رواية أباطرة الغرام الفصل الواحد و العشرون بقلم اية محمد رفعت
اقترب خالد من آسر بخطواتٍ بطيئة ثم ربّت على كتفه وقال بهدوء :
_ آسر خد الكل ورجعهم القصر ملهاش لازمة القعدة دي.
_ لا أنا مش همشي إلا لما أطمن على بنتي
هتف والده بنبرته الخافته بعدما سمع طلبه، فنظر خالد إليه ثم قال:
_ أنا وعصام هنفضل هنا، وهطمنكم بالفون على طول.
_ لا مش هسيب بنتي.
قالتها سهير التي غزا وجهها الدموع، رافضةً عودتها إلى القصر، فاقترب منها خالد يجثو على قدميه ثم احتضن كفها يقبله، وقال متوسِلًا:
_أرجوكِ يا ماما كفاية اللي أنتِ بتعمليه ده.
صاح أحمد قائلًا:
_خالد معاه حق يلا يا محمد والصبح إن شاء الله هنرجع .
احتضنت أمال سهير بذراعها وساندتها على النهوض قائلة:
_يلا يا حبيبتي قومي
غادرت السيدتان المشفى نحو السيارة لتعودن إلى القصر، ثم نظر أحمد إلى آسر وقال بنبرته الساكنة:
_يلا يا آسر هات سها وياسمين وتعالى.
أومأ برأسه موافقًا ثم اتجه نحو سها يسألها عن ياسمين بعدما لاحظ اختفاءها، فأجابته سها بتلعثمٍ سيطر عليها من شدة الخوف:
_عند ندى...جوه.
رفع رأسه ينظر أبيه، وقال بنبرةٍ عاكست طبيعته المرحة:
_روّح أنت يا بابا و أنا هجيب ياسمين ونجي وراك.
أشار إليه والده موافقًا ثم انسحب مع من بقي مغادرين المشفى إلى القصر.
**********
تقدم خالد يسأل عصام إن كانت لديه رغبةً في شرب القهوة أو أي شيء، لكن أي شهية ستتواجد والروح منهكة، اتجه خالد نحو الأسفل فيما دخل آسر مع سها إلى الداخل، ليجدا ياسمين تجلس على مقعد أمام فراش ندى، فأشار لها:
_يلا يا ياسمين.
قالها آسر يحثها على المغادرة، فأجابته بالرفض رغبةً منها بالبقاء مع عصام وندى، ليقول بضيق:
_ يا ياسمين اسمعي الكلام.
_ لا، أنا مش هسيب ندى.
رفضت الانصياع لطلبه والدموع تكسو عينيها، اقتربت منها سها وقالت بحنوٍ رقيق:
_يا حبيبتي إحنا هنجي بكرة الصبح إن شاء الله.
لمح آسر خالد يتقدم من الخارج، ابتسامةٌ ماكرة لم يراها أحد لاحت على وجهه، ثم قال وهو ينسحب من الغرفة مع سها:
_ خلاص ياحبيبتي براحتك يلا يا سها.
غادرا ليدخل خالد مع عصام الذي كان ينتظره في رواق المشفى، تفاجئ بوجود ياسمين فسألها بفضول:
_ياسمين أنتِ مروحتيش ليه مع آسر وسها ؟
_ أنا هقعد معاك.
هتفت باقتضاب وهي تراقب حالة ندى الساكنة، اقترب منها يحتضن وجنتيها وأرغمها النظر إليه قائلًا:
_لا مش هينفع يا حبيبتي ابقي تعالي الصبح يلا روحي مع آسر.
أجابته وقد أزاحت بصرها عنه مجددًا تنظر إلى ندى:
_آسر مشى.
استدار تجاه خالد الذي كان يرتشف قهوته بصمتٍ شاردًا وقال:
_خالد وصل ياسمين.
رفع بصره نحوهما وسأل ببرود:
_وآسر ميوصلهاش ليه؟
كاد بأجابته فقاطعته ياسمين بحزن:
_ خلاص يا عصام أنا هركب تاكسي.
