رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل السابع 7 بقلم إسراء على


 رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل السابع 


أُتعاتبين رياحًا هدمت منازل من القشِ! 
و لا تُعاتبين ذلك الذي إختار أن يبني بيته منه! 
فـ لا الرياح أذنبت و لا القشِ صَمَدَ
و كذلك رياحي العاتية، كوني وتدًا في قلبي لا تنزعه عاصفةً… 

أبعد أرسلان يده كـ الذي صعقه البرق ليترك الجُثة تتهاوى، و الدماء التي تناثرت كانت آخر ما لطخ عينه قبل أن يحتضن جسدها، و جعل من جسدهِ درعًا لها يُصاب كيفما يشاء و لكن هي يجب ألا يمُسها سوءٍ

إنحنى بها و ضمها بـ قوةٍ أكبر إلى صدرهِ يُريد إدخالها بـ داخلهِ، أن يجعل من ضلوعه حصنًا منيعًا و إن رأته سجنًا لها، كان يسمع بُكاءها و نشيجها، و جسدها الذي ينتفض بين يديهِ يجعل من ذلك العالم يتحول إلى جحيم مُطلق، و إن أطلق عنانه هو الآخر لحُرِقَ مَنْ حوله

نظر حوله في جُنحِ الظلام و لكنه لم يجد شيئًا، كان يُريد النهوض و لكن يدي سديم تشبثت به و نظرت إليه بـ هلعٍ تُحرك رأسها نفيًا ثم قالت بـ صوتٍ ذاهب، مُتحشرج

-متروحش، متروحش… 

حاول أرسلان طمأنتها و حاوط وجنتيها بـ يديهِ ليتحدث إلا أنها أمسكت قميصه المُهترئ و المُلوث بـ صوتٍ مُتقطع خارج من جُثةٍ هامدةٍ

-متسبنيش، إوعى تسيبني… 

و سُحقًا له إن تركها، جلس أرسلان فوق الأرض التُرابية و هي بين ذراعيه يتأرجح بها و يهمس داخل أُذنها بـ صوتٍ بدى كـ هدير العواصف الغاضبة 

-إهدي، أنا معاكِ و مش هسيبك… 

دفنت سديم وجهها أكثر داخله و عينيه تجوبان حوله، و يعلم تمام العلم و اليقين يُخالطه أن تلك الرصاصة ما أن أصابت هدفها حتى رحل، ذلك اللعين الذي يهوى تدمير حياته رحل بـ إنتشاء مخمور أنهك جسده بـ الخمرِ، و هو في تلك اللحظة يُعاني من نيران تنهش جسده و تتطاير الشظايا لتُصيبها

أخرج هاتفه الشبه مُدَمر من جيبِ بِنطاله ثم أجرى إتصالًا ليأته الرد بعد لحظاتٍ

-أيوة يا أرسلان خير!... 

نظر أرسلان إلى الجُثة الهامدة خلفه بـ أعين سوداء تُشبه عيني ذئب يتجول في صحراءٍ مُظلمةٍ، ثم إلى سديم الشبه مُنفصلة عن العالم و قال بـ صوتٍ لا ينتمي إلى عالمِ البشر

-هات قوة و تعالى، حصلت جريمة قتل فـ بيتي
-سمع صوت أخيه يهدر بـ صدمةٍ:قتل إيه! إيه اللي حصل! 
-تمتم بـ إقتضاب:هتفهم لما تيجي… 

ثم أغلق و ألقى بـ الهاتف و حاوط سديم من جديد يهمس لها بـ حديثٍ ظن أنه لا يمتلك القُدرة على البوح به، ليهتف أخيرًا و هو يضع شفتيه على جبهتها و كأنه يصُك ملكية الحديث و الوعد عليها حتى لا تنسى 

-وعدي ليكِ مش هيمسك سوء، لو تمن أمانك روحي مش هتردد ثانية إني أقدمها… 

ثم حملها بين يديه و إتجه إلى داخل المنزل ليضعها فوق المقعد و همّ بـ النهوض و لكنها تمسكت به كـ مَنْ يخشى إفلات مُنقذهِ، فـ ربت أرسلان عليها و هتف بـ نبرةٍ قاسية، جافة 

-متخافيش مش هروح بعيد
-تشبثت به أكثر:متروحش فـ مكان… 

ربُما يعلم سبب خوفها و ربُما يجهله عن قصد، و لكن ذلك اليوم البعيد حينما أطلقت سديم أول رصاصة لتستقر في جسدٍ ما جعلها في هذه الحالة من الهلع المُخيف حتى بـ النسبةِ له، و السبب الآخر الذي لا يُريده إطلاقًا أن تكرار حياته الفائتة سيُعاد بـ تفاصيلهِ المُرعبة

