رواية أباطرة الغرام الفصل الرابع و العشرون 24 بقلم اية محمد رفعت

 

رواية أباطرة الغرام الفصل الرابع و العشرون بقلم اية محمد رفعت



في مكان يمتلئ بالمساحات الخضراء الواسعة والأشجار المثمرة بأطيب ثمار الفاكهة الطازجة، مليكة خاصة تعود لعائلة الدالي، سارت سها إلى جانب عصام بانبهار لجمال المكان، الذي سرعان ما بثّ السكينة والراحة في قلبها، فصاحت بإعجاب :
_أنا أول مرة أشوف المكان ده تحفة بجد !!
ابتسم عصام وهو يتابع سير خطواته معها، وأكد حديثها بقوله :
_فعلًا هو مكان جميل أوي بس بعيد عن القاهرة بكتير عشان كده محدش بيجي هنا بنتابع الشغل مع العمال عن طريق الفون مش أكتر.
_ هو ده مقر آسر السري؟
 سألته بفضولٍ طفولي أضحكه ليجيبها :
_ الصراحة مش آسر لوحده ده المقر بتاعنا كلنا.
_كلكم؟! كلكم مين ؟
سألته عن معنى كلمته، هل يعقل أن يكون للعائلة بأكملها مكانٌ كهذا ولا تدري عنه، ليجيبها قاطعًا تفكيرها :
_أنا وخالد وآسر وبابا وعمي.
منحت المكان نظرة أخيرة قبل أن تجيبه بمشاكسةٍ: 
_ أنا اتعقدت من المكان ده وعايزة أروح مش هصالح حد غيرت رأيي.
التفت إليها يناظرها بملامحه الجادة، كيف تغير رأيها بعدما قطعا تلك المسافة الطويلة، وترك عمله ليساعدها والآن تتراجع، شعرت بخوفٍ من نظراته لتنظر إليه بقلقٍ اتبعه ضحكةٍ صغيرة،قائلة:
_ أنا بهزر يا بوص.
_ أيوه كده اتعدلي ، مش بعد كل اللي عملته تقولي غيرت رأيي.
هتف بحدةٍ ثم نظر إلى الطريق يتابع سيره، وهي تسير خلفه .
**********
_ أومال فين آسر وعصام وسها؟
سأل أحمد الذي جلس مع باقي أفراد العائلة حول المائدة يتناولون عشاءهم مستفسرًا عن سبب عدم مجيء من ذكرهم، ليجيبه خالد:
_ آسر في البستان وعصام أخذ سها وراح له. 
_ آسر والبستان يبقى مصبية.
قال محمد بقلق، فنظرت آمال إليهم بتعجبٍ لتسألهم:
 _بستان ايه ؟
مطّ خالد شفتيه خشيةً من أن يُعرف مكانهم السري، فابتسم ابتسامةً صفراء يجيبها :
_ لا متخديش في بالك يا طنط.
_هو سر اخص عليك يا خالد معتش تكلمني .
رددت آمال باستياء وهي تتصنع الحزن، ليشعر خالد بالضيق لحزنها فاندفع يخبرها الحقيقة:
_لا ولا سر ولا حاجة ده المكان آ ...
قاطعه عمه بصدمة من سهولة استدراجه دون الحاجة للعنف،  فصاح ونظراته الغاضبة لا تترك الاخير: 
_ ده المكان اللي بنزرع فيه الفاكهة يا حبيبتي.
لم يبدد حديثه شكوكها، فقالت بخبث: 
_طب ليه مش بنروحه؟
_  لا مينفعش ده مقر خاص.
نفى محمد طلبها بحقيقة أمر البستان لتنصدم السيدتان وتبادلتا النظرات بغرابة، لتسأله سهير بعدم فهم :
_مقر خاص إزاي يا محمد مش فاهمة ؟
تبادل محمد نظراته مع أخيه وابنه لبرهةً وإنفجروا ثلاثتهم من الضحك، فزاد استغراب السيدات أمامهم، لتردف سهير بسؤالٍ آخر:
_ أنتم بتضحكوا على إيه؟
_أنا عايزة أروح  المكان ده يا أحمد.
اندفعت آمال بإصرار على طلبها في الذهاب للبستان المنشود، فابتسم أحمد برضًا وحرك رأسه موافقًا ثم قال:
_حاضر يا آمال هنروح بعد كتب كتاب الأولاد.
هدأت شكوكها تدريجيًا، ورددت بدلال: 
_ ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك.
حمحم خالد ثم قال ساخرًا وهو يغمز ندى:
_ احم…أجيب شجرة واتنين ليمون؟
_ و أنا هغني لهم .
صدحت ضحكة ندى بشقاوةٍ ، لينظر أحمد إليهما بضيق وقال محذرًا:
_ ولد أنت وهي، احترموا نفسكم.
بينما شعرت آمال بالإحراج لتنظر لسهير تخبرها باستياء:
_ شايفة ابنك يا سهير ؟
 نظرت إليه متصنعة الحزن وقالت بحنق مصطنع :
_وأنا يا خالد عايزة اتنين ليمون وشجرة اشمعنا هما؟
_ إحنا لسه صغيرين.
