رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل السابع والعشرون
وأنها مثلي تمامًا تُخفي روحها خلف أستار ثقيلة من الألم…
شَعَرَ بـ أحدهم يربت على كتفهِ و وصت رمزي يهتف بـ نبرةٍ خفيضة مؤازرة
-يزن!.. قوم بقى الأرض باردة…
نظر إليه يزن لفترةٍ وجيزة قبل أن يعود إلى الغُرفة التي هي بها دون حديث.. ليزفر رمزي بـ ضيق ثم جلس جواره وهمس بـ قوة
-فوق يا يزن.. فوق عشان تقدر تواجه…
صدرت عنه ضحكة ساخرة قبل أن يردف بـ إنهزام
-أواجه إيه!.. أنا خسرت من أول جولة
-هزه رمزي صارخًا:ومن أمتى أنت إنهزامي كدا!.. فهمني هو دا اللي كان كُله إصرار ينتقم…
هذه المرة لم يرد يزن بل عاد بـ نظرهِ إلى الغُرفة ونهض حتى وقف أمام النافذة المُطلة على فِراشها.. نائمة بعيدًا عنه.. بعيدة المنال كـ نجمة وحيدة لا يستطيع الطفل إدراكها
وضع يده على الزُجاج وكأنه يتلمسها بـ عجز عن لمسها هي.. ليت شهاب قتله قبل أن يراها هكذا
بينما رمزي يتنهد بـ توتر بالغ.. يجب عليهما الرحيل قبل قدوم جاسر الصياد إلى هُنا.. لن يمر ما حدث مرور الكرام.. جاسر سيقتل دون تردد من يقع بـ طريقهِ دون تفرقة من البرئ و من الجاني
وقد حدث ما كان يخشاه.. جاسر الصياد و من خلفهِ شابين أحدهما مُصاب يطويان الممر بـ خطوات زلزلت المشفى.. ومُلامحهم لا تُبشر بـ الخير على الإطلاق.. بل وكأن الجحيم فُتحت أبوابها وتلفحهم نيرانها الآن
و دون أن مُقدمات كان جاسر يتجه إلى يزن المُحدق بـ إبنتهِ ثم أمسكه من تلابيبهِ قبل أن يتدارك الآخر ما يحدث و دفعه إلى الحائط بـ قوة كبيرة ليهدر بـ صوتٍ جهوري، مُخيف لدرجة إذابة الحديد
-بنتي عملتوا فيها إيه إنطق!...
يزن صامت يُحدق بـ عيني جاسر الجحيميتين وتلك الشُعيرات قاتمة الحُمرة مُتجمعة حول شُعلتي النيران المُلتهبة دون أدنى رُعب وكأنه فَقَدَ روحه حينما شاهدها أول مرة مُقيدة بـ أغلال من نيران بـ فراش ذلك الحقير
يدي جاسر إشتدت حول عُنق يزن الذي لا يُبدي مقاومة على الإطلاق ليتدخل رمزي سريعًا خوفًا على صديقهِ وصرخ بـ توتر
-إحنا منعرفش حاجة.. إحنا لاقينا بنتك على الطريق وجبناها المُستشفى…
لم يبدُ على جاسر أنه يستمع إليه بتاتًا بل كُل تركيزه مُنصب على يزن والذي قال بـ صوتٍ ميت و عينان فارغتين
-بنتك أُغتصبت…
ثانية
وأُخرى
و أُخرى
و أُخرى
حتى بدا لا نهاية لذلك الوقت و جاسر صامت دون ملامح وأمامه يزن يُبادله الصمت بعدما ألقى ما في جعبته بـ هدوء مرير ومن خلفهم رمزي الذي أغمض عيناه بـ شدة و ظل يسب صديقه لِمَ قاله
أما جواد و صُهيب فـ الشحوب كان يرتسم بـ أسمى المعاني على وجهيهما.. لربما سمعا خطأ لا يُمكن أن يحدث أبدًا ليست چيلان.. ليست هي أبدًا من يتم إيذاءها بـ مثل هذه القسوة الباردة
ثوان فقط ثوان و جاسر بدأ عقله في إستيعاب ما سمع وليته لم يستعب أبدًا.. النيران إندلعت بـ جسدهِ و ملامحه إسود بـ كراهية مُخيفة حتى جسده بدا وكأنه تضخم بـ شدة حتى بدا وكأنه آلة قتل مُدمرة بل هي فعلًا كذلك حينما هبطت أول صفعة على وجه يزن بـ قوة أردته أرضًا وجاسر جأر بـ صوتٍ مُرعب، مُميت بـ ذلك السباب الذي خرج من بين شفتيهِ وكأنها سهام قاتلة
-اه يا ولاد الـ*** يا ولاد الـ***.. هقتلك.. ورحمة أمي لاقتلك…
