رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل السادس والعشرون 26 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل السادس والعشرون


‏يوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي..
وهي لوثة الكراهية والتعصب… 

أغلق الباب خلفهم سريعًا وجُلنار تضحك بـ قوة بينما صُهيب يتكئ بـ ظهرهِ إلى الباب يتنهد بـ راحة لتقترب هي منه ثم أردفت بـ شقاوة 

-تعبت على ما وصلت للمرحلة دي مش كدا!... 

إعتدل من إتكاءه ثم نظر إليها بـ عيني داكنتين لم يُحاول إخفاء العواصف الهائجة بهما ثم أردف بـ مُزاح

-لثانية حسيت إني هموت قبل أما أمسك إيدك بس.. البركة فـ حماتي… 

ضحكت جُلنار بـ صخب ليبتلع صُهيب ريقه بـ صعوبةٍ بالغة.. مدّ يده إليها لتُمسكها فـ جذبها إليه بـ بُطء وكأنه يتلذذ بـ كُل ثانية يقضيها معها.. يُمتع عيناه بـ مرآها أمامه

إنحصرت ضحكات جُلنار وظلت أمامه تتأمله بـ حلتهِ السوداء.. جذاب كما إعتادت أن تراه.. إبتسمت هي بـ عذوبة مُهلكة لقلبهِ ثم أردفت بـ مرح

-أوعى تحبها أكتر مني… 

ضحك صُهيب بـ قوة ليجذبها إليه أكثر حتى باتت مُلتصقة به ثم حاوط خصرها بـ ذراعيهِ وهمس مُداعبًا أنفها بـ أنفهِ

-هو محدش قالك إن زهرة الرُمان مُحتلَة قلبي ولا إيه؟… 

إبتسمت بـ عذوبة ثم رفعت يدها تتلاعب بـ طرف قميصه وأردفت مُتظاهرة بـ الدهشة

-لسه عارفة حالًا… 

إبتسم صُهيب بـ دفء ليُبعد كف عن خصرها وأخرج من جيب سُترته عُلبة زرقاء صغيرة رفعها أمام وجهها وأردف بـ صوتٍ أجش، مشحون بـ مشاعرهِ تجاهها

-المفروض الهدية دي تكون ليكِ يوم ما إتخطفتي.. بس بما إننا وصلنا لهنا فـ حبيت تكون هديتِ ليكِ… 

وأمام عينيها المبهورتين فتح العُلبة لتشهق بـ صدمة وهي تجد سوار من الذهب الخالص مُطعم بـ فصوص ماسية خطت حروف معنى اسمها "زهرة الرُمان".. ويتدلى منها عند القفل شكل الزهرة بتلاتها مُمتزجة بـ الفصوص الماسية والذهب

وضع يديها على شفتيها من هول الصدمة و السعادة.. ليبتسم صُهيب بـ إتساع ليجذب يدها و يُقبّل باطنها ثم وضع السوار حول معصمها الرقيق.. رفعته جُلنار إلى مستوى عيناها لتُحدق به بـ إنبهار طفولي رائع بـ عينين توهجت بـ حجري الفيروز المُميز لعيناها الفريدتين

لم تكن جُلنار عاطفية إلى ذلك الحد ولكن إهتمام صُهيب لصياغة تلك القطعة لها يدل مدى مكانتها لديه والتي لن تشك بها مهما حيّت

كاد صُهيب أن يُكمل حديثه إلا أنها فجأءة جذبته من تلابيبهِ و قَبّلته بـ عُمق جرئ أصابه هو شخصيًا بـ الحرج.. ولكن مع تلك الشقية لا شئ لا يمكن توقعه.. إنها و بـ بساطة جُلنار الصياد! 

حاوط خصرها بـ يد تعبث به بـ تملك يُثبت أنها زوجته.. والأُخرى حول عُنقها يُقرب شفتيها أكثر إلى خاصتهِ التي تتحرك جيئة وذهاب على شفتيها المُنتفختين بـ إثارة.. كان عَطِش والآن ها هو يرتوي من بئر عذب

أمسكت جُلنار كفه التي على خصرها دون أن تقطع القُبلة على الرغم من ذهاب أنفاسها.. ثم شابكت أصابعه بـ خاصتها تقبض عليها بـ قوة فـ يُبادلها هو بـ أُخرى.. ليضمها إليه أكثر وأكثر حتى باتت ضلع إضافي طُبِعَ لحماية قلبه

