رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) المشهد الاول بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) المشهد الاول 


أمسكت بـ يدهِ المُعلقة بـ الهواء ظنًا منها أنه سيصفعها ردًا على ما قالته و هدرت بـ صوتٍ حاد

-مش بنت جاسر الصياد اللي يتمَد إيد عليها… 

حدق بها صُهيب فاغر الفم، مُبهم الملامح ولكنه حين تحدث خرجت نبرته جامدة لا تدل على إنفعلاته الداخلية أو تلك البراكين التي تتفجر بـ عقلهِ وقلبه على حدٍ سواء

-سيبي إيدي يا جُلنار… 

حدفت هي بـ عينيهِ بـ تحدي عنيد حتى هدر بـ قوةٍ أجفلتها 

-قولت سيبي إيدي… 

تركت جُلنار يده وهي تتطلع به بـ صدمة صعقتها على طول عمودها الفقري.. لتتراجع بـ رهبة وهي تجده يتقدم منها ثم هسهس بـ فحيح

-حذاري.. حذاري تاني مرة تجيبي سيرة عيلتي على لسانك
-بس آآآ… 

إستدار صُهيب ثم توجه ناحية خزانة الثياب وأخرج منها ثيابٍ عشوائية وقذفهم بـ وجهها ثم أردف بـ قساوة

-إلبسي هدومك عشان أوصلك لبيت أبوكِ… 

إتسعت عيناها بـ إجفال وإرتعشت شفتيها خوفًا لم يظهر على ملامحها بل همست بـ عدم تصديق

-يعني إيه؟ 
-أجابها بـ صوتٍ جامد دون النظر إليها:اللي سمعتيه.. ويلا بسرعة… 

ثم خرج صُهيب وصفع الباب بـ قوة مُتألمة وكأن تلك الصفعة هوت على قلبها فـ لسعتها مُدركة حجم الفاجعة التي خرجت من بين شفتيها مُنذ قليل.. وتأكدت بـ أنها جرحت زوجها جرح عميق.. ذلك الوتر الذي تعمدت ألا تقترب منه لأنها تعلم كم هو مؤلم

لسعت العبرات عيناها ولكنها أبت أن تهبط لتبتلعها فـ تُزيد نيران قلبها إشتعالًا.. لقد خسرت صُهيب للتو وبـ إيدٍ مُرتعشة نزعت ثيابها وإرتدت البنطال الأسود الذي قذفه بها و كذلك الكنزة ثم لملمت خُصلاتهِا بـ إهمال بـ ذيل حُصان و خرجت تنوي التوجه إلى غُرفة صغيرها

ولكنها فوجئت بـ صُهيب يُلبسه ثيابه والصغير يتساءل بـ نُعاس وهو يحك عيناه المُغمضتين

-هو إحنا رايحين فين دلوقتي… 

أغلق صُهيب آخر زر بـ القميص وهو شارد بما قالته جُلنار ليستفيق على صوت جاسر ثم أجاب بـ إبتسامة صغيرة

-رايحين عند جدو… 

نظر جاسر إلى النافذة ليجد الليل لا يزال ثم عاود النظر إلى صُهيب وأردف بـ تعجب

-بس الليل لسه موجود وإحنا مش بنروح هناك بالليل صح؟… 

مشط صُهيب خُصلاته الناعمة بـ يدهِ و غُرته اللطيفة ثم أجابه

-المرادي بس مامي تعبانة وعاوزة تروح عند جدو فـ مقدرش أقولها لأ… 

أومأ الصغير موافقًا ليزرع صُهيب قُبلة فوق جبينه ثم جذب حقيبة ظهره وألبسه إياها وهتف مُمسكًا بـ يدهِ

-يلا بينا يا بطل… 

تراجعت جُلنار سريعًا حتى لا يراها صُهيب ثم وقفت أمام غُرفتها تُخفي ألمها و حُزنها عن عينيهِ إلا أنها لا تدري أنه يستطيع أن يسبر أغوارها دون جهد.. بل تعمد النظر إليها بـ نظرة صخرية جمدتها أرضًا ثم هتف وهو يحمل جاسر مُتخطيًا إياها 

