسمين حبيبتي مالك بتصرخي ليه ألو ، ردي عليا مالك ألو....
_مش هتعرف ترد عليك ياصاحبي.
قاطعه آدم بحديثه الساخر ، فسأله خالد بصدمة:
_آدم أنت بتعمل إيه عندك في أوضة ياسمين؟
_ ولا حاجة كنت حابب أعين بنفسي، أصلهم بيقلوا عليها مزّة و أنا حبيت أعين وأحكم
هتف آدم ساخرًا تبعت حديثه ضحكةً قذرة ، جحظت عينيه بعدم استيعاب فاندفع يهدده بنبرته الحمائية:
_قسمًا بالله إن لمست شعرة وحدة بس منها لاكون دافنك يا آدم، مش هرحمك يا كلب.
تعالى صوت بكائها فهمس لها بوجع:
_ متخافيش ياحبيبتي مش هسمحله يأذيكِ
هتف جملته الأخيرة مطمئنًا التي تستنجد باكيةً، في حين اتسعت ابتسامة آدم بقذارةٍ وهتف بخبث عبر الهاتف:
_ أنت حبيبي يا خلّود وعشان بحبك هخليك تسمع صوت حبيبتك وأنا بآخذ منها أغلى حاجة عندها.
_لا أبعد عني خالد خالد
صرخت بعنف وهي تشعر باطن عبارته الوضيعة، فانقض عليها يضربها وشرع في تمزيق ثيابها وياسمين تقاوم بكل قوتها ، انهار ذلك الذي يستمع صراخ حبيبته وهي تضرب وهو غير قادر على إنقاذها وإحساس العجز يسطير عليه، أمسك هاتفه و اتصل برقم عصام الخاص، ليجيبه على الفور :
_ ألو إيه يابني أنت مش كنت مكلمني دلوقتي؟
أجابه خالد بدموعٍ ونبرةٍ مرتجفة، هتف باسمه فانتصب عصام فجأةً وسأله بقلق:
_خالد ، في إيه؟! بابا ماله؟
_ الحق ياسمين.
لم ينتظر عصام الاستماع لبقية حديثه فنبرته الباكية كفيلةً لتدفعه راكضًا إلى سيارته، وقبل أن يغادر أوصى عثمان بإيصال ندى معه إلى القصر، وانطلق لينقذها، تحركت السيارة لتنهب الطريق بقيادته المجنونة، فسأل خالد الذي لا زال على الهاتف:
_مالها ياسمين ياخالد ؟!
_ الحيوان آدم بيتهجم عليها ، عصام الحقها عشان خاطري.
**********
جذبت ياسمين مزهريةً بعد أن حررت نفسها بصعوبة من بين يديه وهوت بها على رأسه، لتهرب بعدها إلى حمام غرفتها وأغلّقته عليها، ليصرخ الآخر متألمًا تبعه تهديده :
_ آه.. كده ماشي يا ياسمين أنتِ فاكرة إن الباب ده هيحميكي؟
وبدأ يركل الباب برجليه وياسمين تقف في آخر زاوية في الحمام وتصرخ باكية:
_حرام عليك أنت عايز إيه سيبني أبوس إيدك ليه بتعمل كده ؟ دا خالد صاحب عمرك.
تعالت ضحكاته بشرٍ ليرتجف جسدها خاصةً مع الضربات الموجهة للباب ،وهتف بحقد:
_صاحب عمري ! أنا مبكرهش حد قده في الدنيا
أنا فضلت أدور له على نقطة ضعف ولقيتك أنتِ نقطة ضعفه لازم أكسره بيكي!
**********
أوشك عصام على الوصول، فهاتفه خالد محاولًا الاطمئنان :
_عصام...
همس بتوجس شعر به عصام فطمأنه قائلًا:
_ أنا قربت أوصل.
