رواية نصفي الاخر الفصل الثالث عشر
___لأجلكم___
لأجلكم واريت همي بصدري وسجنت آهاتي في جب قلبي، خشيت بطشه فلم أدرك أني بصمتي آذيتكم حين آذاني، واليوم أبوح بذنبي فسامحوني وتقبلوا معذرتي وأعيدوني لكنفكم فقد أوذيت بما يكفي.
_انتِ فين ياوعد؟
نطق فهد بهذه العبارة فى حدة وهو يخاطب وعد هاتفيا..تلعثمت وعد قائلة:
_أنا..أنا..لسة خارجة من البيوتى سنتر يافهد؟
عقد فهد حاجبيه قائلا:
_كل الوقت ده فى البيوتى سنتر؟طب و التليفون كان مقفول ليه؟
ابتلعت وعد ريقها قائلة:
_ما انت عارف يافهد ان مفيش شبكة هناك واني لما بروح بقعد نص النهار..عشان جلسات التدليك والمساج والبشرة والشعر.
ثم اختارت ان تهاجم فخير وسيلة للدفاع هى الهجوم وهى تردف :
_وبعدين أنا ورايا ايه يعنى ولا عندى أطفال ولا اى حاجة تشغلنى يافهد.
تجاهل فهد عبارتها قائلا:
_مش وقت الكلام ده ياوعد..تعالى على مستشفى الصفا حالا.
قالت فى جزع:
_ليه يافهد..انت كويس؟طمنى عليك الله يخليك.
خفق قلبه بقوة فهو يعلم عشقها له وقلقها عليه ليطمأنها على الفور قائلاً:
اطمنى ياحبيبتى..أنا كويس...بس....
صمت لتقول فى قلق:
_بس ايه يافهد ..عمى جراله حاجة؟
زفر بقوة قائلا:
_لأ ياوعد..دى نيرة..لقيناها فى شقتها غرقانة فى دمها ..جوزها الحيوان ضاربها.
شهقت قائلة فى فزع:
_وهى دلوقتى عاملة ايه يافهد؟
قال فهد فى حزن:
_الحمد لله ربنا ستر..شوية كدمات وجزع فى ايدها..بس اكيد لما تفوق حالتها النفسية هتبقى وحشة قوي.
قالت وعد فى حزن:
_ياحبيبتى يانيرة..انا جاية حالا يافهد..دقايق واكون عندك.
أغلق فهد الهاتف والتفت ليجد يزيد قادما باتجاهه وملامحه لا تبشر بالخير فقال فهد فى قلق:
_خير يايزيد؟ نيرة جرالها حاجة؟
قال يزيد بإيجاز:
_فاقت وعايزاك.
أومأ فهد برأسه واتجه اليها فى لهفة..تبعه يزيد حتى دلف فهد الى الحجرة..كاد ان يدخل معه ولكنه توقف فى مكانه امام الباب الموارب..يكفيه ان يلمحها الآن فى حضن أخيها، تبكى بشدة وتعبر عن مشاعرها المكبوتة والتى أبت أن تظهرها أمامه..أحس بالألم داخل صدره لمرآها على هذا النحو..كان فهد يربت على ظهرها مهدئا وهو يقول:
_خلاص ياقلبى..انتِ بقيتى فى حضننا من تانى..ووعد منى ان الحيوان ده عمره ما هيتعرض لك ولا يمس شعرة منك..بس انا عايزك تهدى وتجاوبينى على سؤال واحد وبصراحة؟
خرجت من حضنه تنظر اليه وهى تمسح دموعها بيدها السليمة..فاستطرد قائلا:
_دى أول مرة يمد ايده عليكى؟
نظرت اليه بتردد ثم ما لبثت ان حسمت رأيها وهى تهز رأسها نفياً..لتتسع عينا فهد بصدمة ويقبض يزيد على يده بقوة..قال فهد فى هدوء يخالف البركان الذى تفجر بداخله:
_طب ليه مقولتلناش يانيرة..ليه سكتى واستحملتى؟
نظرت اليه وهى تقول فى ألم:
_عشان هددنى بيكم يافهد..هددنى لو حد عرف هيقتله وده مش بنى آدم صدقنى..ده حيوان ويعملها.