-حصليني… 

**************************************

بـ السيارة الصمت كان مُطبق بـ الأجواء.. وهي جالسة حواره تطلع إليه كل حين وآخر عله يرميها بـ نظرةٍ إلا أنه لم يفعل.. لا تعلم أنه يحمل كُل تلك القساوة بـ قلبهِ ولكنها تستحق وتذكرت تلك الكلمة التي وقعت على مسامعها قبل مسامعه وقع الصاعقة 

"وبتروح السجن عندها ليه؟ ولا هي كمان وحشتك! صحيح هستنى إيه من اسم عيلتك اللي القذارة بتجري فـ دمها" 

نظرته وقتها كانت سهام تُمزق قلبها ليس لحدتها ولكن لتألمها.. كان ينظر إليها كما لو أنها خيبت ظنه وهذا أكثر إيلامًا ولكن ماذا تفعل وسهام الغيرة نهشت قلبها!؟.. تلك المرأة كانت سبب بما حدث لها و لشقيقتها ولكن ما ذنبه؟ بما أذنب لترميه بـ تلك السهام السامة! 

تنهدت جُلنار تسحب بعدها نفسًا ضيق وكأن هُناك ما يجثم فوق صدرها فـ يمنعها عن التنفس.. هو لن ينسى ما فعلته أبدًا

-هو أنت مش هتيجي معانا يا بابي؟!!... 

نظر صُهيب إلى جاسر الذي وقف وأدخل رأسه بين المقعدين ليُحرك الأول رأسه بـ النفي ثم أردف

-لأ هوصلكوا وأرجع
-تساءل الصغير:طب ليه! 
-عشان الشغل… 

شده جاسر من قميصهِ ثم أكمل بـ عبوس 

-طب ما أنت كُنت بتيجي قبل كدا حتى فـ الشغل
-ربت صُهيب على يدهِ وقال:معلش يا حبيبي المرة دي مش هينفع… 

ذم جاسر شفتيه بـ عبوس قبل أن يسحب يده من أسفل يد أبيه وأدار رأسه إليه ثم قال

-طب هتيجي تاخدني أمتى؟… 

نظر صُهيب نظرة خاطفة إلى جُلنار التي تنظر إليهم فـ تلاقت نظراتهما في لمحة خاطفة قبل أن يُبعد عيناه عنها وهتف 

-ربنا يسهل
-يعني إيه؟… 

لم يكن السؤال من الصغير بل من جُلنار الجلسة جواره لينظر إليها صُهيب نظرة قاتلة فـ إنكمشت ثم أجابها بـ فتور

-يعني لما ربنا يسهل وجايز مجيش أخدك أبدًا… 

فرت الدماء من وجهها و أوشكت أن تبكي ولكنها صمتت وإبتلعت العبرات فـ صُهيب الذي أمامها لا تعرفه أبدًا ثم نظرت أمامها والرؤية تتشوش بـ فعل العبرات التي تتجمع ولكنها تأبى الهطول

*************************************

نهض يزن بـ بُطء وهو يضع رأس زين الصغير فوق الوسادة ثم دثره جيدًا وإلتفت يُقبل جبين لُجين وخرج يتنفس الصعداء.. بعد صراع طويل من التهويدات والقصص الغريبة  التي إضطر أن يؤلفها لكي يناما

إتكئ بـ ظهرهِ إلى الباب يُخرج زفيرًا حار ثم توجه إلى غُرفتهما.. لتُقابله چيلان وهي جالسة فوق الفراش وأمام حاسوبها الشخصي تُنهي بعض الأعمال التصميمية الخاصة بـ الإعلانات و الشركات على الإنترنت وبعض المواقع 

إبتسم يزن وهو يجدها مُنهمكة في أعمالها.. صحيح أنها تخطت الأزمة بعد فترات مُضنية عاشاها معًا حتى بعد سنوات كانت تنتابها الكوابيس و بعض الحالات الهيستيرية ولكنها دومًا ما تجده يؤازرها بل يمتص تلك النوبات بـ حكمة وعشق يُجبراها على الخضوع لسطوة حنانه عليها

عقد ذراعاه أمام صدرهِ وهو يُكمل تأملها.. يتذكر تفاصيل الأيام التي عاشاها سويًا لا يزال يتذكر أول إستسلام رائع له.. كانت بين يديهِ كـ عصفور مُبتل في شتاءٍ عاصف يرتجف رُغمًا عنه فـ تجد صدره الدافئ يبُثها الدفئ المُفتقد

