رواية مداهنة عشق الفصل الخامس عشر 15 بقلم اسماء ايهاب

 

رواية مداهنة عشق الفصل الخامس عشر بقلم اسماء ايهاب


تململت بانزعاج علي صوت رنين هاتفها الذي يصدح جوار اذنها مباشرةً تأففت و هي تلتفت الي موضع الهاتف نظرت الي الشاشة التي تُنير بأسم "زيدان"
ابتسمت بتلقائية و هي تعتدل جالسة و تأخذ الهاتف لتجيب عليه لتسمع صوته من الطرف الاخر و كأنه يبتسم يلقي عليها تحية الصباح ردت عليه التحية بدلال عفوية و لازال النعاس يتملك منها ، استمعت اليه يتحدث من جديد بهدوء و لكن رأسها مشوش لا تستوعب ما يتفوه به دلكت فروة رأسها و هي تبعد عنها الغطاء الخفيف عنها قائلة :
_ معلش يا زيدان قول تاني عشان لسة مش مركزة 

كرر جملته السابقة من جديد بصوت اعلي حتي يصل الي عقلها الغائب :
_ بقولك هنزل لجدك اطلب ايدك منه و عايزك تقوليله اني هنزله بعد العشا 

انتفضت باستفاقة تسأل بتعجب :
_ النهاردة !

تحولت نبرته الي الجدية في لحظات و هو يخبرها بهدوء :
_ ايوة و كمان عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم 

ارتفعت وتيرة دقات قلبها بتوتر لا تعلم مصدره و سألت بفضول :
_ اية هو الموضوع دا 

قابل فضولها بضحكة لطيفة عليها و اجابها بهدوء و لم يرد ان يرضي فضولها :
_ لما نتقابل هقولك موضوع يخصنا و لازم تعرفيه 

لا تعلم لما ازداد توترها و قُبض قلبها بشكل غير مبرر لكنها ابتلعت ريقها و معه توترها قائلة بصوت خافت :
_ ماشي يا حبيبي هقوله 

_ اشوفك بليل ، سلام 

اغلقت الهاتف عقب جملته و تنهدت بقوة تعبث بهاتفها لتطمئن علي شقيقتها ان كانت وصلت "دبي" بسلام و لكنها وجدت الهاتف مغلق اغلقت الاتصال و نظرت بالساعة فمن المفترض ان تكون وصلت منذ وقت طويل ، فتحت غرفة الدردشة الخاصة بشقيقتها و ضغطت علي علامة الميكروفون و تحدثت في رسالة صوتية :
_ اسيل لما تفتحي الفون تطمنيني انك وصلتي بخير علي فكرة عندي ليكي اخبار حلوة 

بعثت الرسالة و اغلقت الهاتف تضعه علي وحدة الادراج و خرجت من الغرفة و هي تلملم خصلات شعرها الي الاعلي ، دلفت الي المرحاض و اغتسلت و خرجت تجفف وجهها و توجهت الي المطبخ لتحضر طعام صحي للفطور مع جدها تنفست بقوة قبل ان تأخذ الصنية الموضوع عليها الطعام تخرج الي الردهة وضعتها علي الطاولة و اتجهت الي غرفة جدها وجدته يجلس علي المقعد المقابل للباب بيده المصحف الشريف يقرأ ورده اليومي طرقت الباب لينتبه اليها و هي تتحدث مبتسمة :
_ صباح الخير يا جدو يلا عشان نفطر 

جلست امام جدها علي الطاولة و بدأ كلاً منهما بتناول الطعام بهدوء ، حمحمت بارتباك و هي تعتدل علي المقعد قائلة :
_ جدو عايزة اقولك علي حاجة مهمة 

ابتسم السيد نجيب متسائلاً :
_ خير يا حبيبتي في اية 

همست بتردد و هو تراقب تعابير وجه جدها :
_ زيدان 

انتبه اليها الجد و ترك الطعام ناظراً اليها لتتابع حديثها قائلة :
_ عايز يجي يتكلم مع حضرتك بعد العشا

عقد حاجبيه بتعجب لما يريد الحديث معه و لما يخبر حفيدته بذلك ليسأل مستفسراً :
_ يتكلم معايا في اية ، هيسيب الاوضة ؟

نفت برأسها و القت جملتها دفعة واحدة في وجه جدها قبل ان تتبخر شجاعتها التي تتلاشي تماماً امام جدها :
_ لا يا جدو بصراحة هو عايز يتقدملي 

_ يتقدملك !!

