رواية أباطرة الغرام الفصل التاسع و العشرون بقلم اية محمد رفعت
تململت ندى في فراشها لتفتح عينيها ببطء فوقع نظرها على ذاك الذي يهيم بها، وعلى وجهه إبتسامة جذابة، انحنى إلى جبينها يقبله قبلةً رقيقة فأغلقت عينيها بخجلٍ ثم فتحتهما بسعادة وهي تشعر بابتعاده عنها، اقتربت منه تسند رأسها على صدره ليحاوطها بذراعه، ثم قال بنبرته العاشقة:
_صباح الخير يا حبيبتي.
تجرأت ومدت يدها لتداعب لحيته برقة ثم أجابته:
_صباح النور.
ابتعد عنها قليلًا ثم نهض عن الفراش واتجه نحو مائدة الطعام المتحركة التي دفعها برفقٍ نحوها، نظرت باستغراب، كيف جهز هذا، ثم سألته :
_ أنت صحيت إمتى؟
_من نص ساعة دخلت خذت شاور وطلبت فطار وبعدين استنيتك علشان تصحي.
أجابها وهو يوقف الطاولة ويجلس إلى جانب ساقيها، فسألته بخجل:
_طب ما صحتنيش ليه؟
_قولت أكيد تعبانة فسبتك براحتك.
أوشكت على مغادرة فراشها،فأوقفها قائلًا:
_خليكِ مكانك.
نظرت إليه بحيرة، ليقترب منها هامسًا أمامها :
_ بقيتي الملكة بتاعتي رسميًا وقدام الكل، والملكة فطارها بيوصل لحد عندها في السرير.
_وأنا اللي هأكلك بايدي!
قال آخر جملة وهو يقطع قطعة من الخبز، ويطعمها بيده، تناولا الفطور معًا في جوٍّ مليء بالحب.
**********
انزعج من ضوء الشمس النافذ. ففتح عينيه بانزعاجٍ، ليلتفت لتلك التي تغفو بين ذراعيه كالطفل المتعلق بأبيه، ضمها إليه بقوةٍ، جعلتها تنتفض بالفراش بفزعٍ، ونظراتها تحيطه بشكوكٍ من أن يكون قاربها ، مسد على شعرها وهو يخبرها بحنان:
_ متخافيش يا حبيبتي، ده أنا!.
وظل يهمس لها بعباراتٍ أسكنتها تمامًا، ابعدها عنه قليلًا وقال معتذرًا:
_ أنا آسف يا قلبي مقصدتش أفزعك بالشكل ده، ولو عاوزاني أبعد في اللحظة دي هبعد بس مش عايز أشوفك بالحالة دي تاني.
احتضنته بقوةٍ وهي تخشى فقدانه وقالت بحزن:
_ لا يا خالد متسبنيش أنا عايزاك على طول جنبي أنا مش بخاف طول ما أنا في حضنك.
ربت على ظهرها بحنوٍ ثم همس:
_وأنا عمري ما هسيبك إلا لو أنتِ طلبتي ده؟
أجابته بالنفي قطعًا:
_ وأنا عمري ما هطلب كده أبدًا.
**********
استيقظ آسر من النوم على صوت بكاء وعويل مزعج، فوجد سها جلس بأحد أركان الغرفة وتبكي بانهيارٍ، فزع وركض إليها يتساءل بدهشةٍ:
_سها مالك ياحبيبتي أنتِ كويسة ؟
ابعدت يده التي تحاول تجفيف دموعها وهتفت بحدة من بين شهقاتها :
_ ابعد عني ابعد ليه تعمل فيا كده ليه؟؟
شعر بعدم فهمٍ لحديثها فسألها ما الذي ارتكبه، فبكت وأخبرته بما يشعل أفكارها بالسوء:
_ اعتديت عليا ليه يا آسر ؟ ليه؟
_ اعتداء إيه يابنت المجنونة؟!
سألها بريبةٍ كيف تتهمه بمثل ذلك؟ فهو زوجها وله الحق بذلك ، لكنها قالت بأسفٍ عليه :
_ ده أنا بنت عمتك أودي وشي فين من الناس منك لله يا شيخ منك لله ..