ليلتها كان عائد من عملهِ مُنهك القوى و المشاعر.. مشاعره الجامحة التي يكبحها كل ليلة بـ صعوبة وهو يراها أمامه بـ ثيابها التي قل تحفظها أمامه فـ تُهلك عيناه بـ قدها المغوي كـ تُفاحة آدم حلوة و مُحرمة والآن عليه مواجهة مشاعره و حلاوتها الصعب مقاومتها ولكن يجب عليه يُريدها أن تُريده.. يُريدها راغبة.. يُريدها دون خوف أو إهتزاز.. دون تلك الجفلة التي تُصاحبه ما أن يودع وجنتها قُبلة

فتح يزن الباب وهو يتمنى أن يجدها نائمة و بـ الفعل القدر كان حليفه ولكن ليس بعد لحظة من تحديقه المشدوه بها.. حيث كانت تنام فوق المقعد الوثير تتكئ بـ ظهرها إلى أحد أذرعه والأخر تتدلى ساقيها الظاهرتين.. أما رأسها كان ساقطًا قليلًا فـ منح عيناه النعيم بـ رؤية عُنقها الأبيض 

أحس يزن بـ تصاعد الدماء الحارة التي تسري بـ أوردته ثم توجه إليها بـ خُطىٍ حثيثة حتى لا يوقظها و قرر أن يتنعم بـ مُتعة محرمة بـ مُشاهدتها المُهلكة

كانت ترتدي منامة من اللون السُكري.. قصير قليلًا ولكنه يكفي لأن يُظهر تفاصيلها الحلوة.. خُصلاتهِا كانت تمنع الرؤية عن وجهها فـ أبعدها هو بـ حذر لترف چيلان بـ جفنيها قبل أن تفتحهما بـ بُطء لينهض يزن سريعًا حتى لا تفزع ولكنها أمسكت يده فـ سرت كهرباء لم يتحملها عقله ثم هتفت وهي تحك عينها 

-أنت جيت أمتى!... 

حاول يزن التملص منها ولكنه لم يستطع وهو يجدها تتشبث به وتنظر إليه بـ عينيها البريئة فـ همس بـ صوتٍ أجش

-لسه حالًا… 

نهضت چيلان فـ تراجع المئزر ليُظهر كتفها و جزء من عظمة الترقوة وما بعدها ثم أكملت دون أن تدري ما يُعانيه أمامها من كبح مشاعر

-العشا جاهز تحب تتعشى؟… 

رُغمًا عنه رفع يدًا يتلاعب بـ غُرتها بـ أطراف أصابعه يُبعدها قليلًا ثم أعاد الهمس بـ صوتٍ حار

-لأ مش عاوز.. أنا آآآ… 

وصمت لم يقدر على المُتابعة لتحثه چيلان مُتساءلة

-أنت إيه؟… 

آلمه ما يحدث له و لقلبه ولها إذا ترك العنان إلى مشاعرهِ إلا أنه إبتسم بـ دفء وقال

-بحبك يا چيلان… 

إبتسمت هي إبتسامة ناعمة، خجولة ثم أخفضت رأسها أرضًا.. ليزفر يزن بـ قوة قبل أن يضع يده أسفل ذقنها ويرفعه بـ رقة ثم مال إلى جانب شِفاها و أودع قُبلة أكثر نعومة و رقة من إبتسامتها وهمس غير قادر على المُتابعة

-چيلان بعد إذنك إدخلي نامي وإقفلي عليكِ… 

إبتلعت ريقها بـ توتر ثم تساءلت بـ إهتزاز وهي تزعم على تنفيذ ما قررته قبل أن يأتي 

-ليه؟… 

أمسك كفها و وضعها فوق صدرهِ.. فوق قلبه النابض وكأنه يهرول بـ سباقٍ لا نهاية له ثم هتف بـ نبرةٍ مُعذبة

-خايف عليكِ مني.. خايف عليكِ من مشاعري.. وخايف على قلبي اللي مش قادر يستحمل وجودك قدامه من غير أما يقدر يعبرلك عن أد إيه هو مُشتاق… 

إرتجفت لإحساسها بـ نبضاته الهادرو حتى إنها خافت أن تُحطم قفصه الصدري لتنظر إلى عينيهِ بـ رهبة و وجه شاحب فـ أردف يزن بـ صعوبة

