رواية عاهرة في طريقي الفصل الاول
الفصل الأول
ابتعد عنها فجأة بشكل أربكها كليا فتنحنحت قائلة بتردد :
" ماذا حدث ..؟!"
مرر أنامله داخل خصلات شعره وهتف بتوتر :
" لا أستطيع .. لا أستطيع أن أفعلها .."
ثم أكمل وهو يحمل قميصه متجها خارج الجناح ناسيا هاتفه على الطاولة :
" انا أسف .. حقا أسف .."
أخذت نانسي تتطلع إليه بصدمة شديدة ولم تستوعب بعد ما حدث قبل أن تنفجر ضاحكة وهي تردد من بين ضحكاتها :
" مجنون .. ما أجمل حظي الذي لا يوقعني سوى مع المجانين .."
ثم تنهدت قائلة بإستمتاع :
" سوف أقضي الليلة بهذا الفندق الرائع وأنام على هذا الفراش الوثير لوحدي.."
ألقت بجسدها فوق السرير وأغمضت عينيها تمنح لنفسها فرصة الإستمتاع لتبقى وحيدة ..
..................................................................................
في صباح اليوم التالي ..
كانت تسير داخل غرفة النوم ذهابا وإيابا وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ..
جسدها يهتز من شدة الغضب ، تردد بعصبية جامحة وملامح تنطق بالحقد :
" أين ذهب ..؟! كيف يتركني ويرحل بهذه الطريقة المهينة ..؟!"
وقفت أمام المرأة تتأمل ملامحها بنظرات حادة تنتظر أن يعود إليها كي تحاسبه على تركه لها في أول ليلة لهما سويا ..
فُتحت الباب ودلف بكر الى الداخل ليجدها تقف أمام المرأة مولية ظهرها له ، لم يبالِ بها وهو يتجه نحو السرير ويجلس عليه بتعب قبل أن يبدأ بفك أزرار قميصه واحدا تلو الأخر ..
" هل عدت أخيرا ..؟!"
قالتها نيروز دون أن تلتفت نحوه ليرد بنفس البرود القاسي :
" ماذا ترين أنتِ..؟! "
رفعت عينيها نحو المرأة تتأمله من خلالها بينما لسانها يهتف بصوت هادئ محكم :
" أرى أنك نجحت في إهاناتي وإذلالي أمام الجميع بتركك لي .."
نهض من مكانه بعدما خلع قميصه عنه واقترب منها واقفا خلفها مباشرة هاتفا بنبرة قوية :
" اذا كنتِ تسمين ما فعلته إهانة وإذلال فأنتِ لم ترِ شيئا بعد ..؟!"
" ماذا تقصد ..؟!"
سألته وهي ما زالت محتفظة بوضعيتها الجامدة وقناع الهدوء يغلف وجهها :
" ما أقصده أنني لن أترككِ تتهنين بفعلتك الحقيرة يا نيروز ، سوف أجعلك تندمين على كل ما فعلتيه .."
بدأت نيروز تفقد أعصابها تدريجيا حيث هتفت وهي تلتفت نحوه محررة ذراعيها أمامها :
" أنتَ تنتقم اذا ..؟!"
أومأ برأسه ورد بصوته البارد الذي يثير إستفزازها :
" بالضبط ، أنا أنتقم يا نيروز وإنتقامي لم يبدأ بعد .."
منحته ابتسامة خافتة سرعان ما تحولت الى ضحكات صاخبة وهي تردد من بين ضحكاتها :
" هل تراني بريئة الى تلك الدرحة التي تجعلني أتقبل إعتذارك ..؟!"
هز رأسه نفيا وقال بإبتسامة هادئة :
" كلا ، أنا أراكِ بالشكل الصحيح .. مريضة وحقيرة وبلا كرامة .."
رفعت يدها في وجهه كي تصفعه لكنه كان أسرع منها وهو يمسك بيدها مانعا إياها من ضربه مرددا بنبرة غاضبة :
" لم تُخلق بعد من تمد يدها على بكر برهان يا نيروز .."
لمعت عيناها بنظرات غاضبة مشتعلة لتهتف بشراسة :
" أيها الوغد الحقير .. كيف تفعل بي هذا ..؟!"
حرر يدها من قبضته وهتف بصوت ساخر :
" وسأفعل المزيد يا نيروز ، وإن لم تتحملي ما سأفعله بإمكانك أن تطلبي الطلاق وحينها سينتهي كل شيء .."
" في أحلامك ، أنت هذا ما تريده ، أن أطلب الطلاق وأحررك مني ومن قيدي الذي يتحكم بك ، ولكن لن أفعلها يا بكر لأنك لي .. لي وحدي .."
كانت تتحدث بصوت جاد حازم ليرد عليها بإشمئزاز :
" ألم أخبرك أنكِ مريضة ..؟!"