وجمعت أغراضها، لكنه هتف بحدةٍ غلبت حديثها ولازمتها بالصمت:
_ استني هنا، تاكسي إيه اللي تركبيه في الوقت ده ؟ اتفضلي.
اتجهت معه مغادرةً وهي تشعر بالسوء لحديثه اللاذع، في حين بقي عصام مع ندى مترقبًا أي تحسنٍ لحالتها.
**********
وقفت إلى جانبه ينتظرا الحارس للقدوم بالسيارة من الموقف، نظرت إليه مطولًا وهمست بصوتٍ منخفض يكاد يسمعها:
_حمد لله على سلامتك.
أحضر الحارس بالسيارة وسلمه المفتاح، فصعد دون أن يرد عليها، أغلق الباب ولازالت واقفةً أمامه، فسألها ساخرًا بحدته:
_ هتفضلي واقفة كده كتير ؟!
تعامله الحاد معها أوشكها على البكاء، تقدمت بخطواتها للجلوس بجانبه، فمنعها من الصعود حينما قال ببرود:
_ورا .
ضيقت عينيها بتعجبٍ، فحركت رأسها تستفهمه، ليكرر حديثه الحاد :
_قولت اركبي ورا ، عشان تاخدي حريتك أكتر.
انصاعت لأمره وصعدت إلى المقعد الخلفي وقد انسابت دموعها على ما فعلته بحبيب عمرها.
ظلت تراقب انعكاسه من المرآة و هو يتجاهلها كليًّا، وبعد عدة دقائق وصل خالد إلى القصر وفتح باب السيارة وهبط دون أن ينتظر هبوطها
توجه غرفته لبيدل ملابسه حتى يعود إلى المشفى مرةً أخرى.
انهارت ببكاءٍ هستيري،وصعدت خلفه بعدما غلت الدماء بعروقها لمعاملته الجافة معها، فصفقت باب غرفته بعتفٍ ، ودلفت الغرفة دون أن تطرق بابه، شعر بها لكنه تجاهلها ، فسألته من بين شهقاتها :
_خالد أنت بتعاملني كده ليه؟!
تابع ارتداء قميصه وحزم ساعته حول معصمه وسألها ببرود:
_عاملتلك إزاي يعني ؟
_ أنت أتغيرت معايا بالشكل ده ليه.
ابتسامةً ساخرة رأتها على ثغره، في حين انشغل وهو يصفف شعره وأجابها ساخرًا:
_البركة فيكِ
_أيه البرود اللي بتكلمني ببه ده!
صرختها العصبية من بين دموعها جعلته يقبض على راسغها بقوة و يضغط عليه متسائلًا بحدة :
_ لما أنا بارد جاية ورايا ليه ، هاه؟
زادت حدة قبضته على راسغها ونظر لعينيها بقسوةٍ تراها منه لأول مرة ثم أردف:
_ أنتِ إنسانة أنانية حبيتك سنين وأنتِ عارفة وعاملة نفسك متعرفيش حاجة، ومعترفتيش إلا لما حسيتي أن واحدة ثانية هتاخدني منك وبعد كل ده طلبتي مني البعد وبعدت وجاية تقوليلي بعاملك كده ليه و إني بارد أنتِ عايزة إيه بالظبط!
كلماته القاسية جلدتها من نيرانٍ،فزادت من دمعاتها المنهمرة، أغمضت عينيها في محاولة لتنظيم أنفاسها المضطربة، ثم فتحتها وقالت من بين شهقاتها معتذرة:
_ أنا آسفة يا خالد، آسفة على كل اللي اتسببتلك فيه بس متسبنيش أرجوك ، أنا بحبك.
ابتعد عنها موليًّا لها ظهره مردفًا بجمودٍ:
_ ارجعي أوضتك يا ياسمين.
_خالد…أرجوك.
