رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل الثالث عشر 13 بقلم روز امين


رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل الثالث عشر بقلم روز امين



تسللت إلى مسامعها نبراته البغيضة والتي ما مقتت شيئًا أكثر من صاحبها،فجأة تسلل الرُعب لجدار القلب وكأن الماضي عاد بكل وحشيتهُ ليداهم سلامها النفسي والإستكانة،ويزعزع إستقراريهما بضراوة،أما فؤاد فقد اشتعلت عينيه بشرارات الغضب حين استدار ليجد ذاك الحقير يقف بكل جرأة أمامهم، هب واقفًا على حين غرة ليطيح بالمقعد أرضًا من شدة غضبه،ليقف أمامهُ تحت استنفار الجميع،اشتدت نظراته عداءًا وهو يسألهُ بعينين تطلقُ شزرًا لو خرج لأشعل اللهيب بجسد الأخر وحولهُ لكتلة متوهجة:
-إنتَ بتعمل إيه هنا يا بني أدم إنتَ؟
ليصيح مسترسلاً بحدة أكبر: 
-ومنين جبت الجرأة اللي قادر تقف بيها قدامي بعد كل البلاوي اللي عملتها؟! 

-أنا هنا زيي زيك بالظبط...قالها بكبرياءٍ وقح بعدما وضع كفيه بجيبي بنطاله،لتهتف عزة وهي تتطلعُ عليه بنظراتٍ منبهرة بأناقته وجسده الذي مازال يحتفظُ بحيويته ورشاقته رغم مرور كل تلك السنوات: 
-يخربيتك يا ابن إجلال، إنتَ إيه اللي سخطك كده، ولا كأن الزمن لا راح ولا جه عليك يا منيل
أشعلت بكلماتها العفوية غيرة فؤاد الذي هتف وهو يرمقها ببراكين غضبه الكامنة بعينيه:
-عـــزة
إبتلعت إيثار ريقها بصعوبة وعلمت أن عزة بغبائها قد خطت بساقيها عرين الفؤاد، ليتابع الأخر بكلماتٍ صارمة: 
-خدي الأولاد وإقعدي بيهم في ترابيزة بعيد عن هنا

ازدردت ريقها وهرولت لتتمسك بكف مالك الذي أفلتهُ وهو يقول بحدة: 
-سبيني يا عزة عاوز اتفرج على الخناقة
همست وهي تجذبهُ عنوةً بينما ساقيه تتمسكُ بأرضها: 
-يلا يا منيل متجبلناش الكلام، خناقة إيه اللي عاوز تشوفها، دي هتبقى مجزرة 

تحركت عزة وصاحبها بعض الحرس لحماية الأطفال،أسرع يوسف ليجاور أبيه الروحي الوقوف والمساندة بينما رمق الأخر بنظراتٍ يملؤها الإحتقار بعدما علم بجميع تفاصيل ما حدث بالماضي من سرد عزة المُفصل وبات على عِلمٍ بالحقيقة كاملة ،عاد فؤاد بنظره لذاك الواقف بعناد وإحتدمت نيران غضبه ليتحدث باعتراضٍ قوي يجيب به على جلمته: 
-إنتَ عمرك ما كنت ولا هتكون زيي
وتابع بتقليلٍ من شأن الآخر: 
-ومهما حاولت، هيفضل أصلك غالب

خرجت الكلمة لتخترق منتصف قلب يوسف بدلاً من ذاك الأرعن الذي استغل الوضع لصالحه وقرر إغتنام الفرصة في الحال، ليقول وهو يقترب من الشاب متمسكًا بيده بقوة وصلابة: 
-ماله أصلنا يا سيادة المستشار؟، ولا أنتَ لفقت التهم وبعد ما أقنعت الناس بيها بحكم منصبك، صدقتها؟!

جذب يوسف كفه منه بعنفٍ ليطالعهُ بازدراءٍ مع صوتٍ صارم: 
-إنتَ إيه اللي جايبك هنا، من فضلك إمشي وكفاية فضايح لحد كده
وتابع بعيني متألمتين: 
-إتقي الله فيا وإبعد عني أنا وأختي وسيبنا في حالنا بقى

لم يخشى الله ولا أعين الموجودين حول الطاولة الذين شهدوا على خسته وندالته وإجرامه بالماضي هو وعائلته، بل كذب وتحدث بنظراتٍ توسلية وهو يتعمق بمقلتي الشاب كي يستقطب لُبه:
- إتقي الله إنتَ فيا وفي نفسك، وحاول تفهم وتشوف حقيقة الناس اللي خطفوك مني وحرموني من حُضنك سنين بالظلم والإفتراء

إشتعل جحيم غضب فؤاد وتقدم بساقه نحوه ليجذبهُ يوسف وهو يقول برجاء: 
-إهدى يا بابا وتمالك أعصابك لو سمحت

بتلك اللحظة إشتعلت نيران غضبه وشعر بكلمات نجله وكأنها نصل سکينًا حاد يغرز في وسط قلبه ليُدميه على الفور، استجمع قوته وتحدث بغضبٍ عارم لو خرج لأحرق الأخضر واليابس بطريقه: 
-هو مين ده اللي بابا يا يوسف؟! 
وتابع وهو يُشير باتجاه فؤاد وعلام بنبراتٍ تمثيلية متأثرًا: 
-الناس دي لفقوا لجدك نصر قضية قتل ودخلوه السجن، وبعدها جه دوري أنا وإعمامك،وكل ده علشان يخلصوا مني ويبعدوني عن طريقهم وياخدوك من حضني

تمالكت من حالة الإنهيار التي أصابتها لتتماسك رغم هلعها وتقف تستدير وتجاور زوجها الوقوف ويخرج صوتها غاضبًا بعدما فاض بها الكيل وطفح: 
-إنتَ إزاي قادر تكون كذاب وتمثل البرائة قدام كل اللي شهدوا على خستك وندالتك،وإزاي مصدق نفسك كده، لدرجة إني لو معرفكش كنت صدقت كلامك؟! 

