رواية نصفي الاخر الفصل العاشر بقلم شاهندا سمير
___دعاء أم لعنة؟ ___
أبغاك نسيماً يُبعثر ثباتي رقته لا جمر يحرقني بنيرانه
وأحلم بقلبك يدثرني بدفئه لا يحتويني بصقيع شريانه
هل تُصبح استجابة لدعاء رجوته
أم يصيبني القدر بلعناته؟
وبدلاً من أن تكون حلم أصبته
تُصبح كابوساً تطاردني أحزانه.
كان نضال ينظر الى شاشة هاتفه متابعا الأخبار حين رآها تخرج من الحمام، كانت صورة مجسمة للإغراء، تلبس قميصا قصيراً أبيضاً يُظهر قدميها الجميلتين وروباً قصيراً تحاول ان تضمه على صدرها بتوتر خجول.شعرها الندى يتساقط على وجهها بنعومة، لا تضع على وجهها أى مساحيق تجميل فبدت بريئة للغاية، فاتنة للغاية، ملاك قادر علي غواية الشيطان نفسه.
جلست امام المرآة تسرح شعرها، رأته من خلالها ينهض ويقترب منها..تسارعت خفقات قلبها، أغمضت عيناها ولم تنظر اليه..وقف خلفها تماماً وأمسكها من كتفيها يميل عليها هامسا فى أذنها قائلا:
_شعرك حلو قوى يارهف.
فتحت عيناها لتتلاقا عينيهما فى المرآه، لم تستطع أن تشيح بنظرها عنه بل وقعت كلية تحت تأثير عينيه، أوقفها يديرها اليه ينزع عنها روبها فوقع أرضاً ضمت جسدها بيديها خجلاً فامتلأت عيناه بالرغبة عندما قضمت شفتها السفلى فى خجل ورأى أنفاسها المتسارعة التى ظهرت فى علو صدرها وانخفاضه، مرر يديه يتلمس ذراعيها العاريتان ببطئ حتى أمسك يديها بكلتا يديه ورفعهما الى شفتيه يلثمهما بنعومة ثم قبل باطن كفيها وهو ينظر الى عينيها مباشرة، أحست بخفقات قلبها المتسارعة تندمج مع خفقاته..أخذ بيدها وتوجه بها الى السرير ليجلسها عليه، أطرقت برأسها خجلا فتأمل ملامحها بشغف وهو يقول بهمس:
_بُصيلى يارهف.
رفعت عيناها اليه فتلاقت الأعين ..وجدت بعينيه مشاعر جامحة أرادت تصديقها..تأمل وجهها بافتتان حتى وصل الى عينيها الحائرتين ليقول بصوت هامس:
_خايفة؟
ازدردت ريقها بصعوبة وهى تومئ برأسها فاقترب منها أكثر قائلا:
_متخافيش..أنا مش هأذيكى.
تراجعت برأسها خجلا عندما اقترب ليقبلها ظنها هو اشمئزازا من تشوهه ونفوراً منه فأصابته حركتها فى الصميم..عاد اليه قناعه الجليدى وتحول الى الوحش ليحمى قلبه وهو يقول فى حدة:
_مش بإيدى ولا بإيدك وحتى لو مش حابة تقربى منى ..بس لازم نكمل عشان نجيب وريث لعيلة الجبالى.
نظرت اليه فى صدمة وترقرقت الدموع فى عينيها من كلماته الحادة لتقول فى همس حزين:
_وأنا تحت أمرك.
آلمه اضطرارها لتحمل زواجها منه ..آلمه شعوره بأنها لا تبادله رغبته فيها وانما تفعل ذلك من أجل أمها، كاد أن ينهض ويتركها ولكن رغبته بها جعلته يتجاوز عن هذا الألم بقلبه ويغلق النور لتنتفض هى قائلة:
_مبحبش الضلمة.
مددها على السرير قائلا :
_وأنا اتعودت عليها.
اقترب منها ، كان فى بادئ الأمر عنيفا فى قبلاته وكأنه يفرغ فيها غضبه ثم بدأت قبلاته ترق تدريجيا، حتى أصبحت ناعمة شغوفة، تثير أحاسيسها وتجعلها تتجاوب معه بخجل..رقته وخبرته فى تقبيلها جعلاها تستسلم لمشاعرها التى اجتاحتها بجنون وتتجاوب معه أكثر لتحيطه بخجل ..شعرت بجروح بارزة على ظهره، كادت ان تسأله عنها وهى تفيق من تأثير لمساته إلا أنه أسكتها بقبلة أطاحت بمشاعرها وجعلها لا تدرك سوى أن هذا هو نضال فارس أحلامها لتضمه تطالبه بالمزيد فأغدقها بفيض كرمه، لا يكتفى أحدهما من الآخر حتي تم اتحادهما وهدأت أنفاسهم المتسارعة، ابتعدعنها نضال على الفور دون كلمة ومنحها ظهره لينام..مالت الى الجانب المضاد له وقد أدمعت عيناها تقول لنفسها بسخرية:
_وانتِ كنتى فاكراه هياخدك فى حضنه مثلا أو يقولك كلمة حلوة..انتِ هبلة قوى يارهف..ده مش نضال اللى ياما حلمتي بيه..فوقى يارهف ..فوقى.
