رواية سهم الهوى الفصل الرابع و الثلاثون الخاتمة 2 بقلم سعاد محمد سلامه

رواية سهم الهوى الفصل الرابع و الثلاثون الخاتمة 2 بقلم سعاد محمد سلامه


قبل ساعات 
بـ مرسى مطروح صباح 
بالفندق 
صحوت فايا على صوت رنين هاتفها، فتحت عينيها بتكاسُل تشعر بخمول النوم فهي بالكاد غفت منذ ساعات قليلة، بسبب ذلك الآرق التي تشعر به بالفترة الأخيرة، بالكاد تحاول عدم اللجوء الى المنومات الدوائية، حتى لا تعود وتتعود عليها 
لكن صوت الهاتف لم يمنحها فرصة للتردد، فتناولت الهاتف من على طاولة بجوار الفراش رمشت بعينيها عدة مرات محاولة تمييز اسم المتصل وسط ضوء الشاشة الساطع... كان الاسم واضحًا صهيب زفرت بضيق وهي تعتدل في جلستها، تمرر يدها على وجهها كأنها تحاول طرد آثار النوم .. بصوت مبحوح قليلًا من أثر النوم قائلة: 
نعم، بتتصل عليا بدري كده ليه. 

إبتسم قائلًا بمشاغبة: 
الناس بتقول الأول صباح الخير، وبعدين بدري إيه إنتِ لسه نايمة. 

تثائبت بضجر وأجابته بكسل، لكن شيئًا ما في نبرته جعلها تستقيم أكثر، تركز انتباهها: 
أيوة لسه نايمة 
في أوضتي، يعني هكون فين.. بدري كده. 

إبتسم قائلًا بشغب: 
أنا اللي ليا الشرف إني سمعت صوتك أول ما فتحتي عيونك..صوتك واضح إنك بتفكري 

رفعت حاجبها ، ثم تأملت كلماته قبل أن ترد بنبرة نصف ناعسة نصف متشككة:
إنتَ بتتريق ولا بتعاكس. 

ضحك بخفة قائلًا:
ينفع برضوا اتريق عليكِ أكيد طبعًا بعاكس 

ضيقت عينيها ثمزفرت قائلة:
مش قادرة أفهم إنتَ عايز توصل لإيه بالضبط... بمعاكستك دي. 

لمعت عيونه  بالعبث، قبل أن يهمس:
اصبح يتجرأ فى الحديث مع فايا، كنوع من 
التحدي الخفي، مستمتعًا بردود فعلها المتفاوتة بين الحذر والاستفزاز أحيانًا... كانت نبرته تحمل شيئًا من الاستفزاز المرح، لكنه لم يكن مجرد مزح عابر، بل محاولة لاختراق حدودها، لمعرفة إلى أي مدى يمكنه إرباكها أو استفزازها... وجعلها تتخلي عن التحفُظ معه، وهذا ما جعل علاقتهم تتقدم خطوات، يرغم فايا على الثقة به.... لكن أحيانًا تعود للتحفُظ حتى لو مكرًا هكذا حين تُدرك أنه يتلاعب بحبال الصبر لديها، يختبر ردود فعلها كما لو كان يمسك بخيط رفيع بين الجد والهزل...  تعرف أنه لا يهدف فقط إلى التسلية، بل يريد أن يراها تتخلى عن حذرها طواعية، أن تعترف ولو دون كلمات بأنها لم تعد تتعامل معه كأي شخص عابر.

لكنها كانت أيضًا تعرف كيف تُعيد بناء جدرانها بسرعة، حتى لو كان ذلك مجرد تمثيل بارع... وهكذا، حين يُبالغ في استفزازها، ترد عليه بابتسامة خفيفة، تحمل في طياتها التحدي والمراوغة معًا، قبل أن تُلقي بكلماتها ببرودٍ محسوب:
إنت برغيك الكتير ده عالصبح هتسبب فى عطلة للشغل وأنا هنا عشان نشتغل ونخلص المشروع فى أقرب وقت من فضلك أنا هقفل الاتصال عشان أنا مش فاضية. 

قبل أن يرد أغلقت الهاتف وهي تبتسم، تتكئ بظهرها على الفراش تشعر بإنتعاش خاص فى قلبها صفو ذهن أصبح يُسيطر عليها، عقلها أحيانًا يذمها لكن لابد من المُجازفة والخروج من شرنقة الماضي التي حبست روحها لابد أن تعود وتنطلق كما كانت مرحة كفراشة فى أرضها الواسعة. 

