رواية نصفي الاخر الفصل الاول 1 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الفصل الاول 


__وحش بلا قلب__

أنا لا أخشي العدو مادام واضحاً أمامي ولكن جل ماأخشاه قريب أمنحه خفقاتي ثم يطعنني بسكين الغدر وقتها تذوي المشاعر ويُقتل الأمل وفي النهاية تذوي الروح، يخفق القلب بجمود جليديّ قد أحاطه صقيع الموت من كل جانب ، فأحيا بالظاهر ولكني في الحقيقة قد استسلمت للردي، تري في مقلتيّ الباهتتين كلمات كتبت بوضوح
"لم يعد المذكور علي قيد الحياة"

في مكتب فاخر لشركة تموضعت علي ضفاف النيل دلف يزيد وهو يبتسم فى ثقة قائلاً:
_أبشر يانضال، أوامرك اتنفذت بالحرف الواحد وكل أملاك محمود الشامى بقت باسمك خلاص.

لمعت عينا نضال قائلا:
_تسلم ايدك يايزيد..ده احلى خبر سمعته النهاردة.

_انت تؤمر واحنا ننفذ ياباشا..يلا أى أومر تانية؟

_لأ كدة تمام قوي..بالمناسبة أخبار مراته و بنته ايه؟

هز يزيد كتفيه قائلا:
_مراته لسة تعبانة..وحالتها بقت أصعب بعد وفاة جوزها طبعاً وبيع أملاكه، والدكتور قال لازم تعمل العملية فى اسرع وقت..بنته بقى مش لاقية حد يقف جنبها حتى خطيبها سابها لما عرف انها بقت علي الحديدة.

ابتسم نضال و كاد ان يقول شيئا لولا ان سمعوا طرقات على الباب فأمر نضال الطارق بالدخول لتدلف ماجدة سكرتيرة نضال وتقول فى هدوء:
_الآنسة رهف الشامى برة وطالبة تقابل حضرتك.

نظر نضال الى يزيد الذى بادله النظرات ثم عاد بنظره الى ماجدة قائلا فى هدوء:
_نص ساعة ودخليها ياماجدة..مفهوم؟

أومأت برأسها قائلة:
_مفهوم يافندم.

غادرت الحجرة فالتفت يزيد الى نضال قائلا:
_كدة يبقى وصلتها رسالتك.

أومأ نضال برأسه قائلا بسخرية:
_وهى ما كدبتش خبر ..جت علطول.

_لو تعرف اللى مستنيها مكنتش جت.

مط نضال شفتيه يقول فى سخرية:
_مفيش قدامها حل تانى.

أومأ يزيد برأسه موافقا وهو يقول:
_طب انا همشى دلوقتى وابقى بلغنى بالتطورات.

أومأ نضال برأسه وتابع بعينيه يزيد وهو يغادر ثم نظر الى صورة والده التى يضعها على مكتبه قائلا بهمس حزين:
_أنا عارف انى السبب فى اللى حصلك يابابا..واللى حصلى انا كمان.

قال جملته وهو يلمس هذه الندبة البشعة بخده الأيسر والتى تبدأ من فكه وتنتهى فوق حاجبه وتشوه ملامحه الوسيمة..استطرد قائلا:
_ويمكن عشان انا السبب فاحساسى بالذنب مش مخلينى قادر أعمل العملية وأرجع تانى زى ماكنت، ورفضى خلى ميس تبعد عنى و تخونى مع الزفت مازن.
تعرف ..انا مهمنيش خيانتها، لو كنت بحبها يمكن خيانتها كانت دمرتنى بس اليوم اللى اكتشفت فيه خيانتها اتأكدت بنفسى انى محبتهاش..واكتشفت انها متفرقش معايا من أساسه ..تعرف يابابا انا بدأت أصدق كلام ميس عنى لما كانت دايما تقولى انى معنديش قلب.

ابتسم بسخرية وهو يلمس ندبته مرة اخرى قائلا:
_أدينى كمان بقيت وحش، وحش معندوش قلب وعايش بس عشان هدف واحد..أكفر عن ذنبى فى حقك، لأنى انا اللى كنت سايق العربية لما عملنا الحادثة وانا السبب فى انك بقالك سنة فى غيبوبة الله أعلم هتفوق منها امتى؟

نزلت دمعة حارة منه فمسحها وهو يلتفت بكرسيه ينظر الى السماء من النافذة خلفه قائلا:
_يمكن تشويهى ده عقابى من ربنا عشان كنت مغرور وأنانى بس انت ذنبك ايه؟لما شفت مذكراتك وقريتها، عرفت قد ايه انت ضحيت عشانا وقد ايه اتعذبت فى حياتك، حسيت  ايه اني كنت أنانى لما مرضتش أتجوز وأجيبلك طفل، وريث ليك يشيل اسمك من بعدك، خصوصا ان الدكتور قال ان فهد ووعد فرصتهم فى الانجاب ضعيفة..بس اوعدك اصلح الغلطة دى يابابا، هتجوز وأجيبلك وريث، ومن بنت العيلة اللى رفضوا يجوزوك بنتهم عشان حفيدهم ميشيلش اسم عيلة حقيرة وعلى قدها زى ما قالولك..أوعدك انى اتجوز بنت الست اللى اتخلت عنك وسابتك وراحت اتجوزت وقهرت قلبك عليها، اوعدك اجيبلك وريث يجرى فى دمه دم العيلة اللى مرضيتش بيك وبكدة هكفر عن ذنبى فى حقك وأحس انك راضى عنى..اوعدك يابابا...اوعدك.

