رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الواحد والثلاثون والاخير
لنبحث عن الحب أولا فكل شيء آخر سيأتي لاحقاً.
رفع سُليمان رأسه بـ صعوبة بالغة ونظر إلى صُهيب الواقف أمامه بـ هيمنة واضحة بـ أعين متورمة ثم هتف بـ صوتٍ ضعيف، مُنكسر
-مين!!...
ضحك صُهيب بـ سُخرية مقيتة ثم إقترب أكثر حتى وضحت ملامحه خلف الأضواء التي جعلت من هيئته أكثر وحشية وهدر بـ نبرةٍ هادئة إلا أنها تحمل في طياتها إعصار أسود
-لحقت تنسى اللعبة اللي كانت فـ إيدك!.. الجرح اللي فـ وشي دا مبيفكركش بـ حد!!
-هتف سُليمان بـ تفاجؤ:صُـ..صُهيب!!!...
أومأ صُهيب بـ قوة ليهتف سُليمان بـ غضب
-جاي عشان تشمت فـ عمك!...
لم يرد صُهيب على الفور بل إنتظر قليلًا.. قليلًا فقط جعل من سُليمان يقطب جبينه إلا أن الآخر إقترب بـ رأسهِ من أذن عمه وهسهس بـ فحيح مُرعب
-لأ وأنت الصادق جاي أخلص على عمي…
شحب وجه سُليمان أكثر مما هو عليه وتراجع بـ رأسهِ إلى الخلف مصعوقًا بما سمعه ثم حدق بـ إهتزاز به ليومئ صُهيب مُكملًا حديثه
-دا وقت إنتقامي.. قولت مش هسيب حقي لا منك ولا منه…
ليحول أنظاره فجأة إلى عبد الرحمن المُقلى بـ إهمال وعاود النظر إلى عمهِ وهمس بـ صوتٍ مُرعب
-و أنا كدا برحمك من جاسر الصياد واللي هيعمله فيك…
إتسعت عيني سُليمان بـ ذعر مقيت وهو يجد صُهيب ينزع سُترته تبعته بـ رابطة عنقه ثم قميصه الأبيض ليردف وهو يتجه إلى عمهِ لينزع قيوده
-مش تباركلي!.. فرحي على جُلنار الصياد النهاردة…
لم يبدُ على سُليمان أنه سمعه من الأساس بل كان بـ عالم آخر مما سمعه لتو.. إنحنى صُهيب تجاه عمه ثم أمسك فكه بـ شراسة وهدر بـ فحيح
-متعرفش أنا فضلت أستنى اللحظة دي بقالي أد…
ضغط على فكهِ بـ قوة وقد أظلمت عيناه بـ ضراوة وتحدث بـ نبرةٍ توازي ظلام عينيه
-حق اللي عملته فـ أمي و أخواتي.. حق كل سنة و يوم عيشتهولنا فـ خوف و ذُل.. ودلوقتي أنت المذلول وقُدام رجلي.. وهاخد حقي…
تأوه سُليمان لضغط صُهيب المُتزايد على فكهِ ثم تساءل بـ تجهم غليظ
-سؤال واحد.. ليه كاريمان!.. إيه بينها وبين الصياد!
-أجاب سُليمان مُتأوهًا:فلوس…
ضغط صُهيب على أحد جروحه التي سببها جاسر الصياد ليصرخ سُليمان بـ ألم فتّاك ليعود ويهدر بـ غلظة
-بينها وبين جاسر إيه!!
-بينهم إنتقام.. جاسر الصياد قتل عيلتها
-قطب صُهيب حاجبيه وتساءل:مين!
-لهث سُليمان وقال:معرفش اسمه.. لكن كل اللي أعرفه إن جوز أختها من أكتر من عشرين سنة خانه لعيلتنا فـ قتله وقتل مراته وعيلته كلها…
إبتعدت صُهيب قليلًا وقد بدأت بعض الأمور المُبهمة في الظهور ليُكمل صُهيب حديثه بـ همهمة
-أختها اسمها خضرة!.. اللي جاسر الصياد خلى الدكتورة روجيدا نفسها تقتله!
-أومأ سُليمان وأكمل بـ إجهاد:هي مقتلتوش.. هو اللي قتله.. بعدها بـ فترة عيلته كلها إختفت وهي الوحيدة اللي هربت…
ساد الصمت لمدة وجيزة قبل أن تعلو ضحكات صُهيب حتى صدا صداها بـ جميع أنحاء المخزن قبل أنا يردف بـ سُخرية لاذعة
-مقتلوش.. مقتلوش نهائي.. جاسر الصياد سفره بعيد عن البلد وعن نفسه و عنكم
-تمتم سُليمان بـ صدمة:مُستحيل
-رد صُهيب بـ بساطة:مش مُستحيل.. إبقى إسأله فـ الآخرة…
نهض صُهيب و سحبه إلى الخارج فـ أوقفه أحد الحارسين ثم سأله
-واخده على فين!!
-أجاب صُهيب بـ هدوء:هقتله…
نظرا الحارسين إلى بعضهما بـ حيرة ولكن صُهيب لم يهتم بل تركهم وأكمل سحب سُليمان خلفه دون تعابير واضحة
ألقى به فوق الرمال ثم أمسك آلة الحفر وبدأ في عمل حُفرة ولم يحتج السؤال لِمَ تلك فـ الإجابة هي "قبره".. توقفت ضربات قلبه عن النبض و تساءل بـ إهتزاز مُرتعب
-أنت هتقتلني وهتدفني هنا!
-أجاب صُهيب مُصححًا بـ بساطة:تؤ هدفنك حي هنا…
لو أن الروح غادرته باكرًا مُذ تعذيب جاسر له لكان أهون مما يفعله صُهيب ابن أخيه الآن.. صرخ سُليمان بـ هلع وحاول الزحف مُبتعدًا قدر المستطاع ولكن صُهيب كان أسرع حينما قبض على ساقهِ وجره إلى الحُفرة ليسقط بها
رفع سُليمان يده وهو يلوح نافيًا بـ جزع قتل جميع خلاياه ثم هتف بـ صوتٍ متوسل
-إعقل يا صُهيب هتقتل عمك!.. أنت عُمرك ما كُنت كدا.. هتقتل دلوقتي!
