رواية اسرت قلبه الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سولييه نصار


 رواية اسرت قلبه الفصل الثامن والعشرون  

"غيرة"

شحب وجهه وهو ينظر إليها ....شعر وكأنها تحكم بموته الآن ...هز رأسه بإهتياج وقال:
-انا مستحيل اسمح بكده يا ماما ....جيلان مستحيل تتجوزه هو ...
أمسكت والدته ذراعه وهي تصرخ به :
-فوق يا شيخ أمجد ...وافهم لو اتجوزتها الكل اهيقول أن الكلام اللي قالته اريام وامها صح ...عايز تدمر سمعة جيلان يا أمجد ..عايز تعمل كده ...
نظر إليها وهو يشعر بالعجز ثم لمعت عينيه وقال:
-أريام لازم تتحاسب....أنا هاخد جيلان وهنعمل فيها محضر ...أنا مش عارف ازاي الكلية مسمحتش أن الشرطة تيجي وتلمها ....
-الفضيحة هتكبر وجيلان بس اللي هتتأذي...والناس بتحب الكلام ...
-لو عملت كده الكلام انت كده هتأذي جيلان والناس ...
-الناس ..الناس ..الناس طز فيهم يا امي ...هندمر حياتها عشان الناس ...أنا عايز اعرف احنا عملنا ايه لده كله ...خطبة متمتش ..مرتحتش مع اريام ...كان مفروض اعمل ايه ...اكمل معاها واظلمها واظلم نفسي ....ماشي غلطت ..وغلطت غلط كبير بس اي ذنب جيلان ...ذنبها ايه تتكلم في شرفها بالشكل ده ....
-جيلان اتأذت بسببك يا أمجد ...
قالتها دلال بقسوة ...ليتنفس بعنف وهو يقول :
-انا هصلح الوضع ...هتجوزها واصلح الوضع 
كادت دلال أن تشد شعرها بسبب حماقته وقالت من بين أسنانها :
-انت غبي يا بني ..قولي بتفكر ازاي ؟!!!تتجوزها ايه ...انت بتثبت الجريمة عليها اكتر ...
-يعني جوازها من فادي هو اللي هيسكت الكلام يا امي ....أنا لما احبس اريام هيسكتوا ....

هزت راسها بيأس وكادت أن تتكلم ولكنه أوقفها وقال مجددا ؛
-جيلان مش هتتجوزه ..أنا مش هسمح بكده ابدا ...لو سمحتي يا امي ..سيبيها حاليا وبكرة يحلها ربنا ....

