رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الرابع عشر 14 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الرابع عشر 


_غفرانك سيدتي_

وتمضي الأيام يتباري فيها الألم والأمل، يوماً يفوز أحدهما ويوماً ينهزم، يوماً تلسع أبطالنا برودة الفقد ويوماً تدفئهم الذكريات، لا يستطيعون اعتياد الحزن ولا هم قادرون علي نيل سعادتهم .. يحبون الحياة ولكنهم غير قادرون علي العيش فيها وكل حبيب قد فقد حبيبه ووقف عاجزاً أمام تدابير القدر الذي نقش حروف العشق في قلوبهم ثم تركهم يهذون، ينادون أحبتهم بصمت و علي الجهر غير قادرون.

مرت الأيام بطيئة علي الأحبة،تحمل قلوبهم أوجاعاً ويقضي مضاجعهم التفكير في من ملكوا قلوبهم، فبينما كان فهد يطارد حبيبته سلسبيل في كل مكان يحاول أن يثبت لها أنه يحبها حقاً وأنه لم يعد أنانياً كما اعتاد بالماضي وأنها له مهما أنكرت كانت هي تصر علي الفراق، تخبره دوماً أن مشاعره أوهام خلقها ضياعها من يده وأنها ما إن تصبح ملك يمينه سيوقن من مشاعره الزائفة وسيبحث كعادته عن أخري وهذا شيء لن تستطيع له احتمالاً، إلي جانب إلتزامها تجاه رعد وعدم رغبتها في جرح قلبه أو أذيته.

أما رعد فكان يمارس عمله دوماً بعقل شارد في فتاة كانت له رفيقة لا يمكن الاستغناء عنها حتي فارقته بدورها ليدرك كم كان مغفلاً حين لم يري إمارات العشق بقلبه وظن أن مشاعره تألفها كصديقة أفضل من أصدقائه الرجال، تفهمه وتشاركه أفكاره واهتماماته، حاول التواصل معها منذ سافرت فلم تبادله الرد، وكأنها بابتعادها قد أوصدت أمامه كل السُبل،وكأنها توقفت عن الاهتمام ولم تعد ترغبه كصديق وقد أثار هذا جل غضبه ليصرخ قلبه  "دعها وشأنها.. ماالذي تريده منها؟ عليك أن توصد سُبل التفكير فيها بدورك وقد اتخذت قرارك بالمضي قدماً في الزواج من أختها.. ألم تكن أنانياً بما يكفي لتبحث عن راحة عقلك وتنساها ولا تهتم برغباتي؟ ألم ترغب في امرأة تكون أنت محور اهتمامها لا يشاركك في قلبها شيء آخر كعملها.. ألم تضعها دوماً في خانة الأصدقاء وتتخذ غيرها حبيبة تشغل بالك ولياليك؟ اذاً لماذا تؤلمني وتذكرني كم كنت سعيداً معها وعند غيابها رحلت سعادتي وبات كل شيء لا طعم له وكأنها كانت تضفي الروح علي حياتي ودونها غابت عني الحياة"
ليُصمِت قلبه وينغمس في عمله  عله ينسي كل شيء ويتذكر فقط أهدافه التي وضعها نُصب عينيه، سيتزوج من سلسبيل ويسافر معها إلي باريس للعمل في مشفي هذا الطبيب المشهور الذي حالفه الحظ بدعوته للعمل معه حين إلتقاه في المؤتمر الطبي الأخير وستكون زوجته سعيدة بالسفر معه لن يمنعها عملها أو مستقبلها الذي لطالما تحدثت عنهما سندس وأوضحت دون شك أنهما أهم شيء بحياتها.. نعم هذا ماسيفعله تماماً.

بينما كانت سندس منغمسة في عملها بدورها تحاول ألا تدع لها وقت للتفكير فيمن افتقدته حد الجنون، تراه في كل شيء حولها ويحنقها التفكير في أنه وبينما هي تتعذب دونه يجلس هائماً مع أختها لا يدري شيئاً عن عذابها.

أما علي الصعيد الآخر كان كل من ساهر وبراء يعيشان ضِعف عذاب المحبين فمن جهة فراقهما ومن جهة سر نيرة الذي يكتمانه بداخلهما، يقف ساهر جوار أمه ويساندها ينتهز فرصة سفر أبيه الأسبوعي ليذهب مع براء ووالدته إلي جلسة الأخيرة  التي تعود منها منهكة مستنزفة ليشعر وقتها بالعجز، يتمني لو استطاع أن يأخذ ألمها ويستبقيه بين أضلعه حتي يبعده عنها وماإن يدثرها وتذهب في سبات عميق حتي تسقط دموعه التي يحبسها داخل مآقيه وحين تحاول براء الاقتراب منه أوالتخفيف عنه يوقفها بنظراته الرادعة يحرمها حقها في الوقوف إلي جواره ومشاركته أحزانه وقد حرمته حقه قبلاً..و يحاول من جهة أخري أن يبدو صلداً أمام حبيبته، يُريها كيف سيكون شعورها ان كانت غريبة عنه وان أصبح يوماً لغيرها، يُجبرها علي الاعتراف بحبها والمحاربة لأجله عوضاً عن الاستسلام لخوف لن يجلب لها سوي الحزن والخسارة علي أية حال ولكنها حتي الآن لم تفعل.