وحينما إنقطعت الأنفاس حتى ذهبت الأرواح إبتعد عن وجهها دون أن يبتعد عن جسدها ليُحاوط وجنتيها بـ يديهِ ثم وضع جبينه فوق جبينها وهمس بـ صوتٍ أجش وأنفاس مُتقطعة

-هتموتني فـ يوم من شغفك دا… 

وكانت العبارة الأخيرة قبل أن تقترب منه مُجددًا لتُكمل ما بدأته.. إبتسم هو ضد شفتيها وبادلها ماذا يجب أن يفعل وسيدة تعرض عليه قُبلة؟.. و بـ داخلهِ يهمس 

 "تلك الوقحة!!" 

**************************************

حدقت به بـ ذهول و صدمة تكاد تسحق عظامها الذئبة بـ الفعل.. تمسكت بـ طرف ثوبها الذهبي و وجهها الشاحب يُطالع شهاب الجالس بـ روعنة فوق المقعد يضع ساق فوق أُختها وينظر إليها بـ شيطانية مُنتصرة

تراجعت خطوة إلى الخلف وهمست بـ صوتٍ هارب منها 

-أنت كويس!... 

أجفلت بـ رُعب لصوت ضحكاته المُخيفة قبل أن يقول بـ إستهجان قاسي 

-الغباء صفة مش مُتأصلة فـ عيلة الصياد.. بس أنتِ أثبتِ العكس يا چيلان… 

إبتلعت ريقها الجاف وتجاهلت إهتزاز حدقتيها اللتين تشهدان على دوارها الساحق ثم تساءلت 

-عملت كدا ليه! 
-تجاهل سؤالها وأردف:وقعتي فـ فخ ساذج إتهرس قبل كدا فـ الروايات بس شكلك مبتقرأيش عشان تتعظي
-عاودت سؤاله بـ خوفٍ واضح:أنت عاوز إيه! 
-هعوز إيه مثلًا يا قلبي.. غزال وقع فـ عرفيني أسيبه من غير أما أدوق لحمه… 

شعرت حرفيًا بـ أن روحها تُغادرها وتصلبت الدماء بـ شرايينها ولكن قوة إرادتها للهرب جعلتها تستدير بـ إتجاه الباب تُحاول فتحه والطرق عليه صارخة بـ إستنجاد علَ صوتها يصل إلى أحدهم 

-حد يلحقني.. ساعدوني… 

إنطلقت منها صرخة مدوية حينما شعرت بـ جسدهِ الصلب يضغط على جسدها لتستدير إليه في مُحاولة يائسة لإبعادهِ ولكن لا شئ.. لم يتحرك قيد إنملة.. ضحك شهاب بـ جذل وأردف بـ فحيح

-محدش هيسمعك.. عاوزك تُصرخي.. عاوز صُراخك يرضيني
-أنت واحد سافل وحقير.. بابي كان عنده حق
-ومن إمتى جاسر الصياد معندوش حق؟… 

ضربت صدره بـ قوة عله يبتعد إلا أنها كانت تُزيده إصرارًا ليقترب منها بـ قوة حتى شل حركتها كُليًا.. جسدها وساقيها اللتين كانتا تُحاولان ركله.. إقترب من أُذنها بـ شفتيهِ وهمس بـ مكر

-وأخيراً هدوق الجمال الصيادي… 

صرخت چيلان بـ فزع حقيقي حتى شعرت بـ أنفاسها تُزهق وهي تستشعر شفتيه تنهشان عُنقها الغض بـ أسنانهِ.. أمسكت خُصلاتهِ وحاولت إبعاده صارخة بـ توسل

-إبعد عني.. إبعد عني يا شهاب.. أنا چيلان حبيبتك
-همس بـ فحيح شيطاني:بس أنا مبحبكيش… 

إتسعت عيناها من هول الصدمة وتركت يداها خُصلاتهِ لتتهدل جوارها ليضحك هو بـ قسوة ثم همس وهو يتحسس خُصلاتهِا الناعمة

-شوفتي القُط لما يوقع الفار فـ المصيدة وبعدين يتلذذ بـ تعذيبه!..دا اللي هدوقيه دلوقتي… 

