رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل السادس 6 بقلم إسراء على


رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل السادس بقلم إسراء على

و تظن هي أنها جَرم صغير
و لا تعلم أن فيها إنطوى عالمي الأكبر… 

نظرت غُفران حولها بـ ذهولٍ و حاولت تبيُن مِنْ أين أتت تلك الرصاصة التي أطاحت بـ الطاغية أرضًا، إلا أن الظلام من حولها كان يحول دون ذلك، أمسكت مرفقها الذي أُصيب جراء دفعها و تأوهت بـ خفة ثم توجهت إلى الذي يئن ألمًا 

-أيش بيحدث هون يا عابد!... 

سؤالها كان مُرتعشًا يُنبيء عن خوفٍ أكلها فـ أمسك عابد كتفهِ ثم نهض جالسًا و قال بـ صوتٍ أرعد فرائصها 

-إهُربِ يا صغيرة
-و كيف راح تخرچ و رچالي محاوطين دارهم!... 

إندلع صوتًا من خلفهما جمد غُفران و جعلها دون وعي أن تتمسك بـ عابد الذي أظلمت ملامحه و أسفرت عن وجهٍ يُشبه المسخ في وحشيتهِ، ثم أمسك الفتاةِ و نهض واضعًا إياها خلفه و كأنه يحميها و هتف بـ صوتٍ إرتد صداه في أنحاء البادية حتى عوت الذئاب

-هي مالها دخل، ما بيدخل حريم بـ أشغال الرچال… 

مدّ رأسه و دارت نظراته على الجميع ثم هدر من جديد 

-و لا الرچال صاروا حريم! 
-هتف ذلك الصوت من جديد بـ غضبٍ:ظاهر الطلجة صابت رأسك يا عابد، طلجة تانية و عقلك بيرچع… 

سمعت غُفران صوت شحذ الأسلحة فـ صرخت و إختبأت أكثر خلف عابد الذي كان يطحن أسنانه بـ عُنفٍ، ليضحك ذلك الرجل و يقول بـ خُبثٍ 

-چاني حديث مُمتع، عابد واقع في عشج بنية الشيخ راغب… 

إستطال لرؤية الفتاةِ و لكن جسد عابد الضخم منع عنه الرؤية فـ قهقه مُكملًا بـ المكرِ ذاته

-الحديث صحيح، و عشقك ليها صحيح، ليش حبيتها يا عابد! بعرف إن قلبك حچارة!... 

مع كُلِ كلمة ينطق بها ذلك الحقير كانت عيني عابد تزداد قتامة و صمت يستمع إلى المُتبقي من هُراءهِ

-ليش حبيتها! ودي أعرف إيش مُميز بها… 

أشار بـ رأسهِ لـ رجالهِ بـ إشارةٍ فهموا مغزاها فـ إنطلق من خلفهم، عدة رجال أمسكوا بـ غُفران التي أطلقت صرخة و يدها تشبثت أكثر بـ عابد، إلا أن قوتهم غلبتها و غلبته، إذ قاموا بـ ضربِ عابد فـ سقط متأوهًا

ظلت غُفران تتلوى و تُحاول الهرب إلا أنها لم تستطع، ثم قاموا بـ رميها أمام قدمي ذلك الشخص، ليدنو منها و ينظر إليها نظرات دبت الرُعب في أوصالها و حاولت التراجع و من خلفها صوت عابد يهدر بـ صوتٍ جهوري 

-إتركها يا قاسم، إتركها و إلا بدفنك هون وسط الرمال و ما حدا بيعرف وينك، إتركها و تحدث مع رچال مثلك… 

أشار إلى الواقف جوار عابد فـ ضربه بـ قوةٍ في موضع إصابته ثم إنتقل بـ بصرهِ إلى غُفران التي تنظر إليه بـ مزيجٍ لذيذ من الخوف و الغضب و يحيط بهما الشراسة التي تليق بـ أُنثى البادية، لتلمع عينا قاسم و مدّ يده ينتزع وشاحها

شهقت غُفران و طغت شراستها على ملامحها الخائفة و حاولت التراجع ألا أن قاسم كان أسرع منها و قبض على ذراعيها قائلًا مُتأملًا ملامحها ثم زاد من قبضته و قربها إليه هامسًا بـ فحيحٍ خبيثٍ

-عرفت ليش عابد عشقج يا صغيرة، إيش اسمك
-إتُركني يا حقير، كيف تلمسني هيك؟ إتُركني 
-ضحك قاسم ثم مدّ بصره إلى عابد و قال:يا عوبها "عنيدة" تليق بـ شبلنا عابد… 

همّت غُفران بـ الإعتراض ليهدر عابد و هو يُحاول النهوض من أسفل ذلك الذي يُحاول دحضه

-لهيك إتركها يا قاسم، إتُرك زوجة خويك "أخوك"... 