جلس خالد على الأرض و العجز يسيطر عليه ، وساوسه تقوده لأشياء سيئة قد أصابتها، تمتم بضعف شديد :
_ياسمين ... روحي ...عشان خاطري ياعصام متخليهوش ياخد روحي مني أرجوك
استشعر عصام ضعفه وعجزه، تذكر لميس وما حصل لها أمام عينيه، لكن هذه المرة لن يسمح بذلك، خاصةً بعدما استمع لأول مرة لخالد يتحدث بذلك الضعف ، فطمأنه وهو يزيد السرعة :
_متخافش أنا خلاص قربت أوصل إن شاء الله هلحقها.
_أوعى تقتله أنا اللي هقتله.
هتف بها خالد في محاولةٍ لاستجماع قوته وقد أراد عصام إنقاذ ياسمين أولًا لكن خالد أصرّ بذلك مع طلبه :
_أوعدني.
_أوعدك .
وصل عصام إلى القصر فوجد الحرس يتمددون أرضًا بأهمال، وكأنهم لاقوا حتفهم فهمس بتوعد:
_ يا إبن ال*** والله ما هرحمك.
************
نجح آدم في كسر الباب بعد عدد من المحاولاتر فجذب ياسمين ودفعها للفراش، قاومته مجددًا وتلك المرة أعنف من ذي قبل، فضربها بعدد من الصفعات إلى أن فقدت وعيها بالكامل، فدنى منها وهو يردد بحقد:
_هنزع روحه بايدي، وانتقامي مش هيكونله دوا!
همست له بضعفٍ ورجاءًا:
_ سبني.. أرجوك أبعد عني.
نجح اخيرا باقتحام الغرفة،ليجده قريبًا من شقيقته فغلت الدماء بعروقه،فأمسك بآدم و هو يضربه بشدة :
_ يا ابن ال*** بتقطع الايد اللي اتمدتلك، بعد ما أمنّالك على بيتنا وأهلنا.
جنّ جنونه عندما رأى أخته في هذه الحالة وأخذ يضربه ضربًا عنيفًا، بدأ آدم يفقد وعيه من كثرة الضرب الموجه إليه، فكان كلما رفع بصره ليرى منظر شقيقته وكل تلك الجروح تغطي وجهها من شدة الضرب يزداد غضبه وقوته، حتى فقد الوعي تمامًا، فبصق عليه وهو يردد:
_هندم طول عمري إني مخلصتش عليك بنفسي بس للأسف أنا وعدت خالد أنه هو اللي هيخلص عليك.
هتف بحدةٍ وهو يمسكه من رقبته ثم ألقاه أرضًا وهرع إلى أخته، يُربت على وجهها في محاولةٍ لإفاقتها، همس باسمها مراتٍ عديدة، لتستيقظ فجأةً بدموعٍ وصراخٍ هستيري :
_لا، ابعد عني، لأ.
_متخافيش ياحبيبتي أنا عصام.
حاول عصام احتضانها ليهدئ من حالتها و يزيل قلقها لكنها دفعته وصراخها يتعالى أكثر :
_ ابعد عني..
ابتعد عنها وقد فقد قوته عند رؤيته لشقيقته هكذا، أجج ذلك غضبه لينقد فوق آدم مجددًا يسدد له الضربات ويدمي وجهه، حتى سقط عن الدرج للاسفل، حالة من الغضب سيطرت عليه، لا يزال يلكمه بقوةٍ على ما حاول فعله، ولجت ندى للداخل فصعقت مما رأته وتساءلت: :
_عصام في إيه؟!
لم يجيبها بل ارتفع صوته يهدر بعنفٍ:
_يا عثمان.
آتى عثمان يهرول سريعًا يجيبه بهدوءٍ:
_ نعم يا فندم.
اشار عصام على آدم الملقى أرض يحاول أن يتنفس، يردد بعصبيةٍ مفرطة:
_الحيوان ده يتكتف في المخزن لحد لما خالد يجي وطقم الحراسة اللي على البوابة ده كله يتغير أنت فاهم.
أمسك عثمان بآدم يجيبه بهدوءٍ :
_حاضر يا فندم.