-جأر صُهيب بـ سُخرية:العرق دساس يا عمي.. وعرقكم الـ*** ساب بصمته فيا.. بس أنا هخلص العالم من شروركم…
وباءت توسلاته بـ الفشل وقد بدأ صُهيب حقًا بـ وضع الرمال فوقه.. يدفنه بـ قلب الصحراء كما والده تمامًا لا أحد يعلم أرضهما إلا الله.. على الرغم من زئير ضميره و إرتجافه من فعلته إلا أنه يعلم تمام العِلم أن شر تلك العائلة لن ينتهي سوى بـ إنتهاءهم
بعدما إنتهى صُهيب من دفن كِلاهما عاد إلى المخزن وجلس فوق صندوق خشبي كبير يلهث لا تعبًا ولكن لفظاعة ما إرتكبته يداه.. تلك اليد التي من المُفترض إنقاذ الحياة ها هي تسلب حياتين.. وهو الذي أقسم ألا ترتكب يداه ما إقترفته أيدي عائلته
تنهد بـ تعب ثم رفع يده يُعيد خُصلاتهِ إلى خلف ليلمح ذلك الصبي الثالث الذي يرتجف بـ وضوح.. فـ نهض صُهيب وإرتدى ثيابه ليردف بـ هدوء
-أنت لأ متخافش…
وضع السُترة فوق كتفهِ ورحل.. رحل قد يكون فاقدًا لجزء من ضميره ولكنه إكتسب إحترام نفسه على الأقل.. إحترام نفسه للقضاء على تلك العائلة الملعونة
*************************************
زفرت روجيدا بـ إجهاد وهي تُحاول إقناع جاسر بـ الهبوط وإستقبال الحشود بـ القصر.. فـ الوقت قد حان وهو لا يتزحزح عن موقفه
حكت جبينها بـ إعياء واضح ثم جثت أمام جاسر رادفة وهي تُمسد رُكبته بـ حنو
-جاسر حبيبي مينفعش اللي بتعمله دا.. الناس تحت و جواد وصابر و سامح هما اللي بيستقبلوا الناس.. عيب كدا
-هتف جاسر بـ شراسة:رجعت فـ كلامي وقولت مش هجوز حد
-تساءلت روجيدا بـ إستنكار:مش هتجوز حد إزاي!
-أنا حُر يا ستي…
أخذت روجيدا نفسًا عميق تُهدأ نفسها وهي تعلم أن لا فائدة من المُجادلة فقط عليها إتباع السياسة التي تنجح على الدوام
نهضت روجيدا لتجلس على ساقيهِ وكما توقعت وقع بـ الفخ وهو يُحاوط خصرها بـ أيدٍ حديدية.. لترفع يدها وتُحاوط هي عُنقه ثم قربت نفسها أكثر وهمست بـ دلال قاتل
-طب ولو قولت عشان خاطري!
-إبتسم بـ مكر وقال:آثرتي فيا بس برضو لأ
-مطت شفتيها بـ إمتعاض وقالت:تؤ بقى يا جاسر.. عشان خاطري بقى والله هزعل…
أمسك ذقنها بـ رقة بالغة ثم قرب وجهها منه ليهمس وهو يُحدق بـ فيروزها اللامع
-إحنا منقدرش على زعل الفراولة
-أردفت بـ سعادة:يعني هتنزل!...
طبع قُبلة رقيقة على شفتيها وأردف بعدها بـ مرح
-منقدرش ننزل للفراولة كلمة…
صفقت روجيدا بـ مرح ثم أردفت وهي تُحاول النهوض
-يلا قوم إلبس…
إلا أنه لم يسمح لها بـ النهوض وهو يُعاود جذبها من خصرها إليه ثم همس بـ عبث
-رايحة فين!.. أنا مش وافقت وبذلت مجهود!!.. فين بقى حقي!
-ردت روجيدا بـ إستنكار:دلوقتي!
-أومأ رادفًا بـ مرح:أه أصل الكيف وحش أوي…
كانت يده تعبث بـ سحاب ثوبها الأسود لتُمسك هي بـ يدهِ وصرخت بـ عجالة
-جاسر الناس تحت
-رد عليها وشفتيه تعبث بـ عُنقها:يستنوا…
كان عليها أن تعلم نهاية الطريق الذي سلكته فـ مكر جاسر الصياد لا يُمكن إئتمانه
************************************
ترجل يزن من السيارة وتبعته خالته التي تذمرت وهي تُمسك مرفقه تتكئ عليه
-مش عارفة إيه لازمتها المرمطة دي ما كنتوا كتبتوا الكتاب وخلاص
-ضحك يزن وقال:إحنا بنتكلم عن جاسر الصياد يا يا لولو
-تمتمت بـ إمتعاض:وعشان جاسر الصياد مكنتش عاوزة فرح…
نظر يزن إلى خالتهِ بـ قلة حيلة وكذلك فعل رمزي.. في طريقهم إلى الداخل قابلا صُهيب وهو يترجل من السيارة فـ توقف يزن وحياه
-ألف مبروك يا دكتور
-إبتسم صُهيب بـ مرونة وقال:الله يبارك فيك.. مبروك أنت كمان…
تمتم يزن بـ شُكر ثم عرف خالته وصديقه إلى صُهيب والذي تقدم منه وتساءل بـ جدية مُخيفة حتى أنها أجفلت يزن
-أنت عملت إيه خليت جاسر الصياد يوافق عليك!
-قطب يزن بـ تساؤل:مش فاهم؟!
