رواية مداهنة عشق الفصل الرابع عشر بقلم اسماء ايهاب
دلف "زيدان" او "قاسم" اي كان الاسم هو ذات الشخص الي القسم و وقف خارج غرفة الضابط المناوب و اخرج هويته التعريفية يرفعها امام وجه العكسري المتواجد بالخارج و الذي رحب به بحفاوة حين قرأ اسمه المدون عليها ليبتسم له "قاسم" يبلغه انه يريد الضابط خارج الغرفة ، انصرف العسكري مطيعاً ليبلغ الضابط بطلبه و توجه هو خطوتين للخلف حين رأي السيدة التي اعتدت عليها "آسيا" و زوجها متوجهاً نحوهما صافح "محمد" و بعد الاعتذار لهما عما بدر من آسيا تحدث بهدوء :
_ انا عايزك يا ست الكل تتنازلي عن المحضر و انا كفيل بأي حاجة تطلبيها
نظرت اليه بغضب و اشارت بسبابتها الي وجهها المليئ بالكدمات و الجروح قائلة :
_ انت شايف شكلي عامل ازاي عايزني اتنازل عن حقي بعد ما شوهتني
ضم شفتيه بأسف متفهم و هو يري وجهها الدامي و قد احسنت آسيا باستخدام يدها جيداً و استأنفت السيدة حديثها قائلة بحدة :
_ مش هتنازل و هخليها كدا في الحبس زي الكلبة و اخد حقي
اغمض عينه يكبح غضبه من وصفها لآسيا بالنهاية هي أيضاً مخطئة هي من بدأت هذا الشجار بكل الاحوال ليمرر انامله بخصلات شعره متحدثاً من بين اسنانه المتلاحمة :
_ طيب نتعرف علي بعض بقي ، انا الرائد قاسم الدميري
اتسعت اعين محمد و زوجته بصدمة ناظرين اليه بتدقيق ثم نظرا الي بعضهما البعض بتساؤل ليكمل قاسم حديثه قائلاً :
_ و آسيا هتخرج هتخرج ، تخرج و انتي مرضية و لا تخرج و انتي لسة محروقة
نظر في نهاية جملته الي هذه السيدة التي رفعت عينها اليه بتوتر و ما كادت ان تتحدب حتي اتي الضابط المناوب اتجاههم قائلاً بترحاب مبتسماً :
_ قاسم باشا
مد قاسم يده ليصافحه قائلاً :
_ اهلا يا "عمرو" ازيك
اومأ اليه و هو يبادله مصافحته قائلاً و عينه تمر بين الجميع بتساؤل :
_ كله تمام يا باشا ، في مشكلة و لا اية
ربت قاسم علي كتفه مجيباً بهدوء مشيراً الي المراة :
_ خطيبتي اتخانقت مع استاذة ...
صمت ينظر اليه بتساؤل لتجيبه علي الفور و قد نهش القلق قلبها حين تبين لها انه صادق و انه بالفعل ضابط كما اخبرهما :
_ دنيا
تابع قاسم حديثه قائلاً :
_ استاذة دنيا ، و معمول فيها محضر
رأي الذهول علي وجه "عمرو" و هو يشير نحو غرفة مكتبه قائلاً بتساؤل :
_ هي انسة آسيا التهامي خطيبتك !
