رواية أباطرة الغرام الفصل الثلاثون والاخير بقلم اية محمد رفعت
اعتلت الصدمة وجه ياسمين وتجمدت محلها، وكأنها أصيبت بصاعقٍ كهربائي، ولج عصام برفقة خالد من الخارج، ليتفاجئوا بحالتها المريبة تلك، وما زاد ريبتهما حينما تردد ذاك الصوت المألوف:
_خالد إزيك عامل ايه ؟!
استداروا تجاهها، فصعق خالد من وجودها،اقتربت منة بخطواتها البطيئة إليه، ورددت وهي تتصنع الحزن:
_كده تعمل فرحك ومتعزمنيش؟
واسترسلت بحدةٍ وشرارة الحقد تتأجج داخل حدقتبها:
_ولا خوفت متقدرش تكمل في الجوازة دي وانت شايفني قصاد عيونك، بس اطمن أنا رحمتك من العذاب ده وحكتلها على ماضينا واللي كان بينا
_ماضي ايه يا زبالة أنتِ غوري من هنا.
هتف بها عصام بانفعالٍ، ليدافع عن ابن عمه، فمنحته نظرة ماكرة قبل أن تستطرد بانتصارٍ:
_الماضي اللي في ايد أختك.
ساد الارتباك الأجواء، وخاصة حينما إنضم كبار العائلة إليهم، فصاح محمد بعدم فهم :
_ ماضي ايه؟ أنا مش فاهم حاجة ما تفهمونا في أيه بالظبط؟
توجهت لتقف صوبهم ،وتلفظت بتفاخرٍ:
_ قصة حبنا العظيمة أنا وابنك، ولإني حملت منه كنا هنعجل بجوازنا.
دهش الجميع بشدة مما استمعوا إليه، فشق صوت ندى الساخر سكون صمتهما المطول:
_ومتجوزتوش ليه؟
_لأن البيبي نزل وبعدها خالد إتخلى عنى وسبني!
أتقنت خدعتها باجتيازٍ، بعدما نجحت بزرع بذور الشك في أرضهم وانتظرت باكورة ثماره، انتظر الجميع مبرر صريح من خالد الذي إلتزم الصمت وعينيه تراقب ياسمين بألمٍ، يود أن تطل إليه بنظرةٍ تتلصص لآنينه، عساها تعلم بأنه لم يفعلها قط، أفاق من غفلته على صوت أبيه الصارم:
_خالد الكلام ده صح رد عليا ؟!
أسرعت ندى بالتدخل فتوسلت لأبيها مرددة :
_ أرجوك يا بابا، خالد مستحيل يعمل كده.
صمته اشعل من جمراتٍ الغضب لديه، فجذبه أمامه وهو يصرخ بانفعالٍ:
_ ساكت ليه ما تتكلم الكلام اللي بتقوله ده صح؟
رد عليه عصام بصدمةٍ جعلت حديثه منفعل:
_معقول يا عمي حضرتك اللي بتقول كدا!
واستطرد بعصبيةٍ بالغة:
_دي كدابة وعاملة الحوار ده كله عشان تخرب حياته!
رفعت صوتها مردفة باعتراضٍ لاتهامه لها:
_ أنا مش كدابة، والدليل على كلامي معايا وفي ايدي.
إختارت ياسمين من بينهم لتكون شاهدة على دليلها، فاتجهت وقدمت الهاتف إليها، وأخذت تراقب انفعالاتها باستمتاعٍ وشماتةٍ، تعلقت عينيها بالصور التي تجمعمهما معًا بهدوءٍ غريب، فجذل أبيه الهاتف عنها وهو يدقق بالهاتف متفوهًا باستنكارٍ:
_ أنا أكيد بحلم، مش معقول يكون ده ابني، مستحيل
_عمي من فضلك متخليش بنت زي دي تقصر عليك، خالد مستحيل يعمل كده؟
حاول عصام الدفاع عن ابن عمه الذي يراقب ما يحدث بعجزٍ تام، وخاصة حينما رد أبيه بانفعالٍ:
_للأسف أنا معرفتش أربيه، كنت بعامله كصديق مش كأبن وشوف أخرة اللي عملته معاه وصلنا لفين!
حديثه المستسلم لخدعة تلك الفتاة،دفع آسر للتبرير هو الآخر، فقال بغضب :
_ياعمي خالد مستحيل يرتكب معصية زي دي، الحية دي اللي دبرت واتقربت من حازم وعملت كل ده عشان توصل للي في دماغها!
ابتسمت منة بشماتة وهي تنظر إليه :
_ و أهو عمل ولازم يصلح غلطته ويتجوزني...
صفعة قوية تلقتها والصدمة الكبرى سُلطت على من تقف قبالتها ترمقها بغضبٍ وحقد اشتعل بصراخها الشرس:
_ أنا مش مصدقة إزاي واحدة فيها كمية الوسا*ة دي أنتِ بني أدمة وقحة وصلت بيكِ قذرتك إنك تشوهي سمعتك عشان حبك المريض لخالد.
_ أنا...
