رواية نصفي الاخر الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الفصل السابع والعشرون


__ابتسامة حب__

عندما أطلق مازن رصاصته انطلقت عدة رصاصات باتجاهه فسقط جثة هامدة..فى حين اندفع فهد ويزيد الى نضال الذى وقف صامدا رغم اصابته وبكاء رهف وهى تمسك بيديه..قال نضال وهو يحاول ان يخفى هذا الضعف والدوار الذى يشعر به:
_متقلقوش ياجماعة الاصابه فى كتفى..انا كويس والله.

قال فهد فى قلق وقد أفسحت له رهف ليفحص كتفه بسرعة:
_الاصابة فعلا فى الكتف الحمد لله بس لازم ننقله بسرعة المستشفى عشان الجرح بينزف جامد..إسنده معايا يايزيد.

 قال نضال بصوت حازم:
_انا اقدر امشى لوحدى.

نظروا الى بعضهم فى تردد فقال باصرار:
_قلت همشى لوحدى.

ثم اتجه مع رهف الى سيارة فهد الذى جلس خلف مقودها بسرعة وجلس يزيد بجواره لتجلس رهف مع نضال بالخلف..أحاطته نضال بذراعها فاتكأ على كتفها وهو يشعر بالضعف يسرى بجسده ولكنه لا يود ان يظهر ضعفه حتى لا تجزع رهف..يكفيه مظهرها الشاحب ودموعها المنهمرة، ولكن رهف شعرت به لتغمض عينيها المبتلة بالدموع تدعوا الله فى سرها ان ينجيه رأفة بها وبقلبها المتعلق بأنفاسه الواهنة.

**************

وصلوا الى المستشفى فساعد فهد ويزيد نضال كى ينزل من السيارة ولم يعترض هذه المرة وهو يشعر بالضعف الشديد.. أدخلاه الى الطوارئ تتبعهم رهف ..وضعوا نضال على التروللى وأسرع اليهم الطبيب الذى لم يكن سوى ابراهيم قائلا وهو يفحصه :
_الاصابة بسيطة ياجماعة بس هو نزف كتير..

فتح نضال عينيه بصعوبة قائلا:
_ابراهيم ..اتصل بالدكتور ممدوح حالا وقوله يعمل اللى اتفقنا عليه.

قال ابراهيم بتردد:
_بس يانضال...

قاطعه قائلا بضعف:
_حالا ياابراهيم. 

أومأ الطبيب برأسه واشار للمرضين بأخذه الى حجرة العمليات وذهب خلفهم تتابعهم ستة أعين حائرة ينظرون الى بعضهم بعجز وحيرة ليزفر فهد قائلا ليزيد:
_اتصل بالبيت يايزيد بلغهم وانا هروح الحسابات.

اومأ يزيد برأسه ليغادر فهد ويقترب يزيد من رهف المنهارة قائلا:
_متقلقيش يارهف..تعالى اقعدى..نضال قوى واصابته بسيطة وباذن الله هيخرج دلوقتى ويبقى زى الفل.

أومأت برأسها وهى تبتهل الى الله ان يخرجه من محنته بسلام.

*************

كانت رهف تمشى ذهابا وايابا بقلق امام حجرة العمليات ثم توقفت لتقول بعصبية من خلال دموعها:
_انا مش فاهمة حاجة..لما الاصابة بسيطة..قاعد كل ده فى اوضة العمليات ليه؟أنا هتجنن.

قال رفعت:
_اهدى يابنتى وتعالى اقعدى حبة عشان اللى فى بطنك ع الأقل.

نهضت وعد وأمسكت بيد رهف وأجلستها بجوارها قائلة:
_عمى معاه حق يارهف..اهدى شوية عشان البيبى.

تنهدت رهف وهى تمسح دموعها و تدلك جبهتها بتعب فى حين مالت نيرة على يزيد قائلة بقلق:
_رهف معاها حق..كل ده فى اوضة العمليات ازاى والاصابة فى الكتف وبسيطة زى ما بتقولوا.

همس بدوره فى حيرة قائلا:
_والله ما انا عارف يانيرة بس كلام نضال مع الدكتور قبل ما يدخلوا اوضة العمليات كان غريب ومش مفهوم..ربنا يستر.

نظرت اليه نيرة فى حيرة وكادت ان تسأله عما قاله نضال لولا ان قاطعها خروج الطبيب ابراهيم ومعه الطبيب ممدوح من حجرة العمليات..اتجهوا اليهما جميعا فى قلق فابتسم ابراهيم قائلا:
_حمد الله على سلامة نضال ياجماعة..هو دلوقتى تحت تأثير البنج وهينقلوه اوضة عادية..تقدروا ساعتها تشوفوه وتطمنوا عليه بس بالراحة وياريت متطولوش.

قال رفعت :
_الف شكر يادكاترة..بس لو تسمحولى أسألكم ليه التأخير ده كله جوة.