همسها المتوسل تبعه صوت خالد المفزع :
_أنتِ سمعت أنا قولت إيه ؟
خرجت من الغرفة وهي تكتم بكائها بكفيها، لم تكن تعلم أنها جرحته لهذه الدرجة، ساقتها قدماها إلى غرفة آسر عندما وجدت نورًا خافتًا ينيرها، تقدمت ببطءٍ ، ليرى آسر حالتها فنهض متمتمًا باسمها، فاندفعت إليه تحتضنه بقوة، وقد عاد بكاؤها يعلو، رفعت بصرها إليه وقالت:
_خالد مش راضي يسامحني يا آسر .
مسح على ظهرها يخفف شدة بكائها قائلًا:
_طب بس اهدي يا حبيبتي أكيد هيسامحك بس محتاج وقت مش أكتر.
_ أنا جرحته أوي، أنا فعلًا أنانية ، بس أنا بحبه.. بحبه أوي.
صوتها الباكي وهي تلوم نفسها لما حدث، جعله يحنو عليها أكثر ، جذبها تجلس جواره وقال بمزحٍ :
_بس خلاص، أقوم أضربه دلوقتي طيب ولا أعمل أيه؟
مسحت دمعاتها فاستطرد بحدة مصطنعة:
_ مين يقدر يزعل ياسمينة القصر و أنا عايش ما عاش ولا كان ؟
_ آسر...
_عادي يا ياسو يعني ده مهما كان ابن عمك.
_ أنت يا زفت مش بكلمك ؟
صوت خالد الحاد قاطعه في حديثه مع أخته، فالتفت إليه وقال:
_ نعم يا ريس
_ بكره الصبح تروح المكتب في شوية ملفات في خزنة عصام خد الملفات اللي واقفة على إمضته وهاتها المستشفى فهمت؟
أمره بحدته المستحدثة التي مسّت الجميع، فهز الآخر رأسه موافقًا ، وهو يقول:
_تمام.
_ ربنا يستر من تمام بتاعتك دي.
قالها خالد ساخرًا، لينكر آسر سخريته بقوله :
_ لا متخفش .
نظر خالد إلى ياسمين نظرة سريعة وخرج وقلبه يكاد ينفطر لرؤية دموعها، ولما سمعه من حديثها مع آسر، لكن لن يدع قلبه يستسلم هذه المرة، وانسحب مغادرًا نحو المشفى.
**********
جلس عصام إلى جانب ندى، يقول بصوتٍ حزين باكٍ :
_ ندى عشان خاطري فوقي، أنا عارف أنك سامعاني قومي ياحبيبتي أنتِ عايزة تعرفي قيمتك عندي صح؟ أنا مقدرش أعيش من غيرك ثانية وحدة الدقيقة اللي بتعدي عليا و أنتِ بعيدة عني بموت فيها مية مرة أنتِ كل حياتي.
وقف خالد من خلفه حزينًا على الحالة التي سيطرت عليهم من فراق و ألم، تقدم نحوه ورفع يده على كتفه مؤازرًا له:
_ كفاية اللي بتعمله ده بقالك عشر ساعات قاعد مكانك قوم غير هدومك وكل أي حاجة.
_ماليش نفس يا خالد.
قالها ومازالت عينيه معلقة بملامحها يخشى من أن يفترقا مجددًا، لكن ردد خالد وهو يقبض على كفيه:
_ يا ابني حرام عليك اللي بتعمله ده.
_ أرجوك يا خالد سبني معاها.
توسله بنبرةٍ باكية لأول مرة تظهر منه، دخل الطبيب فجأةً فاعتدلا في وقفتهما، بينما هو بدأ بتفقد حالة ندى وتدوين بعض الملاحظات.
_ ها يا دكتور طمنا؟
سأله خالد بترقبٍ ، بينما مطّ الطبيب شفتيه باستياء وأجاب بحزن :
_ أنا آسف جدًا واضح أنها زي ما أنا شكّيت هتاخد وقت مش مسألة يوم أو اتنين.
_ ايه؟!