اومأ اليه بهدوء ليتنحنح الاخر و هو يلتفت الي دنيا قائلاً بجدية :
_ تحبوا نحلها ودي يا جماعة و نرضي الطرفين
نطقت دنيا حين شعرت بأن الامور تخرج عن سيطرتها :
_ نتنازل يا باشا عشان بس انا كمان غلط و جرجرتها في الاول
تنحنح قاسم و ربت علي كتف عمرو من جديد قائلاً بهدوء :
_ تمم الإجراءات يا عمرو و ياريت متجبش سيرة لاسيا عني و لا حتي تذكر اسمي قدامها
رغم علامات الاستفهام العديدة علي وجهه الا انه اجابه بهدوء :
_ اللي تؤمر بيه يا قاسم باشا
التفت قاسم نحو محمد و دنيا مشيراً اليهما بسبابته بتحذير قائلاً :
_ و انتم كمان ياريت متجبوش سيرة لحد اني ظابط او اسمي قاسم حتي قدام آسيا و الا هضطر اخد معاكم اجراء قانوني
انتظر خارج القسم لفترة حتي خرجت و معها المحامي الذي وقف يصافحها مودعاً اياها و توجهت هي اتجاه قاسم الذي ابتسم حين وجدها تتقدم بلهفة اتجاهه قائلة :
_ انت اللي اقنعتها تتنازل مش كدا
اومأ اليها و داخله شعور لطيف يداعب قلبه اتجاه ابتسامتها و تعبيراتها و روحها المبهجة بالنسبة له و خصيصاً حين يري سعادة الطفلة بأعينها الخاطفة ، امسكت بيده تشكره و قد كانت قلقة ان تحجز بالقسم و لكنه حل هذا الامر أيضاً وضعت يدها علي وجنته اليمني تداعب ذقنه النامية قائلة :
_ الحمد لله انك موجود يا زيدان
هذا الجملة البسيطة جعلت الزهور تتفتح بقلبه و اتسعت ابتسامته أثرها يود لو يخطف لحظات من العالم ليضمها بين احضانه و لكنه حاول السيطرة علي فرط مشاعره و امسك بيدها يقبل باطنها قائلاً :
_ انا اللي بحمد ربنا اني لقيتك يا آسيا
***********************************
في الصباح و حين كانت "رُقية" تجاور عمتها علي طاولة الطعام لتناول الفطور ضرب جرس الباب بشكل متتالي مزعج و انتفضت رقية عن مقعدها تسحب حجابها لتغطي شعرها و توجهت سريعاً نحو الباب و ما ان فتحت الباب حتي اتسعت عينها بصدمة من وجود "سماح" امامها و التي ابتسمت بخبث قائلة :
_ الست هانم اللي هربت و دبست خالها
و حينها ظهرت السيدة سوزان من خلفها تنظر اليها بغضب هادرة بحدة :
_ انتي اللي دبستيه يا سماح مش بنت اخويا ، انتي اللي عايزة تاخدي بيتها تسرحي فيه و ترمي الغلبانة دي لراجل كبير شهرين و يرميها في الشارع
احتقن وجه سماح بانفعال و مدت يدها تجذب شعر رقية بقوة صارخة بغضب :
_ بسبب بنت اخوكي ياما بنتي تتجوز الراجل دا ياما جوزي يتحبس بالفلوس
صرخت رقية بألم حين جذبتها أكثر من خصلات شعرها و سقط عنها الحجاب علي الارض و لكن سماح لم تكتفي و جذبتها معها تنزل عن الدرج حتي زحفت علي ركبتيها ، صرخت اكثر حين سقطت بركبتيها من درجة الي اخري و سماح تسب بها بصوت مرتفع تجمع علي اثره سكان البناية و خلفها تركض عمتها تحاول ايقافها صارخة بفزع :