تصنم لما يسمعه فأشار لنفسه يسألها بدهشة:
_ بتدعي عليا ياعبيطة ؟ أنا جوزك!
عادت تنتحب في بكائها وقالت بحزن :
_ ماهو ده اللي مزعلني أكتر أنك جوزي ومع ذلك عملت فيا كده؟
ارتدى آسر قميصه وحوقل مردفًا بضيق:
_عوض عليا عوض الصابرين يارب، أنا عارف أن الجوازة دي حد باصصلي فيها منك لله يا حازم.
_آسر أنت رايح فين ؟
سألته بقلقٍ، فابتسم وهو يعاود الاقتراب منها :
_ ايه عايزاني أقعد معاكِ يا قلبي.
حركت رأسها بقبول ليجلس بجانبها يهتف بمرح :
_ اشطا.
قاطعته بحديثها الصادم :
_ أمال يعني أسيبك تهرب بعد ما عملت عملتك السودة ؟ والله لأرفع عليك قضية تحرش!
*************
اجتمع أفراد عائلة الدالي من جديد على السفرة جميعهم، فراقبهم أحمد ومن ثم صاح ساخرًا:
_أيوة كده تنزلوا تنوروا القصر أفضل ما كل واحد بياكل فوق لوحده.
علق خالد بضحكٍ :
_الله مش عرسان يا عمي.
تمتم أحمد بتهكم :
_هو أحنا قولنا حاجة أتغدوا و أطلعوا.
نظر خالد إلى ياسمين بحبٍ، ثم قال بصوتٍ حنون:
_ خدي دي يا قلبي.
رددت ياسمين بخجلٍ :
_خالد احنا مش لوحدينا!
تمتم خالد بغيظٍ:
_ميهمنيش أنتِ بقيتي مراتي خلاص يعني محدش يقدر يتكلم!
سلط بصره نحو عصام، يلقي حديثه عليه، في حين ردد محمد بتحذير:
_طب خد بالك من البوص زعله وحش.
تمتم عصام وهو ينظر إلى ندى بحبٍ:
_مينفعش أزعل من حد و أنا في شهر العسل أعمل اللي أنت عايزه يا خالد.
ذهل أحمد من عصام، وتمتم بضحكٍ :
_ده انتوا واقعين بصحيح، يالا خدولكم يومين.
أكمل محمد ضاحكًا :
_ من بدري يا ابو حميد.
تمتمت سهير ببسمةٍ حنونة:
_ صبروا كثير يا جماعة وربنا عوضهم.
استدارت أمل حولها وتساءلت دهشةٍ :
_هو آسر فين!!
_آآآه الحقوني.
صرخت بها سها وهي تتقدم منهم. في حين علا صوت آسر وهو يجيب والدته، ولا يزال يركض خلف سها:
_ أنا هنا يا ماما بس مش فاضي دلوقتي، أربي البت دي الأول وأجيلك يا قلبي.
صرخت سها بفزعٍ:
_ألحقوني.
رفع آسر يده بالحذاء وهرع من خلفها، وهو يصيح بغيظٍ:
_ تعالي هنا.
تمتمت سها بتعبٍ:
_حرام عليك يا آسر سبني.
رد آسر بحنقٍ:
_ أسيبك أزاي ده أنا هخلص عليكِ النهاردة!
نهض محمد ينظر لهما، ويتساءل بدهشةٍ:
_في إيه بس ياولاد؟!
حاولت سهير التدخل، تردف بتعجبٍ:
_ أهدى يا آسر.
نظر لها آسر بسخطٍ، ثم قال:
_ أهدى أزاي!! أنا راضي ذمتك حد يصطبح بالوش ده ويهدى.
_الصراحة لاء.
قالتها سهير وهي تكتم ضحكتها، في حين عاد آسر يركض خلف سها متمتمًا:
_شوفتي
حاول محمد منعه من التقدم وحينما فشل أشار إليهما :
_حد يقوم يحل الموضوع، هنسيب البت تموت في ايده!
صرخت سها به وهي تشير له عساه يهدأ :
_خلاص يا آسر هكلم المحامية متكملش في الاجراءات وتسحب الملف.
