رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم إسراء على


  رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التاني الفصل الثالث والعشرون


ثم تغزو القلب أُنثى و تُحطم كُل جوارحك
تهزمك هزيمة نكراء و تُرحب بها هزيمة
و أما عن حصونك؟ فهي هُدِمت

مالت سديم بـ رأسها إلى صدرهِ و كفرت أصابعها فوق قلبهِ النابض ، ضرباته مُتتالية بـ غيرِ انتظام ، قد تكون رتيبة في لحظاتٍ و اللحظات التالية تكون سريعة ، و لكنه الدليل القاطع على أن أرسلان كائن حي ، بشري يمتلك مشاعر مُشابهة لتلك التي تمتلكها

رفعت رأسها من جديد و أمسكت بـ يدهِ التي تعتقل ذقنها ثم قالت بـ صوتٍ خافت حاولت ألا تُظِهر به نبرة عتاب 

- هنتعب فـ الأول و هنقابل أوضاع صعبة بينا ، بس يا أرسلان هنتخطاها والله.

أمسكن كفه و رفعته تُقبل باطنه ثم أكملت مع إبتسامةٍ ضعيفة و لكنها تحمل داخلها أمل و رجاء قد أصابه في مقتل

- أنت خلتني أحبك و أنت شيطان قاسي ، مش هتخليني أحبك تاني و أنت بني آدم!

صمته قد طال و هو يجد نفسه مُعرىَ تمامًا من أي حقيقةٍ أمامها ، موقفه مُخزي و لأول مرة يرى نفسه ضعيفة ، غير قادرة على الدفاع عن نفسها و يجد ذلك الضعف مُهين ، حاوط وجهها بـ يديهِ ثم وضع جبهته على جبهتها ثم هتف بـ صوتٍ جاف رغم نبرة التعب الواضحة به

- سديم ، أنا مش هقدر أتعود على حُبك و بعدين أصحى بعدها بـ دقيقة و ألاقي مكانه كُره.

أمسكت يده و مالت على الأخرى ثم قالت مازحة لتخفيف حدة الأجواء

- هبقى أديك إنذار قبلها
- و لكنه لم يتجاوب مع مزحتها و قال: مش وقت هزار 
- تنفست بـ ضيقٍ و قالت: أرسلان ، قولتلك أي صعوبة هنواجها هنلاقي ليها حل ، مش نهاية الدنيا ، و قلت قبل كدا إحنا واجهنا الأصعب.
مشاعره مُتضاربة و أفكاره كأنها عواصف رعدية تضرب رأسه فـ يترنح ساقطًا أرضًا ، و صلابة وجهه و تعبيراته القاتلة كانت كـسطح مُعتم لا يسمح لها بـ رؤيةِ ما وراءه ، أناني و قاسي و لكنه يُريدها حتى و إن كان يعني تدميرها ، لن يستطيع ترك حلاوة الحياةِ التي عاشها معها و العودة إلى بئر الظلام

و هي تقف أمامه تتوسله بعدما كان هو في الوضعِ ذاتهِ ، تنظر إليه بـ عينين جميلتين ، تغويه ليُكمل و يوافق ، ترجوه أن يخوض معها المعركة هذه المرة لا أن تكون نده ، عليهما فقط التعاهد على السير إلى النهايةِ

و النهاية قد تعني الربح أو الخسارة و لكن النتيجة أنهما معًا

و أمامها يُهزم و تسقط حصونه المصنوعة من الرمال ، ينقشع الظلام و يبقى ضوء الياسمين يمد يده ليلتقطه و يشتم به الحياة ، تنهد أرسلان و يده تشتد حول وجهها و هو يهزها بين يديهِ ثم قال مُشددًا على حروفهِ تاركًا لها فُرصة أخيرة - كاذبة – للهرب 

- يا دكتورة إكسبي نفسك لآخر مرة
- إبتسمت ابتسامة جميلة و قالت: ما هي خسارتي معاك مكسب يا شيطان.

