رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) المشهد الثالث
إنتفض كلاهما بـ ذعر لصوت جاسر الهادر لتبتعد جُلنار سريعًا عن صُهيب الذي جذبها لتقف خلفه يُتيح بـ جسدهِ الضخم تخبتئتها كي تُعدل من ثيابها بينما هي لطمت قائلة بـ فزع حقيقي
-بابا؟!...
قبض جاسر يده بـ قوة وأصدرت أسنانه صرير أوشك على تحطيمها وهدر بـ سُخرية قاتلة
-وهيكون مين يعني ياختي!.. إنطقوا!...
خرجت جُلنار من خلف صُهيب بعدما عدلت ثيابها ثم أردفت بـ بساطة كادت أن تُصيب كِلاهما بـ ذبحةٍ صدرية واضعة يدها بـ خصرها
-زي ما أنت ومامي كنتوا بتعملوا…
قذفها جاسر بـ أول ما طالته يده لتتفاداها بـ صعوبة ليهدر جاسر
-أنتِ بنت *** متربتيش…
أمسك صُهيب يدها وجذبها ثم مال هامسًا بـ صرامة
-إتلمي يا جُلنار.. عشان أبوكِ قلب تنين وهينفخ فـ وشنا نار يحرقنا
-ردت بـ إستنكار:الله!.. مش بقول الحقيقة!...
إلتفت صُهيب على صوت جاسر وهو يُتمتم بـ إرهاق
-هستنى إيه من واحدة كانت عاوزة تتجوز إتنين وهي صغيرة!...
قطب صُهيب جبينه بـ تعجب بينما ردت جُلنار بـ صوتٍ ساخر
-هو أنا قادرة على واحد لما أتجوز إتنين!!...
دفع صُهيب يدها ثم هدر غاضبًا وهو ينظر إلى عينيها المُرتعبة بعدما أدركت ما تفوهت به
-تصدقي فعلًا أنتِ بنت ***...
أتاه صوت جاسر صاعقًا بـ قوة مُستنكرة
-تصدق إني راجل *** إني دخلتك بيتي…
توسعت عينا صُهيب بـ إجفال و هو يرى جاسر يقترب منه ويهدر بـ حدة
-برة.. إطلع برة
-حاول صُهيب الإعتراض:عـ.. عمي.. يا عـ
-دفعه جاسر وقال:بلا عمي بلا عمتي.. برة
-طب هاخد القميص طيب
-هتف جاسر بـ إشمئزاز وقال:والله أبدًا.. هتخرج زي ما أنت كدا…
إلتفت جاسر الصياد على صوت الصغير الذي هتف مُعترضًا
-لأ يا جدو مش هتطرد بابي لأ…
جذبه جاسر من تلابيب كنزته البيضاء و دفع به إلى صُهيب المشدوه لما يحدث أمامه
-وخد العربجي دا معاك…
إلتفت صُهيب إلى جُلنار الوافقة هي الأُخرى لا تدري ما يحدث وعيناها على وشك الإستدارة مما تُعانيه من ذهول وهتف
-جُلنار ما تقولي حاجة
-أقسم جاسر قائلًا:والله لو فتحت بؤها لتحصلكوا…
حمل صُهيب صغيره وهتف مُبتعدًا دون قميص
-لأ وعلى إيه!.. أنا ماشي ياكش أتمسك ع الطريق…
رمق جاسر جُلنار بـ نظرةٍ ساخطة ثم هدر بـ عُنف
-إتخمدي وإياك ألمحك لحد الصبح…
لم تحتج جُلنار ثانية أُخرى قبل أن تقفز إلى الفراش تتدثر جيدًا حتى رأسها.. بينما جاسر قد رافق صُهيب إلى باب القصر وسط حديثه يُحاول إقناعه إلا أن لا شئ حدث
بل فتح جاسر الباب ودفع صُهيب ثم أغلق الباب بـ قوة بـ وجههِ.. و بـ الخارج تساءل الصغير بـ قنوط
-هو جدو بيعاملنا كدا ليه!