و هذه المرة لا يضمن بقاءهُ حيًا و بقاءها في حياتهِ و هذا أكثر رُعبًا من ماضٍ لم يدفنه قط، بل يجعله دائمًا جُزءًا من تكوينهِ و يعلم أنه سيحتاجه من جديد

لحظات و سمعا صوت الصافرات تُعلن عن مجيئ سيارات الشُرطة، لتُغلق سديم أُذنيها بـ يديها و إنكمشت داخلهِ 

حينها رفع أرسلان رأسه إلى الأعلى و فَقَدَ الجُزءَ الحي المُتبقي منه
ربُما كان عليه الإستسلام سابقًا 
و أيضًا ألا يسقُط في حُبها 
كان عليه أن يُكافح لينجو لا ليسقط لها، و هوتها سحيقة يُرحب بـ السقوط بها

*****

ملاحظة:الحديث الخاص بـ البدو ليس بدويًا بـ الكامل، أنا لاقيت الكلام و المُصطلحات صعبة فـ قررت أستبدل بعضها بـ الفُصحى 

تسللت خفية بعد ليلةٍ طويلةٍ من المُشاحنات و المُشاجرات في منزلها، بعدما ألقى عابد حديثه الوقح مثله و رحل، بعدما هددها بـ البوحِ بـ سرها الذي حافظت عليه حتى الآن، و هي لا تمُلك من أمرها شيئًا، إما غسل العار أو زواجها من تاجر أسلحة سيء السُمعة و غليظ القلب 

وضعت الوشاح على وجهها تُخبئه ثم خرجت من المنزل مُغلقة إياه بـ حذرٍ، و تحركت إلى الفناءِ الخلفي ثم ركضت حتى وصلت إلى النخلةِ الضخمة التي يلتقيان عندها في لقاءاتهما السرية 

وقفت تنتظره كثيرًا و كثيرًا، صاحب الأعين الزرقاء تُشبه السماء في إتساعهما و كأنهما تحتضناها مُكبلة إياها بـ شيءٍ تستطيع تفسيره جيدًا و لكنها تُجيد المُراوغة، لقاءهما الأول كان هُنا و من هُنا بدأت القصة 

طبيب قادم من الحضر ليعيش هُنا بعدما تم إرساله إلى العمل هُنا بعد تغيير مكان العمل مرةً أُخرى، مكان قاصي و موحش في البادية و لكنه دومًا يُخبرها بـ شيءٍ واحد 

-فـ المكان الغريب دا، لقيت قلب مألوف هعيش ليه… 

يُردد على مسامعها تلك العبارات فـ تذوب و تهيم أكثر به، لم تكن ذات يومٍ فتاةٍ تُجيد الغزل و العشق و من أجله تغيرت إبنة البادية لتتحول إلى فتاةٍ أهلكها العشق و تخلل ثناياها

كانت تنظر يُمنة و يُسرة لتبحث عنه علها تراه قادمًا و لكنها لم تجده، أصابها الإحباط لربُما نسيَّ لقاءهما، فـ همّت بـ وضع الوشاح على وجهها لترحل إلا أنها وجدت من يُعانقها من الخلف مُكبلًا إياها ثم همسة من صوتهِ الرخيم و هو يقول 

-معقول هتمشي من غير أما تشوفيني!...

أسمعت عن طائر يطير بلا جناحين! قلبها تقمص دور الطائر و رفرف بين جنباتها و كأنه وجد شريده، إبتسمت بـ خُبثٍ و أخفت إبتسامتها القاتلة ثم بـ لغةٍ قاهرية ركيكة قالت 

-فكرتك ما راح تيجي يا طبيبي… 

قهقه الطبيب بـ قوةٍ ياء الملكية التي تُضيفها بـ غنجٍ مقصود يجعله يزهو بـ نفسهِ أكثر و كأنه الرجل الوحيد بـ العالم، الرجل الأوفر حظًا على الإطلاق، وضع رأسه بين تجويف العُنق و الرأس ثم مال بها قليلًا في حركةٍ مُتناغمة و قال بـ نبرةٍ عذبة و لعوبة بعض الشيء

-طبيبك كان مشغول يا ولداه و أول أما خلص جه جري عشان يشوف محبوبته… 

إنسلت من بين يديهِ و إستدارت قائلة بـ ضحكاتٍ رغم خفوتها إلا أنها كانت كـ الصخب داخل قلبه 

-لا تحاول يا طبيبي، ما بتعرف تتحدث عرباوي
-نفس الشيء ينطبق عليكِ يا عروس البادية… 

الآن لن تستطيع إخفاء إبتسامتها أو سعادتها التي تطرق قلبها بـ مطارق تدوي دويًا، و إستطاع هو رؤية السعادة جلية عليها مما جعله يبتسم أكثر حتى ظهرت حُفرة وحيدة في وجنتهِ اليُمنى، ثم لتقول مُتملصة من غزله

