رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثلاثون 30 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثلاثون 

إنها نهاية المطاف… 
إنها الشُعلة النابضة بـ قلبي… 
إنها العشق الذي لا ينتهي… 
إنها الحق الذي لا يضيع… 

أطلق جاسر صفيرًا ذا لحن مُستمتع ولكنه لم يقع على أُذني سُليمان إلا كـ لحن مُرعب مصدره الجحيم.. أجل جحيم مُطلق يُقسم بـ أغلظ الإيمان أنها ستكون نهايته.. رُبما تكون مُؤلمة كـ نهاية أخيه تمامًا.. حيث قُتل و دُفن ولا أحد يعلم أين هو

حينما إستعاد قلبه دقاته التي سلبها جاسر بـ هيمنة.. مهلًا أيبدو الآن أضخم ويحتل السيارة بـ مُفردهِ!.. أم أن الخوف منه جعل جاسر يبدو عملاق ضخم على وشك تهشيم عظامه عظمة عظمة بـ تلذذ صيادي مُخيف!.. هتف هو بـ صوتٍ ذاهب الأنفاس 

-هتعمل إيه!... 

للحظات طويلة لم يتوقف جاسر عن الصفير أو يُعير سُليمان الإنتباه حتى حطت نظراته السوداء بـ براكين مُشتعلة تُلقي بـ حُممها فـ تُحرقه ثم أردف بـ نبرةٍ ساخرة بـ قتامة غريبة

-عارف فيلم الأرض!.. أهو أنا همثله على الواقع بس بطريقة أحدث… 

ضحك جاسر بعدها ضحكات خشنة مُرعبة النغمة ثم دندن بـ صوتٍ قوي، غليظ كـ غلطة ملامحه السوداء

-الأرض لو عطشااانة إرويها بـ دماءك… 

صمت جاسر وعيناه اللاهبة تُتابع إرتجاف سُليمان المُثير لشفقة ولكن ليست شفقته هو ليردف بعدها بـ إهانة

-لأ دمك نجس يسمم الزرع ويعمل مجاعة… 

لمعت عيني جاسر بـ بريق ناري ذلك الذي يُسببه البرق فـ يحرق غابات ثم قال بـ هدوء وكأنه يملك العالم بين كفي يدهِ

-أسلم حل حِفاظًا على عدم إنتشار وباء.. أنا هصفي دمك نُقطة نُقطة.. ودا يعلمك إزاي تفكر تتحداني…

أوقف جاسر السيارة فجأة و بـ قوة ليندفع سُليمان إلى الأمام وقابله جاسر بـ لكمةٍ في مُنتصف أنفه سببت كسرها

تأوه سُليمان وهو يضع يده على أنفهِ بـ ألم ساحق لعظامه والعبرات تطفر من عينيهِ رُغمًا عنه.. ليهتف جاسر وهو يترجل من السيارة

-لأ بسيطة بسيطة.. رجعي راسك لورا يا قلب أُمك… 

تعمد جاسر إهانته بـ إشارتهِ لصيغة المُؤنث.. تبًا له حقًا يعرف كيف يُهين ويأخذ ثأره بـ أكثر الطُرق مكرًا وأغلظهم شدة.. هذا هو جاسر الصياد من يقع بين يديهِ هالك لا محالة

حاول الهرب صدقًا ولكن نظرات جاسر تجعله وكأنه مُثبت بـ صخرةٍ قوية تأبى حتى رحمته ليتنفس

توجه جاسر إلى الباب الخلفي وجذب سُليمان من تلابيبهِ بـ أكثر الطُرق إهانة.. ليقوم بـ ضربهِ بـ ساقهِ بـ رُكبته مُسببًا ألم شنيع أحل به و سقط أرضًا 

قوة جاسر كانت جبارة، مهولة وهي تجر سُليمان فوق الأرض الأسفلتية ثم توجه إلى حقيبة السيارة الخلفية ليُخرج حبلًا غليظ ثم قيد به يدي سُليمان وثبتها بـ السيارة تاركًا مسافة معقولة بينه وبين السيارة 

أمسك جاسر عُنقه بـ أصابع حديدية حتى ظن أنها ستخترق جلده وتصل إلى حنجرته فـ تقتلعها ثم همس بـ فحيح شيطاني مُهلك 

-عاوز تستمتع بـ إحساس محمود المليجي… 

لم يفهم سُليمان ما يقوله خاصةً وألم رُكبته اليُسرى يشوش تفكيره.. ليتجه جاسر إلى مقعد القيادة وإنطلق بـ السيارة.. تارة يقود بـ سرعة ليتدحرج سُليمان خلفه مُسببًا جروح شنيعة بـ جسدهِ وتارة يُبطئ قيادته فجأة فـ يصطدم بـ مؤخرة السيارة.. وتأوهاته تشق عنان السماء

لقد أخرج حقًا أسوء شخصيات جاسر.. لقد. أخرج الوحش الكامن التي روضته روجيدا طويلًا ولكن هذه المرة كان أكثر قسوة وملامح الإنتقام ترتسم بـ آبهى طلة لها.. النهاية ليست بـ بعيدة و لكنها طويلة و حامية.. يشك أن جاسر الصياد سيستمتع بـ بتر أطرافه بـ سكين الفاكهة

**************************************

طرق يزن الباب بعد دقائق من التردد ثم هتف بـ صوتٍ رخيم

-چيلان!.. أنا حضرت الفطار مش هتاكلي!... 