هتف كلاهما باستنكار ليكرر الطبيب أسفه، ثم تقدم خالد نحوه يسأله :
_طب يعنى الوقت ده قد إيه؟
_ الله أعلم ، ممكن شهر أو سنة أو العمر كله
اتسعت عينا عصام على مصرعيهما من حديثه فاندفع نحوها يجثو على ركبتيه، يبكي كطفلٍ صغير :
_ لا ندى عشان خاطري متعمليش فيا كده فوقي، فوقي أنا مقدرش أعيش لحظة من غيرك...
استأذن الطبيب مغادرًا في حين شعر خالد بنيرانٍ تضرم قلبه لما يحدث معهم، أمسك كتفيه يحاول تهدئته وإسناده على الأرض، ليردف الآخر بمرارة:
_ ليه يا خالد؟ ليه بيحصل معايا كده ؟ ليه كل ما أحب حد بيروح مني؟
_ ده اختبار من ربنا يا عصام ولازم تكون قده.
حديثه جعله يصمت برهةً متمتمًا باستغفار بعدما شعر بأنه اعترض على قضاء الله وقدره ، ثم ابتلع ريقه يردف بجملٍ متقطعة:
_غصب عني ياخالد … مش قادر …أنا… أنا ليا طاقة تحمل زي كل البشر وده ... وده كتير أوي ...و فوق طاقتي.
_ إن شاء الله خير وهتقوم منها ، ندى قوية مش هتستسلم بالسهولة دي ، مش بعد ما حبيتها هتروح وتسيبك.
حديثه المطمئن جعله يسكن من حدة انفعاله فجلس عصام الى جانب ندى مجددًا :
_ماشي يا ندى أنتِ مش بتختبري حبي بس بتختبري قوة تحملي وصبري، متخافيش هنجح، هستناكي يا حبيبتي، حتى لو العمر كله.
خرج خالد من الغرفة خائفًا أن يضعف أمام ابن عمه فيضعفه هو الآخر!
**********
حضر الجميع إلى المشفى بالصباح، وأخبرهم الطبيب بحالة ندى فأصابتهم حالةً من الحزن، إلا أن أحمد رفض أن يتركها بالمشفى، وقرر أن يجهز غرفةً طبيةً لندى داخل القصر حتى تتم شفاءها فيها .
******************
عاد الجميع إلى القصر، بعدما تم نقل ندى بسيارةٍ مجهزة على أعلى مستوى ونقلها إلى غرفة في القصر يوجد بها جميع المستلزمات الطبية التي تحتاجها.
تتوالى عقارب الساعة دون وجود حدث جديد بعائلة الدالي، ليس إلا محاولة ياسمين في إصلاح علاقتها بخالد بعدما فسدت، وتردد عصام إلى غرفة ندى على أمل استيقاظها يومًا ما، يعيد ذكرياته التي جمعته معاها، وندمه على الابتعاد عنها، يغفو بجوارها على المقعد دون أن يشعر.
***************
_ أوعي يا زفت أنت حاضن أمك أوعى
قالها خالد وهو يدفع آسر من تشبثه الغريب به، وقع آسر على الأرض يصرخ ألمًا يردد بحنقٍ:
_في حد يصحي حد كده!!
اجابه بتهكم:
_ مش أنا عملت يبقى في وبعدين فين الحد ده!
علق آسر ساخرًا من حديثه:
_ أمال أنا إيه مش بني أدم أنا!
حرك خالد رأسه بيأسٍ، يردد بصوتٍ مختنق:
_ للأسف دي اللي هموت و أعرفها جيت أزاي دي!
رفع آسر حاجبه بغيظٍ، يجيبه بغرورٍ :
_ ده أنا آسر الدالي اللي البنات هتموت عليا!
أمسك خالد بوجهه ساحبًا اياه للأسفل بعدما كاد بالصعود للسماء بشموخه الزائف، مرددًا بسخطٍ:
_طب أنزل يا خويا على الأرض وقوم ألبس خلينا نروح الشركة بدل ما عصام ينفخك.
