رواية انتقام (وعد الزين) الجزء الثاني الفصل الرابع عشر بقلم رباب حسين
أغمض عينيك...... فلتستمع بصوت الهدوء.... فيكفي ما تسمعه من أفكار داخل عقلك تتخبط مثل صوت أمواج البحر الغاضب...... أين الهروب؟ فقد سئمت من عقاب عقلي لي..... فلتكف عن التفكير به ولتأخذ قرار الهجر والفراق رحمةََ بي...... أعلم أن قلبي يؤثر عليك وألمي يتحكم بك فلتقوى على الصراع وتنتصر وتأخذ القرار حتى ولو كانت النتيجة هي قتل روحي من الداخل
فتحت وعد عينيها ونظرت إلى البحر أمامها وهي شاردة تفكر وتتذكر كل ما حدث معها في الآونة الأخيرة....... قطع شرودها صوت مريم التي جلست بجوارها ونظرات الحزن على وجهها فهي تشعر بالأسى على حالة وعد ثم قالت : وبعدين يا وعد...... هتفضلي على الحال ده كتير
نظرت لها وعد ثم عادت النظر إلى البحر ولم تتحدث
زفرت مريم وقالت : طيب على الأقل كلمي جدك طمنيه..... الراجل كان صوته تعبان أوي وهو بيكلمني وكان هيموت من القلق عليكي
إعتدلت وعد في جلستها ونظرت إليها وقالت في غضب : لو كنت مهمة عنده زي ما بتقولي مكنش سمح إن زين يتجوز عليا وفي بيته وهو ساكت وبيتفرج
مريم : ما إنتي قولتيلي قبل كدة إن زين بيمشي اللي في دماغه من غير ما ياخد رأي حد وعمل معاكي إنتي كدة شخصياََ.... بتحاسبي جدك على إيه؟
وعد : على الأقل كان رفض إن الفرح يتعمل في بيته
مريم : يعني هي المشكلة هيتجوزو فين يا وعد؟ ما هو كدة كدة هيتجوزو في أي حتة بقى
وعد : على العموم لو كنت مهمة عندهم زي ما بتقولي كان زمانهم دورو عليا من زمان..... يعني زين محاولش حتى يلحقني ولا يجي ورايا وسابني أمشي عادي..... يلا بالسلامة في داهية غوري
مريم : ما إنتي عرفتي هو مدورش عليكي ليه
وعد : بس يا مريم عشان أنا كل أما أفتكر أتضايق منك ومنهم أكتر...... محدش فيكم حاول يقولي إن زين واقع في المصيبة ديه
مريم : خلاص بقى ما أنا أعتذرتلك مليون مرة..... وقولتلك ده عشان مصلحتك وعشان علاجك يتم ده غير إنها أوامر جدك
وعد : على العموم أنا بفكر أطلق من زين ومش هرجع القاهرة تاني
مريم : يا وعد طب على الأقل إديله فرصة يتكلم معاكي ويقول وجهة نظره
وعد في سخرية : أيوة صح..... أكيد في سبب قهري خلاه يتجوز عليا لكن هو مخلص وبيحبني...... كل الحكاية إني شوفته بعيني بيخوني معاها وبعدها إتجوزو..... صح؟
تنهدت مريم وقالت : معاكي حق...... خلاص يا وعد اللي تشوفيه
نظرت وعد إلى البحر وعادت إلى حزنها مرة أخرى ثم بكت فقامت مريم واحتضنتها وظلت بجوارها حتى هدأت...... أما منصور فذهب إلى شركته وجاء المحامي الخاص به ثم جلسا معاََ ليبحثو عن حل في شهادة غالب وبعد نقاش قال منصور : مفيش حل يا متر غير إن غالب يغير أقواله...... اه أنا خرجت من القضية بس إسمي موجود فيها وده هيعملي مشاكل في الشغل
المحامي : للأسف مفيش حل..... لو عند حضرتك طريقة تخليه يغير أقواله أعمل كدة
صمت منصور وفكر كثيراََ ثم قال طيب أنا هشوف طريقة
ذهب المحامي ثم دخل علي غرفة المكتب وجلس أمام والده الشارد مفكراََ بما يحدث فقال : ها هنعمل إيه؟
منصور : إبعت حد لغالب في السجن وقوله يغير أقواله وإلا هنقول إن هو اللي سم عامر نصار.... وبدل القضية تبقي إتنين عشان يبقى الإعدام أكيد
علي : طيب إنت عندك دليل نقدر نضغط بيه عليه؟
منصور : اه..... تسجيلات الكاميرا بتاعت المطعم اللي قابل فيه عامر معايا...... وكمان متصور وهو بيحط السم في العصير
علي : طيب تمام...... هبعت ونشوف.... بس إفرض رفض هنعمل إيه؟
منصور : مش هيبقى فيه حل غير إني أخلص منه
