رواية نصفي الاخر الفصل الثامن والعشرون والاخير
___وبك اكتملت___
لا تغاري حبيبتي فالنساء في عيني سواء إلا أنتِ فحضورك يسبب اختلال في توازن الأرضي حولي ويبعثر ثوابتي فيصبح القمر شمساً والشمس قمراً حتي أضمك إلي صدري فتتوقف الأرض عن الدوران ويتوقف الزمن حين أشعر وقتها أني بلغت أقصي درجات الاكتمال.
دلف يزيد الى غرفة الفندق يحمل نيرة بين يديه تتمسك به دون وعى ..تخشى ان يوقعها..ابتسم لتمسكها به كالأطفال، انساب اليه عبيرها يسكره..أنزلها ببطئ دون ان يتركها تبتعد عن محيط ذراعيه، أخفضت نظراتها خجلا فرفع ذقنها بيده لتتلاقا الأعين بنظرة اشتياق..ولقاء بعد فراق..قال لها بعشق:
_وأخيرا بقيتى مراتى.
ابتسمت بخجل لتزداد هى جمالا ويزداد هو عشقا، اقترب من وجهها يرغب بتقبيلها ليشعر بها تتجمد تماما بين يديه ويدرك خوفها من ارتعاشة جسدها الخفيفة..قال لها فى حنان:
_متخافيش يانيرة.
نظرت اليه فى حيرة تتساءل كيف شعر بها..استطرد بحنان يجيب تساؤلها الصامت:
_أنا يزيد يانيرة_حبيبك_اللى بيخاف عليكى أكتر من نفسه..مستحيل أعمل حاجة غصب عنك أو تإذيكى، انا اهم حاجة عندى انك بقيتى معايا، بقيتى مراتى وحبيبتى..أى حاجة تانية مش مهمة قد إحساسى بيكى بين ايديا دلوقت.. وكل حاجة هتيجى فى وقتها..
لمس خدها مستطردا:
_روحى غيرى واتوضى عشان نصلى وننام..وخدى بالك انا ممكن اتنازل عن اى حاجة الا انك تنامى فى حضنى، دى حاجة مش ممكن أتنازل عنها أبدا..يلا بقى..انا هدخل الحمام عشان تغيرى براحتك.
وتركها وما ان ابتعد قليلا حتى سمع صوتها يقول بهمس تائق:
_يزيد.
التفت اليها تتسارع خفقات قلبه من هذه المشاعر التى وصلت اليه من خلال صوتها لتسرع وترتمى بحضنه، ضمها اليه بحنان وضمته اليها باشتياق..اشتياق حبيبة لحبيبها..اشتياق زوجة لزوجها..اشتياق امرأة عاشقة لرجل تعشقه..تراجع لا يصدق انها هى من تحتضنه بهذه المشاعر لينظر الى عينيها يود التأكد مما توحى به مشاعرها..وجدها تقف على أطراف أصابعها تضع وجهه بين يديها قائلة فى عشق:
_وانت مش بس حبيبى يايزيد..انت روحى..النفس اللى بعيش بيه..انا مش عايزة بس حضنك..أنا عايزة عشقك..جنونك ..اجتياحك ليا و لمشاعرى..عايزة انسى كل اللى حصلى قبلك واغرق بس فى حبك..أنا ملكك يايزيد .من يوم ما اتخلقت وانا ملكك انت..مش هكدب عليك واقولك مش خايفة ..أنا خايفة قوى ويمكن حتى مرعوبة..بس اول ما بتلمسنى بنسى خوفى وبفتكر بس حبى ليك وحبك ليا.
لم يستطع يزيد الصمود أكثر امام كلماتها التى أذابته عشقا ليلتقط شفاهها فى قبلة طويلة أودع بها كل مشاعره لتضم نيرة رأسه اليها تبادله عشقه، ابتعد عنها لثوان يمنحهما فرصة لاستنشاق الهواء، وهو يضع جبهته على جبهتها قائلا بأنفاس لاهثة:
_أنا خلاص يانيرة..مبقتش قادر..هكمل.. ولو للحظة حسيتى انك مش قادرة تكملى وقفينى.
تأملت ملامحه فى عشق قائلة:
_بحبك يايزيد..بحبك قوى.
قبلها يزيد على شفتيها قبلة خاطفة ناعمة وهو يقول :
_وانا بعشقك ياقلب يزيد.
ثم حملها متجها الى السرير وممددا اياها عليه بحنان ليميل عليها يغرقها فى بحر عشقه فاستسلمت تود الغرق ..تبادله مشاعره بمشاعر لم تكن تتخيل أبدا انها تمتلكها أو حتى قادرة على الشعور بها.
