رواية نصفي الاخر الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الفصل الثالث والعشرون


___كُشف اللثام وظهرت الحقيقة___

دخلت رهف الى حجرة والدتها بلهفة..اقتربت منها وقبلتها علي جبهتها برفق قائلة:
_حمد الله على سلامتك ياماما.

قالت سهام بضعف:
_الله يسلمك ياحبيبتى..مكنتش متخيلة انى هشوفك تانى يارهوفة.

قبلت رهف يدها قائلة:
_بعيد الشر عنك ياماما.

ثم جلست الى جوارها وهى تمسك يدها قائلة:
_انا من غيرك أموت ياحبيبتى.

نظرت اليها سهام قائلة بحنان:
_متقوليش كدة يابنتي، ربنا يديكي طولة العمر.

ابتسمت رهف وهى تقبل يدها ثم قالت بتردد:
_ماما..فيه ضيف واقف برة..يعنى..عايز يطمن عليكى.

قالت سهام فى حيرة:
_مين يارهف؟نضال؟ خليه يدخل.

فتح الباب فى هذه اللحظة ليدلف رفعت ..تلاقت نظراتهم فتوقف الزمن، غرق كل منهم فى عينى الآخر..نقلت رهف النظر بينهم ثم نهضت قائلة:
_اتفضل ياعمى.

أفاقوا سويا على صوت رهف فاقترب رفعت من سهام دون ان تفارق عينيه عينيها ووقف الى جوارها قائلا:
_حمد الله ع السلامة يامدام سهام.

ظهر الالم فى عينى سهام وهى تقول:
_الله يسلمك ياأستاذ رفعت.

قالت رهف فى نفسها:
_مدام واستاذ..كدة مش تمام خالص..أحسن حاجة أسيبهم لوحدهم.

لتترجم أفكارها الى فعل قائلة:
_هسيبكم مع بعض ثوانى أجيب عصير وآجى.

ثم غادرت الحجرة دون ان تلتفت لنظرات والدتها المعترضة..وما ان خرجت حتى التفت رفعت الى سهام يطالع ملامحها الحبيبة بتوق سارع من خفقات قلبها المتعب قائلا:
_انا عارف ان مش وقته..بس مش قادر استنى... ممكن نتكلم شوية بصراحة.

أومأت برأسها بتوتر ليجلس هو على الكرسى المجاور لسريرها قائلا:
_وانا فى الغيبوبة كنتى بتزورينى صح؟

اومأت برأسها فاستطرد قائلا:
_وقولتيلى انك بتحبينى..صح؟

أطرقت برأسها فقال بمرارة :
_اومال ليه سبتينى زمان ياسهام واتخليتى عن حبنا؟

رفعت سهام عيناها إليه تقول فى استنكار:
_انا اللى اتخليت عنك برضه؟ مستحيل أعمل كدة..انت اللى سبتنى يارفعت وروحت اتجوزت بنت عمك.

قال رفعت فى حيرة:
_انتِ بتقولى ايه؟

قالت سهام:
_بقول الحقيقة، مش انت اللى بعتلى نورا برسالة بتقولى فيها ان احنا مبقيناش لبعض وانك قررت تتجوز بنت عمك وكان مع الرسالة الساعة اللى كنت جايبهالك واللى عليها حروف اسامينا.

عقد رفعت حاجبيه قائلا:
_انا مستحيل ابعت رسالة زى دى..بالعكس انتِ اللى بعتى معاها رسالة بتقوليلى فيها انك متقدريش تعصى اهلك وانك هتتجوزى ابن شريك باباكى..مصدقتش..جريت على بيتكم زى المجنون..البواب قاللى انكم سافرتم تعملوا الفرح فى القاهرة.

قالت سهام بصدمة:
_هما فعلا سفرونى غصب عنى ..بس انا هربت منهم ورجعت البلد، كان يوم فرحك على بنت عمك، شوفتكم مع بعض فى الكوشة أغمى عليا وجالى انهيار عصبى وفضلت اتعالج نفسيا سنين يارفعت، ابن شريك بابا هو اللى وقف جنبى وصبر عليا وساعدنى اتخطى محنتى لحد ما اتعالجت وطبعا لما عرض عليا الجواز وافقت..حبه ليا ووقفته جنبى كانوا اكبر من انى أرفض..وخصوصاً لما عرفت انك خلفت ولدين ومبقاش فيه أمل انك تكون ليا.

صمت الاثنان ليدركوا ان ماحدث لم يكن سوى مخطط دنئ من عائلتيهما للتفريق بينهما..أمسك رفعت يدها بلهفة قائلا:
_يعنى انتِ مبعتنيش ياسهام؟

ادمعت عينا سهام قائلة:
_وانت متخليتش عنى يارفعت؟

ثم قالت فى حيرة :
_طب ازاى وصلت الساعة لإيد نورا؟

قال رفعت بهدوء:
_واضحة طبعا ياسهام..نورا أخدتها من اوضتى.

قالت سهام فى حزن:
_ربنا يرحمها ويسامحها. 

قال رفعت بدهشة:
_بتدعيلها ياسهام؟

قالت سهام:
_متنساش انها كانت اختك وصاحبتى وأكيد فهموها ان ده فى مصلحتنا او هددوها بقتلنا.

أومأ رفعت برأسه قائلا:
_معاكى حق..ربنا يسامحهم كلهم ..فرقوا بين اتنين بيحبوا بعض.

ابتسمت سهام قائلة :
_بس ولادنا حبوا بعض..ومقدروش المرة دى يعملولهم حاجة..القدر كان اقوى منهم وجمعنا من تانى.

_فعلا..القدر كان معانا و معاهم ياحبيبتي. 