أمسك ذقن غُفران التي سبته بـ قوةٍ إلا أنه لم يأبه بل أدار وجهها إليه و همس بـ عينين مُتعلقة بـ عابد 

-كيف تريديه يموت؟ ولا هو غالي عليكِ!...

وضع عابد رأسه مُستندًا بـ جبهتهِ على الرمال و إجابتها ستعني النهاية، لذلك أراد النظر إليها و ثنيها عن قولها الذي تُريده و لكنه لم يستطع، بكت غُفران و قالت صارخة بـ حدةٍ

-ما بريد حدا يموت، ما بريد
-ليش تبكي يا صغيرة! بنية الشيخ راغب لا تبكي… 

مدّ يده ليمسح عبراتها و لكنها صفعتها فـ نظر إليها نظرةٍ قاتمة مُمتزجة بـ التسلية ثم نظر إلى عابد الذي رفع رأسه مذهولًا لقولها و هتف 

-هاك يا عابد "تعالى"... 

أنهض رجال قاسم، عابد و أحضروه إلى حيث غُفران و قاسم، ثم هسهس قائلًا 

-بتعرف ليش عملت هيك! أكيد ما بحب الكذب و السرقات، عابد يا خويي بتعرف إنك غالي عليّ و ما بريد خسارتك، لهيك لا تعمل شيء بتندم عليه… 

نهض قاسم و نفض يده ثم إستطرد و هو يُعدل عباءته

-و إلا هذه الصغيرة بتدفع الثمن، و تعرفني، كيف ثمني مع الحريم يا عابد… 

أشار لرجاله بـ الرحيل ثم قال و هو يصعد سيارته 

-هذا تحذير صغير، فكر إيش ساويت و صلحه، ما بقبل بـ الأخطاء… 

حينما رحلوا إستطاع عابد التنفس و لكنه لم يتوقع تلك اللكمة التي أطاحت به من تلك الصغيرة التي أسرعت و أخفت وجهها صارخة 

-لهيك قوت فرت! أنت بتعرف مين هذا قاسم صحيح!... 

مسد ذقنه و نظر إليها ثم أمسك يدها و هدر بـ قسوةٍ 

-يدك الصغيرة هذه المرة القادمة رح أقطعها، و هلا يا بنية فوتِ ع الدار و حادثي الخال راغب إني چاييكم، و لو ما بتريدي ياللي صار هذا يتكرر… 

أرادت غُفران الإعتراض و لكن عابد نهض و وضع يده على كتفهِ النازف ثم هسهس قبل أن يرحل 

-و إذا ما بتريدي بوكِ يعرف إنكِ خرچتِ من الدار و إيش تساوي بنيته مع رچال غريب دون علمه، ساوي ياللي بقول عليه… 

شهقت غُفران و إتسعت عيناها بـ صدمةٍ و لكنه كان قد تركها و رحل 

*****

في غُرفتها تعُض أناملها غيظًا و غضبًا، ذلك الحقير كيف يعلم عما تفعله أكان يُراقبها كما كان يفعل مع قوت! أم يُراقبها ليعرف أي تختبئ قوت! و في كِلتا الحالتين لن تسمح له بـ الدخول هُنا و لن يجد شقيقتها مهما حيّت، ما حدث اليوم ما هو الإ تأكيد صريح عما يفعله عابد

لا تُنكر أن الخوف يتملك منها أكثر من الغضب، أن يُخبر والدها و لن يتردد في فعلها و عاقبتها ستكون القتل يجعلها تفقد ما تبقى من ثباتها، لم تكد تمر لحظات حتى نهضت و جابت الغُرفة ذهابًا و إيابًا تُفكر و تُفكر حتى تخرج مِما أوقعت نفسها به و لكنها جلست خالية الوفاض، لقد نست كيف تُفكر و لسان حالها يُردد

-لقد سقطتُ في الهاوية… 

مرت ساعات قليلة بعد بزوغ الفجر و بدأت أشعة الشمس تتسلل إلى غُرفتها الصغيرة مُعلنة عن كارثة جديدة ستحل بـ رأسها، و حدث هذا حينما سمعت صوت والدها الشيخ يهدر

-هذا الحدث صار يتكرر يا عابد و ما بسمح لك تفوت داري و تچرح حريم داري… 

توسعت عينيها و سريعًا إنتشلت وشاحها و وضعته على رأسها مُخفية وجهها، و ضربات قلبها كانت على وشك تحطيم صدرها ثم خرجت و إختبئت في إحدى الزوايا حتى ألقت بـ نظرها حيث يقف الأفعى و تكللت نظراتها بـ الغضب و الحقد، و الأكثر خوفًا نخر عظامها و أكل قلبها و تعفن