-خايف من نظرة الرهبة دي يا غزالي… 

ضمها يزن فجأة إليه لتضع هي يديها فوق صدرهِ العريض ثم تأوه بـ قوة وهدر بـ عذاب 

-اااه يا غزالي الهربان من سجن قلبي… 

إبتسمت چيلان بـ خجل.. سعيدة! أجل.. فـ يزن يستحق ألا تخافه.. يزن أصبح الحلم بعد كابوس مُضني كانت تهرب منه فـ تجده بـ إنتظارها.. يمتص آلامها وكأنها لم تكن.. يُطمئنها بـ إبتسامتهِ ذات الدفء الغريب فـ يشع قلبها من جديد و يُخرجه من لوثة الجحيم الذي عاشته

إبتسمت و وقعت بـ غرامهِ لتدس نفسها أكثر بـ صدرهِ فـ شعرت بـ عضلاته تتشنج و صوته الهارب يهدر بـ عصبية دون أن يُبعدها بل يُشدد أكثر من عناقها

-چيلان كفاية ضغط على أعصابي.. هأذيكِ وأنا خايف من آذاكِ… 

رفعت رأسها قليلًا بما تسمح له ذراعيه من حركة ثم أردفت بـ صدق و نبرةٍ عذبة

-القلب اللي طمني مُستحيل يأذيني.. أنت أماني بعد بابا
-تأوه يزن قائلًا:ااااه يا عذاب قلبي اللي مبينتهيش… 

عانقته هي مُجددًا ثم همست بـ صوتٍ هارب، ضعيف وهي تدفن رأسها أكثر به تهرب منه إليه 

-أنا مُستعدة يا يزن… 

تصلب جسده حتى ظنت أنه تحول إلى صخر ولكنها خشت أن ترفع نظرها إليه لأنها تعلم أي نظرات ستُقابلها وهي لن تقدر على مواجهتها لتسمع صوته يتحدث بـ صعوبة 

-چيلان دا واجب أنا بعفيكِ منه 
-حركت رأسها نافية ثم أكملت:مش واجب.. دا إكتمال… 

حاوطت خصره تشد على كنزتهِ من الخلف ثم همست بـ صوتٍ ناعم

-عاوزة أكمل روحي بـ روحي… 

لم يستطع أن يكبح جماح مشاعره.. إلى هُنا وسقطت حصونه كلها ليميل بـ رأسهِ إليها بـ الوقت الذي رفع به رأسها وإقتنص حق شفتيها مُجددًا بعد ذلك اليوم بـ بيت خالته.. قُبلة طويلة، حارة يودع بها كل مشاعره و مشاعره التي كبحها طويلًا

حرر أسر شفتيها ولكن ليس طويلًا بل عاد يُقبلهما مُجددًا قُبلات بطيئة، ناعمة و قصيرة.. حتى شعر بـ إرتجافها وكأنها عجزت عن الوقوف فـ مال يحملها بين ذراعيهِ ودلف بها إلى غُرفتهما 

وضعها يزن فوق الفراش بـ حذر وجثم هو فوقها.. يده تتلاعب بـ خُصلاتهِا و شفتيه تهمسان وهو يتتبع مسار العبرات التي هطلت دون هوادة

-مُتأكدة يا چيلان؟ مفيش رجوع بعد الليلة دي… 

أومأت مُؤكدة وهي تدفن رأسها بـ عُنقهِ تلف ذراعاها حوله ليُقبل يزن عُنقها بـ محبة و حنو وبدأ رحلته معها.. كان يتعامل معها بـ حذر و رقة شديدين وكأنها آنية زُجاجية هشة يخشى عليها الكسر.. وعلى الرغم من إرتجافها و وصوت بُكاءها إلا أنه عزم على الإكمال

اليوم التالي كانت صامتة مُعظم الوقت وتتحاشاه أكثر وهو تفهم وإبتعد يُعطيها المساحة تستعب ما حدث.. وأنها أصحبت زوجته حقًا.. ولكن المشاهد كانت تتدافع إلى ذاكرته لذكرى لحظات خيالية عاشها معها كانت كـ النيران التي تكوي قلبه و بـ الوقت ذاته كانت كـ الثلج الذي يُثلج قلبه بـ وصالها

والآن چيلان الجالسة أمامه تختلف عن تلك الأيام.. عن تلك التي كانت ترتجف بين يديهِ تلك الليلة.. هي أمامه أُنثى بل زوجته ترغبه و تعشقه والأهم لا تخشاه

-هتفضل تُبصلي كدا كتير؟.. مزهقتش!!... 