-نظر صُهيب إلى الصغير و أجاب بـ نفس القنوط:بعيد عنك عرق غتاتة وإتشعب…
************************************
بعد ساعتين
كلن كُلًا من جاسر و صُهيب جالسين فوق الدرجات أمام بوابة القصر الداخلية يستندان بـ وجنتيهما فوق قبضتيهما يتطلعان بين الفنية و الأخرى إلى بعضيهما ثم يُعاودان النظر إلى الأمام
أخرج جاسر تنهيدة طويلة، حارة في نفس الوقت الذي أخرج به صُهيب ذات التنهيدة ثم تساءل بـ صوتٍ طفولي غاضب
-هنعمل ايه يا بابي؟.. هنفضل كدا كتير…
نظر إليه صُهيب ثم أشاح بـ يدهِ قائلًا بـ قنوط
-إحمد ربنا إنك مش مطرود م*ط زيي
-قطب جاسر جبينه وتساءل:يعني إيه م*ط دي؟
-هو الحالة اللي أنا فيها دي مشرحتش حاجة؟
-نفخ جاسر قائلًا:أنا مش فاهم حاجة
-أشاح صُهيب بـ يدهِ وقال:أحسن…
ساد الصمت لمدة قصيرة حتى قطعه جاسر بـ سؤالهِ مرةً أخرى
-هنعمل إيه يا بابي؟
-بابي هيموت من البرد بـ خيبته دلوقتي…
زفر صُهيب بـ قوة إنتظر قليلًا قبل أن يقول فجأة
-إزاي تاهت عني دي؟
-إيه دا يا بابي؟
--أمسك صُهيب يد إبنه وقال:قوم معايا…
نهض جاسر و ركض خلف صُهيب الذي وقف أسفل الشجرة المواجهة لغُرفة جُلنار وإبتسم بـ جزل ثم أردف بـ فخر
-إتفرج على أبوك
-عبس جاسر وقال:هتسبني لوحدي هنا!
-نظر إليه إليه وهتف:يا أخي إتنيل.. أنا طالع أجيب هدومي اللي هروح بيها…
زفر جاسر بـ غضب وذم شفتيه بـ عبوس.. بينما بدأ صُهيب بـ تسلق الشجرة بـ مهارة إكتسبها لكثرة تسلله إليها.. أمسك غُصن قريب من غُرفة جُلنار إلا أن صوت الصغير صاح
-إستناني يا بابي…
حدق صُهيب بـ إبنهِ مذهولًا وهو يراه يتسلق الشجرة كما فعل تمامًا ليُتمتم بـ عدم تصديق
-يا بن القردة…
هبط صُهيب قليلًا ليسحب جاسر ثم هدر من بين أسنانهِ بـ حنق
-أنت إيه اللي طلعك؟
-هتف جاسر بـ حنق هو الآخر:عاوز أشوف مامي
-أنت طالع رذل لمين؟
-وأجاب الصبي دون إرادة و سُرعة:لجدو
-غمغم صُهيب بـ موافقة:عندك حق..
سحب صُهيب إبنه و حمله بـ يدٍ وأكمل الصعود بـ اليد الأُخرى.. وبـ القُرب من الشُرفة هتف وهو يضع ساقه على غُصن ليرفع نفسه إلى الشُرفة
-بالك ياض يا جاسر على اد اما طلعت ع الشجرة دي موقعتش مرة وإتكسرت رقبتي…
وقبل أن يرد الصغير أتاه صوت جاسر القوي و هو يهدر بـ سُخرية إنتفض صُهيب على إثرها
-إن شاء الله هتتكسر المرادي…
رفع صُهيب نظره إلى جاسر الذي يُحدق به بـ جمود وتحدٍ سافر ليبتسم بـ سماجة ثم أردف وهو يُصافحه يتبعه تقبيله من كِلا وجنتيه
-عمي!.. والله طالع أسلم عليك ونازل…
رفع جاسر حاجبه بـ إستنكار.. بينما صُهيب رفع الصغير بـ كِلا يديه ثم أردف
-يلا بوس جدو…
قَبّله الصبي بينما ظل جاسر جامد الملامح يُحدق بهما بـ جمود.. ليبدأ صُهيب بـ الهبوط ثم قال
-نستأذن إحنا بقى…
ولكن قبل أن يهبط صاح بـ صوتٍ عال حتى تسمعه جُلنار
-جُلنار.. إحدفي القميص أستر نفسي…
و بـ الفعل ثوان وقد وجد القميص يُقذف ليلتقطه صُهيب وهبط إلى الأرض.. بعدها دوى صوت جاسر الهادر
-والله لو مغورتش من هنا لاسيب عليك الكلاب أنت و إبنك…
إرتدى صُهيب القميص وهو يهز رأسه بـ يأس ثم قال وهو ينظر إلى إبنهِ
-أنت جدك دا مش هيرتاح إلا لما أطلق أمك…
**********************************
في صباح اليوم التالي
كانت چيلان تتناول الإفطار بـ مفردها بعدما خرج يزن للعمل على القارب الخاص به كما المعتاد و طفليها جواريها يلعبان بـ تناغم مع جليسة الأطفال ثم قررت مُشاركتهما بعدما نظفت الطاولة
جلست چيلان على الأرض و شركتهم اللعب حتى نهضت الصغيرة وهتفت بـ حماس
-هدخل أجيب اللعبة اللي بابي جابها.. مش تقومي…
إبتسمت چيلان و أومأت.. ليتساءل ريان وهو يضع مُكعب بـ آخر
-أومال بابي فين؟.. صحيت مش لاقيته!