يا الله، كمٍ من المشاعر الهائلة تصيب القلب عند رؤية من أمتلكه بعد طول غياب، مشاعر عنيفة ضربت عمق قلبه وهو يراها بعد غياب كل تلك السنوات وحجبها عن عينيه، ظل ينظر عليها متجمد الملامح، هو الآن لا يرى ولا يسمع ولا يشعر سوى بدقات قلبه العنيفة التي تطالبهُ بضمتها وليحدث ما يحدث، إشتعلت نيران فؤاد ومازاد من إشتعال روحهُ هي تلك النظرات التي رأها متوهجة في أعين ذاك الحقير لتخترق وجه خليلة الروح،كان يتطلع عليها بإشتياقٍ بَيِن متفحصًا إياها بأعين تلتمع بالشغف والحنين، إشتعل داخل رجلها الجاسور لتشتد نظراته عداءًا وما شعر بحاله إلا وهو يندفع تجاهه ويُمسك به من ياقتي بذلته ليهزه بعنفٍ ضاربًا بكل القواعد والأصول والبروتوكولات عرض الحائط،
من يرا تجهم وجههُ يجزم أنهُ على وشك إرتكاب جريمةً شنعاء،صاح يوسف وهو يجذبه للإبتعاد: 
-أرجوك يا بابا تهدى 
هرولت تتمسكُ بساعده لتترجاه بصوتها المتوسل وعيناها المتأثرة: 
-سيبه علشان خاطري يا حبيبي

استفاق عمرو على نطقها لكلمة "حبيبي" ليزيد لهيب كرههِ لذاك الرجل الذي استطاع خطف لُب إمرأته الوحيدة مثلما فعل بنجله الحبيب، إهتز جسدها وكادت أن تسقط أرضًا لولا يداي عصمت التى سندتها بعد دفعة فؤاد القوية وهو ينهرها للإبتعاد عن مرمى نظر ذاك الحقير الذي يأكلها بعينيه:
-إبعدي 
وتابع وهو يرمقها بغضبٍ عارم لو خرج لأشعل المكان برمته: 
-إتحركي وروحي عند ولادك حالاً 
تنفست بصعوبة وهي ترى زوجها لأول مرة يتعامل معها بتلك الهمجية، تمالكت حالها وهرولت إليه من جديد بعدم استسلام: 
-إهدى يا فؤاد وسيبه علشان خاطري، والله ما يستاهل اللي بتعمله في نفسك ده

أمسك يوسف كفيها المتمسكتان بساعدي حبيبها ليزيلهما بصعوبة: 
-إسمعي كلام بابا وإبعدي
كاد فؤاد أن يلكمه لكنهُ توقف عند استماعه لنبرات صوت والده الخشنة: 
-فؤاد
توقف في الحال حين أمسك الأب ساعده المتشبث بياقة الآخر ليزيلها بحدة وهو يتطلع بعيني نجله الغاضب: 
-دي مش تصرفات جناب المستشار فؤاد علام زين الدين
وتابع ناهرًا: 
-كل واحد ليه حدود بيتصرف على أساسها وأساس البيئة اللي إتربى فيها

وتابع وهو يتطلع من حوله على أعين المحيطين التي تصوبت تجاههم بتمعنٍ شديد: 
-بص للناس اللي بتتفرج على سعادة المستشار إبن رجل القانون علام زين الدين، وإعرف إنك غلطت لما عملت لنكرة قيمة.

لم تشفع كلمات والده ولا تلك النظرات، هرولت عليه تجذبه وتبتعد للخلف،قلبهُ يغلي كالبركان من شدة غيرته على خليلة الروح والفؤاد،تحدثت وهي تتحسسُ ظهره بلمساتٍ حنون تحسهُ على الهدوءِ والسكينة:
-مينفعش اللي بتعمله ده،أرجوك أمسك أعصابك

برجاءٍ تحدث اليها: 
-طب إمشي من هنا،روحي عند ولادك
وتابع بعيني تطلقُ شزرًا:
-إمشي يا إيثار بدل ما أقتله قدام إبنك

نطقت بإصرارٍ وعناد ناتجان من إرتعابها على من ملك الفؤاد واستوطنَ: 
-مش هتحرك من مكاني غير ورجلي على رجلك
جذبته من ذراعه تترجاه بنظراتها: 
-يلا نروح ويوسف هيجيب الأولاد وبابا وماما ويحصلنا

هتف بهسيسٍ مصاحبًا بنظراتٍ مرعبة: 
-إنتِ ليه مش بتسمعي الكلام، بقول لك إمشي من قدامه، ولا أنتِ عوزاني أتحول لقاتل؟ 

-خد مراتك وإمشي من هنا يا فؤاد...قالتها عصمت بصوتٍ يهتز من شدة هلعها ليجيبها بعنادٍ كافر:
-لو مش عاوزاني أرتكب جناية، خديها من قدامي وامشوا يا ماما