وصاحب حديثه ركلات قاسية.. بينما جواد قد سقطت عصاه أرضًا و سقط هو معها لم يشعر بـ حياتهِ كُلها بـ مثل ذلك الخواء أو تلك القبضة التي تقبض قلبه فـ تمنعه عن النبض.. بدأ تنفسه يضيق حتى أصبح صدره يصعد و يهبط بـ صعوبةٍ بالغة
كان من المُفترض أن يضرب كما والده بل والصُراخ.. السباب كما فعل مع عبد الرحمن ولكن مع چيلان؟ توأمه!.. قطعة منه الأمر يختلف.. تلك المرة چيلان ذُبحت وبـ قساوة بالغة لا ترحم.. النقية لُوثت
كان يشعر يُقسم أنه يشعر أنها تأذت ولكن تصل لـ… لسانه لم. يستطع نُطقها بل وعندها إرتعش جسده وكأنه أُصيب بـ نوبةٍ.. وحينها وأخيراً صدرت عنه صرخة.. نابعة من روحه التي غادرته.. صرخة خرج الجميع ليشهد على سقوط صاحبها من فوق قمة الجبل ليصطدم بـ أرض صلبة قوية حطمته إلى أشلاء.. چيلان ضاعت منه.. چيلان نصفه الآخر ضاعت وضاعت معها روحه.. ضاعت دون رجعة
صُهيب كان أول من تدارك الصدمة على الرغم من ذلك الشعور المُؤلم إلا أنه شعر أن جاسر سيقتل ذلك الشاب والذي يبدو وكأنه هو الآخر يُعاني.. لذلك و دون تردد أبعد جاسر عنه وهدر بـ صوتٍ قوي
-مش كدا يا جاسر باشا…
لم يستطع الإكمال عندما عاجله جاسر بـ لكمة أبعدته عن طريقهِ ليعود إلى يزن ولكن رمزي كان قد أبعده و وقف أمام الأول ولكن الجحيم لم يهدأ.. بل الإشتعال يزداد و يبتلع البعيد قبل القريب.. لا أحد سيهرب.. جاسر الصياد قد أطلق سراح نيران غضبه والنهاية معروفة.. الجميع ميت لا محالة
**************************************
لم تستطع روجيدا الإحتمال لتتبع جاسر هي و جُلنار خلفهم مُباشرةً لتصعد السيارة وقادتها دون علم أحد وتبعتهم
إنقبض فؤادها و تراهم يقفوا أمام مشفى!.. بينما جُلنار همست بـ تخوف
-مامي هو في إيه؟…
أردفت روجيدا وهر تترجل من السيارة تتبعها جُلنار
-معرفش…
تتبعتا الثلاث حتى شهدت روجيدا على ما يحدث.. جاسر كان يضرب شابًا ما وصُهيب يُبعده بينما جواد كان يُجاهد لأخذ أنفاسه لتركض جُلنار إليه صارخة بـ رُعب تملك من خلايا جسدها ثم هتفت وهي تربت على وجنتيه
-جوااد؟..جواد رُد عليا؟!...
نظرت روجيدا إلى إبنها المُلقى أرضًا و جُلنار جواره تُساعده على أخذ أنفاسه والجهه المُقابلة جاسر يُخرج مُسدسه ويصوبه إلى الشاب الذي يحمي صديقه
صرخت وهي تتجه إلى جاسر وقبل أن تنطلق الرصاصة كانت يد روجيدا تسبقه لترفع ذراعه لتُصيب السقف مُسقطًا فوقهم بعضًا من قشور السقف
نظر إليها جاسر بـ أعين مُظلمة، تتمثل الجحيم بها لتشهق مُتراجعة إلى خلف ثم صرخت
-في إيه وبنتي فين يا جاسر!...
لم يرد عليها جاسر بل عاد بـ نظرهِ إلى رمزي الذي صرخ بـ. حدة مُفرطة
-إحنا أنقذنا بنتك.. روح أقتل اللي عمل فيها كدا.. يزن ملوش ذنب لا هو ولا أنا واللي عمل كدا آآآ…
صدح صوت يزن جهوري نافس نبرة جاسر ولكن هذه كانت مُنهكة وهو يزجر رمزي صديقه ساحبًا إياه بعيدًا
-ملكش دعوة مين اللي عمل كدا.. وحق بنتك دين عليا…
كاد جاسر أن يلحقهما و لسانه لا يكف عن السباب إلا أن يد روجيدا أمسكت ذراعه و صرخت بـ توسل
-چيلان مالها يا جاسر!.. بنتي كويسة مش كدا!!...
لم يجد جاسر حقًا ما يقوله.. دائمًا كان يجد.. يُطمئن.. القوة المواجهه ولكن هذه المرة الطعنة كانت قاتلة.. الخنجر كان مسموم.. السم كان مُميت.. لِمَ على الزمن أن يُعيد نفسه!.. لِمَ عليه أن يُعايش الألم مرتين و بـ نفس المرارة و القوة!