وصلها الجواب من زوجها الذي لازال يتناول طعامه بسخرية من حديث أخيه أحمد، لينظر له بغرابةٍ وسأله مبتسمًا بحنق :
_وإحنا كبرنا ولا ايه ؟
تعالت ضحكات ندى وهي تضرب كفًا بالآخر، وغازلت عمها بقولها :
_ لا يابو حميد ده أنت لسه شباب يخراشي على عيونك الزرقة دي وآ.. 
قاطعتها آمال محذرة بغيرة:
_بس يا بت بتعاكسي جوزي و أنا قاعدة.. ماتتكلمي يا ياسمين! 
كانت  شاردةً في عالمٍ آخر تسبح في دوامة أفكارها وخوفها، تابع محمد حديثه وهو ينظر إليها غافلًا عن شرودها :
_ياسمين بقت تبعي خلاص هتقف في صفي أنا صح يا حبيبتي؟
لم يسمع جوابًا منها فكانت وكأنها لا تشاركهم جلستهم، نادتها سهير مرارًا لكن دون جوابٍ أيضًا لتلكزها ندى برفقٍ أفزعها ، نظرت لها بفزعٍ، فقالت ندى بقلق :
_ ايه يابنتي بقالهم ساعة بيكلموكِ ، أنتِ كويسة ؟
تحولت نظراتها الشاردة إليهم  وأجابتها بحيرةٍ:
_ بتكلموني أنا؟!
_أنتِ مش معانا خالص بقى.
قال خالد متعجبًا من حالتها لتخفض رأسها بوجلٍ خفي، ثم رفعتها مجددًا وقالت بصوتٍ غلب عليه التعب :
_ أيوه أنا فعلا مش معاكم، هطلع أنام تصبحوا على خير .
_ و أنتِ من أهله يا حبيبتي .
توديعهم الموحد لها جعلها تنسحب مضطربةً نحو غرفتها علّها تريح عقلها من التفكير وتغفو قليلًا.
ترك أحمد المائدة وأشار ونظر لهم قائلًا :
_محمد، خالد لما تخلصوا أكل تعالوا  المكتب عايزكم.
نهض كلاهما فورًا يتبعانه إلى المكتب، بينما بقيت سهير مع ابنتها وآمال ، تتذكر حالة ياسمين الغريبة ، فسألت أمها بقلق :
_هي ياسمين مالها يا آمال؟
رفعت كفتيها بعدم معرفة وأجابت:
_معرفش يا سهير بقالها كام يوم كده مش عجباني على طول سرحانة ومش بتاكل خالص، أنا كنت بقول إنها زعلانة على ندى لكن ندى بقيت كويسة وهي لسه على حالها! 
 وأشارت لندى برجاءٍ: 
_شوفيها مالها يابنتي هي أكيد هتقولك.
حركت رأسها موافقةً لتتوجه مسرعةً إلى غرفة ياسمين تطمئن عليها.
**********
جلس آسر تحت سقفيةٍ خشبيةٍ ذات تصميم عصري جذاب، شاردًا في الفراغ من حوله، وعلى بعدٍ منه وقف عصام ولجواره سها يراقبانه، فاشار لها بسبابته قائلًا :
_أهو قاعد هناك شوفتيه؟
أمأت برأسها بهدوءٍ،، نظر إليها يخبرها بمشاعر أخوية ودودة:
_تمام أنا هرجع ، إذا احتاجتي حاجة كلميني.
نظرت لعينيه وقالت بامتنانٍ:
_مش عارفة أشكرك إزاي
ابتسم ابتسامته الساحرة ، وقال بصوته الحنون :
_ يابت قولتلك أنتِ أختي يلا سلام.
كادت أن تغادره فأوقفتها مناداته مجددًا نظرت إليه بريبةٍ فابتسم قائلاً بمكرٍ: 
_خدوا راحتكم على الآخر متستعجلوش في الرجوع.
_ ليه ؟!
سألته متعجبة ليمنحها الجواب الخبيث:
_ أبدًا على الأقل القصر يغمره الهدوء مرة من مشاكلكم.
شعرت بالغيظ من حديثه، فزمجرت قائلة:
_كده يا عصام ؟ ماشي.
_ اه كده ، هو ده اللي عندي عندك اعتراض  
رفع يدها بطريقة مضحكة:
_نيجي بعد سنتين لو تحب! 
غمز لها بتسليةٍ:
_تعجييني. 
وتركها وغادر لتخوض ما تبقى من مهمتها بمفردها، تقدمت بخطواتها لتقترب منه بتردد، وكلما اقتربت أكثر منه تمكنت من رؤية الحزن أوضح في ملامحه، فرددت في محاولة للفت انتباهه لوجودها: 
_هو ده بقى المقر السري بتاعك؟
تطلع إليها بصمت، والحزن مازال يخيم عليه، جثت على ركبتيها لتصل إلى مستواه، فوجدته ينظر إليها بلومٍ وحزنٍ، حسرةٍ وألم، بينما عينيها تنظران إليه بعشقٍ وندم واعتذارٍ وأسف، وقالت بنبرتها الخافتة :
_ أنا آسفة.
تجمعت الدموع في حدقتيها حينما زاد صمته القاتل ونظراته كما هي، لم يبدِ أي ردة فعل لاعتذارها، لم تستسلم فعادت تردف بندم :
_ أنا بحبك بجد… أرجوك… سامحني.