-أجاب صُهيب بـ حيرة:أكيد عملتله عمل عشان يوافق بـ السرعة دي.. إزاي مفكرتش فـ الموضوع دا…
ضحك يزن بـ إستمتاع بينما نظرات لُبنى واضحة أنها ترى مخبول وليس شاب في ريعان شبابه أو هكذا تظن
القصر كان يحوي العديد من الأفراد.. بحث بـ عينيهِ عن والدته ليجدها تجلس بـ أحد الأركان بعيدًا.. يعلم أنه من الصعب عليها العودة إلى هُنا.. قد تركت البلاد و رحلت لتتركه هُنا يُكمل تعليمه.. قطعت كُل تواصل مع تلك العائلة و معه أيضًا.. علاقتهم كانت في أوج توترها نظرًا لمُقابلاته لعمه وإمتثاله لما يُريد.. لذلك كان بعيد كُل البُعد عنهم وتركها هي دون الضغط عليها
ولكنها هُنا الآن لأجله وهو يُقدر ذلك بعدما عَلِمت الحقيقة.. كما أن صحتها المُتأخرة لا تسمح بـ الكثير من الحركة و الحديث.. لذلك توجه إليهم وتبادل معهم أطراف الحديث بعد الترحيب بهم بـ حفاوة دون مُبالغة.. ما تعرض له الجميع يجعل من الصعب تخطي تلك العلاقات والأيام ولكن كُل ذلك إنتهى أليس كذلك!
****************************************
الموسيقى تصدح بـ المكان. الأنوار إنطفأت ولم يبقَ سوى تلك التي تُنير الدرج.. حيث جاسر و إبنتيه مع وبـ أسفل الدرج يقف كُلًا من صُهيب و يزن بـ حلتيهما السوداء بـ لمعة جذابة تُناسب ملامحهم الرجولية
النظرة الأولى بينهما لم تكن كما يُحكى بـ الأساطير بل كان شيئًا لا تستطع الأحرف وصفه.. كانت جُلنار بـ ثوبها الأبيض المُرصع بـ ألماس أشبه بـ حور هاربة من الجنة.. الثوب كان مُحتشم بـ درجة مُذهلة.. بسيط وأنيق في الوقت ذاته
يُخفي جسدها بـ روعة حفاظًا على ما أسفله.. من الأعلى مُرصع بـ ألماس حتى منطقة الصدر.. ويُغطي جيدها و ذراعيه طبقة شفافة من القُماش منقوشة بـ رسومات غريبة ولكنها رقيقة ومُزينة بـ ألماسات صغيرة
خُصلاتهِا نافست جمال وجهها بـ ذلك التاج الماسي يجمع خُصلاتهِا الحُرة بـ إفتتان
إبتسامتها لا تُضاهي إبتسامة.. وكأن العالم إختفى من حولها ولم يبقَ سواهما حتى جاسر الصياد قد إختفى تمامًا
وها هي تقف أمامه على بُعد درجة ولكن ماذا يمنعها من التقدم!... اااه دعنا لا ننسى جاسر الذي يقبض على مرفقها بـ قوة حتى أن جُلنار تأوهت وهمست بـ أُذنهِ
-بابتي الناس بتبص علينا.. سيب إيدي…
لم يرد عليها بل كانت عيناه تُحدق بـ عيني صُهيب التي فهمت رسالته وهمس بـ هدوء واثق
-متخافش عليها معايا.. أنا صُهيب وبس.. صدقني جُلنار مش بس عشق لأ جُلنار البيت الدافي ليا…
يأمل من الله ألا يُفسد تلك اللحظة بـ أحد تعليقاته القاتلة.. وحينما طال الصمت وهو لا يتخلى عن يد إبنته قامت هي بـ مدّ يدها إلى صُهيب فـ أمسك بها وسحبها بـ قوة لترتمي بين أحضانهِ
كاد أن يلكمه جاسر ولكن روجيدا تداركت الأمر وهي تُمسك يده وتحكم حولها القيد ثم همست بـ توسل
-عشان خاطري إهدى أنا مُستعدة أدفع الضريبة بداله…
تنفس جاسر بـ غضب ولكن صُهيب لم يأبه بل جذب جُلنار بعيدًا ثم قَبّل جبينها مُطولًا ليهمس بـ صوتٍ أجش
-مبروك عليا أنتِ.. إحسبي حياتنا من اللحظة دي…
وعلى الجهة الأُخرى
كان يزن مأخوذ بـ كل ما بها.. نظراتها الضائعة.. جسدها المُرتجف.. شفتيها الفارغة.. ثوبها الملائكي بـ لونهِ الأبيض الناصع.. إحتشامه يُنافس إحتشام ثوب شقيقتها.. ولكنه مُرصع بـ اللؤلؤ و بعض الزهور التي تخرج من أفرع فضية تلتف حول الثوب بـ روعة سالبة للأنفاس
خُصلاتهِا جُمعت في جديلة إرتمت على كتفها الأيسر تتخللها زهور بيضاء كـ تلك التي تخرج من أفرع الثوب.. وعلى رأسها وضعت تاج من الورود يُنافس هيئتها رقة
تلك المُهلكة ستُصبح له بعد دقائق
وما حدث ما صُهيب كان حليف يزن ولكنه تعامل بـ حكمة سبقته بها روجيدا والتي سحبت جاسر بعيدًا.. على الرغم من رُعبها على إبنتها إلا أنها تثق بـ يزن
ضمت چيلان يديها أمامها وفركتهم بـ توتر.. ليبتسم يزن بـ عطف لحالتها.. لذلك دون أن يُحاول الإقتراب أو حتى لمسها
-تحبي نرقص ولا نقعد على طول!...
ترددت كثيرًا ما بين خوفها وعزيمتها ألا تخذل والدها والذي لم يخذلها حتى الآن.. وكذلك الذي يقف أمامها.. الحصن والحائط الذي إتكئت عليه ولم يتعب من ثقل الحمل.. بل كان صبور، مراعي، عطوف عليها إلى حد البُكاء
لذلك أخذت نفسًا عميق وأردفت بـ إهتزاز
-لأ هنرقص
-أردف بـ تأكيد:مش عاوز أضغط عليكِ
-أنا بعمل كدا عشان بابي…
أومأ يزن بـ تفهم ليمد يده ويُمسك كفها بـ رقة ثم جذبها خلفه.. كانت تُحاول التملص منه ولكنه لم يدعها تفعل بل كُلما حاولت سحب يدها شدد عليها أكثر فـ إستسلمت
بينما في الرُكن البعيد يقف جواد ويكاد وجهه ينفجر غيظًا وغضبًا.. والكثير والكثير من الغيرة.. شقيقتاه سيتم أخذهما بعيدًا عنه في ذات اليوم.. قد تكون جُلنار لا بأس بـ إبتعادها عنه ولكن چيلان!!.. الإبتعاد عنها هو الجحيم بـ عينهِ
أبصرت عيناه إيلاف وهي قادمة تتهادى في ثوبٍ ذا لونٍ أسود حريري الملمس يُنافس نعومة بشرتها البضة.. يصل إلى ما قبل الكاحل بـ قليل ولا يُظهر الكثير من جسدها فقط ذراعيها
أشاح بـ وجههِ بعيدًا وهو يُتمتم بـ إنفعال قوي
-الليلة مش ناقصة.. الليلة مش ناقصة…
نقر فوق كتفه الأيمن جعله يستدير إليها بـ كليتهِ يُحدق بـ وجهها الفتيّ وقبل أن يردف سبقته قائلة
-واقف بعيد ليه!!