_ بنتي يا بنت الكـ.لب اوعي ايدك عنها
وقفت سماح عند الفاصل بين الطابقين و خلعت نعلها الاسود المطرز بالفضي و اخذت في ضربها بشراسة صارخة بحقد :
_ انتي اللي هربتي و وقعتيني الوقعة دي
حاولت السيدة سوزان ازاحتها بكل ما اوتي لها من قوة و لكنها لم تقدر علي ذلك بل دفعتها سماح بحدة و اخذ تردد بغضب :
_ منك لله ربنا ياخدك ، جوزي هيضيع بسببك
حينها كان آدم ينتهي من ارتداء ملابسه لذهابه للمشفي و استمع الي صوت صراخ يأتي من الخارج عقد حاجبيه بتعجب و هو يسرع نحو الشرفة ليري ما يحدث ليجد تجمع من الجيران امام بناية عمة رُقية لتتسارع دقات قلبه بقلق و حدسه اخبره ان بها خطب ما ارتدي نعله المنزلي و ركض سريعاً متوجهاً نحو البناية صعد الدرج و حين وصل الي الطابق الثاني وجد رقية متسطحة علي الارض و زوجة خالها الذي يكرهها تحاول الوصول اليها لتكمل عليها و يمنعها بعض سيدات البناية ، توجه نحوها امسك بيدها يحاول ان يوقفها عن الارض و خلفه سماح تلقي عليها السباب و أخيراً استطاعت سوزان ان تقف امامها ترفع سبابتها امام وجهها بتحذير قائلة بغضب :
_ غور ارجعي بيتك للراجل اللي مش عارف يلمك دا ، و اقسم بالله لو قربتي من رقية تاني هبلغ عنك
_ و انا هفضحها و هقول جوزها طلقها لية يا حبيبتي
سحبتها السيدات الي الاسفل رغماً عنها وسط تهديدات سوزان ان عادت الي هنا من جديد ، مسحت دموعها و هي تحاول ان تتحشي النظر اليه و قد خجلت من ذلك الموقف التي وضعت به امامه و من علمه بطلاقها ليحاول تهدئتها محاولاً تخطي نوبة السعادة التي اجتاحته حين افصحت سماح عن طلاقها قائلاً بهدوء :
_ اهدي و خدي نفسك هي خلاص مشت
اخذت انفاسها و هي تضع يدها علي صدرها تستشعر دقات قلبها المتسارعة ليستأنف حديثه قائلاً :
_ انتي كويسة و لا نروح المستشفى تطمني علي الجنين
نفت برأسها بقوة و كأنها وجدته فرصة لتصلح ما افسدته ابنة عمتها و همست بخفوت :
_ مش حامل ، انا مش حامل و كويسة ، شكراً
ظهرت ابتسامة واسعة علي ثغره تلقائياً و قد ازداد سعادته الآن اضعاف لا يوجد ما يربطها بطليقها حتي ليتحدث مستفسراً عن حديث مني قائلاً :
_ مش حامل ! بس مني
بترت جملته سوزان حين اخذت بيد رقية تجذبها معها لتصعد الشقة قائلة بضيق :
_ يلا يا رقية نطلع منها لله ربنا ينتقم منها
اسرع آدم يتحدث بهدوء مع سوزان :
_ لو محتاجين حاجة انا ..
قطعته من جديد تنظر اليه بحدة و كأنها تحذره من الاقتراب من رقية كما السابق قائلة :
_ شكراً يا آدم اتفضل انت مش عايزين نعطلك
اومأ اليها بتفهم لما تسعي و نزل عن الدرج يعود الي بنايته لتحاوط هي ابنة اخيها تحثها علي صعود الدرج قائلة بتوعد :
_ تعالي يا حبيبتي متخافيش ، و الله العظيم لو قربت منك تاني هحبسها