كررها الجد متعجباً منها فلم يتوقع يوماً ان تتزوج آسيا من عامل توصيل بسيط لا يملك شئ بعد ان كانت الوحيدة التي تقف في وجه شقيقتها حتي لا تتزوج شاب اقل منها مادياً ، شملها بنظراته قبل ان يسألها بذهول مشيراً اليها :
_ و انتي موافقة عليه ؟ انتي عارفة ظروفه هل هتقبلي بحاجة زي كدا بعد كل هجومك علي اختك عشان نفس الموضوع ؟

هزت رأسها بايجاب و هتفت بهدوء تمرر يمناها علي خصلات شعرها الامامية :
_ انا موافقة يا جدو ، انا مرتاحة لزيدان و حاسة اني هكون سعيدة معاه 

تنحنح الجد يحاول ابتلاع ذهوله منها و تحدث اليها بجدية علي رأيه بهذا الموضوع :
_ علي العموم انا معنديش مشكلة في المستوي المادي دا و انتي عارفة انا وقفت مع اختك اد اية عشان تتجوز الراجل اللي اختارته و زي ما عملت معاه هعمل معاكي لو انتي موافقة انا معنديش مشكلة بس هتكلم معاه الاول 

ابتسمت باتساع و هبت واقفة عن المقعد تتقدم منها و تقبل وجنته اليمني بامتنان قائلة بسعادة :
_ ربنا يخليك ليا يا جدو 

***********************************
استمع عُدي الي طرقات علي باب غرفته ليتأفف بضيق و قد ظن انه الممرض اتي بالدواء الذي حان موعده ليصرخ به امراً اياه بالدخول و لكنه انتفض بلهفة حين وجد شقيقه يدلف من الباب و علي وجهه ابتسامة هادئة :
_ قاسم !

اتسعت ابتسامة قاسم حين وجد تطور في حالة شقيقه و انه قد تحسنت حالته عما كان عليه سابقاً ليتقدم من الفراش يجلس الي جواره بالضبط متحدثاً باعتذار :
_ ازيك يا عدي عامل اية يا حبيبي ، معلش اتأخرت عليك بس كانت عندي لخبطة جامدة في شغلي حقك عليا

اغرورقت اعين عُدي بالدموع و هو ينظر الي شقيقه بحزن قبل ان يحتضنه بقوة و اشتياق له قائلاً :
_ انا كنت محتاجاك معايا اوي يا قاسم 

فزع من مظهر شقيقه و دموعه التي لم يراها حتي حين فقد خطيبته و كان مصيره المصحة النفسية ربت علي ظهره و نهش الخوف قلبه متسائلاً :
_ في اية يا عدي اية اللي حصل 

ابتعد عُدي عنه و مد يده يضعها علي قدمه قائلاً بحزن :
_ انا اتشليت معدتش قادر اقف علي رجلي 

اتسعت اعين قاسم بصدمة و توجهت انظاره الي قدم شقيقه بعدم استيعاب :
_ نعم ! ازاي يعني دا حصل ازاي ؟

مرر عُدي يده علي قدمه بحنو و كأنه يعتذر لنفسه عما اوصل نفسه له و هتف بهدوء :
_ بين يوم و ليلة كل حاجة اتغيرت و بقيت زي ما انت شايف

لم يستوعب قاسم ما يتفوه به شقيقه يظن أنه يعجز عن تفسير حالته لذا هب واقفاً عن مجلسه ليتوجه الي مدير المشفي يستفسر منه عما حدث قائلاً :
_ طيب انا جايلك اهو 

