رواية حبل الوريد الفصل الحادي عشر 11 بقلم ياسمين عادل


 رواية حبل الوريد الفصل الحادي عشر 

      _ طرقت على المقود بأصابعها وهي في قمة الغضب من فعلتهُ المجترئة تلك .. 
ولم تجد مفر من مواجهتهُ ، حلّت عنها حزام الأمان ثم ترجلت عن سيارتها بإنفعال واضح ونطقت بنبرة مرتفعة  : 

- إيه سر ظهورك في وشي بطريقة المطاردين دي ! 
ريان وهو يذفر الدخان من صدرهُ بهدوء مُريب : عدى ٢٤ ساعة من المدة اللي الهانم حددتها ، محبتش أشوفك في شركتي تاني عشان كدا جيتلك بنفسي
كارمن وهي تُظهر وجهًا شديد المقت منه :وقرارك إيـه؟ 

   _ حدجها بنظرات مطولة .. ثم قال بصوت خشن : 
- هديكي الأرض ، بس بشرط 

    _ تحركت كارمن لتستقل سيارتها مرة أُخرى عقب أن شعرت بالنصر عليه بأول جولة لهما سويًا .. ونطقت بصوت مسموع : 

- أبقى أتفاهم مع المحامي بتاعي ، أكيد تعرفهُ .. وهو هيقولك انا موافقة على شروطك ولا لأ

    _ آكلهُ الغيظ من تجاهلها الشديد له .. فقذف غليونهُ بالأرض وأتجه نحو سيارتها بخطوات متسرعة حتى لحق بها قبيل أن تجلس بالمقعد الأمامي .. سد عليها الطريق بجسدهُ عقب أن دفع باب السيارة لتنغلق ، ثم قال بصوت منفعل :

- أنا ماليش كلام مع الوسيط بتاعك ، زي ما جيتي تطلبي الأرض هتيجي تاخديها .. وإلا أعلى ما خيلك أركبيه
كارمن وقد راقت لها نظرات الغضب التي ملأت عينيه : والله! تمـام .. أنا معنديش مانع ، بكرة تكون جهزت ورق التنازل وانا هكون عندك بعد الضهر 
ريان : مسمعتيش شرطي
كارمن وقد أتسع ثغرها ببسمة واثقة : هابقى أجيبلك النسخة الأصلية من الملف معايا ، كدا كدا خدت اللي عوزاه منها ومبقاش ليها لزوم .. بس على الأقل كشفتلك وش أبوك الحقيقي
ريان وهو يصيح بأسمها منفعلًا : كـارمـن ! 
كارمن وقد أنعقد حاجبيها بإندهاش مصطنع : إيه اللي مزعلك ، مش دي الحقيقة ! ولا الحقيقة بتقف عند أهلك ؟ 

     _ رمقها بضيق شديد بينما رغبت هي بالإبتعاد عنهُ والإنفراد بنفسها .. أعادت شعرها خلف أذنيها وهي تهتف بضجر :

- أبعد عشان أمشي 

    _ هبّت نسمات ربيعية لتطير خُصلة قصيرة من شعرها وتطير معها رائحتها .. فتخللت أنفهُ بسهولة شديدة جعلته يشعر بقشعريرة قوية أقتحمتهُ ، تذكر آخر عناق بينهما .. عندما كانت تودعه للأبد .. أقترب على الأنهيار أمامها ليلومها ويعاتبها ويبوبخها .. ولكنه أبتعد في الحال وأولاها ظهرهُ ، أطبق جفنيه بقوة وهو يسيطر على حالهُ .. 
تفهمت هي ما أصابهُ فقررت المغادرة سريعًا ، شعر هو بسيارتها وهي تبتعد عنهُ .. فنطق بهمسات خافتة  :

- فوق ياريان ، مبقاش ينفع تحس بأي حاجة .. مينفعش ، يارب ، يارب أقتلها من جوايا ، أقتلها 

................................................................. 