نطق علام وهو يرمق الرجل شزرًا وتقليلاً: 
-لو عاوز تحافظ على اللي باقي من كرامتك، خد بعضك وإمشي من النادي حالاً

رفع حاجبه الأيسر بتهكمٍ صاحبهُ تلك الابتسامة الساخرة وهو يقول: 
-هو أنتم ليه بتتعاملوا مع الناس على إنكم أسيادهم
وتابع رافعًا قامته بكبرياء ومغزى: 
-أنا هنا بفلوسي ونفوذي، فاهم يعني إيه نفوذي؟ 

بكل ثقة تحدث علام: 
-إنتَ اللي مش فاهم إنتَ واقف قدام مين وبتتحداه بمنتهى السذاجة 

بغرورٍ أرعن نطق بلامبالاة: 
-أنا عارف كويس قوي أنا واقف قدام مين، واخرك هاته يا باشا لأني مبتهددش

هتف يوسف من بين أسنانه بطريقة أظهرت كم الغضب الذي أصابه من ذاك الأبلة عديم الفهم: 
-كفاية فضايح وقلة قيمة لحد كده، أرجوك، إمشي، واحفظ كرامتك وكرامتي

أمسك علام هاتفه وابتعد قليلاً ليجري مكالمة،ليقطع الصمت صوت تلك التي تحدثت بصوتٍ مرح: 
-ويْنك حياتي ، عم دور عليْك، الزغار كتير جوعانين وبدُن ياكلو
التفت يطالعها بارتباكٍ تحت نظرات الجميع التي اتجهت تتمعنُ تلك الجميلة الرشيقة التي تقف بكامل أناقتها ، ترتدي بنطالًا ملتصقًا بجسدها ، يعتليه كنزة بدون أكمام ،تاركة لشعرها الأشقر العنان ليتطاير مع نسمات الهواء الربيعية،اتسعت عيناها لتهتف بذهولٍ وابتسامة هادئة حين رأت صورة زوجها المصغرة متجسدة بذلك الشاب :
-يا الله ، أكيد هيْدا يوسف يا عمرو  ؟! 
أومأ لها بصمتٍ لتتابع وهي تقترب من الشاب تحت حدة وفوران قلب إيثار التي تراقب الوضع عن كثب: 
-لك شو هالشبه يلي بيْناتكن،عيوني ما عم تصدق، قديش صاير بتشبه بيّك

قطب الشاب جبينه وبات يتطلعُ نحوها باستغراب لجهلهِ هويتها، فتابعت تعرفه على نفسها : 
-أنا بكون لارا، مَرْة بيّك  
وتابعت باستحسان: 
-يا الله، لو بتعرف اديش البابا بيحبك وبيموت عليك، صرعني من كِتر ما بيحكي عنك
وتابعت بتأكيد وهي ترى جمود الشاب:
- والله عنچد بيحكي
وتابعت : 
-لازم تچي لعنا لحتى تشوف إخواتك وتتعرف عليُن،كتير مهضومين متلك،متأكدة إنك رح تحبُن وتصيروا إخوة بتجننوا

أشارت بكفها باتجاهٍ معين لتتابع:
-وحتى فيك تشوفن هلأ، هنن معنا هون بالنادي، تركتُن مع الناني تبعُن وإجيت لحتى دور على البابا يلي اختفى 

نطق يوسف بهدوء عكس ما يدور داخله من بركان غضبٍ بفضل ما يحدث من عبث بحياته بسبب ذاك المسمى بأبيه: 
-أهلاً وسهلاً، ياريت حضرتك تاخدي عمرو بيه وتبعديه عن هنا، تجنبًا للمشاكل

ضيقت ما بين عينيها متعجبة طريقة استقبال الشاب لها ثم باتت تتطلع من حولها لتجد استنفار الجميع وهم يطالعونها و زوجها، لتسأله باستغراب : 
-شو في يا عمرو، مين هادول الناس، وليش عم يطلعوا فينا هيك

هتف فؤاد موجهًا الحديث لها: 
-الأسئلة دي إبقي إسأليها للبيه وانتوا لوحدكم، وياريت تسمعي نصيحة يوسف وتمشوا من المكان حالاً
تطلعت إلى تلك المرأة المتشبثة بثياب ذاك المتعجرف لتنطق بعدم استيعاب بعدما شعرت بنغزة تقتحم قلبها وكأنهُ شعر بحضور غريمتها: 
-مين إنتِ؟ 
ثم تطلعت نحو عمرو لتسألهُ: 
-هيْديك المرة هي بذاتها يلي كِنت مِتْجوزا؟! 

لم يعد يتحمل سخافات تلك المرأة بالحديث،خاصةً بعدما ضغطت على جرحه النازف، فتحدث بصرامة أثارت حنقها: 
-بطلي رغي وكلام فاضي وخدي جوزك واتحركي من هنا يا ست إنتِ

اكفهرت ملامحها واتسعت عيناها غضبًا لتهتف حانقة: 
-إنتَ شو مفكر حالك لحتى تحاكيني هيك ، أنا رولا، بنته لسَليم إلياس، رجل الأعمال المعروف بكِل العالم

هتف بحدة متهكمًا: 
-غنية عن التعريف يا مدام،أصلك وفصلك عارفهم كويس قوي، أبوكي من أكبر مشبوهي العالم
طالعها بقوة ليعد على أصابع يده بتسلسلٍ متهكم: 
-غسيل أموال، على تجارة أعضاء،على سلاح ماشي، مخدرات تلاقي