جز يزيد على أسنانه فى حين قال فهد فى غضب:
_ده جبان يانيرة ..ولا يقدر يعملنا حاجة..آخره يتشطر على واحدة ست..انتِ مش عارفة اخواتك ولا ايه؟
قالت فى حزن:
_خوفى عليكم عمانى عن انى اشوف جبنه وخوفه منكم.
قال فى مرارة:
وايه السبب فى ضربه ليكى المرة دى؟
صمتت فاقترب منها وربت على يدها قائلا:
_احنا قولنا ايه؟ لازم تحكيلى بصراحة ياحبيبتى.
نظرت اليه نيرة واخذت نفسا عميقا أليما ثم قصت عليه كل ما حدث..نهض فهد من مكانه يضرب الحائط بقوة وغضب فشهقت نيرة بخوف، أغمض فهد عينيه يحاول أن يهدئ من نفسه وأسرع يضمها بين ذراعيه لتنزل دموعها ويشاركها من الخارج يزيد الذى بكى على محبوبته وهو يسمعها ويسمع ما ذاقته على يد هذا النائل وصديقه النذل والذى سيقطعهم ارباً ما ان يعثر عليهم..أفاق على صوت وعد تقول فى دهشة:
_يزيد !
التفت اليها فرأت دموعه، أصابتها الصدمة بينما مسح هو دموعه بسرعة وقال لها بصوت أجش:
_انا مضطر أمشي، عن اذنك.
أومأت برأسها وهى تتابعه يغادر فى حيرة ثم نظرت الى حيث كان موجها بصره فرأت نيرة تبكى بشدة داخل حضن فهد نظرت مرة اخرى باتجاه الجهة التى غادر منها يزيد لتقول فى صدمة:
_معقولة!
ثم نفضت أفكارها وهى تدلف الى الحجرة وتأخذ نيرة فى حضنها قائلة فى حنان وحزن وقد رأت حالتها:
_اهدى ياحبيبتى ..اهدى يانيرة..احنا جنبك خلاص ومش هنسيبك أبدا.
اندست نيرة فى حضن وعد وهى تهدأ قليلا..لينظر فهد الى وعد يعقد حاجبيه بقوة فمظهر وعد كما هو منذ ان خرجت فى هذا الصباح..لا تبدو وكأنها خرجت للتو من مركز التجميل، ثم تذكر تلعثمها وهى تحدثه ..يعلم انها لاتستطيع الكذب وأنها تخفى شيئا عليه ولابد أن يكتشفه..لابد.
************
كان نضال ورهف عائدين بعد جولة من التسوق أصر عليها نضال ليحضر لرهف ملابس محجبات..لا تدرى لم شعرت بالراحة وهى تجرب هذه الملابس..بينما شعر نضال بأن رهف ازدادت جمالا فى الحجاب، وتساءل فى صمت عما يجب أن يفعله كى يخفى جمالها الفتان..هل يجعلها ترتدي النقاب مثلا؟ربما.. لا يدرى حقاً ماذا يفعل؟
حدثها لأول مرة منذ خروجهم هذا الصباح فقد بدا الليلة باردا متباعدا بعد ان ظنت أنها حطمت في لقائهما الأخير هذا الجدار الذى بناه حول قلبه :
_اسبقينى علي الأوضة وأنا هركن واجيب الأكياس وأحصلك.
أومأت برأسها وهى تسبقه ..اصطدمت برجل فابتعدت بسرعة قائلة فى خجل:
_آسفة.
وما ان وقعت عيناها على هذا الرجل حتى قالت فى صدمة:
_مازن.
نظر اليها يتأملها بإعجاب سافر وهو يقول:
_مش معقول..رهف..انتِ اتحجبتى ؟من امتى الكلام ده و احنا ما بقالناش شهر سايبين بعض؟ بس تصدقى لايق عليكى قوي.
نظرت اليه فى برود قائلة:
_عن اذنك.
كادت ان تغادر لولا ان امسك يدها مانعا اياها من الرحيل وهو يقول:
_استنى بس رايحة فين؟
التفتت اليه لتنزع يدها من يده وتهينه على امساكه اياها بهذه الطريقة ولكن يد أخرى سبقتها ونزعت يدها من يد مازن بغضب وهو يقول:
_شيل ايدك من على مراتى يامازن.