        _ صباح ربيعي جديد .. تواجدت فيه كارمن بين جدران هذا الصرح العظيم ، شركات  ( KM )  
أنهت التوقيع على بعض القرارات المصيرية للشركة ثم غادرت حجرة مكتبها منتوية زيارة مكتب قُصي .. 
لم تتردد قبل طرق الباب لتجدهُ يفتح لها بنفسهُ وهو يرتدي سترتهُ البنية .. أشرق وجهه بمجرد رؤيتها وشعت به البهجة ، ثم أفسح لها المجال وهو يقول بسعادة :

- كارمن ! أنا كنت لسه جاي ليكي
كارمن وهي تتقدم من المقعد المقابل لمكتبهُ : ليه؟ 
قُصي وهو ينظر لساعة يده : كنت هعزمك على الفطار بره ، محتاج أتكلم معاكي كتير 
كارمن وهي تفرك جبهتها بتفكير : خليها بعدين ، أنا جيالك في شغل 

    _ جلس قبالتها وتفحص ثنايات وجهها المرهق ، ثم قال بشئ من التذمر : 

- أنتي منمتيش كويس أمبارح ؟ 
كارمن وهي تومئ رأسها بالإيجاب : فعلًا ، المهم .. مشروع الوحدة السكنية اللي قدمتهولي أنا موافقة عليه ، لكن هنعمله على أرض تانية غير اللي رشحتهالي
قُصي بفضول شديد : فين ؟ 
كارمن بثقة شديدة : الأرض اللي أخدها طاهر من بابي في المزاد بالرشوة ، هرجعها ليا النهاردة
قُصي بعدم تصديق : أنتي بتكلمي جد؟ إزاي ده حصل ؟ 
كارمن : أكيد مش بهزر 

   _ نهض قُصي عن جلسته وجلس نصف جلسة على حرف الطاولة ليكون أقرب إليها .. وبجرأة معهودة منه سحب كفها ليطوقهُ بأصابعهُ الدافئة وقال بإعجاب :

- إنتي مُذهلة ! بجد فاجئتيني
كارمن وهي تحاول أن تسحب كفها من بين يديه : شكرًا 
قُصي وقد ضايقهُ جفائها : كارمن ، أمتى هتحني عليا ، أمتى هتديني فرصة ؟ أمتى؟ 
كارمن بتردد : قريب ، متستعجلش 
قُصي : أنا هموت من الأنتظار ، بقالك كتير بتوعديني 
كارمن وهي تخفض بصرها بخجل منهُ : قُصي ، انت أكتر حد عارف الفترة اللي مريت بيها قد إيه كانت صعبة
قُصي وهو يهز رأسهُ بتفهم  : عارف ، بس مش عارف أصبر نفسي أكتر من كدا .. سامحيني
كارمن وهي تجبر نفسها على الإبتسام  : حاضر

    _ جذب كفها بشياكة شديدة وقربهُ لفمهُ ليقبلهُ .. بينما علقت أنظارهُ على عينيها التائهتين .. وفجأة أنفتح الباب ليظهر كريم من خلفهُ ، وقد أصابه العجز عن النطق مما رآه .. 
هل هذا هو الرجل الذي طالما مقتتهُ وبغضت وجودهُ.. الآن هو الأقرب إليها .. 
حدجهما بعدم تصديق ، بينما تنهد قُصي بسئم وهي يقول بنفاذ صبر  :

- خير ياكريم ! 
يارب متكونش جاي عشان حاجة تافهة
كارمن وهي ترمقهُ بإنفعال بيّن : قُصي ، خلي بالك من كلامك مع أخويا
قُصي بنبرة متفهمة : I'm sorry يابيبي 
كارمن وهي تنهض عن جلستها لتتقدم من شقيقها : عمومًا إحنا خلصنا كلام ، عن أذنك
قُصي  :........ 

     _ سحبت شقيقها خلفها لتكون خارج هذا المحيط الذي يخص '' قُصي '' بينما توقف شقيقها وجذبها بعنف وهو ينطق مستفهمًا  : 

- أنا عايز أفهم اللي بيحصل بالظبط! 
كارمن وهي تحرر رسغها من قبضتهُ : مفيش حاجة بتحصل ياكريم
كريم مشيرًا بسبابته وبلهجة محذرة نطق : أوعي ياكارمن ، أوعي تفكري توافقي على عرضهُ
كارمن وهي تطلق تنهيدة مختنقة من صدرها : ليه لأ ؟ 
كريم بعدم تصديق وقد أتسعت عينيه عن آخرها : تتجوزي ده ! 
كارمن وهي تخفض بصرها بقهر : لسه بفكر ! 
كريم : تفكري ! ده أكتر واحد كنتي بتكرهيه في حياتك ! إزاي ممكن تتجمعي معاه في مكان واحد 
كارمن وهي تنظر حيالهُ بثبات مُريب : أديك قولتها ، كنت ! يعني فعل ماضي وراح لحالهُ .. عن أذنك عندي شغل