أرهف السمع علَ يأتيه صوتها ولكن لا شئ.. عاود الطرق مُجددًا ثم أردف بـ نبرةٍ عالية هذه المرة

-أنتِ صاحية!!... 

إنتظر في صمتٍ تام حتى بدأ يفقد الأمل و يُسلم أنها نائمة ولكن صوت حفيف الملاءة جعله يبتسم ثم هتف بـ قوة 

-أنا عارف إنك صاحية.. يلا الفطار جاهز… 

زفر بـ ضيق حقيقي بدأ ينتابه ليضم قبضته ويضرب بها الباب ولكن نبرته كانت هادئة بـ شكل يُثير الإعجاب

-لو مفتحتيش صدقيني هكسر الباب… 

صمت وإنتظر ليسمع صوت أقدامها الحافية تقترب من الباب حتى وضعت جبهتها عليه وهدرت بـ قسوة

-مش جعانة… 

توقع يزن هذا الرد ليملأ رئتيه بـ أكثر كم من الهواء ثم زفره على مهل وأردف بـ نبرةٍ حانية

-أنتِ مكلتيش حاجة من إمبارح.. عاوزة تقنعيني إنك مش جعانة! 
-أتاه صوتها جنوني:مش محتاجة أقنعك.. ومش مهتمة أصلًا… 

تمتم يزن شاتمًا بـ رُقي لا يتناسب مع شخصيته إلا أنه عاود القول بـ نفس الحنو.. وصوته الدافئ الذي يجعلك على حافة البُكاء

-بلاش تهتمي.. بس تعالي إفطري لو دا يريحك أنا همشي… 

سمع صوت خطواتها الرقيقة تبتعد عن الباب وحفيف الملاءة يُعاود ولكن هذه المرة أصابته بـ خيبة أمل.. ليضع جبهته فوق الباب كما كانت تفعل ثم همس بـ لوعة و صوتٍ أجش

-ااااه يا غزالي الصُغير لو بس تديني فُرصة… 

مسح على خُصلاتهِ بـ قوة ثم أردف بـ نبرةٍ عالية وهو يبتعد

-مش هضغط عليكِ أكتر من كدا.. أنا نازل شوية بره البيت متفتحيش الباب لحد حتى لو أنا.. أنا معايا مُفتاح.. خلي بالك من نفسك… 

إبتعد قليلًا و توجه إلى الطاولة الموضوع فوقها الطعام ليبدأ بـ رص عدة أطباق وكوبًا من العصير الطازج و وضعهم أمام غُرفتها ثم رحل.. صفق الباب خلفه بـ قوة حتى تعلم أنه رحل

ليته يعلم أنها تُشفق عليه تُريد أن تحل وثاقه منها ولكن لا تستطيع السيطرة على قسوتها الجديدة عليها.. فقدت الثقة والحُب.. فقدت الكثير في سبيل الحُب الكاذب.. هي لم تُرد ذلك ولكن جاسر أجبرها حين همس بـ يوم عقد القران بـ عبارةٍ حنونة 

"ثقي فـ إختيار أبوكِ عمره ما هيختار ليكِ حد ممكن يفكر ولو لثانسة يأذيكِ.. مع إنه صعب عليا فُراقك" 

جاسر درع واقي لها و لـ الجميع.. و يزن لا يختلف عنه أبدًا.. بل أنه يبذل ما في وسعه لإعادة الثقة بـ نفسها و بمن حولها.. الساعات الفائتة كانت دليل حي على ما يكنه لها.. إلا أن الضربة القاضية التي ضربها شهاب قتلت الثقة.. رُبما يستمتع هو الآخر بـ أصطياد فريسته بـ صبر

بعضًا من الثقل أُزيح عندما سمعت صوت صفق الباب لتضع يدها على صدرها وتتنفس بـ عُمق.. لا تزال ترتدي ثوبها الأبيض مُنذ أمس فـ هي لا تمتلك ثيابًا

زفرت و قررت الخروج من تلك الغُرفة الخانقة ليس لضيقها بل هي واسعة بـ درجة تجعلها تشعر أنها في الصحراء بل رائحته التي تعبق بـ الأجواء.. عطره الرجولي و فقط يملأ المكان لم تختبر رائحته هو فقط قبلًا

فتحت الباب وقبل أن تخطو وجدت الطعام موضوع أمام باب غُرفتها ينتظرها بـ يُتم أن تلتهمه و بـ الفعل إلتقطت الطعام و بحثت بـ عينيها القطتين عنه ولكنها لم تجده.. لذلك توجهت إلى الطاولة و شرعت في تناول الطعام.. لم تأكل مُنذ يومين وها هي تنتقم

إبتسم يزن من خلف باب الشقة وهو يستمع إلى صوت خطواتها و صوت إصطدام الصينية بـ الطاولة الزُجاجية وعَلِمَ أنها خرجت.. إتسعت إبتسامته وهتف