ومسك مُقدمة ثوبها ليشقها فـ صرخت مرةً أُخرى واضعة يدها حول جسدها الذي كُشف لعينيهِ اللتين تنهشان بشرتها فـ تشعر أنها تحرقها.. إلا أنها مدت يدها لتُمسك ذلك المُصباح ثم و بـ قوتها ضربت رأسه بها فـ إبتعد عنها سامحًا لها بـ الهرب من بين يديهِ بـ إرادتهِ 

هربت هي إلى مُنتصف الصالة الواسعة ولم تعرف إلى أين تذهب.. نظرت إلى الأبواب لتُحاول الهرب إلى إحداهم إلا أنها لم تستطع لتخرج منها صرخة مدوية حينما شعرت بـ يدهِ تُحاوط صدرها والأُخرى حول خصرها رافعًا إياها عن الأرض ثم همس وهو يتجه بها إلى الباب الذي حاولت الهرب إليه بـ بُطء وتلذذ مريض

-متستعجليش… 

صرخت چيلان بـ قوة أعلى تدعو أن يُنقذها أحدًا وكأنها غريق يتعلق بـ قشة ليس لها أساس.. توجه بها شهاب إلى الغُرفة.. كانت بيضاء تحتوي على فراش واسع بـ أربعة أعمدة نُحاسية.. ليُلقيها فوقه بـ قوة

تأوهت چيلان وحاولت الهرب من الجهة المُقابلة ولكنه أمسك ساقها وجذبها إليه.. قاومته بـ كل قوتها الخائرة ولكن كان إصرارها على النجاة أقوى.. تملك شهاب الغضب ليقوم بـ صفعها عدة مرات بـ قوة كادت أن تُحطم عظام فكها حتى ترنحت وتشوشت رؤيتها لما حولها 

إستغل كون الدوار أصابها ليقوم بـ تقيد ساقيها و ذراعيها بـ قوائم الفراش.. ثم نهض يلهث وهو يُحدق بـ تلويها الذي يجعلها أكثر إشتهاءًا لعينيهِ و بـ بُطء قاتل بدا يحل أزار قميصه حتى نزعه بينما هي تصرخ بـ قوة و دموع القهر تهطل بـ غزارة.. تُحاول الفرار.. أعينها مُتسعة و بشرتها شاحبة كـ شحوب الموتى بل وأكثر.. وهو يتلذذ بـ ذلك و بـ قوة 

إقترب منها بعدما أصبح عاري الصدر يتلمس بشرتها الظاهرة أمامه لتصرخ هي بـ نفور.. مُبعدة جسدها عنه

-إبعد إيدك عني يا قذر… 

وضع إصبعه على شفتيها يمنعها من الحديث قبل أن يردف وهو يميل بـ رأسهِ إليها

-تؤتؤتؤ.. بلاش طولة لسان عشان أنتِ تحت رحمتي دلوقتي… 

وما كان جوابها إلا أنها بصقت على وجههِ فـ إستشاط غاضبًا ليقوم بـ صفعها مرةً أُخرى وكانت هذه البداية أو النهاية هي لا تعلم فـ كُل ما سمعته قبل ذلك الطنين الذي أصاب أُذنيها هو صوت شق ما تبقى من ثيابها.. وشفتيه التي تنتهك عُذرية جسدها 

حانت النهاية

***************************************

-أنا فـ طريقي للمنيا أهو… 

أردف بها يزن وهو ينظر إلى الطريق أمامه بينما رمزي يهتف من الجهة الأُخرى بـ حنق

-إتسرعت ليه يا يزن؟.. كان لازم ندور على شهاب الأول
-ليُجيب يزن بـ هدوء:ندور على مين يا رمزي!.. دا إختفى من قُدام عنينا.. عاوز أعرف بس مين اللي بساعده… 

وصله زفير مشحون و بعدها صمت حتى تساءل رمزي بـ صوتٍ مُتردد

-طب وأنت هتقول إيه لجاسر الصياد! 
-تنهد يزن وقال بـ قلة حيلة:هقوله إيه!.. هقوله كل حاجة طبعًا معنديش حل تاني
-حتى الحقيقة اللي عرفتها؟!... 