   _ كان قُصي يسترق السمع لحديثهم ، فخفق قلبهُ بشدة .. كم ودّ أن تكون أمامهُ الآن فيحتضن كفها ويقتلهُ تقبيلًا .. دمعت عيناه بضعف شديد ، وكادت الفرحة تنطق نيابة عنهُ من فرط سعادتهُ .. أحتضن كفهُ الذي كان ملامسًا لها منذ قليل وهمس :

- أخيرًا ، أخيرًا الدنيا هترضى عني وتديني هدية زي باقي الناس ! 

   _ قهقه بصوت مسموع ، يكاد لا يصدق أذنيه التي أستمعت لهذا الحديث ، فقد كانت هي الأمنية الوحيدة التي تمناها طويلًا ولم يحظى بها .. والآن بات الأمل موجودًا بالفعل .. لن يتركها ، ولن يضيع هذه الفرصة .. لقد أقسم بذلك . 

.................................................................... 

      _ في ظهيرة اليوم التالي .. كان ريـان منتظرًا حضورها بفارغ صبر ، حتى يتخلص من هذا الهمّ الذي أثقل عاتقهُ ، توعد بأن يفوز الجولة التالية .. كي يرد هيبتهُ وهيبة والدهُ التي فسدت بفعل تلك الحماقات التي أرتكبها .. 
جلس على رأس الطاولة المستطيلة في حجرة الإجتماعات منتظرًا حضورها برفقة مُحاميها ، ولكنها تأخرت عن الموعد المحدد بساعة ونص .. تذمر وهو جالسًا منتظرًا حضورها وتفهم إنها تعاقبهُ لأنه لم يحضر بنفسهُ إليها .. 
بينما نطق المحامي بشئ من التبرم  :

- أنا عندي شغل كتير ياأستاذ ريان ، وكدا آ.... 
ريان وهو يقاطعهُ مشيرًا بيدهُ  : ربع ساعة كمان ولو مجتش المعاد كلهُ هيتلغي يامتر 

   _ طرقت السكرتيرة باب القاعة طرقات خافتة قبيل أن تدلف للداخل ، ثم أخفضت رأسها بتهذيب وهي تتابع :

- محامي آنسة كارمن جـه يامستر ريان
ريان وهو يضع الغليون خاصتهُ جانبًا : خليه يدخل 

    _ ولج المحامي ممسكًا بحقيبة جلدية سوداء ، ومن خلفهُ ظهر قُصي بتعابير وجهه الباردة .. تحول وجه ريان للحُمرة الفاقعة واتسعت عيناه عن آخرها وهو يراه أمامهُ ، فنهض بحركة متشنجة وهو يقول بصوت مرتفع :

- أنت بتعمل إيه هنا ؟ 
قُصي وهو يبسط ذراعيهِ في الهواء : business is business 
ريان وقد خالج الغضب صوتهُ الثائر : مفيش بيني وبينك شغل ، ولو جاي عشان تاخد الأرض يبقى معنديش أراضي
محامي كارمن : ممكن تهدا ياريان بيه
ريان وهو يشير نحوهُ بـ إحتقار : لما الشئ ده يطلع برا شركتي هابقى أهدا

     _ أخيرًا ظهرت كارمن .. خطفت نظرة للجميع ثم قالت بهدوء :

- sorry على التأخير ، ياريت نبدأ بسرعة لأننا مش فاضيين
ريان وهو يُحيد ببصرهُ عنها : لما البتاع ده يطلع بره
كارمن وهي تتظاهر عدم الفهم : أنا مش شايفة مشكلة من وجود أكبر شريك في مجموعة km بينا النهاردة ، وياريت نتمم إجراءات البيع من غير عطلة