-بس أنا بحاول أتعلم، لا تقول هذا يا طبيب الحضـ
-وحشتيني… 

و تظل الأُنثى أكثر الكائنات حماقة و شاعرية حتى يستطيع إسكاتها بـ كلمةٍ واحدة، كلمة جعلتها تتورد سعادةٍ و خجلًا، أيستطيع الزمن أن يتوقف هُنا ولا يمضي أبدًا، لحظاتهما المسروقة و المُحرمة، تلك اللحظات التي إن رآها أحد لعُلِقتْ رأسها على باب المنزل 

تنهدت غُفران و قالت واضعة يدها على وجنتهِ كاسرة كُل منطق و عادات، مُتعدية حدود لا ينبغي لها تخطيها ثم قالت بـ صوتٍ حار

-و أنت كمان يا سليم، واحشني دائمًا
-أمسك سليم يدها التي على وجنتهِ و قال:غُفران أنا واثق فـ حُبك ليا، بس لقاءاتنا دي أخرتها وحشة أنا خايف عليكِ… 

ثم قَبّل باطن يدها فـ أغمضت عينيها في سعادةٍ ثم فتحتها و قالت بـ صوتٍ عذب، حزين

-طب قول إيش سوي! قول يا سليم كيف بقنع بوي بتعرفه عنيد… 

مال بـ رأسهِ و قال بـ صوتٍ شبه مُحتد و كأنه نفذ صبره 

-هكلمه تاني و تالت و عاشر، بس كدا مُمكن حد يشوفك، أنا مش عارف نهايتنا هتكون إيه وقتها 
-هنتجوز… 

صمتت و بعد تردد ألقت قُنبلتها رغم أنها عاهدت ألا تُخبره نظرًا لأن والدها لن يسمح أن يحدث ما يُخطط له عابد

-هيسمح لأنه رافض إني كون زوجة هذا ياللي اسمه عابد… 

لحظة و أُخرى حتى تبدلت معالم وجههِ إلى أُخرى شرسة لأول مرةٍ تراها و سألها بـ صوتٍ خفيض و لكنه يحمل من الخطورة ما يجعلها ترتجف

-زوجة مين!... 

إزدردت غُفران ريقها بـ خوفٍ و زاغت أنظارها ثم صمتت، ليُمسك سليم يدها بـ قوةٍ دون أن يشعر ثم قال بـ نبرةٍ الخطيرةِ ذاتها 

-لأ متسكتيش، سمعيني يا غُفران 
-توترت و قالت بـ مراوغة:أخصرك منه (أتركك منه) هلا، بحادث بوي و بقولك… 

تملصت منه بـ صعوبةِ بالغةٍ و ركضت من أمامه دون أن تدع له مجالًا ليُكمل ما ينتويه، لقد رأت شرًا لم تره سابقًا و للحق خافت كثيرًا و ظنت أنها لم تعرف ذلك الطبيب الهادئ قط، أنه تلبسه شخصًا آخر، أنها لم تعرف ما يكمن خلف هدوءه و رزانته 

ضرب سليم النخلة و أراد اللحاق بها و لكنه سمع صوتًا غريب يأتي من عُمقِ الظلام فـ إلتفت حوله و الخوف يأكله، تُرى هل رآهما أحدًا! 

لم يترك المزيد من الوقت للتفكير بل رحل سريعًا إتقاءًا لِما قد يحدث من شرور هو لن يستطيع مواجهتها، و الغضب يشتعل كما تشتعل النيران بـ الهشيم، غُفران لن تكون إلا له، لن يمُلكها سواه، همس داخله و هو ينظر إلى الخلف لبرهةٍ

-يا حر قلبي يا غُفران… 

*****

تتلفت وراءها بين كُل ثانية و أُخرى خوفًا أن يُلاحقها سليم أو ربُما أحدهم، ثم تنظر إلى الأمام و الفناء الخلفي للمنزل بدأ في الظهور، لتتنفس بـ راحةٍ ثم أسرعت قليلًا حتى تُدرك المنزل في وقتٍ أقصر

لحظات و أحست بـ إهتزاز هاتفها يُنبئ عن وصول رسالة نصية تعلم هوية راسلها، لتُخرج الهاتف و قرأت الرسالة و التي مفاداها

"كلامنا مخلصش بـ هروبك يا غُفران، هشوفك بكرة و أو هجيلك البيت" 

إبتسمت بـ سعادةٍ و توتر خوفًا من فعلها، و خوفًا من القادم غدًا ثم لحظاتٍ مرت حتى صدح الإهتزاز من جديد و كانت الرسالة مِن نفس الشخص 

"بس ميمنعش إني أقولك بحبك و مشبعتش منك" 