بينما ضحك صهيب وهو يسمع صوت إغلاق الهاتف بعد إستفزاز فايا، هو على الطريق الصحيح، لكن ذلك لم يكن سوى جزء من اللعبة. فايا قد تبدو متحفظة، مترددة، وربما حتى منزعجة من استفزازه المتكرر، لكنه يعلم أن ردود فعلها ليست رفضًا حقيقيًا، بل مقاومة معتادة لمنع نفسها من الانجراف.

ابتسم صهيب وهو يلقي بالهاتف جانبًا، مستمتعًا بفكرة أنها اضطرت إلى إنهاء المكالمة بحدة، كأنها تحاول الهروب من تأثيره عليها... اصبح يدرك جيدًا أن هذا ليس هروبًا بقدر ما هو خطوة دفاعية منها، لكنه لن يسمح لها بالاحتفاظ بهذه المسافة طويلاً... 
هو على الطريق الصحيح، يعرف أن هناك ماضيًا يجعلها تتوجس، يجبرها على البرود والاحتراس، لكنه لا يرى ذلك كعائق، بل كمفتاح يحتاج إلى الدوران في القفل الصحيح... سيواصل الضغط، الاستفزاز، والمراوغة، حتى تجد نفسها دون أن تدري قد تخلت عن حذرها... ووقعت في دائرته.
❈-❈-❈

بالشركة 
بغرفة الإجتماعات  ، كان اجتماعًا ثلاثيًا بين تاج وفراس وذلك الشخص الذي طالما حاول التواصل معهم سابقًا ، ها هو يحمل بباطنه عرضًا مغريًا  

جلست تاج بظهر مستقيم، تختفي خلف ملامحها  الجادة، بينما فراس بدا أكثر تحفظًا وهو يقلب القلم بين أصابعه... أما هو  فكان مرتاحًا ، يضع ساقًا فوق الأخرى ويميل قليلاً للأمام، ابتسامته التي لا تُفسَّر تثير استفزاز من أمامه، لكن مع هذان الاثنان كان سخافة فى نظرهم لكن لابد من الهدوء 

تحدث بصوت واثق، واضعًا ملفًا أمامهما: 
الفرصة قدامكم

بفضول من تاج التقطت الملف، فتحت صفحاته ببطء، بينما عيناها تبحثان عن أي ثغرة، أي نقطة ضعف... أدارت الملف نحو  فراس، تحلي بالهدوء،، شبك يديه أمامه وقال بلهجة حادة:
ﻤش فاهم قصدك إيه، وإزاي ده حصل 

ضحك  بخفة، ثم مال للأمام قائلاً بصوت يحمل نبرة ثقة: 
إيه اللى مش مفهوم، أعتقد إن الملف واضح، إني بقيت شريك فى شركة مدين للعقارات بنسبة عشرة فى المية. 

رفعت نظرها عن الملف، تلاقت عيناها بعينيه، تشعر أن شيئًا ما وراء كلماته... تفوهت بهدوء وثقة: 
تمام ده الموجود بالملف، مش هسأل إزاي قدرت تقنع ميسون بالبيع، لكن أكيد فى هدف إنك تطلب إجتماع بينا إحنا التلاتة، رغم إنك أكيد عارف إن فى شريك رابع. 

تذكر ذاك الشخص عرض ميسون عليه 
[بالعودة إلى أيام قليلة مضت]
بعد مراوغة منه، وافق أخيرًا على مقابلتها، فالتقيا في أحد المطاعم الكبرى... نظراته تزن الأمور بحذر، بينما كانت هي تجيد لعبتها، تُلقي بالكلمات كما يُلقي الصياد طُعمه... لكنه لم يكن صيدًا سهلًا... كان صائدًا ذكيًا، يراقب فريسته قبل أن يُقرر إن كانت تستحق الوقوع في شِباكه أم لا.

ارتشفت ميسون قهوتها ببطء، وعيناها تراقب ملامحه المتزنة... لم يكن سهلاً كغيره، لم ينجذب بسرعة، ولم يبدُ مفتونًا بجرأتها المعتادة... بل على العكس، كان هادئًا، يدرس كلماتها وحركاتها كمن يحل شفرة معقدة.

تحدثت وهي تميل نحوه قليلاً، نبرتها مزيج من الإغراء والتحدي: 
عندي لك عرض مُمتاز، صفقة مُربحة جدًا. 

رفع حاجبه بخفة، ثم وضع كوبه برفق، وكأنه يمنحها لحظة انتظار متعمدة... ابتسم بزاوية فمه وسألها:
عرض إيه ده. 