    _ تقدمت للأمام قبل أن يسمح لها بالدخول أو الجلوس .. واعتلت المقعد اليساري له وبجوارها جلس قُصي ثم المحامي الخاص بها .. بينما رمقها ريان بنظرات ساخطة قبل أن يجلس بمقعدهُ مرة أخرى .. 
أشار ريان للمحامي الخاص به فبدأ بإخراج الأوراق من المستندات .. بينما أمسك ريان بالغليون وبدأ ينفث فيها بشراهة وكأن هذا الدخان هو إحتراق لصدرهُ المشتغل وليس بقايا التبغ .. 
كانت الأجراءات الأولية مهمة المحامين ، وعندما أنتهوا من ذلك .. نظر ريان حيالها ومد يده وهو يردد بعنف :

- الورق اللي معاكي ! 
كارمن : سيبلهم الملف اللي معاك يامتر 
المحامي وهو يقدم له المستند : أتفضل
ريان عقب أن ألتقط المستند وتفحصهُ جيدًا : مضيها على البيع يابهجت 

    _ وقعت كارمن على أوراق نقل ملكية الأرض لها ، ثم أحتفظت بالملف .. نهض المحامي الخاص بريان وهو يقول :

- كدا الأرض بقت معاكي ، باقي توثيق الشهر العقاري وده سهل
قُصي وهو ينظر نحو '' ريان '' ببرود شديد : كل حاجة هتنتهي النهاردة ، ماشي ياأستاذ؟ 
المحامي الخاص بكارمن : حالًا ياقُصي باشا، عن أذنكم

   _ أنصرف محامي كارمن ليتمم إجراءات التسجيل ، ومن خلفهُ سار محامي ريان .. في حين نهض '' ريان '' عن جلستهُ وصفق بخفوت وهو يردد : 

- مبروك ، بس حتة الأرض اللي خدتيها مكنتش مهمة أصلًا بالنسبالي ، ولولا إنك أتبعتي أسلوب رخيص فـ إنك تاخديها أنا مكنتش هسيبهالك  Congratulations ( مبروك ) 
كارمن وهي ترسم بسمة مزيفة على مبسمها : الأسلوب الرخيص هو اللي أتبعهُ والدك من البداية عشان ياخد الأرض ، كان ممكن المزاد يمشي بشكل رسمي وقانوني .. لكن لما عرف إن المزاد هيرسى على بابا هو اللي أختار الطرق الرخيصة من انا
ريان وقد توهج جسدهُ وزادت سخونتهُ من فرط الإنفعال : مرة تانية لو جيتي مكتبي ، ميكونش معاكي ضيف مرفوض بالنسبالي 
قُصي بلهجة عدائية وهو يشير إليه محذرًا : أحفظ أدبك ، أنا ساكت لأني في... شركتك 
ريان وهو يصيح فيه بإنفعال : أديك قولتها ، شركتي .. يعني أدخل فيها اللي عايزهُ واطرد اللي عايزهُ ، أطلع بــرا
كارمن وقد أرتفع صوتها : مش من الزوء تطرد ضيوفك ، وخصوصًا لو ناس تبعي ويخصوني ، وكمان جايين معايا
ريان وهو يضرب بقبضتهُ على سطح المكتب : أنا لما قولتلك تيجي مقولتش تجيبي حد تبعك ياهانم
كارمن وهي تتعمد إثارة غيظهُ أكثر : ده مش مجرد حد ، إحنا خلاص هنكون واحد .. اللي بتطردهُ ده هيكون جوزي ومقبلش حد يهينهُ
ريان : ............ 

     _ ليتها غرزت سكين نصلهُ تلم بقلبهُ ، بدلًا من قول هذا أمامهُ .. كُل ما مضى عليهم كان شيئًا ، وما هو قادم شيئًا آخر ، كيف تجرأت على ذلك؟ .. هل كان جرحها غائرًا لـحد يسمح لها بتعذيبهُ كُل هذا القدر ! 
تماسك بقوة .. ووزع نظراتهُ بينهم ، بينما كانت نظرات قُصي نظرات شامتة عدوانية .. برز فيها الحقد ، أعتدل ريان في وقفتهُ ، ورفع رأسهُ بشموخ قبل أن يردد  :

- يبقى خديه وأطلعو أنتو الأتنين برا ، ومش عايز حد فيكم في مكتبي مرة تانية .. بـــرا