صاحت معترضة: 
-إنتَ كيف بتتچرأ وتحكي هيك عن البابا؟!، صدقني رح تندم على كِل كلمة حكيتا

احتد غضبًا واشتعلت عيناه لتملؤها شرارات الغضب قبل أن يهتف هادرًا بتهديد: 
- إلتزمي حدود الأدب وإنتِ بتتكلمي معايا، وإعرفي إن اللي إنتِ واقفة قدامه ده، قادر يرحلك على المكان اللي إنتِ جيتي منه، وفي أسرع مما خيالك يصور لك 

ارتبكت وأجبرتها شخصيته القوية على الصمت، أجزمت بداخلها أنها لن ترى رجلاً بقوة ذاك الصارم من قبل،
باتت تتحسسُ صدره لتحثه على السكينة والهدوء وهي تقول بصوتٍ يفيضُ حنانًا:
-يا حبيبي إهدى،الناس بتتفرج علينا يا فؤاد

اشتعلت روح عمرو من شدة غيرته وهو يراها بكل ذاك اللُطف والحنان،أما رولا فابتلعت لعابها وهي تطالعهما ثم نظرت لزوجها فلمحت نظرات الغيرة والحقد تملأ عينيه، حضر مدير أمن النادي ومعه بعض رجال الحراسة،أحنى رأسهُ قليلاً احترامًا لعلام وفؤاد اللذان بادلاه تحيتهُ الصامته ليتحدث الرجل مشيرًا إلى "عمرو" بعدما أتاهُ أمرًا بطرده من المكان فورًا بعد إجراء علام اتصالاً هاتفيًا: 
-اتفضل معايا إنتَ والمدام يا استاذ عمرو 

سألهُ بجبينٍ مقطب: 
-اتفضل مع حضرتك على فين؟! 

بهدوء أجابه: 
-على مكتبي، عقد اشتراكك في النادي اتحل حالاً، واتفضل معايا علشان تسترد فلوسك كاملة 

هتف بصياحٍ معترض: 
-اللي بيحصل ده تهريج وشغل كوسة، أنا مواطن مصري محترم، اشتركت بفلوسي اللي إنتوا حددتوها، يبقى مش من حقكم بعد ما اتفقنا تلغوا العقد علشان خاطر مستشار

أجابه الرجل برزانة وثبات: 
-حضرتك خالفت قوانين النادي المذكورة في بنود العقد من أول يوم ليك، اقتحمت خصوصية عيلة سيادة المستشار واتعديت عليهم باللفظ، وكل الحاضرين شاهدين بكده
وتابع الرجل بجدية: 
-إحنا نادي محترم وشغلنا كله قانوني

رفع حاجبه بتهكمٍ مع رسم ابتسامة ساخرة: 
-أه طبعاً، وسيادة المستشار وإبنه بتوع القانون كله

صاح الرجل معنفًا: 
-إتفضل وبلاش تعمل شوشرة لأنها هتضرك وتضعف موقفك أكتر

صاح أحد أعضاء النادي المخضرمين: 
-يا ريت يا افندم تتحروا الدقة في السؤال عن المشتركين الجدد، النادي ده عريق وأعضاؤه كلهم ناس محترمة، ولازم تحافظوا على النقطة دي

أيده جميع الحضور تضامنًا مع علام وعائلته ليرمق عمرو بنظرة تقليلية متابعًا: 
-مش كل من بقى معاه شوية فلوس مجهولة المصدر، يدخل ويقعد بينا 

استشاط داخل عمرو وثار بفضل تعرضه للسخرية والتقليل من قِبل هذا المتعجرف ليقابل حديثهُ بحديثٍ مماثل:
- إنتَ بتقول إيه يا جدع إنتَ، أنا مولود في بقي معلقة دهب، وفلوسي وارثها أبًا عن جد ، 

وأشار بكفه حول الجميع مقللاً: 
-الدور والباقي عليكم، لابسين بدل ماركات وإنتوا ماليانين بلاوي وعيوب

-امشي معايا من سكات بدل ما استعمل معاكم القوة...قالها مدير الأمن المسؤول عن المكان تحت استنكار عمرو وذهول رولا وعدم استيعابها للإهانة التي تتعرض لها هي وزوجها أمام الجميع. 

-إنتَ إيه يا اخي، شيطان، كفاية بقى فضايح، كفاااااية...كلمات صرخ بها ذاك الذي ظل يكظم قهرته بداخله حتى امتلأت روحه قهرًا وما عاد فيه الامتصاص أكثر فثار وهاج ليصرخ معبرًا عن قمة غضبه،اتسعت عينا عمرو وبات يلعن نفسه آلاف المرات لما آل إليه نجله الحبيب بفضله،بينما هرول نحوه فؤاد يحتضنه ليجذب عنقه يريحه على كتفه مخبئًا وجهه به وتحدث هامسًا:
-هششش،إهدى يا حبيبي،حاول تمسك أعصابك يا ابني

شعر بوخزة اخترقت قلبه بعد رؤيته لهذا المشهد، ومازاد من ذبح روحه هو تشبث يوسف بكتف فؤاد وكأنهُ وجد الملاذ الآمن له، هرولت إيثار صوب نجلها لتحاوط ظهرهُ بحنوٍ ثم طالعت عمرو لترمقهُ بكرهٍ لم تكنه لأحدٍ مثله لتهتف كارهة: 
-ربنا ينتقم منك، ربنا ينتقم منك