****************
يقولون أنه لايمكن لأحد أن يجرحك إلا إذا وافقت علي ذلك وسمحت له بإذلالك وأنك إذا هُنت وصرت رخيصاً في نظره وأصررت علي البقاء في حضرته فلا تلومن سوي نفسك حين يلفظك من حياته بقسوة أو ربما يُرديك دون رحمة.
فتحت نيرة الباب لتفاجئ بصديق زوجها سامى يقف امامها يطالعها بنظرة لم تريحها على الاطلاق..قالت بتوتر:
_خير ياأستاذ سامى.
قال سامى:
_انا جاى آخد ملفات لنائل..نسى ياخدهم الصبح والملفات مهمة جدا لاجتماع النهاردة ..هتلاقيها فى دولاب اوضته.
أومأت برأسها قائلة:
_لحظة واحدة أجيبهملك.
اتجهت لغرفة نائل لكى تحضر الملفات..وبينما كانت تبحث عنهم فوجئت بمن يضمها من الخلف قائلا بصوت اقشعر له بدنها اشمئزازا:
_متتعبيش نفسك..مفيش ملفات ونائل مبعتنيش..أنا اللى جمالك جابنى على ملا وشى.
انتفضت مبتعدة عنه وهى تقول بغضب:
_ابعد عنى ياحيوان، نظرتى فيك كانت صح، ياما حذرت نائل منك بس هو مسمعنيش.
نظر اليها يتأملها برغبة جامحة وهو يقول:
_وماله ياقطة..حيوان حيوان، بس عايزك وهاخدك..من يوم ما شفتك وانا عينى منك، سنة وانا شايفك عايشة مع واحد زى نائل ميستاهلش ضفرك، سنة وأنا بتمناكى بس مانع نفسى عنك عشان مخسرش صاحبى اللى بكسب من وراه قد كدة، بس خلاص مبقتش محتاجله..لكن انتِ أكيد محتاجالى، هو انتِ فاكرة يعنى انى مش عارف كل حاجة، أسرار نائل كلها معايا يانيرو.
نظرت اليه باحتقار قائلة:
_ما انتوا شبه بعض..لكن انا مش شبهكم، انا انضف منكم كلكم، ولا يمكن توصلى ولا تمس شعرة منى، الموت عندى أرحم من انك تلوثنى بايديك دول.
ابتسم سامى بسخرية قائلا:
_متستعجليش ..مش يمكن أعجبك؟
كان يقترب منها فأحست بالخوف وحاولت ألا يظهر عليها وهى تقول بحدة:
_خليك عندك.
اقترب اكثر وهو يقول:
_متخافيش منى يانيرة..ده انا بحبك.
أمسكت الأباجورة الموجودة على الكومود وهى تقول بتهديد:
_لو قربت منى هقتلك..والله العظيم هقتلك.
ابتسم بسخرية قائلا:
_لو الايدين الناعمة دى اللى هتموتنى ..فأنا معنديش مانع.
وقبل ان تضربه بها أمسك بيدها فى قوة وكتفها لتسقط الأباجورة، شرع يقبلها بعنف فضربته أسفل بطنه بقوة، تأوه وامسك بجسده فى ألم لتنتهزها نيرة فرصة وتهرب من الحجرة الى باب المنزل فاصطدمت بنائل الذى عاد للتو، عقد حاجبيه لمرآها على هذه الحالة قائلا:
_فيه ايه؟مالك؟
التقطت أنفاسها وهى تشير الى سامى الذى كان يجرى خلفها والذى أخفض عينيه لمرأى نائل الذى اتسعت عينيه فى دهشة وهو يرى سامى بينما تقول هى بانهيار:
_الزفت صاحبك جه البيت بحجة انك عايز ملفات وكان عايز..كان عايز...