رقّ قلبه لحالها ودّ لو ينهض بها ويعانقها بقوة ، لكنه تذكر حديثها فما كان منه إلا سألها بغضبٍ كست نبرته الهادئة :
_ ليه بتعتذري لواحد معندوش إحساس ؟
ارتجفت شفتيها وعيناها تتركزان عليه، فهمست بتلعثم مبررة :
 _ آسر أنا مقصدتش كده.
_تقصدي  أو ما تقصديش أنتِ قولتي الحقيقة أنا فعلًا معنديش إحساس.
هدر بحدةٍ وهو ينهض موليًّا لها ظهره، فوقفت خلفه في محاولةٍ لإيقافه:
_طب اسمعني.
التفت إليها وعينيه تحتد شرارًا من غضب ثم قال معاتبًا :
_و أنتِ ليه مدتنيش فرصة عشان تسمعيني؟  ، وفري مجهودك أنا مش عايز أسمع منك حاجة.
نظرت له بصدمةٍ ودموعها تتدفق على خديها ببطءٍ ، أخذ مفاتيح السيارته عن الطاولة المجاورة وذهب نحو سيارته مهرولًا بغضب، شعرت باليأس من فشل محاولتها، ولكن لن تستلم،  نظرت له لتجده يبتعد، فركضت  نحوه تتوسله قائلة: 
_ آسر أرجوك اسمعني ، دقيقة بس نتكلم وبعدها امشي ، آســـــــــــــر! 
ندائها لم يبالي لها، صعد سيارته وشغّل محركها مغادرًا، وتلك المسكينة لاتزال تركض وراءه تطالبه بالوقوف ومازالت تركض من خلفه حتى تلاشى ضوء مصابيح السيارة التي ابتلعتها ظلمة الليل، ازدادت دموعها كثافةً، وكان آخر ما قالته، لتدخل بعدها في نحيبٍ مكتوم:
_آسر متسبينيش هنا أرجوك ، أنا خايفة. 
**********
 جلست ياسمين على فراشها تحتضن وسادةً صغيرة مطبوعٌ عليها صورتها مع خالد ، تنظر للفراغ أمامها، وذكرياتها التي تشمئز منها مع آدم تداهم عقلها، طرقات الباب تقطع شرودها لتلمح ندى تقترب منها بخطواتٍ هادئة، جلست أمامها على الفراش ونظرت لعينيها شبيهة عين حبيبها تحاول قراءة ما بداخلهما، ثم سألتها وهي ترد خصلةً أمامية من شعر ياسمين إلى الخلف: 
_ مالك يا ياسمين احكيلي؟
حركت رأسها نافيةً بعدم وجود شيء لكن عينيها كشفت ما تحاول إخفائه، فرددت باصرارٍ: 
_ لاء في ، احكي من غير كذب.
أخفضت رأسها بقلة حيلة، واستسلمت لتقص عما بها: 
_ندى أنا خايفة.
شعرت ندى بذهولٍ من اعترافها وحيرةٍ لسبب ذلك الخوف الذي بسط وساوسه عليها منذ فترة ليتبدل حالها بتلك السرعة، سألتها بتوجسٍ عن السبب، لتمنحها ياسمين الجواب ويدها ترتجفان :
_ندى أنا لما أكون موجودة مع خالد في مكان لوحدينا بحس أني مخنوقة واللي حصلي من آدم بيتكرر قدامي، ومش عارفة أعمل ايه ؟
احتضنتها ندى بقوة، تشعر حجم معاناتها وصداع تفكيرها بحادثٍ كاد يدمر حياتها، ثم قالت مؤازرة :
_  يا حبيبتي أنتِ اللي مكبرة الموضوع على الفاضي انسي.
ابتعدت  عنها تنظر إليها بعجزٍ ترجمته يداها الراجفتان و لسانها المضطرب :
_مش قادرة… بحاول …ومش عارفة...
احتضنتها مجددًا عساها تبث لها الثقة والطمأنينة:
_  خالد هيقدر الموقف اللي مريتي بيه أنا ممكن أتكلم معاه وآ...
_لا اوعي.
قاطعتها بانفعال وقد انكمشت تعابيرها بصورة مقبصة، مما أرضخها لرغبتها بعدم الحديث فقالت:
_خلاص يا ياسمين مش هتكلم…
_ هو ايه اللي مش عايزني أعرفه ؟
سأل خالد الذي تقدم بخطواته نحوهما مستفسرًا عن الأمر بعد سماعه جزءًا بسيطًا من حديثهما، لتنفي ياسمين الأمر بقولها متلعثمة:
_ هاه؟! لا مفيش...
_  لاء في يا خالد.
قاطعتها ندى وهي تنهض من مكانها تقف أمامه والاخرى تركض خلفها تشعر بالرعب والقلق والاستياء من فعلتها
نظر خالد لأخته مضيقًا عينيه يستشف جوابها، فمنحتها نظرة مطمئنة، قبل أن تعيد نظرها لأخيها وابتسمت قائلة :
_ حرمك المصون من فترة قرأت رواية رومانسية كانت نهايتها موت البطل والبطلة سوا وزعلانة عليهم، وكمان مستودع الشوكولا اللي مخبياه في الخزانة دي، خلص وخايفة تطلب منك ترفض وتقول هتتخني قبل الفرح.
ضحك خالد لطفولية تفكيرها، بينما زفرت الأخرى براحة لصدق وعد ندى في تكتمها على الأمر .