بينما عابد ينظر إلى الشيخ راغب بـ هدوءٍ لم يرف له جفن، رغم ذراعه المصابة و المُعلقة على كتفهِ إلا أن بـ هيئتهِ الطاغية جعله أسدًا يقف وسط عرين الضباع دون أن يجرؤ أحد على مُهاجمته و نشب مخالبه فيه 

قتمت ملامحه و إستمع إلى وابل السباب و التقريع بـ صمتٍ غريب حتى فتح فمه و كانت هذه اللحظة الذي هوى قلب غُفران إلى قدميها و توقفت أنفاسها 

-حييّني الأول يا خال، يا شيخ راغب دارك ما بتنقفل أمام الأغراب، و هذا أنا عابد ابن
-قاطعه راغب بـ صوتٍ قوي إترجت له حوائط المنزل:لا تقولها يا ولد، لا تقولها، إنجرفت و بعدت يا ولدي و ما صار ليك صلة بـ داري و لا دورنا… 

تشنجت عضلات وجه عابد و قبض على كفه السليم، و لكنه إبتلع كل ذلك و هتف بـ صوتٍ أقسى من الصخر، و جموده تقشعر له الأبدان

-يا خال ما بحكي في شئون ولت، هلا هذا الوقت يهمني كثير و لأجل هذا چيتك من بابك و بريد أتحدث وياك
-ضرب راغب بـ عصاه الأرض و هدر:ما في بينا حديث، ما في… 

إلتفت عابد فجأة و كأنما شعر أن هُناك أعين تخترقه و تحرقه حيًا ليجد غُفران تشرأب بـ رأسها و تنظر إليه بـ أعين بُنية مُكحلة شراستها تُجابه النمور و تليق بـ ذلك الملك الواقف بعيدًا، و لكن قلب ذلك الملك مُتوج لأُخرى

ظلت حرب شعواء بـ النظرات تدور بينهما حتى قررت غُفران الخروج من خلف الحائط دون أن يراها والدها، لتنتصب في وقفتها و تحديقها المُميت زاد شراسةً ثم أبعدت الوشاح عن وجهها ليظهر وجهها الفتيّ، الذي لم و لن يخسر في جذب إنتباه الجميع

حتى عابد نفسه وجدت عيناه السبيل ليرى ملامحها، رغم جمودها و نظراتها المُشمئزة إلا أن وجهها لم يتشوه بـ هذا الفعل، تُشبه الياقوتة الهاربة و تُشبه شراستها التي تجعله مُنتشي

-سُحقًا… 

خرجت من بين شفتيهِ و هو يُبعد رأسه عنها و يعود إلى راغب الذي قاطعه عابد قائلًا بـ صرامةٍ غير آبهة بـ الرجال المُحاطين إياه، بل زاد شموخه 

-قوت هربت و تركتها في بندر غريب، و إستكثرتها فيني يا شيخ راغب، لكن هلا بتعطيني الصغيرة بلا حديث، و يمين الله هذه كلمة مني أنا عابد رح أخذها و تكون زوجتي، بنيتك بتموت إذا ما تزوجنا
-لم يهتز راغب و هدر بـ قسوةٍ:بتنقل و لا تلمس شعرة منها، بنيتي مانها إلك… 

سواد ملامحه طغى على الجميع و إبتلعهم في هوةٍ سحيقة، ليقترب من راغب الذي ظهرت على ملامحه الغضب ثم قال مُهسهسًا 

-أيام و بنيتك بتكون في داري، إذا وافقت أو لا، ما بريد أتحدث كثير… 

لملم عابد عباءته و نظر إلى غُفران المذهولة، تبدو تلك المُحادثة ليست الأولى في هذا الشأن و لكن متى حدث هذا؟ ثم وقع بصره عليها و نظرة واحدة أخبرتها بـ الحديث الخفي بين طيات نظراته التي لم تستطع تفسير ما هيّتها 

"إما ملكي، أو هلاكك" 

و هي بـ التأكيد هلاكها معه، سيُدركها الهلاك أينما ذهبت

*****

في ساعاتٍ مُبكرةٍ من الصباح، و ذلك العازف عن عملهِ يحتضر دون الذهاب إليه

لم يخرج من منزلهِ بعدما وصلت تلك الصور إليه، تتماوج مشاعره ما بين الغضب و الكُره، و شيءٍ بسيط من الإنكار، و بعض الأشياء التي يُحاول جاهدًا تجاهلها و لكنه لم يستطع، أتلك التي أحبها! أتلك التي أبى أن يُكمب حياته و تشبث بـ حلقتها داعيًا الله أن يجمعه بها في الآخرة! أم كُل ما تغنت به في عشقهِ ما هو إلا محض وهم نسجه قلبه المُلكوم! 