-أجابت چيلان بـ هدوء:أنت عارف إن بابي راح الشغل مش كدا؟!
-بس كل يوم كل يوم كتير كدا ومش بنشوفه
-ربتت چيلان على رأسهِ وقالت:معلش بابي لازم يشتغل علشان يقدر يجبلك اللعب دي كلها…
أومأ ريان بـ إحباط قبل أن تأتي لينا راكضة تُعطي والدتها ورقة ثم قالت
-لاقيت الورقة دي جنب الباب بتاع الأوضة بتاعكم وفيها اسم بابي.. هي مهمة؟…
جلست لينا تلعب بـ الدُمية مع الجليسة بينما چيلان بدأت بـ قراءة الورقة لتجد أنها ورقة تصريح
نهضت سريعًا ثم قالت وهي تتجه إلى الغُرفة لترتدي الثياب على عجالة لتعود و توجه حديثها إلى الجليسة قائلة
-يزن نسى تصريح طلوعه من المرسى ولازم أوديه بسرعة.. خلي بالك من الولاد مش هتأخر
-حاضر…
إرتدت چيلان حذاءها الصيفي ثم خرجت وإستقلت أقرب سيارة أُجرة لتصل إلى مرسى السُفن في وقتٍ قصير نظرًا لقُرب سكنهم منه
ترجلت و ركضت تبحث عن القارب الخاص به حتى وجدته.. كان كبير نوعًا ما.. لهثت قائلة
-الحمد لله إنه لسه مطلعش
-مدام چيلان!...
إلتفتت چيلان على الصوت الرجولي لتجد أنه رمزي صديق يزن فـ إبتسمت رادفة
-صباح الخير
-إقترب رمزي وقال:صباح النور.. خير في حاجة ولا إيه!...
أخرجت چيلان ورقة التصريح من حقيبتها ثم قالت وهي تمد بها إلى رمزي
-أبدًا.. يزن نسى التصريح وكان لازم اجيبه عشان ميحصلش مشاكل
-زفر رمزي بـ إرتياح وقال:الحمد لله.. كازانوڤا كان قالب عليه الدنيا عشان كدا إتأخرنا فـ الطلوع
-طب أهو.. سلمه بقى لحضرة القُبطان
-ضحك رمزي وقال:لأ تعالي سلميه أنتِ.. دا هيتبسط…
بعد عدة مُحاولات من الرفض لم تنجح إضطرت إلى الصعود و بحثت عن يزن حتى وجدته كما العادة
يرتدي قميص أبيض أزراره كُلها غير مُغلقة و سروال جملي اللون يصل إلى ما بعد رُكبتيه بـ إنشين.. لِمَ عليه أن يظهر بـ تلك الوسامة القاتلة؟.. و أيضًا لِمَ يجب عليه أن يقف مع تلك السائحة الـ.. العارية بـ ثوب سياحة يبدو أنه باهظ الثمن
نظرت چيلان إلى ثيابها والتي كانت عبارة عن ثوب صيفي أبيض اللون به زهور دوار الشمس بـ حمالات رفيعة و فوقها سُترة من خامة الچينز.. لتزفر بـ قنوط قائلة
-كان لازم ألبس أحسن من كدا…
كشرت چيلان عن أنيابها وعرفت الغيرة طريقها حينما حاولت تلك السائحة الإقتراب من يزن وقبل أن يبتعد عنها هو بـ نفسه وجد حائل بينهما وصوت مزقه الغيرة يهدر بـ إنفعال طفيف
-عُذرًا يا سيدة.. إنه مُتزوج…
ثم إلتفتت إلى يزن المشدوه و مُتسع العينين لتجذبه قائلة وهي تنظر إلى الفتاة المشدوهة أيضًا
-أُريده في أمر عائلي…
توجها إلى رُكن بعيد بـ القارب ثم وقفت أمامه تضع يدها بـ خصرها قائلة بـ حدة
-ممكن أفهم إيه اللي حصل دلوقتي؟!