***********************************
_ بقولك عايز اشوف تسجيلات الكاميرات اللي برا المستشفي من يومين
صرخ عُدي بالممرض و قد حاول استجماع نفسه التي تبعثرت منذ رأها امام البوابة الرئيسية للمشفي و توصل ان يري كاميرات المراقبة ليتأكد من الامر و يثبته للجميع قبل ان ينعته احدهم بالجنون ، ابتلع الممرض ريقه بتوتر هامساً :
_ بس دا مينفعش يا استاذ عدي للاسف
ازداد غضب عُدي و صرخ من جديد ملوحاً بيده :
_ مينفعش لية ان شاء الله ، انت هتعمل قانون علي مزاجك يعني عشان اشوف الكاميرات بتاعت الشارع اجيبلك تصريح من النيابة
تفصد جبين الاخر بالعرق و ازداد ارتباكه ليهتف بهدوء :
_ انا مقدرش اقولك اكتر من كدا يا استاذ عدي كل اللي اقدر اعمله اني ابلغ مدير المستشفى
اشار عُدي الي باب الغرفة ليخرج قائلاً بحدة :
_ ياريت تقوله و تقوله كمان اني عايز اخرج
_ بس لسة حالة حضرتك مش مستقـ
لم يكمل حديثه بسبب نظرة عدي التي كادت تحرقه حياً ليلتفت نحو الباب ليخرج لكنه أوقفه قائلاً :
_ استني هات تليفوني
و بتردد اخرج الهاتف من جيبه يمد نحو عُدي الذي اخذه و امره بالخروج ، ليخرج سريعاً من الغرفة غالقاً الباب خلفه في حين هاتف هو آدم و الذي اجابه سريعاً بخوف ان يكون حدث له مكروة :
_ الو ، ايوة يا آدم تعالي خرجني من المستشفي علي مسئوليتك
اتي صوت آدم من الطرف الاخر هادئ يحاول اقناعه بالبقاء بالمشفي :
_ انت لسة تعبان يا عدي خليك لحد ما تبقي كويس
تأفف عُدي و تحدث بحدة غاضباً :
_ خلاص لو مش عايز تيجي هكلم قاسم يجي يخرجني يا عم
تعجب من نبرته الغاضبة دون مبرر ليتحدث مستفسراً:
_ في اية يا بني خلاص هاجي اخرجك بس مالك كدا
_ شوفت البت اللي كانت خطيبتي علي باب المستشفى
ساد الصمت قليلاً عقب جملة عُدي لم يستوعب آدم ما قال كيف لمتوفي ان يظهر من جديد بالتأكيد هذه خيالات برأسه فقط ليتنحنح في النهاية قائلاً :
_ يا عدي استهدي بالله خطيبتك ازاي بس
صرخ عُدي بنفاذ صبر واضعاً يده علي رأسه :
_ بقولك شوفتها بعيني و هجيب تسجيلات الكاميرا كمان عشان تتأكد
صمت قليلاً يستمع الي آدم من الطرف الاخر قبل ان يسأل بحدة :
_ انت فاكرني اتجنيت بقولك شوفتها بعيني ، البت دي ضحكت عليا و لازم الاقيها
تنهد آدم بقوة قبل ان يتحدث بهدوء :
_ طيب يا عدي محدش فينا يعرف عنها حاجة و لا انت كنت بتتكلم عنها مع حد ممكن بقي اعرف اسمها عشان ادور عليها
مرر يده علي وجهه بندم لو كان تحري عنها لو كان تروي في خطواته اليها و كان هناك فترة تعارف ما كان الأمر وصل الي هنا ، تنهد من جديد بثقل قبل ان ينطق بأسمها قائلاً :
_ اسمها آسيا محمود التهامي
***********************************
فتحت سماح باب شقتها و هي تكاد تشتعل من شدة الغضب كانت تود لو تقتلع رأس رقية و تخرج ما بداخلها من غل اتجاهها اغلقت الباب بقوة بانتظام لعلها تهدئ و لكن اشتعل غضبها اكثر حين استمعت صوت زوجها من الداخل مرحباً بهدوء :