أجابته: 
إيه رأيك تبقي شريك فى شركة مدين للعقارات  بنسبة عشرة فى المية. 

بداخله بدأ يشعر بالدهشة أولًا، ثم بتلك الغريزة الحذرة التي لا تفارقه أبدًا، لكنه لم يكن من النوع الذي يقفز على الفرص دون تفكير فيكفي ما تكبده من خساىر بمشروعه الأخير راح يتأمل ملامحها  يبحث عن النوايا الخفية خلف ذلك العرض يُفكر.... هل هي فرصة حقيقية، أم فخ مغلف بواجهة براقة؟ قلبه ينبض بوتيرة أبطأ، بينما عقله بدأ يحسب المكاسب تفوه بهدوء ظاهري: 
عشرة في المئة؟ العرض مغرٍ بلا شك، بس مش فاهم قصدك. 

إبتسمت بخباثه وحاولت التلاعب هي الأخري: 
صفقة، أو تقدر تقول مبادلة أو مُقايضة. 

نظر لها مُندهشًا وتسأل بإستفسار
أنا مش النوعية اللى بتحب المُجازفة  مش بقبل بأي عروض قبل ما أتأكد من المكاسب تجنبًا للخسائر. 

ضحكت، ضحكة قصيرة لكنها حملت في طياتها نفاد صبر خفي: 
أنا عارفة إنك  رجُل أرقام، ولازم تحسب كل شيء. 

إبتسم بثقة قائلًا: 
أنا رجل يعرف قيمة كل شيء. 

ومش بشتري كده عمياني زي ما بنقول بالبلدي"سمك فى ماية". 

ارتفع حاجباها للحظة، ثم مالت للخلف، تُخفي إعجابها ببرود مصطنع: 
ومين قالك عرضي ميستحقش، وإنه سمك فى ماية. 

أمال رأسه قليلاً، وكأنه يستمتع باللعبة، ثم قال بهدوء:
مش فاهم  ياريت توضحي. 

ساد الصمت بينهما للحظات، صمت ثقيل يحمل بين طياته معركة خفية بين صيادين، أحدهما يرمي طُعمه بمهارة، والآخر يقرر إن كان يستحق العضة أم لا.

ابتسمت ميسون ابتسامة واثقة، تضع ساقًا فوق الأخرى بينما تمسد طرف كوبها بأطراف أصابعها وكأنها تفكر في الخطوة التالية... لم تكن معتادة على هذا النوع من الرجال، أولئك الذين لا ينجذبون بسهولة ولا يُساقون خلف إغراءاتها المعتادة... كان أشبه بلوح شطرنج مُحكم، وكل حركة منها تحتاج إلى تخطيط دقيق.

تنهدت برقة، ثم قالت بنبرة وكأنها تُلقي بطُعم آخر: 
انا عارفة إنك راجل اعمال مُمتاز، بدور دايمًا عن الربح الأكبر،  الخطوة اللي ترفعك لفوق، وجود إسمك ضمن مساهمين فى شركة كبيرة زي شركة مدين،هيمنحك إمتيازات كتير. 

تلاعب بالكوب أمامه قليلاً، ثم قال بثقة لا تخلو من تسلية: 
أكيد ، بس لازم أعرف إيه المقابل؟ لأن أي استثمار ناجح لازم يكون له عائد يناسب قيمته.

ابتسمت بمكر، وهي تميل برأسها قليلاً وكأنها تزن كلماتها قبل أن تُلقي بها:
المقابل هو نفوذك في الشركة، وسُلطة تخليك تأخد قرارات مصيرية، ده غير إن وجودك مع مدين هيفتح لك أبواب جديدة في السوق.

ارتشف رشفة هادئة من قهوته، ثم رفع حاجبه بنظرة فاحصة:
وعشان أوصل لكل ده، إنتِ عايزة إيه بالظبط؟

ضحكت بخفوت، قبل أن ترد بسلاسة:
شراكة.. أو بالأحرى، تحالف يخدم مصالحنا سوا.

راقبها للحظات بصمت، قبل أن يميل للأمام قائلاً ببطء:
تحالف؟ ولا صفقة بمصالح غير مُعلنة؟

ضاقت عيناها قليلاً، وكأنها تُقيّمه من جديد، ثم  تحدثت بإغراء : 
قولتلك مُقايضة، أو مُبادلة. 

ضحك بخفوت، ثم أسند مرفقه للطاولة، مُقتربًا بدوره، ليقول بصوت منخفض لكن ثابت: 
ياريت بلاش ألغاز هاتي من الآخر. 