الآن فقط أدرك فظاظة ما فعله، تحدث إلى الشاب نادمًا بعد فوات الأوان: 
-أنا آسف يا يوسف، كُرهي للي ظلموني قدر يتغلب على حبي ليك يا ابني

نطق كلماته السامة ليتحرك ممسكًا بكف زوجته التي نطقت بتذكير: 
-خلينا نروح لحتى نجيب الزغار 
نطق مدير أمن النادي بجدية: 
-متتعبيش نفسك يا مدام، الولاد والدادة بتاعتهم والحرس اللي كانوا معاهم مستنينكم في المكتب 
طالعت فؤاد بسخطٍ ليبتسم بجانب فمه ساخرًا على تلقيها أول هزيمة أطاحت بكبريائها أرضًا أمامه، رمقته بتحدي قبل أن تتحرك بجوار زوجها الذي تحدث: 
-هنتقابل تاني يا فؤاد يا علام، ده مش أخر المطاف 

-وأنا دايمًا جاهز وفي انتظار جولاتك...قالها بقوة وثبات ومازال الشاب بأحضانه 
_________

خرج من النادي بصحبة عائلته بعدما تلقى هزيمة ساحقة على يد غريمه الأقوى، استقل الجميع السيارة وجلس هو وزوجته ونجلاه بالأريكة الخلفية، قاد بهم السائق وتحرك تجاه طريق العودة لمنزلهم، هتفت توبخه على موقفه المخزي: 
-يا عيب الشوم عليك، تركت الزلمة  يبهدلني   وضليتك واقف تتفرچ عليي

أجابها ببرودٍ مميت: 
-إنتِ اللي زودتيها لما هددتيه بإسم أبوكِ يا رولا
صمت ليتنفس ثم تابع بتفكيرٍ:
- شكلنا محتاجين لخطة جديدة علشان نعرف نتعامل معاهم ونضرب من تحت الحزام

-ما كِنا هيك لحد ما حضرتك خربت الدنيي بچيتنا عالنادي
وتابعت وهي ترمقهُ بنظراتٍ نارية: 
-ليش إچينا على هيدا النادي بالتحديد يا عمرو، وبهالوئت؟! 

صمت لتسألهُ والدموع تجمعت بعينيها مع نظرة عتب: 
-كنت بتعرف إنها هون ؟ 

-لا طبعاً... قالها مستنكرًا ينفي عنه اتهامها ذاك فسألته من جديد: 
-لساتك لهلا بتحبا؟
بإنكارٍ هتف لكي لا يثير شكوكها برواياته التي قصها عليها طيلة سنوات:
-إيه التخاريف اللي بتقوليها دي يا رولا، حب إيه وزفت إيه
سحب عنها عينيه لكي لا تكشف كذبه: 
-بأي عقل هفضل أحب واحدة خاينة باعتني علشان راجل تاني، واحدة حرمتني من إبني سنين طويلة، بعد ما اتفقت مع الحقير اللي سابتني بسببه

طالعتهُ بريبة أثارت رعبه ليتمسك بكفها في محاولة لجذب ثقتها من جديد: 
-إنتِ مش مصدقاني يا رولا؟ 

نطقت بوهنٍ يرجع لعشقها الهائل له: 
-أنا حبيْتك كتير، وما بخلت عليك بأي شي، وصدقني يا عمرو، لو حسيت بيوم إنك بعدك بتحب هيدي المرة
وتابعت بعيون حادة وتهديدٍ مباشر: 
-الله وحده اللي بيعلم شو راح إعْمِل فيك

ابتلع ريقه ليضمها إلى صدره وهو يقول: 
-خرجي من دماغك الشك اللي زرعه لك كلام الحقير اللي إسمه فؤاد، وخليكِ واثقة إني محبتش في حياتي كلها حد غيرك

تنهدت والشك مازال يساور داخلها لكنها ستصمت الأن وتنتظر ما ستظهره الأيام قبل أن تصدر حكمها بحقه. 

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ولچ الجميع إلى المنزل بحالة مزرية ومشاعر مشتعلة، أخذت عزة الصغار وصعدت إلى الأعلى لتبديل ثيابهم، هتف علام بحدة أظهرت كم غضبه الجامح من تصرفات نجله العاقل: 
-حصلني على المكتب يا سيادة المستشار 
انتهى من كلماته ليتحرك بغضبٍ عارم، تنفس فؤاد بعنفٍ ليتطلع على زوجته التي همست بهدوء: 
-إدخله يا حبيبي، وأنا هبلغ وداد تعمل لكم قهوة

طالعها بغضبٍ لا تعلمُ سببه ليتركها ويلحق بأبيه بخطواتٍ واسعة يدق الأرض من تحته من شدة احتدامه، تنفست بألمٍ لتقترب منها عصمت وهي تقول بتوعية: 
-حاولي تهدي جوزك وتحتويه، نسيه اللي حصل بأي طريقة يا إيثار 
وتابعت وهي تحاول جاهدة بإيجاد حلولاً لتلك المشكلة: 
-أنا شايفة إننا نحاول منخرجش في أماكن عامة الفترة اللي جاية لحد الأمور ما تهدى 

وزفرت وهى تهدل كتفيها باستسلام: 
-مش عارفة طلع لنا منين ده كمان 

نطقت والخوف يجوب بعينيها: 
-الولاد مش لازم يسافروا يا ماما، إحنا لازم نقنع فؤاد بأي طريقة إنه يلغي الإشتراك. 