تشنجت عضلات جسده حتى تصلبت بينما عيناه تقسوان بـ نظرات داكنة.. حتى الآن لم يستطع يزن تقبل فكرة أنه شقيق شهاب.. ذلك الذي حاول قتله بل والتخطيط لإرتكاب ما هو أفظع.. وعلى الرغم من الثورات المُشتعلة داخله إلا أن لا شئ ظهر على صوتهِ الذي خرج بعد تنهيدة طويلة

-كل حاجة… 

ساد الصمت من جهة صديقه ليبتسم يزن بـ سُخرية قبل أن يقول بـ تهكم 

-إقفل وأنا هكلمك… 

أغلق يزن الهاتف ثم ألقاه بـ غيظ جواره ثم ضرب على المقوّد عدة مرات.. ليتنفس هو بـ لُهاث.. ليتكئ إلى النافذة وشفتيه تشتد حتى أصبحت كـ خط مُستقيم تدل على مدى غضبه و البراكين الثائر التي لا تخمد داخله 

نظر جواره إلى النافذة ليجد كاريمان تقود سيارتها هائدة بـ إتجاه القاهرة.. إنتفض بـ جلستهِ.. ليوقف السيارة فجأة لتُصدر صوت إحتكاك قوي.. قبل أن يُعيد تشغيل المُحرك و إنتقل إلى الطريق الآخر مُستغل إنخفاض الخط الفاصل بين الطريقين ليلحق بـ سيارتها 

ضرب يزن بوق سيارته لتتوقف ولكنها زادت سُرعتها.. ليُطلق سبة ثم زاد هو من سُرعة سيارته وحدثه يُنبئه أن هُناك شيئًا سيئًا حدث

تخطى سيارتها بـ عدة مترات ثم توقف بـ عرض الطريق يمنعها من المرور.. لتتوقف هي بـ سيارتها بـ صعوبة بالغة حتى إصطدمت بـ سيارته 

ترجل يزن سريعًا من سيارتهِ و توجه إلى خاصتها وقبل أن تهرب كان قد أمسكها من خُصلاتهِا لتصرخ بـ ألم لقوة قبضته التي كادت أن تفصلها عن جمجمتها.. و بـ صوتٍ جهوري غاضب أردف

-شهاب فين! 
-صرخت وهي تحاول التملص منه:معرفش… 

لم يرضَ بـ إجابتها ليقوم بـ صفعها بـ ظهر يده وعاود سؤالها إلا أنها أردفت بـ ذات الإجابة.. أثارت غضبه ولكنه هسهس بـ فحيح

-كان نفسي أجرب إني أقتل.. وشكلك هتنولي الشرف… 

جذبها ليُثبتها فوق مُقدمة السيارة و مزق جُزء من ثوبها وقيد ذراعيها.. ثم تركها و ثقب خزان الوقود الخاص بـ سيارتها ليتدفق الوقود فوق الأرض 

عاد إليها وهي تركل و تُحاول تحرير نفسها من القيد ولكنه قد أحكمه جيدًا حولها.. أمسك يزن بـ فكها وأدارها ناحية تسرب الوقود الذي يتحرك بـ إتجاههما.. ثم هدر بـ صوتٍ قوي

-يا تردي عليا يا هسيبك تولعي هنا.. الجو برد برضو… 

إتخذت من الصمت حليفًا لها ولم ترد عليه.. ليُخرج يزن قداحته و أشعلها أمام عينيها المُتسعتين بـ درجة مُخيفة بـ حق ثم هتف وهو يومئ بـ تهكم و شيطانية

-تمام.. أنتِ عارفة أنا مين!... 

إقترب من أُذنها وأحاط عُنقها ثم همس بـ صوتٍ مُرعب على الرغم من خفوته

-أنا أخو شهاب.. يعني إحنا الإتنين بيجري فـ دمنا چينات مُصطفى.. أبونا عرفاه ولا أعرفك هو مين؟!... 

إبتعد قليلًا لينظر إلى ملامحها التي إرتسم عليها الرُعب و الفزع بـ جدارة حتى أصبح وجهها وكأنه يخلو من الحياة.. إبتسم يزن بـ خُبث وأردف

-هعد من واحد لتلاتة وأنتِ وحظك… 

بدأ في العد بـ رقم واحد ولكنها لم تسمح له أن يُكمل فـ أردفت بـ نبرةٍ مذعورة 

-فيه بيت على بُعد ساعة إلا رُبع من هنا على الطريق المُعاكس.. الدور التالت الشقة اللي على اليمين.. إلحقها… 

أثارت إنتباهه بـ عبارتها الأخيرة ليتساءل بـ قسوة

-ألحق مين! 
-ردت بـ تلعثم:آآ.. اللي بتحاول.. تنقذها.. من الأول
-هدر بـ صوتٍ مُرعب:يا ولاد الـ****..لو جرالها حاجة نهايتكوا مش هتستحملوها… 