لم يحتاج نائل لكلماتها التى لم تستطع نطقها ليفهم ما حدث..التفت الى سامى بغضب قائلا:
_الكلام ده صحيح ياسامى؟
نظرت اليه نيرة فى صدمة..أيحتاج الى تأكيد من صديقه؟ ألا يكفيه كلماتها وحالتها..ألا يعرفها؟ هل جرؤ علي التشكيك بكلماتها؟
قال سامى مدافعا عن نفسه وهو يمثل البراءة:
_هى يانائل..هى اللى كانت دايما بتشاغلنى ومكنتش بحب اقولك عشان مجرحكش والنهارده قالتلى عايزانى فى موضوع يخصك..جيت..ولما جيت قالتلى انها هتورينى حاجة لقيتها فى اوضتك ولما طلعت حاولت تغرينى بكل الطرق بس رفضت..واول ما سمعت صوتك جرت وبتمثل عليك التمثيلية الخايبة دى.
قالت نيرة بصراخ:
_كداب..والله العظيم كداب..هو اللى....
قاطعها نائل قائلا:
_اخرسى.
ثم نظر الى سامى قائلا:
_امشى ياسامى دلوقتى ولينا كلام بعدين.
نظرت اليه نيرة فى صدمة فى حين أسرع سامى بالهروب..اقترب منها نائل وعلى وجهه تبدو اقصى علامات الغضب..ابتعدت عنه نيرة وهى تقول:
_والله العظيم بيكدب..والله مظلومة.
قال لها فى حدة:
_أكيد فى كلامه حاجة من الحقيقة..أكيد شاف منك اللى خلاه يتجرأ ويعمل كدة.
قالت فى مرارة:
_اللى جرأه كلامك معاه..اللى جرأه انك حاكيتله كل حاجة يانائل..مطلعتش راجل حتى فى دى.
صفعها بقوة قائلا:
_اخرسى.
قالت بغضب من وسط دموعها:
_لأ مش هخرس..أنا خرست كتير لغاية ما وصلت للحالة اللى أنا فيها دلوقتى..متجوزة واحد زيك انت.
صفعها بقوة أكبر قائلا:
_قلتلك اخرسى.
أحست بجرح وجهها من الصفعة ولكنها لم تستطع أن تصمت فلقد فاض بها الكيل عندما اتهمها فى أعز ماتملك _شرفها_لذا قالت باحتقار:
_هو ده اللى بتقدر عليه ..بتضرب ست ضعيفة عشان تغطى على ضعفك، عشان مش قادر علي صاحبك.
انهال عليها بالصفعات والركلات وهو يقول فى ثورة:
_اخرسى..اخرسى......اخرسييييى.
توقف فجأة وهو يراها مغمضة العينين وقد توقفت صرخاتها، مضرجة فى دمائها التى تسيل من كل مكان فى جسدها..ناداها فى خوف قائلا:
_نيرة.
لم تجبه فانحنى يهزها قائلا:
_نيرة ..فوقى يانيرة.
لم يجيبه سوى الصمت..فوقف فى فزع ونظر اليها نظرة أخيرة قبل أن يخرج من المنزل مهرولا وكأن شياطين الدنيا تجرى ورائه.
اصطدم بزينب العائدة من السوق ولكنه لم يبالى بها فعقدت حاجبيها وهى تراه على هذه الحالة ثم تنهدت وهى تتجه الى المنزل لترى الباب مفتوحا ..انتابها القلق ودخلت بسرعة لتجد نيرة واقعة على الأرض مضرجة فى دمائها، وقعت الأكياس من يدها وهى تضرب صدرها قائلة بجزع:
_ياندامتى..ست نيرة..عينى عليكى ياضنايا.
أسرعت اليها وانحنت عليها تضع يدها أسفل أنفها لتشعر بها تتنفس..أمسكت هاتفها المحمول واتصلت بفهد قائلة فى خوف:
_الحقنى ياسى فهد..انا لقيت ست نيرة غرقانة فى دمها.
قال فهد فزعاً:
_انتوا فين يادادة زينب؟
قالت زينب وهى تبكى :
_فى البيت ياسيدى.
قال لها :
_اتصلى بالاسعاف حالاً وانا جاى علطول.
أغلق الهاتف فقال يزيد بقلق:
_خير يافهد..الاسعاف لمين؟
أخذ فهد مفاتيحه وهاتفه وهو يقول بجزع:
_نيرة يايزيد لقيتها الدادة غرقانة فى دمها.
اتسعت عينا يزيد بصدمة، حبيبته نيرة مضرجة بالدماء، هل سيخسرها؟ابتهل قلبه علي الفور..
لا ياإلهى ابقها على قيد الحياة حتى ولو لم تكن لى..يكفينى أنها حية تتنفس.
اتجه فهد للخارج فى حين أفاق يزيد من صدمته قائلا:
_استنى يافهد ..أنا جاى معاك.