علق أحمد بتعجبٍ :
_ملف ايه ده؟!
اجابته سها بنهجٍ :
_بتاع القضية
رفع محمد حاجبيه بذهولٍ، ثم قال:
_ قضية ايه!!
اجابته سها ببراءةٍ :
_قضية ابنك.
تمتنت آمال بصدمةٍ :
_انتي رافعة على جوزك قضية!
حركت سها رأسها بايجابية، تردف ببلاهة:
_ أيوه قضية خلع، ابنك ميتعاشرش! ، وقح ولا يطاق.
علت الصدم وجوه الجميع، ليردد آسر بغيظٍ:
_ أكمل أنا بقا تعالي.
تمتمت سها سريعًا صارخة :
_طلقني يا آسر بكرامتك أحسن ما أتضرب.
حرك آسر رأسه بايجابيةٍ، يجيبه بتوعدٍ :
_ أنا هطلقك فعلا بس من الدنيا كلها.
تراجعت سها بخوفٍ متمتمة :
_ أبعد عني.
اشتعلت عين آسر بغيظٍ قائلًا :
_ما أنا هخلص عليكِ يعني هخلص عليكي.
انسحبا خالد وعصام من حولهما تاركين لهما الأمر، عساه ينتهي بطريقة تفتت ذاك الجدال الحاد.
************
وبعد دقائق صاحت به:
_طلقنـــــــــــي
قالتها سها بصراخٍ وهي تخشى قربه منها، في حين ردد آسر بألمٍ:
_خرمتي ودني أنا لسه لحقت أتهنى بيكِ يا بنت المجانين.
حرك أحمد رأسه يمينًا ويسارًا، ثم قال متطعًا نحو زوجته:
_تعالي يا آمال نطلع أصل هيجلي الضغط من الإتنين دول ده إذا كان لسه مجاش.
انطلق محمد، يمسك بيد سهير مرددًا :
_خدني معاك.
وما أن غادر الجميع حتى رددت بملل:
_ما تطلقني بقا يا آسر الله.
قالتها سها بإرهاق، تجلس على الأريكة بتعبٍ، في حين نظر لها بغيظٍ، يردد بحنقٍ :
_أطلقك أزاي مش أما أتجوزك الأول.
وبخبثٍ استطرد:
_ تعالي بس هقولك على موضوع مهم.
جلس إلى جانبها، لتردف سها بتذمر:
_لا متقولش أووعى سبني.
حاوط كتفها بذراعه، وردد بحنوٍ :
_هصالحك!
وهمس لها بحديثه الرومانسي فنادته بعاطفة:.
_ آسر.
اجابها باهتمامٍ:
_نعم.
ابتسمت بسعادة، وأردفت ببهجةٍ :
_شيلني.
اتسعت عينيه بصدمةٍ، وصاح بتهكمٍ:
_ليه إتشليتي!!
شهقت سها بحزنٍ، ثم قالت بتذمر :
_كده يا آسر طب ما تكلمنيش تاني.
نظر لها بغيظٍ، وقال من بين اصطكاك أسنانه :
_ما أنتِ بتطلبي حاجات مستحيلة يا سها!
رفعت حاجبها باستنكار، ثم قالت:
_ياسلام ما كل الرجالة بيشلوا مراتتهم؟!
اجابها ببلاهةٍ :
_ده الرجالة بقى.
_ ٱمال أنت ايه؟!
قالتها بتعجبٍ، فقال بمرحٍ:
_أنا أسوره.
تمايلت بدلالٍ:
_طب شيل يا أسورة.
نهض آسر يردف بمكرٍ :
_ماشي تعالي فوق.
علقت بعدم فهم :
_اشمعنا فوق!!
اجابها وهي يمسك كفها كي تلحق به :
_المسافة فوق قريبة.
لم تفهم حديثه، لتعاود السؤال:
_من ايه؟!
اجابها وهو يسير معها نحو الأعلى:
_تعالي و أنا أقولك.
***********
ركلت ياسمين قدمها بالهواء تردف بتذمر :
_نزلني بقى ياخالد الله!!
ضحك خالد على تذمرها، مرددًا بمشاكسةٍ :
_لا مش هنزلك.
