رواية قلب السلطة الفصل الرابع 4 بقلم مروة البطراوي

 رواية قلب السلطة الفصل الرابع بقلم مروة البطراوي


في اليوم التالي، دخلت ليلى إلى مكتب شامل بعد أن استدعاها. لم تكن واثقة مما ينتظرها، لكن القلق الذي ارتسم على ملامحه جعلها تدرك أن الحديث لن يكون عابرًا.

ليلى (بفضول ممزوج بالحذر):
خير، يا أستاذ شامل؟ حضرتك طلبتني ليه؟

شامل (يتظاهر بالانشغال، يحاول أن يتحكم في نبرة صوته):
آه... كنت عايز أتكلم معاكِ في موضوع مهم.

ليلى (تجلس قبالته متأهبة لأي خبر سيئ):
خير؟

شامل (ينظر إليها للحظة، قبل أن يشيح بوجهه جانبًا، متجنبًا النظر مباشرة في عينيها):
إنتي عارفة إن رائد الذهبي مش راجل عادي، صح؟

ليلى (بتهكم خفيف، محاولةً تخفيف التوتر):
على حسب، عادي زي إيه؟ زي أي أب بيحب بنته ولا زي حد تاني تمامًا؟

شامل (يرد بجفاف، متجاهلًا نبرتها الساخرة):
زي حد لما ياخد قرار، محدش يقدر يراجعه فيه. وده اللي حصل.

ليلى (تتوجس):
قرار؟ قصدك إيه؟

شامل (بهدوء حذر):
تم نقلك من المدرسة. القرار طلع، وانتهى الأمر.

ليلى (تنتفض من مقعدها، مصدومة):
نُقلت؟ ليه؟! وعلى أي أساس؟!

شامل (بصوت منخفض، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد):
رائد مش مرتاح لوجودك هنا، وده كفاية.

في تلك اللحظة، مرر شامل يده على جبينه، وأشاح بوجهه عنها للحظات. كان الاتفاق مع رائد واضحًا: عليه أن يشوه سمعتها، يجعل الجميع يصدقون أنها مشكلة يجب التخلص منها، أن وجودها في المدرسة تهديد، لكن... لكنه لم يستطع. شيء ما بداخله رفض تنفيذ ذلك. لم تكن ليلى مجرمة، ولم تكن تستحق هذا المصير. ربما يستطيع إبعادها، لكنه لن يكون السبب في تدمير حياتها. لا، ليس بهذا الشكل.

ليلى (تضغط على أسنانها، ثم تبتسم بمرارة):
فهمت... ده عقاب، مش كده؟ عشان كنت مع نيرفانا في الفترة اللي فاتت؟

شامل (يميل برأسه قليلًا، مؤكدًا كلامها دون أن ينطق):
مش لازم تفهمي كل حاجة، بس لازم تعرفي إنك تخرجي من الدوامة دي بأقل خسائر ممكنة.

ليلى (تنظر إليه نظرة طويلة قبل أن تقول بهدوء جليدي):
أنا مش هسيب مكاني بسهولة.

شامل (يغمض عينيه للحظة وكأنه توقع ردها، ثم يفتحها ويقول بصوت هادئ لكن قاطع):
ما تعنديش، ليلى. العناد قدام النوع ده من الناس... خسارة محققة.

ليلى (بابتسامة ساخرة، وهي تستدير للخروج):
أنا مش بعند، أنا بس بحب أفهم... بس شكلي لازم أفهم بالطريقة الصعبة.