اقترب منها يجلس إلى جانبها وقال:
_ متخافيش عندي روايات أبطالهم حلوين هيعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات زينا، وبالنسبة للشوكولا ، الذخيرة عندي فُل يا زعيمة هبعتلك منها بعد شوية، المهم رضاك علينا يا جميل.
منحته ابتسامة رقيقة، فراقبتهما ندى وأردفت بمشاكسة:
_ يا سلام على محن البنات ما كنتي قالبة على جعفر العمدة من شوية! 
قذفتها ياسمين بالوسادة الصغيرة، قائلة بغيظ:
_برا.
ابتسمت ندى بسخرية وهي تحتضن الوسادة الصغيرة بين ذراعيها، جلست على الكرسي وتابعت حديثها تغيظهما:
_ أخرتها برا ؟ طب مش طالعة و أدي قعدة، وروني بقى هتعملوا أيه
هتفت جملتها الأخيرة وهي تداعب صورتهما على الوسادة ، فنهض خالد فجأةً يحملها بين ذراعيه بعد أن سحب الوسادة من يدها لتتلقفها ياسمين بضحك وخرج بها من غرفة ياسمين تحت صرخاتها المعترضة ورجائها المستمر بأن يتركها، أوشك إيصالها لغرفتها فلمح عصام ينظر لهما بدهشةٍ وسأل :
_إيه ده ؟ في إيه؟
_ عصام الحقني..
استنجدت به متصنعة البراءة، لينظر أخوها إليها بنظراتٍ ساخرة أدركت تمثيلها، بينما قال عصام بغضب:
_ نزلها.
أشار إليه بحاجبيه ، ثم قال بسخرية :
_ كويس أنك جيت استلم. 
افلتها تقف على الأرض تاركًا إياها،  في حين تعجب عصام من طريقته، وتساءل وهو يوزع نظراته بينهما بخوفٍ مصطنع:
_ عملتي ايه المرداي؟
 أجابته بإماءة وجهها الطفولية:
_ غلست عليهم.
اتسعت ابتسامة عصام لتتحول لضحكة صغيرة، ثم سألها مرة أخرى:
_ جامد ولا شوية؟
_ أنا طالعة من عندهم مطرودة ومحمولة على الاكتاف يعني جابوا اخرهم مني يا بوص!.
انفجر عصام ضاحكًا، لتبتسم وهي تراقبه بسعادةٍ، تلاشت حينما أشار لها بتوعد: 
_طب يلا على أوضتك بدل ما أنا اللي أغلس عليكِ.
**********
سار عصام تجاه غرفته، ليلمح آسر يتقدم هو الآخر بخطواتٍ مترنحة وملامح متجهمة للغاية، توقف عن طريقه وأوقفه قائلًا:
_ آسر، أخيرًا رجعت؟
أجابه بنبرةٍ قاتمة وهو يشيح النظر عنه:
_آه رجعت ، عن إذنك هروح أنام مصدع جدًا.
كاد أن يتابع سيره، لكن أوقفه عصام مجددًا بسؤاله:
_ أومال سها فين؟!
_زمانها ورايا. 
أجابه ببرودٍ أدهش عصام ليقبض على ذراعه بقوةٍ وتابع أسئلته:
– وراك فين؟!
رد عليه بتأففٍ من كثرةٍ الاسئلة 
_كانت معايا في البستان أكيد جاية ورايا .
رفع حاجبيه بتعجب: 
_ هتيجي في أيه ؟
نظر آسر إليه بغرابةٍ وأجابه:
_في ايه إزاي ؟ زي ما جت هترجع بعربيتها. 
دفعه عصام بقوة وزمجر بغضب :
_  أنا اللي وصلتها هناك بعربيتي،، إزاي تسيبها هناك لوحدها بالوقت ده ؟
تصنّم آسر لما سمعه من أخيه عنها ، هل جاءت دون سيارتها ؟ هل تركها مفردها في مكان رغم بهجته نهارًا إلا أنه مرعبٌ في الليل؟ هل تأخر الوقت كثيرًا؟
فرك وجهه بغضبٍ شديدٍ من نفسه وقال بضيق:
_ معرفش إنها جاية معاك! 
وركض بسرعةٍ نحو سيارته مجددًا، ليعود إليها ويبدد خوفها أمنًا، ليستسمحها هو عن خطأه تلك  المرة ، بعد أن كان صاحب حق أسقط حقه ليكون مذنبًا.
*************
جلست سها بالجوار، تضم قدميها لصدرها، تشعر بالرعب من وجودها بمفردها بهذا المكان، يزحف الظلام للمكان ببطء ويزداد رعبها تدريجيًا، تسربت الدموع من عينيها وأجهشت بالبكاء، تشعر بالخوف ينخر عظامها كالوحش القاتل، ازدادت رجفة جسدها مع سوء الجو، فضرب السماء رعدًا قويًا جعلها تنتفض من محلها فزعًا،واتبعه أمطارًا غزيرة انكمشت على نفسها أكثر ودعت أن يعود إليها سريعًا، قاد سيارته بسرعة جنونية، ويده  ترطم عجلة القيادة متمتمًا بحدة: 
_  ازاي اسبها لوحدها ومسألهاش جيت هناك أزاي!!
ما أن استمع لصوت الرعد حتى اتسعت عينيه بذعرٍ عليها، وباتت صورتها باهتة بمخيلاته التي فاقت الحد. 
