رواية نصفي الاخر الفصل السادس عشر
__قد عاد الوحش__
ها قد عاد الوحش ولكني لن أستسلم لصقيع سكناتك
سأبدل جليدك بدفء عشقي لك
حتي تسمح لي بسكناك،قلبك موطني الذي أقسمت أن لا أتخلي عنه
فلا تحاول أن تقيم الحدود بيننا لإنني سأهدمها واحداً تلو الآخر
وسأهزم دفاعاتك التي أقمتها لتحول بيننا ولن أهدأ حتي تكون لي كما أنا لك.. إلي الأبد.
عادوا جميعا الى المنزل..أصر نضال ان تسكن نيرة معه ولا تعود لمنزل والدها حيث لا احد هناك لتعيش معه، كانت نيرة تشعر بخيبة الامل مجدداً عندما غادرت المستشفى ولم ترى يزيد ولكنها أخفت مشاعرها واستأذنت منهم كى تصعد الى حجرتها لترتاح، فى حين غادر فهد وزوجته الى منزلهما، اتجه نضال ليصعد الى حجرته متوقعاً صعود رهف معه ولكنه وجدها متوقفة ..نظر اليها بحيرة قائلا:
_مش هتطلعى ترتاحى شوية؟
اومأت برأسها قائلة:
_هحصلك علطول بس هكلم ماما اطمن عليها واقولها انى رجعت من السفر أصلها وحشتنى قوى.
شعرت بتغير ملامحه وتحولها للجمود وهو يقول :
_براحتك.
ثم تركها وصعد فى حين تعجبت هى من تغيره..هزت كتفيها فى حيرة من تبدل أحواله، وهى تخرج هاتفها لتتصل بوالدتها وما ان أجابتها حتى قالت فى سعادة:
_ازيك ياحبيبتى ..وحشتينى قوى.
قالت سهام فى سعادة:
_انتُ كمان ياقلبى..عاملة ايه مع عريسك يابنتى؟
_كله تمام ياماما..بالمناسبة احنا رجعنا من شرم.
عقدت سهام حاجبيها قائلة فى قلق:
_رجعتوا ليه يابنتى؟حصل حاجة..نضال ضايقك في حاجة؟
عقدت رهف حاجبيها فى حيرة قائلة:
_لأ طبعا ياماما..هيضايقني ليه بس؟ احنا بس رجعنا عشان ..عشان نيرة تعبانة شوية.
زفرت سهام بارتياح قائلة:
_الف سلامة عليها ياحبيبتى..هبقى اجيلك بكرة اخدك ونروحلها عشان نزورها ونعمل الواجب.
قالت رهف بتوتر:
هى قاعدة معانا ياماما عشان محتاجة حد ياخد باله منها.
قالت سهام:
_كدة أحسن يابنتى..خلاص هجيلك بكرة اشوفها واطمن عليكى انتِ كمان.
ابتسمت رهف قائلة:
_هستناكى بكرة ياست الكل..سلام.
_سلام ياحبيبتى.
أغلقت رهف الهاتف وهى تتعجب من قلق امها الذى ظهر فى صوتها، الى جانب قلق رهف من كدمات نيرة وتساؤل والدتها عنها ..ثم ما لبثت ان اطمأنت وهى تقول لنفسها:
_الميكب يارهوفة ..هيدارى كل حاجة.
ابتسمت وهى تصعد الى الحجرة..فى نفس الوقت الذي كان فيه نضال يتحدث هاتفيا مع فهد ..قال فهد:
_انا بس نسيت اقولك..الصراحة الموضوع غريب وانا مش فاهم حاجة، لو كنت شفت ارتباك مدام سهام لما دخلنا عليها وايدها فى ايد بابا..كنت استغربت زينا.
ابتسم نضال فى سخرية ففهد لا يعرف ما يعرفه نضال لذا قال بهدوء:
_متستغربش يافهد..هى بس مدام سهام.
وصمت للحظة ليستطرد قائلا فى سخرية:
_حنينة حبتين.
قال فهد:
_تمام يانضال..انا هقفل دلوقتى عشان هنتعشى.
ابتسم نضال قائلا:
_بألف هنا..سلام يافهد.
وأغلق الهاتف وهو يسمع صوت الباب يفتح لتدخل رهف الحجرة وتخلع حجابها استدار نضال إليها يقول فى سخرية:
_خلصتى مكالمتك مع مامتك؟ايه..قلتلها على اخبارنا؟ما هى الست الوالدة لازم تعرف كل حاجة، وبعدين تديكى نصايحها الغالية اللى بتعرفى تميلى بيها عقل جوزك..صح؟
عقدت رهف حاجبيها قائلة فى صدمة:
_مالك يانضال بتكلمنى كدة ليه؟وازاى تتكلم عن ماما بالشكل ده؟انت شارب حاجة ولا ايه؟
اقترب منها بسرعة وامسك يدها بقوة فتأوهت فلم يهتم وهو يقول بغضب:
_انتِ الظاهر نسيتى نفسك ونسيتى انتى متجوزة مين؟انا نضال ياهانم ..نضال اللى الكل بيترعب منه وبيعمله الف حساب ولما بيقلب بيبقى وحش، وحش معندوش قلب.