لا يعرف أمسك رأسه الذي يضربه الصُداع بـ مطارق قوية حتى بات يعزف و كأنه طبولًا للحربِ، و فجأة إقتحمت والدته الغاضبة غُرفته صارخة بـ غضبٍ و إستياء

-هتفضل حابس نفسك كتير! هتفضل مُهمل شُغلك كدا! و مُستفيد إيه من واحدة ماتت كانت بتقرطسك طول ما هي عايشة… 

رفع محمود بصره إليها دون حديث و ظل يهز ساقه بـ توترٍ تخلله الغضب، ثم الصمت كان رده لتستشيط والدته غضبًا أكثر ثم إقتربت منه لكزت كتفهِ و هدرت من جديد

-بُصلي يا ولا كمان، مكنتش موافقة من الأول عليها و عصتني و روحتلها، شوف أهي طلعت وسـ… 

لم يتحمل أكثر لينهض محمود على حين غُرةٍ ثم هدر بـ حدة و كأنه لجامهِ قد تمزق مُعلنًا عن إهتياج لفرسٍ جامح

-ماما، مريم ماتت الله يرحمها و مليش دعوة هي كانت بتعمل إيه! ماتت منجبش سيرتها
-حينها صرخت بـ صوتٍ قد سمعه الجيران:و لما أنت مش عايز تجيب سيرتها قافل على نفسك ليه و عمال تفكر فيها، أهي غارت مطرح ما راحت… 

كاد أن يفقد محمود أعصابهِ و لكن والده إقتحم الغُرفة و جذب ذراع زوجته، ثم هتف بـ صوتٍ صارم، قوي لم تستطع تحمله

-سيبي الولد فـ حاله و منخضش فـ سيرة البنت، ماتت الله يغفرلها لو مُذنبة، و لو بريئة ربنا يجعل خوض الناس فـ عرضها في ميزان حسناتها 
-ترددت و قالت بـ نُزق:ما هو الكُل بيقول
-زفر و قال بـ غضبٍ:الكُل يقول براحته و حسابه عند ربنا، محدش هيقف مكانك… 

زاغت أبصارها و أحست أنهما تكاتفا عليها، لتقول بـ دفاعٍ

-خلاص يبقى يبطل تفكير فيها و يشوف حياته… 

همّت زوجها بـ الحديث ليقول محمود بـ حدةٍ خرجت عن سيطرته

-لسه مكملتش أسبوع حرام عليكِ إرحميني… 

إلتقط هاتفه و مُتعلقاته الشخصية ثم إندفع بينهما، مُتجاهلًا نداءات والداه حتى خرج من المنزل و تنفس كأن الهواء قد قُطع عن رئتيهِ بـ الداخل، و إندفع يهبط إلى الأسفل

إستقل حافلة عشوائية حتى أوصلته إلى مكانٍ، لم يُرد أن يكون به، كان محل عملها المكان الأكثر قسوة و حُزنًا له، وقف أمام الشركة و حدق بها مُطولًا و ذكريات اللقاء الأول و اللقاءات التالية تتنزه داخلهِ 

تلك الذكريات شابها الكثير من الشك و الكره، أخرج هاتفه و نظر بـ الصور التي وصلته، حينما وصلت تلك الصور حاول الإتصال و التواصل مع صاحب الرقم و لكنه لم يستطع، حتى إنه تواصل مع شركة الإتصالات حتى يعرف الهوية و لكنه أيضًا لم يستطع 

ظل مُحدقًا بـ المبنى حتى قرر الرحيل مانعًا نفسه من البُكاء، و إذلال نفسه أكثر لذلك الحُب الذئ ظنه منجاه، أثناء وقوفه إقتربت أكثر الشخصيات الكريهة التي يكرهها تبتسم بـ شماتةٍ واضحةٍ، لينظر إليها محمود بـ إشمئزاز و إلتفت ليرحل إلا أن صوتها أوقفه حينما قالت بـ نبرةٍ خبيثة كـ خُبثِ مغزاها 

-زعلت أوي على مريم، مكنتش تستاهل تموت كدا، هي أينعم غلطت فـ حقك بس يا حرام متستاهلش… 

صعقتها نظرته و لم تأبه بل إقتربت و لامست أطراف أصابعها ساعده الذي تشنج نفورًا ثم أكملت بـ مكرٍ يوازي لمستها الحارقة 

-حاولت أحذرك بس أنت محبتش تسمع مني… 

إقتربت من أُذنهِ ثم همست بـ جوارِها كـ وسوسة شيطان بـ نبرةٍ ناعمة حد اللزوجة 

-الكُل كان عارف، ما عدا أنت… 

دفعها بـ عُنفٍ عنه حتى كادت أن تسقط و نظراته السوداء ضربت جسدها و كأنها صاعقة أصابتها، ثم كاد أن يرفع يده و يهوى بها على وجهها إلا أنه تراجع عن ذلك و سألها بـ صوتٍ يُقطر شرًا

-أنتِ اللي نشرتِ عنها كدا فـ العزا صح! أنتِ اللي قولتِ كدا!... 