لمعت عينيها قائله: 
مُقايضة أو مُبادلة 
بص، إنت عندك مدينة سكنية إنتهت وأصبحت خلاص للعرض على العملاء، وأنا عندي أسهم فى شركة مدين، إيه رأيك نبدل. 

صمت الإثنان
يتبادلا نظرات طويلة، وكأن كلاهما يختبر الآخر، يزن خطواته قبل أن يقرر كيف يلعب. ث ارتشفت ميسون قهوتها مجددًا، وعادت تستند للخلف، قائلة بنبرة ثقة! 
المدينة قصاد أسهمي فى الشركة،إيه رأيك.

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه وهو يراقبها، يعلم جيدًا أن هذه اللعبة لم تنتهِ بعد، بل بدأت للتو... تلك الحمقاء أثبتت أنها طامعة لكن يبدوا أن سوء حظها ساقها  إلى شخص لا يمنح شيئًا دون مقابل أكبر… أو لنقل، دون أن يكون هو الرابح الوخيد دائمًا.

عاد يتلاعب بالكوب بين أصابعه، وكأنه يمنحها لحظة لتعيد التفكير فيما طرحته.. ثم رفع عينيه نحوها بابتسامة جانبية:
المدينة قصاد أسهمك؟ عرض جريء. بس خليني أسألك سؤال… إنتِ واثقة إنك فاهمة قيمة المدينة السكنية الحقيقية. 

لم تهتز ثقتها، بل زادت ابتسامتها اتساعًا وهي تضع الكوب جانبًا:
طبعًا... وعارفة إنك  فاهم إن دي فرصة مش هتتعوض… ولازم تاخد قرارك بسرعة، لأن العرض مش هيستنى كتير.

ضحك بصوت خافت، قبل ان  يتفوه بنبرة ثقة ولكنها تحمل نبرة تحدٍ خفي:
المشكلة مش في العرض، المشكلة في اللي بتقدمية، قيمة المدينة السكنية أعلى بكتير من قيمة الأسهم بتاعتك، كده أنا أبقي خسران. 

تراقصت ابتسامة واثقة على شفتيها، قبل أن تميل نحوه قليلًا، وكأنها تود أن تهمس بسر خطير، لكنها نطقت بنبرة لا تخلو من مكر:
ومين قال إنك الخسران. 

ضاقت عيناه قليلًا، وكأنها نجحت في استفزازه رغم هدوئه الظاهري، لكنه لم يمنحها متعة رؤيته مترددًا، فردّ بنبرة مشوبة بسخرية خفيفة:
أكيد خسران طبعًا... فرق كبير بملايين بين مكسب بيع الوحدات بالمدينة، وقيمة الأسهم. 

ظل صامتًا للحظة، يراقبها بعينين تبحثان عن ثغرة في ثقتها، كذالك هي صمتت كآنها تُفكر فأمامها فرصة جيدة للربح وبيع أسهمها بسعر مُضاعف... تخلت قليلًا عن مكرها، وقالت بهدوء: 
تمام ممكن نوصل لحل وسط بينا، يخلينا إحنا الإتنين كسبانين من الصفقة.

أومأ برأسه مُنتظرًا العرض الذي يدفعها هو بذكاء نحوه... فتفوهت بإستسلام: 
أنا معايا رصيد فى البنك بمبلغ كبير، ممكن أدفع لك جزء من الفرق بين الأسهم، وبقية المبلغ أدفعه بعد ما أبيع الوحدات السكنية...وبكده محدش فينا يبقي خسران كمان سهل فى المستقبل يبقي بينا شراكة. 

لمعت عيناه بظفر، لكن أخفي ذلك خلف البرود والتردُد المُصطنع منه،لكن ازدادت فى إلحاحها،وهو يدفعها نحو هدفه بسهولة وافقت طمعًا لا تدري أن ذلك الطمع قد يُكلفها خسارة مؤكدة لاحقًا.

على سؤال  فراس عاد يبتسم وهو يستمع له: 
واضح إن مدام ميسون باعت وكمان سجلت لك الأسهم في الشهر العقاري، يعني حضرتك بقيت شريك معانا فى الشركة دلوقتي وطبعًا....

قاطعه الآخر قائلًا:
لاء لازم توضيح بسيط،فعلًا مدام ميسون باعت وسجلت لى قيمة أسهمها،بس أنا مش فى دماغي أبقي شريك فى الشركة وإن كان ده له مُميزات كتير،لكن للآسف أنا قررت أنقل كل أعمالي الفترة الجاية خارج مصر،وعدم وجودي هنا فى مصر طبعًا هيبقي صعب اتابع الشغل هنا وأكيد هيبقى فى قرارات مهمة محتاجة موافقة مني... 