خرج من غرفة شقيقه و قد تهدلت اكتافه بثقل متوجهاً الي غرفة مدير المشفي الذي اذن له بالدخول فور ان طرق الباب ، فتح قاسم الباب بعنف و قد تبددت حالته المنكسرة و ابتلعها غضبه كونه لم يكن موجود جوار شقيقه حين كان بحاجته اردف بحدة و هو يقف امام المكتب مباشرةً :
_ اية اللي حصل لاخويا بالظبط و عايز افهم مش قادر يمشي لية 

اشار الاخر الي المقعد الجلدي جوار قاسم و هتف بهدوء مرحباً به :
_ اهلاً يا قاسم باشا اتفضل اقعد عشان نقدر نتكلم 

ضرب قاسم المقعد بقدمه لينزاح من امامه بقوة اسقطته ارضاً و ضرب بكف يده علي المكتب يهدر بعنف :
_ انجز و اتكلم بدل ما اقفلك المستشفى دي و اوديك ورا الشمس 

و لكن كان الطبيب هادئ الي ابعد حد و هذا اثار حفيظة قاسم الذي قبض علي كفه بقوة حتي لا يلكمه بوجهه ، تقدم الطبيب من المقعد يوقفه من جديد و تحدثت بهدوء قائلاً :
_ الموضوع كله نفسي اخوك اتعرض لانتكاسة لان احنا جبنا دكتور متخصص و اثبت ان مفيش اي حاجة تستدعي القلق لان مفيش مرض عضوي 

صرخ به قاسم بانفعال يضرب بكف يده علي المكتب به مع كل كلمة :
_ حالته كانت اسوء من كدا و كان كويس ، دلوقتي لما اتحسن فجأة انتكس و اتشل 

تنحنح الطبيب و جلس علي مقعده من جديد قائلاً بهدوء :
_ صدقني مفيش اي حاجة عضوية نقدر نعالجها الحالة النفسية لازم تتحسن و لازم نبقي جنبه الفترة دي اكتر 

استشاط قاسم غضباً و رفع يده يمررها على خصلات شعره و تحدث بغضب :
_ انا هاخد اخويا و هخرجه من المستشفى جهزلي اي اجراءات عايز تاخدها 

خرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه بقوة و توجه الي غرفة شقيقه الذي وقف امامها يستند علي بابها يحاول الهدوء و اخماد تلك النيران المستعرة داخل صدره ، اخذ انفاسه الهادرة بغضب و التفت يفتح الباب و توجه نحو شقيقه الذي يقف امامه الممرض لكي يأخذ الدواء ، اخذ الدواء قبل ان يأخذه و وضعه علي وحدة الادراج رافضاً ان يأخذه عُدي و لم ينتبه الي الممرض الذي تجمد بمحله ينظر اليه بصدمة لتواجه و قد اكد عليه "احمد" مساعد السيد "طارق" انه تم قتله و لن يظهر مرة اخري فاق من صدمته حين اخذ قاسم بيد شقيقه قائلاً بهدوء :
_ عدي قوم معايا هنروح البيت هيبقي احسن ليك 

تراجع الممرض ببطئ حتي لا ينتبه له و خرج في هدوء في حين استند عُدي علي اخيه حتي يقدر علي الوقوف علي قدميه حتي يصل الي المقعد المتحرك و عاونه شقيقه علي ذلك حتي جلس معتدلاً و التفت قاسم يجمع اغراض شقيقه سريعاً و لكن اوقفه صوت عُدي حين تحدث بنبرة حادة مليئة بالحقد :
_ انا شوفت البت اللي كنت خاطبها 

التفت إليه سريعاً و قد ظهرت الدهشة علي معالم وجهه ليسأل بخوف من ان يكون شقيقه قد فقد عقله تماماً :
_ ازاي يعني ، هي مش ماتت 

نفي عُدي برأسه و اجابه بانفعال :
_ لا طلعت عايشة و بتشتغلني كل اللي حصل فيا دا علي الفاضي 

بهتت ملامح قاسم و هو ينظر اليه يخشي ان يكون هذا فقط ما يصوره له عقله ابتسم عُدي حين علم ما دار في خلد شقيقه ليهتف بهدوء :
_ انا مش مجنون يا قاسم انا اتأكدت من الكاميرات قبل ما يمسحوا التسجيلات ان هي اللي شوفتها 

_ يا بنت ال..