نهض سريعًا يردد بحنقٍ:
_أنت هتقولي من ساعة اللي حصل لندى وهو بقى خلقه في رجله.
_طب قوم يا حبيبي بدل ما أجيب رقبتك!
قالها عصام وهو يقف خلفه مباشرةً، في حين فزع آسر منه، ليردد سريعًا قبل أن يركض مختفيًا من أمامه:
_ لا أنا قومت خلاص وخلصت.
تعالت صحكات خالد الرجولية وردد بشفقةٍ:
_ يا ابني حرام اللي بتعمله في الواد ده.
منحه نظرة ساخطة، وردد بغيظٍ :
_يستاهل ده غبي المهم أنا ورايا مشوار مهم فهتأخر على الإجتماع حاول تغطي عليا لحد لما أرجع.
_مشوار ايه ده؟!
اجابه على مضضٍ:
_مش عارف مايا أورورا طالبه تشوفني ليه، بتقول موضوع مهم!
تساءل بدهشةٍ:
_موضوع إيه دخ اللي مهم!!
حرك عصام كتفيه للأعلى، وقال وهو يتوجه نحو الخارج:
_دلوقتي هنعرف المهم بتاعها ده إيه.
_ربنا يستر
قالها خالد وهو يشعر بما سيحدث،فابتسم الاخير بمكر بعدما فهم ما يدور برأس صديقه، ردد خالد بسخطٍ يرفقه ضحكة مستنكرة:
_ أنت ضحكت طب أنا هجهز العقد عشان نشوف الشرط الجزائي إيه!
رفع عصام حاجبه، ثم قال بثقةٍ:
_ بالسرعة دي مش شركة الدالي اللي تدفع شرط جزائي سلام.
تنهد خالد من تفكير عصام، ثم قال:
_أنا معتش عارف أنت بتفكر في إيه!!
***************
تقدم عصام من السفرة التي يجلس عليها جميع أفراد العائلة، يردد بهدوءٍ:
_صباح الخير.
_صباح النور
اجابه الجميع بذات الهدوء، لتسترسل آمال حديثها بحنوٍ:
_ أقعد أفطر ياحبيبي.
حرك رأسه نافيًا، يردد متوجهًا للخارج:
_ماليش نفس يا ماما أنا أتأخرت عن اذنكم.
تركهم مغادرًا القصر، في حين نظرت آمال بعبوسٍ إلى أحمد مرددة بضيقٍ:
_ وبعدين يا أحمد في إللي بيحصل ده!
اجابها أحمد بقلة حيلة:
_وأحنا بإيدينا إيه نعمله غير ندعي لندى أن ربنا يقومها بالسلامة.
تدخل محمد بالحديث، يردد بأعينٍ مدمعة :
_يارب يا أحمد دي واحشتني أوي.
ربت أحمد على ذراع شقيقه بحزنٍ، متمتمًا:
_ إن شاء الله خير وهتقوم وهتبقى كويسة.
*************
خطت بقلمها داخل نوت صغيرة لها، تدون بها وصفات طعام تشتهيها ليقتحم آسر الغرفة متمتمًا:
_سها
اشاحت سها بيدها، مرددة بضيق وهي تركز انتباهها على الهاتف:
_هشش
قطب آسر جبينه بدهشة، ثم تقدم ليرى ما الذي تركز عليه متمتمًا بتعجب:
_هو أنتِ بتعملي إيه؟!
اجابته سها بسخطٍ:
_بلعب يعني أنت مش شايف أني مشغولة في كتابة وصفات للأكل.
نظر لها آسر بسعادةٍ، يردد بكلماتٍ بلهاء:
_ياقلبي بتتعلمي الطبيخ عشان تطبخي لحبيبك بعد الجواز.
رمقته بنظرةٍ ساخرة، ثم اجابته بمللٍ:
_ لا ياحبيبي عشان أدي الوصفة للشيف اللي في المطبخ تحت يعملي تغير في الأكل زهقت جدًا.