أجابتها وهي تطالعها بذات مغزى:
- أنا شايفة إن إنتِ الوحيدة اللي تقدري تعملي ده، أنا والباشا حاولنا معاه كتير، وكل اللي طالع عليه هو إنه إزاي يرجع في كلامه بعد ما وعد "تاج" وهي فرحت

وصلها مغزى الحديث فهزت رأسها متفهمة لتنطق : 
-إطلعي حضرتك غيري هدومك وحاولي ترتاحي شوية، وأنا هدخل المطبخ أبلغ وداد تعمل فنجانين قهوة للبشوات،وهطلع أنا كمان أغير هدومي

ولچت للمطبخ وجدت العاملات يقمن بوظائفهن،رمقة الفتاة "هند" بنظراتٍ ثاقبة، ثم نطقت بجدية: 
-إعملي قهوة للبشوات ووصليها بنفسك للمكتب يا وداد
أومأت لها لتتحرك إيثار باتجاة الطاولة، تناولت كأسًا من الماء لترتشف نصفه ثم تنفست وتحركت للخارج تحت نظرات الفتاة التي شيعت خروجها بنظراتٍ حاقدة. 

----------
داخل المكتب، هدر علام بحدة عبر من خلالها عن غضبه واعتراضه القوي على تصرفات نجله العاقل: 
-ممكن تديني سبب واحد مقنع للتصرفات الصبيانية اللي عملتها في النادي النهاردة؟! 
وتابع مسترسلاً بذات مغزى:
- يا إبن علام زين الدين؟! 
بحدة بالغة أجابهُ: 
-هو حضرتك مشفتش تصرفات الحقير ولا الكلام اللي قاله في حقنا يا باشا؟! 

صاح علام مئنبًا نجله بصرامة: 
-الحاجة الوحيدة اللي شوفتها إنك قللت من نفسك باللي عملته النهاردة قدام الناس

بغيرة مُرة لم يستطع تخبأتها كرجلٍ يذوبُ عشقًا في غرام أنثاه:
-طب وبالنسبة لنظراته الـو... لمراتي،هي كمان مشوفتهاش يا بابا؟!

أشفق على حال ولده من نار غيرته المرة، يعلمُ جيدًا شعور الرجل عندما يرى نظرات رجلاً أخر لزوجته، والمميت ان ذاك الرجل كان زوجها السابق، يا لها من قهرة لرجلٍ عاشقًا لأنفاس زوجته، إقترب عليه وتحدث وهو يشدد من مسكة كتفه: 
-أنا عارف ومقدر صعوبة الموقف اللي إنتَ اتحطيت فيه، بس إنتَ رجل قانون،متدرب على ضبط النفس ولازم أفعالك وتصرفاتك تكون موزونة، ولازم تحط منصبك دايمًا قدام عنيك، وتعمل له ألف حساب، وإلا الكلاب المتربصة هتنهش لحمك عند أول سهو منك

أبعد نظره عنه لينطق بخزيٍ: 
-حاضر يا باشا، غلطة وأوعد حضرتك إنها مش هتتكرر

-ياريت.... قالها بصرامة ليواليه ظهره

صعد إلى جناحه وجدها تجلس فوق مقعدها الهزاز، يبدوا عليها عدم الراحة، من أين تأتي الراحة في وجود ذاك الشيطان المتمثل بهيئة "عمرو البنهاوي "كانت ترتدي قميصًا ناعمًا من قماش الستان لونهُ كشمير،طوله يصل لنهاية قدميها، يعتليه مئزرًا بنفس اللون والقماش، هبت واقفة لتهرول عليه بلهفة، أمسكت كفه تفردها لتميل بشفتاها تضع قبله بباطنها، أرادت من خلالها إيصال رسالة أنها ملكًا له، تطلع عليها ومازالت النار تشتعلُ بصدره، نطقت بصوتٍ ناعم وهي تتحسس ذقنه الخشن: 
-بحبك يا فؤاد 
جذبها بقوة لترتطم بصدره وبات يضمها بقوة كادت أن تسحق عظامها وهو ينطق بخشونة ونبرة مشتعلة: 
-إنتِ مراتي، بتاعتي من أول ما جيتي على الدنيا دي، ملكي لوحدي، أنا وبس

برغم سحقه لعضامها والألام التي بدت تغزو جسدها بالكامل إلا أنها تحملت الوجع لتنطق بصوتٍ جاهدت ليخرج طبيعي بعيدًا عن الآنين: 
-إهدى يا حبيبي، أنا ملكك بقلبي وروحي وكل كياني، وعمري ما كنت ملك لغيرك 

وتابعت بغباءٍ لم تدرك حجم فجاجته وإلا ما كانت سمحت له بالخروج: 
-وحتى لو كنت معاه بجسمي لما كنت مراته، فأنا عمري ما كنت معاه بروحي

إبتعد سريعًا ليرمقها بشزرٍ يخرج من عينيه،إرتعبت من حدة نظراته، أمسك كتفيها يعتصرهما بقوة ألمتها ونارًا شاعلة تستعرُ بقلبه العاشق ليكتم فمها بشفاه الغليظة مجبرًا إياها على الصمت، قام بدفعها على الفراش بقوة ليثبت لحالهِ أنها ملكًا له بكل ما فيها تحت استسلامها واستشعار مدى إقترافها لخطأٍ فادح بحق مشاعر ذاك المغروم،دون وعيٍا منها. 