كتمت صرخة من فمها و رفعت يديها إلى وجهها تُخفيه ثم أرسلت ردًا يتبعه رموزًا تعبيرية 

"و لكَ في القلب مِنَ العشق ما يفيض حتى تمتلئ الآبار الجافة" 

أغلقت الهاتف و إستعدت إلى الدخول و لكن فجأة قبض أحدهم على خصرها و الأُخرى على فمها تُغلقه مانعًا إياها مِن الصُراخ، و صوتٍ كريهة يهمس في أُذنها بـ فحيح 

-لا تصرخي يا صغيرة، بوكِ بيعرف وين بنيته تختفي مع رجل تحت ضيّ القمر… 

حاولت التملص منه بـ شراسةٍ و لكنها لم تستطع، شتّان بين لمسة سليم الناعمة و التي تبُثها الآمان و بين لمستهِ الحارقة و الخشنة، قامت بـ عضِ يده و لكنه لم يتقهقر بل ضحك و همس بـ شراسةٍ مُخيفة 

-ساكن الدار و كبيره بيصحى يا صبية، إتركِ يدي و إسمعي حديثي، لا تصرخي…

و بـ يدهِ الأخرى ترك خصرها ثم أخرج هاتفه من عباءتهِ و وضعه أمام وجهها و أضاءه، لتتسع عيناها بـ صدمةٍ ليدنو عابد أكثر و يهمس 

-إيش قولك يا بنية الشيخ راغب! بتتزوجيني ولا بروح بخبر القبيلة!... 

حاولت إلتقاط الهاتف منه و لكنها لم تستطع فـ قهقه عابد و قال بـ تسليةٍ واضحةٍ

-بتعتقدي إني بترك الصور هون و بس! ما كُنت بعرف إنك غبية… 

لكزت كتفه بـ مرفقها و هتفت بـ شراسةٍ و حدةٍ على الرغم من خفوت نبرتها إلا أن نارية عينيها تصف مدى كرهها له

-إيش بتريد يا عابد! وش بتسوي بهذه الصور! 
-نتساوم يا غُفران… 

كان الرفض جليًا على وجهها و النقمة تُكلل ملامحها، إلا أنها سكنت و سألت بـ نبرةٍ كارهه و شديدة الحقد

-بوي ما رح يصدقك 
-هتف بـ ثقةٍ:بيصدق، وقت چيب الحكيم و بيعترف… 

إشتعلت حدقتيها أكثر و أكثر لتدنو منه في حركةٍ جريئةٍ منها ثم هتفت بـ نبرةٍ لا تقبل الشك

-الموت أرحم من زواچك، ما بزعل إذا مت، ما بخاف
-ليرد مُتخابثًا:بعرف، بس ما بتموتِ وحدك، حبيبك رح يؤنسك… 

فجأة أدركت حقًا أنها لن تذهب وحدها بل سيكون سابقها هو سليم، صرت على أسنانها و قبضت يدها ثم سألته 

-بتنزوچ و بتتركه! 
-بحلف بـ شرفي
-ردت ساخرة:أقسم بـ شيء بتملكه يا عابد… 

تراجعت خطوة إلى الخلف و هي تلمح ملامحه الخطرة تتشكل و تُكشر عن أنيابها، و قد أخافها ذلك، و خافت أن يُقدم على شيءٍ مُخيف لذلك إبتلعت لسانها و نظرت إليه بـ أعين رفضت أن تُظهر خوفها

وضع عابد يده على لحيتهِ المُشذبة ثم حدق بها أكثر و عينيه الصقرية تخترقها بـ قسوةٍ هشمت عظامها 

-ما بريد أُضرب حُرمة، يا صغيرة لا تجعلني أفقد أعصابي، لهلا أنا ما تخطيت حدي و كظمت غيظي و غضبي
-ناطحته قائلة:بعرف إيش بتريد من هذه الزيجة، بتسعى ورا قوت… 

توقفت عيناه لحظة على عينيها المُكحلة و التي تُشبه الهاربة ثم تحركت عيناه على وجهها المخفي قبل أن يقول بـ صوتٍ لم تفهمه و لم تستطع فهم مغزاه 

-لا تتحدثِ بـ شيء مثل هذا، أنا هون لأجل أنقذك و أنقذ حالي و قوت بعرف كيف أوصلها… 

قبض على ذقنها في حركةٍ سريعةٍ لم تستطع تداركها فٓ إتسعت عيناها بـ دهشةٍ

-ما بحتاجك يا صغيرة، وقت بريد أوصل، بوصل، مانك وسيلة لأجل مرة تانية… 

أبعدت وجهها عنه و نفضت يده عنها، و أدارت وجهها، ليحك عابد ذقنه بـ عصبية شديدةٍ و هدر بـ صوتٍ شديدة القسوة و الصلابة أشد من الصخرِ 