أما حور فتعافت جراح قدمها أما جراح قلبها فلم تتعافي قط،تشتاق إليه بقوة ويحتل أفكارها وخفقاتها في كل وقت، تحاول دوماً الهرب حين تُحاصر من قبل أبيها أو أمها عند الحديث عنه ولكنها في ذات الوقت تتصيد أخباره علي مواقع التواصل الاجتماعي، تحاول أن تعرف عنه أكثر فلم تعرف سوي وظيفته السابقة والتي تفاجأت بها.. محام عربي بفرنسا اشتهر بدفاعه عن الأبرياء، ليتوقف عن العمل ويختفي فجأة ثم يعود بعدها كرجل أعمال يدير شركة والده ويحقق نجاحاً ملحوظاً وهناك أنباء عن انتقال نشاطه إلي بلد والده مصر،اذاً لابد وأنه ينتوي منافسة والدها كما أخبرها وإسقاط شركته وقد بدأ خطواته الأولي في سبيل انتقامه، مازالت حائرة لإختلاف اسم والده المعروف به والذي رأته مكتوباً علي بوابة المنزل الذي أخذها إليه فاستطاعت من خلاله البحث عنه وبين هذا الاسم الذي كان في ورقة الصحيفة والذي ادعي أن المذكور بها والده واتهم والدها بالتسبب في مقتله، هناك شيء لم تفهمه بعد ولكن يجب عليها ادراكه بسرعة حتي تنقذ روحه من انتقام قد يهلكه وتنقذ أباها من ظلم قد وقع به.. ولكن من أي طريق ستبدأ؟

بينما ليث في سعي متواصل يضع جل اهتمامه بعمله، نصب عينيه انتقام لا سبيل للتنازل عنه حتي وإن كان لأجل امرأة سلبت قلبه وتركته واهناً مشتاقاً لجزء غاب عنه،  يتجاهل محادثات أمه التي تطالبه فيها بإراحة قلبها وإطفاء لهيبه عن طريق قتل نضال بعد أن عجزت عن إذلاله كما فشلت أيضاً في اقناع ليث بقتل زوجة نضال أو أحد أبناءه ،رفض مرات ومرات يخبرها أن قتله لن يشفي غليله هو وقد انتوي أن يراه ذليلاً أمامه يطالبه بالرحمة وحتي حينها لن يفعل..يطلب منها الصبر قليلاً بعد وستدرك ذات يوم أنه كان علي صواب.

لم يكن حال الآباء أفضل من الأبناء فبينما فهد يحاول بكل وسيلة لديه طلب العفو من وعد وبدء صفحة جديدة، كانت وعد تتجاهله ببرود مدعية انشغالها بافتتاح دار الأزياء الخاصة بها، من قلبها قد سامحته منذ استمعت لحديثه مع رعد إلي جانب أنها قد رأت في عينيه صدق مشاعره وندمه وتمسكه بها ولكنها أرادت أن تمنحه درساً حتي لا يعود لخطأه، فقد تغفر المرأة لحبيبها إن أخطأ في حقها مرة ولكن إن فعلها مرة أخري فلا مجال وقتها للغفران.

بينما كان يزيد يشعر بتغير نيرة واصرارها في الفترة الأخيرة علي الابتعاد عنه بعد أن كانت تنتهز أي فرصة لتقترب منه، كانت حتي وقت قريب تغار حتي من بضعة أوراق يأتي بها من العمل قد تشغله عنها فباتت تتركه يعمل حتي وقت متأخر بل وتشجعه علي ذلك، وإن أرادها يوماً تدعي النوم لا تدرك أنه يحفظ كل خلجاتها ليدرك إن كانت نائمة حقاً أم تدعي، حاول الحديث معها أكثر من مرة ولكنها كانت تتهرب في كل مرة ليدرك أن هناك خطب ما وجل ماكان يخشاه أن تكون قد توقفت عن حبه أو رحلت رغبتها في الاستمرار معه.

كان الجميع يتخبطون من الحيرة والقلق تغمرهم الأحزان فيما عدا نضال ورهف اللذان ذهبا يقضيان شهر عسل جديد في ذكري زواجهما بعد أن إطمأن نضال علي الشركة وأيقن من هدوء الأمور في الفترة الأخيرة و أن كل شيء علي مايرام، يظن أن خاطف حور قد يأس من محاربته وقد وجد ان لا شيء قد يكسره أو يضعفه فاختار الإنسحاب.