نظر لها قليلًا وعينيه تشتعلان بغيظٍ منها، وصاح بها:
_ ده أنا اللي زهقت منك يا بعيدة أنتِ إيه يابت!
نظرت له ببراءة، متمتمة:
_في إيه يا أسورة أنا كلمتك دلوقتي ده أنا بحبك.
_ كده طب هاتي حضن.
قالها آسر بحبٍ، لتهدر سها بحدةٍ:
_ أنت مجنون لا أبدًا.
علق آسر بحسرةٍ :
_ليه ياشيخة حرام عليكي ده أنا لو أخوكي مش هتعملي معايا كده!
شهقت سها بطريقة غريبة، تردد بكلماتٍ جحظت عين آسر على آثرها :
_ أنت فكرني مجنونة عشان أسيبك تحضني وفي الأخر ترميني وتقولي أنا متجوزش واحدة غلطت معها أبدًا ده لا يمكن يحصل.
اتسعت عين آسر بصدمة، ثم قال بحنقٍ من جنونها :
_ يابنت المجنونة أرمي مين وغلطت إيه أنا قولت أنك هبلة محدش صدقني تعالي هنا والله لأخلص عليكِ ده أنتِ كتلة تخلف ماشية على الأرض تعالي.
ركضت سها تصرخ بشدة قبل أن يمسك بها آسر تردد وهي تقترب من أحمد الدالي:
_ إلحقني يا خالو إبنك هيموتني!
نظر محمد لآسر الغاضب، يردد بتعبٍ من أفعاله اللامنتهية:
_ إيه يا آسر في إيه يابني؟!
أمسك خالد آسر مثل كالقنفذ، ليهدر به بعنفٍ:
_ أنت لسه بتهبب أيه هنا.
حاول آسر الإفلات من يده وهو يصيح بمن تركض أمامه:
_خدي يابت تعالي هنا.
أمسكه أحمد من رقبته، ثم قال بحدةٍ:
_ أحنا مش عجبينك يالا.
توتر آسر من خالد الذي يمسكه من الخلف، وأبيه ليجيبه بكلماتٍ لا تتناسب مع الموقف :
_عيب يا أبو لهب المسكة دي أنت عشان بس قد أبويا كان زمانك متعلق في السقف.
تعالى صوت سهير متسائلة بدهشة :
_في إيه بس هي عملت إيه؟!
اجابها آسر بضيقٍ
_ الحيوانة بقولها هاتي حضن بتقولي عشان ترميني وتخلى بيا، من حضن أمال لو قولتلها هاتي بوسة هتعمل إيه، هتقوليوهترميني أنا و إبنك اللي في بطني!!
واستطرد بغيظ:
_ يا غبية والله لأخلص عليكِ النهاردة عشان أرتاح من غبائك.
أداره خالد له يمسكه من رقبته، يردد بغيظٍ من غبائه:
_ بقى بتقولها هاتي حضن وبوسة وبتسيح وبتتكلم عادي كده.
_ أديله يا خالد الواد ده هيجبلي الضغط
قالها أحمد وهو يجلس على المقعد بتعبٍ، في حين ردد آسر بعتابٍ:
_ عيب كده يا والدي تكذب و أنت في السن ده فين الضغط اللي جالك ده.
رفع أحمد سُبابتيه يردد بدعاءٍ:
_صبرني يا رب.
جذبه خالد من تلباب قميصه، يردد بتوعدٍ:
_تعالى بقى يا خفيف!
****************
جلس عصام بثقةٍ أمام مايا، التي استقبلته بطريقٍ غريبة، مرددة:
_ أهلا عصام لقد سعدت لقبولك لدعوتي.
اجابها عصام برسميةٍ :
_ أنا أيضًا آنسة مايا.
علقت مايا بمكرٍ:
_ بإمكانك أن تناديني مايا دون ألقاب.