-خبري بوكِ، بكرة بزورك و بنطلبك من الخال، و فوتِ ع الدار جبيل (قبل) ما حد يلاحظك… 

رمته بـ نظرةٍ مُحقِرة ثم إلتفتت لترحل، إلا أنه أمسك يدها و أوقفها ثم حذرها قائلًا 

-لا تلعبِ و تمكريِ، بتعرفِ إيش بيصير… 

نفضت يده و نظرتها تزداد تحقيرًا ثم رحلت و عباءتها تتطاير حول جسدٍ صغيرٍ أخفت معالمه خلف قُماشٍ أسود لامع، ليُخرج عابد لُفافة تبغ و أشعلها قبل أن يرحل ثم همس قائلًا 

-من عام مُنصرم و صرت رچل غريب، إيش صار و كيف وصلت لـ هذه الحالة يا عابد!... 

و أخرج هاتفه ثم قام بـ إزالة الصور من هاتفهِ، النسخة الوحيدة لصور الحمقاء الصغيرة

*****

صوت الصافرات الصادح من حولها كان يُثير جنونها، والدها و سُمية أتيا من أجل الإعتناء بـ الصغار و توجهت هي مع أرسلان إلى قسمِ الشُرطة، تتشبث و تنشب أظافرها بـ ثيابهِ كـ طائرٍ يتعلق بـ غُصنٍ و هو حصنهِ و مأمنهِ الوحيد 

و لكنها فجأة تذكرت يده و وجههِ المُصابين فـ إبتعدت بغتةً عنه و تعجب هو لذلك و قبل أن يسألها وجدها تُمسك يده و همهمت بـ هستيرية

-إيدك! إزاي أهملت إيدك! إزاي مخدتش بالي!... 

و بـ يدهِ السليمة أراد إسكاتها و طمأنتها و لكنها كانت في عالمٍ آخر تمامًا و يعلم أرسلان أنها لن تعود إلا عندما تُتِم مُهمتها كـ طبيبة، تنهد و أمسك يدها رابتًا عليها و قال بـ صوتٍ داكن

-أنا كويس
-نظرت إليه بـ حدةٍ و قالت بـ شراسةٍ:لأ مش كويس… 

زفر بـ نفاذِ صبرٍ و صر على أسنانهِ حتى تشنجت عضلات فكه، لتُمسك سديم حقيبتها و أخرجت ما تحمله مِن مُعدات الإسعافات الأولية التي تمتلكها ثم قالت بـ صوتٍ ذاهب و مُرتعش

-هحاول أوقف النزيف، بس لازم نروح المُستشفى ضروري… 

قامت بـ تطهير الجرح و حاولت كبح رغبتها في التقيؤ ثم لفت الشاش الطبي و إتجهت إلى وجههِ، و فعلت المثل كانت تُهمهم بـ كلماتٍ غيرِ مفهومة، و لكنه يفهم تمامًا ما تود قوله، رغم أن سديم طبيبة جراحة تقوم بـ شتى العمليات الجراحية إلا أن إنهيارها في ظل تلك الظروف مفهوم تمامًا

ظلت تنظر إلى وجههِ واضعة عليه بعض المُطهرات و الشاش ثم قالت بـ إرتجاف

-هبـ هبقى أجيب مرهم هيشيل أثار الجرح دا، مـ متقلقش
-سخر منها قائلًا:مين فينا اللي ميقلقش! أنتِ اللي قلقاني 
-همست بـ إستجداء:أنا خايفة عليك… 

عبارة كانت كفيلة بـ هدم صوامع قسوته و جبروته، عبارة هزت أوصال أرسلان الهاشمي الذي لم ينحنِ مُطلقًا لإمرأةٍ و إهتم بـ خوفها، و أن يكون هو هذه المرة منبع خوفها لهو شيءٍ شديد القسوة يشطره إلى نصفين

وجد نفسه يجذبها في عناقٍ في بادرة مُقلقة، رغم أن هدفه كان بث الأمان بها إلا أنه أخطأ، لم يهتم لوجود قُصي و الضابط المُرافق كُل ما كان يشغل باله فقط هو "هي" وضع يده خلف رأسها و مشط خُصلاتهِا ثم همس بـ صوتٍ مليئ بـ المشاعر المُبهمة و القاسية 

-مرات أرسلان الهاشمي مش من حقها تخاف، حتى لو عليا
-همست بـ لوعةٍ:أرسلان!! 
-قاطعها:هششش، إرتاحِ يا دكتورة، أقسملك مش هسمح حاجة تمسكوا… 

شعر بها تومئ بـ رأسها و ترتاح أكثر إلى صدرهِ فـ تركها تنعم بـ دفءٍ لم يدُن كثيرًا إذ هتف قُصي مُتعبًا

-وصلنا يا أرسلان، يلا… 

كان عليه بعد وصول الشُرطة الذهاب لإدلاء بـ شهادةِ و تبرئة زوجته قبله هو، لقد حدثت الجريمة خارج حدود المنزل و هذا تم التخطيط له كـ ساحرٍ أمسك بـ عرائسٍ و حركها كيفما يشاء ليصل إلى مُبتغاه و العرض الذي يُرضيه

أي مريضٍ هذا يسعى بـ شدةٍ لإفساد حياتهِ!! 