_________

كان يسير بجوار زوجته قد عادا للتو من رحلتهما يضمها جواره بسعادة رجل يدرك في كل لحظة أن وجودها جواره هي أكبر نعمة وهبه الله إياها، حين اصطدم به شاب وسيم مفتول العضلات فأسقط حقيبته الصغيرة، اعتذر الشاب وهو يميل ويلتقطها ثم يستقيم مانحاً إياها لنضال الذي ابتسم له شاكراً، ليقول الشاب :
_نضال بيه الجبالي مش كدة؟

اتسعت ابتسامة نضال قائلاً:
_أيوة أنا.
_ودي أكيد زوجة حضرتك، تشرفنا يامدام رهف.

هزت رهف رأسها بابتسامة هادئة بينما قال نضال بحيرة:
_ احنا اتقابلنا قبل كدة؟ وشك مش غريب عليا بصراحة.
_معتقدش اتقابلنا بس أكيد هنتقابل كتير بعد كدة.

قطب نضال جبينه من لهجة الشاب التي بدت متوعدة فأسرع الشاب يوضح وهو يمد يده قائلاً:
_ليث السيوفي رجل أعمال.
_سمعت عنك،كنت محامي وبعدين اتفرغت لإدارة أعمال شركة والدك و عملت اسم كبير في مجالنا في وقت قصير وده أكيد معناه انك رجل أعمال شاطر ومسنود.

اكتفي ليث بابتسامة هادئة رداً علي كلمات نضال ثم قال:
_علي فكرة احنا جايين في نفس الرحلة بس اللي مستغربله اني مشوفتش حضرتك في اجتماع رجال الأعمال في باريس، اللي كان موجود مدير أعمالك يزيد المنصوري.. مش كدة؟
_انت متابعني كويس قوي.
_بحكم شغلي لازم أتعرف علي كل زمايل مهنتي.
_قصدك منافسينك.
_الشخص اللي قدامي هو اللي بيحدد اذا كان هيكون زميل أحترمه وأقدره أو منافس أمسحه من علي وش الدنيا.
_حاول تاخد الأمور بالراحة شوية انت لسة في البداية.
_صحيح أنا في البداية بس هوصل للنهاية بسرعة، بسرعة قوي.

ضغطت رهف علي يد نضال تطالبه بالرحيل فلم ترُق لها ويالغرابة الأمر نظرات الشاب المألوفة لديها ونبراته المشبعة بحقد، لتدعو الله أن تفترق سبلهما فلا يتصارع زوجها معه وإلا كانت العواقب وخيمة كما يخبرها حدسها، ولم يخب حدسها قط حتي الآن.

استأذن نضال من ليث بعد أن دعاه لزيارتهم مانحاً إياه الكارت الخاص به، لتستشيط رهف غيظاً تخبره أنها لم تستسغه ليدعوه إلي منزلهم فأخبرها أنه كان يعرف أباه وأنه مما سمعه عنه يدرك أن الابن يسير علي خطاه لذا لا ضير في دعوته والتعرف عليه أكثر وربما اسداء النصح له إكراماً لأبيه.
لم تقتنع رهف ولكنها انصاعت لكلماته وهي تدرك أن حدسها فقط لن يجعله يتراجع عن دعوته.
بينما ظل ليث يتابع رحيلهما بعينين اشتعلتا حقداً، يدرك أنه كان قاب قوسين أو أدني من قاتل أبيه ولم يفعل له شيئاً رغم استطاعته، ينتظر الوقت المناسب ليحقق انتقامه ويتخلص منه بطريقته، لترق عيناه وهو يتذكر عيون زوجة عدوه ووجهها الملائكي الذي يشبه حوريته حد التطابق مع فارق السن،يدرك من رد فعل نضال علي اسمه أن حور لم تخبره بشيء،لماذا لم تخبره؟ تري هل خفق قلبها باسمه كما خفق قلبه باسمها؟ تُري إن رأته في منزلها كيف سيكون رد فعلها؟ ليعود وينفض أفكاره فما هو علي وشك القيام به سيبقيها بعيدة عنه للأبد علي أي حال.

________

كانت سندس تمنح الأوامر لعمالها لتتوقف سيارة أمامها ويهبط منها عدنان بوسامته التي تخطف الأنفاس تؤثر علي جميع الفتيات عاداها وربما كان هذا السبب في انجذابه إليها واقتطاع جزء كبير من وقت عمله ليستطيع التواجد أكثر جوارها، ابتسم لها ملوحاً فبادلته ابتسامته قبل أن تخبر العامل عن آخر تعديل تريده، اقترب منها بينما تخلع عنها خوذتها وتفرك شعرها القصير بحركة طفولية سحرته ليتطلع إليها بإعجاب قائلاً:
_يوم صعب.
_أكيد.

وضعت الخوذة علي الطاولة جوارها وجلست تشير له بالجلوس فأمسك يدها يوقفها قائلاً:
_لأ إحنا لسة هنقعد قومي أنا عازمك.