********
_ أهو مشيتها عشان نقعد برحتنا 
ردد بها خالد الذي جلس على مقعد بالقرب منها ، فانتفضت مرددة بتوترٍ:
_نقعد فين أنا هنام  تصبح على خير. 
أوقفها بصوته هادئ:
_ بتهربي مني ليه يا ياسمين!
تغللها الارتباك، وتمتمت بتلعثم :
_ و أنا ههرب منك ليه يعني!!
تنهد بحزنٍ، وتقدم حتى وقف قبالتها مباشرةً، يردد بحنوٍ:
_ياسمين أنا عارف أنك بتحاولي تكوني قوية بس مش عارفة متخافيش ياحبيبتي أنا عارف اللي أنتِ مريتي بيه وعارف قد إيه صعب، أنا بحبك  وهستناكي العمر كله لأنك عمري و أنا مقدرش أشوفك خايفة ومرعوبة كده أنا بعدت زمان عشان شوفتك خايفة مني ومستعد أبعد تاني..
قاطعته متمتمة سريعًا دون وعي:
_ لاء، مفيش بعد تاني.
ابتسم خالد لتشبثها  به لأخر لحظة رغم خوفها، فهمس لها:
_ بحبك.
ابتسمت بخجلٍ، وهي تجاهد ليسمع صوتها المنخفض: 
_ و أنا كمان بحبك. 
احتضنت ندى خالد من الخلف ورددت بمرحٍ:
_ وأنا كمان بحبكم أووي.
فزع كلاهما وتجمدوا محلهما، فصاح خالد بغيظٍ وهو يجذبها من تلباب بيجامتها المنزلية:
_ أنتِ ايه اللي جابك هنا تاني!!
تململت بين ذراعيه وهي تصيح ببرودٍ:
_ هي كانت أوضتك ولا أوضتك دي أوضة سو.
علق خالد بتهكمٍ:
_  أوضة مين يا ختي!!
اجابته ببسمةٍ باردة:
_ سو.
جذبها بالقوة تجاه الباب وهو يصيح بها :
_ أنا مش قولتلك إرجعي أوضتك ونامي زي الشاطرة.
دفعت يده ثم عادت للفراش مجددًا تردد بمرحٍ: 
_ ما أنا هنام بردو زي الشاطرة بس هنا.
مسح خالد على وجه بنفذ صبر، يغمغم بحنقٍ :
_لا  أنتِ زودتيها أوي.
أجابته ساخرة : 
_ هي جيت عليا ما أنت مزودها وعايش على الآخر.
زمجر خالد بغيظٍ وردد بحنقٍ:
_ يابت  أتلمي بدل ما أضربك أنتِ صاحية من الغيبوبة تفوقي علينا.
اجابته ندى ببرودٍ:
_حاجة زي كده.
_ أنا جبت أخري أتقي شري 
قالها خالد بتوعدٍ،  لتشيح ندى بيده قائلة بسخطٍ:
_  يا شيخ روح بلى شر بلى خير وأنت عامل شبه اسماعيل ياسين في المطافي كده.
امسكها خالد تلك المرة بقوة، يردد بتوعدٍ أرعبها :
_طب تعالي بقى.
حاولت ياسمين التدخل ولكن لم تستطع أن  تكتم ضحكتها لتنفلت منها مرددة  :
_ خلاص يا خالد دي بتهزر معاك. 
حدجها بنظرةٍ مغتاظة،  يردف بغضبٍ :
_إقعدي على جنب دلوقتي.
دفعت ندى يده وركضت سريعًا قبل أن  يمسك بها، فتوعد لها وركض خلفها دون أن يحيل عنها. 
************
صف سيارته باهمال ثم ركض الى داخل البستان يردد بصراخٍ:
_ سها... سها..سـ...
أُلجم لسانهما أن رأها تجلس تضم قدميها إليها، وترتجف أسفل وابل الامطار المحاط بها، دموعها تنساب على وجنتيها بخوفٍ،  ركض نحوها يردف بندمٍ ظاهر: 
_ سها حبيبتي أنا آسف والله ما  أعرف أنك جاية من غير عريبة.
ابتسمت بتعبٍ، وتمتمت بصوتٍ واهن وهي تحارب تلك الدوامة السوداء:
_ كنت واثقة أنك هترجعلي تاني.
وسقطت مغشي عليها بين يديه، انقبض قلبه فزعًا فلطم وجهها برفقٍ: 
_سها حبيبتي ردي عليا..
تفحص حرارة جسدها فتفاجئ بارتفاعها، حملها سريعًا إلى سيارته وداثرها بسترته علها تدفئها، ثم انطلق عائدًا إلى القصر.
*******
اندفع خالد إلى الغرفة يقتحمها بقوةٍ، ليفزع عصام من اقتحامه الغريب مرددًا: 
_خضتني يا أخي.
سأله خالد دون أن يعير حديثه اهتمام:
_مشفتش ندى.
جفف شعره بعدما أخذ حمامًا دافئًا يجيبه بهدوءٍ:
_ لاء ليه!!
صك خالد على أسنانه بغيظٍ :
_ لما هشوفها والله لأوريها هتروح فين يعني هنزل أشوفها تحت بقيت رزلة أووي البت دي واضح من كتر قعدتها مع الزفت آسر أتعدت منه! 