**************************
بعد مرور بعض الوقت
التفوا جميعا حول فهد الصغير يحتفلون بعيد ميلاده الأول..أطفأوا الشموع وقام الجميع بتقبيل الصغير والذى يحمله أباه بفخر..تشبه ملامحه رهف بينما يحمل عيون أبيه ليظهر كالملاك الصغير..قالت سهام بابتسامة:
_ربنا يخليهولكم ياحبايبى وتشوفوه أحلى عريس.
قالت نيرة فى مرح:
_يارب ياطنط.
وأشارت الى بطنها الكبيرة قائلة:
_وعروسته جوة أهى..أنا حاجزاه ياجماعة.
قال نضال باستنكار:
_انتِ ما صدقتى ولا ايه؟وبعدين العريس اللى بيخطب يانيرة مش العروسة..انت عملت فيها ايه يايزيد؟
قال يزيد بمزاح:
_انا مستلمها كدة يانضال.
نظرت لهم نيرة بغيظ قائلة:
_مستلمها! هو أنا عربية يايزيد؟ بقى كدة..ماشى ..ولا يهمنى كلامكم ده كله..فهد لسلسبيل وسلسبيل لفهد.
ثم أخرجت لهم لسانها فى طفولية محببة ليبتسم الجميع ويقول فهد:
_اسم سلسبيل حلو قوى يانيرة..مين اللى اختاره؟
قالت فى فخر:
_دى بنتى انا..انا اللى شيلاها وانا اللى هولدها يبقى انا اللى هسميها.
قال يزيد فى استنكار:
_بنتك انتِ..قولتيلى..وجبتيها لوحدك دى يانونة؟
وكزته نيرة فى ذراعه بخجل فابتسم الجميع..لتقول وعد:
_عن اذنكم هروح أجيب عصير عشان العصير خلص.
ساد الصمت بعد ذهاب وعد..فاستأذن فهد ليحضر معها العصير وذهب ورائها..خبطت نيرة على رأسها قائلة بتوتر:
_أنا ازاى مخدتش بالى وقلت الكلام ده؟أكيد زعلت مننا دلوقتي.
ربت يزيد على يدها قائلا:
_اهدى ياحبيبتى..هى أكيد عارفة اننا منقصدش.
قالت رهف:
_اهدى يانيرة..وعد عاقلة ومستحيل تزعل مننا.
قالت نيرة بحزم:
_لأ ..أنا أحسن حاجة أروحلها وأعتذر لها.
أمسك يزيد بيدها يمنعها من الذهاب قائلا:
_فهد راحلها وهو أكتر واحد دلوقتى هى محتاجاه.
نظرت اليه نيرة بتردد قائلة:
_تفتكر؟
ليقول نضال:
يزيد معاه حق..هى دلوقتى مش محتاجة غير فهد..فهد وبس.
قال رفعت بحنان:
_خلاص ياولاد متكبروش الموضوع..تعالوا نحتفل بفهد الصغير..هما شوية وهتلاقيهم راجعين.
ثم مال على نضال قائلا له:
_بالمناسبة يانضال ..كانت حاجة حلوة منك انك تسمى ابنك على اسم اخوك.
ابتسم نضال قائلا:
_مكنش ينفع اسميه اسم تانى غير فهد يابابا..فهد مش اخويا وبس فهد ابنى الاولانى وكان لازم اسمى ابنى باسمه.
ابتسم رفعت وهو يربت على كتفه قائلا:
_ربنا يخليكوا لبعض ياحبايبى و يخليكوا لية ياولادى.
قال نضال:
_ويباركلنا فيك يا بابا..ياااارب.
**************
اقترب فهد من وعد التى كانت تقف بمكان بعيد بالحديقة..أحاط خصرها بيده ووضع ذقنه على كتفها قائلا:
_الجميل واقف لوحده ليه؟
لم ترد عليه وعد ولكنه شعر باهتزاز جسدها ليدرك انها تبكى..أمسكها من كتفيها ليديرها اليه ليرى دموعها التى حاولت ان تخفيها ليقول بألم:
_طب ليه بس الدموع ياوعد؟احنا مش اتفقنا ان ده قدرنا وان احنا لازم نقبله.
أومأت برأسها وهى تقول من وسط دموعها:
_والله العظيم راضية بس غصب عنى يافهد.
نظرت الى عينيه وهى تمد يديها لتحيط بوجهه قائلة من وسط دموعها:
_كان نفسى أسعدك وأجيبلك طفل تفرح بيه عيلتك..وكان نفسى ابقى ام واحس بالامومة..غصب عنى ..والله غصب عنى.
احتضنها بين ذراعيه وهو يربت على شعرها مهدئا وهو يقول:
_طب اهدى ياوعد عشان خاطرى..اوعدك فى اقرب فرصة نروح لدار أيتام نكفل طفل..لو ده هيسعدك.