صعد عصام لأعلى يتجه نحو شقيقته ومن خلفه ندى التي لم تفهم شيء، فعادت تتساءل من جديد بدهشة أكبر:
_ عصام في إيه؟!
دلفت معه نحو غرفة ياسمين تنتظر أن يجيبها ولكن ذاك المشهد كان كفيل بالاجابة عليها ركضت نحو صديقتها تتمتم بصدمةٍ:
_ ياسمين!!
لم تجد استجابة منها، لتعيد حديثها وهي ترى ملامحها المتألمة، وجهها المليء بالكدمات، ملابسها الممزقة:
_ مالك! مين اللي عمل فيكٍ كده
تدخل عصام بصوتٍ لا يزال غاضب مما فعله هذا الوغد، يردف بصوتٍ مختنق:
_ندى لبسي لياسمين هدوم تانية غير دي عشان أكلم الدكتورة تيجي تشوف مالها!
اومأت برأسها بايجابيةٍ، تذرف الدموع على ما حدث لصديقتها تحاول معها مجددًا كي تحدثها:
_ياسمين ردي عليا ياسمين!!
لم تجيبها، لتزداد دموع ندى المنهمر، تبدل ملابسها قبل دلوف الطبيبة، وبالفعل دقائق أتت بها الطبيبة وقامت بفحصها جيدًا، وما أن غادرت حتى تقدم منها عصام ينتظر إجابة لما بهِ شقيقته:
_طمنيني يا دكتورة؟!
اجابته بعمليةٍ:
_مخبيش عليك يا فندم الحالة صعبة جدًا واضح إنها إتعرضت لمحاولة إغتصاب ودا نتج عنه صدمة عصبية حادة.
علق عصام بصدمة :
_لدرجة أنها تخاف مني كده أنا أخوها!!
حركت رأسها في ايجابية، تردد بهدوءٍ:
_ده شيء طبيعي جدًا ممكن كمان تخاف من والدها نفسه وارد جدًا.
_لدرجة دي!!!
قالها بصدمةٍ مما يحدث لشقيقته، في حين اكملت الطبيبة حديثها:
_هي هتابع معايا وإن شاء الله خير بس أوعى تعرضها لضغط عصبي وإلا حالتها هتسوء أكثر من كده شوف اللي يريحها وأعمله.
عتمة كست ملامحه، يردف بصوتٍ مختنق:
_شكرا لحضرتك، مع الدكتورة ياعثمان.
تقدم عثمان بعدما اشار له عصام بأن يوصلها، يردد:
_حاضر يافندم.
دخل عصام إلى ياسمين وجدها تبكي بين أحضان ندى وترتعش بشدة، تألم قلبه لما يراه، شقيقته ترتعش بهذا الشكل، وحبيبته بحالة يرثى لها، ترك الغرفة يدلف لغرفته يشعر بألم يعتصر قلبه.
******
صعد خالد أول طائرة عائدة لمصر وما أن وصل القصر حتى ركض نحو غرفة ياسمين، وما أن فتح الباب حتى وجد ندى تحتضن ياسمين باحتواء، تقدم نحوها يردد بأسف:
_ياسمين أنا أسف يا عمري.
صرخت ياسمين بقوة، تتمسك بندى بشدةٍ وتهذي بكلماتٍ ألمت قلبه:
_ أبعد عني متلمسنيش أبعد عني.
حاول التقدم منها يردف بصوتٍ متألم:
_ أنا خالد ياحبيبتي متخافيش.
حاولت ندى السيطرة عليها، تردف بصوتٍ عالي لخالد:
_ خالد أطلع برة.
لم يستجب لها خالد بل ظل مكانه بحالة ذهول مما تفعله، لتركض نحو غرفة عصام كي يلحق بها. في حين حاول خالد الحديث مع معشوقته بحنو:
_ ياسمين طمنيني عليكي أنتِ كويسة!
وضعت يدها على اذنها، تنكمش على نفسها بشدة، تردد بهستريةٍ:
_ أبعد عني لا سبني!