حاولت أن تبرر فعلتها لتخرسها ياسمين مرةً أخرى بحديثها:
_أنتِ جريئة وجرتك خليتك تفكري إني ممكن أشك في خالد وأصدق كل القرف اللي بتقوليه ده، أنا كنت مصدومة فعلًا بس فيكِ مفيش بنت تفضح نفسها و تصور الصور دي، أنتِ صعبانة عليا أوي عايزاني أصدق أن خالد اللي عشت طول عمري معاه هنا في بيت واحد والكل كان عرف أنه بيحبني محاولش حتى يقربلي، وبعد الجواز قدر ظروفي اللي مريت بيها و استحملني يقوم يعمل كده أطلعي بره ومتدخليش البيت ده تاني .
حديثها كان صدمة للجميع، التي سكنت معالمهم جراء ما قالته، وبالاخص خالد الذي تابعهما ببسمةٍ هادئة، قبضت سها على خصلات شعرها بقوةٍ وجرتها للخارج وهي تردد بسخرية :
_سمعتي يا حلوة عارفة الباب ولا نعرفهولك؟
_ أنا بقول نكلم الحرس يطلعوها، يجروها زي البهايم برا
هتفت ندى بشماتةٍ، فضحكت آمال وقالت باستهزاء:
_ كفاية يا بنات حرام دي مسكينة
ضحكت سهير ورددت ساخرة:
_ هي فعلًا مسكينة وشكلها بقى وحش أوي.
وقفت منة مصدومة من كم الإهانات التي رجمت بها، لتكون الأخيرة على يد ياسمين التي قبضت على ذراعها تجرها نحو بوابة القصر الداخلية تدفعها بقوة إلى الخارج ثم تصفق الباب في وجهها لتغادر بعينين يتطاير منها الشر والوعيد والهلاك .
استدارت الفتيات للخلف فتفاجئن بقول آسر المصعوق:
_ متجوزين عصابة ياجدعان حتى أنتِ يا ماما.
ابتسمت وهي تخبره بفخر:
_ أمال ايه ده إحنا اللي توهنا الأجانب يا ابني .
_ والصين والهند والبلاد كلها.
قاطعتها ندى ضاحكة لتحتضنها سهير مع ياسمين وهي تدعو إليهما :
_ربنا يخليكم لبعض يا بنات ويحرمناش منكم .
_و أنا ، أوعي يابت أنتِ وهي أنا بإتنين أنا و إبني.
ابعدتهما سها بغيرة، فرددت الاخيرة بحزن مصطنع:
_مش عايزة أكبر أنا.
_هخليه يقولك يا مُلة.
تقدم أحمد نحو ابنتيه يحتضنهما قائلًا بفخر :
_ أميراتي أنتم، كنت متأكد أن محدش هيصدق كده على خالد .
_بس أخوك صدق يا اخويا...
ردد آسر بغيظٍ وهو ينظر لعمه الذي شعر بالخجل لعدم تصديقه بينما خالد كان لا يزال يتأمل ما يفعله الجميع بدهشةٍ وبالأخص ما قامت به زوجته، أفاق من غفلته القصيرة على يد أبيه الموضوعة على كتفه، وصوته الحزين الذي يردد على استحياء:
_ أنا آسف يا ابني.
هز رأسه وقد تحرر عن صمته أخيرًا:
_أنا مقدر موقفك يا بابا ومش زعلان من حضرتك.
منحه ابتسامة هادئة، وشاكسه مردفًا:
_طب مش هتجيب بقى؟
_ أجيب ايه ؟
سأله خالد باستغراب فأجابه أبيه وهو يفتح ذراعيه له:
_حضن لأبوك ياض .
احتضن خالد أبيه بقوة وسط نظرات السعادة المتبادلة من الجميع، سحب آسر نظراته لأخيه وناداه بصوتٍ هادئ :
_بقولك يا بوص .
أفسد ابتسامته فتطلع إليه ثم قال بسخط :
_عايز ايه يا زفت؟
_والله ما عايز حاجة كنت هاخد حضن بس .
منحه نظرة ساخطة جعلته يرتد للخلف برعب، انتبه عصام لابيه الذي يدنو إليه هامسًا باستغرابٍ:
_أنت كنت عارف بالموضوع ده!
هز رأسه وهو يخبره:
_خالد مش بيخبي عني حاجة!
******
اجتمعوا على طاولة العشاء بعد أن مرت عليهم تلك الغمة دون أن تفتك بأحدٍ، نظرت سها للأكل بجوعٍ، وقالت وهي تلتهم ما تحمله ملعقتها:
_ أحلى حاجة الأكل شيء عظيم.
ضحك الجميع بسخرية وأجابها عصام بمرح :
_ كويس إن في حاجة تلهيكي عننا.
وأشار لخالد بيده:
_ هات ياخالد بسرعة ...
_ أجيب ايه ؟
سأله مستفسرًا ليشير إلى طبق دجاجٍ بالقرب منه ثم قال :
_هات الفراخ البت حامل ولازم تتغذى.