رفعت يديها تُحاوط عُنقه و إرتفعت على أطراف أصابعها حتى تصل إلى مُستوى وجههِ و أمام شفتيه القاسيتين همسات بـ إغواءٍ

- و بعدين أنا وقعت معاك عقد أبدي ، مش فاكر و لا إيه!

وجدت يده كـ كِلّاب يعتقل خصرها مُقربًا إياها إليه إلى حدٍ خطير ثم همس بـ صوتٍ ماكر ، شديد الخُبث

- أنا مبنساش و دا عيب لازم تحذري منه.

ثم يميل إليها و ينتهك ما هو حقه و كم اشتاق ذلك المذاق المُسكر ، اللاذع ، حق لو تركه لغيره لـ هو غبيٍ إن فعلها ، هي له و صك ملكيته لها سيظل دامغ بـ أثرهِ المؤذي على روحها

شهقت سديم و هي تجده يرفع جسدها عن الأرض و يتجه إلى داخل الغُرفة تحديدًا تجاه الفراش ، ضربت كتفه و إبتعدت عن مرمى شفتيه النهمة و همست بـ تلعثم

- أر ، أرسلان ، أنـ ت لسه مـ.

وضعها فوق الفراش و تمدد جوارها ثم جذبها في أحضانهِ يشتم خُصلاتها

- هشششش يا دكتورة ، دماغك قذرة.

رغم احمرار وجهها خجلًا و لكن النصيب الأكبر كان من الغضب فـ ضربت كتفيه ثانيةً ثم همست من بين أسنانها

- أنت اللي وصلت الإحساس المُتخلف دا بـ طريقتك
- ابتسم ساخرًا ثم قال وهو مُغمض العينين: هو أنا فيا حيل للكلام دا.

صرت على أسنانها و كادت أن تقرصه و لكنها تذكرت إصابته فـ زفرت بـ حنقٍ و استياء قوي ، ليضحك أرسلان و يهمس في أُذنها مُتخابثًا

- أوعدك أما أخفف هحققك تفكيرك القذر.

صرخت سديم بـ صوتٍ مكتوم و دفنت وجهها في صدرهِ و هي تتبرم بـ شتائم مُستاءة ، و لكن ما تخافه هو نبرة وعيده و تعلم أن أرسلان لا يتحدث بـ الهُراء
*****

سؤال عابد لم يتواجد من فراغ بل بدايته دراية تامة بشأن معرفة ما دار في الماضي ، و الذي تأكد منه أن عابد خانه و ثمن الخيانة كان حياته ، اتسعت عينا قاسم بـ صورةٍ مشوهة و بها لمحات من الغضب و التوتر جعل عابد يتيقن أنه وصل إلى مُبتغاهِ

ابتسم من زاوية فمه و إقترب أكثر من قاسم الذي يرمقه بـ نظراتٍ مُشتعلة وقودها الحقد ، ثم جثى أمامه و همس بـ نبرةٍ ذات مغزى

- محتاج تكون صريح معايا ، يا إما صدقني بدل ما تكون النهاية هينة هتكون أصعب مما نتخيل
- هدر قاسم: إيش بتريد يا عابد!
- رد بـ جفاءٍ: الحقيقة.

ظلت نظرات قاسم تضرب عابد الذي يرمقه بـ برودٍ ثم احنى رأسه تمتم دون صوتٍ واضح و لكن عابد كان يلتقط كُل كلمةٍ بـ ترقب و إنصات شديد التدقيق

- إيش بتريد تسمع! حجيجة إني جاتل! و إيش الچديد! أنت كمان جتلت.

حينها فقط سيطرة عابد على نفسهِ قد حُررت من عُقالها ليُمسكه من تلابيبهِ و حدق به بـ أعين قاتمة و بـ نبرةٍ أشد عُنفًا من نظراتهِ

- و تجدر تجول ليش جتلت! أنا جتلت لأحمي حالي و أهلي و أهل داري يا قاسم .

صمت ثم تغيرت لهجته و يداه تشتد حول عُنق قاسم الذي لا تزال نظراته عنيفة ، حاقدة

- قتلت بـ أمر منك و فضل الدم على إيدي و صورته ما بتفارق خيالي.