ثم تركها و صعد إلى سيارتهِ يقودها بـ سُرعة غير عابئ بـ صراختها ليحل أسرها ولكنها كانت تستنجد بـ الغُبار الذي خلفته سيارته

**************************************

تململ بـ غضب يكاد يحرق الجالسين حوله ولكن يد روجيدا التي تربت على كفهِ الكبير والذي أيضًا يُحيط كفها الأخر يشتد إلا أنها لا تأبه

تأفف بـ صوتٍ عال ثم هتف أخيرًا بـ صوتٍ جهوري حانق

-كُل دا بيتعشى! ليه مكلش من ساعة أما إتولد… 

ضحك سامح بـ قوة لينظر إليه جاسر نظرة قاتلة فـ حمحم و أدار وجهه ناحية صابر الذي كان يكبت ضحكاته بـ صعوبةٍ بالغة.. بينما روجيدا تنهدت ثم أجابته بـ صبر وإبتسامة رقيقة

-يا حبيبي معداش غير نُص ساعة بس
-رد بـ نزق:يخلص بقى كفاية أوي كدا
-هتفت روجيدا من بين أسنانها بـ تحذير:جاااااسر!!!... 

نفخ بـ عصبية ليترك يدها ثم عقد ذراعيه حول صدره وأردف بـ غل

-إن شاء الله الأكل يقف فـ زوره يخلص عليه وأرتاح 
-حركت روجيدا رأسها بـ. يأس قائلة:مفيش فايدة… 

صدح صوت هاتف جاسر ليُخرجه وينظر إليه فـ وجد رقم غيرُ مُسجل.. نهض بعيدًا عن الجميع ثم فتح الهاتف و وضعه على أُذنهِ دون أن يتحدث ليأته صوت أنثوي بعد لحظات 

-جاسر الصياد معايا مش كدا!... 

ضيق جاسر عيناه بـ تفكير ثم تساءل بـ غلظة و خشونة

-مين معايا!!... 

سمع صوت ضحكة عالية لتتصلب ملامحه القاسية وبعد أن إنتهت هتفت هي بـ مكر 

-معقول السنين دي نستك أنا مين!.. عمومًا مش موضوعنا… 

إلتوت عضلات فكه تزامنًا مع تشنج عضلات صدره بـ تحفز حتى عاودت كاريمان الحديث 

-إزاي ملاحظتش غياب الحلوة التالتة!.. چيلان على ما أعتقد مش كدا برضو ولا إيه؟.. إلحقها… 

أظلمت تعابير وجه جاسر وهو يُغلق الهاتف ليعاود ركضًا إلى داخل القصر حيث مكان إجتماعهم يبحث بـ عينيه عنها ولكن لا وجود لها.. كيف غفل عنها؟.. ماذا حدث لحصونه المنيعة.. كيف تُخترق بـ هذه السهولة!.. ألا يزال هُناك من بين صفوفه خائنين؟ 

ركل جاسر مزهرية زُجاجية طويلة لتسقط مُحدثة دويًا عال أجفل الجميع.. ولكنه بم يأبه بل جأر بـ صوتهِ حتى إهتزت حوائط القصر

-صاااااابر!!.. مفيش كلب من اللي واقفين بره يتحرك من مكانه… 

نهضت روجيدا تسأله بـ خوفٍ جعل قلبها يهوى إلى قدميها

-جاسر في إيه! 
-هدر هو:روجيدا خُدي جويرية وإطلعي فوق سمعاني! 
-صرخت هي بـ عصبية:جاسر فهمني في إيه! 
-حينها صرخ بـ صوتٍ مُرعب:چيلان مخطوفة إرتحتي.. يلااااا إسمعي الزفت وخُدي بنتك… 

الصمت والرُعب هو ما ساد في المكان.. بينما جاسر توجه إلى صابر والجميع بعدما أخذت روجيدا الصغيرة الباكية ثم هدر بـ قوة

-صابر أنت وسامح و حمزة تلم كُل الـ***** اللي هنا فـ القصر و تُحطهم فـ الأوضة اللي ورا القصر.. وأنت يا جواد معايا… 

نهض جواد سريعًا على الرغم من حالتهِ التي لا تزال في طور التعافي إلا أنه نهض و الشياطين تتراقص حوله كما ينبغي أن يحدث