اتسعت ابتسامتها فرحة وشرعت تأكل كأنها لم تذق الطعام من قبل، فشلت ندى بكبت ضحكاتها، ومالت لزوجها تخبره بمكرٍ:
_وانا عايزة شوكولا
نظر لها بعشقٍ ثم ابتسم غامزًا إياها وهو يمنحها جوابًا أخجلها :
_لما نطلع هجبلك أحلى شوكولا.
_يعني واحدة عايزة شوكلاته والتانية فراخ وأنا يعني اللي وقعة من السابع!
هتفت ياسمين بغيظ، فابتسم محمد وهو يجيبها :
_ اطلبي اللي أنتي عايزاه وأنا عنيا ليكي.
_هاتلها غزل البنات وهي تحبك ياحودة.
ردد آسر مقترحًا، فأوقفه والده حينما زجره بسبةٍ جعلته يهتف بغيظ مصطنع:
_عيب يا والدي أنا هبقى أب؟ ابني يقول عليا ايه دلوقتي؟
رددت أمال بسخرية:
_ عادي لما ييجي هنشتمك حصري قدامه.
ومن بين مشاكسة الجميع، كان هو بعالمه المنعزل، مازال يتطلع إليها وما فعلته منذ قليل يداهمه بحيرةٍ، فنهض عن مقعده وأشار لها قائلًا:
_ياسمين تعالي عايزك.
**********
وقف قبالتها يطوفها بنظراته التي أحاطتها مطولًا، ومازالت تنتظر أن يفرغ ما يثقل كاهله من أسئلة تزحم حدقتيه، تمرد صوته الرخيم ليسألها بحيرةٍ:
_ليه؟
رمشت بعينيها بعدم فهم لسؤاله الغريب، فاستطرد بتوضيحٍ:
_ مصدقتيهاش يا ياسمين ؟
اقتربت منه تقبض على كفيه بكفيها إلى جانبه، تستمد منه ثقتها، شجاعتها، أمانها، طمأنينتها، تعمدت الاطالة بالنظر لعينيه قائلةً بابتسامةٍ رقيقة:
_خالد أنا بثق فيك أكتر من نفسي، وفهماك أكتر من أي حد، بصة جوه عينك بتخليني أقراك وأقرا اللي جواك
واسترسلت بحزنٍ:
_أنا كنت بتعذب وأنا شايفاك مهموم وخايف طول الوقت، كان نفسي أطمنك وأقولك مستحيل هصدق عليك حرف!
برق بحدقتيه بدهشة، ففاضت بما تخفيه :
_عصام حكالي كل حاجة يا خالد .
تملكه الخوف للحظةٍ، فإن لم تكن على علمٍ بم تدبره له هل كانت ستفعل نفس الشيء، فقال بارتباكٍ:
_ولو مكنش قالك حاجة؟
ضمت أصابعها بين يده، ثم قالت بثقة :
_نظراتي فيك عمرها ما هتتغير يا خالد.
قربها إليه وضمها إلى صدره بحب شديد، وردد بالقرب من أذنها :
_أنا بعشقك.
شددت من تطويقها له وهي تهمس له بحبٍ:
_مستحيل هسمح لشيء يفرقني عنك.
انسجاما بعالمهما الوردي المنعزل عما حولهما، بعدما بدأت هي بطرق أبواب الغرام، فلبى ندائها بصدرٍ رحبٍ
**********
مرت الأيام سريعًا، ومازالت تواجه سها شراهة الطعام المفرطة،، فاستيقظت من نومها وهي تشعر بالجوع الشديد، التفتت تجاه آسر الذي يغفو براحةٍ، وحسمت أمرها بإيقاظه، فحركته وهي تناديه عدة مرات، إلى أن صاح بضيقٍ:
_ يخربيت آسر على بيت أبو آسر، نعمين عايزة إيه ؟؟
تحسست بطنها المنفوخ، ثم نظرت إليه ببسمةٍ واسعة:
_عايزة آكل بيتزا.
فزع من نومته، وكأنه رأى كابوسًا مخيفًا، ثم نظر إليها بدهشةٍ وهتف باستنكار :
_ أومال العلبة اللي لسه مرمية على الأرض دي ايه ؟
شعرت بالضجر من حديثه، فما ذنبها بأنها منذ لحظة حلمها بحملها ويتنابها شعور الجوع المفرط باستمرارٍ، حتى بعدما أنقصت وزنها بصورةٍ ملحوظة عادت للسمنة مرة أخرى بعد ولوجها للشهر، السادس من الحمل، وكعادتها تحاول إخفاء حرجها بالصريخ المنفعل:
_ما آكلش يعني الله!! ثم أنا مش بأكل لوحدي، بأكل مرة ليا ومرة لابنك
نظر لساعة الحائط فوجدها الرابعة فجرًا فصاح بحدة:
_ إحنا الفجر يا بنت المجانين.
_ماليش فيه اتصرف أحسن آكل إيدك أنت حر .
راقب يده بتمعنٍ وبدأ يخشى أن تنفذ تهديداتها، فردد بسخطٍ ونظراته المحتقنة تطوفها:
_وعلى أيه هتصرفلك في فرختين من نحت.
عاندته بغضب:
_قولتلك عايزة بيتزا!
ههمس بغضب:
_ربنا على المفتري!