ضمت قدميها لصدرها تحاول حماية ذاتها، في حين بقى خالد بحالة صدمة مما فعلته ياسمين، ترك الغرفة بأعينٍ حادة، يهدر بصوتٍ عالي:
_عثمان عثمان..
آتى عثمان يهرول نحو خالد مرددًا :
_نعم ياخالد بيه.
_ آدم فين؟!
قالها بصوت حاد شرس، في حين اجابه عثمان بهدوء:
_في المخزن.
انطلق خالد نحو المخزن ليجد آدم ملقى على الأرض بحالة سيئة، تقدم منه يمسكه من تلابيب ملابسه يهدر بصوتٍ عالي:
_ ليه أنا عملت فيك إيه لكل الكره ده ليه؟؟
لكمه بقوة شديد، كلما تذكر خوف ياسمين منه يزداد عنف لكمته، لصرخ به في شرسة:
_ ليه مرحمتهاش، انا أزاي معرفتش وساختك دي!
تحدث آدم بصوت يكاد يكون مسموع :
_عشان غبي فكرت أني ممكن أحبك بعد لما أخذت روما مني!
صرخ به خالد في حدة :
_ أنا مخدتش منك حد هي حبتني أنا ذنبي إيه وأنا رفضتها عشانك كان ممكن لو عايز أتسلى لكن أنا مش وسخ زيك.
تمتم آدم بضحك :
_ بس فلت منها المرادي أنا كنت خلاص!
لكمه خالد بقوة، يردف بشرسة عنيفة:
_اه يا ***** يا ****** والله ما هرحمك.
وضع يده على رقبته ضاغطًا عليه بقوة، في حين دلف عصام يجد خالد على وشك قتل آدم، أسرع نحو يمسك بيده مرددًا:
_لا يا خالد سيبه.
حدجه بنظرةٍ شرسة، يردد بحدةٍ:
_لا لازم يموت الـ***** صدقني لازم يموت.
نجح عصام في تخليص آدم من يد خالد بصعوبةٍ، يردد بلهثٍ:
_ده أوسخ من أن توسخ إيدك بدمه.
حاول خالد تخليص نفسه من يد عصام، يصرخ بقوةٍ:
_سبني انا ناري مش هتبرد إلا لما اشوفه ميت.
_هيموت بس مش أحنا اللي هنموته.. عثمان..
قالها ثم نادى على عثمان الذي أتى على الفور ومعه صديقه حازم، تمتم عصام بهدوءٍ بعدما سيطر على خالد:
_حازم الـ**** ده يترمي في السجن أحرص أنه ياخذ واجبه كل يوم.
حرك حازم رأسه بايجابية، يردد بمكرٍ:
خلاص يا عصام فهمتك تعالى يا ****.
سحبه حازم بقوةٍ، في حين نظر عصام إلى خالد الذي كان على حافة الانهيار، فأشار لهم بصرامة:
_عثمان خد الحرس و أطلعوا
نفذ عثمان ما قاله، وترك المخزن، ليجلس خالد على الكرسي بتعبٍ ، وضع عصام يده على كتف خالد متمتمًا :
_مالك يا خالد؟!
اجابه بصوتٍ يغزو الألم :
_هموت أنت مشفتش ياسمين خايفة مني أزاي!!
_فترة وهتعدي
قالها عصام بحزنٍ، في حين نظر خالد لعصام نظرة طويلة ثم قال :
_ أنت أزاي إستحملت الإحساس البشع ده أزاي؟!
قطب عصام جبينه متسائلًا:
_ إحساس إيه؟!
أجابه بصوتٍ متألم:
_ إحساس العجز أنك عاجز تساعد أقرب الناس ليك إحساس إنك ضعيف وعاجز أزاي قدرت تنسى!
تنهد عصام بتعبٍ من تلك الذكرى ثم ردد بهدوء :
_ مين قالك اني نسيت يا خالد،انا كل يوم بسمع صوتها وهي بتستنجد بيا عشان أخلصها من السكينة اللي على رقبتها.