-ما كان من الأول يا غزال… 

*************************************

وضع آخر قطعة ثياب بـ حقيبة ثيابه ثم أغلقها وإستعد الرحيل.. يومين وهو يتذكر ملمس بشرتها الناعم بين يديهِ.. كم حَلِمَ بـ ذلك مُذ تعرف عليها.. تلك الفتاة صاحبة الأعين المُهلكة أدمغ جسدها بـ لمساتهِ القذرة.. يا له من إنتصار 

قتلت والدي يا جاسر و أنا قتلتك وأنت على قيد الحياة.. كم هو مُمتع الإنتقام

تطلع إلى المرآة وهو يجذب جواز سفره لتُظلم عيناه وهو يتحسس تلك الكدمات الذي خلفها يزن.. ذلك الحقير لم يُمت.. تبًا له ولكنه سيعود وينتقم منه كما إنتقم من جاسر الصياد 

إلتقط الحقيبة و إتجه إلى باب الشقة المُتهالك.. في حيٍ قديم لن يبحث عنه أحد به.. ولكنه كان على خطأ وهو يجد الباب المُتهالك يُدفع إثر قوة جبارة لينخلع ويسقط مُتحطمًا بـ نافذتهِ الزُجاجية 

شهق شهاب وهو يرى يزن أمامه بـ هيئته الإجرامية التي وجده عليها مُنذ سنوات.. كانت عيناه الزرقاوين تشتعل بـ نيران هوجاء.. يُقسم أنه يرى بـ عينيهِ بريق البرق فـ تشتعل حدقتيه أكثر وأكثر 

جسده كان ضخم على غير العادة و عضلاته تتحرك بـ نفور وشيطانية.. كان يحمل بـ يدهِ سلسلة حديدية تلك التي تُستخدم في حروب الشوارع يلفها حول قبضته و يضغط عليها حتى ظن أنه قد هشم عظامه

ألقى شهاب حقيبته و أخرج مُسدسه من خلف جزعه ولكن يزن لم يده له الفُرصة كي يسحب صمام الآمان بل عاجله بـ ضربة يسمع بها تهتك جلد يده وتحطم عظامه

تأوه شهاب بـ قوة و وقع على رُكبتيهِ..كادت يده أن تمتد وتلتقط المُسدس ولكن يزن عاجله بـ ضربةٍ أُخرى حطمت المُسدس

جأر شهاب شاتمًا يزن بـ أقذع الألفاظ القذرة التي لا ينطق بها سوى  أولاد الشوارع إلا أنه كان يقف صلب، جامد، قاسي الملامح لم يتأثر ليهدر هو بـ قوة

-هتقتل ظابط! 
-أجاب يزن بـ هسيس:وأقتل و وزير الداخلية نفسه.. منا رد سجون… 

نهض شهاب وإنتظره يزن بـ صبر ليهبط بـ السلسلة الحديدية عليه ولكنه أمسكها وسحب يزن والذي ضرب معدته بـ ساقهِ بـ قسوة مُميتة.. ليتراجع شهاب بـ ألم مُصدرًا نحيب قوي 

وهذه المرة لم ينتظر يزن وهو يرفع يده على أقصى درجة ثم إنهال فوق ظهره بـ ضربة قوية أردته أرضًا وجعلت الدماء تنبثق من فمهِ 

شهق شهاب بـ تأوه و يزن يجذبه من خُصلاتهِ وهدر بـ صوتٍ دوى كـ الرعد المُرعب

-*** زي أبوك بـ الظبط
-صرخ شهاب بـ حدة:متجيش سيرة أبويا على لسانك يا رد السجون.. أنا إنتقمت لموته… 

رفع يزن رُكبته و ضرب أسفل ذقنه ليسقط فوق ظهره الدامي ليصرخ بـ ألم وهو يتلوي ليعوج يزن و يجأر بـ نبرةٍ تُرعد الذئاب

-وأنا هاخد إنتقامي بـ أكتر طريقة مؤلمة شوفتها فـ حياتك.. هكسرلك عضمك بـ طريقة تخليك. تتمنى الموت ومع ذلك مش هنولهولك.. وبعد أما أخلص هرميك لجاسر الصياد وهو هيخلص عليك بـ إيده… 

كان يزن يتحدث وهو يدور حوله كما يدور الأسد حول فريسته.. حينما حاول شهاب النهوض و كاد أن يفعلها.. إنهال يزن على بـ ضربة خلف رُكبته جعلته يجثو مرةً أُخرى

-بس المُمتع إنه ميعرفش إنك ابن مُصطفى.. ولما يعرف صدقني هتكون نهايتك أفظع مما تتخيل… 

يزن كان على دراية كاملة بما حدث.. حيث أخبرتهم كاريمان بما حدث كاملاً وإعتداء مُصطفى الجنسي على روجيدا زوجة جاسر الصياد.. أثار ذلك النور بـ داخله أن يكون ابنًا لمسخ عديم الرحمة.. وهذا عزز إرادته لقتل شهاب بل و تهشيم وجهه و ذراعيه اللتين إمتدا ونالتا چيلانه.. أجل هي ملكًا له وحده.. حتى أنها أخبرتهم بـ مكان إختباءه ولكن هذا لم يشفع لها عندهم بل لم يكن يتوقع أن رمزي صديقه يمتلك طاقة من الغضب جعلت من كاريمان قطعة بالية لا تستطيع التعرف على ملامحها