                    ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بحلول المساء، داخل منزل ماجد
كان يجلس داخل المكتب، يعمل على حاسوبه الخاص ليقطع إندماجه دخول زوجته بعد طرقها للباب، طالعها مستغربًا، فتلك هي المرة الاولى التي تأتي إليه منذ ما حدث، أتت إليه بعدما فكرت مليًا وخافت من عقاب الله لها على الإبتعاد وحرمان زوجها من ممارسة حقه الشرعي، تحمحمت لتنظف حنجرتها وتنطق بنظراتٍ خجلة: 
-أنا بلغت سمر علشان تنقل حاجتك وترجعها لمكانها، تقدر من النهاردة ترجع لأوضتك وتنام فيها من تاني
هب واقفًا ليتحرك صوبها حتى وقف قبالتها وتحدث بنظراتٍ عاتبة: 
-أخيرًا رضيتي عليا وهتدخليني مملكتك من تاني يا فريال؟ 

صمتت وأشاحت ببصرها بعيدًا ليسألها متهكمًا: 
-ويا ترى إيه سبب التغيير العظيم ده؟ 
طالعتهُ بدون إدراكٍ لمغزى حديثه ليتابع هو بريبة تسللت بداخله: 
-ليكون الولد إبن مرات أخوكِ ناوي يفتح موضوع بيسان تاني، وإنتِ جاية بالحركة دي علشان تأثري على قراري؟ 

اتسعت عينيها من تفكيره الغريب المليء بالخُبث لتعنفهُ بحدة: 
-أولاً يا دكتور يا محترم، أنا تربية سيادة المستشار علام زين الدين، يعني اللؤم والخُبث مش طبعي، ولو عاوزة أوصل لك حاجة هاجي مباشر وأقولها لك في وشك، مش هلف وادور بحركات رخيصة زي ما وصفتني 
ارتبك وخشي عدولها عن قرار عودته لغرفة الزوجية، فنطق سريعًا لنيل رضاها: 
-يا حبيبتي إنتِ فهمتي كلامي غلط
هتفت بحدة أظهرت كم الغضب الذي انتابها من كلماته: 
-بلا غلط بلا صح، أنا عملت كده علشان خاطر أرضي ربنا فيك، الاوضة قدامك، عاوز ترجع أهلاً وسهلاً، مش عاوز إنتَ حر
إستدارت لتخرج فلحق بها واحتضنها من الخلف ليقول بأسفٍ بعدما دفن رأسهُ بثنايا عنقه: 
-أنا أسف، متزعليش مني
وهمس بجانب أذنها: 
-أنا بحبك قوي يا فيري، وإنتِ عارفة كده كويس
أذاب قلبها بهمس كلماته الناعمة،فهو زوجها وحب حياتها، مازالت تكن له الحب بقلبها، لكنها بدأت تتأثر بأفعاله الغير مقبولة، تنهدت لينطق بهمس حنون: 
-إطلعي على فوق وأنا هقفل اللاب واحصلك. 
أومأت وخرجت تتجهز لينهي هو عمله سريعًا ويلحق بها. 

           ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
مرت ثلاثةُ أيامٍ منذ حدوث صدفتها الجميلةِ به، ومنذ ذاك الوقت لم يهاتفها ولو لمرةٍ واحدة للإطمئنان عليها، انهت محاضرتها وتحركت للخارج بصحبة صديقتها المقربة"علياء"التي سألتها عندما لاحظت حزنها: 
-مالك يا بوسي؟ 

هتفت بحنقٍ أظهر مدى غضبها: 
-هطق من يوسف يا علياء، تصوري من يوم ما اتقابلنا في الإسطبل ما رنش عليا
وتابعت بجنون وهي تتجه صوب الكافيتيريا: 
-اللي كان يشوف رقته معايا وحبه وجنونه وخوفه عليا في اليوم ده، يقول إنه هيكلمني كل دقيقة يطمن ويحب فيا 
وصلت لإحدى الطاولات وجلست لتقابلها الاخرى، استندت بفكها لتتابع بنظراتٍ حزينة: 
-عيشني مشاعر حلوة قوي، خلى قلبي ينبض بحبه ويدق بسرعة من جديد

-طب ما تكلميه إنتِ 
هتفت باعتراض: 
-لا طبعاً، هبقى برخص من نفسي قوي لو عملت كده

أقبل النادل عليهما لتطلب كلاً منهما شطيرة وزجاجة من المياة الغازية،نطقت علياء بعد انصراف النادل:
-أنا مش فاهمة إنتِ مكبرة الموضوع ليه،إتصلي بيه عادي واطمني عليه، مش يمكن يكون تعبان؟ 
صمتت قليلاً تتمعن بكلماتها ثم حركت رأسها لتنطق برفضٍ تام: 
-لا يا علياء مش هتصل، لان حتى لو تعبان ده مش مبرر إنه يطنشني بالشكل ده، وخصوصًا بعد اللي حصل في الاسطبل. 
هتفت الفتاة: 
-مفيش حاجة هتضيع حبكم الكبير ده غير العند، طول ما انتوا الإتنين عاندين قصاد بعض وكل واحد مستني التاني هو اللي يقرب ويبدأ، هتفضلوا واقفين مكانكم والفجوة هتزيد 

زفرت بقوة لتنطق بحزنٍ والالمُ تملك من قلبها وظهرت الريبة بعينيها: 
-عارفة أنا إيه اللي راعبني يا عليا
ترقبت الاخرى حديثها لتتابع بألمٍ ينهشُ بقلبها: 
-إنه يكون ندم على الكلام اللي قاله لي في المزرعة،ولما قعد مع نفسه لامها وقرر يبعد من جديد
غامت عينيها بغشاوة الدموع لتخرج الحروف منها بصعوبة مخترقة تلك الغصة المرة المتواجدة بمنتصف حنجرتها:
-ساعتها يوسف هيبقى نهى على اللي فاضل مني بجد، أنا ممكن أموت فيها يا علياء