رفع عصام حاجبه، ثم قال بوضوحٍ :
_دعينا نتحدث عما أخبرتني به عبر الهاتف!!
نظراتها كانت وقحة لا تتناسب مع فتاة، تردد بصوتٍ ماكر :
_ سمعت ما حدث لخطيبتك!
سألها ببرودٍ:
_وماذا سمعتي؟!
اجابته وهي تحتسي مشروبها:
_ أنها في غيبوبة هل هذا صحيح!
_ولماذا يهمك أمر خطيبتي!!
نهضت مايا تتقدم من المقعد الموجود جواره، تردد بوقاحةٍ:
_ عصام أنا أحبك وأرغب بك!
انتفض من مكانه، وأبعد يدها عنه مهدرًا بغضبٍ:
_الأفضل لكِ أن تختفي من وجهي وإلا سأنسى أنك فتاة وسأبرحك ضربًا.
اشتعل الغضب بعينيها بعدما أوضح رسالته برفضها، لتتمتم بحدةٍ :
_هل جننت كي ترفض فتاة مثلي!
جذبها بقوةٍ من شعرها يردد بهمسٍ مخيف:
_أنتِ من جُن هنا، ولا تنسي مع من تتحدثين بصوتك اللعين هذا.
تركها كي يغادر ولكن ارتفع صوت مايا الصارخ:
_نحن نرفض العمل مع شركتكم!!
ضحك عصام ببرودٍ يجيبها:
_و أنا أقبل وأنهي أنا العقد بنفسي.
***************
_ ها عملت إيه
قالها خالد بتوترٍ بعدما عاد عصام من تلك المقابلة، ليجيبه عصام بضحكٍ :
_ زي ما أنت توقعت.
رمقه بنظرةٍ مستائة، يردد بحنقٍ:
_ يا ساتر عليك.
علق عصام بضحكٍ لا يزال عالقًا به :
_ إيه يابني أنا إيه ذنبي!!
ربت خالد على كتفه، يردد بغيظٍ :
_ طب يالا نرجع القصر.
قطب عصام جبينه، يتطلع للساعة، ثم قال بدهشةٍ :
_بدري كده ليه؟!
أجابه خالد بتوضيحٍ:
_ بابا لسه مكلمني وقالي أجيب آسر وحضرتك ونرجع.
حرك رأسه في إيجابية ثم قال وهو يتحرك معه:
_ أوك تعالى نشوف في ايه.
****************
وصل كلًا من خالد وعصام إلى القصر، ليجلس كلاهما بالمكتب، فتساءل خالد بتعجب :
_ في إيه يا بابا حضرتك طلبتنا ليه؟!
اجابه أحمد بهدوءٍ:
_ أنا اللي طلبتكم يا ولاد!!
تعجب عصام من طلب والده، ليردف بتوجسٍ :
_ليه في حاجة؟!
حرك أحمد رأسه في نفي، يردد ببسمةٍ صغيرة علت ثغره:
_ لا يا ابني مقعدناش مع بعض من زمان زي الأول فقولت أجمعكم بدل ما كل واحد بيجي على النوم.
ردد آسر بسعادةٍ :
_والله الراجل ده عسلية.
منحه أحمد نظرة حادة، يردد بغيظٍ:
_إحترم نفسك يا حيوان.
ضرب عصام شقيقه من مؤخرة رأسه متمتمًا :
_عسلية إيه قاعد مع بياع طماطم يا غبي!!
رفع يده في الهواء مستسلمًا، يردد بخوفٍ:
_ أحنا أسفين يا صلاح.
أمسكه خالد يعيده مكانه مجددًا، يردد بسخطٍ :
_طب أقعد وأنت ساكت.
وبالفعل جلس الجميع يتبادلون الحديث، حتى إقتحمت سها المكان وهي تركض مرددة:
_خلاص يا ياسو آسفة.
انتفض محمد من مكانه، يردد بدهشة :
_ في ايه يا ياسمين في إيه يا سها!!