وبـ داخل 

ما أن سمع صُهيب صوت التحطيم حتى نهض مُجفلًا وكادت أن تتبعه جُلنار ولكنه منعها قائلًا بـ صرامة

-متتحركيش من هنا… 

تعلقت بـ ذراعهِ ثم سحبته إليه وقالت بـ نبرةٍ مُجفلة، وجلة

-أنا عاوزة أعرف في إيه… 

عاود صوت صُراخ جاسر ليُقبّل صُهيب جبينها وعاود الحديث مؤكدًا على ما يقول 

-متتحركيش يا جُلنار وأنا هفهمك… 

تركها و خرج ليجد ذلك المشهد الغريب.. ولكنه تقدم من سامح وتساءل

-هو إيه اللي حصل! في إيه؟! 
-رد سامح:مفيش حاجة خليك أنت مع عروستك… 

ولكن صُهيب لم يُعجب بـ تلك الإجابة لذلك خرج خلف جواد وجاسر اللذين خرجا من بوابة القصر مُنذ قليل وتبعهما 

قبل أن يُغلق جواد باب السيارة أمسكه صُهيب وتساءل

-في إيه؟ 
-صرخ جواد بـ غضب:إبعد عن وشي دلوقتي… 

همّ صُهيب الحديث ولكن جاسر قد سبقه وهو يتساءل

-فين جُلنار؟ 
-جوه
-جاء حديث جاسر مُتعجل:إركب… 

أومأ صُهيب وهو لا يعي شيئًا مما يحدث ليصعد السيارة وتحرك بها جاسر بـ سُرعة عالية.. وفي الطريق فهم ما يحدث من خلال حديثه مع صابر صديق جاسر

**************************************

أوقف يزن السيارة بـ قوة لتُصدر صوتًا عال.. ثم ترجل سريعًا دون أن يأبه بـ غلق الباب و ركض إتجاه البناية و صعد الدرج كُل ثلاث درجات كان يقفزهم حتى وصل إلى الطابق الثالث

البناية تكاد تكون مهجورة.. حديثة البناء.. مُناسبة لإتمام المُهمة.. إنبقض صدر يزن و ضاق عليه وهو يتخيل ما يحدث لها.. ليس من جديد

طرق على الباب بـ قوة تكاد تُهشمه وهو يصرخ بـ صوتٍ مُرعب بـ حدتهِ وشراستهِ

-إفتح الباب يا شهاب.. إفتح الباب يا ***... 

وحين يأس.. بدأ بـ دفع الباب بـ كتفهِ عدة مرات حتى فُتح.. حدق يزن بـ الصالة وإلى ذلك المُصباح المُلقى أرضًا.. ليصرخ بـ اسمها 

-چيلاااان!.. چيلاااان!!... 

توجه إلى الغُرفة المفتوحة والتي من خلالها إستطاع رؤية بعض الثياب المُلقاه والمُمزقة.. حينها أحس و كأن قلبه توقف عن النبض بل ومكانه خالي.. أجوف 

تباطئت خطواته حتى وصلت إلى باب الغُرفة.. وعيناه إتسعت بـ هلع.. جسده أحس أنه يخور و يفقد قوته و وهو يراها بـ فراش ذلك القذر

مُقيدة.. عارية.. جسدها يحمل أثار تعنيف قاسية.. وينزف بـ غزارة.. شهق.. تلك الشقة خرجت معها روحه وغادرته وهو يراها بـ تلك الحالة الموجعة 

غض بصره عن جسدها ثم نظر إلى جوار الباب ليجد شهاب جالسًا يُحدق بها يُدخن لُفافة تبغ عاري الصدر

لم يتمالك يزن نفسه وهو يندفع إليه هاجمًا عليه يُعاجله بـ لكمة ثم صرخ به بـ قسوة 

-عملت إيه!.. عملت فيها إيه!... 