-حمحم وأجاب:عشان أتجنبك
-إرتفع حاجبيها بـ ذهول وتساءلت:أفندم!...
أجاب جواد مُؤكدًا وهو يضع يده بـ جيب بنطاله دون أن يحيد بـ بصرهِ عنها
-أه.. ما هو أنا مش ضامن نفسي.. سواء من ناحيتك ولا كلاب البحر اللي بيرقصوا مع أخواتي دول…
ضحكت إيلاف بـ قوة تكاد تجعلها تجلس أرضًا.. جواد لا يستطيع إخفاء مشاعره بل والأدهى كيفية التعبير عن غضبه وعشقه فـ الوقت ذاته.. ليتها لم تُعاند قبلًا لتمتعت أكثر بـ ذلك الفيض من المشاعر
حدق بها هو عابسًا حتى إنتهت ضحكاتها التي بدت لا نهاية لها حتى أسكتها هو حيث قبض على خصرها بـ يدٍ واحدة ثم جذبها إليه.. يضعها على جسدهِ وكأنها بل بـ الفعل هي حق حصري له فقط
شهقت إيلاف بـ صدمة ثم وضعه يديها على صدرهِ لتلك المُفاجأة.. وظلت تنظر إليه بـ إتساع بينما هو يُحدق بها بـ إستمتاع فـ قد إستطاع إخراسها
حاولت إيلاف التملص من بين يديهِ ولكن أبى تركها.. إقترب بـ وجههِ منها ثم أردف بـ صوتٍ عال حتى تسمعه
-سكتي يعني!...
نظرت إيلاف حولها تتلافى تلاقي أنظارهما ثم أردفت بـ خجل
-جواد الناس تشوفنا
-رفع حاجبيه بـ مكر وهتف:تؤ إحنا فـ حتة مدارية…
تسارعت أنفاسها بـ خجل أحرق وجهها ليضحك جواد بـ عُمق قبل أن يصمت ثم قال فجأة
-ما تيجي نتجوز!...
توقفت إيلاف عن محاولة الفكاك من براثنه ونظرت إليه بـ غرابة ثم هتفت بـ إستنكار
-أفندم!!...
أمسك جواد يدها ثم هتف بـ حماس وهو يجذبها خلفه
-طب والله فكرة…
**************************************
كان سامح يتبادل أطراف الحديث مع جاسر في بعض الشئون حتى إنتفض على يد جواد التي ضربت الطاولة و دون مقدمات أردف بـ قوة أذهلت الجالسين
-عمي أنا هتجوز إيلاف…
قطب سامح جبينه وشفتيه تُردد عبارة إبن أخيه حتى يعي ما تفوه به جواد ثم هتف بـ صدمة
-وأنت بتطلبها مني ولا بتأمرني؟
-لأ أنا بعرفك
-رد سامح بـ إستهجان:طب لازمته إيه تعرفني!!
-أجاب جواد بـ براءة:دي الأصول
-هدر سامح بـ سُخرية:أصول!! وهو أشكالك تعرف الأصول يابن جاسر…
نظر إليه جاسر رافعًا حاجبه الثقيل ثم أردف بـ تهديد
-وماله جاسر يا سامح!
-رد سامح بـ غيظ:عيلة بجحة…
ضحكت روجيدا مُخفية وجهها بـ كتف جاسر ثم أردفت بـ مرح
-إطلبله بنت أخوك يا جاسر الواد هيموت عليها…
ربت جاسر على يدها ثم نظر إلى سامح وقال بـ قوة
-جوز العيال يا سامح وإرحمني
-إيه يا جماعة ما حد يشوف حل للعيلة دي
-همست روجيدا لجاسر:جاسر إتعدل وإطلب البنت كويس…
زفر جاسر بـ غضب ثم قال من بين أسنانهِ وهو يجبر نفسه على الإبتسام
-بصفتي أبو البغل اللي واقف قدامك دا بطلب إيد إيلاف ليه ولو أني مستخسرها فيه
-إعترض جواد بـ تذمر:إيه يا بوس!.. دا أنت لو قاصد تطفشني مش هتعمل كدا
-إخرس أنا عارف أنا بعمل…
أشاح جواد بـ وجههِ بعيدًا وتمتم بـ غيظ دون أن يسمعه أحد
-أنت راجل معدوم الضمير وربنا هيحاسبك والله…
زفر نفسًا مُحمل بـ الغيظ ثم عاود النظر إلى جاسر ثم عمه سامح وأردف بـ إبتسامة عاشقة
-أنا عارف إني خسارة فيها.. بس مقدرش أعيش من غيرها.. بس أوعدك إني أحافظ عليها تقدر تسلمهالي يا عمي؟!...
حدق به سامح دون تعبير واضح حتى إبتسم وقال بـ مُزاح
-ولو إني مش عاوزها تدخل أرض الشياطين بـ رجليها بس مقدرش أرفضلك طلب خصوصًا وأنا عارف إن جاسر ربى راجل
-صرخ جواد بـ حماس:والنبي لأبوسك يا عمي
-صاح سامح بـ صرامة:إقعد يالا وسيب إيديها بدل أما أرجع فـ كلامي…
دفع جواد يد إيلاف التي إتسعت عيناها بـ صدمة لرد فعله العنيف ثم أردف وهو يرفع يديه عاليًا
-بُص إقطع إيدي لو قربت منها.. لأ أستنى متقطعهاش هحتاجها بعدين…
فرك سامح مُنحدر أنفه بـ يأس ثم همس بـ صوتٍ قد فَقَدَ الأمل من تلك العائلة الوقحة
-أنتوا عيلة سافلة وأنا تعبت معاكوا أُقسم بالله…
صاحت جويرية وهي تقف أمام جاسر تردف هي الأُخرى بـ ضيق وحماس بـ الوقت ذاته
-وأنا كمان عاوزة أتجوز حمزة.. إشمعنى أنا!...