صاح بها قاسم بغضب شديد و القي ما بيده بعصبية متقدماً منه متسائلاً بحدة :
_ اسمها اية البت دي و انا هجيبها تحت رجلك 

اجابه عُدي بذات الهدوء :
_ اسمها آسيا 

صرخ به قاسم منفعلاً و نفاذ صبر :
_ ايوة آسيا اية يعني 

تنهد عُدي بقوة و هو يمرر يده علي وجهه و اجاب شقيقه بهدوء :
_ آسيا محمود التهامي ، بتشتغل عارضة ازياء

اتسعت اعين قاسم بصدمة و تعالت دقات قلبه تضرب صدره بقوة حتي شعر بالألم و تراخي جسده يتلقفه الفراش جالساً عليه يهمس بدهشة :
_ مين !!

***********************************
طرقت باب الشقة التي فرت منها هاربة لقد اتت اليوم بمحض إرادتها لمقابلة خالها بعد وعدها لنفسها انها لن تأتي مرة اخري و لكنها اضطرت لفعل ذلك و فُتح باب الشقة لتجد خالها يقف امامها و كأنه يستعد للخروج ابتسم باتساع حين وجدها امامه و تقدم منها يحتضنها يربت علي ظهرها باعتذار عما بدر من زوجته في حقها ثم ابتعد عنها يزيح باب الشقة لتدخل معه قائلاً :
_ تعالي يا رقية تعالي

ابتعد عنه تمتنع عن الدخول قائلة بهدوء :
_ لا يا خالو شكراً انا بس جاية في كلمتين 

جذبها خالها و ادخلها عنوة الي الشقة غالقاً الباب خلفه قائلاً بجدية :
_ تعالي يا رقية دا انا كنت جايلك اصلاً 

جلست علي اول مقعد واجهها و تحدثت متسائلة و هي تضع حقيبة جلدية كبيرة كانت معها بجوار قدمها :
_ خير يا خالو 

جلس خالها الي جوارها و ربت علي كتفها متحدثاً بأسف و اعتذار :
_ انا اسف علي اللي عملته فيكي سماح ، مكنش ينفع تسيبي بيتك و تمشي هي اللي تمشي 

ابتسمت رُقية و هي تربت علي يد خالها قائلة بهدوء :
_ متعتذرش يا خالو حصل خير و أنا مرتاحة مع عمتي و الدنيا تمام متقلقش 

تنهد بقوة و كاد يعتذر مرة اخري و يسب زوجته الا انها اوقفته بسؤالها عما كان يريده و هل الموضوع هام لينظر اليها قائلة :
_ كريم جالي امبارح هو و اخوه و عايز يردك بيقول اللي حصل بينكم سوء تفاهم و عايز يتكلم معاكي عشان تتفاهمي معاه و ..

قاطعته هي قبل ان يكمل حديثه غير راغبة في سماع اي شئ يخص "كريم" مرة اخري :
_ لا يا خالو انا مش عايزة اسمع منه حاجة و لا عايزة ارجعله قوله ينسي الموضوع 

كان داخله يؤكد له ان هذا سيكون ردها و لكنه رغب ان يسمع ذلك بنفسه و حينها اصر ان يعلم ما حدث بينهما وقت الطلاق :
_ طب يا بنتي فهميني بقي اية الموضوع 

زفرت رُقية باختناق واضعة يدها علي صدرها قائلة بصوت خافت :
_ اتهموني اني عملتله سحر يا خالو و طلقني من غير ما يسمع و لا يفهم اي حاجة 

شعر خالها بالغضب من كريم و عائلته و تغيرت معالم وجهه بضيق لتبتسم رُقية له و هي تنحني لتأخذ الحقيبة تمدها اليه قائلة :
_ دول يا خالو الفلوس اللي مراتك اخدتها من الراجل الخليجي اديهمله و اقفل الموضوع دا 

نظر بينها و بين الحقيبة ثم سألها بضيق :
_ انتي سحبتي فلوس المؤخر بتاعك يا رقية 

وضعت رقية الحقيبة علي قدم خالها قائلة بهدوء :
_ ايوة اكيد مش هسيبك تتحبس و لا هسيب ايمان تتجوز الراجل دا 