إبتسامته المُستهجنة أجابت بـ الفعل عما حدث.. جأر يزن بـ صوتٍ مذبوح وإنهال عليه بـ لكمات أطاحت به أرضًا و شهاب لا يُبدي أي رد فعل أو حتى يُدافع عن نفسهِ

توقفت يد يزن بـ الهواء عن اللكمة الأخيرة وهو يرى شهاب يتهاوى.. نظر إليه بـ إشمئزازه و إزدراء قبل أن يُلقيه فوق الأرضية بـ قسوة ثم هدر بـ فحيح مُفزع 

-حسابنا لسه مخلصش هنا… 

ثم توجه إلى چيلان ليضع فوقها الملاءة دون النظر إلى جسدها ليحل وثاقها  ثم نزع كنزته و وضعها بـ رأسها ثم أخرج ذراعيها 

أبعد خُصلاتهِا المُبعثرة عن وجهها المكدوم وشفتها النازفة.. لتسود عيناه بـ سواد مُرعب و ملامحه تُظلم كـ ظلام ليل أسود مُخيف 

وضع يزن يديها فوق معدتها ثم إنحنى يحملها بين يديهِ فاقدة الوعي.. حدق بـ الفراش وهو يرى بُقعة الدماء الدليل على طهارتها والدليل على دناءة و حقارة شهاب لتشتد قبضته حول جسدها دون أن يشعر في مُحاولة لتخفيف الضغط عن رأسهِ الذي يكاد ينفجر

إبتلع إختلاجته التي إرتجت لها بدنه.. وتجاهل إرتعاشة ساقيه وهو يحملها بين يديهِ ذابلة، فاقدة للحياة، وعاء مجوف خالي من الروح كـ حالهِ تمامًا

عندما مر جوار شهاب بصق عليه و ركله بـ قسوة ثم ركض إلى الخارج ليقل چيلان.. لا يجب أن تخسر حياتها يكفي ما خسرته بـ سذاجتها

توجه خارج الشقة و أغلق الباب خلفه ثم هبط الدرج سريعًا ليضعها بـ السيارة وأحكم حولها حزام الأمان.. رأسها الذابل كان كان حوله خُصلاتهِا فـ أبعدها لتظهر ملامحها المُتألمة

ربت على وجنتها ثم همس بـ متوعدًا وهو يُبعد خُصلاتهِا و يحكم إبعادها

-هجيبلك حقك يا چيلان… 

سارع بـ غلق الباب ثم نظر إلى الأعلى يتطلع إلى شُرفة الشقة وإلتف بعدها إلى مقعد القيادة وإنطلق إلى أقرب مشفى 

**************************************

ترجلت كاريمان من السيارة التي ألقتها بعدما عثر عليها أحد العائلات لتُخبرهم أنها تعرضت لسرقة من قِبل عاطلين و قيدوها ثم هربوا

إنحنت تشكر رب الأسرة ثم صعدت الدرج إلى شقتها.. حكت معصميها المكدومين ثم فتحت باب الشقة ودلفت

أخذت حمام دافئ وهي تتوعد لذلك المدعو يزن ثم إرتدت ثيابها إستقبالًا لضيفها الآتي بعد ثلاثون دقيقة

وقد كان.. سمعت صوت الباب يُطرق بـ رتم مُعين لتفتح الباب و يدلف ذلك الشخص

كان بـ الأربعين من العُمر.. ضخم الهيئة قصير الطول.. ولكنه يظهر عليه القوة و الصلابة.. حمحمت كاريمان وقالت بـ هدوء

-إتفضل يا متر… 

أومأ المُحامي وجلس فوق الأريكة لتجلس هي قِبالته وقبل أن تتحدث أردف هو بـ صوتٍ ثقسل

-سليمان بيه كلمني عشان أقابله
-سألته هي بـ إهتمام:وبعدين! 
-أكمل حديثه:لازم تهربي بعد اللي حصل لبنت الصياد لأنه سهل يلاقيكِ
-و ههرب إزاي!... 

فتح حقيبته الجلدية وأخرج من جواز سفر مُزيف و بطاقة شخصية أيضًا مُزيفة و بعض الأوراق من ضمنهم ورقة بـ مبلغ نقدي كبير.. ثم أردف وهو يمد يده بها فـ إلتقطتهم

-دي أوراق هوية جديدة هتسافري بيها فـ ظرف أربعة وعشرين ساعة مش أكتر.. لأن أول ما جاسر الصياد يعرف اللي حصل لبنته هيقلب الدُنيا عليكِ
-سألته:طب و سليمان؟… 

تنهد المُحامي ثم أردف وهو يعتدل بـ جلسته دون النظر إليها بل نظر إلى الطاولة الزُجاجية

-طلب مني أهربه… 

إتسعت عينا كاريمان بـ صدمة وتراجعت إلى الخلف تحاول أستيعاب ما قاله لتتساءل بعدها بـ عدم فهم

-يهرب من السجن!.. إزاي!!... 