إنفجر سامح وصابر ضحكًا بينما جاسر عيناه كانتا على وشك إلتهام تلك الوقحة الواقفة أمامه ليردف بـ هسيس مُخيف
-تربية بنت *** زي تربية أبوكم هقول إيه!.. حسبي الله.. حسبي الله…
ضربت جويرية قدمها بـ الأرض وأردفت بـ إنفعال
-الله وأنا مالي.. عاوزة أتجوز حمزة يا بابتي
-هدر جاسر بـ غضب:أمشي يا مفعوصة بدل ما تطلعي من هنا ع القبر عدل.. هتموتيني يا بنت الـ***
-هتف صابر بـ إستفزاز:ما تجوز العيال يا جاسر وإرحمني
-أردف جاسر بـ حدة:تصدق بالله أنت مش هتشوف راحة لا أنت ولا ابنك طول ما أنا عايش.. و جواز مفيش
-أردفت جويرية بـ غضب:أنت ظالم.. إخواتي كلهم إتجوزا إشمعنى أنا!...
ضرب جاسر مؤخرة رأسه بـ المقعد ثم هتف بـ تعب وهو ينظر إلى روجيدا
-خُدي بنتك وإمشي من قدامي يا روجيدا.. خُدي بنتك بدل أما أدعي ربنا ياخدها يا أخدها أنا من شعرها وأمسح بيه سراميك القاعة..بنتك هتموتني.. أنا مربتش والله
-ضحكت روجيدا وقالت:ولا إتربيت والله…
***********************************
بينما هما في عالمهما الخاص تضع جبينها على جبينهِ وبين الحين والآخر يختلس قُبلة رقيقة لكف يدها.. يغدق أنوثتها بـ كلمات لم تسمعها هي من قبل ولكنها تُرضيها بل تُسعدها وكأنها لم ترَ رجالًا قبله.. هي بـ الفعل لم ترَ رجالًا قبله
جذب نظرها ذلك الإتساخ على جانب عُنقهِ لتسأله وهي تمسحها بـ أصابعها اللطيفة
-إيه دا!...
رفعت إصبعها إليه لينظر صُهيب ليدها.. إتسعت عيناه قليلًا وسُرعان ما إستعاب الصدمة ليقوم بـ مسح تلك المنطقة ثم أردف بـ مُزاح
-كُنت بلعب فـ التُراب…
ضحكت جُلنار بـ صوتها الرنان ولكن لم يسمعه أحد لصخب الموسيقى ليُتمتم مأخوذ بـ هيئتها الرائعة
-مُهلكة…
صمتت جُلنار ونظرت إليه بـ صدمة طفيفة وتساءلت بعدها بـ ذهول
-قولت إيه؟!...
أمسك صُهيب يدها ثم قَبّل معصمها حيث يقبع ذلك السوار الخاص بها وأردف بـ نبرةٍ عذبة، تُذيب الحجر من فرط عذوبتها
-مُهلكة يا زهرة الرُمان…
إبتسمت بـ إشراق أضاء روحه المُظلمة لتُعانقه بـ قوة ثم قالت بـ صوتٍ دافء
-ومكنتش مُهلكة إلا فـ عين راجل…
إبتسم هو الآخر ليُحيط خصرها ثم رفعها إلى أعلى ودار بها عدة مرات صرخت خلالها جُلنار بـ سعادة مُفرطة.. ليردف بعدما أنزلها بـ صوتٍ عميق أكثر عُمقًا من المُحيط.. عميق لدرجة الغرق بـ حلاوة كلماته
-مكنتش مُهلكة إلا فـ قلب راجل…
أمسك يدها ليضعها فوق قلبه النابض وأردف بـ إبتسامة مُشعة
-قلب مدقش غير ليكِ.. قلب سيرني مسلوب العقل والإرادة عشان يوصلك.. قلب لو عاش عُمر فوق عُمره مش هيدوق السعادة اللي هو فيها دلوقتي.. قلب مش هيعيش لو سابك تفلتي من بين إيديهِ…
ترقرقت عبرة بـ عينيها لتهبط دون إرادةً منها فـ مسحها هو بـ طرف إبهامها ثم قَبّل مكان العبرة وأكمل
-العشق مش كفاية عليكِ يا زهرة الرُمان.. يمكن العشق كلمة تافهه قُدام اللي جوه قلبي
-ضحكت جُلنار ثم صرخت بـ جنون:بحبك.. بحبك.. بحبك…
لمعت عيناه بـ سعادة لم يكن ليتذوقها إن لم تكن هي.. السعادة بـ الوصول إلى نهاية المطاف.. أن يجدها بـ إنتظاره تمد يدها لتحتضن خاصته فـ تذوب أوجاعه كأنها لم تكن.. أن تمتلئ عيناه بـ مرآها أمامه كُل يوم بل كُل لحظة.. أن تكون هي ولا أحد غيرها.. وأن يكون هو ولا أحد غيره
رفع كفها و بادر بـ تقبيلهِ إلا أن يد رجولية خشنة حالت دون ذلك ثم صوتٍ قاسي، مُرعب يهدر
-عاوز أرقص مع بنتي
-لا إراديًا نطق صُهيب:يا ساتر يارب
-جأر جاسر بـ خشونة:بتقول حاجة!