قطبت جبينها بحيرة قائلة:
_عازمني!
_من يوم ما جيتي وكل وقتك مقضياه بين الشغل والبيت، مش معقول تيجي الساحل ومتاخديش جولة فيه، أنا بقي ياستي عازمك تقضي بقية اليوم معايا.. هنتغدي مع بعض وآخدك في جولة بعدها مش هتنسيها.
_أيوة لكن....
_هتقوليلي الشغل هقولك خلاص المشروع قرب يخلص وانتِ لسة قايلالهم علي التعديلات يعني مش محتاجينك لبقية اليوم، أنا مش عارف انتِ ليه مصممة تدي الشغل من حياتك وعمرك؟ إن لنفسك عليك حق ياباشمهندسة.

تذكرت رعد في هذه اللحظة وكيف كان يحثها علي إهمال العمل قليلاً والاهتمام بحياتها.. هل تتشابه أفكار الرجال؟ تذكُرها لرعد أصابها بالحزن فقررت أن تمحوه بصحبة عدنان فلديه روح مرحة قد تبعد عنها كآبة مشاعرها لذا هزت رأسها بابتسامة قائلة:
_موافقة بس هتعديني علي البيت الأول أغير هدومي.

أدي التحية العسكرية قائلاً:
_تحت أمرك يافندم.

ابتسمت فابتسم بدوره وهو يفتح لها باب السيارة لتنادي علي كبير العمال تخبره ببضعة أشياء ثم تصعد إلي السيارة ويصعد خلفها عدنان مبتسماً، بينما قبض رعد الذي كان يتابع مايحدث علي مقود سيارته بقوة حتي ابيضت سلامياته غضباً، تشتعل الغيرة بقلبه فلا تجعل هناك مجالاً لمشاعر أخري وقد فقد السيطرة علي مشاعره وتسلم قلبه الآن زمام الأمر.

________

خلعت نظارتها الشمسية تتطلع إليه بعينين صارتا حالكتا السواد تقول بغضب:
_بقي هي دي خطتك اللي استنيت المدة دي كلها عشان تنفذها؟ عايز تهد الامبراطورية بتاعته؟خطة هبلة طبعاً.. مفيش حد في الدنيا يقدر يقرب من امبراطورية الجبالي، ده أنا علي إيدك حاولت أخسرهم صفقة هنا ومزاد هناك لصالح شركة خالي منفعش، أصلهم كدة.. ايد واحدة طول عمرهم ومبيثقوش في أي حد غريب وده سر نجاحهم، تعرف اني حاولت أفرقهم علي مدار السنين ومقدرتش.. ثقتهم في بعض من غير حدود.
_وأنا مش عايز أفرقهم.. ههزمهم وهم ايد واحدة، انتِ عارفة حجم شركة بابا الله يرحمه وعارفاني وعارفة كمان أنا ممكن أعمل إيه؟

أشاحت بوجهها تطالع الطريق تتمتم بغيظ:
_حتي لو قدرت هتاخد وقت وأنا مش هستني أكتر من كدة..انا استنيت كتير.

_بتقولي حاجة؟

استدارت تطالعه قائلة بحزم:
_بقول انك تمشي في سكتك وأنا كمان همشي في سكتي واللي نحققه هيكون أكيد في صالح الكل.
_وأنا قلت قبل كدة حق بابا مش هيرجعه غيري، من اللحظة اللي اعترفتيلي فيها بالماضي وطلبتي مني أتصرف خرج الأمر من ايدك وبقي في ايدي، ولو حاولتي تتصرفي من ورايا هزعل وأنا زعلي وحش قوي وانتِ عارفة.. صحيح السكة اللي ماشي فيها طويلة بس صح وبترضي ضميري أكتر لإنه هو اللي هيتإذي وبس، لكن أي تدخل منك هيبوظ الدنيا مش هسامح فيه.. مفهوم؟

رفعت حاجبها المنمق تقول:
_هتعمل ايه يعني ياليث؟انت ناسي إني أمك؟
_لأ مش ناسي بس برضه منسيتش انك خبيتي عني الحقيقة طول السنين اللي فاتت دي وسيبتيني أعيش خدعة كبيرة، ولولا انك ضحية أنا مكنتش هغفرلك اللي عملتيه أبداً.

أشاحت بوجهها مجدداً تتهرب من نظراته المشتعلة غضباً، يتهمها بخداعه ويشتعل جسده بالغضب لإنها أخفت عنه الماضي فماذا إن علم بما لم تَبُح به ؟ارتجف جسدها للحظة ولكنها تمالكت نفسها وهي تدرك استحالة معرفته حقيقة الماضي كاملة فستحرص علي أن تنتهي من انتقامها قبل أن يفعل.