_ نورتنا يا كريم
تنحنح كريم بحرج و هو يمسد علي فخذيه قائلاً :
_ انا عارف يا خال انك زعلان مني
نظر إليه صبري بهدوء بعد محاولات عديدة منه ليسكنه غضبه به و اجابه بضيق :
_ من الناحية دي ايوة زعلان انت صغرتني و رميت البت و كأنك واخدها من الشارع
وضع كريم يده علي رأسه في اعتذار لصبري قائلاً :
_ حقك علي رأسي يا خال و الله اللي حصل سوء تفاهم
تحدث اخاه المجاور له يحاول يصلح ما أفسدته زوجته و والدته بتلم الفتاة المسكينة :
_ بص يا حاج صبري ، كريم لسة شاريها و عايز يكتب عليها من اول و جديد بكل شروطها و كمان هياخدلها شقة برا بيت العيلة
تنهد صبري بقلة حيلة و هو يفرد كفيه يبدو عليه الحزن لا يعلم كيف يخبره انه لا يدري اين هي الآن :
_ انا مش عارف اقول اية
قطع تفكيره بما سيقول صوت زوجته التي دلفت الي الردهة بعد ان استمعت الي الحوار كاملاً :
_ ازيك يا كريم
اجابها علي مضض بعد ان اشاح ببصره عنها بضيق :
_ الحمد لله تسلمي
تقدمت سماح تجلس جوار زوجها تتحدث بهدوء مشيرة الي الخلف حيث غرفة رقية :
_ رقية يا حبيبي مش هنا رقية عند عمتها كنت لسة عندها النهاردة
التفت اليها صبري بحدة يهمس بغضب من بين اسنانه :
_ و انتي مقولتليش لية
تنحنحت بخوف من غضبه و مالت نحو اذنه هامسة :
_ كنت خايفة اديك امل علي الفاضي يا صبري و متطلعش هناك عشان كدا روحت اشوفها و الحمد لله لقيتها
_ يعني نروحلها عند عمتها يا خال ؟
جاء سؤال كريم عقب حديثها لينظر اليه بتفكير حتي هتف بعقلانية :
_ شوف يا كريم انا هروحلها و هشوف رأيها اية و ارد عليك
وقف كريم و اخاه ليغادرا ليقف امامهما صبري ليودعهما مد كريم يده اليه ليصافحه و هو يوصيه قائلاً بهدوء :
_ بس بالله عليك يا خال قولها انه سوء تفاهم و اني محتاج اتكلم معاها
***********************************
استمعت "آسيا" الي صوت رنين هاتفها يصدح من داخل الغرفة حين كانت تجلس جوار جدها علي الاريكة يتابعان المسلسل المفضل له ، استأذنت و غادرت الي غرفتها لتري الهاتف ابتسمت باتساع حين وجدت اسم "زيدان" بمنتصف الشاشة فتحت الاتصال و جلست على الفراش تجيبه بهدوء :
_ الو ، ايوة يا زيزو طلعت و لا لسة في شغلك
تلاشت ابتسامتها و حل محلها التعجب حين اخبرها انه يريد منها الصعود الي غرفته لامر هام التفتت نحو باب الغرفة و اردفت بتساؤل :
_ اطلعلك دلوقتي ! لية ؟
استمعت الي صوت ضحكته قبل ان يتحدث بمشاكسة :
_ بقولك حاجة مهمة يا آسيا اكيد مش محضرلك حاجة اصفرة
تأتأت بدلال و هي تميل نحو الخلف و تدلت خصلات شعرها علي الفراش قائلة بثقة :
_ متستهونش بيا يا حبيبي انا محدش يقدر يعملي حاجة