-تمتم صُهيب بـ نبرو على وشك البُكاء:لا أبدًا يا عمي.. إتفضل
-عمى الدبب…
ثم دفعه جاسر ليبتعد عن جُلنار التي عضت شِفاها السُفلى بـ خجل وعطف عليه.. وضع صُهيب يديه بـ خصرهِ وهو يعض شِفاه السُفلى ثم همس بـ غيظ حانق
-أنت مش هتورد على جنة ولا على نار.. هتفضل متعلق فـ نص كدا…
إلتفت على يد تربت على كتفه ليجد يزن يقف خلفه وعلامات الإحباط ترتسم على وجههِ فـ لم يحتج لمعرفة ما أصابه هو الآخر.. ثم نظر إلى حيث چيلان فـ وجدها تُراقص جواد.. فـ خرجت ضحكة هازئة من بين شفتيه ليردف بعدها بـ مُزاح يائس
-ما تيجي نرقص أنا وأنت مع بعض
-ضحك يزن وقال بـ مُزاح هو الآخر:باين علينا إننا منبوذين مش كدا!
-دا النبذ ذات نفسه صعبنا عليه…
ضحك يزن ثم إلتفت إلى حيث چيلان.. الغيرة نهشت قلبه وهو يجدها تضع رأسها على كتف شقيقها تستمد منه الدعم. بينما معه لم تكن كذلك بل كانت تتململ بـ عدم راحة.. تبتعد عنه قدر الإمكان.. بينما مع جواد هي تتشبث به قدر الإمكان وكأنه سيختفي
لم يُدرك في هذه الحالة أن عيناه كانت مُظلمة، داكنة بـ رُعب، مُخيفة بـ لهيب الغيرة الأزرق
إلتقت عيناه بـ عينيها لترق بـ ثانية ويبتسم بـ حنان دافئ يُثلج قلبها.. إنتفضت هي وأدارت وجهها بعيدًا سريعًا.. ليتنهد يزن وهو يردف بـ أسى
-لسه قُدامك طريق طويييل.. طويل أوي يا يزن…
************************************
وأخيرًا إنتهى الزفاف الكارثي بـ جميع المقاييس فـ جاسر الصياد شبه طرد يزن و صُهيب.. فـ لم يجلسا بـ جوار عروسيهما.. ذلك الطاغية!!
ترجل يزن من سيارتهِ ثم توجه و فتح خاصة چيلان التي إنكمشت على نفسها وتراجعت ليصر يزن على أسنانهِ ثم تراجع وأردف بـ هدوء حاول التسلح به
-إنزلي يا چيلان متخافيش أنا مش بعُض
-طب إبعد…
إبتعد يزن حتى تترجل من السيارة وإنتظر دون أن يُساعدها حتى هبطت ليصفع الباب بـ قوة أجفلتها.. فـ تساءلت بـ ذعر
-إيه في إيه!!
-أجاب يزن بـ براءة:بقفل الباب حلو عشان الحرامية…
أشار لها بـ يدهِ أن تتقدمه و بـ الفعل تقدمته وهي تسير بـ إهتزاز.. توقفا أمام المصعد إلا أنها قالت
-لأ أنا هطلع على السلم…
اخذ يزن نفسًا عميق وزفره على مهل ثم أردف بـ روية و صوتٍ هادئ لا يحمل أي إنفعال
-كان قُدامي مليون طريقة و وقت أستغلك فيه يا چيلان.. بس أنا مش حيوان عشان أرضي غريزتي الذكورية فـ شخص ضعيف زيك…
وصل المصعد و فُتحت أبوابه ليدلف هو الأول ثم أردف بـ إبتسامتهِ الجذابة
-أنا بحبك يا چيلان.. وحُبي ليكِ منعني إني أأذيكِ بـ أي طريقة.. أنا أقدر أصبر عليكِ سنة، إتنين، عشرة بس مش هقدر أبعد عنك…
تسمرت چيلان من الصدمة التي جمدت أوصالها وهي تنظر إلى إبتسامتهِ الدافئة فـ تُجبر قلبها على الهدوء وكأن تلك الإبتسامة تروض نبض قلبها المُرتعب
كاد المصعد أن يُغلق أبوابه ولكن يد يزن منعته وهتف بـ مُزاح
-يلا الباب هيقفل على إيدي…
ترددها دام لحظات ولكنها دلفت بـ الأخير.. وقفت أمامه وهي تقبض على ثوبها الأبيض بـ عُنف أوجع قلبه.. وأكثر صوت تنفسها الذي جعل جسدها يرتجف أصابه بـ الغضب الشديد إلا أنه يجب عليه ذلك.. يجب عليه أن يخطو بها نحو العلاج
كان دوره في أن يتنفس بـ قوة قبل أن يتحرك ويقف أمامها ثم أردف بـ نبرةٍ عادية حتى لا يُصيبها بـ الحرج كونها بـ ذل الخوف المرضي
-هقف قُدام عشان أشوف الأرقام صح…
إفترت شفتيه عن إبتسامة حنونة وهو يسمع زفرتها.. هيا يا يزن عليك بـ الصبر و الدُعاء
فتح باب الشقة بعدما وصلا إلى الطابق المطلوب و أبتعد حتى تدلف كـ المُعتاد لتدلف هي دون أن ترفع عيناها إليه
أغلق يزن الباب لتنتفض چيلان بـ خوف ولكنه تجاهل ردة فعلها المعروفة ثم توجه وأضاء الأنوار
كانت هُناك عدة حقائب الخاصة بها وأُخرى جلبها يزن من إحدى المحلات القريبة.. قاومت فصولها لفتحهم ولكنه غلبها
بحثت عنه بـ عينيها لتجده قد دلف إلى المرحاض وصوت المياه يصلها بـ وضوح.. يبدو أنه تعمد ذلك
فتحت أول حقيبة لتجد ثوب من اللون الفيروزي يختلط معه العسلي.. نبض قلبها بـ عُنف.. يزن يعرف كيف يؤثر عليها.. تعلم أنه إختار تلك القطعة ليثبت لها جمال عينيها
كان الثوب يُحدد تفاصيل الجسد.. يصل إلى ما بعد الرُكبة.. فتحة عُنق مُثلثية طويلة و أكمام ضيقة تصل إلى المعصمين.. وعند الخصر يلتف بـ تعاكس فـ يتموج اللونين معًا
شيئًا ما جعل قلبها ينبض بـ غرابة عليها.. رُبما شيئًا لم تتعلمه من قبل إلا معه هو بقاءها معه بـ ذات المنزل لعدة أيام دون أن يقترب منها أو يُجبرها على التواجد معه جعل شُعاع خبيث من الأمان يتسلل إليها.. فـ بات يزن شخصًا موثوق به
صرخت چيلان جزعة وهي تستشعر شيئًا ناعمًا يُداعب ساقها أسفل ثوب الزفاف.. لتنتفض مُبتعدة فـ تعركلت ساقها وسقطت جالسة
حدقت بـ عدم إستيعاب وهي تجد قُطيطة صغيرة تموء بـ صوتٍ ناعم، جميل وهي تنظر إليها بـ تعجب لذلك الزائر الغريب ولكنها تشعر معه بـ الأُلفة
تقدمت القُطيطة من چيلان فـ حملتها وتساءلت بـ تعجب
-دخلتي منين؟!...