_______

غفرانك سيدتي.. قد جئتك معتذراً، أجثو لأجلك ليلي و نهاري..كيف لعبد أن يجرح مالكته؟الحق لديكِ لتحتاري..
أخطأت بحقك لم أقصد، قد نفذت مني أعذاري
قد غشي البصر ولكني، قد عاد إليّ إبصاري
ماأعرفه أني أحبكِ، في الروح أنتِ وأفكاري
ولأجلك قد أعتزل الدنيا،قد أكشف أعظم أسراري
لغيرك لن يخفق قلبي، أو أهدي إمرأة أشعاري
فأنا مجنونك لا تنسي الماضي، والحاضر يُعلن إصراري
أنتِ القادرة علي سُكناي، وقلبك أفلح في استعماري.

تنهدت وعد تتطلع إلي باقة الورد التي ضمت أزهارها المفضلة بعد أن قرأت الكارت الموضوع بين الزهور التي تجدها كل يوم أمام باب حجرتها في الصباح بعد أن يإس فهد من طلب السماح منها ورفضها إياه في كل مرة ليبتعد عن طريقها بالكامل منذ شهر تقريباً، تلمحه فقط يراقبها من بعيد، مرات بالحديقة حين تجلس عند الغروب كعادتها ومرات بمقر عملها حيث تستعد لفتح دار الأزياء الخاصة بها..يرسل لها رسائل بعينيه إلي جانب باقة الورد اليومية والتي تحمل رسائله العذبة، تارة يذكرها بالماضي وتارة تحمل كلماته وعوداً أبدية بالحب والوفاء وتارة تحمل رسالته كلمة واحدة يخفق لها قلبها بجنون "وحشتيني" فتتنهد بوجيب الشوق قائلة "انت وحشتني أكتر يافهد".
تعلم أنه وجب عليها أن تكف عن عنادها وتجعله يدرك أنها سامحته ولكن شيء ما يمنعها، ربما جُرح قلبها الذي يبدو أنه لم يطب بعد رغم الغفران.. ضمت الباقة إلي صدرها واستدارت تدلف مجدداً إلي الحجرة.
_وعد.

همسته جعلت يداها تتجمدان علي الزهور قبل أن تستدير ببطئ وتراه يظهر أمامها من هذا الركن المظلم، تعلقت عيناه بخاصتها وقد تشابكت النظرات لثاني مرة منذ خصامهما، لم تستطع هذه المرة الإشاحة بناظريها عنه وقد رق قلبها لمشاعر تنبض من مقلتيه لتقع في متاهة حرف الحاء، مابين حنين وحب وحنان وحزن أطلوا من نظراته لم تستطع سوي السكون بينما هو يقترب، تعجز قدماها عن الهرب من أمامه ككل مرة، صار أمامها يقول بشوق:
_وحشتيني.

أجابته عيناها بينما عجز لسانها عن التفوه بكلمة ليرفع يده ويمسك يدها الحرة، وجدت صوتها الذي خرج في همسة مضطربة:
_فهد أرجوك...
_أرجوكِ انتِ، أنا خلاص مبقتش قادر أبعد أكتر من كدة، أنا روحي بتروح مني وانتِ بعيد عني.

رفع يديه يمسك كتفيها يقربها إليه يتطلع إلي ملامحها التي اشتاق إليها يتأمل كل إنش فيهما قبل أن يصل لعينيها الرماديتين هامساً :
_قلبي بيقولي انك مسامحاني واني واحشك قد ماانتِ وحشاني.
_أنا....
_متتكلميش.. كلامك غير نبض قلبك اللي سامعه في وداني.

ليضمها بقوة مردفاً:
_ياااه، قد ايه استنيت اللحظة دي لما تبقي جوة حضني من تاني.

استكانت بين ذراعيه لا تقوي علي الابتعاد واكتفت بهمسات عاتبة تحاول أن تتمسك عن طريقها بإرادة تضعفها غمرته وكلماته:
_ومين اللي بعدني عنك؟ مش انت يافهد؟

وأخيراً تبادله حديثاً بعد أن انقطعت عن توجيه كلمات له منذ هذا اليوم الذي افترقا فيه؟ كم اشتاق لإسمه من بين ثغرها كما اشتاق لتذوق شهدها، ضمها إليه أكثر قائلاً:
_كنت غبي و أناني قوي ، انتِ كنتِ صح، كان لازم أتكلم معاكِ لما بعدتي عني، كان لازم أنبهك وانتِ كنتِ هتاخدي بالك ومكناش هنوصل للي احنا وصلنا ليه، كان لازم أستوعبك وأستوعب الظروف اللي جالنا بعدها رعد، بس أنا عمري مافكرت أخونك ياوعد.

شعر بها تتململ بين ذراعيه تبغي ابتعاداً عنه وقد عاد لذكر الخيانة فزاد من ضمها يقول بسرعة:
_من صغري وأنا شايف البنات كلهم انتِ وبس، وأول ماالقلب دق دق ليكِ، لما ربنا مكتبلناش الخلفة مفكرتش أتجوز عليكِ عارفة ليه؟ لإني متمنيتش طفل غير منك انتِ ولما بعدتي عني فضلت عايش علي ذكرياتي معاكِ مستنيكي، ولما في يوم ضعفت شفت جوة عينيها عنيكِ ساعتها فوقت وقلت لازم ترجعيلي، مكنش قصدي أجرحك بس انتِ كنتِ بتبعديني ومكنش لازم تضعفني حاجة.. أيوة ندمان صدقيني ياريت كفاية فراق وهجر كفاية ألم كفاية قهر بالله عليكِ ارجعيلي وسيبيني نايم جوة حضنك خليني جنبك اوعي تاني تبعديني.