نظرت ياسمين بغيظٍ ثم قالت :
_ليه؟!
رد خالد بمكرٍ :
_مزاجي!
رفعت حاجبها تردف بتهديدٍ:
_نزلني ياخالد أحسنلك!!
ابتسم باعجابٍ لطريقتها، ثم قال بضحكٍ:
_ده تهديد صح!!
حركت رأسها بايجابية مرددة :
_أيوة.
نظر بحدقتيها بعمقٍ، هامسًا:
_ أنا مش بتهدد.
ضيقت عينيها تجابه نظراته الباردة، ثم قالت بتوعدٍ :
_ أنت حر.
وإنحنت إليه تقضم يده حتى تعالت صرخاته وهو يهمس بإلمٍ:
_آآآه يا عضاضة!
وقفت ياسمين تضحك على صراخه، تتمتم بضحكٍ:
_ تستاهل.
_كده طب أستني بس عليا.
فور نطقه لتلك الكلمة هرولت ياسمين من أمامه، فتعركلت قدميها لتسقط على الفراش وهي تمد يدها إليه ليحاول مساعدتها، فسقطوا معًا على الفراش، ضحكت بشدة حتي أحمر وجهها،ومازالت عينيه العاشقة تخطف نظرة لعينيها تارة ولشفتيها المبتسمة تارة أخرى، وهمس لها بصوتٍ مغري:
_بحبك
توقفت عن الضحك وتطلعت إليه، كادت بأن تلحق رغبات قلبها،ولكنها توقفت حينما انقبض علقها وانبسط عن التفكير بأي شيء، نظرت له بصدقٍ ثم قالت بدلالٍ واضح بعد صراحته بحبه لها:
_ وأنا كمان بحبك أوي يا خالد ومش عايزاك تبعد عني.
كلماتها منحته إذن مبطن بالاقتراب، فلم يتردد أبدًا عنها، وجدها تعافر حتى لا تعود تلك الذكرى البشعة إليها، حتى انغمست معه بملاذات حبهما الخالص وباتت زوجة له قولًا وفعلًا! .
************
مرت ثلاثة أسابيع، عادت به منه من السفر للخارج بعدما انتقلت مع فريق طبي للخارج، كانت تود سماع أخباره بفارغ الصبر، فبدأت بأول خطتها حينما اجتمعت مع حازم بأحد النوادي، فما أن جلست حتى ردد حازم بهيامٍ:
_كنت متأكد أني هوحشك!!
اجابته منة بمكرٍ:
_ايوة فعلًا وحشتني وجيت عشان أشوفك.
تلبست دورها ببراعةٍ حتى فجأته بسؤالٍ غريبٍ:
_أمال ولاد خالتك مش باينين ليه؟!
_ أنهي واحد فيهم؟!
حمحمت منه بحرجٍ :
_ احم خالد!
اجابها وهو يتناول الطعام بعدما احضره العامل :
_لا من يوم ما أتجوز معتش بشوف خلقة أهله.
اتسعت عينيها بصدمة، وصاحت:
_ ايـه هو اتجوز!!
تعجب من صدمتها، ثم سأل بدهشةٍ:
_أيوة هو أنتِ متعرفيش؟!
حركت رأسها بنفيٍ، تجيب بشرودٍ:
_ لا معرفش.
_ أنا أفتكرت أنه عزمك مش بتقولوا أصدقاء من الثانوي.
قالها حازم بتعجبٍ، في حين اجابته منه بضيقٍ :
_ ايوه بس هو معتش بيكلمني زي الأول.
وجذبت حقيبتها، واتجهت للخروج وهي تردد سرعةٍ بعدما لحت برأسها فكرة:
_طب أنا لازم أمشي دلوقتب، هبقى أكلمك بعدين سلام.
نهض حازم يحاول اللحاق به، ومازال يردد ببلاهة :
_طب أستني مش هتقوليلي كنتي عايزاني ليه!
هرولت خارج المطعم مردفة على عجلةٍ من أمرهت :
_ بعدين بعدين.
هدر حازم بحسرةٍ :
_ لا أنا مستعجل والله!!
*************
_ آســـــــر.