تحدثت ناهرة: 
-الكلام اللي بتقوليه ده مستحيل يحصل، يوسف بيعشقك، وكلنا عارفين كده

سألتها وهي تجفف سريعًا دمعة فرت من عينيها: 
-ولما هو بيحبني، بيعمل فيا كده ليه؟! 
رفعت كتفيها بلا معرفة للسبب وهنا استمعن صوت ذاك الذي اقتحم خصوصيتهما وهو يقول: 
-ازيكم يا بنات 
تنفست بهدوء حاولت به ضبط أنفاسها لتنطق بنبرة باردة: 
-اهلاً يا نبيل 
تحدث متوسلاً بعينيه وهو يتلفت من حوله: 
-ممكن اخد البريك بتاعي معاكم، الترابيزات كلها مليانة ومش لاقي مكان أكل فيه الساندوتش بتاعي
صمتت ليستعطفها بنظراته فنظرت لعلياء التي أومت لها بالموافقة، فأومت له ليجلس ثم فتح بابًا ذكي للحوار: 
-سمعتوا عن موضوع البنت اللي لقوها مقتولة في شقة صاحبتها ، مش هتتخيلوا السبب اللي خلى البنت قتلتها

سألتهُ بعدما نجح في جذب انتباهها: 
-هما معانا هنا في الجامعة؟! 
اجابها بابتسامة خبيثة: 
-آه، الإتنين معانا هنا
تضخم شعور الفخر بداخله على نجاحه وبدأ يقص عليهما الحكاية تحت نهم الفتاتان للإطلاع على التفاصيل المثيرة، وأكمل الحديث وهم يتناولون طعامهم سويًا. 

           ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل مسكن يوسف، كان منكبًا على الحاسوب يعمل بجدٍ واجتهاد وكأنهُ يُغرق حالهُ بالعمل كي ينأى بنفسه من ذاك التفكير القاتل،فرد ظهرهُ وأرجعه للخلف،خلع عنه النظارة الطبية وفرك عينيه بقوة،استند للخلف ليرجع رأسهُ مستندًا على خلفية الأريكة لأخذ قسطًا من الراحة يفصل به بعد ساعاتٍ من العمل المتواصل،تبسم عندما تذكر زيارتهُ بالمزرعة،كم كان يومًا مميزًا أنعش روحهُ وأعطاه القوة للدفع للأمام والمثابرة، تنفس براحة ووقف يتحرك إلى غرفة تحضير الطعام لصنع بعض القهوة كي تساعده على شدة التركيز لإكمال ذاك العمل المهم الذي يقوم به مؤخرًا، وأثناء صنعه للمشروب ولچت زينة لتتفاجأ به وتسأله بعدما شاهدت ما يفعل: 
-إنتَ بتعمل قهوة لنفسك يا يوسف، طب كنت ندهت عليا وأنا أعمل لك! 

أجابها باستفاضة: 
-حسيت بظهري قافش من القاعدة، فقومت أعملها لنفسي وبالمرة أحرك جسمي
وتابع مستفسرًا:
-طمنيني، عاملة ايه في جامعتك؟ 

-الحمدلله،كله كويس
وتابعت بريبة: 
-مش هتقولي إيه اللي مغيرك بقا لك كام يوم؟ 

أجابها بهدوء: 
-مفيش حاجة يا حبيبتي، عندي شغل كتير ومسحول فيه، ده غير المذاكرة والإمتحانات اللي خلاص على الأبواب

اومأت بتفهم.، تنفست بهدوء ثم تابعت حديثها: 
-جنة بنت عمي حسين كلمتني النهاردة، بتقولي إن جدتها إجلال جاية على مصر بكرة، وقال إيه عاوزة الكل يتلم عند عمرو بيه

نطق بصرامة: 
-وإحنا مالنا بالكلام ده 

أجابته: 
-بتقول إنها جاية مخصوص علشان تشوفك 
تنفس براحة ثم طالعها وبجدية تحدث: 
-زينة، ركزي في مذاكرتك وبس، الناس دي مفيش أي حاجة تربطنا بيهم غير الأسامي اللي في البطاقة، ولو أقدر أمحيها والله ما هتأخر دقيقة واحدة 

تحركت لتقف بجواره ثم سألته: 
-محدش منهم كلمك وقال لك؟ 

أجابها متجهمًا: 
-البيه رن عليا كتير، معرفش جاب رقمي منين أصلاً، ولما مردتش بعت لي رسالة على الواتس، شوفتها وعملت له بلوك. 

إبتسمت بصوتٍ ليطاعها وبلحظة انطلقت ضحكاتهما ليتراقص قلبهُ فرحًا لأجل شقيقته وضحكاتها التي أنارت وجهها الجميل. 

ظهر اليوم التالي
خرجت زينة من الجامعة واستقلت سيارة قد استدعتها عبر أحد التطبيقات، وصلت لمنتصف الطريق إلى منزلها، ليقطع طريقهما احدى السيارات الخاصة، تحرك منها رجلين ليقوم احدهم بفتح الباب الخلفي وإجبار زينة على الترجل وجذبها عنوةً عنها إلى السيارة الأخرى تحت هلعها وصرخاتها المرتفعة. 

تعليقات



×