ضحك بخفة قبل ان يتحدث اليها بتعجل :
_ طب يلا هستناكي متتأخريش
اغلقت الهاتف بعد ان ودعته و خرجت حيث جدها وقفت أمام الطاولة تنحني لتأخذ مفتاح الباب قبل ان تنظر اليه مبتسمة متحدثة بهدوء :
_ جدو هنزل اخد من جنة حاجة هي تحت في العربية
نظر جدها في ساعة يده ليجدها الحادية عشر الا عشر دقائق ليتحدث بجدية :
_ خليها تطلع يا بنتي مينفعش كدا الوقت اتأخر
اسرعت آسيا الي باب الشقة متحدثة :
_ معلش عشان هي مستعجلة
تنهد السيد نجيب و هو يأخذ جهاز التحكم عن بعد و يغلق التلفاز قائلاً :
_ ماشي و انا هدخل انام متتأخريش
اومأت اليه سريعاً و خرجت غالقة الباب خلفها و تسحبت علي اطراف اصابعها للاعلي حتي وصلت حيث السطح كان مزين بالورود الحمراء الموزعة علي الارضية و بعض الشموع الصناعية المضيئة تجعل الاجواء مريحة عاطفية و ظهر هو بقميص ابيض مفتوح اول ازراره يشمر عن مرفقيه و بنطال اسود كلاسيكي متقدماً منها بهدوء حتي وصل امامها مبتسماً فرد كف يده لها لتضع كفها به دون تفكير ليجذبها معه الي طاولة صغيرة بالمنتصف يضع عليها بعض من الطعام الصحي التي تفضله ابتسمت و هي تمسك بيده تشدد عليها بامتنان قائلة :
_ تحفة بجد يا زيزو
ترك يدها و دسها بجيب بنطاله قائلاً بمرح :
_ و في حاجة تانية احلي
اخرج من جيبه عُلبة مخملية سوداء و فتحها يوجهها امام ناظريها قائلاً :
_ اسويرة كارتييه
ابتسمت باتساع واضعة يدها علي فمها بانبهار يقدم لها سوار الحب ! كما سمعت لقبه من قبل فهي كقيود الحب التي تقيد الحبيب و يكون الفكاك الوحيد منها بيد المحبوب ليضمن وجوده الي جواره ما دام يقيده بها ، اخرج السوار من العُلبة و وضعها علي الطاولة و طلب منها ان تمد يدها حتي يُلبسها السوار و بالفعل وضع السوار حول معصمها و امسك المفتاح الخاص به ليحكم غلقه علي معصمها قائلاً :
_ انتي هتاخدي الاسويرة و انا هاخد المفتاح هيفضل معايا عشان متقدريش تقعليها ابداً
ضحكت بسعادة قبل ان تميل بخصرها نحو اليمين قائلة بغنج :
_ عايز تربطني يعني
امسك زيدان بالمفتاح المرافق للسوار يحركه امامها قائلاً :
_ بالظبط ، مش هديلك المفتاح دا ابداً عشان تفضلي مربوطة بيا
تنهد بعمق و دس المفتاح بجيب بنطاله ثم مد يده ليمسك بكفي يدها يمسد علي بشرتها الناعمة بابهامه قائلاً :
_ آسيا انا مرتاح و احنا مع بعض و مش هقدر ابعد بعد ما قربت عشان كدا عايز اقولك
صمت ينظر الي عينها التي تجذبه معها في مغامرة جديدة عليه داخل قلبها و شدد علي يدها قائلاً بجدية :
_ انا عايز اللي بينا يبقي رسمي مش من ورا جدك عايز الكل يبقي عارف انك تخصيني
ابتلع ريقه بتوتر و هو يجذب كفيها باتجاهه حتي اقتربت منه خطوة اخري ثم اكمل حديثه مبتسماً :
_ تتجوزيني يا آسيا
اتسعت اعينها بصدمة و هتفت بذهول :
_ زيدان !!