-مسح يزن على وجهه ورد بـ سؤالٍا آخر:ممكن أفهم أنا أنتِ بتعملي إيه هنا!...
فتحت قبضته و وضعت به التصريح وقالت بـ عُنف
-جيت عشان أديك دا.. دلوقتي بقى رد على سؤالي…
حدق يزن بـ الورقة ثم وضعها بـ جيب سرواله الخلفي وتساءل
-لاقيتيه فين؟
-وهو دا اللي يهمك!.. يزن رُد عليا…
زفر يزن بـ تعب ثم وضع يديه بـ خصرهِ مُرجعًا القميص إلى الخلف فـ تظهر عضلات جسده الممشوقة أمامها فـ جعلتها تتوتر قليلًا فـ أشاحت بـ وجهها بعيدًا.. بينما هو هتف
-بعمل إيه يا چيلان يعني؟ بشتغل وأنتِ عارفة
-ردت بـ تململ:بس اللي معرفوش إن شُغلك يحتم عليك تقرب من ستات…
صر يزن على أسنانهِ ليس غضبًا منها.. بل عليها.. أن تأتي إلى هُنا بـ ذلك الجمال الفتّاك والذي سيجعلها محط أنظار السائحين الرجال.. هو ما يجعله يستشيط غضبًا
فرك يزن مُنحدر أنفه وقال بـ صوتٍ حاول الخروج هادئًا
-چيلان أنتِ عارفة إنه مُستحيل أبص لغيرك
-أجابت بـ نُزق:عارفة
-أكمل هو:وعارفة إني ببعد عن أي ست بـتحاول تتقرب مني
-نفخت بـ حنق وقالت:عارفة
-إبتسم وقال:يبقى ليه الغيرة!...
لكزت صدره ثم هتفت بـ شراسة وهي تُحدق بـ إبتسامتهِ الرائعة
-علشان أي واحدة هتشوفك مش هتقدر تقاومك.. وخاصةً وأنت فاتح قميصك كدا.. فاتحه ليه؟ هتاخد برد…
كان يُحدق بـ شراستها مبهورًا خاصةً و ثوبها يتطاير حول ساقيها الأبيضين بـ روعة.. و خُصلاتهِا التي تُشارك ثوبها الصيفي.. وجنيتها اللتين تتحولان إلى الأحمر عند الغضب.. يجعلها فاكهة إستوائية شهية، باردة في مناخٍ حار.. و بـ الفعل بدأ يشعر بـ الحرارة ما أن رآها
أغمض يزن عيناه ثم أردف بـ نبرةٍ حاول ألا يظهر بها تأثره ولكنه فشل
-الجو حر.. والحر زاد لما شوفتك يا غزال…
حاولت السيطرة على إبتسامة ولكنها فشلت.. إنه يتغزل بها و يُقر بـ تأثرهِ بها.. لتهرب قهقهة ثم إقتربت وحاوطت خصره واضعة رأسها على صدرهِ قائلة
-أنت عندك قُدرة تبخر زعلي بـ سهولة…
حاوطها يزن هو الآخر ثم قَبّل عُنقها وقال بـ صوتٍ مازح
-سنين من التدريب عشان الغزال يحن ويآمن
-أردفت چيلان بـ صدق:الغزال ندمان إنه مقابلكش من زمان…
أبعدت رأسها عن صدرهِ و نظرت إليه ثم تساءلت بـ صوتٍ به نغمة حزينة
-كان هيحصل إيه لو قابلتك الأول!...
خفتت إبتسامته وقبل أن يرد ناداه رمزي ليُبعدها يزن عنه قائلًا
-خليكِ هنا هشوف رمزي و أجيلك…
أومأت چيلان لتراه يبتعد عنها بـ تردد.. قبل إن يستدير و يُجيب على نداءات رمزي الغير مُنقطعة.. بينما هي تحركت ناحيه حافة القارب و حدقت أمامها بـ البحر.. وظل السؤال يدور بـ خلدها.. ماذا لو قابلت يزن قبل شهاب!.. أكانت ستُحبه كما الآن!! وكأنه حبل النجاة الخاص بها أم….