ظلت صامتة فقال فهد:
_وعد روحتي فين؟
_بسأل نفسي سمعت الأغنية دي فين؟

أخرجها من حضنه دون أن يفلتها يقول بإصرار وشوق:
_والله ده مش كلام أغاني، ده كلام قلبي وحياة قلبي يعني وحياتك انتِ ياوعدي.

رقت نظراتها فشع الأمل في مقلتيه بينما تقول بهمس:
_يعني انت مش هتزعلني تاني.

هز رأسه نفياً بسرعة يظلل ثغره ابتسامة حانية

_ومفيش خناق مابينا.

هز رأسه موافقاً تتسع ابتسامته بينما تردف:
_هترجع تحبني زي زمان وتهتم بيا وتجيبلي شيكولاتة وورد مش عشان صالحتني يبقي تبطل، الحركات دي بتسعد الستات..هتجيبلي مش كدة؟

هز رأسه مجدداً لتقول مردفة:
_ومفيش سكرتيرة هتشتغل معاك في مكتبك، سكرتير وبس ولو مصمم واحدة تشتغل معاك يبقي أنا، هقفل دار الأزياء و......

أخرسها بقبلة اختطف فيها شفتيها بشفتيه يجتاح مشاعرها كما تجتاحه وقد عجز عن الاحتمال أكثر فطفلته قد عادت إليه وعادت معها الحياة.

_______

توجهت نيرة إلي المطبخ بحزم وقد انتوت أن يكون لها دور في قصة ابنها لتحول خاتمته الحزينة والتي بدت علي كل تصرفاته، سكناته وملامحه إلي نهاية سعيدة، شعرت ببعض التعب فجلست علي أقرب كرسي في المطبخ.
كانت براء تضع الأواني المغسولة في مكانها حين وجدت السيدة نيرة تناديها بوهن فاستدارت إليها تقترب منها تميل عليها بقلق قائلة:
_خير ياطنط، عايزة حاجة؟ حاسة بحاجة، أندهلك ساهر؟

رقت نظرات نيرة تدرك حب براء لها وخوفها عليها كخوفها علي ولدها تماماً لتقرر طرق الموضوع دون مقدمات تتحامل علي نفسها قائلة بهدوء:
_أنا ندهالك مخصوص عشانه.

استقامت براء تقول باضطراب :
_قصدك مين؟
_ساهر وفيه غيره ساكن قلبك زي ماانتِ ساكنة قلبه.
_طنط أنا...
_تعالي اقعدي جنبي يابراء واسمعي مني الكلمتين دول وبعدين هسيبك تاخدي قرارك ومش هضغط عليكِ ولا هكلمك فيه تاني.

ترددت براء للحظة قبل أن تتقدم وتجلس جوارها لتردف نيرة قائلة:
_الحب يابنتي بقي عملة نادرة في الزمن ده والإنسان المحظوظ هو اللي بينوله، بس أوقات بتتعمي بصيرته وبدل ماقلبه بيتحكم فيه بيتحكم عقله وهنا المشاعر بتبقي آخر حاجة يفكر فيها وساعتها بيخسر عارفة ليه؟ لإن مفيش حاجة في الدنيا أهم من المشاعر، من غيرها حياتنا بتقف ونبضها بيموت وبتبقي عيشة والسلام.. قصاد الحب المادة بتبقي ولا حاجة..  المصالح ولا حاجة..أي حاجة قصاد الحب ولا حاجة، مفيش حاجة بتسعد البني آدم قد المشاعر، مفيش حاجة بتسعدنا قد الحب.. قد اننا نحب ونتحب.

نهضت براء تقول بمرارة:
_وهيفرق ايه الحب لما يدمره كلام الناس؟ تفتكري لو ارتبط ساهر بواحدة زيي الناس هترحمه؟ الحياة مش قصة وردية زي الأفلام، الحياة واقع مر والناس فيه مبترحمش أنا مش سندريلا عشان الأمير يتجوزني والناس تفرحلنا وتسقفلنا، أنا براء بنت ثريا الخدامة اللي الكل هيستكتره عليا ويلوموه ويعايروا ولادنا بيا وساعتها هيكرهني من غير مايحس وأنا أهون عليا أموت ولا لحظة يكرهني فيها، هو زعلان مني دلوقتي لكن بعدين هينساني ويكون لغيري وهيكمل حياته، مش هكون غير ذكري تطل في عقله من وقت للتاني ويمكن في يوم ينساني وده أهون عليا من إني أعيش جنبه وأشوف نظرة كره في عيونه بعد ماكنت بشوف الحب جواهم..أهون عليا نفترق دلوقت أحسن مابعد ادمان وجوده في حياتي يفارقني وأعاني.