سقطت دمعة من عين رهف التى تركت الباب مواربا ووقفت تستمع الى حديثهم بالداخل ..انتفضت على يد حانية تمسح لها دمعتها لتلتفت وتجد نضال يقف جوارها وعينيه تقولان انه استمع هو الآخر لهذا الحديث لتبتسم قائلة فى همس:
_مطلعتش خاينة يانضال ..مطلعتش خاينة.

ضمها اليه قائلا فى حنان:
_الحمد لله ياحبيبتى.

رجعت الى الوراء لتنظر اليه بقلق قائلة:
_انت عملت ايه مع نائل؟

ابتسم قائلا:
اطمنى مقتلتوش..انا يادوبك اديته درس وخلصتها منه..نيرة أخيرا بقت حرة.

قالت رهف بسعادة:
_النهاردة اسعد يوم فى حياتى..تحسه كله افراح كدة.

قال نضال فى خبث:
_طب بما ان اليوم ده حلو كدة وعاجبك طب ما تيجى شوية فى أوضة الحاج رفعت ..أصل شكله مش هيبات فيها النهاردة ..هقولك كلمتين كدة فى بقك.

ضربته بخفة على يده قائلة فى خجل:
_اتلم يانضال ..متبقاش قليل الأدب..أنا رايحة أجيب عصير.

وابتعدت بسرعة ليتبعها مناديا اياها قائلا:
_استنى ياحاجة..آل قليل الأدب آل..يابنتي ده انا جوزك.

**************

كانوا جميعا يجلسون بحجرة سهام بمنزل رفعت بعد أن أصرت علي اكمال فترة نقاهتها بالمنزل رغم اعتراض الاطباء..استأذنوا جميعا بالذهاب، وخرجوا من الحجرة تاركين رفعت جالسا مع سهام..جلسوا سويا فى ردهة المنزل يتبادلون الحديث ثم استأذن يزيد ليتحدث مع نيرة فى حديقة منزلهم فاعترضت نيرة ولكن نظرة واحدة من نضال جعلتها تستسلم..فى حين رن هاتف وعد فاستأذنت للرد عليه بتوتر تابعه عينا فهد..ابتعدت وعد قليلا وهى تقول لمحدثها:
_بس ياشيخ عابد..مش هينفع النهاردة ..أنا...

قاطعها عابد قائلا بحنق:
_والله يامدام وعد..أنا كدة عملت اللى عليا..الجلسة ان متعملتش النهاردة اعتبرى أملك فى الخلفة خلاص مبقاش ليه وجود..ده كلام أسيادنا اللى زعلانين منك خالص.

قالت وعد فى لهفة:
_لأ خلاص خلاص هاجى..ساعة بالكتير وهكون عندك.

قال عابد بانتصار:
_وانا مستنيكى يامدام وعد.

أغلقت الهاتف فى قلق وهى لا تعرف كيف ستخرج الآن وبأى حجة ..أفاقت على صوت فهد يقول:
_كنتى بتكلمى مين؟

قالت وعد فى ارتباك:
_ده ..ده..دى نهلة صاحبتى تعبانة قوى يافهد ومحتاجانى أروح معاها للدكتور عشان جوزها مسافر..أنا هضطر امشى دلوقتى.

نظر اليها نظرة طويلة اعتادتها منه مؤخرا..توترت بشدة ليقول أخيرا:
_روحى ياوعد..بس متتأخريش.

ابتلعت ريقها قائلة:
_حاضر مش هتأخر.

استأذنت من الجميع وذهبت فأمسك فهد بالهاتف واتصل قائلا لمحدثه:
_المدام خرجت حالا ..تمشى وراها واوعى تغيب عن عينك واول ماتوصل للمكان اللى رايحاه اتصل بيا فورا.. مفهوم؟

ثم أغلق الهاتف قائلا:
_اللى مخبياه هعرفه النهاردة ياوعد..النهاردة.

**************

قال مازن لمحدثه على الهاتف:
_لأ ياغبى..زى ماقلتلك تعمل بالظبط، أول ما يخرج من البيت تتصل بالرقم اللى اديتهولك وتقول اللى قلتهولك، واول ما هى تخرج من البيت تعمل اللى قلتلك عليه وتجيبها علي المكان اللى كتبتهولك فى الورقة..لو غلط غلطة مش هرحمك..فاهم؟

ثم أغلق الهاتف بعصبية لتقول ميس فى قلق:
_والله يامازن انا مش مطمنة للى انت بتعمله ده.

رمقها بسخرية قائلا:
_ياريت تخلى احاسيسك ومشاعرك لنفسك وتنقطينى بسكاتك..مش ناقص بوزك الفقر ده يعكنن عليا ويضيعلى الكاسين اللى شاربهم.

قالت ميس باستنكار:
_انت ازاى تكلمنى كدة؟

زفر مازن بقوة قائلا:
ميس..أنا دماغى فيها اللى مكفيها ومستحملها بالعافية..اطلعى انتِ منها بس وهى تعمر.

قالت ميس وهى تحمل حقيبتها قائلة:
_أنا كنت عايزاك في موضوع مهم بس الظاهر اني غلطانة اصلا لما جيت ..انا ماشية وهريحك منى خالص.

وابتعدت مغادرة تتبعها نظرات مازن الساخرة ليقول:
_والله ريحتينا ..انا اصلا مبقتش طايقك..لوكلوك لوكلوك علطول..وانا عايز اركز.

ثم ابتسم بشر قائلا:
_هانت يارهف وهترجعيلى تانى وهنتقم من نضال..هاخد منه حبيبته وفلوسه.

ثم اطلق ضحكة شيطانية وهو يمسك بكأسه يرتشف منه بتلذذ متخيلا رهف فى أحضانه..رهف الفاتنة..رهف الرقيقة..ورهف البريئة.

تعليقات



×