شمخت برأسها عاليا وهتفت بنبرة واثقة وهي تبتسم بهدوء :
" سنرى من سينتصر في هذه المعركة .. أعدك بأن الفوز سيكون من نصيبي .."
منحها نظرات مستهينة قبل أن يهتف بغموض شديد :
" سنرى يا نيروز ، سنرى يا زوجتي العزيزة .."
تحركت بصمت وحملت هاتفها وخرجت من جناحها متجهة الى الطابق السفلي حيث صالة الجلوس فاليوم يجب أن تبدأ مهامها كزوجة لبكر برهان رب العائلة ..
كانت تسير بخطواتها الواثقة والإبتسامة تعلو شفتيها بينما أخذن الخادمات ينظرن إليها بتعجب فكيف لها أن تسير بهذه الثقة بعدما شاهد الجميع بكر وهو يخرج من غرفتها ويتركها وحيدة ذليلة في أول ليلة تجمعهما كزوجين ..
تقدمت نيروز من والدة بكر السيدة ساجدة والتي كانت تجلس على طاولة الطعام تتناول فطورها لوحدها بصمت ..
" صباح الخير .."
قالتها نيروز بنبرة مرحة قبل أن تسألها بلطف مفتعل :
" كيف حالك عمتي ..؟!"
هزت ساجدة رأسها و تمتمت ببرود :
" بخير .."
اختفت ابتسامة نيروز وهي ترى برود ساجدة الواضح معها لترفع خصلة من شعرها خلف أذنها وتقول بينما تجلس على الطاولة أمام حماتها :
" أنا جائعة للغاية ، لم أتناول شيئا منذ صباح البارحة .."
لم ترد عليها ساجدة بل استمرت في تناول طعامها لتنادي نيروز على الخادمة :
" زينب تعالي .."
تقدمت زينب منها وسألتها بأدب :
" نعم سيدة نيروز ، تفضلي .."
أخذت نيروز تخبرها ما تريد تناوله على الإفطار والذي يجب أن تعده زينب خصيصا لها لتومأ زينب برأسها بعدما انتهت نيروز من حديثها وتحركت متجهة الى المطبخ لتنفذ ما طلبته ..
عادت نيروز ببصرها نحو ساجدة تتأملها وهي تتناول طعامها بهدوء دون أن تنظر في وجهها حتى لتشيح وجهها بعيدا عنها بضيق وهي تفكر بأن جميع من في المنزل لا يطيقونها..
" يبدو أنكِ خسرتي في معركتكِ منذ أول ليلة .."
كان هذا صوت ساجدة الهادئ والذي اقتحم أذن نيروز كسهام حارقة ، نظرت نيروز إليها وهتفت بتحدي مقصود :
" ما زال الوقت مبكرا على الخسارة التي لا تحلمي بأن ترينها يوما .."
توقفت ساجدة عن تناول طعامها ووضعت شوكتها جانبا ثم قالت بلهجة ثابتة :
" تعجبني قوتك يا فتاة ولكن أنتَ لا تعرفين بكر ومدى دهاءه ..."
ردت نيروز بثقة :
" أعرفه جيدا والدليل أنني إخترته من بين جميع الرجال كزوجا لي .."
ابتسمت ساجدة بتهكم وقالت :
" أنت ما زلتِ صغيرة يا نيروز ، لن تستوعبي بعد ما قد يفلعه رجل مثل بكر .. بكر قادر على تحطيمك كليا وما فعله ليلة البارحة ليس سوى بداية الطريق .."
لا تنكر نيروز إنها شعرت بالقليل من القلق لكنها تفادته بمهارة .. لقد فهمت الأن الجميع يقف ضدها وأولهم زوجها العزيز ، إنها الحرب إذا فلتفعل كل ما في وسعها للإنتصار عليهم ..
رمتها ساجدة بنظرات هازئة لتنهض نيروز من مكانها وتتحرك خارج غرفة الطعام فتجد براء أمامها ينظر إليها بحيرة وتعجب ..
تصنعت نيروز الإبتسامة وهي تتقدم منه وتهتف بسعادة مفتعلة :
" براء ، صباح الخير .."
رد براء عليها بجمود :
" صباح النور .."
سألته نيروز بخبث :
" يبدو أن سهرتك ليلة البارحة كانت مختلفة وحافلة .."
" ماذا تقصدين ..؟!"
" لقد رأيتك وأنت تعود بعد منتصف الليل ويبدو عليك السكر ..."
رمقها براء بنظرات شاملة قبل أن يهتف بمكر :
" كان عليكِ أن تفكري في حل لدرء الفضيحة التي تسبب بها أخي لكِ بدلا من مراقبتي .."
" ماذا تقصد ..؟!"