ترجلوا من السيارة و سديم لم تترك يد زوجها أبدًا حتى دلفوا إلى قسم الشُرطة، و على مشاهد إعتادها أرسلان لم تكن مألوفة أبدًا لزوحتهِ التي إنكمشت على نفسها، ما بين الصُراخ و أوجه إجرامية كانت سديم تفقد أنفاسها و هو يقف جوارها يسُب الجميع لا يجد ما يستطيع القيام به و لا يجب عليه الرحيل و إلا إزدادت الأمور تعقيدًا

-سديم لازم تمشي
-تعجب قُصي و سأل:بتقول إيه! سديم شهادتها مُهمة
-زفر و هدر بـ قسوةٍ:شهادتها مش مهمة، و شهادتها مش هياخدوا بيها… 

نظر إلى سديم التي تحركت إلى الحائط بعيدًا قليلًا و تركها أرسلان خوفًا من كسرها بين يديه، ثم عاد إلى أخيه و قال بـ تعجب و غضبٍ

-أنت بتعامل نفسك كأنك مُتهم ليه! هو أنت قتلته… 

صمت أرسلان و لم يُجب، بل بصره كان مُتعلقًا بها فقط ليُكمل قُصي مُتخذًا من صمت أخيه إجابةً تُنفي ذنبهِ

-يبقى سديم لازم تفضل… 

كاد أن يفقد أرسلان أعصابه فـ أمسك ذراع أخيه بـ قسوةٍ و هدر من بين أسنانهِ و كأنه على وشك تحطيمها و تحطيم ما حوله 

-خُد مراتي من هنا، خرجها من هنا مش عايزها فـ المكان دا… 

مسح قُصي على وجههِ و نظر إلى أرسلان الذي تبدو هيئته مُتشردة، ناهيك عن ملامحهِ التي تكسوها الإجرام، ثم حاول تهدئته رغم إستحالة ما يُفكر به

-أرسلان إحنا مش فـ ملاهي، سديم لازم تقول شهادتها… 

همّ بـ إكمال حديثه إلا أن صوت عويل صدح من الخلف ليلتفت كِلاهما إليه، فـ وجدا إمرأة تبكي بُكاءًا حار فـ لم يحتاجا معرفة هويتها، وجدها أرسلان تقترب منه و رغم بُكاءها إلا أن ملامحها تشوهت بـ الكُره و الغضب تجاه شخصًا كان السبب في موتِ إبنها

إقتربت من أرسلان و نشبت أظافرها به ثم هدرت بـ صوتها كُله بما يعتمل من قلب أُم ملكومة بـ فاجعة فُقدان ولدها العزيز 

-قتلت إبني يا قاتل، مكتفتش تغوي خطيبته فـ قتلته هو كمان… 

لم يهتم بما ترميه به كُل ما سيطر عليه هو مشاعر تلك المُنزوية، لم يُفكر مرتين في الإلتفات إلى سديم التي حدقت به فاغرة فمها بـ صدمةٍ و خوفٍ جعل قلبه يتحول إلى بئرٍ أجوف، لتُكمل السيدة و هي تُأرجحه بين يديها

-يا سافل يا قاتل ياللي معندكش ضمير، غويتها و قتلت إبني، مش هسيبك غير لما أقتلك… 

حينها فَقَدَ أرسلان تلك الشعرة التي تفصله عن الثبات فـ أمسك كِلتا يديها و نفضها عنه فـ تأوهت ثم حاولت ضربه، ليُمسك يدها و هدر بـ صوتٍ جحيمي، مُرعب 

-إبنك مات جاي يخلص عليا و على مراتي، فـ بيتي و دا دفاع عن النفس… 

قبض أكثر على يدها و قربها منه ثم هسهس بـ صوتٍ تقشعر له الأبدان من فرطِ بشاعته 

-يعني لو قتلته مش ندمان، محدش يأذي حد يخصني و يطلع عليه فجر… 

ثم دفع يدها بـ قوةٍ جعلتها تترنح و لكن أحدهم أمسكها، و لم يأبه أرسلان بل كان شاغله الأكبر هو البحث عنها، تحرك وسط الحضور مُتخطيًا قُصي الذي كان في عالمٍ آخر و بحث عنها إلا أنه لم يجدها