إنقطعت أفكارها على صوتٍ ذكوري ذي لغة انجليزية فـ علمت أنه أحد السائحين. لم تلتفت إليه چيلان عله يرحل حينما تتجاهله ولكنه ظل على عنادهِ وإقترب منها مُتساءلًا
-أنتِ لستِ عربية أليس كذلك!...
حينما حاول وضع يده على ذراعها إنتفضت چيلان مُبتعدة عنه و حدقت به بـ غضب جعل من مجرتيها تشتعلان.. إلا أنه عيناه قد إتسعت وهتف بـ ذهول
-عيناكِ إنهما رائعتين.. إنه الهتيروكروميا أليس كذلك!...
لم ترد چيلان وحاولت الإبتعاد عنه إلا أنه منعها بـ يدهِ فـ صاحت بـ إعتراض وقالت بـ قوة
-إبتعد أُريد المرور
-إبتسم بـ لزوجة وقال:ليس قبل أن أتعرف عليكِ.. بـ المُناسبة أنا مايكل…
ومدّ يده يُصافحها ولكن يد ذكورية، خشنة، ذات عروق نافرة تدل على مدى غضبه يهدر بـ صوتٍ مُرعب
-وأنا يزن.. زوجها…
تألم مايكل من قبضة يزن الساحقة ثم أردف بـ توتر
-هاي هاي.. إهدأ يا رجل.. أردتُ مُصافحتها فحسب.. كما أنني لم أرد سوى صداقتها لا أجد قانون يمنع الصداقة…
إشتعلت عينا يزن بـ غضب أسود جعل عيناه الزرقاوين تشداه دُكنه قاتمة ليجذبه من تلابيبه وجره إلى حافة القارب والذي قد بدأ بـ الإبحار لتصرخ چيلان بـ فزع ولكنه لم يأبه.. بل أخرج سكين صغير خاص بـ قطع بعض الطحالب الضخمة وقربها من عنقه ثم هدر بـ نبرةٍ قاتمة
-أنت هُنا على قاربي.. و هُنا تخضع لقوانيني أنا فقط.. وإن فكرت أن تتخطاها لن أتردد بـ نحر عُنقك…
دفعه يزن ثم هدر بـ صوتٍ جهوري
-و الآن إرحل قبل أن أُمزقك و أقذف بك إلى أسماك القرش…
النهض السائح ثم قال وهو يُعدل ثيابه
-هُنا لا يوجد أسماك القرش
-إحزر ماذا!.. لقد إبتعتُ واحد أمس…
تمتم السائح بـ عبارات تهديدية ليقترب يزن منه بغرض تهديده فـ ركض مُبتعدًا صائحًا
-أنت مُختل…
إستدار يزن إلى چيلان المذهولة ليجذبها من يدها إلى غُرفة كان يستخدمها في بعض الأحيان لينام بها وهدر بـ ضوت عال
-رمزي خُد بالك من المركب ومحدش ينزل تحت…
أدخلها يزن إلى الغُرفة بعدما دفعها ثم غمغم بـ غضبٍ مكتوم
-عشان كدا مينفعش تيجي المركب تاني…
هدأت چيلان ضربات قلبها الهادرة ثم نطقت بـ تلعثم
-عـ.. على فكرة.. هو. هو ممكن يشتكيك ف السفارة
-أجاب يزن دون إكتراث:حمايا هيطلعني…
لم تُصدق ما قاله لتضحك ثم إقتربت منه تلعب بـ ياقة قميصه وقالت
-بابتي بقى واسطة دلوقتي؟!...
لم يُجاري يزن مزحتها بل جذبها بـ خشونة إلى صدرهِ لتتسع عيناها بـ صدمة بينما هو وضع رأسه بـ تجويف عُنقها ثم همس بـ صوتٍ هامس
-عشان كدا عاوز أفضل حابسك.. أنا أناني فيكِ.. مش عاوز حد يبصلك غيري.. أنتِ حق خاص بيا أنا.. تعبت كتير عشان أوصلك يا چيلان.. أنا من وقت أما دخلت حياتك لحد أما أموت حارسك…
إبتسمت چيلان بـ حُب لتُحاوط عُنقهو يدها الأُخرى تتلاعب بـ خُصلاتهِ الفحمية و من وقتٍ لآخر تضع قُبلةٍ على رأسهِ ثم هتفت بـ صوتٍ ناعم
-بس أنانيتي فيك أكبر.. أنت الحُب يا يزن…
شهقت وهي تستشعر يداه تلتف حول جسدها تعتصره بـ قوة.. قبل أن يُبعد رأسه عنها و هبط يُقبل شفتيها المُثيرتين تراجعت چيلان بـ إجفال و قوة دفع جسده حتى سقطت فوق الفراش وهو معها
شفتاه لم تبتعد و تُحرر شفتيها بل تعمقت كما تعمقت يده وهو ينزع عنها السُترة و تلمست بشرتها الناعمة.. إبعتد عنها لاهثًا يأخذ أنفاسه المسلوبة لتهمس هي بـ تهدج
-يـ.. يزن!!...