نظرت اليه بأعين دامعة وهى تقول بصوت ضعيف بينما يرتعش ثغرها:
_انا عملت ايه لكل ده؟
آلمته دموعها وذبحه ضعفها فترك يدها ولكنه ظل متظاهرا بالقسوة وهو يقول:
_انا حبيت بس افكرك عشان متتخطيش حدودك تانى، وياريت أسرار بيتنا متطلعش برة..ويلا نامى عشان عايز انام.
تحركت بجمود واخذت ملابسها من الدولاب ثم دخلت الى الحمام لتأخذ حماما دافئا يريح أعصابها، انهت حمامها وتنفست بعمق قبل أن تخرج من الحمام وجدت نضال يتابعها بعينيه، شعرت بتأثيرها عليه ولكنها لم تهتم..اقتربت من مكان نومها وخلعت روبها لتدخل الى السرير بهدوء، وجدت نضال يقترب منها، يتلمس وجهها برقة ويقبل جيدها بنعومة، فأغمضت عينيها، مددها على ظهرها واعتلاها يقبلها قبلات متفرقة على وجهها فلم يجد منها استجابة، أحس بطعم الدموع المالحة على شفتيه ..توقف عن تقبيلها ونظر اليها ليراها تبكى، أوجعته دموعها ولكنه أقنع نفسه أنه لا يهتم..عاد لتقبيلها ولكن هذه المرة بقسوة فأشاحت بوجهها ليمسك بذقنها وهو يعيدها اليه لتتواجه مع عينيه الغاضبتين قائلا:
_قلتلك قبل كدة..مش بمزاجك على فكرة، ده كان اتفاقنا، احنا اتجوزنا عشان نجيب وريث.
نظرت اليه نظرة باردة وهى تقول:
_وانا كمان بقولهالك للمرة التانية.. انا تحت امرك.
تأملها للحظات تناتبه غصة مريرة لمرأي جمود عينيها، فقست عينيه يبتعد عنها قائلا ببرود:
_نامى يارهف..نامى قبل ما اعمل حاجة نندم عليها احنا الاتنين.
ثم اولاها ظهره لينام فأولته هى الاخرى ظهرها ودموعها تتساقط بصمت، كم تمنت ان تمنحه نفسها لتذوق معه حلاوة الحب ولكنها اليوم لا تستطيع..فلقد أهان والدتها واظهر لها جانب الوحش الذى تكرهه فيه..ولكن لابد وان هناك سبباً يدفعه لذلك..ولابد ان تعرفه.....لابد.
********
كانت نيرة تجلس فى حديقة المنزل تتأمل الزهور التى تعشقها ..شعرت بيد تربت على كتفها التفتت فوجدتها رهف، ابتسمت لها فبادلتها رهف الابتسامة وجلست بجوارها قائلة فى حنان:
_عاملة ايه دلوقتى ياحبيبتى؟
قالت نيرة:
_احسن الحمد لله.
قالت رهف:
_الحمد لله ياقلبى...قوليلى فطرتى؟
قالت نيرة:
_آه..فطرت مع نضال ..هو قالى انك مش هتصحي بدري عشان منمتيش كويس، شكله بيحبك قوى يارهوفة..نضال من يوم ما اتجوزك وبقى واحد تانى خالص.
ابتسمت رهف ابتسامة لم تصل لعينيها وهى فى داخلها تقول:
_ده بيحبنى حب.
اقتربت الخادمة منهم لتسأل رهف أين تريد ان تضع لها افطارها فقالت رهف:
_لو سمحتى تجيبيلى كوباية عصير بس.
أومأت الخادمة برأسها وهى تذهب لتحضر ما طلبته رهف فى حين قالت نيرة:
_أنا آسفة يارهف لو كنت بوظت عليكم شهر العسل بتاعكم بس غصب عنى والله.
قالت رهف:
_يابنتى هو كدة كدة بايظ.
نظرت اليها نيرة فى دهشة فابتسمت رهف بارتباك قائلة:
_بهزر انت مبتهزرش يارمضان.
ابتسمت نيرة فى حين استطردت رهف قائلة:
_احنا معندناش اغلى منك يانيرة.
ربتت نيرة على يد رهف بحب قائلة:
_ربنا يخليكوا ليا ..انا كان عندى اخت واحدة يارهوفة _مرات اخويا وعد_بس دلوقتى بقى عندى اتنين.