نظرت اليه رهف فى فرحة امتزجت بالحيرة تتساءل عن كيفية معرفة نضال بمازن ..وجدت نضال يحدق مازن بنظرات غاضبة بينما يقول مازن بصدمة:
_نضال!
ثم استوعب كلمات نضال ليقول بحيرة:
_مراتك مين؟
نظر الى رهف بصدمة كبيرة قائلا:
_انتِ اتجوزتى نضال يارهف؟
قال نضال بحدة:
_كلمنى أنا..وأيوة رهف تبقى مراتى..وأحسنلك مشوفكش قريب منها تانى ..ولا تجيب سيرتها بكلمة واحدة..انت فاهم ولا لأ؟
تمالك مازن نفسه وهو يقول بسخرية:
_مش غريبة يانضال ان ذوقنا فى الستات واحد رغم ان احنا مش شبه بعض خالص.
ورمق رهف بنظرة اعجاب واضحة وهو يقول:
_بس المرة اللى فاتت متجيش حاجة جنب المرة دى..رهف دى صارو......
قاطع كلماته لكمة قوية فى وجهه من نضال فشهقت رهف فى حين قال نضال فى احتقار:
_قلتلك متجيبش سيرتها على لسانك القذر ده وإلا هدفعك التمن غالى يامازن.
ثم أمسكها من يدها يجرها خلفه بخطوات غاضبة..فى حين مسح مازن الدم من على شفتيه قائلا فى توعد:
_التمن ده انت اللى هتدفعه يانضال..حسابك تقل معايا قوي ياابن الجبالى.
***********
لم تتحدث رهف ..رأت نضال يزرع الحجرة ذهابا وايابا بغضب..أرادت أن تقترب منه، تأخذه فى أحضانها وتربت على ظهره مهدئة ولكنها خشيت من رد فعله وهو فى هذه الحالة يتصارع مع نفسه ما بين الوحش والعاشق..رن هاتف رهف فى هذه اللحظة لينظر اليها نضال بحدة وكأنه يدرك أنها معه لأول مرة..اقترب منها يقول بصوت كالفحيح:
_انتِ تعرفى مازن منين؟
توترت وهى تقول:
_ده كان..كان خطيبى.
تذكر نضال هذا الخطيب النذل الذى اخبره عنه يزيد والذى تخلى عنها عندما فقدت أموالها ليدرك ان هذا هو مازن الذى يعرفه، فهو عنوان للخسة والغدر والخيانة والنذالة،يدرك الآن أن غضبه كان للا شئ فهو بات يعرف رهف ويدرك جيدا ان ذلك المازن قد انتهى بالنسبة لها منذ تخليه عنها..رن هاتف رهف مرة اخرى، نظرت الى شاشته فوجدته الرقم الخاص بوعد لتقول لنضال فى قلق:
_دى وعد..لازم أرد.
أخذ منها الهاتف ليرد قائلا ببرود:
خير ياوعد؟
استمع نضال الى وعد وملامحه تتغير الى الصدمة ثم الغضب..خفق قلب رهف قلقا وهى تتخيل الأسوأ..هل حدث لأمها شيئا؟متى وهى حدثتها منذ ساعة عندما كان نضال يدفع حساب المشتريات وكانت بخير تماما؟أغلق نضال الهاتف وهو يقول لها بحدة:
_حضرى الشنط ..هنسافر حالا.
نظرت اليه فى رعب قائلة وقد بدأت دموعها فى التساقط:
_ليه يانضال؟؟.طمنى أبوس ايدك.
نظر اليها ليدرك فى ثوان سبب فزعها..أوجعته دموعها فاقترب منها بسرعة قائلا وهو يضمها اليه بحنان:
_هشش، متقلقيش..مامتك بخير..نيرة بس تعبانة شوية ونقلوها المستشفى.
ابتعدت عنه تمسح دموعها وهي تقول:
_ومستنيين ايه؟يلا حالا على مصر..لازم نكون جنبهم.
تابعها بعينيه وهى تتحول لهذه الفتاة القوية تمنحه دعمها بالكامل كما اعتاد منها بعد ان كادت تنهار منذ ثوان..ليزداد اعجابا بها..تذكر نيرة اخته، ماسمعه عبر الهاتف جعله يغلى من الغضب..سيعود وسُيرى هذا الوغد انتقام الوحش.