ضيقت عينيها بشكٍ:
_بتقول حاجة يا حبيبي؟
_ أبدًا يا روحي بقول حاضر هصحي الواد خالد يعملك ست بيتزات معتبرين تتسلى فيهم أما النهار يطلع.
أجابها بغيظ وهو ينهض متوجهًا لغرفة خالد.
**********
طرقات متعصبة توالت على باب الغرفة، استيقظت ياسمين بانزعاجٍ، فحاولت إيقاظ خالد مرددة بنعاسٍ:
_خالد شوف مين بيخبط!
جذبها لأحضانه وداثرها بالغطاء وهو يهمس لها بنومٍ:
_نامي يا حبيبتي ده أكيد الزفت آسر زي كل يوم عايزني أعمل بيتزا للبيج شو .
أصر بطرقه المتكرر على باب الغرفة، إلى أن نهض خالد على مضض، فجذب قميصه وارتداه بغيظٍ، إتجه للخروج فتسلل إليه صوت ضحكاتها تطرب آذنيه خاصةً بحالتها الناعسة تلك، اقترب منها مجددًا وانحنى إليها يطبع قبلة على جبينها، :
_الحقني يا خالد.. أنتم بتعملوا ايه؟!
ابتعد خالد عن ياسمين لتتشح الأخرى وجهها خجلًا، فجذبه خالد بغضبٍ:
_ أنت داخل زريبة يا حيوان.
أجابه باستياءٍ وهو يحاول ابعاده عنه:
_ده وقت رومانسيات بذمتك، البت هتاكلني وأنت قاعد تحب!!
وأشار إليه بتوسلٍ:
_انزل إعملها سبع تمن بيتزات تسد بيهم معدتها
سخر منه مردفًا:
_ليه هنفتح مطعم!
كاد أن يجيبه فقطعته ياسمين حينما قالت:
_خلاص يا خالد أنا هاجي معاك.
امتعضت ملامح آسر وأشار يوقفها:
_ لا كده مش هيشوف شغله هيقف يسبلك بعينه الخضرة دي ومش هنخلص في يومكم.
_ طب غور بره بقى
قالها وهو يدفعه عنوة للخارج، فلم يستسلم آسر وعاد لطرقه مجددًا حتى خنع له خالد فهبطوا معًا للأسفل ومن خلفهما ياسمين.
**********
تململت ندى بنومتها بانزعاجٍ شديد، من الصداع المؤلم الذي لم يتركها منذ الأمس، فنهضت عن فراشها وإتجهت للأسفل لتعد كوبًا من القهوةٍ علها تخفف من حدة وجعها وحينما هبطت للأسفل تفاجئت بوجودهم، فكان خالد يصنع البيتزا بمساعدة آسر الذي يحوم حوله فما أن ينتهي من أحدهم كان يجملها لسها التي تجلس على الطاولة الموجودة في المطبخ تتناول ما يحضره آسر لها بشراهة، وكأنها لم تأكل منذ أعوامٍ، حاولت ياسمين كبت ضحكاتها بصعوبةٍ فتفاجئت بندى التي تدلف للداخل بتعبٍ وهي تتساءل: .
_ أنتم بتعملوا ايه في الوقت ده!
أجابتها ياسمين بمرحٍ:
_زي كل يوم بنعملها لغ!
أحست ندى بالصداع يداهمها مجددًا فأمسكت رأسها بألم وتأوهت بخفوت لاحظه الجميع فركضت ياسمين إليها تسألها بقلق وقد أجلستها إلى أقرب مقعد وهى تتساءل بقلقٍ:
_مالك يا بنتي!
_دماغي صداع هيموتني، ومعدتي وجعاني الظاهر خدت دور برد .
ربت خالد بحنان على كتفيها، وقال:
_الف سلامه عليكي يا حبيبتي، هجبلك حبوب كويسة أوي للصداع.
أجابته بتعبٍ:
_يا ريت يا خالد، أنا أخدت مسكن معملش أي حاجة!
صعد خالد للأعلى وهبط بالدواء، بينما قدمت لها ياسمين المياه..
ولج عصام للداخل يبحث عنها بعدما اكتشف عدم وجودها بالغرفة، فوجدها ترتشف القهوة ووجهها مرهق للغاية، رنا إليها وهو يتساءل بلهفةٍ وخوف:
_قلقت مالقتكيش جنبي أنتِ كويسة ؟
أجابته وهي تلتقط الدواء من أخيها:
_أنا كويسة، بس حبيت أشرب قهوة..
وبمرحٍ قالت:
_ونزلت لقيت الفريق كله في المطبخ.
التقط شريط الأقراص من يدها وهو يردد بريبة :
_حبوب اي دي؟
ردت عليه ببعض الارهاق:
_رأسي فيها صداع رهيب من إمبارح مش قادرة أنام منه.
عاتبها بضيقٍ:
_مصحتنيش ليه وأنا كنت طلبتلك دكتور!
رددت على استحياء حينما حاوط وجنتها أمامهم:
_الموضوع مش مستاهل دول شوية صداع!
واسترسلت على استحياء:
_وخالد اداني دوا ان شاء الله هبقى كويسة.