تخرج من المكتب بخطوات ثابتة، بينما يراقبها شامل بصمت، وهو يشعر بعبء ثقيل يضغط على صدره. كان بإمكانه تدميرها تمامًا، لكنه لم يفعل. ربما سيغضب رائد منه، وربما سيدفع الثمن لاحقًا... لكنه على الأقل، لم يخن ضميره هذه المرة.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

بعد مرور أكثر من أربعة أسابيع، بمعدل شهر وأكثر، كانت ليلى تحاول التأقلم مع حياتها الجديدة في المدرسة التي نُقلت إليها. لكنها لم تشعر يومًا بأنها تنتمي لهذا المكان. لم تكن مجرد جدران مختلفة أو وجوه جديدة، بل كان الإحساس نفسه... شعور دائم بالغربة، وكأنها تعيش في محطة انتظار، وليست في مكان يمكن أن تسميه بيتها.

كانت تحاول إقناع نفسها أن الابتعاد هو الحل، لكن كل يوم يمضي كان يزيد من قناعتها بأنها لم تهرب من المشكلة، بل أجلتها فقط. وفي النهاية، لم تستطع الاحتمال أكثر. قررت أن تعود، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة المصير الذي هربت منه في المرة الأولى.

عادت إلى المدرسة بخطوات مترددة، وكأنها غريبة عن المكان الذي كان يومًا جزءًا من حياتها. لم يكن طردًا مباشرًا ما أجبرها على الرحيل، بل كان استجابة لتحذير شامل، الذي أخبرها أن مواجهة رائد تعني الهلاك.

وقفت للحظة، تتأمل الجدران التي لطالما حملت صدى صوتها، وتساءلت في سرها: "يا ترى، افتقدوني؟" لم تكن تتوقع احتضانًا دافئًا، لكنها على الأقل تمنّت نظرة ترحيب أو كلمة تطمئنها أنها لم تكن منسية. لكن ما لاقته كان أبعد ما يكون عن ذلك. نظرات متفرقة، بعضها فضولي، وبعضها متوجس، وكأن عودتها لم تكن أكثر من خبر عابر.

زادت المفاجأة حين اكتشفت أن شامل أعلن للجميع أنها غادرت بإرادتها، وليس لأنها أُجبرت على ذلك. شعرت كأنها صارت طرفًا في مسرحية لم تُكتب بيدها، والجمهور يراقبها دون أن يصفّق أو يعترض.

ليلى (بصوت متهدج، تحاول استجماع رباطة جأشها):
"أنا عارفة إن خروجي كان مفاجئ... بس أنا كنت خايفة، ودي الحقيقة. خفت من اللي حصل لنيرفانا يتكرر، خفت أكون في وسط حاجة أكبر مني. لكن معرفتش أعيش بره هنا... المكان ده جزء مني، مهما حصل."

انتظرت ردًا، كلمة، حتى نظرة تشجيع، لكن الصمت كان سيد الموقف. شعرت وكأنها تتحدث في الفراغ، وكأن صوتها مجرد صدى يتلاشى قبل أن يصل لأي شخص.

"إزاي؟ إزاي فجأة بقيت كأن ماليش وجود؟"

بابتسامة باهتة، خطت إلى غرفة المعلمين، علّها تجد فيها بعض الألفة، لكنها فوجئت بأنها شبه خاوية. تساءلت في داخلها إن كان هذا تهرّبًا متعمدًا، أم مجرد صدفة سيئة. مرّت أصابعها على أحد المقاعد، وكأنها تبحث عن أثر يدل على أن هذا المكان لا يزال يتذكرها.

لكن لا شيء.

تنهدت، ثم سارت نحو مكتب شامل، تنوي أن تنهي هذا العبث. طرقت الباب بخفة، ثم دخلت قائلة بنبرة هادئة لكنها ثابتة:
"صباح الخير، يا فندم."

رفع شامل رأسه، وعلى شفتيه ابتسامة لم تستطع أن تفهم حقيقتها، هل هي ودّ صادق أم مجرد مجاملة؟
"أهلاً وسهلاً يا أستاذة ليلى! نورتينا تاني. اتفضلي."

جلست أمامه، عينها لا تفارقه، تحاول أن تستشف ما وراء هذه اللهجة المرحبة.