سألته بتوتر ليرد بسخرية :
" الجميع في القصر يتحدث عن ليلة البارحة ، يقولون أن العريس لم يتحمل البقاء مع عروسه لعشر دقائق حتى .."
إحمر وجه نيروز من شدة الغضب ، الجميع يتحدث بها ويعلم بما حدث معها حتى براء الذي عاد متأخرا ..
رمقها براء بنظرات كارهة وقال :
" أنتِ حقا إمرأة مثيرة للشفقة يا نيروز ، كان الله بعونك على ما ينتظرك .."
ثم دفعها من أمامه متجها الى غرفة الطعام تاركا إياها تلعن بكر الذي وضعها في موقف كهذا ..
..........................................................................................
دلفت نانسي الى المنزل بعد ليلة رائعة قضتها وهي نائمة في ذلك السرير المثير لوحدها ..
هي حقا كانت بحاجة لليلة مريحة كهذه ..عليها أن تشكر براء لأنه منحها هذه الليلة .. ابتسمت بسخرية وهي تتذكر هذا المجنون وما فعله ليلة البارحة .. إنه حقا إنسان غير سوي ..
في ذات اللحظة اقتربت منها أختها نماز وسألتها بحيرة :
" نانسي ، لماذا تبتسمين ..؟!"
أفاقت نانسي من شرودها على سؤال أختها الصغرى لتهز رأسها بسرعة وهي تهتف بها :
" ليس مهما ، صباح الخير يا حلوتي .."
ابتسمت نماز وقالت بنبرة دافئة :
" صباح النور ، وأخيرا عدتِ .."
" نعم عدت وجلبت لكِ طعام الإفطار الشهي .."
قالتها نانسي بحنو وهي تمسكها من كفها وتجرها خلفها قبل أن تطلب منها الجلوس على طاولة الطعام ..
بدأت نانسي في صف الأطعمة أمامها لتهتف نماز فجأة :
" ألن نوقظ أكرم من نومه كي يشاركنا إفطارنا ..؟!"
نظرت إليها نانسي بضيق وقالت بحزم فهي لا تطيق ذلك المدعو أكرم ولا تحب أن تسمع إسمه أمامها :
" كلا لن نوقظه .."
" ولكن .."
قاطعتها نانسي بعصبية :
" قلت لن نوقظه يا نماز ، انتهى .."
ابتلعت نماز ريقها بتوتر بينما زفرت نانسي أنفاسها وقالت بنبرة معتذرة :
" انا اسفة حبيبتي ، لم أقصد إزعاجك .."
" لا عليكِ .."
قالتها نماز بخفوت لتجلس نانسي بجانبها وتبدأ بإطعامها ..
انتهت الفتاتان من تناول طعاميهما لتبدأ نانسي في تنظيف الطاولة ورمي الصحون البلاستيكية في سلة النفايات ...
عادت نانسي من المطبخ لتجد أكرم يخرج من غرفته وهو يتثائب بصوت عالي ، رمقته بنظرات مشمئزة بينما أخذ هو يضحك بقوة قبل أن يسألها بصوت ساخر :
" لماذا تنظرين إلي هكذا ..؟! أنت تثيرين حزني بهذه النظرات .."
قالت نانسي بصوت كاره :
" لا تقلق ، أعرف أنك عديم الإحساس ولا تتأثر بأي شيء .."
اقترب منها غير مباليا بما قالته وسألها بصوت خافت :
" كم جلبتِ من الأموال ..؟!"
" لم أجلب شيئا .."
قالتها وهي تهم بالتحرك بعيدا عنه ليقف في وجهها ويهتف بنفاذ صبر :
" نانسي ، أريد الأموال حالا .."
ردت عليه بجدية :
" لم أحصل على أي مال يا أكرم لأنني لم أجد زبون البارحة .."
" ماذا كنتِ تفعلين طوال الليل اذا ..؟!"
أجابته بتردد :
" نمت .."
" نعم ..؟!"
" نمت يا أكرم ، ألا يحق لي النوم مثل البشر ..؟!"
" كلا يحق لك النوم يا نانسي .."
قالها أكرم بنبرة غامضة قبل أن يفاجئها ويقبض على شعرها بقسوة ..
صرخت نانسي بألم بينما قفزت نماز من مكانها واقتربت منه تهتف به بترجي :
" لا تضربها أرجوك ، لا تضربها .."
دفع أكرم نماز بيده الأخرى لتسقط أرضا فيلتوي كاحلها بينما صرخت نانسي بفزع :
" نماز ، هل أنت بخير ..؟!"
أخذت نماز تبكي ألما وهي تمسك بقدمها بينما صفع أكرم نانسي على وجهها عدة مرات حتى خرجت الدماء من فمها ..