أما زين فعاد داخل القصر وصعد إلى الجناح تحت أنظار نصار المتعجبة مما فعل..... فيبدو في حالة هياج عصبي شديد وهذا لا يحدث كثيراََ ولا يعلم ماذا حدث حتى يتحدث زين مع جومانا بهذه الثقة أنه سوف يضع منصور داخل السجن بدلاََ منه...... دخل زين الجناح وقام بأخذ أغراض جومانا وألقاها في حقيبة كبيرة ثم أمر الخدم بتركها في الغرفة الأخرى جانباََ وإعادة أغراض وعد إلى مكانها مرة أخرى..... عاد زين إلى غرفته وحاولت غادة تهدأت زين قليلاََ ولكن دون جدوى ثم طلب منهم مغادرة الغرفة جميعاََ وجلس وحيداََ وكأنه فقد كل ما به من عقل فلم يعد يكترث بما سيفعله منصور فقد أصبح على حافة الأنهيار وسوف يودي به إلى السجن قريباََ..... وكلما تذكر وعد وإختفاءها هذه المرة حقيقةََ شعر بالغضب يتصاعد داخل قلبه ففي المرة السابقة كان يشعر بأن نصار هو من أخفاها وهذا ما أكده صديقه بشركة الإتصالات عندما علم أن أخر إشارة لهاتف وعد كانت بالمشفى وعندما تحقق من الأمر علم أن نصار كان معاها هناك وحضر سائق القصر وأخذها بسيارتها ولكن ما منعه عن الذهاب إليها هو زواجه من جومانا الذي أجبر عليه وظل يفكر لو كانت وعد لم تأتي ذلك اليوم لكان ذهب إليها مباشرةََ بعد أن نفذ خطته ولكن فقد الأمل من مسامحتها له
نزل نصار إلى أسفل ولحقو به جميعاََ ثم نظرت له غادة وعلى وجهها علامات القلق فقالت : أنا خايفة زين يكون غلط باللي عمله ده.... ومنصور لو عرف إن بنته محبوسة في أوضة الجنينة ممكن يأذيه
زفر نصار وقال : لما يهدى بس من عصبيته ديه هتكلم معاه وأفهم هو عمل كدة ليه؟
شهد : هو السبب معروف إنه مش لاقي وعد بس الفكرة إن منصور فعلاََ يخوف...... إذا كان بنته كانت بالعصبية والغضب ده...... مش قادرة أتخيل هو بقى هيعمل إيه
سناء : وعد هترجع هترجع...... معرفش إنتو قلقانين كدة ليه؟..... هي مش مراته بس لا ديه حفيدة خالي ومهما تغيب هترجع عشان تاخد فلوسها
نظر لها نصار وفقد ما به من تحمل فقال في غضب : ما هو مش كل الناس بتحسبها بالفلوس يا بنت إختي......وعد مش فارق معاها الكلام ده وكل اللي فارق معاها هو إن زين سابها وإتجوز عليها وكمان صدمتها فينا إن إحنا وافقنا على إن ده يحصل...... وكل ده بسببك
فتحت سناء عينيها في صدمة ونظرت إليهما غادة متعجبة مما قال نصار ثم وقفت شهد وقالت : ماما السبب إزاى يا جدي؟
وقف نصار في غضب وقال : إمك السبب في كل حاجة...... هي اللي قالت لجاسر يعمل كدة ويقرب من وعد وهي اللي بعتت الصور الزفت ديه ليكي ولوعد وهي اللي بعتت رسالة لوعد عشان تيجي يوم الفرح وتشوف زين وهو بيتجوز...... كل ده ليه؟!!! عشان تجوزك لزين وجاسر يتجوز وعد وتبقي الثروة كلها تحت إيديكم من كل جهة...... أنا كل ده ساكت على اللي إنتي بتعمليه لكن لحد كدة وكفاية..... عمال أقول سيبها يا نصار هتعقل وترجع..... لما تشوف إبنها أطرد وقاعد في فندق مش لاقي شقة ورامي نفسه في خطر عشان يحاول يصالح زين وينقذه وينقذ الشركة أكيد هتتعدل لكن مفيش فايدة
شعرت غادة أن نصار لن يسامح سناء على ما فعلت وقد يقوم بطردها من المنزل كما فعل مع جاسر فوقفت بجانبه تحاول تهدأت الأمر وقالت : لا يا خالي أكيد إنت فاهم غلط...... سناء مش ممكن تعمل كدة
نصار : بس يا غادة إنتي طيبة ومش فاهمة حاجة..... يامن عرف من بدري إن الرسايل إتبعتت من هنا وكمان رقم وعد الجديد كان معايا أنا بس تفتكرى مين هنا في البيت ليه مصلحة إنه يعمل مشكلة بين زي ومراته غيرها؟
شهد في تعجب : يامن عارف؟!!