*****************

_طلقنى يافهد وعيش حياتك ..انا مبقتش قادرة اعيش فى العذاب ده اكتر من كدة.

نطقت وعد بهذه العبارة ودموعها تتساقط على وجنتيها ..تنهد فهد واقترب منها يمسك يدها بيد وباليد الأخرى رفع وجهها اليه لتتقابل نظراتهما، مسح دموعها بأنامله وهو يقول:
_انتِ اللى معذبة نفسك ياوعد، مش قادرة تفهمى انى مقدرش أطلقك ولا أقدر ابعد عنك..فيه حد ينفع يبعد عن روحه؟ انتِ روحى ياوعدى..روحى.

اغرورقت عيناها بالدموع قائلة:
_وانت اكتر من روحى يافهد ..انت حب الطفولة والراجل الوحيد اللى اتمنيته وحلمت يكون ليا واكون ليه طول العمر، بس مع الأسف مش كل حاجة بنحلم بيها بتتحقق..أنا فرصتى فى الحمل ضعيفة، فاهم يعنى ايه؟يعنى مش هقدر أجيبلك الطفل اللى بتتمناه..يعنى هتعيش عمرك كله من غير ماتسمع كلمة بابا..لكن لو طلقتنى و...

وضع يده على فمها قائلا:
_ابوس ايدك ارحمينى وانسى موضوع الطلاق ده خالص..انتِ مش بس مراتى، انتِ بنتى اللى مستعد أستغنى بيها عن العالم كله، انا لو عايز طفل مش هعوزه غير منك انتِ..غير كدة مش عايزه...مش عايزه.

نظرت الى عينيه بعشق فرفع يده عن فمها وهو يضمها الى صدره مردفاً فى حنان:
_اوعدينى ياحبيبتى اوعدينى تفضلى جنبى طول العمر وتنسى الموضوع ده خالص.

ضمته اليها وهى تغمض عينيها تنطق بكلمات وعدها، تعلم أنه وعد كاذب ولكن مابيدها حيلة فلا هى تستطيع النسيان ولا هى قادرة على ان تبتعد عن حبيبها و نصفها الآخر ....فماذا تفعل؟

*************

كانت نيرة تتحدث مع وعد زوجة أخيها على الهاتف عندما تناهي إلي مسامعها صوت زوجها نائل يصرخ بغضب قائلا:
_نيرة!

أنهت المحادثة مع وعد قائلة فى توتر:
_هكلمك بعدين ياوعد..سلام دلوقتى.

أسرعت إليه، كان يبدو فى قمة غضبه فقالت بقلق:
_خير يانائل ..بتزعق ليه؟

أمسكها من ذراعها بقسوة وهو يقول :
_كنتِ بتكلمى مين؟

تألمت من قسوته ولكنها أجابته قائلة:
_كنت بكلم وعد مرات أخويا..آه..سيب دراعى يانائل.

ضغط على ذراعها بقسوة أكبر وهو يقول:
_وكنتِ بتقوليلها ايه؟

_دراعى..سيبنى حرام عليك.

هزها بعنف قائلا:
_كنتِ بتقوليلها اييييه؟

ترقرقت الدموع بعينيها قائلة:
_مكنتش بقولها حاجة..هى اللى كانت بتعزمنى على عيد ميلادها، وانا قولتلها ان احنا مش محتاجين عزومة.. فيها ايه دي بس؟ 

عقد حاجبيه وهو يقترب من وجهها قائلا فى تهديد:
_بس كدة؟هو ده كل اللي قولتيهولها؟

أغمضت عينيها الما وهى تقول :
_والله العظيم هو ده كل اللى قلناه.

_ماشى يانيرة..هصدقك بس تعرفى لو اكتشفت انك بتكدبى مش هقولك انا هعمل فيكى ايه؟

ثم دفعها لتسقط أرضا بقوة..تأوهت فنظر اليها نائل بعدم اهتمام ثم صعد الى حجرته فى حين اعتدلت نيرة وهى تضع يدها على رأسها تشعر بالدوار، فأسرعت اليها زينب مديرة منزلها وهى سيدة طيبة فى اوائل الخمسيينات من عمرها قائلة فى لهفة:
_ياعينى عليكى يابنتى ..قومى ياحبيبتى..قومى.

استندت نيرة عليها لتنهض، قالت زينب وهى تنظر الى ذراعها بحزن:
_تعالى ياحبيبتى اما احطلك مرهم على دراعك ..ده صوابعه كلها معلمة عليكى ياحبة عينى.

استندت نيرة اليها ومشت معها ثم توقفت فجاة وأمسكت بيد زينب قائلة برجاء:
_عشان خاطرى يادادة متقوليش لحد من اخواتى علي اللى حصل ..انتِ عارفة هو ممكن يعمل فيهم ايه؟

أومأت زينب برأسها قائلة بحزن:
_عارفة يابنتى عارفة ..هقول إيه؟ ربنا يرحمك من اللى انتِ فيه ياحبيبتي.

نظرت نيرة الى السماء قائلة ودموعها تشاركها رجائها قائلة:
_ياااااارب.

تعليقات



×