عاود النظر إلى شهاب المُدمى أمامه ليُمسكه من خُصلاتهِ وجذبه بـ قوةٍ بدنية إكتسبها بـ مهارة في فترة ما خلف القُضبان وما تلى ذلك حتى يُفرغ طاقة غضبه وعنفوانه حتى أصبح بـ تلك الهيئة الإجرامية بـ لمسةٍ من الرُقي و التحضر

كانت أهالي المنزل تُشاهد يزن وضربه المُبرح لجارهم المجهول وحينما إقترب به أبتعدوا جميعًا عن الباب ليُكمل جره كـ الذبيحة وجسده يرتطم بـ الدرجات الرُخامية القاسية

كان به من التعب و الألم جعلاه عاجزًا عن التأوه.. و جسده بين يدي يزن يُطيح به كيفما يشاء

ساعده رمزي حين وصل إلى الشارع ليضعاه بـ حقيبة العربية وقبل أن ينطلقا بها أردف رجلًا عجوز

-إمشوا من هنا بسرعة قبل ما البوكس يجي… 

العجوز ذلك يبدو أنه يعلم شهاب تمام العِلم ليسأله يزن بـ صوتٍ خفيض

-أنت تعرفه! 
-*** زي أبوه… 

إتسعت عيني يزن و رمزي بـ تعبير مذهول ليقول العجوز على عجلة

-هفهمك كُل حاجة بعدين.. بس لازم تمشي من هنا.. أنا كُنت بتشغل عنده.. يلا
-أومأ يزن وهو يقول بـ صلابة:هرجعلك تاني… 

أومأ العجوز ليصعد كُلًا من يزن و رمزي ثم إنطلقت السيارة بعيدًا عن الحي.. وعقلهما بـ دوامة من ذلك العجوز الأمور ليست منطقية على الإطلاق 

زفر رمزي بـ ضيق ثم أردف بـ حيرة

-الراجل دا واره سر
-رد يزن:قدامه ولا وراه.. المُهم هناخد الكلب دا على الشقة القديمة بتاعي وأما أشوف هعمل إيه بعدين… 

ربت رمزي على فخذ. صديقه وتساءل بـ صدق

-عامل إيه معاها وهي عاملة إيه! 
-تنهد يزن بـ ثقل وقال:مش سهل اللي حصل فيها وهتاخد وقت كبير تتعالج فيه
-هتف رمزي بـ حكمة:خُدها على طبيب نفسي هو هيقدر يعالجها
-رد يزن بـ نبرةٍ ساحقة:أنا هكون طبيبها النفسي… 

**************************************

توقفت سيارة جاسر أمام المخزن ليترجل منها و إتجه إلى مؤخرة السيارة ليجد سُليمان مُنهك البدن، خائر القوى و الدماء ترسم لوحة شنيعة ولكنه لم يثر عطف جاسر و لو لولهة واحدة بل عيناه كانتا أكثر جحودًا و غلظة

جثى جاسر إلى مستوى سُليمان ثم صفعه ليشهق مُستفيقًا فـ أردف بـ إستهجان مُتقزز

-لأ إمسك نفسك كدا متبقاش خرع
-همس سُليمان بـ ألم:الرحمة… 

أصبحت عيني جاسر دامستين الظلام بل وحلقت الشياطين حول حدقتيه المُشتعلة قبل أن يضع إصبعه على أحد جروحه وضغط عليها بـ قسوة مُفرطة ليصرخ سُليمان مُتألمًا قبل أن يردف جاسر بـ ظلام تفيض منه الكُره و الرُعب

-الرحمة دي من ربنا.. أما أنا رحمتك مرة وأنت متعظتش… 

مزق جاسر الحبل بـ سكين صغير قبل أن يغرزه بـ جرح بـ رُكبتهِ ليصرخ كـ النسوة ألمًا.. ودون أن يعبأ به جذبه من الحبل وكاد أن ينهض إلا أن صوت ذلك المُهمين هدر بـ صوتٍ كـ الرعد بـ قوته والبرق في بريقه المُخيف

-على إيديك و رجليك زي الكلب…

فغر سُليمان شفتيه بـ ذهول ولم يستطع النُطق بل إمتثل لِمَ أمر به جاسر فـ نظراته كانت تُمثل الموت بـ عينهِ 

وسحبه جاسر كـ الكلب تمامًا.. مُهين أجل ولم يفعلها سابقًا ولكن ذلك الألم الحارق بـ قلبهِ جعل منه وحشًا مُفترس على إستعداد لنزع أحشاءه بـ يديهِ العاريتين.. إلا أن الألم المُتصاعد يُطالب بـ المزيد والمزيد

دلفا إلى المخزن ليُنهضه جاسر ثم قام بـ تقييد يديه بـ سلسلة حديدية تتدلى من السقف و كذلك ثبت قدميه بـ الأرض

إقترب جاسر من سُليمان من الخلف وهتف بـ فحيح قاسي، مُظلم 

-بعشق أوي جو الأفلام دا.. كُرباج و حركات.. بيفكرني بـ أيام الجاهلية..لما كان فيه العبد وسيده… 