نصار : أيوة عارف ومرديش يقولك عشان ميعملش مشكلة بينك وبينها وحاول يلمحلها عشان تفهم وتستوعب إنه بيحبك وهيقدر يسعدك وهي برده زي ما هي وكملت بالرسالة اللى راحت لوعد...... إسمعي يا سناء أنا إديتك فرص كتير والمرة ديه هديكي أخر فرصة مش عشانك لا عشان شهد تخرج من بيتي عروسة وأنا اللي أسلمها بإيدي لعريسها ولحد ما ده يحصل مش عايز أي غلطة منك ولو عملتي حاجة تاني هطردك من هنا زي ما كنتي السبب في طرد جاسر...... أقعدي إدعي إن إبنك ميتكشفش ومنصور يخلص عليه بدل ما إنتي كل تفكيرك في الفلوس وبس
أمسكت شهد يد نصار في خوف وقالت : لا يقتله إيه...... قوله يسيب الشغل عنده ويرجع يا جدي
نصار : حاولت بس رافض...... رافض يرجع وزين مش بيكلمه وأنا مش قادر أضغط على زين كفاية اللي هو فيه
سناء في صدمة : يعني جاسر ممكن يتأذي؟
نصار : وإنتي مجاش الموضوع في دماغك للحظة إن هو اللي بيسجل لمنصور وبيبعت التسجيلات..... طبعاََ يجي على بالك ليه؟! ما المهم هي الفلوس...... عايزة فلوس يا سناء ؟! أنا هديلك كل اللي إنتي عايزاه بس إبعدي عن العيال ديه..... خربتي بيتهم وكنتي هتخربي جوازة بنتك ووقعتي الأخوات في بعض.... كل ده ليه عشان الفلوس؟...... حاضر أنا هديكي اللي إنتي عايزاه عشان ترتاحي وتريحنا
ذهب نصار في غضب وصعد إلى غرفته وهو يشعر بالراحة بأنه أخرج ما كان بقلبه وواجه سناء علها تعقل وتستوعب ما يحدث حولها فالمال لن ينفع إذا فقد أحد من أحفاده
نظرت شهد إلى سناء التي أخفضت رأسها في خجل وقالت : أول مرة أشوف أم شايفة بنتها بتتعذب وهي في إيديها الحل وساكتة...... كدة إنتي عايزاني أعيش مبسوطة؟!!.... لا طبعاََ وعشان كدة هقولك على مفاجأة..... أنا ويامن رجعنا لبعض وأول ما تخلص المشاكل اللي في العيلة هنتجوز ومش مستنية منك تفرحي ولا فارق معايا موافقتك ولا لا..... أنا مش هسمع كلام حد تاني غير عقلي وقلبي بس...... يامن طلع عنده حق..... أنا اللي سمحتلك تتحكمي فيا وفي حياتي لحد ما كنتي هتدمريها..... بس لحد هنا وكفاية
تركتها شهد وصعدت إلى غرفتها أما غادة فنظرت لها في حزن فقد فقدت إحترام إبنتها وكل هذا فقط من أجل المال.... صعدت غادة إلى غرفة زين كي تطمئن عليه أما شهد فقد هدأت قليلاََ ثم إتصلت بيامن وأخبرته بما فعله زين اليوم وأن جومانا حبيسة بالأسفل وطلبت منه محاولة التدخل مرة أخرى كي يصلح العلاقة بين جاسر وزين ووافق يامن على ما طلبته ثم عاد إلى العمل مرة أخرى فوضع الشركة سئ وزين يمر بما لا يحتمله بشر
بعد قليل دخل نصار إلى غرفة زين وعلم ما حدث اليوم وأن وعد أنقذت الموقف بهذه النسخة وهو ما جعل زين يضع جومانا بالأسفل
حل المساء وأخذ جاسر نسخة التسجيل وسمع إتفاق منصور مع علي وأيضاََ علم أن هناك دليل على قتل غالب لعامر وأرسل التسجيل على الفور إلى يامن الذي إتصل به فور إستماعه للتسجيل
يامن : التسجيل ده وديه النيابة وإنت متروحش الشركة تاني يا جاسر..... عشان لو التسجيلات ديه طلعت هيشكو فيك أول واحد..... إنت كدة عملت اللي عليك
جاسر في حزن : مش حاسس إني عملت كل اللي عليا..... زين لسة زعلان مني وأنا مش عارف أصالحه إزاى