إختفت في غمضةِ عينٍ و جعلت عالمه يهوى، و يتحطم كـ قلاعٍ من رمال هدمتها موجة عاتية و أطاحت بـ حصونهِ، كاد أن يركض كـ المجنون و لكن قُصي أمسكه قائلًا بـ نبرةٍ رخيمة و شديدة التحذير 

-إوعى تتحرك من مكانك
-نفض يده و هدر:مراتي، إوعى 
-رد قُصي بـ رزانةٍ:أنت مُهم إنك تُخرج عشان مراتك…

قبض أرسلان على ذراعي شقيقهِ و جأر بـ صوتٍ إستمع له الجميع حتى إنهم توقفوا عن الحركة 

-هي مُهمة عشان أقدر أكمل فـ المكان دا
-زفر قُصي و قال:مش هنتأخر جوه، يلا… 

رغم تعجب قُصي و رغم عدم إقتناعه إلا أنه سعيد بما يُقدمه أرسلان من تقدم في التعبير عن مشاعرهِ حتى و إن كانت بـ أكثر الطُرق قساوة و جنونًا، تنهد و أمسك ذراعه و قال بـ صوتٍ هادئ

-يلا… 

تحرك خطوتين و لكن أرسلان لم يتزحزح من مكانهِ، بل دفع قُصي و تحرك يركض خارج قسم الشُرطة و بحث عنها كـ المجنون، حتى وجدها تجلس على مقعد للراحةِ أمام القسم

أخرج زفيرًا و لهث قبل أن يقفز الدرجات و يذهب إليها، تفاجئت سديم لتلك اليدين اللتين جذبتها و ألقتها فوق صدرٍ صلب كان ينبض بـ جنونٍ و عَلِمْت هي صاحبه، إلا أنها لم تُبادله العناق

أجلسها أرسلان و جثى أمامها، أرسلان الهاشمي يجثو أمامها أخيرًا، كُل الهزائم لا تعني شيئًا أمام الهزيمة المُتمثلة داخل زرقاويها

قبضت على يديها و أمام صمتهِ وجدت نفسها تسأله بـ صوتٍ مُتردد يُريد دحض الشك المُتنامي

-غويتها يا أرسلان!... 

رغم توقعه لسؤالها إلا أن التفوه به يختلف تمامًا، به لذعة من القسوة و الخواء و كأن مُنزلهما بُنيَّ على شفا جُرف و بـ هزةٍ أرضيةٍ صغيرة إنهار بهما في مياهٍ مُلوثةٍ، رفع رأسه و سأل بـ نبرةٍ جافة، خالية من المشاعر و كأن نُزع منها الحياةِ رُغمًا عنها

-بتشُكِ فيا!... 

صمتت و صمتها يعني أجل كما إعتاد دومًا، و لكن هذه المرة وجدها تضع يدها على وجنتهِ و تهمس مع إبتسامةٍ لم تصل لعينيها إلا أنها تحمل توسل و لهفة لتصديقهِ

-لو قُلت لأ هصدقك من غير ما فكر مرتين… 

ظلت نظراته السوداء مُتعلقة بـ رجاءها و عبراتها التي تأبى الإنهيار و سقوط و عادت تسأله 

-غويتها يا أرسلان! 
-و إجابته كانت قاطعةً لا تقبل الشك:لأ 
-حينها إتسعت إبتسامتها و قالت:مصدقاك… 

أمسك يدها بـ قوةٍ و كأنها حبلِ النجاةِ
هو لا يقبل الهزيمة، و لكنها الوحيدة التي تستطيع هزيمته 
و الهزيمة أمامها أثمن غنائم الحرب

*****

الحذر ما كان ينقُصها الحذر، لم يكن عليها أن تفعل ذلك دون تخطيط و اللعنة على الأفعى التي بثت سمومها و سرت بـ عروقها لتندمج سمومها مع دماؤها، لتسير عائدة بعد يومٍ قضته تتنقل للبحث عن وظيفةٍ جديدةٍ بعدما خسرت تلك

و لكنها لم تجد، و يُكلل طلبها بـ الرفض و سُحقًا له، بـ الطبع لن يسمح لها بـ العمل في أيٍ من الشركات المُماثلة و خطابات التوصية لن تُفلح مع موظفة وُصِمت بـ ناشرة الشائعات

فتحت باب شقتها و ألقت نفسها فوق الأريكة، و ذكريات ماضية تدور بدءًا من التسلية بـ محمود و تركه ثم مريم التي حصلت عليها، حينها إنتابها الغضب و الغيرة هو لم يكن ليُحب غيرها كيف له أن يهيم بـ أُخرى بعدما كان كلبها المُطيع

لقد إختار مريم الأقل جمالًا و مكانة إجتماعية، إختارها و مهما حاولت إغواءه كانت مُحاولاتها تبوء بـ الفشلِ، حتى بعد موتها ظل وفيًا لها و حينها إلتقت هي بـ الأفعى التي لم تكن تعلم بـ وجودها بـ الشركة لطالما كانت مجهولة و خفية، و كأنها تعيش فقط في الظلامِ