تأوه يزن وعاود تقبيلها.. قُبلات ناعمة كـ نعومة بشرتها المُغوية، بطيئة كـ بُطء تحرك يده، صغيرة كـ يدها التي قبضت على ذراعهِ
بعد دقائق مرت عليهما كُلًا مُنهما يبث عشقه بـ طريقتهِ الخاصة.. إبتعد يزن عنها واضعًا رأسه على صدرها ثم إنتظر يتنفس بـ قوة
رفع يزن رأسه المُتخمة بـ مشاعر لم يعشها أمس معها و همس بـ حرارة وهو يُمشط خُصلاتهِا بـ أصابعهِ
-ردي على سؤالك.. لو كُنت قابلتك الأول كُنت خبيتك فـ قفص وقفلت عليكِ و وقفت حارس عليه أمنع أي حد يشوفك.. و أمنعك تخرجي لعالم قاسي…
كانت ملامحها مشدوهة ولكنها سعيدة بما تسمعه.. يزن لا ينفك ويُخبرها أنها الأهم و الأغلى.. ملامحها كانت مرآة لمشاعرها التي تكتسحها بلا هوادة والتي بلا شك أنها العشق.. حاوطت يدها وجنته ولكنه جذبها و قَبّل أطراف أصابعها ثم أكمل
-ديمًا شايفك عصفور فـ يوم لو سبت القفص مفتوح هيهرب يدور على الحُرية و يسبني…
رفعت چيلان رأسها و قَبّلت هي وجنته مرة وإثنان و ثلاث ثم هتفت بـ نبرةٍ عبارة عن ملحمة من المشاعر الصادقة
-القفص دا فـ يوم أنا إكتشفت إنه حصن.. فيه أماني.. وفيه العشق اللي عمري ما هعيش زيه أبدًا…
تسللت يدها تُبعد قميصه عنه فـ تسارعت ضربات قلبه ثم إرتفعت تضع رأسها بـ تجويف عُنقه وكأنها تُعطيه الإشارة ليبث عشقه لها.. و بـ الفعل قد سارع بـ التنفيذ وقبل أن يُغيبها في موجة عشق طويلة همس بـ أُذنها بـ صوتٍ أجش، خشن
يزن وقع فريسة للغزال…
*************************************
جلس جواد فوق الفراش يُجفف خُصلاتهِ البُنية وهو يُحدق بـ إيلاف التي ترتدي ثوب أسود حريري.. تقف أمام الخزانة تُخرج ثياب خاصة به وأخذ يُغني بـ خفوت يميل بـ رأسهِ عله يلمح بعض الأجزاء المخفية خلف هذا الثوب الجذاب
إلتفتت إيلاف على صوت جواد ثم تساءلت وهي تمد يده بـ الثياب
-بتقول إيه؟…
أخذ الثياب منها وقبل أن تُبعد يدها كان قد قَبّلها كما العادة فـ تبتسم ثم قال بـ عبث
-بغني…
ساعدته إيلاف بـ تجفيف خُصلاتهِ فـ تركها تفعل ما تُريد ثم سألته
-وكُنت بتغني إيه بقى!...
حاوط يزن خصرها و قربها إليه ثم دس أنفه بـ بطنها يشتم رائحتها العطرة ثم أجاب
-أغنية كدا…
أخذ الثياب ثم إبتعد عنها وقال بـ خشونة
-بت إبعدي أما أغير هدومي لاحسن شكلنا كدا هنتأخر كمان ساعتين تلاتة أربعة ممكن يعني
-شهقت وقالت:إلبس و حصلني…
ثم ركضت خارجة من الغُرفة.. بينما جواد حك خُصلاتهِ ثم زمجر قائلًا
-كان لازم تنبهها.. ما تنفذ على طول…
بدأ جواد في إرتدائ ثيابه و هبط إلى الأسفل ليجد البيت هادئ تمامًا.. يبدو أن لا أحد قد إستيقظ بعد
-وأنا اللي فكرت إني إتأخرت!...