نهضت نيرة بدورها قائلة:
_موهومة لو فاكرة ان الفراق دلوقتي أهون..الفراق هيدمر حياتكم صدقوني.. أحكيلك حكايتي،أنا كنت الأميرة فيها ويزيد ابن الجنايني، حبينا بعض زي أي اتنين بيحبوا بعض لكنه خاف زيك تمام.. خاف من كلام الناس خاف من أهلي ورفض يعترف إني ساكنة جوة قلبه والنتيجة افترقنا، بقيت من نصيب حد تاني قصاد عنيه، النار قادت جوة منه ضمها وخباها فيه عشان محدش يحس بيه، أما أنا فمقدرتش أكون لغيره رغم اني حاولت، كنت بموت في اليوم ألف مرة، وكرهت.. كرهته لإنه محاربش علشاني يعني لو خايفة من الكره صدقيني هتلاقيه، يبقي تجازفي وتكوني ليه ولا ترضي بالفراق ومعاه هييجي اللي خايفة منه؟ المهم.. كان القدر في صفنا ورجعني ليه، يمكن لو كان طليقي انسان كويس كنا فضلنا متفرقين،كنت هكون عيلة بس قلبي هيفضل يفتكر حبه القديم وهو فيه زي أول حب بيسكن القلب مابيخرجش منه لو فات سنين أما هو فكان هيفضل يبكي علي أطلال الحب ولا كانت الناس هتنفعه أصل يابنتي كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر، ولا مسمعتيش أغاني كل اللي سبقونا وغلطوا غلطتنا اللي نفسي تصلحوها قبل مايفوت الأوان، قبل ماتندموا ووقتها مش هيفيد ندم اسمعي مني وإلحقي روحك يابنتي قبل ماتضيع جوة دوامة حزن هتلازمك سنين ومين ضامن يعيش بكرة عيشوا الحياة قبل ماتتخلي عنكم متستهلش الدنيا نعيش لحظة فيها بقلب حزين.

تساقطت دموع براء تباعاً وهي تستمع لكلمات هذه المرأة العظيمة حتي وصلت لجملتها الأخيرة فوجدت براء نفسها ترتمي بين أحضانها تبكي بحرقة لتضمها نيرة وتربت علي شعرها الناعم بحنان تتطلع إلي السماء مبتهلة لربها أن يمنح أبنائها السعادة ويجعلها تطمئن عليهم قبل أن تنتقل إلي جواره راضية مرضية.

______

هلل الصغار تحية لها بعد أن قصت عليهم حكاية يوم الأربعاء والذي تأتي فيه إلي ملجأ الأيتام تمنحهم بعض الهدايا وتقص عليهم قصة من تأليفها ثم ترحل، ابتسمت وهي تنهض وتربت علي رأس بعض الصغار الذين التفوا حولها قبل أن تحمل حقيبتها وترحل، سار خلفها علي بعد خطوات يتبعها وقد جاء إلي الملجأ بدوره، قد اشتاق  لقصصها الجميلة التي لطالما استمع إليها حين كان يصطحبها بالماضي إلي هنا ويجلس جوار الصغار يبتسم كما يفعل الأطفال كلما أطلقت مزحة وهي تقص القصص.

انحرفت جانب المبني فاختفت عن ناظريه ليسرع بخطواته وما كاد أن ينحرف بدوره حتي توقف متجمداً وقد رآها تقف أمامه عاقدة ذراعيها علي صدرها تتطلع إليه بنظرة رادعة، تخلل بأنامله شعره وهو يقول بارتباك:
_سلسبيل مش معقولة الصدفة دي أنا كنت جاي الملجأ عشان.....
_أنا شايفاك من ساعة ماجيت الملجأ، مفيش داعي نلف وندور يافهد.. ممكن أعرف جاي ورايا ليه؟
_وحشتيني.

تفاجأت بكلمته واضطربت لمشاعر نبضت بها ولكنها تمالكت نفسها قائلة:
_هو احنا مش هنخلص من الحكاية دي؟احنا مبقيناش صغيرين علي كدة، انت مش كسرتلي لعبة عشان تجري ورايا في كل حتة وتعتذرلي وأنا زي الهبلة أسامحك وأكمل لعب معاك، انت كسرت قلبي في اليوم اللي اتجاهلت مشاعري وحطيت دبلتك في ايد واحدة غيري وياريتك حتي كلمتني عنها، ده انت داريت الحكاية وكأنه سر حربي حابب تفاجئني بيه وتشوف الهبلة هتعيش ازاي بعدك؟