كانت تقف أمام ماكينة القهوة السريعة تُحضر كوبًا لإحدى زميلاتها حتى وجدت من يقترب منها و صوت يُشابه فحيح الأفاعي همس

-تعرفِ إن مريم كانت على علاقة بـ المُدير… 

إلتفتت على الصوت و حدقت بـ الهيئةِ التي لم ترها من قبلِ و سألت بـ حاجب مرفوع و نبرةٍ مُتشككة

-إزاي يعني! 
-إستني هوريكِ… 

بـ إبتسامةٍ خبيثةٍ خرج الهاتف و ظهرت الصور و إستغلت هي الفُرصة لتسمع الفحيح يقول من جديد 

-فُرصة ترجعِ خطيبها ليكِ هي سرقته منك… 

و الأضواء الحمراء تشتعل و الوسوسة قامت بـ دورها جيدًا، و غاب المنطق و العقل في سبيل الحصول على رجلٍ لم يكن لها من الأساس، كيد النساء طغى على تفكيرها و ذنب الخوض في فتاةٍ ماتت دون إرتكاب أي ذنبٍ يُذكر

إنتقلت الصور و أخذتها ثم أرسلتها من رقمٍ ليس لها و بعدما تمت مُهمة الرقم قامت بـ تدميرهِ و حصلت على مُبتغاها، و الآن هي خسرت كُل شيء و عادت خالية الوفاض، و سُحقًا لغباءها الذي أوصلها إلى نُقطة البطالة و الحصول على لقبِ عاطلة عن العملِ 

تنهدت و نهضت تأخذ حمامًا فـ لا فائدة تُذكر من الندمِ، فتحت المياه و وقفت أسفلها و البُخار يتصاعد حتى بدأ الحوض في الإمتلاء و جلست به، و بغتةً سمعت صوتٍ بـ الخارج فـ أغلقت المياه و ترقبت السمع و لكن الصوت لم يعد فـ ظنت أنها تتوهم فـ عادت تفتح المياه و أكملت حمامها

وسط إنشغالها و دندنة لا تليق بـ وضعها الحالي سمعت صوت ستارة حوض الإستحمام تُفتح لتشهق و تستدير لتجد الأفعى أمامها، صرخت و حاولت جذب المنشفة و هدرت بـ حدةٍ

-إيه اللي بيحصل دا!... 

وجدته يبتسم إبتسامةٍ مجنونة جعلتها ترتعد ثم مط شفتيه و قال بـ صوتٍ ناعم و لكنه جعل قلبها يهوى و هو يميل بـ رأسهِ إلى اليمين

-فشلتِ فـ المُهمة
-مُهمة إيه!... 

إنحنى أمامها دون أن يأبه إلى مفاتن جسدها البارزة و قال بـ همسٍ لا يُشبه بل هو فحيح أفعى نفسه حتى أن ملامحه تُشبهها الآن

-إنك تموتِ على إيده!... 

إتسعت عيناها بـ صدمةٍ لا تستطيع إستيعاب ما قاله فـ جاهدت للهرب منه إلا أنه الأقوى و المُتمكن الأول ليُمسك يديها جيدًا و أمسك مُؤخرة رأسها ثم وضعها بـ الماء

و تلك تُكافح لأجل نجاتها، صوت المياه المُتناثرة تُنبئ عن جسدٍ يُحاول النجاةِ و الهرب إلا أنها لم تستطع و فقدت أنفاسها الأخيرة أثناء المُحاولة، حينما إستقر جسدها و طفت على الماء، نهض و نفض المياه عن ثيابهِ ثم نظر إليها و قال بـ إبتسامةٍ خبيثة تحمل الجنون 

-hard luck كُنت عايز اقولك تعيشي و تاخدي غيرها، بس للأسف خسرتِ

ثم أخرج من جيبِ بِنطالهِ بعض الصور التي لم يرها أحد سابقًا و رسالة تركتها هي دون أن تعلم

و بـ إبتسامةٍ أكثر إنتشاءًا و سعادةً، خرج من منزلها و عاد إلى منزلهِ، و أصبح الإقتراب من هدفهِ لا يفصله سوى بعض أمتار قليلة يستطيع تخطيها وقتما يشاء

جلس و أمسك سهمًا خاص بـ لعبةِ التصويب ثم صوبها على صورةِ أكثر النساء كُرهًا لها، يكرهها كثيرًا فـ كانت السبب الأول لِما عليه أن يُعانيه الآن، إخترق السهم جبهة الشخص بـ الصورةِ و قال بـ براءةٍ و نبرةٍ لزجة 

-أووبس، أنتِ اللي عليكِ الدور…

تعليقات



×