رواية نصفي الاخر الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم شاهندة سمير


 

رواية نصفي الاخر الفصل الخامس والعشرون


___اختطاف مدبر__

هبطت وعد الدرج بخطوات ثقيلة فوجدت فهد ينتظرها بالسيارة دون أن ينظر اليها، ركبت السيارة فانطلق بها دون كلمة..كانت دموعها تتساقط بغزارة وهى تستند برأسها على زجاج الشباك بجوارها، انتفضت على صوت فهد وهو يضرب المقود بعنف قائلا بغضب:
_ليه تعملي فيا كدة؟ ليه.. ليه.. ليه؟

أمسكت يده بلهفة قلقة قائلة:
_أبوس ايدك يافهد..متعملش فى نفسك كدة.

نظر اليها فى غضب وهو ينزع يده من يدها قائلا بعنف:
_ابعدى عنى متلمسنيش..

أطرقت برأسها وهى تبكى فزاد من سرعة سيارته حتى وصلوا الى المنزل ..أسرعت بالهبوط والهرب الى حمام حجرتها، دلفت اليه تخلع ملابسها وتدخل تحت المياه تدعك جسدها بهستيرية تكاد تؤذى نفسها..حتى وجدته يخرجها منه عنوة وهو يلفها بالمنشفة، يخرجها من الحمام قائلا بعصبية وقد لاحظ احمرار جسدها ونزيفه:
_انتِ اتجننتى..حد يعمل فى نفسه كدة؟.

قالت فى انهيار وهى تبعده عنها و تركع على الارض:
_سيبنى يافهد..مش طايقة نفسى..انا اللى عملت كدة فى، أنا اللى غبية ومكنتش شايفة قدامى..بس والله والله ما خنتك يافهد، انا الموت عندى اهون من انى اكون لغيرك.

نظر اليها بغضب قائلا:
_انتِ اتجننتى ..انتِ فكراني بشك فيكى..انا قلتلك مليون مرة ثقتى فيكى زى ثقتى بنفسى.

نظرت اليه بصدمة ..اذا هو يعرف أنها بريئة..طمأنها ذلك الشعور لتنهض وتقترب منه ببطئ جمدتها نظرته الغاضبة ..فتوقفت وهى تقول:
_يعنى انت عارف انى مظلومة. 
قال فى غضب:
_مظلومة بس كدابة، خبيتى عليا ياوعد، روحتى المكان ده من غير ما تقوليلى..كنت كل ما بسألك بتكدبى، وانا مبحبش الكدب ولا الكدابين.. ده لولا ستر ربنا ولحقتك كان واحد تانى نام معاكى ياوعد..فاهمة يعنى ايه واحد تانى ينام معاكى؟

وضعت يدها على أذنها وهى تردد بمرارة قائلة:
_اسكت..اسكت.

كاد ان يضمها مهدئا وهو يرى انهيارها ولكن قلبه الموجوع أبى ان يواسيها بل قال فى حدة:
_لأ مش هسكت..انتِ عارفة يعنى ايه أدخل الاقى مراتى عريانة و فى حضن واحد تانى، بيبوسها قدامى..عارفة انا ازاى اندبحت؟

ظلت تبكى وتردد فى انهيار وقد غلت وتيرة أنفاسها واختنقت بغصة مريرة بحلقها:
_اسكت..ابوس ايدك..كفاية.

امسك كتفيها يهزها قائلا:
_روحتيله ليه ياوعد..خبيتى عنى ليه؟ليه؟

قالت بانهيار:
_عشانك والله العظيم عشانك.

تركها وهو ينظر اليها بصدمة فاستطردت قائلة من وسط دموعها:
_حسنية قالتلى ان الراجل ده بيعالج الستات اللى فرصتهم فى الخلفة ضعيفة..كان نفسى أجيبلك بيبى يسعدك..والله كنت عايزة الطفل ده عشانك انت مش عشانى، عشان اسمك اللي مش عايزاه يندفن بسببي. 

قال لها بصوت ضعيف مكسور:
_وأهو كنتى هتجيبى البيبى بس مش منى..مش منى ياوعد..كنتى هتضيعى نفسك وتضيعينى.

انهارت وهى تقع أرضا مرة اخرى فلم تعد قدماها قادرة على احتمالها قائلة:
_أنا آسفة ..والله العظيم آسفة..عارفة انى غلطت وغلطتى كبيرة قوى... انا لما الدكتورة قالتلى ان نسبة حملى ضعيفة يادوب ٥%،الدنيا اسودت حواليا..اتعلقت بقشاية كانت هتغرقنى..بس اعمل ايه؟بحبك وكان كل همى أسعدك.