خرجت من حضنه تنظر اليه بفرحة قائلة:
_بجد يافهد؟
ابتسم قائلا:
_بجد ياقلب فهد.
احتضنته بسعادة قائلة:
_ربنا يخليك ليا ياحبيبى.
ابتسم وهو يضمها اليه قائلا:
_ويخليكى ليا ياحبيبتى.
ثم أبعدها عنه ليمسح دموعها بيده قائلا:
_دلوقتى مسحنا عيونا زى الشطار وهنرجع الحفلة ..هتضحكى وتنبسطى عشان تفرحيهم لأنهم كلهم مضايقين عشان مزعلينك ومفكرينك مضايقة منهم.
ابتسمت بسعادة قائلة:
_عيونى يافهد.
ابتسم فى حنان قائلا:
_تسلملى عيونك ياوعدى.
كاد ان يغادر لولا ان شعر بترددها فقال :
_فيه حاجة ياوعدى؟
قالت بارتباك:
_انا كنت عايزة أسألك سؤال بقالى فترة بس بصراحة مترددة.
ابتسم قائلا:
_اسألى ياحبيبتى.
انتابها الخجل من تذكرها لما رآه فهد ولابد وأنها ستذكره بسؤالها ولكنها حسمت رأيها قائلة:
_انت عملت ايه فى عابد؟
جز فهد على أسنانه وهو يتذكر ما فعله بعابد وتحويله الى نائل آخر حتى لايفكر مطلقا فى أذية امرأة أو الاقتراب من احداهن مجددا ليقول بحزم:
_خد جزاؤه يا وعد..مموتوش بس صدقيني مصيره كان أبشع كتير من الموت..بس ده جزاء أى حد يفكر بس يقرب منك.
ارتمت فى حضنه قائلة:
_ربنا يخليك لية ياحبيبى وما يحرمنيش من حبك او خوفك عليا.
ضمها اليه وهو يتنهد قائلا:
_انتِ روحى ياوعدى واغلى عندى من روحى كمان..
ابتسمت بسعادة لتجده يبعدها عن حضنه قائلا:
_يلا بينا قبل ما اتهور واخدك على بيتنا حالا.
ابتسمت فبادلها ابتسامتها و أمسك بيدها ليتجهوا الى عائلتهم لتتوقف وعد فجأة وهى تشعر بالدوار، توقف فهد بدوره يطالعها بتساؤل ..استمع الى صوتها الضعيف ينطق باسمه ورأى شحوب وجهها ليقول فى قلق:
_مالك ياوعد؟
قالت بصوت ضعيف:
_الحقنى يافهد.
لتسقط بين يديه فاقدة الوعى، يصرخ فهد باسمها فى لوعة.
**************
سألتها لماذا أحببتني فقالت لإنك تفهمني كأبي وإخوتي وتحنوا عليّ كصدر أمي وتخفف همي كصديقتي وتشعل خفقاتي بسعادة لا تنضب، اذاً كيف لا أحبك؟
افاقت وعد على بعض الاصوات والتى بدت غير مفهومة..لتتضح تدريجيا ولتسمع كلمات نيرة القائلة فى همس:
_بالراحة ع البونية يافهد..دى ممكن تروح فيها.
سمعت رهف تضحك قائلة:
_امشى يانونة قدامى وسيبيه يقولها بطريقته.
ثم استمعت لصوت اغلاق الباب بالمفتاح واحست باقتراب فهد منها ليجلس بجوارها على السرير ويمسك يدها بحنان..ليقبلها هامسا:
_الحمد لله يارب..الحمد لله.
فتحت وعد عينيها بصعوبة لتراه امامها ينظر اليها بعشق..قالت بضعف :
_هو ايه اللى حصل ياحبيبى؟
اتسعت ابتسامته وهو يقول:
_خايف اقولك متصدقيش..انا نفسى مش مصدق.
عقدت حاجبيها فى حيرة لتعتدل فى جلستها وهى تقول:
_مش مصدق ايه ؟
ابتسم فهد قائلا :
_بعد سبع شهور..سبع شهور وهتكونى أم وهكون أب ياوعدى.
قالت وعد فى خيبة امل:
_سبع شهور ايه يافهد ..انت مش قلتلى هنروح علطول على دار الايتام..ليه بس نستنى ٧شهور.
ابتسم فهد قائلا:
_مش هنروح لدار ايتام ياحبيبتى.
قطبت جبينها بقوة ليقول فهد فى سعادة:
_انتِ حامل ياوعد.
نظرت اليه وعد بصدمة..تحاول ان تستوعب ما تسمعه..لتطفر الدموع بعينيها وهى تقول مشيرة الى بطنها:
_انت قصدك..ان جوة هنا فيه بيبى؟
اومأ برأسه بسعادة..لتقف وعد بسرعة وتقفز على السرير بسعادة قائلة:
_انا مش مصدقة نفسي، هبقى ام يافهد..هبقى ام.