وأغلق الباب بقوةٍ ثم هبط يبحث عنها،  في حين ألتقط عصام قميصه يرتديه سريعًا مرددًا بهدوءٍ:
_ إطلعي يا ندى أنا عارف أنك جوه. 
فتحت باب خزانة الملابس ثم  خرجت لا تعلم كيف علم باختباءها هنا، لتردف بذهولٍ :
_عرفت أزاي أنت كنت بتاخذ شور و أنا أتسحبت بهدوء معملتش صوت. 
منحها نظرة عاشقة، وبصوته الرخيم قال:
_ مش محتاجة تعملي صوت عشان أحس بيكي كفاية قلبي.
علقت ندى بتعجبٍ:
_يعني ايه 
استدار ينظر لها بهدوءٍ ثم قال بحبٍ:
_يعني بحس بوجودك من غير ما تتكلمي! 
علت الدهشة ملامحها لتردف بذهولٍ  :
 _ لدرجة دي!! 
اجابها ببسمة جذابةٍ تحمل بطياتها الحب: 
 _ و أكتر من كده أنتِ متتصوريش أنتِ ايه بالنسبالي يا ندى!
ابتسمت بخجلٍ وقالت بمحاولةٍ للهرب من نظراته:
_  عايزة أكل  شكولاتة وخايفة اطلبها من الخدم خالد يعرف مكاني ممكن تجبهالي وأنا هستخبى هنا لحد ما تجبها. 
نظراتها البريئة وطلبها الخبيث أرغمه على الرضوخ إليها، فردد بيأسٍ: 
_ حاضر. 
**********
وصل آسر لفندق قريب، تراجل من سيارته ثم دلف للفندق ليحجز غرفة وما أن انتهى من الاجراءات اللازمة حتى حمل سها وصعد بها للغرفة يضعها على الفراش، حاول ايفاقتها متمتمًا بخوفٍ:
_سها حبيبتي فوقي.
حاولت فتح عينيها بصعوبةٍ ولكن فشلت محاولتها، ليردد آسر برجاء:
_ عشان خاطري  فوقي يا حبيبتي أنا آسف.
حاولت الحديث لتهمس بصوتٍ متألم:
_آآه.
نظر لملابسها المبتلة ثم قال لها:
_سها لازم تغيري هدومك والا هتتعبي أكتر من كده لازم  تساعديني 
ما هي إلا دقائق حتى سمع طرقات على الباب ذهب للباب سريعًا وحمل الملابس عن الفتاة التي احضرتها له، دلف بها مجددًا ووضعها جوارها وردد بحنوٍ:
 _ سها الهدوم أهي فوقي،  أنا طلبتلك دكتور وزمانه على وصول غيري هدومك عشان  متتعبيش أكتر 
همست بصوتٍ متعب :
_مش قادرة!!
شعر آسر بتأزم الموقف، ليردد برجاءٍ:
_لا حاولي  عشان خاطري... أنا هخرج لحد ما تغيري.
خرج من الغرفة، تركها حتى تغير ثيابها، في حين نهضت سها بصعوبة كي تبدل ملابسها وبصعوبة نجحت بذلك.
*********** 
لم تستطيع النوم بعد محاولاتها العديدة،  فقررت أن  تسير بالحديقة لعلها تنعش رئتيها ببعض الهواء النقي،  جلست على الأرجوحة تلامس الزهور الموجودة جوارها، رآها خالد فتقدم منها متسائلًا بذهول: 
_ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ياحبيبتي؟ 
استدارت برأسها إليه، وقالت :
_مش جايلي نوم قولت أنزل أتمشى شوية. 
حرك رأسه متفهمًا ثم قال ببسمةٍ :
_ ممكن أتمشى معاكي؟!  
وضعت سبابتها أسفل ذقنها بتفكير،  ثم قالت ياسمين بحماسٍ:
_ هو ممكن بس بشرط.
قطب جبينه بدهشة، يردد بصدمةٍ:
_كمان في شرط!!
ضحكت  على طريقته، لتجيب بخفوتٍ:
 _ آيوه. 
تنهد قليلًا ثم قال باستسلام :
_ وايه هو؟!
تمتمت بخفوتٍ:
_ ترد على كل الأسئلة اللي هقولك عليها. 
 جلس جوارها على الأرجوحة،  يردد بجدية:
_ ياسمين أنتِ مش محتاجة شروط عشان تسأليني أنتِ تسألي اللي أنتِ عايزاه على طول. 
_ أنت بتحبني ليه يا خالد! 
سؤال ألقته تنتظر اجابته،  في حين  تعجب خالد من سؤالها ليجيب بعدم فهم:
_مش فاهم.
اوضحت مقصدها وهي تتفوه بهدوءٍ :
_  يعني أنت حبيتني عشان على طول شايفني  قدامك فده تعود ولا لاء!!
رفع خالد حاجبه باستنكار، ليردف بتهكمٍ:
_ والله بجد طب ما حبتش سها ليه ما هي كانت قدامي بردو!
رددت بهدوءٍ:
_عادي.
_ياسمين بطلي هبل 
قالها بغيظٍ من تفكيرها،  في حين عبست ملامحها ورددت بغيظٍ :
_شوفت بقى عشان كده مكنتش عايزه أسالك.
تنهد من طريقتها، ليردف بحنوٍ:
_خلاص متزعليش  .
مطت شفتيها بحزنٍ، تردد بضيق :
_ لا  أنا زعلانة. 