امسك بالحقيبة يمدها لها من جديد قائلاً بحدة و اعتراض علي ان يأخذ أموالها التي خرجت من تلك الزيجة بها :
_ لا يا بنتي مش هاخد حاجة مراتي اللي غلطت و هي اللي تتربي انتي ملكيش في الموضوع دا 

ضحكت رقية تحاول ان تجعل الاجواء اكثر ليناً ثم مدت يدها تربت علي كتفه قائلة :
_ اذا كان انا الموضوع اصلاً يا خالو خدهم يا حبيبي و سدد الفلوس دي خلينا نطمن بقي

ظهر التردد علي وجهه و كاد ان يرفض من جديد لتسرع هي قائلة برجاء :
_ عشان خاطري يا خالو اقفل الموضوع و خليني ارتاح 

صمت خالها يفكر في الامر و هي تحاول اقناعه حتي هز رأسه موافقاً واضعاً الحقيبة الي جواره علي الارض لتتنهد هي بارتياح قبل ان تقف عن المقعد قائلة :
_ انا لازم امشي عشان مقولتش لعمتو اني جاية 

اسرع خالها يقف امامها يمنعها من المغادرة قائلاً بحدة :
_ مش هتمشي و تسيبي بيتك يا رقية انا هاخد سماح و ايمان و هنأجر شقة برا و خليكي انتي في شقة امك الله يرحمها 

نفت برأسها بقوة و هي تربت علي كتف صبري قائلة بهدوء :
_ و الله العظيم مانت خارج من الشقة دي وصية امي و انا مرتاحة اوي مع عمتي بجد و هفضل معاها بس خلي مراتك بعيدة عني و دا اللي انا عايزه 

ابتسمت باتساع و هي تتوجه سريعاً نحو الباب لتغادر دون ان تسمح له بالاعتراض قائلة :
_ سلام يا خالو 

***********************************
وقف امام بوابة البناية قدمه لا تطيعه علي التقدم خطوة اخري شاعراً بثقل يجثو علي قلبه و الصدمة لازال تسجن جسده جاعلة عضلاته متصلبة لا تلين ، كيف خدعته و هو من يكشف المخادع من نظرة واحدة كيف له ان يُخدع بها و هي بتلك الاخلاق كيف له ان .. يحبها بتلك السرعة كما حدث مع شقيقه زفر باختناق و هو يضع يده علي مؤخرة رقبته يحاول ان يهدئ و ينفذ ما خطط له مع شقيقه بعد حديث طويل بينهما اخبره فيه انه قد تعرف عليها و علي وشك خطبتها أيضاً قطع تفكيره صوت هاتفه الذي صدح بجيب بنطاله اخرجه ليجد انها هي "آسيا" صك علي اسنانه بغل و عينه تقدح شراراً مثبتة علي اسمها ، انتهي الاتصال لينتبه الي نفسه و يتنحنح و يصعد الدرج حيث شقة السيد نجيب ، تغيرت معالم وجهه تماماً حين فتحت الباب و شعر بالنيران تنشب بصدره لم تهدئ منذ ان علم هويتها الحقيقية ابتسمت برقة و هي تعيد خصلات شعرها الناعمة الي الخلف قائلة :
_ متأخرتش في ميعادك مظبوط 

رسم ابتسامة بسيطة علي محياه بصعوبة و هو يجيبها بهدوء : 
_ مقدرش اتأخر عنك 

اتسعت ابتسامتها و هي تقترب منه خطوة متسائلة بفضول :
_ اية الموضوع المهم اللي كنت عايزنا نتكلم فيه 

تلاشت ابتسامته كان يريد ان يخبرها اليوم بأنه الضابط "قاسم الدميري" و ليس "زيدان" عامل التوصيل البسيط المقيم شفقة في منزل جدها و لكنه يحمد الله الآن ان كشفها و الا كانت انتهت مهمته السرية بالفشل بسببها ، همهمت بتعجل لمعرفة ما بالامر ليمرر انامله بخصلات شعره قائلاً :
_ انا عايز خطوتنا الجاية تكون كتب كتاب مش خطوبة 