أخذ نفسًا طويلًا يسترسل بألم:
_سنين يا خالد مش أيام دي حب عمري اللي ضاع سنين عشان أقدر أنسى بس مانسيتش غير لما ندى دخلت حياتي مرة تانية قدرت تخليني أحلم من جديد.
ردد خالد بأعينٍ مدمعة:
_عصام أنا مش هقدر أستحمل إن ياسمين تخاف مني كده الموت أحسن ليا من كده.
ربت عصام على كتفه، يردد بمواساة:
_مسألة وقت يا خالد مش أكتر بس أهم حاجة أبعد الفترة دي.
_مش هقدر بس هحاول
قالها بتعبٍ، في حين أتت ندى مرددة:
_عصام.
أدار عصام رأسه ينظر لها بقلق متسائلًا:
_في إيه يا ندى؟!
رددت بضيقٍ:
_أنت تلفونك فين أنا زهقت رن عليك!
_في أوضتي في إيه؟!
اجابها ببعض التعجب، تسترسل ندى حديثها:
_ الكل رجع وياسمين بتصرخ أرجوك يا عصام أتصرف!
**************
_ في إيه يا ياسمين خالد نزل في الوقت ده ليه ومين اللي عمل في وشك كده ما تتكلمي!
اجابة آمال بدموع وهي تحتضن ابنتها:
_ أنا كنت بره معرفش حاجة مالك يا ياسمين؟!
صرخت ياسمين ببكاء من رؤية آسر :
_ لا لا أبعدوه عني لا أبعد!
_ آسر أبعد.
قالها عصام محاولًا ابعد آسر الذي ملأ وجهه الذهول، تقدم خالد منها يحاول معها:
_ إهدي يا حبيبتي محدش هيأذيكي إهدي.
ازداد صراخ ياسمين ببكاءٍ هستري :
_ أبعدوا عني لا!
نظر آسر بصدمةٍ مما حدث لشقيقته، يردد بكلماتٍ تحمل الصدمة:
_في إيه ياسمين مالها!!
أتى عصام بحقنة، يردد بجدية:
_ خالد آسر كتفوها بسرعة..
كان لا يزال يحدقان به، ليزمجرهما بحدة:
_أنتم لسه بتبصلوا بسرعة قبل ما حالتها تسوء!
أمسك آسر قدميها في حين أمسك خالد يديها، حاولت ياسمين أن تفلت يدها تردد بصراخ:
_ أبعد عني!
همس خالد بصوتٍ متألم:
_مش هسيبك تاني أوعدك يا حبيبتي إن إللي حصل ده عمره ما هيتكرر.
انتهى عصام من حقن ياسمين التي مر بها دقائق وغفت من تأثير الحقنة المهدئة.
نظرت لهم آمال تردد بألمٍ:
_فهموني بنتي مالها؟!
اجابهم عصام بعدما أخذ شهيقًا كبير ثم زفره:
_ياسمين إتعرضت لمحاولة اغتصاب!
ألجمت الصدمة ألسنتهم عن الحديث، ليقطع هذه الصدمة صوت آسر محتقن :
_أزاي ومين الحيوان ده أنطق!!
روى عصام لهم ما حدث، لتردف سهير بحزنٍ:
_ أنا عرفت ليه ياسمين مكنتش بتحب تقعد معانا وهو موجود.
تنهد عصام يردف بهدوءٍ:
_إللي حصل حصل والكلب ده هياخد عقابه.
**************
جلس خالد إلى جانبها على مقعد بجوار السرير، يردف بندمٍ يحمل نفسه الذنب:
_ ياسمين أنا أسف والله عمري ما هسامح نفسي على إني دخلته بيتي بإيدي ليه مقولتليش!!
بدأت تذرف الدموع وهي نائمة، ترتعش يديها بشدة، مد خالد يده يدثرها أسفل الغطاء يرسل لها رسالة بأنها في آمان الآن يردد بحنو:
_ لا يا حبيبتي متخافيش أنا جنبك.
دلف عصام إلى الغرفة، يتمتم بهمسٍ:
_خالد أرجع لأوضتك لو صحيت و لقيتك هنا حالتها هتسوء أكتر.