نهض خالد يردف بهدوءٍ:
_طب خلاص  هجاوبك على اللي أنتِ عايزاه  رغم أني جاوبتك كتير...تعالي معايا.
تعجبت من طلبه، فتساءلت بتعجبٍ :
_ على فين؟!
_ تعالي بس 
قالها وهو يسير نحو غرفته، شعرت ياسمين بخوفٍ شديد وهي تتبعه، فسألته برعبٍ ظاهر بنبرتها:
_ أنت جايبني هنا ليه ياخالد!!
لمس رعبها الذي تحاول إخفاءه، فأشار لها على مقعد بالقرب من الباب :
_ إقعدي يا ياسمين.
واتجه لخزانته ثم عاد يحمل صندوقًا خشبيًا، وقدمه لها، واردف بحبٍ:
_إتفضلي 
تفحصت ما بيدها وتساءلت بدهشةٍ :
_إيه ده؟!   
أشار  على الصندوق، يجيبها بهدوءٍ:
_إجابة سؤالك. 
علقت بتعجبٍ يزداد:
_بس ده صندوق!!
حرك رأسه في ايجابية،  يردف بهدوءٍ:
_إفتحي وأنتِ تعرفي.
فتحت ياسمين الصندوق فوجدت به دمية صغيرة  شعرت وكأنها رأتها من قبل، لتردف في محاولة التذكر:
_أنا حاسة أني شوفت العروسة دي قبل كده بس مش فاكرة فين!!
اجابها خالد بحبٍ لتلك الذكرى :
_أكيد لازم تحسي كده لأنها بتاعتك. 
دُهشت معالم وجهها،  تتساءل بذهولٍ  :
_بتاعتي أنا؟!
حرك رأسه بايجابية،  يردف بهدوءٍ:
_أيوه بتاعتك كنتٍ  بتحبي تلعبي بيها أوي ولما ضاعت منك  بكيتي عليها كثير  رغم أن عندك بدلها كثير بس كنتِ بتحبيها وأنا لقيتها و أديتهلك.
قطبت جبينها بدهشة، تشير نحو الصندوق متمتمة:
_ أمال هي بتعمل ايه عندك؟!
ابتسم خالد بحنوٍ، يجيبها بحبٍ:
_ كان آسر بيحب يضيقك كان بيخدها يخبيها منك و أنتِ جيتلي وطلبتي مني أحتفظ بيها لحد ما تطلبيها مني تاني.. بس أنتِ نسيتها. 
علقت ياسمين بذهولٍ تملكها :
_ يعني أنت فضلت محتفظ بيها السنين دي كلها ده أنا نسيتها!!
اجابها خالد بصوتٍ عاشق:
_ بس  أنا عمري ما نسيتها ولا أنسى أي حاجة أنتِ طلبتيها أو قولتيها ليا عشان بحبك يا ياسمين.
خجلت من حديثه ونظراته العاشقة، فتهربت منه وعادت لتتفحص محتوياتللصندوق مجددًا فوجدت به كشكول، لتسأل مجددًا  بعدما قرأت اسمها:
_ ده  كشكولي  أنا فاكراه كويس  لما كنت في الإعدادي  وجبت درجة وحشة لأني كنت تعبانة ومش مذاكرة  وآسر  كان بيدور عليه عشان يقول لماما  و أنا كنت بعيط وخايفة لتزعل  مني بس آسر مش لقاه ولاحتى أنا لقيته، معاك إزاي؟!! 
اجابها خالد ضاحكًا:
_ أنا كنت ساعتها في تالته ثانوي أنا وعصام  وكان عندنا مباراة في المدرسة وكنت راجع تعبان وطالع أوضتي سمعتك و أنتِ بتتكلمي مع ندى على الكشكول ده و أن آسر هياخده فأخدته وخبيته عندي.
_ ليه؟!!
قالتها بدهشةٍ،  ليجيبها بحبٍ :
_لأني مش بحب أشوفك حزينة!!
اشارت ياسمين على محتويات هذا الصندوق متمتمة بحالة ذهول:
_وايه كل ده؟!!
_دي حاجات خاصة بيكِ الوردة دي أنتِ أديتهالي من أول ما أتعلمتي تزرعي ورد أنا كنت أول واحد تديله منه وآ
قطع حديثه ما أن رأى نظراتها الغريبة،  ليردف بدهشةٍ:
_بتبصلي كده ليه؟! 
أجابته ياسمين بأعين لامعة من دموعٍ تلألأت بها:
 _  أنت لسه  محتفظ بكل الحاجات دي!! 
ابتسم لها، ثم قال بحنانٍ:
_وهفضل محتفظ بيها لأنك روحي يا ياسمين انا بحبك مش حب تعود  أنا عديت مرحلة حبك دي من سنين وأخيرًا حلمي أتحقق وبقيتي ليا وبكره هتكوني ملكي.
واستطرد بعشقٍ:
_ ها عرفتي إجابة سؤالك ولا لسه!!
_عرفتها.. أنا هرجع أوضتي.
قالتها وهي تشعر بخجلٍ شديد،  ليردف خالد بعدما رأى تورد وجنتيها: 
_ بعشق شكلك و أنتِ فروالة كده!
***************
ظل آسر بالخارج ينتظر انتهاء سها، دق هاتفه فما كان سوى عصام الذي تمتم:
_ايه يا بني كل ده عشان ترد؟!