أدركت أنها خاضت في نُقطةٍ لم يكن عليها الخوض فيها من الأساس، و بـ الأخص حينما رأت الشياطين تتراقص في حدقتي عينيه المُشتعلة لتتراجع بـ خوفٍ و حاولت الهرب إلا أن محمود قبض على يدها بـ عُنفٍ و جذبها إليه هادرًا بـ صوتٍ إلتفت على إثره المارة

-إنطقِ
-حاولت التملص منه صارخة:مقولتش حاجة، و محدش جاب سيرتها، أصلًا محدش إفترى عليها… 

كان الرد عليها صفعة قاسية أوشكت الإطاحة بها و لكن يداه تمسكت بها جيدًا تحول بين ذلك، ثم هدر من جديد بـ صوتٍ شابه زمجرة الوحوش

-**** هقتلك يا رخيصة، إنطقِ
-إستغاثت بـ مَنْ حولها:حد يلحقني
-محدش هيرحمك مني… 

أصبحت تضرب بـ يدها بـ عشوائيةٍ بـ غرض التملص منه و الهروب إلا أنها لم تستطع، فـ محمود كان قد أحكم خِناقهِ حولها، همّ بـ صفعها من جديد إلا أن يدٍ منعته تجأر بـ صوتٍ قوي 

-كون إنك تتعدى على موظف عندي و قدامي، يبقى حسابه مش هين أبدًا… 

نظر محمود إلى مصدر الصوت، ليجد أرسلان يقف خلفه و يرمقه بـ نظراتٍ تُشابه نظراتهِ إلى تلك الحية، ليزداد غضبًا و كُرهًا لمحه أرسلان جيدًا و لكنه تجاهله تمامًا، و أبدى إهتمامه لكي يُخرج تلك من بين يديهِ ليقول 

-سيبها أحسن ما تكون نهايتك أنت هنا، مقدر إنهيارك بس ليك حدود
-هقتلها… 

نفذ صبر أرسلان فـ أمسكه بـ قوةٍ و أطاح به، كان من السهلِ الإطاحةِ به نظرًا لفُقدانه الوزن و هزله الواضح و أبعدها عن مرمى الآخر، ليُهسهس مُحذرًا بـ نبرةٍ أسرت الرُعب في الجميع ليس محمود فقط 

-أنا مبحذرش كتير، إيدي هي اللي بتتكلم بعد كدا، و هتكون بعدها آخر مرة تشوف الدنيا… 

إلتفت إلى التي ترتعد و هي تنظر إلى أرسلان بـ ترقب و إقشعر بدنها حينما إقترب خطوة و هسهس دون أن يلتفت إلى الذي خلفه 

-عايز تقتلها مش قُدامي و لا قُدام شركتي، عملها إسود… 

تجمدت أرضًا لقد إكتشف إنها مُروجة الإشاعة، و أن نهايتها قد حانت، ليلتفت إلى محمود ثم تابعه و هو ينهض ليقول مُحذرًا إياه بـ نبرةٍ تُجمد الدماء في الأوصال 

-مش هحذرك تاني، أنت حُر… 

تقدم إلى الشركة و مرّ جوارها فـ حبست أنفاسها بل بـ الأحرى ذهبت حينما هتف بـ صوتٍ شديد الهدوء، يحوي داخله وعيد أسود 

-حصليني على مكتبي… 

كانت عبارة كفيلة لتحسُر الهواء عن رئتيها

*****

جالس أمامها فوق مقعدهِ و يفصل بينهما المكتب الخشبي، و هي تقف على بُعد مسافة قصيرة ترتجف حتى أصبحت ساقيها هُلاميتين قد تُسقِطها في أي لحظةٍ، لا يتحدث معها بل يُحدق بـ بعضِ الأوراق حتى فجأة ألقى بها فوق المكتب فـ إنتفضت 

رفع بصره إليها و ليته لم يفعل فـ في داخلها كان الجحيم، غضب غريب لم تستطع الهروب منه، يأكل روحها و يضرب جنباتها فـ يجعل قلبها ينقبض، يفقد قُدرته على ضخ الدماء التي تُساعدها على البقاء قيدِ الحياةِ 

و سؤالًا جعلها ترتجف دون الحاجة، رغم سؤاله البسيط الذي لا يمط بـ صلةٍ مما فعلته

-شغالة هنا من إمتى!... 