حاول قاسم دفعه و لكن عابد كان كـ صخرة يصعُب تحريكها إنش واحد ، ليهدر بـ صوتٍ يتردد صداه في ذلك المكان الفارغ عدى صوت قطرات الصنبور المُستفز

- و من وقتها و أنا بكرهك ، و حالف نهايتك تكون على إيدي ، و هتحصل يا قاسم.

حاول السيطرة على غضبهِ المُتفاقم و دفعه بـ اشمئزاز و كأنه مرضًا مُعدي ثم جلس من جديد واضعًا ساق فوق أُخرى يفرض هيبته على الجميع ثم قال آمرًا

- و دلوقتي الحقيقة ، أقل حاجة تقدر تقدمها قبل ما تموت
- ابتسم قاسم فجأة بـ جنون و هتف: بتريد الحجيجة! بتنولها يا عابد و بتوصلها للشيطان.

إرتاح قاسم في جلستهِ و اختفت كُل ملامحهِ مُتجردًا من إنسانيتهِ و كأن فعلته لم تكن إحدى الفظائع الشنيعة ، ثم فتح فمه و تحولت لهجته هو الآخر

- مؤمن كان عسكري فـ الجيش المصري و كان مكان خدمته الحدود و أكيد بتعرف وقتها كيف كانت الأوضاع ، بـ يوم كان نازل إچازته و العربية اللي مسافر فيها عطلت و هناك إتجابلنا.

صمت و هو يسترجع الأحداث السابقة و كأنه يتذكر كم تلذذ في إغراق شاب بريء في بحرٍ من الدناءة ، ثم هتف بـ صوتٍ جاف عائد إلى فترةٍ من زمنٍ قديم

- صلحت السيارة و الوقت كان تأخر لهيك رجعنا إلى الجبيلة و قضى يوم هناك، و مرة بعد مرة بقينا صحاب زي ما بيقول.

أثناء سرد قاسم ، كان عابد يستنتج الأحداث قبل سردها و لكنه كان يتحامل و يستمع إلى شرِ ذلك الوحش ، و الذي أكمل بـ بساطةٍ و كأنه لم يفعل شيءٍ حقير

- وقتها بدأت أعمالي مع نزار و رفقته ، و اللي حصل إن مؤمن إتدخل في شيء ميخصوش هو و رفقته فـ كانوا 
- كبش الفدا.

صوت مُرعب ، و هسيسه مُخيف وقعه على الآذان كـ وقع طبول الحرب ،و هيئته اللا إنسانية كانت خير دليل على هوية مصدره ، فـ تجمدت الدماء بـ أوصال قاسم الذي اتسعت عيناه في رُعبٍ شل أطرافه و ذهبت غطرسته أدراج الرياح أمام أرسلان و الذي ظهر بـ ملامحهِ خيط النهاية 

وقف أرسلان بعد عدة خطوات أمام قاسم و عابد و الذي نهض مُبتعدًا ، لقد وصل إلى ما يُريد و حان وقت الإنسحاب ، ربت على كتف الواقف و الذي لم يشعر به من الأساس بل نظراته كانت صوب الفريسة

شحب وجه قاسم و حاول الحديث و التراجع عن مكان ، ما باله يرى أرسلان قد تضخم و ظهر في هيئة وحش مُفترس و أنيابه أشد فتكًا من نصل السيف ، أشار بـ يدهِ في إشارةِ نفيٍ و هو يجهل ما ينفي إلا أن أرسلان باغته في لكمةٍ جعلت الدماء تنسل من بين أسنانهِ سعل على أثرها و استجداه صارخًا

- مش أنا.

وجه أرسلان لكمة أقوى كادت أن تُهشم فك قاسم و الذي بدى على وشك الموت... خوفًا ، فـ ذلك الذي أمامه لم يكن بشري و لم يكن وحشًا ، بل كان شيطانًا أعمى تجسد في هيئتهِ الأساسية ليخرج في ذلك الشكل المُرعب و كأنه تجسد له فقط و ما يراه هو هلاوس الأنفاس الأخيرة

جأر بـ صوتٍ قوي كـ الرعد و الذي يضرب برقه الجسد فـ يحرقه

- دا كان صاحبك و وثق فيك ،و أنت!