إنحناء ظهره كان أقوى هذه المرة أقوى ومُذِل.. قطعة من روحهِ ساكنة خلف الزُجاج لُوثت بـ دنس ليس قابل لطهارة بعد الآن.. الموت هو ما شَعَرَ به.. وكأن هُناك جُزءًا مفقود منه.. ذلك الإحساس صعب و مُرعب بـ قساوة
هذه المرة لن يتحمل يُقسم أنه لن يتحمل.. و بـ دون مُقدمات سقط فوق الأرضية واضعًا يده فوق قلبه وجأر بـ قوة رافعًا رأسه إلى أعلى وعبرة سقطت.. أذلته وسقطت حدادًا على إبنتهِ و اسمها يتردد من بين شفتيه بـ مرارة صدئة وكأنه ليس جاسر الصياد مَنْ عُرف بـ الصلابة و القوة ها هو ينكسر ها هو يسمع صوت تحطم قلبه و روحه قبلها.. الألم شديد.. شديد. و موجع حد الموت
ذُهلت روجيدا لرد فعله ذاك.. رد فعله ذكرها يومًا بـ رد فعل مُشابه لـ زوج والدتها يحيى.. حينما ذبحها ذلك الحقير.. تلك الذكرى التي لن تنمحي مهما حيت ستبقى سكين مزروع بين ضلوعها و مع كُل هفوة تذكر سيتحرك السكين و يؤلم كما أول مرة.. عايشت الألم وتحملت وقررت الإنتقام ولكن چيلان والله لن تتحمل ستموت قهرًا
رفعت عينين مُتسعتين بـ رهبة مُميتة ثم همست بـ عدم إستيعاب
-چيلان بقت زيي مش كدا!.. چيلان بقت أنا؟…
عند إستيعابها لذلك صرخت هى الأُخرى ما بال الصُراخ لا يستطيع التعبير عما بـ داخلهم ذلك الكسر الذي لن يُجبر أبدًا.. صرخت و لطمت وجهها.. الحياة كانت ظالمة معها أما مع إبنتها فـ كانت قاسية
لطمت وهي تهتف بـ اسم چيلان حتى أوقفها جاسر بـ ألم يأخذها بين أحضانهِ.. يضم رأسها إلى صدرهِ الذي يصرخ بـ الألم.. مُعايشة ذلك الألم ليس معناه أن چيلان ستتألم بـ مُفردها الجميع سيُعاني.. و وأولهم روجيدا من عانت الألم لسنوات سيعود حيًا و يصفعها
لم تنطفئ نيران الماضي بل كانت كـ الجمر المُشتعل و ساعد هواء الزمان على إحياءها مرةً أُخرى بـ ألم حي.. ألم سيقتل روحها بـ بُطء ويقتات على فُتاتها
اليوم يشهد على ميلاد ألم موجع.. أرواح تُنتزع بـ قسوة.. ونصل حاد ينخر عظامهم
لم يعلم كم مر الوقت على بقاءهم هكذا سوى عندما أحس أن روجيدا لا تتحرك أو تبكي.. أبعدها عنه بـ ملامح مشوهة ليجدها فقدت الوعي.. تنفسه زاد حدة وهو يُهمهم بـ تعب قاتل
-مش هيبقى أنتِ وبنتك عليا يا روجيدا…
نهض وأسندها عليه لا يقدر هذه المرة على حملها فـ هو أوهن من ذلك.. الوهن حقًا تملك منه هذه المرة وبـ سُرعة خبيثة.. توجه بها إلى أحد الغُرفة ثم خرج بـ إنهاك يطلب حضور مُمرضة أو طبيبة ثم عاد مرةً أُخرى إليها ليهمس وهو يُمسك يدها بـ قوة
-الحِمل المرادي تقيل أوي يا روجيدا.. تقيل وحاسس إن ضهري إتكسر…
وضع جبينه على يدها دون أن يأبه لعبرة أُخرى هبطت تنعي أُختها تاركة أثر حارق على وجنتهِ.. أثر مُؤلم بـ ظلام دامس
لم يُفكر بـ الإنتقام.. لم يُفكر بـ أي شئ سوى چيلان التي أعادت الحدث بـ تفاصيلهِ المُرعبة إلى الحاضر وروجيدا المُؤكد أنها تعيش ذلك الحدث مرارًا وتكرارًا بـ أحلامها
**************************************
أمسكت يد شقيقها الفاقد للوعي بـ شرود مُتألم.. اليوم يشهد على أبشع حوادث عايشتها عائلة الصياد وعبراتها تتوالى على وجنتيها تتسابق من تصل إلى نُقطة النهاية أولًا
إنتفضت على يد صُهيب الذي وضع فوقها سُترة حلتهِ قبل أن يُمسك يدها وجلس فوق الفراش قريبًا منها ثم همس بـ إبتسامة حزينة
-كُنتِ بردانة…
قطبت جبينها بـ تعجب هل كانت ترتعش حقًا!.. ظنت أن روحها هي من ترتعش لم تكن لتظن أن ذلك الإرتعاش تسلل إلى الخارج ليُصيبها بـ البرد.. چيلان وما أصابها حقًا جلب لها ذكرياتها مع عبد الرحمن.. حينما حاول لمسها وأخذها عنوة.. مُجرد التفكير أنه قد حاول أن يتعدي عليها يجعل النفور والهلع يسري لجسدها لمُجرد التفكير فـ ما بالك بـ من عايشت الحدث! مُؤلم أليس؟.. أكثر إيلامًا من رصاصة تُصيب جسدك وتقتلك بـ بُطء
همست جُلنار بـ حشرجة وهي تُمسد رأس جواد النائم وكأنه يتشارك مع توأمه النوم لكي لا تشعر بـ الوحدة.. أو هو من يهرب إليها
-چيلان!.. خسرت صح!.. خذلها مش كدا؟!...