*"إيه؟ مش عجبك المكان الجديد؟" سألها، مداعبًا، لكن عينيه كانتا تراقبان رد فعلها بحذر.

ليلى (بتنهيدة خفيفة):
"الموضوع مش كده، بس أنا مش حاسة إن ليّا مكان في أي حتة غير هنا."

ابتسم شامل بخفة، وكأنه كان يتوقع ردها.

*"طيب، ودي حاجة كويسة ولا وحشة؟"

ليلى (بجدية، بعد لحظة تردد):
"ده اللي هنعرفه قريب... بس قبل أي حاجة، محتاجة عنوان أستاذ رائد الذهبي."

ارتفعت حاجباه قليلاً، قبل أن يرد بنبرة خالية من أي انفعال:
*"وعايزة عنوانه ليه يا أستاذة؟"

رفعت عينيها نحوه بثبات، وقالت بلا تردد:
"عايزة أقابله. لازم أتكلم معاه، وأفهم حاجات كتير. واللي بيني وبينه لازم ينتهي بشكل واضح."

ساد الصمت للحظات، قبل أن يشيح شامل بوجهه قليلاً، وكأنه يدرس رد فعله قبل أن يظهره.

"مش متأكد إن ده القرار الصح، بس واضح إنك خلاص خدتيه."

أومأت ليلى دون أن تفقد ثباتها، منتظرة جوابه الذي سيحدد خطوتها التالية.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

تردد "شامل" قليلًا، ثم مال إلى الخلف في مقعده، عاقدًا حاجبيه وهو يتأمل "ليلى" بصمت. كانت نظراته غير مريحة، وكأنه يزن الأمور في عقله، أو ربما يقيس مدى إصرارها.

"في طلبات بتكون خطورتها مش في تحقيقها... إنما في مجرد التفكير فيها."

رفعت "ليلى" حاجبًا بسخرية خفيفة، وقالت بثبات:
"هو أنا طالبة تصريح أمني عشان أزوره؟ ده مجرد عنوان، مش مكان محظور!"

لم يرد "شامل" فورًا، بل ظل يراقبها بعينين ضيقتين، قبل أن يميل للأمام، مسندًا مرفقيه على سطح المكتب.

"وربما يكون محظورًا عليكِ،" قالها ببطء، وكأنه يريد اختبار رد فعلها.

صمتت "ليلى" للحظة، ثم زفرت بنفاد صبر، مائلة للأمام بدورها:
"أنا مش رايحة أحاربه، ولا رايحة أواجهه بسلاح. رايحة أتكلم... وأنا مش صغيرة، ولا ساذجة."

نظر إليها طويلًا، ثم قال بنبرة محايدة:
"وانتي عارفة إن مجرد الكلام معاه ممكن يكلفك كتير؟"

ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيها، لكنها كانت تحمل عنادًا خفيًا:
"وأنا مستعدة أدفع الثمن."

تأملها للحظات أخرى، ثم أطلق ضحكة قصيرة، لكنها لم تحمل مرحًا حقيقيًا. مد يده إلى درج مكتبه، أخرج ورقة صغيرة، وبدأ يكتب عليها العنوان. حين أنهى، دفعها نحوها على سطح المكتب، لكن عينيه لم تفارقاها.

"العنوان ده مش مجرد مكان، ده بوابة لعالم مليان أسرار. لو دخلتي، الخروج مش هيكون سهل."

أخذت "ليلى" الورقة، طوتها بعناية، ثم نظرت إليه بثقة:
"ولا عمري كنت بدور على الطرق السهلة."

نهضت بخطوات ثابتة، ألقت عليه نظرة أخيرة، ثم غادرت دون تردد، تاركة خلفها رجلاً لم يكن متأكدًا إن كان قد ساعدها أم دفعها نحو الهاوية.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

بعد شهورٍ من الجفاء، كانت "نيرفانا" لا تزال تتجنب عمتها "يقين"، رغم محاولات الأخيرة المستمرة للتقرب منها.