صمت أرسلان و قبض على عنقهِ حتى كاد أن يُهشم حنجرته ثم هسهس بـ صوتٍ شديد الرُعب ، باعثًا رجفة عنيفة قد يصحبُها شلل

- أنت بقى خُنته ،و أنا مبكرهش أد الخيانة و قلة الأصل.

حاول قاسم الحديث مرارًا و لكن قُدرته على الحديث إختفت و لسانه قد عجز عن جمع عبارة كاملة صحيحة و لكنه في النهاية تمكن من الحديث بـ تلعثم

- مكنـ مكنتش أعرف ، إنه إنهم هيقتلوه.

نظرة قاتمة من عيني أرسلان جعلته يصرخ مُخفي وجهه خلف يديه ، تعجز عيناه عن إدراك حقيقة النظرة التي هي الموت بـ عينهِ فـ إنكمش عله يهرب حتى و إن كان حُلمًا منه ، إلا أن صوت خطوات أرسلان كانت كـ هزة زلزال يضرب ثباته الواهن و جعل الرُعب يغزوه حتى حبله الشوكي

وقف أرسلان أمامه ثم هسهس بـ نبرةٍ خفيضة و لكن وقعها كان مؤذي و يجعلك تتمنى أن تموت

- مش هُما اللي قتلوه ، أنا اللي قتلته.

*****

صوت طرق على باب غُرفتهِ جعله يجفل و ينتفض ظانًا أن نهايته قد اقتربت و لكن صوت والدته خرج يسأله بـ قلقٍ

- مُصلح يا بني هتفضل حابس نفسك كتير كدا!

مسح وجهه المُتعرق و إرتدى نظارته في فعلٍ غبي ، لمَ قد يرتديها و هو يحتاج لفمهِ إلا أنه ابتلع ريقه و هتف بـ صوتٍ جاهد كثيرًا حتى أخرجه طبيعيًا

- أنا كويس ، محتاج بس حبة راحة ، الشُغل تاعبني الفترة دي
- عاودت تسأله: طب مش هتطلع تاكل! اخواتك عايزينك.

تنهد و كاد أن يرد رافضًا و لكن اشقاءه لا ذنب لهم في غباءهِ ، عليه أن يتحمل نتيجة أخطاءه ، إما الهلاك أو الموت هالكًا يسحب معه أفراد أسرته البريئة

فتح درج من وحدة الأدراج جواره و بحث عن دواءهِ و لكنه لم يجده ، فـ ضرب بـ عُنف و شتم بـ صوتٍ خفيض ، ثم تمالك أعصابه و هتف بـ ارتعاش يُشبه ارتعاش يده

- هطلع أهو ، هغير هدومي
- ماشي يا بني ، هحط الأكل.

ثم استمع إلى صوت رحيل والدته و زفر مُخفيًا وجهه خلف يديه ، ثم بعد لحظاتٍ من الإنهيار أمسك هاتفه و أرسل إلى طبيبه قائلًا و هو يضرب فوق لوحة المفاتيح بـغضبٍ

- دوا معتش بيجيب مفعول ، محتاج حاجة أقوى.

ثوان ينتظر الرد و هو يهز ساقه بـ عصبيةٍ ثم جاءه رسالة الطبيب

- قُلتلك قبل كدا مع الوقت الدوا مش هجيب مفعول و هتبدأ تتعود عليه لأن جرعاتك زادت.

نظر مُصلح إلى الرسالة الوقحة أمامه و مع كل كلمةٍ كانت عيناه تتقد غضبًا ليهدر في مقطع صوتي

- أنت ملكش دعوة ، أنت تعمل اللي بقولك عليه و فلوسك هتاخدها.

صمت يلهث ثم بعد لحظات أرسل مقطع آخر بـ صوتٍ مكتوم من شدةِ الغضبِ

- فـ ظرف يوم واحد ألاقي الدوا دا عندي ، محتاجه ضروري.

بعد لحظاتٍ قليلة ، آتاه رد الطبيب في كلمةٍ واحدةٍ

- حاضر.