     _ أحتقنت عيناها ، وظهر الإنفعال على تقاسيم وجهها .. وبدون أن تلفظ كلمة واحدة ألتفتت لتغادر مكتبهُ ومن خلفها سار قُصي عقب أن خمدت نيران صدرهُ برؤية النيران بينهما وقد أنعدم الأمل في رجوعهما .. 
لم يرد أن يُحدثها الآن .. فهي بـ ذروة غضبها ، ولن يكون حديثهُ معها داعمًا له ، بل سيزيد الطين بله .. 
أستقلت كارمن سيارتها في الخلف ، وأشارت للسائق كي يتحرك .. وخلفهما سارت سيارة قُصي ، كان عقلها منهمكًا في التفكير حول إهانتهُ لها ، فقد طردها شر طردة الآن .. وبصوت خفيض تمتمت :

- بتطردني ! ماشي ياريـان .. ماشي

    _ قام ريان بـ إلغاء كافة المواعيد واللقاءات المحددة لـ هذا اليوم .. وانصرف تاركًا شركات النعماني متوجهًا نحو قصرهُ .. 
كانت الخادمة تمسك بحامل معدني أعلاه كأسين فارغين ومتوجهة بهِ نحو المطبخ لتنظيفهُ .. ولكنها تفاجئت بعودة '' ريان '' في هذه الساعة المبكرة ، فـ أرتبكت خطواتها أمامه حتى دفعتهُ لأن يُطيح بهذا الحامل من يديها ليسقط أرضًا مُحدثًا صوت رنان .. ثم صرخ فيها بعنف :

- أبعدي عن وشــي

    _ خرجت '' مايسة '' من حجرة المكتب يتبعها مـراد .. لترى هذه الحالة المزرية على الأرضية ، فـتسائلت بشئ من القلق :

- في إيه ياعليّة ؟ 
عليّة وهي تلملم قطع الزجاج بحرص : سي ريان بيه دخل على أخره ، وراح طايح الصنية من أيدي وطلع على فوق
مايسة وهي تنظر نحو الطابق الأعلى  : وبعدين بقى ! 
مراد وقد تلوت شفتيهِ بتهكم : هو كدا من ساعة ما خرج من السجن ، مش طايق كلمة من حد وعلى طول متعصب
مايسة وقد أستشعرت صيدهُ لأخطاء أخيه : بكرة يروق وكل حاجة تتحسن 

       _ ترك هذا الطابق والذي شمل غرف الجميع .. وراح يصعد الدرج الضيق ليصعد الطابق الثاني من القصر .. 
تواجدت به بعض الغرف الصغيرة والتي أحتفظ بإحداهن لنفسهُ وجعل لها مفتاحًا خاصًا به .. 
فتح الغرفة وولج إليها بتشنج وصفق الباب بعنف، وقف لحظات في هذا الظلام ، ثم تحسس الحائط ليضغط على زر الإنارة .. وما أن أُضيئت الحجرة حتى كان المشهد گالتالي .. 
كُل ركن وزاوية وحائط ، يحمل صورًا فوتغرافية عديدة لها ولهما سويًا .. أكتظ الحائط وتكدس بالصور العديدة فـ لم يسع مكانًا لصور أخرى .. هُنا ضحكتها وهُنا مرحها ، هنا كانت تلعب بالرمال وهنا كانت تداعبهُ بمياه البحر 
كُل صورة بذكرى مختلفة يحملها بداخلهُ ، لقد أصبحت أكثر من مجرد فتاة أحبها وعاش معها تفاصيل حياة  .. تجمعت الدموع في عينيه ، وبدأ في الإنفجار .. 
أنهمرت الدموع التي كان يمنع ظهورها منذ أن خرج من السجن .. وتعالت شهقاتهُ عقب أن أحسّ بوجودهُ منفردًا ، راح يتطلع لكل صورة وداخلهُ يتمزق .. لقد ذاق لوعة الحُب ومرارة فراقها ، والآن يعيش المرحلة الأخطر .. ستتزوج بغيرهُ وصرحت له بذلك ، لم تهتم بما كان بينهما من ماضٍ ولم تكترث لشعورهُ .. فهي تُحمله فقط مسؤلية ما تعيش فيه الآن ، سقط جسدهُ على المقعد الخشبي ورفع رأسه للأعلى.. لتتوغل دموعهُ بداخل خصلات شعرهُ ، وشعور الخزي والحسرة قد تملك من قلبهُ وسيطر على كيانهُ ، فـ لم يكن يومًا يحسب حسابًا لكل ما عايشوهُ ..... 

        (( عودة بالوقت للسابق ))  

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1