عادت "نيرفانا" من المدرسة برفقة والدها، وكانت تفضل الصعود إلى غرفتها فورًا، لكن وجود "يقين" في انتظارهم عند طاولة الطعام جعلها تتوقف. الطاولة كانت ممتلئة بأشهى الأطعمة، كأنها وليمة مُعدة لكسب القلوب قبل البطون. ولم تكتفِ "يقين" بذلك، بل دعت "شامل" أيضًا، كأنها أرادت أن تجمع الخيوط كلها في يدها.

رفعت "نيرفانا" عينيها نحو والدها نظرة حذرة، فأدرك "رائد" ما يدور في ذهنها، فابتسم قائلاً بنبرة هادئة:

"ماتشليش هم، يا نيرفانا. عمتك يقين جزء من العيلة، والمفروض يكون ليها مكانة كبيرة عندك."

تأملته "نيرفانا" للحظات، ثم التفتت إلى "يقين"، وقالت بنبرة خالية من المجاملات:

"أنا مابحبش اللي بيحاولوا ياخدوا مكان حد تاني في حياتي."

ارتسمت على شفتي "يقين" ابتسامة واهية، وقالت بصوت ماكر يكسوه اللين:

"أنا مش باخد مكان حد، أنا عمتك. يعني لو مس ليلى كانت لسه في المدرسة، كنتِ هتحبيها أكتر مني؟"

لم تدرك "يقين" أن ذكر "ليلى" أمام "رائد" و"شامل" كان كإلقاء حجر في بحيرة راكدة. توقف "رائد" للحظة، ثم تنحنح وهو يشد ياقة قميصه، بينما ألقى "شامل" نظرة خاطفة إلى "رائد"، قبل أن يعود سريعًا إلى طبقه كأنه لم يسمع شيئًا.

أما "نيرفانا"، فقد ردت بثقة:

"كنت هحبها أكتر، وهحترمها أكتر، وهثق فيها أكتر."

كأن كلماتها ألقت بظل ثقيل على الجلسة. ساد الصمت، قبل أن تضحك "يقين" بمرح مصطنع وهي تقول:

"واضح إن ليلى سابت أثر كبير،" ثم نظرت إلى "رائد" وأضافت بابتسامة خفيفة: "وأظن مش عند نيرفانا بس."

حملقت فيها "نيرفانا"، بينما ظل "رائد" هادئًا، لكن عينيه كانتا تحملان بريقًا حادًا، كأنه تحذير غير معلن.

أما "شامل"، فقد اكتفى بالمراقبة، لكن يقينه ازداد بأن "يقين" ليست امرأة تُلقي الكلمات عبثًا... بل هي تلعب لعبتها بذكاء.

وفجأة، وكأنها أرادت تغيير مجرى الحديث، استدارت إلى "شامل" ونظرت إليه بنظرة متأنية قبل أن تقول بصوت خفيض:

"إزيك يا شامل؟"

---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

في اللحظة التي وجهت فيها "يقين" حديثها إلى "شامل"، كان الأخير منشغلًا بمراقبة ردود فعل "رائد"، كأنه يبحث عن إشارات خفية تكشف ما يدور في رأسه.

ابتسمت "يقين" بجرأة قائلة:

"مش هتسألني إزيي يا شامل؟ ولا أنا ماستاهلش؟"

رفع "شامل" حاجبيه قليلًا قبل أن يرد بلباقة:

"طبعًا تستاهلي، يقين هانم. أخبارك إيه؟"

"الحمد لله، كويسة. وعلشان أبقى أحسن، عزماك تتعشى معانا النهارده."

نظرة عابرة تبادلها "شامل" و"رائد"، ثم عاد الأول ليركز على "يقين" وهو يسأل بنبرة حذرة:

"تعزمي حد على عشا من غير سبب؟ لا، كده لازم أقلق!"