ابتسم وهو يهمس لها:
_إن شاء الله.. الف سلامة عليكِ يا روحي.
قاطع لحظاتهم الخاصة صوت سها المتعصب:
_واد يا آسر فين الكاتشب يالا!
جذب الزجاجة وألقاها إليها بعصبية لحقت حديثه:
_اطفحي انتي مالكيش في الرومانسية.
وهمس بصوتٍ خافت:
_ يا ميلة بختك يا آسر!.
_رومانسية ايه يا عبيط استنى بس أول ما تحمل هيدلوا لبعض بالجزم.
أجابته سها وهي تضع الكاتشب على قطعة البيتزا من أمامها ،فنظر عصام إليها بحدة وسأل بغضب :
_مين دول؟
لم تبالي لسؤاله فأشارت إليه باهتمامٍ:
_ يا بوص الله يخليك أديني الطحينة دي أصل ابن أخوك بيحبها أوي .
وتطلعت لخالد الذي توقف عن عمله وهو يراقب ما يحدث بسخطٍ، فأشارت بكفها إليه مردفة:
_ وقفت ليه يا شيف لسه في عجنتين حرام يترموا!
**********
صعدوا جميعم للغرف ما أن شعرت سها بالشبع المؤقت واختفى صداع رأس ندى، الذي عاد يهاجمها بالصباح بقوةٍ تفوق الأمس، فجلست على طاولة الطعام تحاول رفع رأسها الثقيل، وتحارب ما يعتريها من وجعٍ يشعل بطنها، فوجدت يده تمتد على يدها وصوته الرجولي يعلو لمسمعها:
_ مش بتاكلي ليه ؟
نظرت إليه بتعب وأجابته بوهن :
_ ماليش نفس هطلع أنام شوية.
بقلقٍ سألها:
_أنتي لسه تعبانه!
نفت بإشارة رأسها، وأخبرته:
_يمكن لاني معرفتش أنام كويس، هطلع أرتاح وهبقى كويسة.
وأستأذنتهم جميعًا ثم اتجهت نحو المصعد تغادر إلى غرفتها بخطواتٍ مترنحة لحظها عصام، استندت ندى على سور الدرج المجاور لها بتعب، ومالت بجسدها باستسلامٍ للدوار الذي ضربها فهرع إليها ليحيل بينها وبين السقوط، فسقطت بين يديه مغشيٌّ عليها، وصراخه أخر ما تسنى لها سماعه!
_ندى؟
حملها وولج للمصعد وهو يصرخ لابن عمه:
_ أتصل بالدكتور فورًا يا خالد.
********
كان الجميع في حالة من الترقبٍ والخوف، فما أن خرج الطبيب حتى التفوا من حوله، فسأله أحمد بقلقٍ:
_طمنا يا دكتور، أنت قلقتنا بالتحاليل اللي عملتها أول ما دخلتلها!!
ابتسم الطبيب وزف إليه خبره المفرح:
_التحاليل كان لتأكيد شكوكي وفعلًا طلعت زي ما توقعت..مدام ندى حامل ألف مبروك
أدمعت عين عصام لشدة فرحته، فلم تناله الفرحة بمفرده طالت جميع من بالقصر، صاح آسر بخالد ساخرًا:
_ أعمل حساب ندى معاك وزود عدد البيتزا.
دفعه للخلف وهو يردد بضيق'
_يا أخي حل عني أنت ومراتك بقى هو أنا خلفتك ونسيتك!
ضحكت سها وهتفت باطراء مرح له :
_والله يا سلفي يا عسول أنت مفيش زي نفسك في الأكل!
جاهد لرسم بسمة مصطنعه وأردف من بين اصطكاك أسنانه:
_ده من سوء حظي!
***********
بالداخل
ضمها إليه بفرحةٍ، وبسعادةٍ أخبرها:
_أنا مش مصدق نفسي، معقول هيبقى عندنا بيبي!
ابتعدت عنه تتحسس بطنها ، ثم أخذت يده تضعها عليه قائلة بدموع :
_ ولا أنا مصدقة!
طبع قبلة على جبينها وقال ببسمة هادئة:
_أنا نفسي يبقى أول خلفتنا بنوتة شكلك.
هزت رأسها باعتراض:
_ لا أنا عايزة ولد شكلك و ياخد عيونك الحلوة دي.
ارتفعت ضحكاته وقال من بينها:
_ خلاص متزعليش لو جت بنت نعملها تاني لحد ما يجيلنا الولد!.
انطوت داخل أحضانه من جديدٍ، فضمها إليه بعشقٍ جعلهما ينسابان خلفه لدقائقٍ، وفجأة انتفضا حينما اقتحم آسر غرفتهما المفتوح بابها، ليصرخ بحماسٍ:
_مليووون مبرووك يا نودي.
وصعد فوق الفراش ليدفع عصام عنه ويحتل محله، مسترسلًا حديثه:
_أنا جاي النهاردة أديكي شوية نصايح وعصارة تجربتي المطينة بطين عشان تتعلمي منها ومتقعيش في أخطاء تندمك عمرك كله!.
رمست بعينيها بقلقٍ:
_نصايح أيه دي!