و كم ارتاحت نفسه لقراءه تلك الكلمة ، تراجع رأسه إلى الخلفِ و ابتسم ، هو يحتاج ذلك الدواء بـ شدةٍ ليجتاز المواجهة الأخيرة

*****

في صباح اليوم التالي

نهضت رحمة من نومها تبحث عن قُصي جوارها و لكنها لم تجده ، فـ زفرت و مسحت وجهها ثم نهضت و هي تُمشط خُصلاتها ، توجهت إلى غـرفة رزان لتجدها لا تزال نائمة فـ إقتربت منها و قامت بـ تقبيلها ثم دثرتها جيدًا و خرجت

أغلقت الباب و اتجهت إلى المطبخ و لكنها شهقت و هي ترى قُصي يقف أمام الموقد و هو يُدندن بـ لحنٍ ما ، و ما أن سمع شهقتها حتى استدار و ابتسم ثم أكمل دندنة و هو يقترب بعدما وضع ابريق الشاي فوق الموقد

- يا عم و عم قلبي يا معلمني الهوا.

ابتسامته الخبيثة كانت رائعة ، أكثر الأمور روعة التي قد يستيقظ الإنسان ليراها ، كانت مبهورة بـ هيئته المُشعثة بـ طريقةٍ مُحببة إلى قلبها و يداه التي تمتد و تعتقل خصرها النحيل ثم أكمل و نبرته تزداد خُبث

- اتفضل جوا قلبي.

جذبها حتى باتت جسد واحد معه ثم داعب وجنتها بـ شفتيهِ و همس

- ما تتفضلي يا رحمة.

حاوطت عُنقه بـ يديها و ضحكت تستند بـ جبهتها على وجنتهِ ثم قالت بـ صوتٍ مُتحشرج إثر النوم

- أنا أصلا قاعدة مربعة جوه
- و أنا أقول حاسس بـ تُقل كدا ليه.

كشرت رحمة عن أنيابها لمزحته الغير موفقة في توقيتها و كادت أن تبتعد عنه و لكنه رفض ابتعادها فـ ضحك و دحض تمنعها ثم قال

- تُقل واخدني و رايح لحتة حلوة ، و من حلاوتها مش عايز شريك.

ثم قَبّل مُنحدر أنفها و عانقها ليقول بعدها و هو يُداعب شعرها

- عارفة يا رحمة النهاردة حاسس إني محتاج أعبرلك عن حُبي و أقولك إنك أحلى هدية ربنا بعتهالي.

نظرت إليه رحمة بـ نصفِ عينٍ رغم سعادتها البالغة ثم قالت بـ نبرةٍ مُستنكرة بـ لُطفٍ مُحبب

- اممم ، يا ترى عملت إيه يا قُصي و بتداري عليه
- عبس قائلًا: إخص عليكِ يا رحمة بقى دا عشمك فيا!
- ما هو أنت اللي تاريخك زفت معايا فـ الرومانسية دي .

دفعها قليلًا دون أن يتخلى عنها و نظر إليها بـ حنقٍ ثم قال بـ استنكار

- تاريخ إيه! فكريني كدا!
- عنيا حاضر.

تخلت يداها عن عُنقهِ و بدأت في العد على أصابعها ثم قالت بـ صوتٍ قوي و ذاكرة سيدة لا تخون

- من شهرين الساعة عشرة بالليل قولتلي بحبك بعد ما غسلت الحلة التيفال بـ السلك ، من ست شهور قولتلي ايه الجمال دا و الفستان هياكل منك حتة مع إنك مكنتش بتطيقه بس عشان تداري على كسرك لطبق صيني و خبيته تحت الغسالة ، نكمل!

صمتت و لم تنتظر إجابته بل أكملت موضحة

- المرة التالتة بعد آخر وقعة بـ يومين إتغزلت فـ شعري المنكوش بعد ما خرمت الخلاط ، و مش عارفة دي عملتها ازاي بصراحة ، دا غير عيون البوتجاز اللي سيحتها لما سيبت باب الفرن مفتوح آآ.