يامن : زين مش مركز مع حد دلوقتي ولا مع أي حاجة غير إنه يلاقي وعد وللأسف أضطر يرجع النهاردة وميكملش تدوير عليها بسبب المشاكل اللي هنا في الشركة والبيت
جاسر : طيب أنا فاضي مش ورايا حاجة دلوقتي ومش هروح الشركة زي ما قلت..... أطلع أنا على شرم الشيخ وأدور عليها
يامن : المشكلة هتدور عليها فين؟
صمت جاسر وقال : أصلاََ وعد متعرفش حد هناك
يامن : مفيش غير البنت اللي كانت قاعدة معاها تساعدها ونصار باشا سألها قالتله متعرفش عنها حاجة
جاسر : مش يمكن بتكذب عشان تداري عليها..... بص خلي السواق اللي في القصر يبعتلي عنوان البت ديه وأنا هخلص موضوع النيابة بكرة الصبح وبليل هطلع على هناك
عاد منصور وعلي إلى المنزل وجلسا معاََ في إنتظار إعداد الطعام لهما ثم نظر حوله علي وكأنه يبحث عن جومانا في المنزل ثم قال لمنصور : البيت وحش من غير جومانا
إبتسم منصور في حزن وقال : هي إتصلت بيك النهاردة؟
علي : لا..... وإنت؟
منصور : ولا أنا.... إتصل إطمن عليها
حاول علي أن يتصل بها ولكن الهاتف مغلق مما جعل منصور يشعر بالقلق عليها ولكن أخبره علي بأن من المؤكد أن زين قد عاد وهي تحاول إستدراجه وطلب منه منصور أن يبحث عن وعد إذا كانت عادت إلى المنزل أم لا وبالفعل أرسل أحد الفتيات لتسأل عنها أمن القصر على أنها صديقةََ لها ولكن أخبرها الحرس بأنها لم تعد منذ فترة..... شعر منصور بالراحة ظناََ منه أن جومانا مع زين الآن
ظل زين طوال اليوم بالغرفة يشعر بالتعب والحزن حتى غلبه النعاس أما وعد فكانت حزينة شاردة تنظر من نافذة غرفة مريم الصغيرة دخل والد مريم وحاول إطعامهما وبعد محاولات عدة وافقت وعد أن تتناول بعض الطعام وظلا يتحدثان معها حتى تتوقف عن التفكير قليلاََ ثم نامت بجانب مريم
في الصباح ذهب جاسر إلى النيابة العامة وعلم أن وكيل النيابة قد حصل على تسجيلات الكاميرات في الوزارة التي كان يعمل بها عامر وقد أظهرت أن الشخص الذي تولى منصبه قد أخذ بعض الملفات من غرفة عامر عقب وفاته وخرج بها بعد أن أخفاها في ملابسه وقامو بإصدار أمر بالقبض عليه..... ظل جاسر بالخارج ينتظر إنتهاء التحقيق وبعد وقت علم جاسر أنه قد أعترف على منصور بأنه من حرضه على سرقة الملف وقدم جاسر التسجيلات الجديدة فأصدر وكيل النيابة الأمر بالقبض على منصور وتواصل مع قسم الشرطة التابع له وطلب بضبط وإحضار منصور سريعاََ
قام جاسر بإبلاغ يامن بما حدث والذي أبلغ زين بالتطورات مما جعل زين يشعر بالسعادة لإنتهاء هذا الكابوس
في شركة منصور وهو يجلس مع علي يتابع العمل سمعا أصوات وضجة بالخارج وبعد قليل إقتحم الضابط والعساكر المكتب وقامو بالقبض عليه أمام العاملين مما آثار الزعر بينهم.... ذهب علي خلفه ولحق بهما المحامي وبعد وقت طويل من التحقيق خرج المحامي وأبلغ علي بالتسجيلات والأدلة الجديدة التي حصل عليها وكيل النيابة مما جعل وضع منصور سئ وأخبره أنه من المؤكد أنه سيتم إحتجازه في سرايا النيابة..... خرج منصور وهو في قمة الغضب بعد أن سمع التسجيلات الجديدة ولم يستغرق وقتاََ طويلاََ لمعرفة من قام بالتسجيل له فلا يوجد دخيل على الشركة حديثاََ دون جاسر وعندما رأى علي يقف أمام المكتب صاح به وهو يسحب إلى غرفة الحجز
منصور : جاسر..... جاسر اللي سجل يا علي
صعق علي واسودت عيناه من شدة الغضب