ابتسمت رهف قائلة:
_وانا كمان يانونة مكنش عندى اخوات خالص او عيلة احبها وتحبنى، مكنش فى حياتى غير ماما وبس، دلوقتى بقى عندى كل ده.
ابتسمت نيرة قائلة:
_وجوز بيحبك وبيموت فيكى كمان.
ابتسمت رهف مرددة كلماتها:
وجوز بيحبنى و بيموت فيا كمان.
قالت نيرة:
_ربنا يسعدكم ويرزقكم الذرية الصالحة.
ابتسمت رهف ولم تعقب ولكن بداخلها أحست بالمرارة..فالذرية هى كل ما يهم نضال اما هى فلا تهمه على الاطلاق بعد ان ظنت انها تمثل له شيئا..فوجئوا بصوت يزيد يقول فى هدوء:
_صباح الخير.
التفت اليه كل من نيرة ورهف..ابتسمت رهف ترد التحية بينما رمقته نيرة بهذه النظرة الطويلة التى تحمل عتابا..تأمل ملامحها بشوق فأشاحت بوجهها عنه وهى تنهض قائلة لرهف ومتجاهلة تماما يزيد:
_انا طالعة ارتاح شوية يارهف.
اومأت رهف برأسها فغادرت تتبعها عينا يزيد الذى تنهد ثم توجه بكلماته الى رهف قائلا:
_نضال بيبلغ حضرتك ان فيه حفلة النهاردة ولازم تستعدى ليها وطالب منى اروح معاكى السوق عشان تشترى فستان مناسب.
احست رهف بخيبة الأمل فيكفيها انها استيقظت صباحا لتجده غادر دون ان يقول لها اى كلمة او حتى يبدى اعتذاره عما قاله لها بالأمس، بل انه أرسل لها صديقه ليقوم بما كان من المفترض ان يقوم هو به..اخفت مشاعرها وابتسمت قائلة :
_ثوانى يايزيد هجيب شنطتى وآجى معاك.
أومأ برأسه فى حين أحضرت الخادمة العصير فشربت رشفتين من العصير بسرعة قائلة للخادمة :
_شوفى يزيد بيه يشرب ايه؟
واتجهت الى حجرتها..قالت الخادمة:
_تحب تشرب ايه يايزيد بيه؟
هز يزيد رأسه نفيا قائلا:
_ولا أى حاجة ..شكرا.
ابتعدت الخادمة فنظر يزيد باتجاه نافذة نيرة ليجدها واقفة هناك ..تلاقت نظراتهم لثوان قاطعتها نيرة بأن أنزلت الستائر زفر يزيد بقوة قائلا:
_عارف انك بتلومينى ..وحاسس برضه انك لسة بتحبينى..بس مش قادر اعبر لك عن اللى جوايا قبل ما تكونى حرة..وبعد اللي عملته امبارح قريب قوى هتكونى حرة ياحبيبتى.
***********
_فين الزفتة دى كمان؟
نطق مازن بهذه العبارة فى غيظ وهو يغلق هاتفه بعد أن هاتف ميس للمرة العشرون وتليفونها خارج التغطية
نظر الى الكأس بيده وهو يقول لنفسه:
_مش مهم ..هنفذ الخطة من غيرها مع تبديل بسيط..والنهارده يانضال ..النهاردة هدق اول مسمار فى نعشك وهاخد رهف منك بس المرة دى مع فلوسك كمان
وأطلق ضحكة شيطانية تليق بشيطان مثل مازن.
**********
قالت رهف وهى تأخذ من يزيد الحقائب:
_شكرا يايزيد..معلش تعبتك معايا شوية.
قال يزيد باحترام:
_انا تحت امرك يامدام رهف.
ابتسمت رهف وهى تتجه الى داخل المنزل ليرن هاتف يزيد ..نظر الى الرقم الذى يتصل به ليرد بسرعة قائلا:
_ايه الأخبار؟
استمع الى محدثه ليرد قائلا:
_لأ كدة تمام قوى ..دقايق وهكون عندك.
اغلق المحادثة ليتصل بنضال..رد نضال قائلا:
_خير يايزيد..كله تمام؟
قال يزيد:
_تمام يانضال ووصلت مدام رهف حالا..بس عندى ليك خبر حلو.
قال نضال :
_قول بسرعة.
قال يزيد:
_الأمانة التانية وصلت وكدة الأمانتين موجودين فى الفيلا مستنيينك..هسبقك على هناك.
قال نضال:
_تمام قوى..دقايق وتلاقينى عندك.
أغلق يزيد الهاتف وهو يقول فى وعيد:
_نهايتك قربت يانائل.