وإنفجرت بـ بُكاء مرير تشهق بـ قوة حتى إهتز جسدها ليجذبها صُهيب سريعًا إلى صدرهِ ومسد رأسها بـ حنو قائلًا بـ همسٍ
-هششششش.. هتبقى كويسة.. چيلان قوية زيك…
حركت رأسها نافية وهي على صدرهِ ثم صرخت بـ صوتٍ مكتوم من أثر قوة إحتضانه لها
-لأ مش قوية.. چيلان أضعف واحدة فينا.. چيلان سهل تنكسر.. وصعب تتبني تاني…
أبعد صُهيب رأسها عن صدرهِ ثم حاوط وجنتيها وإبهاميه يُزيلان عبراتها مرة تلو الأُخرى ثم أردف بـ حنو
-بس أنتوا معاها يا جُلنار.. الأهل وظيفتهم يبنوا اللي العالم بيهدوا فينا.. هي هتقوى بيكوا
-همست بـ ألم أكبر من أن تتحمله:چيلان إتكسرت يا صُهيب.. خلاص إتكسرت…
أخرج صُهيب تنهيدة حارة ثم عاود ضمها إليه.. يده تربت على خُصلاتهِا والأُخرى فوق ظهرها تتحرك صعودًا و هبوطًا بـ حنو.. بينما عينا صُهيب لا تعكس ذلك الحنان بل كانت قاسية، سوداء بـ شراسة
عنده يقين أن عمه وتلك القذرة كاريمان هُما من فعلا ذلك.. ولكن الهدف كا جُلنار لم يكن ليتوقع أن تكون الفريسة الثانية چيلان.. لقد حاول حمايتهن يُقسم أنه حاول.. يُقسم أنه حاول حمايتها بـ روحهِ.. ولكن ذلك لم يكن كفاية.. كان يجب عليه المُحاولة أكثر فـ عمهِ لم يكن ليستسلم بـ تلك السهولة
كيف يُمكن محو ذلك الحدث!.. لو بـ يديهِ لأعاد عقارب الساعة إلى الخلف.. لو بـ يديهِ لقتل عمه لحظة إلتقاءه به.. ليته قادر على محو ألمها وإمتصاصه فـ مُشاركتها الألم لن يجدي نفعًا.. ذلك النوع من الألم لا يُمكن مُشاركته
وجوارهما
جواد نائم بـ عُمق و بـ أحلامهِ.. صغير يُلاعب چيلان.. صغيرته ليس توأمته فقط.. خُصلاتهِا تتطاير فـ يشدها هو مُسببًا غضبها وكم يُحب أن يُغضبها.. تعبس بـ لطافة مُحببة إليه لكي يُدللها
يسرق ألواح الشيكولاتة التي يجلبها والدهما ليُعطيها إلى چيلان بعدما يقطف وردتان واحدة زرقاء والأُخرى صفراء تعكس ألوان عيناها.. لتبتسم هي بـ سعادة مُهلكة مُلتهمة ألواح الشيكولاتة أمام عينيه المبهورتين بـ جمال عينيها اللامعة.. حتى وهو يُخبرها بـ بساطة أنه يُحب عينيها بل يجدهما غريبتين بـ جمال سيُهلك الشباب
إختلط حُلمه بـ كابوس وهو يرى چيلان راشدة بـ جمالها الفتّاك تتهاوى ساقطة أمامه وهو غير قادر على الحراك.. مُتيبس بـ قوة وهمية تجعله عاجز حتى صوته لا شئ يُغادر حنجرته
صرخات دون صوت كُل ما خرجت من فمهِ المفتوح وهو يرى شقيقته تنهشها بعضة ذئاب جائعة بلا رحمة.. وهي تصرخ بـ توسل تستنجد به وتُنادي اسمه.. وهو يبكي بـ قهر لا يقدر على الحراك وچيلان صراخاتها تخفت شيئًا فـ شئ
حينها خرج صوته وهو يصرخ بـ قوة صارخًا بـ اسمها حتى بدأ جسده بـ الإنتفاض
-چيلااااان!!!...
إنتفض كُلًا من صُهيب و جُلنار على صوت صرخات جواد النائم.. حتى إنتفاض جسده الغريب أصابهما بـ الرُعب
لينهض صُهيب سريعًا مُكبلًا حركته وهو يصرخ بـ قوة علّ صوته يصل إليه
-جواد فوق أنت فـ كابوس.. جوااااااد!!...