اقترب منها وهبط جالسا على ركبتيه ليكون فى مواجهتها..أمسك بوجهها بين يديه قائلا فى لوعة:
_أنا سعادتى فى وجودك جنبى ياوعد،انتِ مش بس حبيبتى، انتِ بنتى اللى مربيها على ايدى..ان شا الله تكون نسبة حملك صفر%، ميهمنيش ..انا كل اللى يهمنى انتِ ..انتِ وبس..قولتلك كتير انسى بقى موضوع الخلفة ده وسيبيها على ربنا..لو أراد ربنا نخلف هنخلف..لو ما أرادش..يبقى كفاية ان احنا مع بعض. 

نظرت اليه فتبينت صدق كلماته..أدركت انه حقا يكتفى بها، أدركت انها تعذبه مثلما تتعذب وأكثر...قال لها:
_الموضوع ده هنقفله خلاص واللى حصل من شوية معدناش هنجيب سيرته..محتاج أنسى ياوعد..لازم أنسى.

أومأت برأسها بلهفة تود فعلا أن تنسى وتجعله ينسى..تحمد ربها فى سرها أن رزقها بحبه ..فمسح دموعها قائلا بحنان بعدما رأي لهفة مقلتيها المتعبتين:
_قومى نامى حبة وارتاحى..وانا هروح مشوار صغير ومش هتأخر.

أمسكت يده قائلة:
_رايح فين؟

قست عيناه فاستطردت فى قلق مرير:
_رايحله صح؟

رأت الاجابة فى عينيه فتعلقت بذراعه قائلة فى رجاء:
_متروحش..استنى لما تهدى..لو روحت دلوقتى هتقتله وهخسرك..وبعدين انا بجد محتاجة انام فى حضنك..محتاجالك النهاردة قوى يافهد.

ظهر على وجهه بعض التردد ..خشى ان تؤذى نفسها اذا تركها..رأته يلين..فنهضت وأنهضته معها وأخذت بيده الى السرير ليناما فى حضن بعضهما ويرتاحا أخيرا بعد يوما كان كالجحيم لكليهما.

**************

أفاقت رهف من نومها وهى تتمطى فى كسل ..نظرت بجانبها فلم تجده..سمعت جريان الماء فى الحمام فأدركت أن زوجها بالداخل يستحم..ابتسمت وهى تتذكر أحداث الليلة الماضية..لقد قضوا ليلة رائعة تبادلوا فيها أجمل المشاعر..ترك نضال الضوء لأول مرة مشتعلاً..وكأنه لم يعد يخشى كشف جروحه..وكأنه أدرك أخيرا انها لا تهمها على الاطلاق..تذكرت عندما تركها تجلس خلفه تتلمس هذه الجروح ليتجمد جسده تماما..قلقا ربما فقبلت هذه الجروح جرحا جرحا ومع كل قبلة كان جموده يلين حتى التفت اليها ليأخذها فى قبلة أرسلتها الى السماء وأعادتها من جديد..تركها فقط كى يتنفسا، ثم همس فى أذنها بعشق:
_بحبك يارهف..بعشقك.

فهمست هى الأخرى فى أذنه:
_وأنا بعشقك ياقلب رهف.

ليضمها ويأخذها معه فى رحلة الى السعادة..كانت تبتسم فى سعادة عندما أفاقت على صوته وقد خرج من الحمام ووقف مستندا الى الحائط متأملا ابتسامتها الفاتنة قائلا فى عشق:
_أكيد بتفكرى فيا.

شاب ابتسامتها الخجل فاتسعت ابتسامته واقترب منها مقبلا اياها على وجنتها قائلا:
_صباح الجمال يارهوفة.

ابتسمت فى خجل قائلة:
_صباح الخير يانضال.

رفع ذقنها بيده لتتقابل عينيهما قائلا:
_الجميل بتاعى لسة بينكسف منى؟.

ضربته على يده بخفة قائلة:
_بطل بقى..انا مش متعودة علي الدلع ده كله.

نظر الى ملامح وجهها فى عشق قائلا:
_من هنا ورايح مفيش غير الدلع ..الدلع وبس.

ابتسمت ثم قالت لتغير الحديث:
_انت لابس كدة ورايح فين؟

ابتعد عنها قليلا وهو يدرك أنها تغير الحديث قائلا بابتسامة جذابة:
_الشغل ياحبيبتى ..عندى النهاردة اجتماع مهم..هخلصه..

ثم غمز لها بخبث مستطردا:
_وهجيلك جرى.

ابتسمت بخجل فقبلها مرة أخرى علي وجنتها ثم نهض ليلقى نظرة أخيرة على نفسه بالمرآه، يأخذ مفاتيحه وهاتفه المحمول قائلا:
_سلام مؤقت ياقمر.