نظر جواد إلى الأعلى ثم إبتسم بـ مكر وقال
-بتعمل إيه يا بوس ع الصُبح! شقي من يومك…
توجه جواد إلى المطبخ ليجد إيلاف كمل توقع واقفة لا تعرف ماذا تفعل.. تساءل بـ خُبث
-مالك يا حبيبتي واقفة كدا ليه!
-إلتفتت إليه و أجابت:نزلت ملقتش حد فـ قولت أحضر الفطار.. تعالى ساعدني…
أومأ و بدأ يُعد الإفطار معًا في جو ما بين المرح و عبث جواد القاتل
بعد مُدة قصيرة
-بعد كدا هنعمل إيه يا جواد!...
تساءلت إيلاف وهي تقف أمام الخلاط الكهربائي فـ وقف جواد خلفها ثم أشعل المُحرك الكهربائي وأردف مازحًا
-بعد كدا نضربه فـ الخلاط ضربًا مُبرحًا حتى يستغيث…
ضحكت إيلاف بـ قوة فـ وضع جواد شفتيه يُقبل كتفها الظاهر قبل أن تبتعد عنه قائلة بـ خجل
-جواد حد يدخل…
أبعد جواد خُصلاتهِا حتى يظهر له عُنقها كاملًا ثم قال بـ عبث
-مين دا اللي يدخل؟.. كلهم بيعملو نفس اللي بنعمله دلوقتي…
أغلقت إيلاف الخلاط الكهربائي ثم إلتفتت إليه في محاولة يائسة للإعتراض.. إلا أنه لم يدع لها الفُرصة بل رفعها و وأجلسها فوق القطعة الرُخامية هاتفًا بـ صوتٍ ماكر
-نخش بقى على مرحلة العجن..
شهقت إيلاف بـ إنشداه وهي تجده ينزع قميصه ثم هجم يُقبل شفتيها بـ شقاوة قبل أن تضع يدها تمنعه قائلة
-يا جواد مينفعش كدا.. لازم يصحوا يلاقوا الفطار جاهز.. وأنت كمان وراك شُغل
-أبعد يدها وقال:هشش.. خليني بس أكمل الشُغل دا…
ضحكت يائسة ثم أردفت وهي تُبعد رأسها عنه بـ مكر
-طب كُنت بتغني إيه فوق وأنا أسيبك تكمل!...
ضحك جواد و أومأ موافقًا ليقع بـ خُبثها ثم بدأ بـ الغناء وهو يُبعد ثوبها عنها
-يا حلو صبح يا حلو طُل.. نهارنا أبيض نهارنا فُل
-دا أنت نهارك أسود.. إيه اللي بتعمله فـ المطبخ دا؟!...
إنتفض جواد على صوت جاسر الذي هدر بـ قوة مُستنكرة.. ثم سريعًا إرتدى كنزته و حمحم يُجلي حنجرته قائلًا بـ سماجة
-صباح الخير يا بوس.. صاحي بدري يعني!
-نظر إليه جاسر بـ إشمئزاز وقال: دا من حظك الأسود...
إختبأت إيلاف خلف جواد تُعدل ثيابها فـ أدار جاسر وجهه عندما لاحظ ثيابها الغير مُهندمة ثم غمغم بـ صوتٍ جهوري مستنكر
-مش ليك أوضة تلمك ولا عجبك الفضيحة؟…
كان جسد جواد الضخم يُخفي إيلاف إلا أنه كان يشعر بـ التوتر و الغضب فـ الوقت ذاته ولكنه أضاف بـ عبث
-أعمل إيه الشوق غلبني
-أنتوا ميغلبكوش غير ربنا.. أنا ماشي…
رحل جاسر وهو يضرب الأرض بـ غضب بينما جواد سمع زفرة إيلاف التي تدل على عودة أنفاسها ثم إستدار وأردف
-مشافش حاجة مش كدا؟
-هدرت إيلاف بـ عصبية:شوفت آخر قلة أدبك! والله عمي طلع محترم
-عمك محترم؟ وهو لو كان محترم كان خلفنا!...