ترك أكرم شعرها أخيرا لتترنح نانسي في مكانها قبل أن تسقط أرضا فينهال عليها أكرم باللكمات وسط صراخ نماز ونانسي المتألم ..
" تنامين ، تنامين يا فاجرة .. منذ متى العاهرات ينمن يا نانسي ..؟!"
توقف أخيرا عن ضربها ليبصق عليها قبل أن ينفض أثارها ملابسه ويتحرك عائدا الى غرفته ...
تحاملت نماز على نفسها ونهضت من مكانها لتسير نحو أختها وهي تتكأ على الحائط كسندا لها ..
وصلت نماز أخيرا الى أختها لتقف بجانبها وتنحني نحوها متحاملة على ألم قدمها لتهزها من كتفها وهي تهتف ببكاء :
" نانسي استيقظي ، استيقظي أرجوكِ .."
وأخيرا فتحت نانسي عينيها لتستند على الأرض بيديها قبل أن تضغط على أعصابها وتحاول الوقوف .. حاولت نماز أن تساعدها وهي تقف حتى وقفت نانسي أخيرا وسارت بخطوات بطيئة ضعيفة نحو الكنبة حيث ارتمت بجسدها عليها وأغمضت عينيها بوهن ..
سارت نماز متجهة نحو المطبخ لتجلب القليل من القطن والماء ، كانت تسير على قدم واحدة فقدمها الأخرى تؤلمها بشدة ولا تستطيع أن تضغط عليها ...
عادت نماز إلى أختها وهي تحمل القطن والماء ، جلست بجانبها على الكنبة وبدأت تمسح الدماء من على وجهها وجسدها برقة محاولة ألا تجعلها تتألم ..
كانت نانسي تضغط على أسنانها بقوة كي لا تطلق صرخة متألمة كلما مس القطن جرحا من جروحها ...
انتهت نماز مما تفعله لتسألها بقلق :
" هل أنتِ بخير ..؟!"
أومأت نانسي برأسها وقد بدأت تستعيد توازنها تدريجيا لتنظر إلى قدم أختها وتسألها بقلق :
" هل إلتوت قدمك يا نماز ..؟!"
" نعم ولكن لا تقلقي أنا بخير .."
قالتها نماز بإضطراب لتنهض نانسي من مكانها بسرعة وتهتف بها :
" يجب أن تذهبي الى الطبيب حتى لا تؤلمك أكثر .."
قالت نماز بإضطراب :
" لا تقلقي سأكون بخير .."
جلست نانسي مرة أخرى بجانبها ورفعت قدمها على الكنبة لتلمس مكان الإلتواء بكفها فتصرخ نماز ألما لتدمع عينا نانسي وهي تقول بإعتذار :
" اسفة حبيبتي ، اسفة على ما حدث .."
" لماذا تعتذرين يا نانسي ، أنتِ لا دخل لكِ فيما حدث .."
قالت نانسي بندم :
" ليتني لم أنم ليلة البارحة ، ليتني قمت بعملي المعتاد .."
احتضنها نماز وقالت مواسية إياها :
" لا تلومي نفسك يا نانسي ..."
في نفس الوقت سمعت الفتاتان صوت طرقات على باب المنزل فنهضت نانسي من مكانها واتجهت الى الباب لفتحها فوجدت أخر شخص توقعت أن تجده أمامها ...
" براء ، ماذا تفعل هنا ..؟!"
خلع براء نظارته متأملًا وجهها وجسدها الملي بالكدمات والجروح ليهتف بعدم تصديق:
" ماذا حدث لكِ يا نانسي ..؟!"
لم ترد نانسي على سؤاله بل عادت وسألته :
" مالذي جلبك إلى هنا ..؟!"
دفعها ودلف الى الداخل وأغلق الباب خلفه قبل أن يجيبها :
" سألت عنكِ في البار فأخبروني عنوانك .."
ثم أردف متسائلا بنفاذ صبر :
" أخبريني الأن من فعل بك هذا ..؟؟"
في نفس اللحظة خرج أكرم من غرفته ليهتف بصوت عالي وهو ينظر إلى نانسي وبراء :
" من هذا يا نانسي وماذا يفعل هنا ..؟!"
التفتت نانسي نحوه وقالت :
" إنه أحد زبائني يا أكرم .."
" هل هو من فعل بك هذا ..؟!"
سألها براء وهو يشير نحو أكرم لتهتف نانسي بتوسل :
" ارحل الأن من فضلك .."
إلا أن براء اقترب نحوه وسأله بنبرة قوية :
" هل أنت من ضربتها ..؟!"
أومأ أكرم برأسه ليتفاجئ ببراء يلكمه على وجهه بقوة.. لم يستوعب أكرم ما حدث إلا حينما وجد براء يعاود ضربه بنفس القوة التي أسقطته أرضا هذه المرة ...