كان جواد ينتفض بـ شراسة حتى بدأت يداه بـ مُهاجمة صُهيب وأصابته عدة مرات.. لم يجد بدًا من الصعود على جسدهِ وتكبيل ذراعيه بـ يديهِ و ساقي جواد بـ ساقيه حتى لا يأذي ساقه المُصابة ثم صرخ بـ جُلنار الوقفة بـ صدمة وهلع
-نادي دكتور بسرعة يا جُلنار.. بسرعة…
وضعت يديها على فمها ليعود صُهيب الصُراخ بها فـ إنتفضت وأومأت بـ هستيرية ثم توجهت إلى الخارج لدقيقة أو أكثر لتعود بعدها مع مُمرضة وطبيب الذي أسعف جواد قبل قليل
حقن الطبيب ذراع جواد بـ مُهدئ بينما صُهيب يُكبله حتى هدأ تمامًا.. ليتنهد بـ راحة ثم إبتعد عنه.. عدل وصل الغطاء وجلس فوق المقعد
همهم الطبيب لـ المُمرضة بـ بعض التعليمات وكذلك صُهيب ثم خرج بعد عدة دقائق
إقتربت جُلنار من صُهيب ثم تفحصت وجهه والذي ظهر عليه أثار يد جواد وكذلك عُنقه لتتحسسهم بـ إرتجاف ثم تساءلت بـ خوف
-حاسس بـ وجع!...
أمسك كفها وقَبّل باطنه ثم أردف وهو يبتسم بـ إطمئنان
-أنا كويس…
جذبها لتجلس فوس ساقيه ولم تُمانع حقًا الإرهاق قد بلغ مبلغه منها.. حاوط هو خصرها و وضع رأسها على كتفهِ ثم همس وهو يُقبل خُصلاتهِا مُستنشقًا رائحتها الخلابة
-نامي يا قلبي.. نامي وأنا هاخد بالي من جواد…
أومأت وهي تضع وجهها بـ عُنقهِ و ذراعيه تلتفان حول عُنقهِ هي الأُخرى ليُقربها صُهيب أكثر وهمس داخله
-مبعملش حاجة غير إني آخد بالي على اللي يُخصك…
*************************************
رفض رفضًا باتًا أن يرحل رغم إصرار صديقه إلا أنه لم يوافق أبدًا بل ظل جالسًا بـ الحديقة دون حتى أن يهتم بـ مداواة جراحه التي سببها جاسر
لا يزال بـ ثيابه التي إختلطت دماؤه بـ دماءها.. ثياب داخلية لا تقيه برودة الأجواء وهُناك يقف رمزي مُتذمرًا على الهاتف وهو ينظر إلى يزن بين حين وآخر حتى أغلق وعاد إليه
نزع عنه سُترة جلدية و وضعها فوق كتفيهِ ثم أردف وهو يجلس جواره فوق تلك الإستراحة الخشبية
-مفيش فايدة من قعدتك هنا وجاسر الصياد لو شافك تاني هيقتلك المرة دي.. أنا بـ صعوبة إتفاهمت مع الأمن عشان محدش يُطلب البوليس…
رفع يزن رأسه إلى رمزي صديقه ثم أردف بـ هدوء ونبرةٍ ثقيلة
-لو عاوز تروح روح.. أنا مش همشي غير لما أطمن عليها…
أقرن قوله بـ نهوضهِ و إتجه إلى داخل المشفى.. رمزي يقف بـ قلة حيلة لا يستطيع منعه بل و يعذره.. الضربة كانت قاضية.. يزن يعيش الحدث مرتين لا إختلاف بـ التفاصيل أو بـ الشخصيات.. يستحق الإنحناء لتلك القوة التي يملكها بـ براعة.. لقد شهد على إنهياره وكم آلمه ذلك!.. بل و جعله يبكي رثاءًا له
ومع ذلك. تحمل وصمد.. واجه جاسر الصياد كأنه إعترف لينال ذلك الضرب.. يُكفر عن خطأه!!.. خطأ لم يرتكبه ولكنه يعد مُذنب به.. لماذا لم يُخبر جاسر قبلًا!.. أو مثلًا عن تقصيره بـ حمايتها!
زفر رمزي بـ ضيق وهو يحك خُصلاتهِ بـ عصبية مُفرطة ثم همهم بـ إمتعاض
-وبعدهالك يا يزن!.. هتفضل فـ الدايرة دي كتير؟!...