فغرت شفتيها بـ ذهول وهي تجد القُطيطة تتشابه معها في تباين لون عينيها.. حتى أنها ذات الألوان وذات الأعين.. لتُتمتم بـ صدمة
-مش معقول
-چيلان!!!...
إنتفضت صارخة لتقفز القُطيطة من بين يديها وتركض إلى يزن الذي خرج جزعًا من المرحاض حينما سمع صوت چيلان تصرخ.. ثم ركض إليها وجثى أمامها ليصرخ بـ قلق
-أنتِ كويسة!.. فيكِ حاجة!...
ضمت چيلان يديها إلى صدرها بـ رهبة ثم حركت رأسها نافية لتقول وهي تُشير إلى القُطيطة
-القُطة بس خضتني…
زفر يزن بـ أرتياح ثم هتف وهو يتحقق من معالم وجهها المصدوم
-خضتيني عليكِ
-ردت بـ توتر:آآآ.. آسفة…
إبتسم يزن بـ إتساع ثم أردف وهو يجثو أمامها
-متتأسفيش المفروض كُنت أقولك إن فيه قُطة هنا
-حمحمت ثم تساءلت وهي تنظر بعيدًا عنه:جبتها منين؟
-لاقيتها لما كُنت فـ الغردقة…
أومأت بـ تفهم ثم قالت وهي تتحاشى النظر إليه تبتعد عنه وعن قُربه قدر المستطاع
-طب ممكن تدخل تغير مينفعش تفضل كدا…
نظر يزن إلى نفسهِ فـ لم يجد سوى تلك المنشفة التي يضعها حول خصره.. فما أن سمع صوتها حتى جذب أقرب ما طالته يده وخرج يتأكد من سلامتها
نهض بعيدًا عنها ثم قال وهو يحك مُؤخرة رأسه
-معلش مأخدتش بالي.. هدخل أكمل الدُش…
إبتعد عنها وحينما وصل إلى الممر إستدار إليها وأردف بـ إبتسامة صادقة
-أنا حبيت القُطة عشان فكرتني بـ واحدة بتكره عنيها…
إرتفع وجه چيلان سريعًا إلا أنه قد إستدار و رحل.. بينما هي جالسة تُحدق في إثره بـ هدوء غريب.. لم تحتج الكثير من الوقت لتستعب ما أردف به.. إنه هو و بلا شك.. المُتحدث المجهول
*************************************
-إدخل بـ رجلك اليمين يا صُهيب…
أردفت بها جُلنار إلى صُهيب الذي يحملها ليدلف بها المنزل.. منزل الزوجية.. كم عشق المُسمى وأنها بين يديهِ الآن.. بلا عوائق و بلا جاسر الصياد
وعند ذكر جاسر الصياد نظر حوله بـ إضطراب وهتف بـ إستنكار
-اللهم أجعل كلامنا خفيف عليهم
-قطبت جُلنار وتساءلت:خفيف على مين!
-حمحم صُهيب وقال:لا أبدًا دول إخواتنا اللي فـ الشقة…
حركت جُلنار كتفيها بلا مُبالاة.. ليُنزلها صُهيب وحاوط خصرها بـ تملك حصري له و فقط.. وضع جبينه على جبينها وهمس
-أخيرًا فـ بيتي وهتباتي فـ حُضني الليلادي؟
-أومأت بـ قوة وقالت بـ وقاحة:ومن غير عوائق مادية…
قهقه صُهيب بـ قوة كبيرة ثم أردف وهو يُقربها أكثر إليه
-أنتِ وقحة وأنا بموت فـ كدا
-غمزته بـ شقاوة وقالت:طب إيه مش يلا؟!...
هذه المرة إرتفع حاجبيه بـ ذهول وهو يراها تُبعد السُترة عنه و تحل رابطة عُنقه.. ليُمسك يدها ويهتف بـ صوتٍ أجش
-المفروض الراجل هو اللي بيبادر وهو اللي بيكون مُتلهف للموضوع دا
-سخرت بـ مُزاح:يا راجل هو فيه بينا فرق.. أنا وأنت إيه!
-صح عندك حق.. أنا إبتديت أشك إني الراجل…
ضحكت جُلنار بـ غنج ثم أستطالت على أطراف أصابعها تُقبل عُنقه الرجولي بـ شغف وهو يقبض على خصرها بـ قوة آلمتها ولكنها لم تهتم
همست بـ تساؤل وهو يُبعد خُصلاتهِا عن عُنقها
-ليه مش شوفت مامتك قبل كدا!...
أجاب يزن بـ صوتٍ مبحوح وهت يتلاعب بـ سحاب ثوبها
-ودا وقته السؤال دا!...