صرخت بها سها، في حين انتفض آسر من النوم فازعًا، يردد:
_إيه فين مين!!!
قالت سها وهي تقترب من آسر :
_خلاص أنا بعد اللي عرفته قررت خلاص.
قطب جبينه بتعجبٍ، وهو يردد بنومٍ :
_قرار ايه؟!
اجابته بحدةٍ:
_لازم أقتلك عشان العار اللي أنا فيه!!
اتسعت عين آسر بفزعٍ، ثم سأل بذعرٍ
_عار ايه!!
اجابته سها وهي تتقدم منه بالسكين :
_فضحتي اللي أنت السبب فيها!
اتسعت عينيه بذعرٍ، ونهض فوق الفراش يتراجع للخلف وهو يردد بصدمة:
_سكينة يابنت المجانين!!
ركضت سها خلفه تردد:
_والله لأقتلك!
صرخ آسر برعبٍ :
_ أنتِ عندك فقدان ذاكرة وبتفوقي منه بعد اللي بيحصل بينا ولا أيه؟!
اجابته ولا تزال تركض خلفه:
_القتل أهون من الفضيحة.
حاول تهدئتها ومازال يدور حول الأريكة، قائلًا :
_ إستهدي بالله و أبعدي البتاع دي عني.
_لا أموتك الأول.
قالتها وهي تستمر بالركض، في حين ردد بفزعٍ :
_وتترملي من بعدي!!
توقفت عن الركض مرددة بعد تفكير:
_مش أحسن من الفضحية لما بطني تكبر والكل يعرف باللي عملته!!
علق مندهشًا :
_ أنتِ حامل!!
عوجت فمها تجيبه:
_لسه عاملة الاختبار وطلعت حامل للاسف.
ابتسم بسعادة ، وحاوطها اليه وهو يصيح بفرحةٍ:
_ فضحية ايه بس يا سوسو هي دي فضيحة!
وتابع بتحذير:
_خفي عليا عشان مكرهش عيشتك!
تركت عنها السكين وهي تغمز له بمشاكسةٍ:
_أنا اللي حابة أعملك جو حلو ومختلف إنت هتزعل ولا أيه!
************
تابع خالد حاسوبه بتمعنٍ، وهو يعمل على أحد الصفقات الهامة، حينما لمحها تخرج من حمام الغرفة وتجلس أمام السراحة، تجفف خصلات شعرها المبتل، تفاجأت به ياسمين يدنو منها، ثم جذب المشط وأخذ يمشط شعرها بحنانٍ، راقبته بالمرآة بنظرة حملت عشقها الخالص إليه، ورددت بخفوت:
_أيه الدلع ده كله!
أجابها ببسمته الجذابة:
_مش مراتي لازم أدلعك!
اتسعت ابتسامتها وهمست إليه:
_شكلي هتعود على دلعك وحنانك ده.
غمز لها بمشاكسةٍ:
_وماله يا روح قلبي طول ما أنا جنبك فأنتي جوه قلبي وعيوني!
رددت على استحياءٍ:
_بأحبك.
اتسعت ابتسامته وكاد بالاقتراب منها، فقاطعهما صوت ضجيج مزعج للغاية بالخارج، جعلهما يندفعان للخارج بقلقٍ، فوجدوا آسر يصيح من بين لهاث أنفاسه:
_ الحقني ياخالد بنت المجنونة عايزة تقتلني!
منحه نظرة ساخطة وأردف بغيظٍ :
_ أنت مش هتعقل بقى!
ركض آسر يختبئ خلفه، مرددًا :
_ياعم بقولك هموت انجدني الأول وبعد كده انصحني!
اقتربت منه سها والغضب يتطاير من حدقتيها، متلفظة بتوعدٍ:
_والله لأقتلك ،أوعا يا خالد لو سمحت متتدخلش!
صرخ آسر به حينما وجده يكاد يتخلى عنه:
_لا أوعى تبعد يا خالد.
اقتربت ياسمين من سها، وتساءلت بفتورٍ:
_في ايه يا سها وايه اللي مسكاها دي!!
بكت فجأة، وهي تشكو لها:
_ أخوكي حرمني من شبابي بداري، ومن أول شهر بقيت حامل!