ضحكت "يقين" وهي تميل برأسها قليلًا:

"لا تقلق ولا حاجة، أنا اللي طابخة بإيدي النهارده، وقلت لازم يبقى في ضيف يشهد على مهارتي... غير نيرفانا طبعًا."

لم يرد "شامل" على الفور، بل تطلع إلى "نيرفانا"، التي كانت تنظر إلى عمتها بفتور، قبل أن تقول بنبرة هادئة لكنها خالية من الحماس:

"لو ده اللي هيريحك، ماعنديش مانع."

في تلك اللحظة، تحرك "رائد" بخفة، ليطوق خصر ابنته بذراعه، كأنه يحميها من شيء غير مرئي، ثم قال بصوت منخفض لكن محمل بالإرهاق:

"يلا بينا ناكل. ماكلتش كويس بقالى أيام."

كان صوته يحمل معنى أعمق من مجرد الجوع، وكأن الإرهاق الذي يتحدث عنه ليس جسديًا فقط، بل هو شيء آخر... شيء أكبر وأثقل.

*****
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

عودة الي ما قبل ذهاب ليلي الي المدرسة و مقابلتها بشامل 
في صباح هادئ، جلست ليلى على طرف سريرها، تتأمل هاتفها بتوتر. كانت تعلم أن عليها الاتصال بمديرها، الأستاذ سليمان، لكنه لم يكن اتصالًا عاديًا؛ بل خطوة ستحدد الكثير.

تنهدت بعمق، ثم ضغطت على زر الاتصال. لم يطل الانتظار، فجاءها صوته بنبرة يقظة كعادته:

سليمان: "صباح الخير، يا ليلى. وصلتِ المدرسة؟"

ليلى (بثقة مصطنعة): "لسه، يا أستاذ سليمان، بس خلاص، قربت."

سليمان: "هاه، ناوية تعملي إيه؟"

ليلى (بنبرة واثقة تخفي ترددًا): "هتصرف، زي ما اتفقنا. أنا مش راجعة عشان أشتغل وبس، راجعة علشان أضمن إن الأمور تستقر، ونيرفانا ترتاح."

سليمان (محذرًا): "تمام، بس فاكرة إحنا متفقين على إيه؟ الأمور لازم تتظبط من غير تهور، ومن غير ما تدخلي في حاجة مش في صالحنا."

ليلى: "عارفة، متقلقش. بس فيه خطوة لازم أعملها الأول..."

توقف لحظة قبل أن يسأل بريبة: "خطوة إيه؟"

ليلى (بتردد طفيف): "لازم أعرف مكان شغل الرائد الذهبي."

صمت سليمان للحظة، قبل أن يأتي صوته حادًا على غير العادة:

"إنتي بتقولي إيه؟! عايزة تروحي له بنفسك؟ إوعي يا ليلى، ده مش شخص عادي، ودي مش مقابلة ودية في كافيه!"

ليلى (بإصرار): "مش رايحة أزعله، رايحة أوضح وجهة نظري، لازم يسمعني."

سليمان (بنفاد صبر): "وإيه اللي يضمن إنه هيقبل يسمعك؟ هو أصلاً مش عايز يشوف حد في الموضوع ده."

ليلى: "لكن اللي بيني وبينه مش مجرد سوء تفاهم، ده خلاف كبير، ومش هيتحل لو فضلت قاعدة مكاني مستنية الفرج."

سليمان: "إنتي عنيدة، ودي مش حاجة في صالحك دلوقت! اسمعي كلامي، خلي الموضوع يمشي بسكته، وسيبيني أنا أتصرف."

لكن ليلى لم تكن من النوع الذي ينتظر الحلول تأتيه. حتى بعد انتهاء المكالمة، لم تغير رأيها. قررت أن تأخذ زمام الأمور بنفسها، وبطريقتها.