رغم فهم تاج لتلميحاته المباشرة لكن تحدثت بسؤال مُختصر: 
بمعنى.. 

اكمل سؤالها فراس الذي شبة جاوب بمكر: 
بمعني إن حضرته بيعرض إننا نشتري الأسهم  منه، ولا أنا فهمت غلط. 

رمقه الاثنين بإنتظار لجوابه الذي لم يطول حين أومأ موافقًا براسه قبل أن ينطقها صريحة: 
اللى أعرفه إن السيد فراس هو المسؤول عن حصة الشركة الانجليزية فى الشركة وأكيد لما تزود حصتها فى أسهم الشركة هيكون لها الصدارة طبعًا. 

فهم فراس حديثه لكنه كان الأمكر حين قال: 
والله  الشركة الانجليزية لو عليها عاوزة تشتري أسهم الشركة كلها بس للآسف إنت ناسي قانون الاستثمار المصرى مُتعسف فى النقطة دي مع الإستثمار الخارجي ومحدد نسبة مقدرش أزود عنها، لكن ممكن مدام تاج تشتري الأسهم بإسمها طبعًا حسب سعر السوق المصري. 

تنهد. الآخر للحظات شعر بأنه أمام إثنين مُحنكين ولن يستطيع استعمال دهاؤه معهما فتحدث بمراوغه كي يحصل على الثمن الاعلى 
لكن هو أمام إثنين مُحنكين بل  مُتفقين، فإضطر الى التراجع خطوة للخلف، محاولًا تعديل استراتيجيته، لكنه لم يجد منفذًا يناور منه... ابتلع ريقه وتسأل باستفسار:
يعني مدام تاج هي اللي هتشتري؟ بس طبعًا لازم السعر يكون مُرضي... أنتو عارفين إن الأسهم دي قيمتها عالية في السوق، والطلب عليها كبير، مش بس من الشركة الإنجليزية. 

نظر إليه فراس بابتسامة جانبية، وكأنه يقرأ أفكاره قبل أن ينطق بها، ثم قال بهدوء محسوب:
أكيد... وعشان كده هنحدد السعر وفقًا لقيمة السهم الحالية في البورصة، مش وفقًا لرغبات شخصية.

ألقى الآخر نظرة سريعة بينهما، مستشعرًا أنه لا مجال للتلاعب أو المغالاة، فأدرك أن المناورة قد تنقلب ضده إن أصر... ابتسم ابتسامة باهتة، ثم قال باستسلامٍ محسوب:
تمام .. خلونا نتفق رسميًا، وكل شيء يكون واضح.

مد فراس يده إلى ملف كان قد أعدّه مسبقًا، ثم دفعه باتجاهه قائلاً:

تمام... العقد ده سبق تجهيزه لمدام ميسون، وطالما هي باعت لحضرتك... دي بنود الاتفاق، اطلع عليها براحتك... وبعدها اي بند مش عاجبك ممكن نتناقش فيه حسب مصلحة الطرفين. 

بلا تردُد وافق على البيع فهي فرصة ذهبية له، بعد دقائق كان يمضي على عقد البيع ثم خلفه تاج. 

تبسم فراس وهو يسحب ملف البيع نحوه قائلًا: 
للآسف مدام تاج مسافرة النهاردة خارج مصر بس متقلقش أنا معايا توكيل مُسبق منها وإن شاء الله نتقابل بكرة فى الشهر العقاري نسجل عقد البيع والتنازل منك لها. 

أومأ مُبتسمً، بعد قليل غادر وظل فراس مع تاج، نهضت قائلة: 
يادوب ألحق أرجع للمزرعة، باقي الإجراءات دي بقي بتاعتك. 

نهض هو الآخر وضمها قائلًا: 
كده حق بابي رجع لينا من تاني. 

اومأت راسها بدمعة تتلألأ بعينيها، بداخلهما تمنيا لو كان مازال حيًا لكنه القدر، والآن عاد لهما ما كان لهما من البداية، بقي نصف المزرعة وليست بيد شخص غريب عنهم بل قريب منهم لكن تحدث بحنانوهو 
يُربت على كتفها برفق: 
لسه باقي نص المزرعة، لكن مش مهم  النص التاني  في إيد حد غريب. 

هزت رأسها موافقة، لكنها لم تستطع منع نفسها من التساؤل بداخلها: 
ماذا بعد؟ هل ستظل المزرعة كما كانت؟ أم أن الأيام تخبئ لها شيئًا آخر؟
تعليقات



×