أشار بيده بغرورٍ وهو يتابع:
_ إياكِ ثم إياكِ تهاودي نفسك في الأكل أصل تبقي شبه البيخ شو ومعاكي الأخت سها أبسط مثال!
نهض عصام عن الارض وهو يراقبه بغضبٍ يكاد يقتله حيًا، بينما تابع آسر:
_البوص ده عايزك كل يوم تمشوريه طلبات أنا بتوحم على كبدة، ويوم على لحمة على أي حاجة المهم ألاقيه بيجري في نصاص الليالي شبه المجنون!
تعالت ضحكات ندى وأشارت لآسر بأن يتطلع خلفه، فتفاجئ بمن يقبض على ياقة قميصه وفحيح صوته المخيف يصل إليه:
_النجفة موحشتكش؟
جحظت عينيه صدمة ورعبًا، فنهض عن الفراش ودفع أخيه مرددًا:
_مكانك يا عمهم... اعتبروني مجتش!
*****************
مرت عدة أيام فقررت ندى الذهاب لمتابعة حملها، فطلبت من ياسمين الذهاب معها ولم تخذلها الأخرى، فذهبوا معًا للطبيبة، على وعد التنزه بعد الانتهاء من الفحص.
أما بشركة الدالي وبالأخص بمكتب أحمد، جلس خالد على المقعد المقابل لعمه الذي تساءل بإهتمام:
_عملت ايه ياخالد في الصفقة اللي كلمتني عنها من كام يوم.
أجابه وهو يلتقط الأوراق منه بعدما انتهى من توقعيها:
_متقلقش يا عمي كله تمام.
ابتسم أحمد وهو يردد:
_أهي دي الاخبار اللي تفرح ولا بلاش!
أضاف محمد بفخرٍ لأخيه:
_لا ولما تعرف بقى إن عصام نجح يخلي المناقصة ترسى علينا المرادي كمان هتعمل أيه!
اتسعت ابتسامة أحمد وقال:
_لا كده نسلمهم الشغل واحنا مرتاحين يا محمد.
ولج آسر وعصام من الخارج، فقال بغرور:
_كان عندك شك في قدراتي يا بابا ولا أيه؟
تسابق خالد بالحديث قبل عمه:
_هو في حد يقدر يشكك فيك يا بوص!
ابتسم عصام وقال في حبورٍ:
_لولا تعليماتك يا ريس، ثم إن البوص ميبقاش بوص من غير مساعدتك يا شريك!
منحه ابتسامة هادئة، فصاح آسر بتذمر :
_أنا كل يوم بتأكد إنكم لقيتوني على باب جامع.
واستطرد بغيظٍ:
_خفوا من مدح بعضيكم قدامي عشان الغيرة متحرقنيش.
وبصوت خافت ردد:
_حشه في معامعيك أنت وهو.
نظر خالد إليه بتهكمٍ، ثم قال:
_ياشيخ أرحم أمنا من لسانك ده.
علق عصام بمرحٍ :
_ ده أسوره الكوم الكبير مش كده ولا أيه يا خالد!
اتسعت عين آسر بسعادةٍ، ثم قال بصدمةٍ:
_بجد ياعصام!!
حرك عصام رأسه يرفق ضحكه خافته مرددًا :
_بجد يا أسوره.
اتسعت ابتسامته،فتطلع آسر إلى خالد وردد بريبة :
_الدلع ده وراه جريمة قتل صح!
هز رأسه نافيًا وأخبره بغمزةٍ مشاكسة:
_اللي بيصبر ينول وأنت صبرت يا أسوره.
انطلق آسر نحو عصام يردد بفرحةٍ جاليةٍ :
_ ما تجيب حضن بقى!
تجهمت نظراته فعاد لمحله بصمتٍ، وملامحه تنكمش بغضب، فضحك خالد وفتح ذراعيه وهو يخبره:
_متزعلش هحضنك أنا!
*******
باحدى العيادات المتخصصة بالنساء والتوليد.
كانت تجلس ندى وياسمين بإنتظار دورها، فلاحظت ندى شرود ياسمين بالفتيات المحاطن بهما، ربتت على كتفها وقالت بعد تفكير:
_بقولك أيه يا ياسمين، بما إنك معايا ما تقطعي كشف وتخلي الدكتورة تكشف عليكي!
برقت بعينيها بدهشةٍ:
_تكشف عليا ليه!
لعقت شفتيها وهي تجيبها بتوترٍ:
_أنا بتكلم عادي، أي ست متجوزة بتعمل الفحوصات دي عادي جدًا.
وتابعت خشية من أن يضايقها حديثها:
_أنا بقولك إنك وأنتي هنا تعمليه بالمرة!
منحتها ابتسامة صغيرة وهى تهز رأسها بتفهمٍ، فنهضت ندى وسجلت إسمها بالقائمة، وبعد قليل ولجوا معًا للداخل..
انتهت لطبيبة بفحص ندى بشكلٍ عملي، وسجلت ملاحظتها:
_ أنتِ محتاجة تتغذي شوية يا مدام ندى لأنك ضعيفة والأنيما عالية عندك جدًا وده اللي سببلك الإغماء...أنا هكتبلك شوية أدوية تمشي عليها و إن شاء الله خير.