اجابته ياسمين وهي تلهث:
_ سها مسحت الصور بتاعتي من على اللاب.
تعجب أحمد من فعلت سها، ليسألها بدهشةٍ :
_ليه كده يا سها!!
مطت شفتيها باستياء، تجيبه بتذمرٍ:
_مش عجباني يا خالو الله!!
صرخت بها ياسمين بغيظٍ مرددة:
_ و أنتٍ مالك يا باردة
تعالى ضحك آسر يردد بسعادةٍ :
_ طلع في حد معترف أنها باردة غيري عسل ياسو البت دي عايزة تتروق.
تمتمت سها بحزنٍ مصطنع:
_صورك فيه شبه الغوريلا.
منحتها نظرة مغتاظة وتركتها وصعدت للاعلى بغضب، في نفس وقت صعود خالد للاعلى، لحقت بها سها تحاول ايقافها، فالتفتت اليها تحذرها:
_لو جيتي ورايا هقتلك صدقيني.
التوت قدميها بسجاد الدرج وكادت بالسقوط فحال خالد بينها وبين سقوطها سريعًا، احاطت رقبته بيدها فهامت الاعين ببعضها البعض، حاول أن يتقمص دور القاسي باجتياحٍ،فخانته عواطفه أصبح القلب سلطان الموقف، خشي أن يضعف أمامها فعاونها على الوقوف وغادر لغرفته على الفور، تابعته وهو يهرب من أمامها،رافضًا لمشاعره الصريحة لها، اتبعته ياسمين وولجت لغرفته خلفه تسأله بانكسار:
_ لأمته!!
نظر لها بعدم فهمٍ لما ترمي إليه ولكنه همس بهدوءٍ:
_هو إيه اللي لأمته!!
اجابته بغيظٍ:
_المدة!
علق خالد مجددًا بسؤالٍ:
_ مدة إيه؟!
أدمعت عين ياسمين بألمٍ تجيبه بصوتٍ مبحوح :
_العقاب مدة عقابك ليا هتنتهي أمته يا خالد، أنت المفروض أكتر واحد لازم تحس بيا وباللي عشته!
نهض خالد من مكانه بعدما رأى دموعها المنهمرة، ليردد بتوترٍ :
_ياسمين أنا..
قاطعته بصوتٍ متألم :
_ حرام عليك يا خالد اللي بتعمله فيا ده أنا حاسة إني هموت!!
اوقفها عن استكمال حديثها مرددًا بحزنٍ ممزوج بلهفةٍ يخشى حزنها:
_ بعد الشر!
انهمرت دمعاتها بقهر، فدنى منها يزيحهما، رفع وجهها اليه ثم قال:
_صدقيني غصب عني كنت موجوع أوي و أنا شايفك خايفة مني، محبتش أشوفك بتتعذبي بسببي فبعدت أنتِ غالية أوي يا ياسمين.
ابتسمت من بين دموعها، تردد وهي تزيلها برقةٍ :
_أنا بحبك.
اجابها بحبٍ :
_وأنا بعشقك وبعشق كل تفاصيلك.
انزوت باحضانه وهمست إليه وهي تزيح دمعاتها
_يعني هتلبس الدبلة؟
اجابها بصوتٍ حنون يحمل بطياته الحب :
_مستعد أتجوزك دلوقتي لو عايزة!
همست ياسمين بخجلٍ :
_خالد..
ضحك على ملامحها ليردف وهو يمسك الخاتم الخاص به:
_ خلاص هلبس الدبلة، مبسوطة؟
حركت ياسمين رأسها بسعادة متمتمة:
_ جدًا.
اخرجت قلادتها التي ترتديها وتخفيها أسفل حجابها، تنزع عنها الخاتم الخاص به، ليتعجب خالد من احتفاظها الغريب بخاتمه، فزحف الندم لقلبه ما أن علم بمدى حبها له وكم العذب الذي تلقته، وضعته ياسمين باصبعه ونظراتها تهزم كل جوارحه تدريجيًا.