و بـ داخل مبنى المشفى
وقف بـ الجهة الأُخرى من الممر يُتابع ما يحدث بعد خروجه من هُناك وإنتظر كثيرًا حتى خرجت الطبيبة و المُمرضتان اللتين تعملان معها وتحركن جميعًا بعيدًا عن الغُرفة
إنتظر حتى خلا الممر من وجودهم جمعيًا ثم تسلل إلى غُرفتها حيث الأميرة النائمة.. كانت بعيدة كُل البُعد عن يدهِ ولكنها قريبة لعينيه
كانت نائمة خُصلاتهِا الكستنائية تفترش الوسادة حولها بـ ذبول وكأنها تنعي صاحبتها المذبوحة.. وجهها شاحب لا يلونه سوى تلك الكدمات التي إنتشرت عليه.. شفاها زرقاء وكأنها جُثة هامدة لا حياة بها
على الرغم أنها لم تستيقظ حتى الآن ولكنه يُقسم أنه يسمع صوت صرخات.. صرخات روحها الملكومة.. صرخات أصابت أُذنيه بـ طنين أختطلت مع صوتٍ قديم
تغلب على ذلك الترنح الذي أصابه وذلك الخنجر المطعون بين ضلوعهِ والذي يذبحه بـ بُطء كُلما نظر إليها..هرب من صرخات الماضي وظل مع صرخات الحاضر مصدرها تلك النائمة
إقترب أكثر حتى أصبح جوار فراشها.. لم يجلس فوق المقعد بل جثى على رُكبيتهِ وأمسك يدها المُثبت بها إبرة طبية.. الرعشة التي أصابته جعلته ينتفض مُبتعدًا.. ليس نفورًا أو إشمئزازًا بل لتلك المشاعر التي ضربته بـ قسوة دون رحمة
عاود الإقتراب و إمساك يدها مُحاربًا الكهرباء السائرة بـ جسدهِ و إنحنى يُقبلها قُبلة إعتذار ثم. همس بـ صوتٍ خفيض، أجش
-آسف إني ملحقتكيش.. آسف إني خذلتك…
يده الأُخرى مسدت خُصلاتهِا بـ حنان جارف وأكمل همسه بـ ألم أكبر أن يتحمله
-آسف إني كُنت أداة فـ أذيتك…
إنحنى مُجددًا يُقبل جبينها ثم حدق بـ جفنيها المُرتعشين وكأنها تُقاوم شيئًا ما أثناء نومها.. ليميل إلى أُذنها هامسًا بـ إصرار قوي يحمل عواطفه التي حاربها كثيرًا
-أُقسم بـ رب العزة إني أحول كوابيسك لأحلام مفيهاش غير السعادة وبس…
إبتسم يزن وكأنها تراه لينحدر إصبعه إلى منابت خُصلاتهِا عند جبهتها مائلًا إلى اليمين قليلًا وعاد يهمس بـ صوتٍ أجش
-مفيهاش غيري…
كان الوعد جعل قلبه ينبض بـ حياة ليعود وينظر إلى وجهها الذابل وأكمل حديثه بـ نبرةٍ أكثر قوة وتصميم
-وعشان أعمل كدا.. مش لازم يعرف إني أخوه.. هيفضل سري لحد أما أموت…
إنحنى يُقبل يدها مُجددًا وهمس وكأنه يعتذر إليها بـ نبرةٍ ثقيلة
-آسف يا چيلان.. بس لازم أكذب عشان أوصلك…
سارع بـ الإبتعاد عنها حتى لا يُكشف وجوده وخرج من الغُرفة مُغلقًا الباب خلفه.. نظر بـ كِلا الإتجاهين ليجد الممر خالي تنهد وتحرك بـ إتجاه المخرج لتستوقفه مُمرضة
-يا أُستاذ!!...
توقف يزن ثم إستدار إليها بتتقدم منه ثم مدت يده بـ كنزتهِ وقالت بـ إبتسامة
-دا البلوفر بتاعك.. إتفضل…
نظر يزن إلى الكنزة بـ غرابة وكأنها شيئًا عجيب.. كانت عليها آثار دماءها هذه المرة.. ليمد يده بعد لحظات بـتردد واضح ثم أخذها مُتمتمًا بـ شُكر مُبهم ورحل
مطت المُمرضة شفتيها بـ غرابة هي الأُخرى و رحلت حيث تقبع غُرفة چيلان
************************************
حانت اللحظة التي إنتظرها طويلًا.. هاهي تنهار.. ها هي تفقد ذلك الأمان الذي إكتسبته طوال تلك. السنوات منه وفقط.. والآن ذهبت جهوداته أدراج الرياح
إستيقظت لتُعايش الألم مرةً أُخرى.. ولكن هذه المرة ترى ما حدث لها بـ إبنتها.. نفس الألم و نفس الغدر.. ولكن من هُنا ليُداوي جرح إبنته!.. هو لن يستطيع حقًا لن يستطيع
نهضت تجاهها.. كانت جالسة تضم ساقيها إلى صدرها وتهتز بـ عُنف مُقلق.. جلس على طرف الفراش لتبتعد صارخة إلا أنه أمسك يدها وجذبها إلى صدرهِ هامسًا بـ صوتٍ يفتقد لـ القوة عكس كُل مرة تنهار لتجده حائط قوي تتكئ إليه
-أنا جاسر يا روجيدا.. جاسر اللي مش هيأذيكِ…
تعلم أنه هو ولكن تلك الذكرى قاسية و مُؤلمة.. مُؤلمة كما أول مرة تمامًا وكأن السنين لم تمر أبدًا.. وعلى الرغم من ذلك قاومته بـ شراسة إلا أنه لم يبتعد بل ذراعيه حاوطتها أكثر وأخذ يهمس بـ كلمات بـ أُذنها حتى تهدأ
كما كُل مرة تمامًا.. يستطيع أن يُهدئ من روعها ولكن مَنْ يُهدئ روعه!.. سكنت بين ذراعيه وتحشرجت بـ صوتٍ أبح، شارد
-چيلان النُسخة التانية يا جاسر.. بنتي يا جاسر هتعيش مُعاناتي تاني.. ليه ذنبها إيه!...