لم تُصدق سؤاله العجيب، فـ فغرت فمها و لم تفهم ما يقصد فـ سألت بـ إرتجافٍ و نبرةٍ مُهتزة 

-نعم يا فندم! 
-ضحك أرسلان ساخرًا و قال بـ جمودٍ:مكنتش أعرف إنه سؤال صعب أوي كدا… 

إرتبكت أكثر و تعرقت يدها فـ تلاعبت بـ تنورتها، ثم همست بعدما أخرجت زفيرًا خرج و كأنه هدير 

-من أول ما الشركة بدأت يا فندم 
-دي مش إجابة… 

إبتلعت ريقها الجاف و زاد تعرقها حتى شعرت بـ الحبات تسير على طول ظهرها ثم قالت و هي تُخفض رأسها كما أخفضت نبرتها

-سنة و نُص يا فندم 
-هتف ساخرًا بـ سوداوية:ما ذاكرتك حلوة و شغالة أهي، أومال ليه شايف إنك بتفتكر حاجات محصلتش و ملهاش لازمة… 

تجمدت و بهت وجهها و رفعت نظرها بـ عينين مُتسعتين ثم قالت بـ توسل 

-آخر مرة والله يا فندم، أنا آسفة مكنتش أقصد… 

ساد الصمت من جهتهِ و وضع يده أسفل ذقنهِ قبل أن ينهض على حين غُرة فـ صرخت خوفًا و إجفالًا ثم سقطت أرضًا أمام ساقيهِ الذي لم ينحنِ إليها و قال بـ فتورٍ بارد

-ما هي هتكون آخر مرة فعلًا… 

كاد أن يدهس كف يدها إلا أنه تراجع و أكمل بـ صوتٍ مُخيف رغم نبرته التي لم تتعدَ الهمس

-إذا مكنتش آخر حاجة فـ حياتك… 

قبضت يدها و إتسعت عينيها بـ صدمةٍ و لم تستطع رفع وجهها عن حذاءهِ الذي شعرت أنه يُماثل هيبة مُرتديه، ليُكمل أرسلان و هو يسمع شهقتها تبعها بُكاءًا حار تستشعر الشر منه نبرته القاسية 

-الأخطاء دي مبسامحش فيها، و طالما مش هتنولي مُسامحتي… 

ترك جُملته مُعلقة لترفع رأسها إليه فـ أكمل بـ إبتسامةٍ في قاموس زوجته ألا يبتسمها فـ هي تعني الهلاك

-يبقى هتعيشي عُمرك كُله زي كلاب السكك، الغلط عندي زي دا ملوش عقاب، بيبقى موت… 

شعرت أن روحها تُغادرها بـ بُطءٍ مؤلمٍ شديد الصعوبة عليها، ليبتعد عنها أرسلان و جلس فوق مقعدهِ من جديد بـ صوتٍ لا ينُم عن عاصفة مُدوية أطاحت بـ تلك التي تكاد تموت خوفًا

-دلوقتي إطلعِ و مشوفش وشك نهائي، لو قابلتك صُدفة إعرفِ إنها آخر لحظة فـ حياتك… 

لم تستطع ساقيها مُساعدتها على النهوض و الهرب، فـ قد فقدت جميع قواها في تلك المُواجهة النارية، المُشابهة لعواصف رعدية تصعق كامل جسدها دون راحةٍ، ليجأر أرسلان بـ صوتٍ إهتزت له الشركة

-غوري حالًا، بدل قسمًا بالله أدفنك هنا… 

لم تعرف من أين أتتها تلك القوة لتنهص و تهرب، تركض منه و من نظرات العاملين دون أخذ أشياءها، لقد حفرت قبرها بـ يدها و وضعت فوقها التُراب، ليتها إستمعت إلى نصيحة صديقتها و لم تُقدم على فعل ذلك العرض 

بعض طُرق الإنتقام تكون مَهلِكَك دون أن تعلم، تظن أنك ناجٍ و رابح و لكنك لم تعِ بعد أنك من حفرت نهايتك و نقشت اسمك عبر جُدران قبرك، و إن لم تكن نهايتها على يدِ أرسلان فـ المجهول ينتظرها و كان عليها الرفض من الأساس

و هل ينفع الندم و أنت تُدرك نهايتك و تراها بـ عينكِ الآن في نهايةِ طريقٍ سلكته بـ محضِ إرادتك؟ 

*****

بعد يومٍ طويل من العمل

قرر أرسلان العودة إلى المنزل، بل العودة إليها إلى مرساته و ضبابه الناعم الذي أضفى الصفاء إلى حياتهِ، ما يُهمه ألا يطالها ما يحدث، ألا تُصيبها العاصفة و توابعها 

أن تكون هي في معزلٍ تامٍ عن شظايا حياتهِ المُبعثرة، بـ سوادها و عتمتها التي إتخذها يومًا ملجأ، و لكن هي ضياءها يتسم في عالمٍ خالي مِنَ عتمتهِ، شمسه و ظلاله الثلاثة لا يجب أن يلوثهم لوثة حياتهِ القاتمة 