أمسك جاسر السوط الذي ناوله إياه أحد حرسه القائمين هُنا ثم هدر بـ عُنف حاول أن يُخفي بها نبرة القهر 

-طلبت الرحمة وكانت فين وبنتي بتسلمها لكلب ينهيها!.. كانت فين وهي بتصرخ طالبة الرحمة من واحد **** منك.. لكن وعهد الله وعهد الله قُصاد كل دمعة منها دم هتنزفه بـ حُرقة… 

توقف جاسر حتى يُخفي حشرجة صوته المُتألم وبدلًا عن ذلك إنهال على ظهرهِ بـ الصوت حتى سمع صوت تفتك جلده.. بل وسلخه أيضًا

القسوة التي أخفاها جاسر طويلًا وحاول السيطرة عليها طوال تلك السنوات ها هي تخرج بـ طوفان لن يرحم كُل من تسبب بـ أذية طفل من أطفاله

لأ يدري كم من الوقت مر وهو ينهال ضربًا عليه حتى أنه فَقَدَ وعيه دون أن يلحظه جاسر.. ليأتي حارس ونطق بـ هدوء وكأنهم إعتادوا وحشيته

-أُغمى عليه يا باشا… 

هبط السوط بـ ضربةٍ أخيرة قبل أن يهدر بـ عُنف وهو يمسح حبات العرق التي تتساقط من جبينه على الرغم من برودة الهواء

-فوقه… 

أومأ الحارس ليُحضر إناء به ماء ثم سكبه على وجه سُليمان ليشهق بـ فزع ليجأر جاسر 

-فوووق اليوم لسه فـ أوله… 

أشار جاسر بـ إشارة فهمها الحارس ليرحل بينما هو توجه إلى ذلك ذابل الرأس وأمسك خُصلاتهِ وأداره إلى الخلف لينظر إلى عبد الرحمن المُلقى بلا حول أو قوة ثم همس بـ فحيح خفيف

-بُص كُل واحد استخدمته هنا.. كُل واحد حاولت تأذي بيه ولادي هنا مستني مصيره فاضل الكلب الأخير ونهايتكوا أنتوا الأتنين زي ما الكتاب قال… 

أتى الحارس وأعطاه إناء آخر به سائلًا ما بُني اللون يميل إلى الأحمر ثم أردف وهو يضعه أمام عيني سُليمان 

-عارف دا إيه!.. دا كُحول والله نسيت تركيزه كام بس أؤكدلك إن تأثيره زي ماية النار خصوصًا و ضهرك… 

ترك جُملته مُعلقة وفَضلَ البدء بـ الدرس العملي الأول.. ليبدأ بـ سكب الكحول على ظهرهِ لتصدر عن سُليمان صرخة مدوية هزت أركان المخزن

الإنتقام قاسي و بشع ولكن ماذا يفعل أب ملكوم بـ فاجعة إبنته!.. ذلك الجرح القاسي الذي أبى أن يندمل ليعود بـ صورة أكثر بشاعة.. وكأنه يُعاد فتحه بـ تلذذ مريض لهواه الثأر

الثأر لا يجلب سوى الدماء 
والظلام لا ينجلي بـ نيران الإنتقام
والحُب لا يتم وأده أبدًا ما دام القلب نقي

ترجل جاسر من السيارة ليجد روجيدا والجميع معها هم أيضًا أمام البناية القاطن بها يزن و چيلان.. ليقطب حاجبيه بـ تعجب ثم تقدم منها وتساءل 

-بتعملي إيه هنا!.. وجايبة الكُل معاكِ ليه! 
-أجابت روجيدا:نفس اللي بتعمله هنا
-تنهد جاسر وقال:مكنش فيه داعي تيجي المسافة دي كلها… 

نظرت إليه روجيدا بـ حاجب مرفوع ليصمت ضاحكًا ثم ضمها إليه لتهتف بـ صوتٍ خفيض

-مالك!... 

تحرك جاسر معها إلى داخل البناية ثم أجاب دون أن تظهر مشاعر على وجههِ

-مفيش.. أنا كويس… 

وقفا أمام المصعد خلف جُلنار وشقيقيها لتقبض روجيدا على ساعده ثم سألته بـ لُطف

-مش عليا.. ديمًا مش بتعرف تكدب قدامي… 

نظر إليها جاسر مطولًا قبل أن يضع يده على ذقنها ثم هتف بـ صوتٍ بعيد، متوحش

-أنا مسكت سليمان.. بقى تحت رحمتي… 

قبل أن ترد روجيدا كان المصعد قد وصل لتدلف جُلنار وكذلك هما الأثنين وساد الصمت المُرعب بينهما.. جاسر و بـ صمتهِ المُخيف و روجيدا بـ صمتها الخائف

وصلا إلى حيث الطابق المطلوب ثم إلى الشقة و دق جواد الجرس بـ غيرِ تمهل.. حتى فتح له يزن وعلى وجههِ إبتسامته العذبة إلا أن فظاظة جواد قد تخطت الحد حينما دفعه ودلف ثم هدر بـ صوتٍ جهوري

-چيلان!!!... 