إستفاق على صوتها ليبتسم وهو يعتدل بـ وقفتهِ ثم أجاب مُقتربًا منها

-تؤ.. مبزهقش ولا هزهق… 

ضحكت چيلان بـ صوتها الرقيق ليميل يزن مُقبلًا عُنقها وهي تستقبل قُبلته بـ سعادة و توق شديدين مُغلقة عيناها، مُبتسمة الشفاه وهي تجد تلك القُبلة أجمل ما يودعها به.. أنها ليست مُجرد قُبلة بل صك ملكية و وشم عشق أكبر مما يتحمله قلبها المسكين

إبتعد عنها ثم جلس جوارها و يده تُحاوط أسفل خصرها بـ قليل وتساءل 

-إيه أخبار الشُغل؟! 
-أجابت وهي تضع رأسها على كتفهِ:تمام أوي.. أكتر من شركة طلبوا مني شُغل بعد آخر شُغل عملته… 

رفع يزن كفها و قَبّل باطنه ثم أردف بـ نبرةٍ حنونة

-طب دي حاجة حلوة أوي
-الولاد ناموا! 
-ضحك وقال:أخيرًا… 

أومأت و صمتت ليهز كتفه الذي تضع رأسها عليه ثم قال بـ نبرةٍ ماكرة 

-الولاد ناموا والجو هادي يعني الظروف مُلائمة!... 

شعت وجنتيها خجلًا وفهمت مقصده إلا إنها إدعت عدم الفهم ثم تساءلت

-لإيه بالظبط؟
-لدا…

أردف بها وهو يرفع رأسها إليه ثم لثم شفتيها لـ لحظات قبل أن يسمها صوت الباب وهو يُفتح و صوت زين يهتف بـ إنزعاج طفولي

-بابي أنت سبتني من غير أما تكملي الحدوتة… 

إبتعدت چيلان سريعًا عن يزن الذي حك مُؤخرة رأسه بـ غيظ ثم رد على زين

-أنا اللي سيبتك ولا أنت اللي نمت!... 

تحرك الصبي و وقف أمام چيلان ثم هتف وهو يصعد الفراش بـ صعوبة

-مش صحتني ليه عشان تكملها؟.. مامي هي اللي هتكملها أنا مخاصمك يا وحِش… 

ضحكت چيلان لتأخذ الصغير بـ أحضانها ليهمس يزن بـ صوتٍ مكتوم

-أنا عارف إنك طالع لخالتك جُلنار المُفترية.. إنما أُمك بسكوتة غلبانة والله… 

زفر يزن بـ قوة و غيظ ليجذب الغطاء ويضعه فوقه ثم أولاهما ظهره.. لتبتسم چيلان بـ حلاوة قبل أن تتمدد و تُمسك كف يده وهمست بـ أُذنهِ 

-مقدرش أنسى إبني الأول.. تعالى فـ حُضني أنت كمان… 

إبتسم يزن ثم إلتفت ليضع رأسه على صدرها و حاوطهما معًا قبل أن يُقبل جانب عينها اليُمنى ثم غرق ثلاثتهم في نومٍ هنيئ

********************************

توقف صُهيب بـ السيارة أمام القصر ليردف دون النظر إلى جُلنار 

-يلا إنزلي
-تساءلت بـ تحشرج:مش هتيجي تسلم على بابتي حتى؟ 
-إنزلي يا جُلنار وإتقي شري دلوقتي… 

تنفست بـ ألم قبل أن تلتفت إلى جاسر وأردفت بـ صوت مُنخفض 

-يلا يا حبيبي نروح لجدو… 

أومأ الصغير ليفتح الباب بـ مُساعدة صُهيب والذي أردف بـ نبرةٍ جامدة ولكنها تحمل خيبة أمل و جرح 

-أنا فكرت جوازنا إتبنى على ثقة يا جُلنار بس طلعت بوهم نفسي ومع أي حاجة هتحصل سيرة عيلتي هتيجي على لسانك.. متوقعتش دا منك… 