قرر ذلك اليوم العودة سيرًا على الأقدام يُريد تصفية ذهنه و الهرب من تلك الأحداث القابضة التي حدثت، أن يعود إليها خالي الوفاض لا يحمل أي قدرًا من الغضب أو تعكيرًا 

أثناء سيره رأى ما لم يرَ أشياء جديدةً غفل عنها ربُما تحتاجها سديم، ليتوقف أمام محلٍ لزهور حائرًا فيما يفعل، أيبتاعها الزهور أم يرحل! لم يكن يومًا من مُحبي تلك الأشياء التي تشع بهجة

زفر ثم رحل هي لا تحتاجها بل تحتاجه و تيقنت نفسها ذلك قبل أن يتيقنها هو، مُتجاهلًا نداء صاحب المحل رحل لم يكن هو أرسلان الهاشمي ذلك و لن يكون، لقد ولى عصره، أثناء تفكيره العنيف صدح صوت هاتفه و إهتز مُعلنًا عن وصول إتصالًا يُلائم شخصية المُتصل و الذي يعرفه جيدًا 

أخرج هاتفه و نظر إلى هويةِ المُتصل قبل أن يُجيب ساخرًا و لكن نغمته تحمل العُمق و شيءٍ آخر لامسها

-إيه دا الست الدكتورة حنت علينا و كلمتني عشان إتأخرت!
-سمع ضحكتها ثم سؤالها:أنت فين! 
-شوية و هوصل، العربية عند الميكانيكي
-عشان كدا إتأخرت!... 

همهم بـ أجل ثم بحث عن مفاتيح المنزل ليسمعها تقول ضاحكة بـ خُبثٍ 

-مش محتاج تدور عليه، تعالى… 

رفع رأسه سريعًا ليجد سديم تتقدم تلك الخطوات القليلة و هي تُحادثه بـ الهاتف، سعادة غادرة غمرته و كأنه شابٍ مُراهق تسللت حبيبته خلسة لتراه في كامل أناقتها، حسنًا سديم لك تكن بـ كامل أناقتها و لكنها كانت جميلة بـ شكلٍ خاص، أكثر جمالًا مِن المُعتاد، أو ربُما هو مَنْ يراها جميلة كُل يومٍ

إقترب منها و هي كذلك دون حديث فقط إبتسامتها مُقابل عُمق عينيهِ المُخيف و الجمال الآخاذ بهما، حتى وقف أمامها فـ همست دون أن تُنزل الهاتف

-وحشتني… 

ظل صامتًا لعدة لحظات قبل أن يُنزل هاتفه ثم جذبها إليه مُعانقًا إياها، بادلته العناق بـ آخر حميمي ثم أكملت 

-حمد لله على سلامتك… 

إبتعدت تُحدق به و هو كذلك، ثم شابكت كفها مع خاصتهِ و قالت بـ صوتٍ دافئ

-عملالك أكلة إنما إيه! هتاكل صوابعك وراها
-دا لو عشت عشان آكل صوابعي… 

ذمت شفتيها و نوت أن تتذمر و لكن فجأة حاوط أرسلان رأسها و جذبها إليه مُلتفًا و كأنه يُبعدها، شهقت سديم و توترت خوفًا حينما سمعت صوت زئير أرسلان 

أثناء حديثها لمح أرسلان شيئًا يلمع تحت أضواء الأعمدة و سُرعة تقدمها يُنبئ عن ركض، و تنبئه كان صحيحًا، و قبل أن يتدارك الوضع كانت يده تتحرك من تلقاء نفسها لحماية سديم، و نتيجة لذلك إخترقت السكين كفه، و ظل بصره مُعلق بـ عينين خطيرتين تحملان نظرة جحيمية مُميتة

و الضحية لك تكن أُنثى، بل كان هو 

صرخت سديم بـ خوفٍ و هلعٍ أصاب قلبها و هي ترى السكين يخترق كفه و الدماء تُقطر منه، ذلك المشهد الذي تكرر مرارًا و تكرارًا في حياةٍ أبت تركهما حتى الآن، حاولت التحرك و لكن يد أرسلان دفنت وجهها في صدرهِ مانعًا إياها من رؤية المزيد

يعلم جيدًا تأثير هذا المشهد الدامي على عقلها، يُذكرها بـ يدها التي تلطخت من أجلهِ و أصبحت سديم قاتلة، ربُما تندم على هذا الفِعل و لكنه لم يندم أبدًا، إعتاد القتل و الدماء حتى باتت جُزءًا منه أما هي! فـ لِما اللوثة و هي تُمثل النقاء التام