رمقها خالد بنظرةٍ مغتاظة، وصاح بتهكم :
_ هتموتي الواد عشان حامل أمال يوم الولادة هتعملي ايه!!
أشارت نحوه وهي بتوعد:
_مش هيكون موجود عشان يحضر الولادة إن شاء الله.
وتابعت بانهيار:
_ده أنا مصدقت إن جسمي ظبط ونزل شوية، تيجي أنت وتضيع مجهوداتي هباءًا.
تمتم آسر بغيظٍ من بين اصطكاك أسنانه:
_هو أنتي ليه محسساني إني اشترتلك حاجة بالاجبار!
صاحت بحدة:
_ولو بردو المفروض كنا نأخد احتياطنا بحيث ألحق أتهنى وأعيش بالجسم الرفيع مدة لا تقل عن الخمس ست سنوات!
جحظت عين ياسمين التي تحاول جاهدة حل تلك المعضلة، وحينما فشلت قالت:
_تاهت ولقناها، احملي وبعد الولادة نعملك عملية استئصال معدة عشان تتهدي من اللغ.
حكت جبهتها وهي تردف بتفكيرٍ:
_وتفتكري هتجيب نتيجة معايا!
زم خالد شفتيه وأشار لياسمين:
_تعالي نرجع أوضتنا يا حبيبتي، الله يكرمك بلاش نختلط بالمجانين دول أكتر من كده!
***********
هبطت سها للاسفل حينما تخلى عنها خالد، وهي تصيح بصوتها المزعج:
_الحقني يا خالي
بصق الشاي الساخن عن فمه وهو يتمتم بسخطٍ:
_لطفك ييا يا رب.
وصاح بغضب:
_نعم! خير؟!
اشارت على بطنها بهلعٍ، وكأنها تحمل قنبلة مؤقتة:
_أنا حامل!
وتابعت بتأثرٍ لتقطع عليهم فرحتهم:
_ابنك اتغرغر بيا ومهمهوش مشاعري ولا حرماني من عمري الصغير وجسمي السمبتيك يرضيك ده يا خال!
ضرب أحمد كف بالآخر وردد:
_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
نظر محمد له، قائلًا بفرحة تتجاهل حديث تلك الحمقاء:
_مبروك يا أحمد هتبقى جد.
علق بتهكم:
_قصدك هدخل العباسية.
ردد ضاحكًا :
_ ليه بس كده؟!
أجابه وهو يشير نحو طيف سها التي صعدت الدرج قائلًا :
_يعني هي وجوزها عملوا فيا كده أمال لم يخلفوا هيعملوا ايه تاني!!
تمتم محمد مازحًا:
_ في دي عندك حق، لازم تخاف فعلًا!
**************
طرقت سها باب غرفة الخاصة بندى، وحينما استمتت لاذن دخولها ولجت وهي تتساءل بسخطٍ:
_ندى بتعملي ايه؟!
اجابتها وهي تقترب من الخزانة لتنقي ما تريد:
_مفيش بغير ونازلة أقعد تحت شوية.
_سمعتي آخر الاخبار.
قالتها سها بهدوءٍ، فقطبت ندى جبينها تعجب تجيب:
_ أيه!
رددت بتأففٍ:
_مش آسر حامل أقصد انا حامل.
اتسعت عينيها بسعادةٍ، وقالت وهي تحضنها :
_ ما شاء الله، ألف ألف مبروك ياقلبي.
نظرت لها بتهكم وقالت :
_ و أنتِ مالك مبسوطة كده ليه؟!
اجابتها ندى ضاحكة :
_ عشان هيجلنا بيبي صغنون
تمتمت بسخريةٍ:
_فرحانه بالبيبي ومش همك جسمي اللي هيبوظ!
ردت عليها بعقلانية:
_بعد الولادة بالرياضة والرجيم تقدري ترجعي تاني زي الأول.
اطبقت شفتيها بوجوم وهي تتابع:
_الرياضة والرجيم! دول أعدائي في الحياة!