ابتسمت ندى برقةٍ، ثم نهضت تهندم ملابسها قائلة:
_شكرا يا دكتور.
وأشارت نحو ياسمين قائلة باهتماكٍ:
_ دي ياسمين بنت عمي كنا حابين نطمن عليها يا دكتورة.
سألتها الطبيبة:
_أنتي متجوزة بقالك أد أيه؟
أجابتها على استحياءٍ:
_بقالي سبع شهور.
هزت الطبيبة رأسها وهي تردد بببسمةٍ صغيرة:
_يعني لسه عروسة جديدة، فالموضوع ميستعديش القلق، بس لو حابة نكشف ونطمن أكتر مفيش مشكلة.
وأشارت نحو غرفة الكشف مردفة:
_اتفضلي اجهزي.
ولجت للداخل برفقة ندى، فتمددت على الفراش بقلقٍ يعتريها، ومازالت رفيقتها تتمسك بيدها وهي تخبرها ببسمتها البشوشة:
_ما تخافيش الموضوع بسيط!
***********
عاد عصام للمنزل بعدما انتهى من عمله، وحينما لم يجدها هبط للأسفل يسأل عمه باستغرابٍ :
_ هي ندى فين ياعمي؟!
اجابه محمد بهدوءٍ:
_ أخذت ياسمين معاها عند الدكتورة عشان تتطمن على البيبي نفسها تشوفه.
حرك عصام رأسه بيأسٍ من أفعالها ، وقال باستياءٍ :
– أنا قولتها إني هروح معاها، مش قادرة تستنى ساعة!
أجابه محمد بهدوءٍ:
_معلس يا حبيبي هتلاقيها متحمسة إنت عارف إن دي أول فرحتها.
هز رأسه بتفهمٍ، وأشار له:
_طيب هشوفها فين وأروحلها
حرك محمد رأسه مرددًا:
_ماشي يا ابني.
حاول عصام الاتصال بها، فهاتفها على الواتساب، ليجدها تخبره بأنها ستعود بعد دقائق، وما بدد غضبه إرسالها لصور السونار عبر الهاتف، ورسالتها المدونة
«بنوتك صغنونة أوي ومش باينة لسه»
ابتسم وهو يجيبها
«بكره تكبر وتبقى أجمل بنوتة بالكون كله»
ردت عليه
«إن شاء الله يا حييبي، سلام دلوقتي شوية وهكلمك»
********
انتهت الطبيبة من فحصها، وخرجت للمكتب حيث تجلس ندى بانتظارهما، فما أن جلست قبالتها حتى تساءلت بلهفةٍ:
_ها يادكتورة طمنيني؟!
انتقلت نظرات الطبيبة لياسمين وسألتها ببعض الدهشة:
_مدام ياسمين أنتِ معملتيش قبل كده اختبار حمل؟!
حركت رأسها بنفيٍ، ورددت بتعجبٍ :
_ لا ليه؟!
ابتسمت الطبيبة لهما ولنظراتهما المتعجبة ثم قالت بتعجبٍ:
_ لأنك بالفعل حامل!
اتسعت عينيها بعدم تصديق وهتفت:
_حامل!!
واسترسلت بذهولٍ:
_ بس أنا محستش بحاجة خالص!
اجابتها الطبيبة بعمليةٍ :
_ ياحبيبتي عادي في ناس كده.
رددت ندى بفرحة:
_والله ما أنا مصدقة، ألف مليوون مبرووك على حبيبة قلبي، عقبال ما نولد مع بعض!
قاطعتها الطبيبة مرددة:
_الغريب بقى إنها حامل قبلك، يعني سبقاكي بشهر!
***********
بالقصر.
اجتمع الجميع بالأسفل، فلوى آسر فمه وهو يردد بإزدراء:
_أعوذ بالله الكرنبة وصلت.
راقب خالد الدرج وهو يتساءل باستغرابٍ:
_كرنبة ايه؟!
كبت ضحكاته وهو يهمس:
_عيب هتزعل لو سمعتك.
أشار بسخطٍ، وتابعها بنظراته إلى أن تمددت على الأريكة وهي تفرك بطنها بتعبٍ، وأشار إليه قائلة:
_آسر قوم شوفلي أي عصير جوه، حاسة بحموضة رهيبة!
ضيق عينيه بغضب، وصاح بنفور:
_بدأنا أم طلباتك اللي مبتنتهيش!
تابعته وهو يتجه للمطبخ، لتصرخ بحنقٍ:
_كل في نفسك أوي وأنت ماشي، هتنزل في بطني سم من كتر دعواتك دي!
راقبهما خالد ببعض الخوف، وانحنى لعصام يهمس إليه :
_ تفتكر ندى هتعمل معاك كده؟!
رد بارتباكٍ:
_تفتكر!
أجابه ضاحكًا:
_ خاف على هيبتك ومركزك يا بوص!
رمقه بنظرةٍ نارية، وصاح بغيظٍ :
_طب أسكت بقى عشان مخلصش عليك.
دلفت ندى إلى الردهة، تردد بسعادةٍ:
_مساء الخير.