اومأ اليها يؤكد لها صدق ما استمعت اليه و انحني قليلاً ليقبل كفها الايمن :
_ عايز اكمل عمري جنبك ، تقبلي تتجوزيني ؟
رمشت باهدابها عدة مرات تستوعب ما يتفوه به لتهتف بعدم تصديق لما يحدث :
_ انا مش مصدقة السرعة اللي علاقتنا فيها
نفي برأسه حين نطقت كلمة "علاقتنا" غير معترف بها كونها علاقة لها مسمي معروف بالمجتمع ليوضح لها الامر من وجه نظره قائلاً :
_ انا عايز مسمي لعلاقتنا اللي بتقولي عليها دي عشان اللي بينا دلوقتي ملوش اي مسمي بالنسبة لي
اشار الي خنصر يدها اليمني ثم الي خنصر اليسري قائلاً بمرح :
_ يعني تبقي خطيبتي و بعدها مراتي و ان شاء الله ام العيال
غمز بعينه اليسري في ختام جملته و همهم منتظر منها اجابة متعجلة ، شردت هي قليلاً و عينها تجول علي ملامحه الوسيمة بلا هوادة حتي تنهدت بعمق هامسة بثقة :
_ انا موافقة يا زيدان
************************************
_ يا حبيبي خلاص بقي متقلقش عليا يعني انا اول مرة اسافر
قالتها أسيل عبر الهاتف لزوجها القلق و هي بالسيارة في طريقها الي المطار لا تعلم ما سبب قلقه عليها المبالغ به هذه المرة و الذي اخذ يوصيها ان تنتبه لنفسها و ان تبلغه ان حدث معها شئ يثير الريبة مبرراً لها ان قلبه لم يرتاح الي سفرها هذه المرة ، تنهدت حين انتهي من توصياته و تحذيراته اللامتناهية و ارتسمت ابتسامة لطيفة علي ثغرها حين انتهي حديثه بكلمات لطيفة دائماً ما يداعب بها قلبها المسكين بحبه لتهمس بصوت منخفض حتي لا يستمع السائق لها :
_ و انا كمان بحبك و هتوحشني اوي و الله متخافش عليا ، سلام
اغلقت الهاتف و نظرت الي الطريق بابتسامة مشرقة و داخلها شعور بالسعادة لا تصل اليه الا بعد سماعها صوت زوجها و لكن تلاشت تلك الابتسامة حين استمعت الي صوت مكابح السيارة و توقفها في الحال بعنف ارتدت في المقعد علي اثره ، نظر امامها علي الطريق و لما توقفت السيارة بهذا الشكل متحدثة بقلق :
_ في اية ، اية اللي حصل
اجابها السائق بتوتر حين وجد تلك السيارة تُفتح ابوابها كلها بغتة :
_ في عربية كسرت علينا يا هانم
و في مشهد بث الرعب داخل قلبه خرج من السيارة اربع رجال ضحام الجثة و بيد كلاً منهما سلاح ناري تقدم اكثرهم ضخامة من السائق و فتح الباب الخاص به يجذبه الي خارج السيارة و اتجه اخر الي باب أسيل التي كانت ترتجف برعب تحاول مهاتفة زوجها ، شهقت بقوة حين جُذب منها الهاتف بعنف و القاه علي الارض يدعس عليه بقدمه بقوة ثم مد يده يجذبها بقسوة الي خارج السيارة و يدوي صوت صراخها المستنجد حولها و لكن كان الطريق فارغ لا تمر حتي سيارة بالصدفة ، دفعها امامه للسيارة المقابلة و هو يصرخ بها بصوت خشن قوي :
_ اخرسي ، و اركبي العربية من سكات
قاومت بعنف و هي تدفعه عنها حتي تهرب من بين براثنه لكنه لف ذراعه حول رقبتها يحكم قبضته عليها و التفت بها حيث السائق الذي يجلس علي ركبتيه علي الارض واضعاً يده علي رأسه في استسلام و خوف و سلاح رجل اخر علي رأسه يهدده و في لحظات كان من يمسك بها يُطلق النار علي السائق ليسقط علي وجهه مفارقاً للحياة في الحال و كان هذا تهديد واضح لأسيل التي اتسعت اعينها بفزع و صرخت برعب مما يحدث حولها و سهل بعد ذلك دفعها الي السيارة التي اُغلقت عليها مع هؤلاء الرجال بعد ان صعد كلاً الي محله و انطلقت السيارة بسرعة البرق يخلفها الخبار من شدة احتكاك اطارات السيارة بالارض متوجهين الي مكان مجهول ستكون فيه أسيل ضيفة الليلة