اتجه الى الخارج فاستوقفه صوتها وهى تنادى باسمه برقة أذابته فالتفت ليجدها تلقى اليه بقبلة طائرة ..التقطها بيده وقربها الى فمه يقبلها ثم قربها من قلبه وهو يغمز لها ثم يغادر، لتتنهد رهف فى سعادة قبل أن تنهض لتأخذ حماما.

*************

لبست رهف حجابها وذهبت الى حجرة والدتها لتطمئن عليها..وجدتها نائمة فاستعدت للنزول الى الحديقة فلا يوجد اليوم أحد بالمنزل..الجميع قد غادروا حتى نيرة خرجت مع يزيد..ليرن هاتفها نظرت اليه فوجدته رقما غريبا..فتحته قائلة:
_السلام عليكم.

قال محدثها :
_وعليكم السلام..حضرتك تقربي لنضال بيه الجبالى.

قالت رهف فى قلق:
_أيوة أنا مراته، مين معايا؟

قال محدثها:
_البيه عمل حادثة ورقم حضرتك كان اول رقم على موبايله.

انهارت رهف ونزلت دموعها وهى تقول:
_وهو عامل ايه، طمني أبوس ايديك.. وانتوا فين دلوقتى؟

قال الرجل:
_هو فى اوضة العمليات فى مستشفى السلام، تعالي بسرعة ياهانم.

لا تدرى كيف اغلقت الهاتف واتصلت بوالد نضال قائلة من وسط دموعها:
_الحقنى ياعمى ..نضال عمل حادثة وفى مستشفى السلام..انا رايحة على هناك.....

وجدت هاتفها قد انتهى شحنه وأغلق ..فألقته من يدها وهى تزفر بقوة، ذهبت الى حجرتها وحملت حقيبتها ثم أسرعت بالخروج من المنزل..قالت للبواب:
_شوفلى تاكسى بسرعة ياعم عبده.

أومأ برأسه وهو يذهب لينفذ طلبها وما ان ذهب حتى فوجئت بيد بها منديل تحيط بها وتضع المنديل على أنفها ليلفها السواد..ويمسك بها عذا الرجل حتى لا تقع أرضاً..اخرج هذا الرجل  ورقة من جيبه ليقرأ العنوان الموجود فيها وهو يشير للسيارة التى جاء بها للتقدم..ثم يضع رهف داخلها ..فوجئ بعم عبده يقول له بصوت حاد:
_انت واخد ست رهف على فين ياجدع انت؟

التفت اليه الرجل قائلا فى غلظة:
_وانت مالك انت؟

أمسك به عم عبده وهو يقول فى حدة:
_ايه اللى مالى ده..لأ مالى ونص يااخويا.

لكمه الرجل على وجهه فعاجله عم عبده بلكمة اشد قوة استشاط الرجل غضبا وضربه على رأسه بشئ صلب ليقع عم عبده أرضا ..دخل الرجل الى السيارة قائلا بتوتر:
_بسرعة ياسيد.. امشى بسرعة.

أسرع سيد بالسيارة ليقول له فى قلق:
_على فين يا على؟
وضع على يده فى جيبه
 ليخرج الورقة فتذكر أنها كانت فى يده قبل شجاره مع ذلك البواب ليدرك انها وقعت منه..زفر بقوة قائلا:
_الورقة وقعت بس انا فاكر العنوان.. تقريباً يعني.

وجهه فانطلقوا الى وجهتهم وما ان اقتربوا  حتي علت ابتسامة انتصار وجه ذلك العلى.

**************

اتصل يزيد بنضال الذى نظر الى هاتفه ثم استأذن من الاجتماع ليرد على هاتفه قائلا وهو يخرج من الحجرة:
_خير يايزيد؟

قال يزيد بدهشة :
_انت فين يانضال؟

قال نضال بدهشة:
_فى الاجتماع ياابنى ..ما انت عارف.

قال يزيد فى قلق:
_احنا فى مستشفى السلام يانضال.

انتقل قلقه الى نضال ليقول بسرعة:
_حد حصله حاجة؟...... طمنى.

قال يزيد :
_باباك كان فى النادي ..اتصلت بيه رهف وقالتله انك عملت حادثة وفى مستشفى السلام..وبعدين موبايلها اتقفل وباباك اتصل بيا انا واختك واحنا فى المستشفى اهو وانت فى الاجتماع.. ييقى اكيد فيه حاجة غلط.

قال نضال بقلق وهو يسرع بالخروج من الشركة ويركب سيارته:
_علي البيت علطول يايزيد..انا مش مطمن..هسبقكم على هناك..

قال يزيد بانفعال مماثل:
_ربنا يستر يانضال..احنا رايحين علطول.

أغلق نضال هاتفه وهو يسرع بسيارته، يقود بأقصى سرعة وقلبه يخفق بقوة.......وبخوف.

تعليقات



×