وبالفعل، لم يكن الأمر صعبًا كما تخيلت، فبذكائها استطاعت أن تستدرج شامل لمساعدتها دون أن يلاحظ. حصلت منه على ما أرادت، لكن ما لم تدركه وقتها... أن هذه الخطوة، قد تفتح عليها أبوابًا لم تتوقعها أبدًا.

******************************
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜 

في شقة رائد الذهبي

كانت "نيرفانا" واقفة أمام خزانة ملابسها الجديدة، تتأمل القطع الأنيقة التي لم تكن تتوقع رؤيتها يومًا في دولابها. لم تكن هذه مجرد ملابس، بل رسالة غير مباشرة من يقين، أو ربما من والدها نفسه. تساءلت في صمت: هل هذه محاولة صادقة للتقرب منها، أم مجرد خطوة أخرى في لعبة السيطرة التي يتقنها الجميع من حولها؟

قطع أفكارها طرق خفيف على الباب، أعقبه دخول "يقين" بابتسامة عريضة ونبرة مرحة:

يقين: "إيه يا حبيبتي؟ واقفة محتارة كده ليه؟ عاجبك اللي جبته؟"

التفتت نيرفانا ببطء، نظراتها مترددة بين الامتنان والشك، قبل أن تسأل مباشرة:

نيرفانا: "إنتي اللي جبتيهم؟ ولا بابا اللي طلب منك؟"

رفعت يقين حاجبها بدهشة، لكنها سرعان ما ضحكت وقالت بمرح مصطنع:

"أنا اللي نزلت واخترت كل حاجة بنفسي، بس طبعًا بعد ما خدت موافقته. هو اللي قال لي: جيبي حاجات تعجب نيرفانا."

لم ترد نيرفانا، فقط أومأت برأسها وأخذت قطعة ملابس من الدولاب تتأملها بصمت. شعرت يقين أن الصمت يثقل الأجواء، فاقتربت وربتت على كتفها بحنان:

"بصي، أنا مش جايه أفرض نفسي عليك، بس... عايزة نبقى قريبين. مش يمكن ندي لبعض فرصة؟"

نظرت إليها نيرفانا للحظات، ثم قالت بابتسامة خفيفة:

"أنا بحاول، يا عمتي . بس انتي عارفة، في حاجات مش بسهولة تتغير."

كادت يقين ترد، لكن نغمة هاتف نيرفانا قطعت الحديث. ألقت نظرة على الشاشة، فتسمرت للحظات قبل أن تضغط على زر الرد.

نيرفانا (بهمس متوتر): "ميس ليلى؟"

اتسعت عينا يقين، لكن نيرفانا سارعت بالخروج إلى الشرفة، وأغلقت الباب خلفها بإحكام، لتترك يقين وحدها، والشك بدأ يتسلل إلى عقلها.

في تلك اللحظة، دخل "رائد" إلى جناحه الخاص، ألقى هاتفه على الطاولة، ومرر أصابعه في شعره بتعب، قبل أن يلقي بجسده على الأريكة. لم يكد يغمض عينيه، حتى انفتح الباب ببطء...

رفع رأسه ببطء، ليجد "يقين" تقف أمامه، عيناها تضيقان بريبة، قبل أن تقول بصوت خافت لكنه مشحون بالفضول:

"رائد... إنت متأكد إن ليلى دي مش رجعت المدرسة ؟"

فتح عينيه تمامًا، حدّق فيها لثوانٍ قبل أن ينهض من مجلسه، يقترب منها خطوة خطوة، حتى أصبحت المسافة بينهما معدومة تقريبًا. نظر في عينيها مباشرة، ثم قال بنبرة ثقيلة، تحمل في طياتها أكثر مما تنطق به الكلمات:

"إنتِ سمعتي حاجة؟"

لكن يقين لم ترد. فقط، ابتسمت ابتسامة خفيفة... ابتسامة حملت معها ألف معنى.
تعليقات



×