وقف الإثنين في مواجهةِ بعضهما البعض حتى هدر أرسلان مُحاولًا نزع السكين من يدهِ 

-حذرتك مرة، التانية مش هتعيش عشان تسمعها… 

أخرج أرسلان السكين من كفه و خرج أنين مكتوم على إثرهِ قبضت سديم على ثيابهِ و كتمت صرخة إمتصها صدره، ثم ألقى بها بعيدًا و إبتعد بـ سديم عن مرمى ذلك الشاب المجنون، الذي يبدو و كأنه فَقَدَ المُتبقي مِن عقلهِ و هدر بـ نبرةٍ مُميت

-لو كانت شعرة منها إتأذت مكنتش هتتنفس النفس دا… 

لم يرد محمود بل إقترب مُخرجًا مديّة ينوي طعن سديم بها، كان هدفه سديم و ليس هو، ليقوم أرسلان بـ دفعها بـ قوةٍ حتى سقطت أرضًا مُتأوهة ثم صد ضربة الآخر على آخر لحظة كادت أن تُصيب وجهه

تحولت مُقلتيه إلى جمرتين مُشتعلتين من الجحيم ثم قام بـ الإطاحةِ به بـ رأسهِ ليقع الضعيف أرضًا، إقترب منه أرسلان ليركله و لكن الآخر عاجله بـ قذف حفنة من التراب في وجههِ شتتته لينهض و يضربه بـ المدية في وجههِ

صرخت سديم بـ قوةٍ حتى شُقَ حلقها و نهضت تقترب من أرسلان و قلبها ينتفض إلا أنه هدر بـ صوتٍ جحيمي شديد القوة 

-إياكِ تقربِ… 

وضع أرسلان يده على الجرح الذي شق وجنته و الدماء تسيل عليه حتى وصلت إلى عُنقهِ النابض بـ غضبٍ، لينزع سُترته و يهمس بـ فحيح

-حاولت أتغلب على فطرتي فـ القتل، بس غلبتني… 

هاجمه محمود بـ سُرعةٍ و لكن هيهات ضعف جسدهِ و نحوله جعله لُقمة سائغة و هدفٍ يسهل القضاء عليه أمام براثن وحشًا قد حُلِتْ قيوده، ليُمسك أرسلان يده المرفوعة و بها المديّة ثم قام بـ ليّها و أسقطها ثم بـ الأُخرى عاجله بـ عدة لكمات لم يستطع الآخر صد أيها

رغم سقوط الآخر و تهاويه إلا أن أرسلان لم يتوقف، بل وضعه أرضًا و ركله قبل أن يهبط و يُمسك المديّة و نيته طعنه إلا أن سديم صرخت و صرختها كانت إشارته ليتوقف

-إياك، بلاش يا أرسلان عشان خاطري… 

فجأة تركه أرسلان و كأن أفعى لدغته، أو ربُما كان ممسوسًا و عاد إلى وعيهِ الآن و نظر إليها، كانت غارقة في خوفها و رُعبها الذي أهلك وجهها و جعلها تُشبه الجُثث جسدها يرتجف و عبراتها شقت طريقها على وجهها حتى أغرقته و لم يعد يستطيع تبين ملامحها 

نهض عنه سريعًا و إتجه إليها جاثيًا أمامها، ليُحيط وجهها و يسألها بـ شراسةٍ 

-أنتِ كويسة! جرالك حاجة!... 

لم ينتظر إجابتها بل أمسك كفيها و نظر إلى باطنهما ليجدهما مُكللين بـ الخدوش و الجروح نظرًا لدفعهِ لها و سقوطها على أرضٍ قاسية، دون تفكير وضع كفها على قميصهِ و كأنه يُداويها

نزعت سديم يدها منه و همست بـ صوتٍ ذاهب، لا يُعبر عن تلك التي طالما صوتها كان ضوضاء حياتهِ

-أنا كويسة، روح شوفه… 

نظر إليها قبل أن ينهض بلا حديث و إتجه إلى الذي يُكافح لكي ينهض، فـ أنهضه أرسلان و بـ صوتٍ كـ هدير الرياح العاصفة هدر 

-كون إنك لسه عايش دي مُعجزة، إستغلها عشان مش هتتكرر… 

لم يكن الآخر في وعيهِ الكامل، بل ما يجعله واقفًا يدي أرسلان القابضة على تلابيبهِ، و على إثرهما إقتربت سديم واضعة يدها على يد زوجها التي تحتجز ذلك الميت و قالت 

-سيبه يمشي يا أرسلان، و يلا ندخل… 

نظر إليها ثم إليه و بـ نظراتٍ أشد قسوة من الصخرِ هتف 

-إستغلها و عيش، لو شوفتك تاني مش هيطلع عليك فجر… 

و أثناء حديثه إنطلقت رصاصة من جُنحِ الظلام تجد هدفها تمامًا، رصاصة آخر ما تم سماعه هو صرخة سديم، صرخة قوية جعلت الذئاب تعوي تُؤازر خوفها 

و الضحية لم يكن هو بل كان هو!!

تعليقات



×