قال الطبيب ممدوح_ الذى لم يرفع عينيه عن رهف منذ خروجه من حجرة العمليات_بابتسامة:
_لما تشوفوه هتعرفوا ..هو كان حابب يعملهالكم مفاجأة.

لاحظ فهد نظرات ممدوح الى رهف فقال بلهجة ذات مغزى:
_رهف مرات نضال يادكتور ممدوح..بتهيألى هى الوحيدة اللى انت متعرفهاش ما بينا.

نقل ممدوح بصره مابين فهد ورهف ليقول لرهف بارتباك:
_تشرفنا..لو احتجتم اى حاجة هتلاقونى فى اوضتى..عن اذنكم.

قال ابراهيم:
_استنى ياممدوح انا جاى معاك.

ثم نظر الى رفعت قائلا:
_حمد الله على سلامته مرة تانية ياجماعة..انا هتابع الحالات وارجعلكم تانى..عن اذنكم.

ابتسموا فى امتنان ليغادر ابراهيم مع ممدوح الذى ألقى نظرة على رهف قبل أن يبتعد ليزفر فهد بغضب فتمسك وعد يده بحنان تهدئه بكلمات هامسة وقد أدركت ما يحدث، قاطعها خروج نضال على التروللى فابتسم الجميع حين رأوا شاشا يحيط بجانب وجه نضال الأيسر ليدركوا ما فعله نضال الا هى..لم تبتسم أبدا...انها رهف _زوجته وحبيبته_ التى أدركت أنه فعل هذا من أجلها، هى سعيدة من أجله ولكنها غاضبة منه..لقد أماتها رعبا عليه بتأخره داخل هذه الغرفة..زفرت بقوة وهى تبعد شيطانها عن تفكيرها قائلة لنفسها:
_مش مهم أى حاجة المهم دلوقتى انه بخير.

ذهبوا وراءه حتى أدخلوه حجرته..جلست رهف الى جواره تمسك بيده ..جلسوا الى جواره لفترة ينتظرون افاقته ليقول رفعت :
_بقولكم ايه ياجماعة ..على ما يفوق نضال تعالوا نقعد فى الكافتيريا نشرب قهوة ..اكيد كلنا مصدعين ولا ايه؟

اومأوا برءوسهم وغادروا ليغمز رفعت لها قبل ان يمشى، ابتسمت رهف فى خجل..نظرت الى نضال قائلة بهمس:
_عمى ده والله حتة سكرة يانضال..وزعهم عشان أفضل معاك لوحدى..

نهضت لتميل عليه تتأمل ملامحه الحبيبة وهى تقول بوله:
_ياتري حاسس بيا وعارف انى كنت هموت من قلقي عليك واني عايزة ابوسك من هنا.. 

قالت ذلك وهى تقبل جبهته....واستطردت قائلة :
_ومن هنا..

لتقرن قولها بقبلة على خده الايمن..ثم قالت :
_ومن هنا..

لتقبل فمه برقة لتجده يبادلها القبلة بنعومة شهقت وهى تتراجع على الفور لتجده مستيقظا وهو ينظر اليها بحنان..يتأمل ملامحها بشغف..ابتسمت بخجل قائلة:
_حمد الله على سلامتك يانضال.

ابتسم قائلا:
_الله يسلمك ياقلب نضال.

تأملت ملامحه التى تعشقها وهى تقول:
_كدة تخضنى عليك..طب كنت قولى.

ابتسم قائلا:
كنت عايزة اعملهالك مفاجأة ياحبيبتى..بس ايه رأيك؟

قالت بمزاح:
_رأيى فى ايه بس ؟ده انت كلك بقى شاش وقطن.

رفع حاجبه الايمن وهو يقول:
_اممم..شاش وقطن..طب انا زعلان.

ابتسمت قائلة:
_والزعلان ده نصالحه ازاى؟

قال بخبث:
_تصالحيه بشوية حاجات من هنا ومن هنا زى ما عملتى من شوية ..بس كترى الحاجات دى شوية..انتِ بقيتى بخيلة قوى
رفعت حاجبها بدورها قائلة :
_بخيلة...طب مش هصالحك ياسى نضال.

قال نضال برجاء:
_طب ياستى أنا آسف..انتِ كريمة ومفيش أكرم منك..صالحينى بقى.

نهضت من مكانها فقال نضال فى لهفة :
_رايحة فين؟

قالت فى خبث:
_هندهلك الدكتور يصالحك..قصدى يطمن عليك.

ثم غمزت له وغادرت الغرفة ليبتسم نضال قائلا فى عشق:
_بحبك يامجنونة.

************

بعد عدة شهور..

قالت رهف فى حزم :
_اثبت بقى يانضال عشان أدهنلك ضهرك..انا كدة هتأخر على نيرة وانت عارف ان احنا خارجين نجيب فساتين كتب الكتاب.