***********
بدأت منه بتنفيذ مخططاتها، بعدما أعماتها الغيرة وحقدها حينما استمعت لأمر زواجه، فاتجهت إلى القصر وطلبت من الخادمة أن تقابل ياسمين شخصيًا، وبالفعل اخبرتها هنية، بوجود فتاة غريبة تريد مقابلتها، هبطت للأسفل باستغرابٍ، وما أن تقدمت منها حتى رددت برقةٍ وابتسامتها لم تفارقها:
_أهلًا وسهلًا.. اتفضلي
طوفتها بنظرة حارقة ربما إن كانت تحمل صداها المتحرك لكانت الآن بعداد الموتى، اندهشت ياسمين من نظراتها الغريبة إليها، وانتهت بصدمتها حينما قالت:
_خالد معاه حق يوقع في حبك!!
قطبت جبينها، ورددت بصدمة:
_انتي مين؟ وتعرفي خالد مين؟ وليه طلبتي تشوفيني؟!
اجابتها منه بمكرٍ :
_ انتي مستحيل هتعرفيني بس جوزك هيعرفني كويس، لاننا كنا أصدقاء من أيام الثانوي وحتى أيام الجامعة بالرغم من إن كل واحد فينا دخل كلية شكل.
حاولت ياسمين التماسك والابتعاد عن فهم حديثها بالسوء قدر الامكان، فحافظت على ثبات ابتسامتها المرسومة وقالت :
_آسفة بس أنا معرفكيش.
وأشارت بيدها قائلة:
_اتفضلي ارتاحي
جلست منة وهي تمتم بمكرٍ :
_ولا يهمك أنا أعرفك كويس، خالد ياما حكالي عنك كتير
رفعت حاجبها تتفوه بذهول:
_حكالك عني أيه مش فاهمه!
نظرت لها ببرودٍ متعمدة تجاهل سؤالها وتساءلت بدلال:
_هو خالد هنا؟!
اجابتها بعدم ارتياح:
_ خرج من شوية.
نهضت عم مقعدها، وهي تردد بخبثٍ:
_ مش مشكلة أما نتقابل هعرفه أني كنت جاية أباركله.
علقت ياسمين بشكٍ :
_ هو أنتم بتتقابلوا؟!
ابتسمت للوصول لمبتغاها، وأجابتها بمكرٍ:
_ بنتقابل على طول بس زعلت منه جامد.
رددت بسخرية :
_ ليه بقى؟!
اجابتها بحزنٍ مصطنع:
_يعمل فرحه وميعزمنيش أنا كنت هفرحله مش معنى أنه أتقدملي و أنا رفضته أبقى مش هفرحله وهتضايق.
اتسعت عينيها بصدمةٍ، وقالت بذهولٍ :
_ ايه اللي أنتِ بتقوليه ده، اتقدملك أمته وازاي؟!
رددت بخبثٍ:
_ عادي يعني بتحصل، بس متقلقيش كان حب من طرف واحد، أنا مقدرتش أحبه!
أحضرت الخادمة أكواب العصائر إليهما، فتناولت منها الكوب وتعمدت سكب بضع قطرات على فستانها، لتردد بانزعاجٍ:
_ لو ممكن بس تشاوريلي على مكان الحمام أنضف فستاني بليز.
تطلعت لها بحنقٍ، ونادت الخادمة تخبرها بازدراء:
_ خدي الهانم للتويلت
ذهبت منه معها وهي تخفي ابتسامتها الخبيثة، في حين ظلت ياسمين شاردة في حديثها حتى قاطع تفكيرها رنين هاتف غريب، نظرت جوارها، فوجدته هاتفها، صدمت للغاية وتجمهت معالمها حينما رأته يضيء بصورة زوجها، أمسكت الهاتف بين يدها، فلم تتحمل رؤيتها بتلك الصورة التي تجمعه مع تلك الفتاة، فاستغلت غيابها للمرحاض وتفحصت الهاتف، فتفاجأت برسائل برقمٍ مسجل باسم خالد، وبينهما عدد من المكالمات والرسائل المفعمة بالرومانسية، وما زادها صدمة رؤيتها لصورٍ تجمعها بخالد، دخلت في حالة من الصدمة، وباتت لا تعي ماذا ستفعل بتلك اللحظة!!