أجابه آسر بهدوءٍ :
_مسمعتش الفون إلا دلوقتي.
_ سها عاملة ايه دلوقتي!
سأله بهدوءٍ بعدما علم ما حدث،  ليجيبه آسر باختناق:
_ أنا طلبتلها الدكتور وزمانه على وصول. 
قال بغيظٍ:
_ إن شاء الله خير أنا من ساعة ما كلمتك أول مرة وعرفت اللي حصلها وأنا مخنوق منك ونفسي أخنقك عشان أخلص منك 
_ليه بس كده
قالها بتعبٍ،  ليجيبه عصام بغيظٍ:
_عشان غبي هتكون وصلت هناك أزاي يعني هو حد يعرف المكان ده غيرنا؟! 
اجابه آسر بوهنٍ:
_مجاش في دماغي خالص.
علق عصام بتهكم :
_هو  أنت عندك دماغ  أصلا يالا حسابك معايا بعدين  أنا هقفل دلوقتي  عشان سايق.
قطب آسر جبينه بدهشة، يتساءل بحيرةٍ :
_هو  أنت بره القصر؟!
_أيوه بس راجع أهو سلام.
قالها وهو يغلق معه.
***********
ظل عصام  يقود السيارة فشعر بشيءٍ غريب، سيارة سوداء تتابعه منذ خروجه من القصر، وتحاول اعتراض طريقه!!!
 **********
دوار حاد أصاب رأسها،  تنظر حولها بتعبٍ شديد،  حاولت مقاومة تلك الهالة السوداء من أن تلتهمها ولكنها فشلت؛ لتلطم بالأرض بقوةٍ. 
استمع آسر صوت عالي يخرج من الغرفة فأسر بالدلوف للداخل فوجد سها ملقاة على الأرض،  هرول لها سريعًا يحملها ووضعها بالفراش، هامسًا بقلقٍ:
_ أنتِ كويسة سها؟!
لم يجد استجابة، فأمسك الهاتف بغضبٍ يحدث موظف الاستقبال ليردد بحنقٍٍ:
_ أنا مش طلبت دكتور هو فين كل ده!!
اجابه موظف الإستقبال بهدوءٍ :
_ الدكتور طلع لحضرتك يافندم. 
استمع آسر لصوت دقات على الباب،  ليضع السماعة ثم انطلق سريعًا إلى  الباب يفتحه،  يشير للطبيب على سها ليباشر عمله،  وبالفعل فحصها الطبيب وما أن  انتهى حتى ردد بعمليةٍ: 
_ درجة حرارتها عالية وهتحتاج المحلول ده فورًا.  
*************
نجحت السيارة في كسر الطريق على عصام، وهبط منها خمسة رجال ذو بنية ضخمة يرعبوا من يراهم، راقبهم بشكٍ تحول إلى يقين ما أن رأى مايا اوروا تهبط من السيارة خلفهم، هبط عصام من سيارته يقف أمامها ببرودٍ تام يردد بسخطٍ:
 _  أنتِ؟! 
اجابته مايا بكبرياءٍ:
_ هل كنت تظن أنك ستنجو بعد أن تجرأت على إهانتي،  سأقدمك لرجالي لينالوا منك!!
ضحك بشدة،  وأردف بتهكمٍ:
_هل يمكنني طلب أمرًا أخيرًا قبل ذلك؟ 
اشارت له بأن يتكلم مرددة ببسمةٍ تحمل الانتقام:
_ماذا تريد!
اجابها بمكرٍ :
_ سيارة إسعاف!
ضحكت مايا بصوتٍ صخب، تردد بعدها بتهكم:
_ أريد قتلك وليس معالجتك!
حرك عصام رأسه، يستعد للقتال متمتمًا:
_أعلم ذلك ولكن هذه السيارة ليست لي أنا..
رفعت حاجبها بدهشةٍ مصطنعة، ثم قالت:
_حقا و لمن؟!
ابتسامة ماكرة علت ثغره وهو يردد بفحيح مخيف:
_ لهؤلاء الرجال،  أخشى أن يفارقوا الحياة قبل وصول السيارة! 
ارتسم الغضب بقوة على ملامحها لتنظر إلى  الخمسة رجال خاصتها تردد بصرخٍ :
_ تخلصوا منه في الحال.
***********
أنهى الطبيب عمله مشيرًا له: 
_ أنا ركبتلها المحلول عشان الحرارة تنزل و أعملها كمان كمادات و إذا منزلتش كلمني فورًا ده الكارت بتاعي.
حرك آسر بايجابية مرددًا بتعبٍ:
  _ شكرا ليك.
ابتسم الطبيب مجاملة، ثم تحرك نحو الخارج يغادر الغرفة، في حين احضر آسر الكمادات كي يخفض حرارة سها التي ارتفعت بهذا الشكل المخيف.
مر وقت حتى شعر آسر بانخفاض درجة حرارتها، وأنها على وشك استعددت وعيها.
****************
هجم عصام عليهم مستخدمًا مهارته العالية بالقتال، يستهدف أماكن الجسد الأكثر،حساسية ليسقط بهم أرضًا فاقدين الوعي،  فزعت مايا مما رأته ووقفت تتطلع لرجالها الذين يتساقطون أمام  عينيها واحدًا تلو الأخر، لا تعلم أنها حررت الوحش عن مخضعه الآن!

تعليقات



×