حك المُحام يديه بـ بعضهما ثم قال وهو ينظر إلى ملامحها المذهولة

-إتفق مع واحد من أُمناء الشُرطة إنه يمهدله الطريق
-إبتسمت كاريمان بـ سُخرية وقالت:رشاه يعني
-مش موضوعي… 

إلتقط حقيبته الجلدية ثم نهض و إتجه ناحية الباب قبل أن يردف

-كاريمان.. متتأخريش عن يوم فاهمة.. جاسر الصياد هيقلبها جُهنم الحمرا ومحدش هيطلع من تحت إيده عايش… 

ثم خرج وأغلق الباب بينما هي ظلت تُحدق بـ الأوراق أمامها و داخلها يهمس بـ ترك هدية لجاسر الصياد

*************************************

أوقف السيارة بعدما وصل إلى مشفى بعد قيادة لمُدة تسعون دقيقة.. ليترجل من السيارة ثم توجه إلى چيلان ليحملها و توجه بها إلى داخل المشفى

صرخ بـ أحد العاملين ليأتيه بـ فراش حديدي مُتنقل فـ وضعها يزن بـ حرص ودفعه يُساعد ألمُمرض.. ربت على خُصلاتهِا وهو يُطمئن نفسه قبل أن يُطمئنها

-متخافيش هتكونِ كويسة.. دا وعد منى… 

وصلا إلى غُرفة الجراحة ليمنعه ألمُمرض قائلًا بـ تهذيب

-مينفعش تدخل يا أستاذ.. خليك هنا… 

أومأ يزن بـ تردد وجلس أمام الغُرفة.. يرفع رُكبتيه أمام صدرهِ و رأسه تستند إلى الحائط خلفه.. رأسه التي ظل يضربها بـ الحائط و يلوم نفسه لِمَ لما يلحقها!.. لِمَ يُعاد كُل ذلك من جديد.. داخله يأمل أنه لم يقربها وإنما خدعة حقيرة قام بها من أجل إرهابه لا غير

ساعة مرت وأُخرى و أُخرى حتى خرجت طبيبة لم يُدرك متى دلفت.. ولكنه ما أن لمح خروجها حتى نهض مُمسك ذراعيها وهدر بـ توسل

-قوليلي إنها كويسة… 

إرتسم التعاطف على وجه الطبيبة المُسنة لتربت على ذراعه قائلة بـ ألم لِمَ أصاب تلك الشابة

-آسفة.. بس البنت اللي جبتها إتعرضت لإعتداء بشع.. خسرت دم كتير و نقلنا دم.. هي دلوقتي نايمة تحت تأثير البنج.. ربنا يتم شفاها على خير… 

تهدلت يدي يزن ولم يستمع إلى شيءٍ بعد قولها "الإعتداء".. ويلاه الحادثة تُعاد بعد مرور كُل تلك الأعوام تُعاد

عاودت الطبيبة تقول آسفة وهي تُشفق على حالتهِ

-مُضطرة أعمل محضر 
-أجاب نافيًا بـ شرود:إستني لما أهلها يجوا… 

قطبت الطبيبة جبينها ولكن يزن قد إستدار عنها.. وهو يشعر بـ إنهزام.. لقد هُزم من جديد وهذه المرة كان الذبح على يد أقرب شخص إليه.. توأمه

إنحنى يزن لتخرج صرخة مُتألمة جرحت حنجرته من شدتها.. كان مذبوحة بـ ألم.. من وقع في غرامها خلف ذلك الباب فاقدة الوعي.. منزوعة الحياة

إنحنى على رُكبتيهِ وهو يشعر بـ أن جسده أصبح مُجرد وعاء مجوف لا يحوي على روحه.. لقد غادرته حينما أبصرها وهي بـ الفراش ذابلة، مذبوحة

وضع رأسه فوق الأرض الباردة ولكنها لا تُقارن بـ تلك البرودة التي غلفت قلبه المتوقف عن العمل.. ويده تضرب الأرض مرة بعد مرة.. وكُل ضربة مصحوبة بـ صرخة.. صرخة تبكي لها الجبال و يتشقق لها الصخر.. صرخة رجل مُتألم 

وعندما يتألم الرجل.. يصمت العالم بُكاءًا لأجلهِ

تعليقات



×