تمسحت بـ صدره الظاهر من أسفل القميص وأردفت بـ دلال غير مُصطنع
-عشان خاطري.. من حقي أعرف كُل حاجة عن جوزي…
الكلمة الأخيرة خرجت بـ دلال مُفرط لقوة تحمله فـ لم يُجيب بل هجم على تلك الشِفاه التي تتلاعب بـ عقلهِ كما تتلاعب به تلك الجنية.. المُهلكة بـ سطوة كبيرة لا يقدر على تحملها.. ومن هُنا لم تقاوم جُلنار بل جرفتها مشاعره اللاهبة معه إلى عالم آخر يحترق بـ نيران عشقهما
نامت على صدرهِ العضلي بـ راحة ويدها ترسم دوائر وهمية قبل أن تُعيد سؤالها مُستغلة تلك الحالة المُسكرة التي لا تزال تلفهما مُنذ قليل
-جاوبني يلا…
إستشعرت يده تضمها أكثر إليه وكأنه يحميها من شئٍ وهمي ثم أردف بـ شرود
-من فترة طويلة كان سليمان الهواري بيحاول يتواصل معايا وأنا كُنت رافض التواصل دا.. حتى أُمي مكنتش بتخليه يوصلي.. فضلنا سنين نتنقل عشان هو ميوصلناش بس فـ كل مرة كان بيوصل.. لحد أما زهقنا وإستسلمنا…
سمعت تسارع نبضات قلبه على الرغم من هدوء نبرته إلا أنها فضحت هدير مشاعره المخفية.. ثم سمعته يُكمل وكأنه يشكو لها قسوة لم تكن بها لتُخفف عنه
-مرة ورا مرة كان حد من إخواتي ضحية.. لحد أما جه دور أُمي…
إشتدت قبضة يده على ذراعها ولكنها لم تتألم بل تركته يُخرج مشاعره المكبوتة
-كانت ضحية فـ عملية من عمليات القذرة.. إتهمها إنها بتدير بيت دعارة فـ شقة بـ اسمها.. الخُلاصة وكلت مُحامي شاطر وطلع أُمي بـ أعجوبة من السما.. بنت من اللي هناك إعترفت بس متعرفش مين اللي بيدير البيت بجد…
تسارعت دقات قلبها تواكب سُرعة دقاته.. و بـ يدها ربتت عليه وكأنها تربت على أوجاعهِ.. فـ قَبِلها وأكمل
-خضعت ليه بعد سنين من العذاب والتنقل.. بس أُمي رفضت وأنا مكنش عندي حل غيره.. هي حلفت من زمان إنها مش هترجع البلد دي تاني لا الهواري ولا الصياد وهي إكتفت خلاص من الطار.. لكن عشان أحميهم مسمعتش كلامها وهي سافرت بره مصر.. إتواصلت معاها من فترة ورجيتها ترجع عشان فرحي.. وهو بس نكثت بـ حلفانها عشان تكون معايا…
رفعت جُلنار نفسها وقَبّلت فكه ثم همست بـ تحشرج
-صُهيب أنا آسفة…
حاوطها صُهيب بـ يديهِ الأثنتين بـ قوة أطبقها على ضلوعه ثم أردف بـ إبتسامة ونبرةٍ رائعة
-بس عارفة إيه أحلى حاجة فـ الإنتقام دا؟!
-تساءلت بـ صوتٍ واه:إيه؟
-أجاب بـ صوتٍ عذب كـ عذوبة السلسبيل:أنتِ…
***********************************
تأففت روجيدا بـ ضيق وهي تلتفت إلى جاسر حينما نقر على كتفها.. لتتنهد و تستدير إليه ثم أردفت بـ نفاذ صبر
-نعم يا جاسر.. نعم يا روح قلبي
-رد عليها بـ نزق:قومي نطمن على بناتك…
صرخت روجيدا بـ يأس ثم صاحت وهي تنهض جالسة فوق الفراش
-جاسر الساعة لسه ستة الصُحب و الفرح خلصان الساعة واحدة.. حرام عليك يعني دي تالت مرة تصحيني من الفجر
-صاح بـ غضب هو الآخر:الله في إيه عاوز أطمن على بناتي ليكون جوز التيران دول عملوا فيهم حاجة…
شدت روجيدا خُصلاتهِا حتى كادت أن تقتلعها ثم هتفت بـ صبر لا تملكه
-يعملوا فيهم إيه بس؟.. دول إجوازهم
-عشان كدا عاوز أروح أطمن عليهم…
وضعت روجيدا يدها على وجهها ثم رفعتها تُعدل من خُصلاتهِا لتقول بـ صرامة بعدها
-نام يا جاسر.. نام و إرتاح بناتك كويسين وغير كدا فكر فـ حل لبنتك اللي عاوزة تتجوز دي
-تمتم بـ غيظ:متفكرنيش بـ بنت الـ*** دي.. سُبحان مين صبرني عليها وهي بتنطق بـ الكلام دا
-تربيتك ما شاء الله عليها…
لكزها في ذراعها وأردف بـ ضيق
-قال يعني كُنت يربيهم لوحدي…
لم ترد عليه روجيدا بل إعتدلت لتعاود النوم فـ فاجأها جاسر بـ سؤالهِ
-اللا أنتِ ليه مش متربية زيينا!
-ردت روجيدا ساخرة:ربنا أمر عليا بـ الستر يا جاسر
-قال بـ خُبث وهو يدنو منها:طب ما تيجبي بوسة
-لأ
-طب هاخد أنا بوسة
-لأ…
زمجر جاسر وهو يُديرها على ظهرها ثم إعتلاها وهدر
-طب عليا الطلاق لابوسك.. الله أنا مش مالي عينك ولا إيه!
-تأتأت روجيدا بـ يأس:مفيش فايدة منك.. لا ناوي تكبر ولا تبقى مُؤدب…
ضحك جاسر بـ عبث لا يليق سوى بـ شخصيته الوقحة ثم أردف وهو يدنو منها بـ مكر صيادي أصيل
-بما إن البيت فضى علينا تعالي نملاه تاني
-رفعت حاجبها وتساءلت بـ إستنكار:نملاه إزاي!.. هو إزازة ماية!.. جاسر الله يكرمك إتكلم جد
-أومأ مُؤكدًا:منا بتكلم جد على فكرة
-قهقهت روجيدا وقالت:بس دي محتاجة مُعجزة…
إرتفع ينزع كنزته ثم دنى منها وقال بـ عبث
-ربنا قادر على كُل شئ يا فراولة بس أنتِ ركزي معايا
-أردفت بـ نبرةٍ ذات مغزى:طب و البنات مش هتطمن عليهم؟!
-هتف سريعًا:ملعون أبوهم أنا مصدقت خلصت منهم.. خصوصًا راس الأفعى الكبيرة بنت المفضوح…
قهقهت روجيدا بـ قوة صائحة بـ اسمه وكان آخر ما نطقت به وجاسر يشرع في تحقيق مُعجزة لا يعلم بها إلا الله وحده