رفعت إيلاف حاجبها بـ إستنكار ليضحك جواد جاذبًا إياها إليه من خصرها ثم هتف بـ خُبث
-يا بنتي إهدي محصلش حاجة.. دا العادي بتاعنا
-وضعت جبينها على صدرهِ و همهمت بـ خجل:والله حرام عليك أنا كنت هموت من الكسوف.. أول مرة باباك يمسكنا
-تحركت يده على خصرها وقال:ومش آخر مرة…
رفعت رأسها سريعًا تنظر إليه بـ ذهول قاتل لينظر هو خلفه ثم إليها وقال عابثًا
-بس الحمد لله لحقني قبل ما أقلع البنطلون…
-صرخت إيلاف بـ خجل:جواد أنت بتقول إيه!...
لم يهتم جاسر لِما قالته بل أمسك ذقنها وتساءل بـ عبث
-ها وقفنا فين!...
و بـ الخارج ضرب جاسر كف بـ آخر قبل أن يهتف بـ سُخرية
-دا بيت مشبوه.. دا بقى بيت دع*رة…
توجه إلى غُرفة جُلنار ثم هتف بـ إمتعاض
-و أما أشوف السافلة الكبيرة دي عملت إيه وانا نايم!...
فتح جاسر الباب بـ خفة ثم نظر إلى الفراش وكما توقع.. نائمة بـ وضع مُخل بـ جوار زوجها و الصغير على مل يبدو ينام بـ غُرفتهِ.. عاود إغلاق الباب و وضع رأسه عليه يضربها بـ خفة هاتفًا بـ يأس حقيقي
-يارب فوضت أمري ليك.. صحتي معدتش مستحملة…
صر جاسر على أسنانهِ ثم قرر إغلاق الباب عليهما.. سحب المُفتاح الداخلي وأغلق الغُرفة ثم هتف بـ حدة
-إبقوا إطلعوا زي ما دخلتيه بقى…
توجه جاسر إلى غُرفة الصغير ليجده يلعب ألعاب إلكترونية.. دلف وتساءل بعدما ربت على خُصلاتهِ
-أنت دخلت أوضتك إزاي؟
-أجاب جاسر الصغير دون النظر إلى جدهِ:مامي فتحت باب البلكونة و نطيت أنا وبابي
-تمتم جاسر قائلًا:أُمك دي بنت *** متربتش والله…
أومأ الصغير موافقًا حتى وهو لا يعي ما قال.. ثم تساءل
-وأنت منزلتش تحت تفطر ليه!
-أجاب الصغير دون الإلتفات:لاقيت خالو بيعمل زي مامي و بابا فـ طلعت…
وضع جاسر يده على قلبهِ الذي على وشك التوقف ثم أردف
-حتى أنت يا زبلة!…
نهض جاسر وقال بـ تعب
-أنا نازل بدل أما قلبي يُقف.. أنا مش عارف أنتوا مليتكوا إيه بس…
هبط جاسر ليجد جويرية جالسة بـ الصالون ليمسح بـ كفهِ على فمهِ بـ قسوة وهدر من بين أسنانهِ
-هي كانت نقصاكِ.. اليوم دا ملوش ملامح والله…
وضع جاسر يديه بـ جيبي بِنطاله ثم توجه إلى جويرية وتساءل بـ صوتٍ خشن
-خير يا بومة ع الصُبح!...
نهضت جويرية تحتضن والدها ليعود ويسألها فـ أجابت بـ بساطة دون النظر إليه
-وحشتني قولت أزورك…
أيقن جاسر أنها قامت بـ كارثة كـ عادتها ليزفر بـ ضيق مُتساءلًا
-عملتي إيه يا منيلة و فين جوزك!!
-غمغمت بـ نزق:غضبان عند خالتو…
قطب جاسر جبينه في محاولة لإستيعاب ما تفوهت به.. ليستاءل بـ عدم فهم
-معلش جوزك فين!...
وضعت كفيها خلف ظهرها بـ توتر ثم مالت إلى الأمام و الخلف بـ حركات رتيبة لتهتف بـ حدة طفيفة
-غضبان عند خالتو يا بابتي.. غضبااااان…
أخرج جاسر آهة قوية أجفلت جويرية على إثرها ليضرب كف على آخر ثم أشار بـ سبابتهِ بـ وجهها وهدر بـ صوتٍ حاد، مُستنكر
-غضبتي جوزك يا قادرة…
عضت جويرية شفتيها بـ توتر ليبتعد جاسر وهو يُتمتم بـ عدم تصديق مما يحدث بـ هذه العائلة و هذا المنزل
-أنا مش هقدر أعيش.. يا ولاد الـ*** هتقصروا عُمري.. حسبي الله ونعم الوكيل…