نظرت اليه بذهول لبرهة قبل ان تنفي برأسها قائلة بجدية :
_ لا طبعاً مينفعش بسرعة كدا يا زيدان انت اكيد بتهزر 

نفي برأسه و هو يعقد ذراعيه امام صدره قائلاً بهدوء :
_ مش بهزر انا عايز نكتب الكتاب يا آسيا عايزك علي اسمي 

حاول ان يستميلها نحو قراره بجملته اللطيفة لتنظر الي عينه متحيرة قبل ان تهتف بوجهه نظرها :
_ يا حبيبي ما هو بردو كتب كتاب دي حاجة كبيرة يعني نخليها خطوبة دلوقتي عشان نكون اخدنا وقتنا 

ضاق صدره بضيق من رفضها ليمد يده يمسك بيدها قائلاً بهدوء و نبرة خافتة :
_ انا اخدت وقتي انا عايزك مراتي النهاردة قبل بكرا 

حاولت الاعتراض و سحب يدها منه قائلة :
_ يا زيدان ..

اوقفها عن الحديث و هو يشد علي راحتي يدها قائلاً باصرار :
_ وافقي يا آسيا عشان مش هتنازل عن الفكرة دي 

حاولت من جديد ان تعدل عن قراره الغير متعقل :
_ بس م... 

لكنه لم يسمح لها فعل ذلك حيث بتر حديثها من جديد و هو يتحدث بجدية :
_ خلينا نكتب الكتاب كدا كدا انتي وافقتي علي جوازنا و وافقتي تكملي معايا حياتك 

تنهدت بقوة و هي تبتعد عنه تفسح له المجال ليدخل الشقة قائلة :
_ طب ادخل و هنشوف رأي جدو في الموضوع 

ابتسم لها و هو يعبر من الباب و حين تخطاها تلاشت ابتسامته و حل محلها الغضب كان متعجب من اخيه الذي وقع في حبها في شهور قليلة ليكون مصيره ان وقع في حبها في شهر واحد فقط دون ادني مقاومة منه ، خرج السيد نجيب من غرفته و استقبل "قاسم" بترحاب مبتسماً حتي جلسا يتحدثان عن خطبته من آسيا حتي سأل السيد نجيب بهدوء :
_ طب يا زيدان بعد الجواز هتسكنوا فين ؟

اجابة آسيا سريعاً منعاً لاحراج قاسم في هذا الموضوع :
_ في الفيلا عندي يا جدو 

زجرها بنظرة غاضبة ثم التفت الي السيد نجيب نافياً بهدوء :
_ لا طبعاً يا حاج انا هجيب شقة ليها طبعاً و مش هنعمل فرح من غير الشقة 

هز جدها رأسه بهدوء و تحدث مرة اخري حول عقد القران الذي يريده بدلاً من الخطبة قائلاً :
_ طب مستعجل لية يا بني علي كتب الكتاب لسة بدري 

حمحم قاسم و اعتدل بجلسته مجيباً :
_ انا حابب نكتب الكتاب يا حاج عشان نبقي براحتنا اكتر 

نظر السيد نجيب الي حفيدته يسألها بعينه عن رأيها لتصمت قليلاً ناظرة الي قاسم و مراقبة لاقل تفصيلة به حتي تنهدت بعمق و التفتت الي جدها و اومأت اليه بالموافقة ليبتسم كلاً منهم حين هتف جدها :
_ يبقي نقرأ الفاتحة 

رفع ايديهم و بدأ كلاً منهم في الهمس بسورة الفاتحة و لكن داخله غصة تكاد تقتله ينظر الي ابتسامتها الرقيقة السعيدة و تمني لو كان كل هذا مجرد كابوس مزعج و سوف يستيقظ منه علي لا شئ مما يحدث و ستكون هي كما عرفها تلك الفتاة التي جعلته يقع صريعاً لها خلال ايام قليلة و ليس اخ يحاول الثأر لحرج اخيه و عجزه 

تعليقات



×