عضت جُلنار شِفاها السُفلى بـ حرج ونظرت إلى يزن بـ إعتذار ولكنه أومئ بـ تفهم ثم إبتعد عن الباب ليسمح لهم بـ الدلوف 

-إزيك يا يزن!... 

إنطلق السؤال من فم روجيدا المُتيبس بـ ألم يكاد يفتك بها من شدة ضغط يد زوجها على خصرها ليرد يزن بـ هدوء 

-چيلان كويسة و تقريبًا نايمة… 

ثم نظر إلى عيني جاسر المتوحشتين بـ جحيم ناري وأكمل بـ بُطء يضغط على كل حرفٍ يقوله 

-مطلعتش من الأوضة من إمبارح… 

لمح بريق من الراحة يمر بـ عسليتهِ ثم عادت لقساوتهما مرةً أُخرى ولكن كان هذا أكثر من كافي بـ النسبةِ له.. تنهد بـ تعب وهو يلتفت على سؤال جواد المُتهم

-مبتردش ليه! 
-ثواني هشوفها… 

تحرك يزن إلى الممر ليجد خلفه جاسر و جواد ليهو رأسه بـ إستنكار إلا أنه لم يُعلق.. بل طرق باب غُرفتها بـ. نغمة مُعينة وأردف بـ حنو

-چيلان!!..عيلتك هنا… 

ثانية واحدة فقط ليجد باب الغُرفة يُفتح و چيلان تصرخ بـ شوقٍ أوجع قلبه وهو يراها تقفز إلى أحضان جاسر والذي إلتقطها بـ رحب.. يضمها هو الآخر إليه وتأوه دون أن يأبه لوجود يزن معه بل كُل ما يهمه أنها بخير و بـ أحسن حال.. وهذا يكفيه

إبتعد عنها يُبعد خُصلاتهِا التي تشابكت مع ذقنه الغير  حليقة ثم همس بـ عاطفة عنيفة 

-وحشتيني يا قلب أبوكِ.. قوليلي أنتِ كويسة!.. أذاكِ أو قرب منك!... 

حركت رأسها نافية ومسحت عبراتها بـ ظهر يدها ثم نظرت إليه لتجده يتكئ إلى إطار الباب عاقدًا لذراعيهِ أمام صدرهِ و يبتسم إبتسامة مُهلكة قبل أن يستقيم و يرحل تاركًا المساحة لهم

شعرت بـ يدي جواد تلتف حول خصرها لتستدير إلى و تدفن وجهها بـ صدرهِ الواسع وفمه يُشبع رأسها تقبيل وكأنه يعتذر لها عن تقصيره في حمايتها

وهي تتشبث به بـ قوة دون الحاجة إلى البُكاء فـ صُراخ ضربات قلبه أنهكتها حقًا

بـ الشُرفة كان يُتابع ذلك اللقاء العاطفي المُفعم بـ المشاعر القوية.. تلك المشاعر التي حُرم منها.. والد حقير.. والدة لم يتعرف عليها حتى الآن.. و توأم أثبت له أنه حقًا وحيد.. أما هم.. فـ يمثلوا دفء لطالما حَلِمَ به وتمناه طويلًا

إستدار إلى سور الشُرفة و نظر إلى يدهِ.. كانت تحمل كدمات إرجوانية و زرقاء مكان السلسلة الحديدية والتي كان يقبض عليها بـ قسوة لم يكن يمتلكها قبلًا

خرجت تنهيدة حارة وتذكر تلك الورقة التي أعطته إياها خالته.. ليُخرجها من جيب بنطاله الخلفي وفضها

لتدلى قلادة فضية على شكل دمعة.. تلك التي يوضع بها الصور الصغيرة ليفتحها.. إتسعت عيناه بـ ذهول وهو يجد صورته مُرفق معها صورة والدته.. نيرة.. كانت جميلة و باسمة.. بل مُقبلة على الحياة و ضحكتها تلك كانت الحياة بـ عينها.. لا تُشبه كثيرًا ولكن.. ولكنه وقع بـ عشقها 

وضع القلادة حول عنقه وأخفاها خلف ثيابه ثم بدأ بـ قراءة الأسطر بـ حبرًا أسود قد بهت قليلًا لمرور السنوات عليه

"عزيزي يزن…. 
لما هتقرأ الرسالة دي هتكون عرفت الحقيقة ومعرفش إذا كُنت هبقى عايشة ولا لأ.. بس اللي مُتأكدة منه إنك هتحبني وهتسامحني لأني عملت اللي أي أم ممكن تعمله عشان تحمي إبنها.. شهاب أخوك التوأم للأسف ورث طباعه اللي هربت منها فـ يوم.. هو أذاني و أذى ناس كتير منهم جاسر الصياد و مراته.. مراته كانت فـ يوم خطيبته وهو للأسف دبحها"

أحس يزن بـ ثقل في التنفس ولكنه عاود القراءة بـ تمهل

" هربت منه لأني كُنت عوزاكوا فـ حياتي.. بس خسرتكوا أنتوا الأتنين.. المهم أوعى فـ يوم جاسر الصياد يعرف هويتك خليك مجهول لأنه أول أما يعرف أنت مين مش هيتردد ثانية إنه يقتلك 
آخر حاجة.. أنا حبيتك من أول لمحة.. و قولت إنك يستحيل تخيب أملي فيك.. أنت راجل وعارفة إن مش هيليق بيك غير لقب راجل

والدتك نيرة المُحبة"

أسطر باهتة ولكنها حركت به الكثير.. ولكنها كانت مُحقة بـ شئٍ واحد أنه سيُحبها

-جواب غرامي!