أجابه خالد بحزن شديد :
_ متخافش همشي قبل ما تفوق.
وضع عصام يده على كتفه كأنه يبادله الدعم، ثم غادر على الفور
********
_ممكن أدخل.
قالها عصام بعدما دلف يقف على اعتاب الغرفة، ينظر إلى ندى التي تركت الباب مفتوح، مسحت ندى دموعها، تردد بصوتٍ مبحوح:
_ أتفضل ياعصام.
جلس عصام على مقعد بمواجهتها، يردد بحنو:
_مالك ياقلبي؟!
اجابته بدموعٍ منهمرة:
_ ياسمين صعبانة عليا أوي يا عصام، ليه يعمل فيها كده ياسمين طيبة متستاهلش كده وخالد هيموت عليها أنا مش هقدر أشوفهم كده.
_بس ده نصيب يا ندى.
قالها بهدوءٍ، ثم استرسل بحنو لها:
_ياسمين هتبقى كويسة بس محتاجة شوية وقت مش أكثر هي محتاجاكي جنبها الفترة دي.
رددت بألمٍ:
_مش قادرة أشوفها كده.
حرك رأسه في نفي، يردد بتشجيع:
_لازم تكوني قوية يا ندى ياسمين خافت مننا كلنا إلا أنتِ.. ارتاحي دلوقتي عشان من بكره تكوني جانبها. تصبحي على خير.
**************
ظل جالسًا إلى جانبها طوال الليل، الى أن شعر أنها بدأت تستيقظ فركض بعيدًا يختفي تمامًا من أمامها، استيقظت ياسمين تجلس على السرير ضامة قدمها إلى صدرها لتنسدل الدموع بغزارة على وجنتيها تتذكر ما فعله معها آدم وكلماته المقززة لها، بينما بقى خالد خلف الباب يستمع لأنينها بألم، تتمزق روحه بقسوةٍ مما أصبح به في يوم وليلة!!
******
هبطت سها من الدرج، تتجه نحو الحديقة، ولكن قبل أن تتجول بها وجدت آسر يقف شاردًا، هتفت بدهشةٍ ظاهرة:
_ آسر أنت لسه صاحي؟!
أشار لها آسر بأن تأتي متمتمًا:
_ تعالي يا سها مش جيلي نوم.
تقدمت منه لتقف جواره، تردد بحنو:
_آسر أنا عارفة ان الموقف صعب... حاول تنسى.
اجابها آسر بصوتٍ متألم:
_ياسمين مش بس أختي يا سها دي كل حياتي، أنا عيلتي كل حياتي، ليا سند بوجود عصام وخالد وياسمين وندى بحس قد إيه أني عندي أختين أفضل من بعض بيحاولوا يساعدوني وعمي وبابا أنا مش عندي أب واحد بالعكس إثنين وماما وخالتي أفضل أمهات عمرهم ما ميزوا بينا في التعامل.
نظرت سها لآسر بدهشة، ليتمتم
آسر بتعجب:
_ بتبصيلي كده ليه؟!
_مستغرباك أوي
قالتها بتعجبٍ، في حين ابتسم آسر بحزنٍ يردد:
_متستغربيش ياسها أنا يمكن بحب الهزار الكثير بس بردو أنا إنسان وعندي مشاعر.
شعرت بازدياد حبها له، لتردف سها بصوتٍ عاشق:
_ أنا بحبك أوي يا آسر عارفة أنه مش وقته بس انا كل يوم بكتشف فيك حاجة جديدة.
_هو أنتِ جعانة وبتضحكي عليا عشان أجي أحضنك وتاكليني!
قالها آسر بمرحٍ لن ينتهي، في حين غضبت سها، لتردف بضيق:
_كده طب أنا ماشية.
ركض آسر خلفها يردد:
_ أستني يابت تعالي لازم بعد الكلام الحلو ده نختم بأي حاجة كويسة زي الأفلام إن شالله حضن يتيم!!