كادت أن تُكمل و لكن قُصي وضع يده على فمها يمنعها من المزيد من الفضائح و الوقائع المُخزية في حقهِ كـ ضابط شرطة ثم هتف بـ استياء من بين أسنانهِ

- كفاية ، بلاعة و إتفتحت!
- نزعت يده و قالت: مش أنت اللي طلبت!
- زم شفتيه و قال: آخر مرة والله، و بعدين المرادي بريء
- ابتسمت من زاويةِ فمهِا و قالت ساخرة: إلى الآن بس.

صرخت رحمة فجأة و هو يرفعها و يضعها فوق الطاولة يُجلسها ثم قال و هو يتجه إلى الابريق الذي بدأت المياه داخله في الغليان

- طب يا ست الكل ، إقعدي مُعززة مُكرمة لحد ما أحضر فطار على هواكِ.

حدقت في ظهرهِ العريض ثم وضعت ساق فوق أُخرى و قالت مُداعبة إياه بـ نبرةٍ مُغرية بـ أنوثةٍ بالغة

- طب لفلي نفسك فـ سندوتش بقى.

توقفت يده عن تقليب الشاي و استدار إليها بـ ملامح أشد خُبثًا من ثعلب يغوي ذات الرداء الأحمر و إقترب منها بـ بُطءٍ يتلذذ فيه من هيئتها اللطيفة رغم سنوات عُمرها إلا أن شكلها الطفولي يغويه دائمًا

وقف أمامها و حاوطت يداه الخبيثة كـ خُبث ملامحهِ خصرها و حركها عليه ثم قال بـ نبرةٍ هامسةٍ مُشبعة بـ نغمة جعلت جسدها يرتجف

- طب ما من غير أي حاجة ، مش محتاج لف و لا حاجة ، خديلك عضة.

همس بـ الأخيرة مُمازحًا فـ ضحكت و نوت حقيقةً عضه و لكن صوت هاتف قُصي أفسد تلك الأجواء الحميمية ، زفر شاتمًا تلك الألفاظ التي يسمعها في قسم الشرطة دائمًا دون أن تصل إلى مسامع رحمة ، ليبتعد عنها قسرًا قائلًا بـ حدةٍ

- متتحركيش عشان نشوف موضوع السندوتش دا، مش عارف مين عديم الاحساس دا .

ثم إلتقط الهاتف من إحدى زوايا المطبخ ، و رد بعدما رأى هوية المُتصل ، و قبل أن يرد كان الجانب الآخر يقول

- حضرة الظابط ، فيه حاجة مُهمة لازم تشوفها
- يعني إيه!

سأل في توجس و حدسه يُنبئه بـ خطرٍ مُحدق ناظرًا إلى رحمة التي تُبادله النظر بـ قلقٍ فـ طمأنها بـ عينيهِ ، ليأتيه صوت أرسلان و كأنه يلهث

- يعني تجيلي على العنوان اللي هقولهولك دا و يُستحسن محدش يعرف.

ثم أغلق الهاتف بعدما أملى قُصي العنوان ، ليسقط الهاتف عن أُذنهِ و هو يضغط على أنفهِ ، أما له الراحة بعد كُل ذلك العناء!

فتح عينيه على رحمة التي وضعت يدها على يدهِ و تسأله في قلقٍ بالغ أكل قلبها

- في إيه يا قُصي!!

أمسك يدها و قَبّلها ثم ابتسم بـ صعوبةٍ و قال

- متقلقيش ، أرسلان عايزني فـ مشوار.

نظرت إليه بـ عدم تصديق و لكنه في الحقيقةِ حقًا يجهل مُراد أرسلان ، فـ همس و هو يتحرك مُبتعدًا

- متخافيش ، مش هتأخر.

قبل أن يخرج من المطبخ ، استدار إليها و هتف مع إبتسامةٍ حنونة

- هعوضك..

ابتسمت تومئ له ، ليتحرك إلى الخارج ، و ظلت هي فقط أمام الموقد تنظر إلى إبريق الشاي الذي سيبرد لحين عودته

لا تنسوا الدعاء لأشقاءنا
اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب زلزل الأرض تحت أقدامهم

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1