امسكها فهد من خصرها بسرعة وانزلها ارضا ليقول بقلق:
_اهدى يامجنونة ..مش كدة..كدة غلط ع الجنين.
ابتسمت فى سعادة قائلة:
_صح..انت صح..من النهاردة مش هتحرك من مكانى لغاية ما البيبى ييجى.
قال فهد بابتسامة:
_مش للدرجة دى يعنى.
ابتسمت وعد واقتربت منه اكثر قائلة فى دلع وهى تمرر يدها على وجنته بنعومة:
_فهد حبيبى هتجيبلى دادة بدل حسنية اللى مشيتها من البيت صح؟
نظر الى سحر عينيها وتفاعل جسده مع لمستها ليقول بشرود:
_اممممم.. ممكن.
اتسعت ابتسامتها لتقبله على وجنته بنعومة هامسة فى أذنه قائلة:
_وهتجيبلى طباخة عشان مش هقدر اطبخ يافهود.
قال وهو يقع تحت تأثير قبلتها:
_وايه كمان؟
اقتربت من شفتيه لتقبله بخفة قائلة بالقرب منهم:
_وهتاخد اجازة من الشغل عشان تقعد معايا ياحبيبى.
افاق من سحرها ليبتعد قائلا :
لا كله الا الشغل ياحبيبتى.
اقتربت منه مجددا لتنظر الى عينيه نظرة عشق قائلة:
_عايزة اتوحم عليكى يافهود عشان البيبى يطلع شبهك.
نظر الى عينيها وهو يستسلم للمسة يديها التى تعبث بشعر صدره من خلال أزرار قميصه المفتوح من الأعلي ليقول فى عشق:
_اذا كان كدة..آخد أجازة عشان خاطر عيونك ياوعدى.
انحنى فجأة ليحملها فقالت بدلال:
_بتعمل ايه ياحبيبى؟
هز حاجبيه صعودا ونزولا وهو يقول :
هطمن علي البيبى ياوعدى.
اطلقت وعد ضحكة أذابت قلبه ليضعها على السرير برقة ويقبلها بنعومة لتستسلم هى لمشاعر الحب التى غمرها بها.
***********
كنت صحراء قاحلة حولتيها إلي جنة فيحاء بحضورك يرويها عشقك ويرعاها اهتمامك، لتجنين ثمارها عشق بعشق واهتمام باهتمام لنصبح مترافقين لا يمكننا الفراق كنصفين بوجودهما معاً، يصنعان معني الكمال.
ابتسم نضال حين رأى رهف تدلف الى الغرفة وتقول بهمس :
_وأخيرا نام.
نهض نضال ليمسك بيدها قائلا:
_أيوة بقى..خلينى أقولك الكلام اللى نفسى اقولهولك.
وكزته فى ذراعه قائلة:
_انت مبتشبعش يانضال؟
قال فى مرح:
_وهو فيه حد برضه بيشبع من الحلويات يارهوفة.
ابتسمت فى خجل فأمسك بيدها وجلس على الأريكة وأجلسها على قدميه قائلا:
_تعرفى يارهف ..قبل ما اعمل الحادثة كنت مؤمن ان لكل واحد فينا نصه التانى اللى بيعيش يدور عليه لغاية لما يلاقيه وساعتها بس بيحس انه كامل ولما شفت فهد ووعد..اتأكدت ان تفكيرى صح..بس لما عملت الحادثة فقدت ايمانى بأفكارى اللى اتشوهت زى ما انا اتشوهت..لكن لما شفتك ومن اول مرة عرفت انك نصى التانى..معاكى انتِ وبس كنت بحس انى كامل..قاومت مشاعرى كتير وكدبتها ..بس فى الآخر استسلمت ولما استسلمت عرفت ..عرفت انك فعلا نصى التانى..وانى خلاص لقيتك ومستحيل اخسرك..انا مبقتش عايز حاجة من الدنيا غيرك..غيرك انتِ وبس.
اغرورقت عينا رهف بالدموع ..لتضم وجهه بين يديها قائلة بعشق:
_وانا مش عايزة من الدنيا غيرك انت يانضال..انت كمان نصى التانى.
ضمها اليه فى حنان لتضمه هى الأخرى وهى تبتسم وتحمد الله فى سرها على هديته العظيمة لها..زوجها..وحبيبها..ولديها مفاجأة ستسعده ..لقد تأخرت عادتها الشهرية وهى شبه متأكدة من حملها..ولكنها لن تخبره الآن..ربما بعد قليل ولتنعم بحضنه وحنانه الآن ثم بفرحته وجنونه عندما يعلم بحملها..هكذا تعشق حبيبها بكل حالاته..فهو ليس حبيبها فقط.... بل هو أيضاً روحها و نصفها الآخر.