التفت اليها قائلا:
_انا مش عارف انتوا مستعجلين على ايه بس ..لسة بدرى على كتب الكتاب ..وبعدين اعمل ايه بس اول ما بتلمسينى مببقاش على بعضى.

ابتسمت بخجل ..ثم قالت لتغير الموضوع:
_صحيح يانضال هى مش اختك لسة بنت..ليه بقى استنيتوا لما تكمل عدتها عشان تكتبوا كتابها.

قال نضال وهو يهز كتفيه قائلا:
_سمعت بابا بيقول ليزيد ان الخلفاء الراشدين قالوا ان المتجوزين اللى اتقفل عليهم باب وحصلت بينهم خلوة لازم يكون للمطلقة ساعتها عدة..مش عارف بصراحة الكلام ده صح ولا لأ؟ بس انا شايف ان بابا حب يدى الفرصة لنيرة عشان تنسى اللى فات وتبدأ من اول وجديد مع يزيد..وبعدين سيبك بقى منهم وخلينا فينا احنا.

امسك يدها ليمررها على خده الذى أصبح غير مشوها فأذابتها لمسته وهو يقول لها بهمس:
_موحشتكيش؟

قالت بخجل وهى تتوه فى سحر عينيه:
_وحشتنى طبعا بس......

قبل باطن كف يدها بنعومة قائلا:
_بس ايه؟

ابتلعت ريقها بصعوبة من نعومة قبلته التى دغدغت أحاسيسها وهى تقول:
_نيرة....

ليقترب من خدها ويقبلها قبلة بطيئة أطاحت بعقلها وهو يقول:
_وأخو نيرة؟

قالت شاردة فى مشاعرها التى تذوب لأجله:
_امممم ...ماله؟

قبل رقبتها قبلات متمهلة ناعمة وهو يقول ما بين القبلة والقبلة:
_نفسه..ياخدك..فى حضنه.

أحست رهف بنفسها تضيع بين قبلاته لتغمغم قائلة:
_امممم..وايه كمان يانضال؟

صعد بقبلاته الى شفتيها ليقول أمامهم بهمس:
_هقولك ياروح نضال.

قبل شفتيها..بعشق.. بلهفة..بشوق..ورغبة لتستسلم لقبلته وتبادله اياها بشغف..لتلمس يداها ظهره العارى، أفاقت وهى تبعد يديها عن ظهره متذكرة اصاباته التى لم تشفى بالكامل..ليهمس فى أذنيها وهو يعيد يديها الى ظهره قائلا:
_الألم هو انك تبعدى عنى يارهف.

عادت تلمسه بحنان ليغمض نضال عينيه، يستمتع بلمساتها وهو يقترب من شفتيها مجددا ليقبلها بقوة وهو يمددها على السرير ليغرقا سويا فى نهر الحب يرتشفان من حلاوته.

*************

"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما على خير"

قال المأذون تلك الجملة ليعلن يزيد ونيرة زوجين..لتنطلق الزغاريد ويتقبل العريسين التهانى
قال رفعت بمرح:
_كان نفسى نكتب كتابى انا وسهام معاكم ..بس اعمل ايه ..مقدرتش اصبر المدة دى كلها ياولاد.

ابتسمت سهام بخجل فى حين قال يزيد:
_حقك ياعمى ..ده انا صبرت بالعافية.

ابتسمت نيرة بخجل فقال فهد:
_تعرفوا احلى حاجة ان احنا كلنا هنسافر نقضيلنا يومين حلوين فى شرم.

قال نضال :
_الا انا يااخويا..امال هنسيب الشغل لمين..يلا تتعوض ولما رهف تولد والبيبى يبقى تمام هسيبهولكم وهخدها واطلع شهر عسل لوحدنا نعوض بيه شهر العسل اللى باظ قبل كدة.

قالت رهف برفض قاطع:
_انت عايزنى اسيب ابنى واسافر من غيره..مستحيل طبعا.

رفع نضال حاجبه باستنكار قائلا:
_لأ ازاى..ابقى خليكى جنبه..وانا اسافر اشوف حالى بقى مع اى بنت هناك.

مطت رهف شفتيها بطفولة ثم قالت:
_بقى كدة..طب ابقى روح لوحدك يانضال و ابقى خلى البنات اللى هناك تنفعك.

ثم مشت بخطوات غاضبة باتجاه الحديقة ليتبعها قائلا:
_تعالى هنا انتى ما بتصدقى..يادي هرمونات الحمل اللي هتجنني معاكي، ده انتى اللى فى القلب يارورو.

ابتسم الجميع ثم قبل يزيد يد نيرة قائلا لها:
_مش يلا بينا.

ابتسمت بخجل وهى تومئ برأسها..ليذهب الجميع الى السيارات وعلى وجوههم ابتسامة مشرقة.....ابتسامة حب.

تعليقات



×