رواية احكي يا ميرنا زاد الفصل الخامس
حكايا ميرنا زاد: الدقائق الأخيرة قبل الفطار… حين يفقد الإنسان عقله!
ــــــــــــــــــــــــــــ
حُكي يا سادة يا كرام، أنه في شهرٍ مبارك، تُختبر فيه صبرُ النفوس، وتُصفَّد فيه الشياطين، لكن هناك دقائق معدودة قبل الأذان، تنطلق فيها شياطين من نوعٍ آخر… شياطين الجوع!
لحظات يفقد فيها الإنسان صوابه، كأنه عاد لزمن الإنسان الأول، حيث لا لغة، لا منطق، لا شيء سوى غريزةٍ واحدة: "عاوز أفطر!"
وإن أنصتّم إلى ميرنا زاد، حكت لكم عن طقوس الصائمين في تلك الدقائق الأخيرة، فاستعدوا… فالحكاية تبدأ الآن!
✦✦✦
♡ العيون المُحدِّقة في الساعة
يُحكى أن هناك طائفةً من الصائمين تُصيبها لعنة تُسمى "متلازمة عقرب الساعة"… في الدقائق الخمس الأخيرة قبل المغرب، يثبت الزمن، ويتحول عقرب الثواني إلى كائن بطيء ممل، كأنه يعاندهم عمدًا!
"هي الساعة وقفت ولا إيه؟!"
"والله أنا حاسس إن المؤذن نام!"
"يمكن إحنا أصلاً في يوم طويل زي بتوع نرويچ؟!"
وبينما تزداد النظرات ارتيابًا، يحاول أحدهم تحديث هاتفه، ثم يلقيه بعيدًا صارخًا:
"الخاين! ليه نفس التوقيت اللي شفته من شوية؟!"
وهكذا، تستمر الدراما… حتى يقرر أحدهم أخيرًا أن يتابع الأذان عبر إحساسه الداخلي:
"بطني أدرى مني، دي بدأت تأذّن من ربع ساعة أصلاً!"
✦✦✦
♡ الملاعق التي تفقد صبرها
في بعض البيوت، هناك ظاهرة غريبة تدعى "خبط الملاعق العشوائي"… حيث يمسك الصائم ملعقته ويبدأ في ضربها في الطبق، كأنه يرسل إشارة استغاثة للطعام:
"أنا مش باكل، والله!"
"أنا بس بجرب المسكة كده…"
"الحلة دي غريبة، حسيت إنها محتاجة سماع صوتي قبل الأكل!"
أما الطائفة الأكثر تطورًا، فهي طائفة "المحركين الأبديين"… يمسكون بالملعقة ويبدأون في تحريك العصير في دوائر لا تنتهي، حتى يبدأ السائل نفسه في التساؤل:
"هو هيفطرني أنا ولا إيه؟!"
✦✦✦
♡ حرب "مين يحط القناة اللي بتأذّن بدري؟"
مع اقتراب موعد الأذان، تبدأ حرب القنوات… البعض يفضّل قناةً بعينها لأن "المؤذن فيها صوته مليان روحانية"، بينما يرى آخرون أن قناةً أخرى أفضل لأنها "بتأذّن قبل غيرها بثانيتين"!
"حطوا القناة الفلانية، دي أدق حاجة!"
"لأ، لأ، التانية أحسن، بتأذّن أول!"
"يا جدعان، بلاش نتخانق، نسمع الأذان على الموبايل ونريح دماغنا!"
وفي بعض البيوت، يصل الخلاف لذروته حين يمسك أحدهم الريموت ويصرخ:
"أنا صاحب البيت، هنسمع على القناة اللي أنا عايزها!"
ليرد آخر بتهديد ناعم:
"طيب شوف هنفطر على إيه الأول…"
✦✦✦
♡ كأس الماء صاحب الهيبة
أما الماء… فله قدسية خاصة!
قبل المغرب بدقائق، يوضع الكوب أمام الصائم، لكنه لا يجرؤ على شربه، فقط يُحدّق فيه وكأنه يُخزّن تفاصيله في ذاكرته، مستعدًا لأول رشفة بعد الأذان.
"مش هشربه… بس لازم يكون قدامي!"
"يا لهوي، شوفوا حبات الندى على الكوباية، تحفة فنية!"
"أحس إني لو شربت نقطة واحدة، الزمن هيوقف!"
هو ليس مجرد ماء، هو وعد بالخلاص، هو النعيم المنشود، هو القطرة التي ستُعيد الحياة إلى الروح التائهة في صحراء الصيام!
وبمجرد أن يسمع المؤذن… تتحول الرشفة إلى شلال، وكأنها أول مرة يدخل الماء إلى جوفه منذ قرون!
✦✦✦
♡ لحظة العودة إلى الواقع!
وأخيرًا… بعد كل هذا التوتر والدراما النفسية، ينطلق صوت الأذان، فيتوقف الزمن للحظة…
ثم فجأة، يعود الجميع إلى طبيعتهم!
تختفي النظرات المتوترة، تهدأ النفوس، ينتهي الصراع على القنوات، بل وقد يتساءل أحدهم بدهشة:
"هو إحنا كنا مستعجلين كده ليه؟!"
لحظة الإفطار أشبه بضغط زر "إعادة التشغيل" للعقل والجسد، بعدها يُصبح الجميع هادئين، مسالمين، كأنما لم يكن هناك شيء قبل دقيقة واحدة فقط…
لكن السؤال يبقى:
هل نحن حقًا من نتحكم في الجوع… أم هو الذي يتحكم فينا؟!
✦✦✦
والآن، أخبروني يا أصدقاء…
ما هو أغرب تصرف رأيتموه قبل أذان المغرب؟! هل كنتم من فريق التحديق في الساعة، أم من أصحاب الكوب المقدس، أم أنتم ممن يحرّكون الملاعق بلا سبب؟!