طوى يزن الورقة و وضعها بـ جيب بِنطاله الخلفي ثم إستدار إلى جاسر وهتف بـ مُزاح

-مش كبرنا على الكلام دا! 
-رد جاسر بـ تهكم:قول لنفسك… 

تنهد يزن وإتكئ إلى سور الشُرفة خلفه و جاسر من أمامه يُحدق به بـ شئٍ من الغضب المكتوم.. ليردف بـ هدوء 

-خير يا حمايا! 
-حُمى لما تشيلك… 

قهقه يزن ضامًا قبضته ثم وضعها فوق فمه وأكمل ضحكه ليردف بعدها بـ مرح وهو يضع يده الأُخرى على صدرهِ

-مقبولة يا حمايا… 

رمقه جاسر شزرًا.. توقف يزن عن الضحك وأردف بـ جدية

-چيلان فـ قلبي مش فـ عينيا.. وأنا مش هقرب منها إلا بـ إذنها ولو طلبت هي الطلاق هسيبها غير كدا مش ناوي أبعد عنها حتى لو قتلتني… 

ظل جاسر يرمقه طويلًا دون تعابير واضحة على وجههِ ولكن ذلك لم يُقلق يزن إلا حين تكلم جاسر خرجت نبرته هازئة 

-إيه المُسلسل المكسيكي اللي عايش فيه دا!.. حد قالك إنك ممكن تكسب جايزة أوسكار على تمثيلك… 

كتم يزن غضبه بـ أعجوبة وظل مُحتفظ بـ هيئته الهادئة ولكنه أضاف إليها إبتسامة ثلجية ينبعث منها صقيع مُهلك.. ليُكمل جاسر بـ نبرةٍ جامدة كـ جمود الصخر، حجرية بـ قساوة مُرعبة

-جيت أقولك إن الفرح بعد إسبوع مع فرح أختها… 

ورحل.. بـ بساطة مُعيظة رحل جاسر الصياد تاركًا يزن تضربه الأعصاير ما بين ذهول و سعادة تكاد تُوقف قلبه عن النبض

*************************************

بعد مرور سبعة أيام

إقتحم حمزة الغُرفة بعد طرق عنيف وأغلق الباب خلفه وإنتظر خروج الأميرة من المرحاض.. ولم ينتظر طويلًا فـ قد خرجت بعد عدة دقائق ليحبس أنفاسه الهادرة لهيئتها البريئة بـ إغواء غير برئ

كانت ترتدي ثوب سماوي اللون.. بسيط للغاية دون بهرجة.. غير جرئ بل ينسدل على جسدها بـ إتساع طفيف الخصر يحده حزام ماسي رفيع غير مُبرز لمُنحنياتها التي بدأت في النضوج.. بـ دون أكمام بل ترتدي فوقه سُترة شفافة تنسدل على ظهرها مكونة ذيل طويل يُماثل طول الثوب

خُصلاتهِا جمعتها في عدة جدايل و قامت بـ عقدها على هيئة كعكة لطيفة.. دون زينة وجه

حينما رأته جويرية شهقت بـ فزع وتراجعت ثم هتفت بـ صوتٍ خفيض ولكنه حاد

-حمزة!.. إيه اللي دخلك أوضتي 
-أجاب مأخوذًا بـ هيئتها:وحشتيني… 

وضعت يدها على شفتيها تُخفي إبتسامة خجلة إرتسمت بـ وضوح.. لم تكن قد رأته مُنذ تلك الحادثة المشؤومة.. ظلت بـ منزلهِ طويلًا كان بهم نعم الأب قبل الحبيب.. أوقات بُكاءها كان يضمها إليه بل يُهدهدها كـ طفلة صغيرة رأت حلمًا مُزعجًا

حمزة هو من أخذ بـ يدها لتتخطى تلك المحنة والآن هي تبتسم بـ فضلهِ.. لم يتركها أبدًا.. بل كان يصطحبها يوميًا من وإلى المدرسة.. دورسها تحضرها بـ إنتظام وهو دائمًا ينتظرها.. لقد كان مأواها حين كانت شقيقتها بلا مأوى 

أبصرته ينهض وهو يبتسم بـ عبثية مُحببة لقلبها ثم أردف مُتفحصًا إياها بـ نظرات شاملة 

-بس مش أنتِ حلوة زيادة عن اللزوم! 
-رفعت حاجبها وقالت:والله!!... 