_ظالماني، أنا حقيقي محسيتش بمشاعري قبل اللحظة اللي بعدتي فيها عني وانتِ قصاد عينيا، صحيح أنا سافرت قبلها بس رغم المسافات عمرك مافارقتيني، كنا بنتكلم دايماً مع بعض، كنا كأننا مفارقناش بعض وان كنت خبيت عليكِ موضوع ارتباطي فلإني لآخر لحظة مكنش في دماغي الارتباط وفي لحظة تهور قررت أعيش التجربة مع اني كنت عارف انها مش هتنجح بس لإني كنت أناني مهمنيش حد غيري المهم اني أجرب، وأما عيد الحب قرب قلت تبقي مفاجأة ليكوا، حبي ليكي كان مخفي حتي عني،مكنتش أعرف، والله العظيم ماكنت أعرف ولما عرفت حلفت انك مش هتكوني لحد تاني، ماهو مستحيل حد بيحبك قدي، انتِ متعرفيش اللي جوايا ليكِ شكله ايه؟ خايف أقول حب وهو أكبر، عشق برضه أكبر، اللي جوايا انتِ ياسلسبيل وزي السلسبيل لقلبي العطشان القليل منك حياة، نظرة منك.. همسة اهتمام.. أي حاجة هتحيي قلبي بعد موت.. لو رضيتي هترجعي ليا الحياه.

هل تجازف وتصدق مشاعره الواضحة أمامها أم أنها ستكون كغيرها من النساء في حياته ماإن ينالها حتي يملها ويتركها وفي هذه المرة لن يشفي الجرح أبداً؟ وماذا عن رعد؟ ياالله.. ماذا عليها أن تفعل؟
_سلسبيل....

قاطعته قائلة بحزم:
_حتي لو بتحبني حقيقي زي مابتقول فبينا دلوقتي رعد وأنا مش هقدر أكسر قلبه يافهد.
_وفين العدل؟
_أبلة سلسبيل.. أبلة سلسبيل.

قاطع حديثهم هذا الطفل الجميل الذي لم يتجاوز الخمسة أعوام فتجاهلت سلسبيل سؤال فهد وهي تركع جوار الصبي حتي تكون بمحازاته قائلة بابتسامة :
_أيوة ياحبيبي.
_هو عمه ده مزعلك؟

رفعت عيناها لفهد قبل أن تنظر للصبي مجدداً وهي تقول:
_لا ياحبيبي.
_أصلك مكشرة قوي وانتِ بتتكلمي معاه وانتِ دايما بتبتسمي و ابتسامتك حلوة قوي.

_أي ابتسامة فيهم؟

سأل فهد يركع جوارهما بدوره فنظر الإثنان إليه متسائلين، فتطلع فهد إلي سلسبيل مردفاً بنبرات حانية أطاحت بخفقاتها:
_الإبتسامة اللي بتقول فيها انها مبسوطة وبس، ولا الإبتسامة اللي بتقول بيها للحزن مش هتغلبني ولا الابتسامة المهذبة اللي بتخفي بيها مشاعرها الحقيقية ولا الابتسامة الغامضة اللي عايزانا بيها نكشف السر اللي وراها ولا ابتسامة الثقة والفخر لما تحقق حاجة فكرناها مستحيلة ولا الابتسامة اللي مليانة غيظ وفيها وعد بالرد ولا أقرب ابتسامة لقلبي وهي ابتسامتها الدافية لحد بتحبه وشايفة فيه روحها الصافية الطيبة.

احتبست أنفاسها تشعر بقلبها علي وشك الإنفجار عشقاً وقد عجزت أمام كلماته عن السيطرة علي مشاعرها،بينما فغر الطفل ثغره حيرة قبل أن يقول:
_مش عارف.. هي ابتسامتها حلوة وخلاص.

أفاقت من أحاسيس اجتاحتها علي صوت الصبي لتربت علي وجنته بيدها قائلة:
_انت أحلي ياحبيبي، يلا بقي روح عند المعلمة ومتبعدش عنهم تاني.
_هتيجي المرة الجاية وتجيبي شيكولاتة كتير؟

هزت رأسها بابتسامتها التي يفضلها من بين كل الابتسامات، ليقبلها الصبي من وجنتها ويسرع مبتعداً، بينما تنهد فهد قائلاً:
_يابختك ياابني، كل شوية تقولك ياحبيبي لأ وفي الآخر بوستها.

نهضت سلسبيل ببطئ فنهض فهد بدوره، كادت أن تقول شيئاً ولكن فهد أسرع يقول:
_عارف الكلام اللي هتقوليه بس أنا مش طالب منك غير انك تعيدي التفكير، سعادتنا وحياتنا كلها بتعتمد علي قرارك ياحبيبتي.

لأول مرة يوجه إليها لفظ التحبب ليهدم آخر خط دفاع أمامه في قلبها، لتلقي عليه نظرة أخيرة ثم تسرع مغادرة قبل أن تضعف وتستسلم لقلبها الذي يطالبها في هذه اللحظة أن ترتمي في حضنه ولا تخرج منه أبداً.

تعليقات



×