كانت عيني جاسر قاسيتين بـ رُعب على الرغم من المتاهة الشارد بها عقله.. ولكن يده كانت حانية وهي تُمسد ظهرها ثم أردف وهو يُحدق بـ البعيد
-ذنبها إنها بنت جاسر الصياد…
سمع صوت بُكاءها يُعاود.. و شهقاتها تزداد.. حتى تحولت إلى صرخات إمتصها داخل صدره وشفتيها تتساءل بـ حيرة مُؤلمة
-ليه ياربي ليه!.. ذنبها إيه!...
الوقت يمر و روجيدا لا تهدأ وجاسر لا يستطيع الإحتمال لذلك و بـ دون تردد.. أخرج إبرة طبية أوصى بها الطبيب فـ حين حدوث ذلك و قام بـ غرزها بـ المحلول المُغذي وإنتظر حتى تسلل إلى أوردتها و بدأ بُكاءها يقل.. شهقاتها تخفت.. وصرخاتها تختفي.. حتى ثقلت بين أحضانهِ
وضعها فوق الفراش بـ حرص ثم نهض و أغلق الضوء والباب من خلفهِ.. واللقاء الذي أجله كثيرًا حان وقته
بـ خطىٍ مُتثاقلة توجه إلى غُرفةِ إبنته.. كانت لا تزال كما هي.. نائمة.. شاحبة.. هامدة كـ الأموات.. وجهها مكدوم بـ بشاعة.. كيف لها أن تتحمل ما حدث!.. هي ليست روجيدا أو جُلنار
أخذ جاسر نفسًا عميق على الرغم من إختناقه ولكنه توجه إليها وجلس جوارها فوق المقعد.. مال بـ جسدهِ إلى الأمام وظل يُحدق بها مُطولًا
هُناك جرح ينزف بـ غزارة و ألمه لا يُطاق.. وكأن أحدهم يرشه بـ الملح كُلما إلتئم ليعود الألم بـ أقسى صوره.. لم يكن يعتقد أنه سيعيش ذلك الألم من جديد ولكن ها هو يُعاد
وضع جاسر يده على صدرهِ و مسده.. الألم حقًا أكبر من أن يتحمله.. يكاد تخرج روحه من فرط الألم.. ألم.. ألم والكثير من الألم
قبض جاسر يده و عض عليها يمنع صرخة أُخرى تخرج منه.. عليه أن يصمد لها ومن أجلها.. مدّ يده و أمسك بـ كفها البارد وهمس
-ليه يا چيلان!.. ليه تدبحيني بـ إيدك!.. أنتِ دبحتيني قبل ما تدبحي نفسك…
أخرج تنهيدة عميقة وكأنها تُخرج بعضًا من نيران قلبه المُتقدة ثم أكمل
-عارفة أنا عشت عُمري كُله بحاول مع روجيدا.. بحاول أنسيها الألم.. بحاول أخليها تنام من غير كوابيس.. حاولت و حاولت لحد ما نجحت بس أخدت سنين.. سنين مش هقدر أديهالك تاني…
نهض عن مقعده وإقترب كثيرًا منها يربت على خُصلاتهِا الباهتة وقَبّل جبينها مُطولًا وهمس مُجددًا
-دا مش ذنبك لوحدك.. أنا اللي معرفتش أحميكِ…
أغمض جاسر عيناه ثم عاود فتحها وذلك الإحمرار يشوه قُرصي الشمس خاصته وأردف بـ صوتٍ مُرعب على الرغم من خفوته
-آسف.. بس حقك مش هقدر أسامح عليه..ومش هسامحك يا چيلان وهعاقبك…
شد يده على يدها ثم همس بـ توسل وهو يُحدق بـ جفنيها المُغلقين
-بس فوقي.. فوقي وإرحمي قلبي…
**************************************
-عاوز اسم اللي وصل بنتي المُستشفى…
أردف بها جاسر بـ نبرةٍ تفيض قساوة وقوة.. لتومئ العاملة بـ خوف وتساءلت
-بنت حضرتك اسمها إيه!
-چيلان جاسر الصياد…
بحثت بـ الحاسوب الذي أمامها لعدة لحظات قبل أن ترفع رأسها إليه وقالت بـ توتر
-يزن الحداد…
رحل دون أن ينبس بـ حرفٍ واحد.. صعد سيارتهِ وإنطلق بها دون أن يأخذ أحد من حرسه معه
أخرج هاتفه وإتصل بـ صابر الذي أجاب سريعًا
-جاسر فهمنا في إيه!