أمسك كفيها يُقبلهما بـ قوة و إشتياق ثم أردف بـ مكر

-والله والله.. وأنا بغير يا بنت الحلال فـ خُشي غيري… 

لمعت عيناها بـ شقاوة وهي تدس نفسها بـ صدرهِ العريض ثم حاوطت خصره تضمه إليها لتردف بـ خُبث أنثوي 

-ما أنت هتفقع عين اللي يبصلي
-ورحمة ستي هقتله
-ضحكت وقالت:يبقى أنا كدا فـ حمى الحكومة… 

ضحك حمزة هو الآخر وهو يضمها إليه يتكئ بـ ذقنهِ النامية فوق رأسها وكفيه يتحركان على ظهرها ثم أردف بـ إبتسامة قوية 

-وأي حكومة معندهاش تفاهم فـ اللي يخصها… 

قبضت على سُترتهِ بـ قوة وهمست بـ صوتٍ عذب كـ صوت عصفور مُغرد

-بحبك يا حمزة.. بحبك ومش هعرف أحب حد زيك… 

إستشعرت تلك المضخة الجبارة أسفل وجنتها لتبتسم لتأثيرها عليه حتى أن يديه ضغطت فوق جسدها أكثر حتى شعرت أنه يطبعها كـ وشم على جسدهِ ثم سمعت صوته الأجش بـ إنفعال عاطفي حاد

-وأنا مش هسمحلك إنك تحبي حد غيري.. أنتِ أنا وأنا أنتِ.. مينفعش نكون غير مع بعض… 

إبتسمت بـ إرتياح.. هكذا هو حمزة مُتملك بـ عشقهِ لها

*************************************

ربط صُهيب رابطة العُنق أمام المرآة يُحدق بـ عُمق لتلك الندبة الظاهرة بـ وجههِ.. شوهته أجل ولكنها أضافت إليه وسامة غريبة.. من أجلها.. كانت من أجلها تركت جُلنار بصمة واضحة بـ قلبهِ وأقسمت أن تترك بصمة أكثر وضوحًا على جسدهِ وهو أكثر من سعيد

لأ يُصدق أنها ستكون مُلكه بعد عدة ساعات.. لا يُصدق أن جاسر الصياد سيُسلمها له بـ تلك السهولة يبدو أنها مزحة وأن جاسر الصياد أعد خطة لقتله 

ولكن حادثة چيلان تركت أثر عميق بـ الجميع أولهم جاسر.. ذلك الجبل الذي لا ينحني رآه مُنكسرًا، ضعيف ولأول مرة ولكن يكمن خلف ذلك الكسر والضعف قساوة جحيمية أصابت من أصابت 

فاق من غمرة تفكيره على صوت هاتفه ليتجه إليه فـ وجدها جُلنار إبتسم وأجاب بـ صوتٍ حماسي رائع 

-كُلها كام ساعة وتكوني فـ حُضني… 

وصله صوت ضحكاتها الصاخبة قبل أن تردف بـ وقاحة تروقه كثيرًا

-ويا ترى بـ أي وضع! 
-أجاب بـ وقاحة مُماثلة:بـ وضع يناسب وقاحة سؤالك
-على فكرة سؤالي برئ… 

كان دوره أن يضحك هذه المرة وهو يردف بـ نبرةٍ خبيثة

-مش عليا يا بنت جاسر الصياد.. بس على العموم 
-قاطعته بـ صوتٍ مُدلل:بأي وضع!... 

تصاعدت أنفاسه الحارقة وهو يضحك إلا أنه أجاب بـ صوتٍ مُنفعل

-بـ وضع لو جاسر الصياد شافه هيسلخ جلدي وأنا حي… 

ضحكت جُلنار بـ صخب ثم تساءلت بـ شوقٍ فاضح

-هتيجي أمتى!! 
-أجاب سريعًا:هوا… 

إلتقط حاجياته الشخصية وإتجه خارج شقته ثم أردف بـ كثير من المُزاح

-إقفلي بقى يا بنت المفضوح بدل أما أبوكِ يطب علينا ويلغي الفرح
-إبقى تُف على قبري لو إتجوزتها… 

تصنم صُهيب وهو يستمع إلى صوت جاسر عبر الهاتف.. الحرق حيًا أقل ما يستطيع الشعور به حاليًا وهو يسمع نبرته الهادئة كـ المرة السابقة تمامًا.. نهايتك يا صُهيب 

-جاسر باشا إسمعـ..ألو أأ ألو… 

ولكنه كان يُخاطب الهواء فـ قد أغلق جاسر الخط و إنتهى الزفاف قبل أن يبدأ 

صعد صُهيب السيارة ثم تمتم بـ غيظ وهو يُدير المُحرك

-حظ إيه الإسود دا ياربي.. أنا مش عارف هخلص منه أمتى… 

ضرب المقوّد ثم تحرك بـ السيارة وهتف بـ نبرةٍ على وشك البُكاء

-يارب أكون بحلم.. يارب يكون حلم.. لأ حلم إيه دا كابوس… 

بعد قيادة لم تدم طويلًا وصل إلى ذلك المخزن النائي.. لم يحتج لتسلل بل سمح له الحارسين بـ الدلوف دون التفوه بـ كلمة 

كانت عيناه سوداء بـ غضب حارق.. وهيئته كـ طاغية مُخيفة لعيني المُعلق بـ إرهاق.. تفنن جاسر الصياد بـ تعذيب تلك الجُثة كريهة الملامح 

-إزيك يا عمي!...

تعليقات



×