أبعد وجهه عنها يتكئ بـ مرفقهِ إلى النافذة ثم قال

-إنزلي الولد نزل… 

لم تتحدث بل ترجلت من السيارة بـ ملامح مهمومة تحت أنظار صُهيب الذي نادى صغيره ليركض إليه فـ ترجل وأردف وهو يُعدل قميصه

-خُد بالك من ماما يا بطل.. ماشي! 
-ماشي… 

ربت صُهيب على خُصلاتهِ ثم هتف وهو يستقيم

-يلا إدخل بسرعة
-متتأخرش يا بابي… 

أومأ صُهيب ثم تابعهم حتى دلفا داخل القصر ليتنهد بـ قوة وهو يشعر أن قلبه يكاد ينفجر وعقله قد توقف عن العمل تمامًا.. لم يتوقع منها هي ذلك

حك خُصلاتهِ و إتجه يعود إلى السيارة وظل ينظر إلى غُرفتها التي تسلل إليها يومًا ليصل إليها حتى إشتعلت الأضواء بها فـ تيقن أنها بـ الغُرفة الآن

وكما توقع فتحت النافذة تنظر إلى سيارتهِ و بـ دوره نظر إليها وكأن كُلًا مُنهما يرى ما يُعانيه الآخر.. ولم يقطع ذلك التواصل سوى صوتًا جهوري يعلمه جيدًا

-جايب بنتي فـ نص ليل ليه يا بن جابر؟ 
-إنتفض صُهيب وهتف بلا إرادة:والله هتقطعلي الخلف مرة
-رد جاسر بـ هدوء:إن شاء الله متقاطعش أنت… 

زفر صُهيب ثم ترجل من السيارة و وقف مُقابل جاسر هاتفًا 

-هي كويسة؟ 
-تجاهل سؤاله وسأل هو:مردتش عليا؟ 
-أجاب بـ مراوغة:مفيش وحشتوها فـ قُلت أجيبها… 

رفع جاسر حاجبه بـ إستنكار قبل أن يردف بـ بُطء و صوتٍ كـ الخرير ولكنه مُرعب 

-شوف أنا شيطاني بيوزني من زمان إني أخلص عليك فـ متحققش اللي أنا نفسي فيه
-لأ وعلى إيه الطيب أحسن ولو أنك متعرفوش أصلًا… 

حدجه جاسر بـ نظرةٍ نارية، قاتلة ليتنحنح صُهيب وقال بـ جدية 

-جُلنار محتاجة وقت تفهم و تعرف هي بتقول إيه قبل ما تتكلم
-عملت إيه؟ 
-حك صُهيب جبينه وقال:مفيش حاجة مُهمة.. هي بس محتاجة وقت.. أنا مُضطر أمشي دلوقتي عشان عندي شُغل بكرة… 

نظر إليه جاسر بـ إزدراء قبل أن يستدير ثم هتف بـ صوتٍ صخري وهو يعود إلى داخل القصر

-روح نام فـ المُلحق و إبقى غور الصُبح بدل أما تعمل حادثة دلوقتي ونخلص منك… 

رفع صُهيب حاجبيه بـ تعجب قبل أن يضرب كف بـ آخر ثم هتف 

-مش مهم طريقة الكلام.. المهم إنه خايف عليا ودا تقدم مقدرش أنكره… 

إلا أنه أردف وهو يعود إلى سيارتهِ لأنه يعلم جيدًا أنه إذ أمضى ليله وهي قريبة منه سيغلبه قلبه و يصعد إليها

-لأ أنا هرجع عشان ألحق شُغلي بكرة… 

لوح إليه جاسر دون أن يلتفت إليه ثم جأر بـ صوتهِ الجهوري ليصل إلى صُهيب 

-فـ داهية… 

حرك صُهيب رأسه بـ يأس ثم غمغم وهو يُدير المُحرك

-لسانك مَبردْ ما شاء الله.. لو مرزعتش الكلمة متبقاش جاسر الصياد… 

قبل أن يتحرك رفع أنظاره إلى غُرفتها ليجدها لا تزال واقفة تنظر إليه فـ غامت عيناه بـ تعبير حزين ثم تحرك بـ سيارتهِ قائلًا بـ نبرةٍ ثقيلة

-وبعدين فـ وجع القلب دا زهرة الرُمان…

تعليقات



×