رد محمد بحنوٍ :
_مساء النور يا قلبي.
تساءل أحمد بحماسٍ :
_ها طمنيني عملتِ ايه!!
جلست كلتا الفتاتان تجيب ندى بنهجٍ:
_ الحمد لله يا عمي أطمن كل الامور بخير.
_وحياة أمك أنت بتهزر يالا.
قالتها سها بحدةٍ، في حين تسأل آسر بقهرٍ:
_ليه بس!.
تمتمت سها بصوتٍ حاد:
_جايبلي عصير برتقان هيعمل أيه في الحموضة ده!!
نهض آسر مجددًا، يردد بحنقٍ :
_هروح أشوف حاجه تانية ربنا يهدك يا بعيدة عما تجيبي الواد ده هكون ودعت بسببه!
ردد خالد ضاحكًا :
_ شمتان فيك أنت وأخوك بصراحة، ده أنتوا هتتمرمطوا مرمطة.
رددت ندى بشماتة:
_ و أنت قبلهم يا حبيبي.
قطب عصام جبينه بدهشة، مرددًا بشكٍ:
_قبلنا في أيه؟!
اجابته بسعادةٍ :
_ياسمين حامل وسابقاني بشهر كمان!!
رمش بعينيه عدة مرات، وأردف باندهاش :
_أيه!!
أكدت بهزة رأسها، ثم اجابته :
_ ايوه الدكتورة كشفت عليها وأكدتلنا حملها.
نهض أحمد عن محله يحتضن ابنته، وپأعينٍ دامعة قال:
_الف الف مبروك يا حبيبة قلبي.
بينما ركض خالد نحوها وحملها بطريقةٍ ادهشت الجميع وأخذ يطوف بيها وهو يردد:
_ده أعظم خبر سمعته بعد موافقتك على جوازنا،أنا بحبك!
تدخل محمد سريعًا، فأشار بحزمٍ :
_الله يخربيتك نزل البنت كده غلط عليها.
علق عصام ضاحكًا :
_ معذور يا عمي الفرحة كلت بعقله.
وعاون شقيقته على الهبوط عن ذراعيه، ثم ضمها إليه مرددًا بفرحةٍ:
_الف مبرووك يا حبيبتي.
اقتربت سها من خالد ثم قابت بخبث:
_اعملنا بيتزا بقى نحتفل بالخبر السعيد ده.
جحظت عينيه وهو يصيح بها:
_تاني يا سها تاني!!
أجابته ببسمة واسعة:
_أخر مرة إن شاء لله يخليلك عيالك يا شيخ.
استحسن خالد دعائها، وقال بعنجهيةٍ:
_حلوة الدعوة دي اوكي هعملك، تعالي.
اشارت له بيدها وهي تتجه للطاولة المحملة بطعام الغداء:
_ماشي روح سخن عما أتغدى و أجي!
************
حركت ندى قدمها بالهواء وهي تردف بتذمرٍ :
_نزلني يا عصام، أنا مش عايزة أنام دلوقتي الله!
اجابها وهو يضعها بالفراش:
_لازم ترتاحي شوية عشان اللي في بطنك
مسدت على بطنها بحنانٍ، وبسمة رقيقة ارتسمت على محياها فور تذكرها أمر حملها، فتمدد لجوارها وطوفها بذراعيه، فوضعت رأسها على موضع قلبه وهمس له بحبٍ:
_اللحظات اللي بقضيها وأنا جانبك بتعوضني عن الايام اللي عشت فيها مقهورة وأنا شايفاك مع غيري.
ضمها بقوةٍ وهو يطبع قبلاته على جبينها مرددًا بندمٍ:
_كنت مغفل.
ورفع رأسها إليه وهو يخبرها:
_كان لازم أحس بحبك ده من البداية، بس اللي مصبرني إننا في النهاية مع بعض يا ندى!
***********
بالأسفل.
وجدها تجلس على المقعد القريب من الرخام الفاخر شاردة والبسمة تحيط وجهها، طوفها بذراعيه ومال برأسه على كتفيها، وصوته الرخيم يلفح رقبتها:
_سرحانه في أيه يا ياسمنتي!
ابتسمت وهي تخبره بخجلٍ:
_بفكر هجيني بنوته ولا ولد.
واسترسلت بتوتر:
_احساس مربك أوي يا خالد بس جميل.
أدار المقعد إليه حتى باتت قبالة عينيه،ليخبرها بعشقٍ:
_انتي أجمل شيء دخل حياتي يا ياسمين.
وطواف بطنها بيده وهو يستكمل بنبرته المغرية:
_وأكيد حبي هيكون مماثل للبيبي لانه حتة منك!
ابتسمت وهي تخبره بحماسٍ:
_ أنا فرحانة أووي ياخالد ومش مستوعبة إن قريب هيكون عندنا طفل صغير أنا كنت بحلم يكون عندي بيبي ألاعبه!
ردد خالد بحزنٍ مصطنع :
_يعني هتلعبيبه وتنسيني!
ضحكت على طريقته، فوضعت يدها على وجنتيه مرددة بحبٍ :
_مقدرش!