-أجاب جاسر بـ نبرةٍ لا تُبشر بـ الخير:مش وقته.. عاوز أعرف من الواطي اللي شغال مع سليمان.. دي مُهمتك يا صابر لحد أما أرجع…
أجابه صابر بـ الموافقة ليُغلق الهاتف ثم عاود إجراء إتصال ليأته الرد بعد لحظات وقبل أن يتحدث من بـ الجهة الأُخرى كان صوت جاسر يهدر بـ صرامة
-عاوز أعرف اللي اسمه يزن الحداد دا بيشتغل إيه ومين.. والأهم ساكن فين.. قُدامك نُص ساعة بـ الظبط و تجبلي العنوان…
لم يدع مجال للآخر لأن يرد بل أغلق الهاتف ثم وضعه بـ جيب سترته الداخلي.. عاود وضع يديه على المقوّد وعقله يعمل بـ إستمرار
چيلان و حالتها التي لا تزال تنخر عظامه ألمًا
روجيدا و إنهيارها المتوقع والذي يضرب قلبه بـ قسوة
وإنتقامه الذي لن يضيع أبدًا
عندها تراقصت الشياطين أمام سواد عيناه.. ملامحه كانت صخرية، عديمة المشاعر ولكن مع ذلك كانت مُخيفة بـ شكل لا يُمكن وصفه.. تبعث الرهبة وتجعل الأبدان ترتجف
****************************************
-وبعدين يا يزن عاوزة أفهم مالك وإيه اللي عمل فيك كدا!...
لم يرد يزن لسؤال خالتهِ الفضولي على الرغم لقلقهِ ولكن ا يدور بـ ذهنه وحالته المُتدنية لا تسمح بـ الإجابة أو الحديث
عاودت لُبنى سؤاله وهي تضع لاصقة طبية على حاجبه المجروح
-طب يا بني طمني عليك…
نهض يزن و قَبّل رأسها ثم أردف وهو يتجه إلى المرحاض
-أنا كويس يا لُبنى متخافيش.. هاخد دش بس…
تنهدت لُبنى بـ أرهاق تعلم أنه لن يُخبرها شئ.. مُنذ ذلك اليوم الذي عَلِمَ به كُل شئ لم تره أبدًا حتى لم يُجب إتصالاتها.. وعندما يأتي.. تراه بـ هذا المشهد المُرعبة لحياتها البسيطة.. مُمزق الثياب.. مكدوم الوجه حتى بـ صباه لم يكن هكذا.. كان أكثر هدوءًا و رزانة ماذا حدث له عندما أبتعد عنها!!
طرقت باب المرحاض ليأتها صوت يزن فـ أردفت بـ حنو
-أحضرلك أكل يا حبيبي!
-لأ مش جعان
-إبتسمت لُبنى قائلة:يبقى هعمل…
إبتسم يزن بـ الداخل لِمَ قالته خالته وأكمل إستحمامه يُزيل أثار الدماء عن جسده التي تحرقه وترك الماء تنهمر على جسدهِ علها تُزيل بعضًا من همومه
حينما هاتف رمزي بعد خروجه من غُرفةِ چيلان سأله إذا كان قد وجد شهاب أم هرب و كانت النتيجة حتمية.. هرب كـ الفئران ليسأله صديقه بـ حيرة
-هتعمل إيه دلوقتي!.. هلاقيه إزاي؟!.. أنت حتى مرتضش تعرف جاسر الصياد
-أجاب يزن بـ نبرةٍ باردة:سيبه يهرب.. أنا هعرف أجيبه كويس…
الحقيقة أصبح يزن يخاف نفسه كثيرًا.. عنفه وشراسته التي لم يظهرا مُنذ سنوات يُحاولان الآن حلّ قيودها والتحرر.. وعندما تتحرر لن يوقفهما أحد
و بـ الخارج
كانت لُبنى تضع القدر فوق النيران حتى أتاها صوت طرق لتقطب جبينها وهي تتساءل بـ حيرة
-مين هيجي دلوقتي!...
نظرت إلى ساعة الحائط وهي تتجه إلى الباب كان الوقت قد تخطى مُنتصف الليل ليزداد توجسها و قلقها.. وضعت حجابها على رأسها وفتحت الباب بعدما تساءلت بـ صوتٍ عال
-مين!...
لم يأتها رد لتنظر هي إلى ذلك الرجل ضخم البنية لا تتناسب مع عمرهِ لتتساءل بـ عقدة حاجب
-أنت مين!...
أتاها صوته غليظ وهو ينظر إلى وجهها بـ تمعن
-يزن الحداد هنا!
-عاوزه ليه؟
-أردف جاسر من بين أسنانهِ:موجود ولا لأ!
-تنهدت لُبنى وقالت:أيوة أقوله مين!...
أخذ الرجل عدة لحظات قبل أن يردف بـ جمود و قساوة
-جاسر الصياد!!!...