-البنت سمعتها هتتدمر لو قعدت هنا اكتر من كده ...
قالتها دلال بيأس وقد بدت قليلة الحيلة وقتها ...هي ليست أنانية ...هي لا تحمي ابنائها فقط ...هي تحمي جيلان أيضا ...تلك هي امانتها ...لا ترغب أن يتكلم أحد أو أن يخوض في شرفها ...حكت جبينها بتعب بينما كان أمجد يتنفس بعنف ...رباه هو من تسبب في هذا كله ...رأسه اليابس جعل الوضع بينه وبين جيلان معقد للاسف...
-سيبيها على ربنا يا ماما ...لكن متخليهاش تتجوز فادي أنتِ كده بتكسري قلبي ...
زمت شفتيها وهي تنظر إليه وقالت:
-أنا عرضت عليك انك تتجوزها صح ...عرضت وانت رفضت وقولت مستحيل. ....ليه دلوقتي بتعقد الوضع....
ابتلع ريقه وهو يشعر بالخجل من نفسه...تلك ليست تصرفات رجل ناضج ...بل تصرفاته توحي إلى أنه غير متزن نفسياً.....
تنهد وقال :
-انا ندمان على اللي حصل ...أنا عارف ان غلطي كبير بس انا هصلحه يا ماما ...أنا هتجوزها ...بس متبعدهاش عني ابوس ايديكي!!!
...
كانت تجلس على الفراش ودموعها تتدفق بقوة. ..لا تصدق انها تعرضت لهذا الموقف ...ما زالت كلمات أريام تندفع داخل عقلها ....نشجت ببكاء وهي تضرب على الفراش بقوة ...لقد اتهمتها اتهامات شنيعة ...أخبرتها أنها اغوت أمجد....شككت في شرفها وكل هذا أمام الجامعة كلها ..هي لن تستطيع الذهاب الى هناك مجددا ...كيف تواجه الناس هناك مجددا ...كيف ستنفي عنها تلك التهمة هي لا يمكنها فعل هذا ...لا يمكنها المواجهة ....الأفضل أن تسمع كلام زوجة عمها وتتزوج فادي وترحل من هنا ...هذا هو الحل الوحيد ...
شهقة صغيرة هربت من بين شفتيها عندما طُرق بابا غرفتها وقبل أن تمسح دموعها كانت نوران قد دخلت إليها ....
-جيلان ؟!
قالتها نوران بحزن على حالها ...هي لم تتبين الأمر جيدا ولكنها سمعت من والدتها أن والدة اريام أتت هنا وقد خاضت في شرف جيلان ...
اقتربت نوران من جيلان وجلست جانبها ثم جذبتها إليها وقد ضمتها بقوة  ..انفجرت حينها جيلان وهي تبكي بعنف .....
-حبيبتي اهدي ...حقك عليا أنا ...حقك عليا أنا ...
-انا اتدمرت ...سمعتي باظت...دي ...دي اتهمتني أن فيه حاجة حصلت بيني وبين أمجد !!!فضحتني في كليتي !!!
كانت كلماتها متقطعة بفعل شهقاتها ...كانت تشعر أنها تموت بالفعل ...قلبها يتمزق وكلمات اريام لا تتركها وشأنها ... كلماتها كسيف يمزق قلبها ....
-في الكلية ؟!هي أم اريام راحت الكلية ؟!
قالتها نوران بحيرة لتعبس جيلان وتقول :،
-لا أريام هي اللي جاتلي !!!
-يالهووي ايه العيلة الشرشوحة دي ...دي كمان أم اريام جات هنا وعملت مشكلة كبيرة ...
شهقت جيلان بقوة وقالت بنبرة باكية :
-انا اتفضحت خلاص ...اتفضحت ...
ضمتها نوران وقالت:
-متقلقيش ...أمجد هيتصرف اكيد ...
ولكن جيلان انتفضت وهي تقول بغضب :
-اخوكي السبب لو مكانش سابها مكانش ده اللي حصل ...هي فاكرة اني أنا السبب ...
حاولت نوران التبرير ولكن جيلان قالت بقهر .:
-انا عمري ...عمري ما هسامح اخوكي يا نوران ...هو اللي عمل فيا كده ....هو راح الاول وخطب وقهر قلبي وبعدين ساب خطيبته وانا اللي بتعاقب ...مع اني والله بقيت في حالي محاولتش اتعامل معاه ...ودلوقتي الحل الوحيد اني اتجوز فادي واروح الغردقة يمكن الناس تنسى فضيحتي الكبيرة ....
-ايه الفضيحة اللي بتتكلمي عليها يا جيلان محدش هيصدق المعتوهة دي ...
هزت جيلان رأسها وقالت:
-لا يا حبيبتي هيصدقوها وهبقى أنا الرخيصة اللي دمرت حياتها ...أنا شوفت نظرات عينيهم كلهم شايفين اني الرخيصة اللي سرقت خطيبتك من مراته !!!
مسحت جيلان دموعها وقالت بتصميم :
-انا هتجوز فادي !!
....... .. 

في غرفة أريام ...
-مسكتش الا وانا مفرجة عليها أمة لا اله الا الله وفضحتها قدام الكل هناك في كليتها عشان تعرف أن الله حق ...وتعرف أنها حتى لو اتجوزته هتبقى طول عمرها البنت اللي سرقت راجل من خطيبته !!!
قالتها اريام وعينيها تقدحان شررا رغم الرضا الذي كان يسيطر على نبرتها....كانت سلوى تنظر إليها وهي تشعر بالشفقة على صديقتها ...نعم الشفقة ...فأريام قد احطت من قدرها كثيرا وهي تخوض في شرف فتاة لا ذنب لها ....
-بتبصيلي كده ليه يا سلوي ؟!
قالتها اريام بنبرة هجومية لترد سلوى وقالت:
-انا مش قادرة اصدق انك بقيتي بالشكل ده يا اريام ...دي مش اخلاقك ابدا...أنا حاسة انك واحدة تاني ...مش اريام اللي اعرفها !؛!
انطفأت فجأة وهي تشعر بالكأبة تحتل قلبها ...كانت تريد أن تتجاهل كلام سلوى ولكن كلامها كان لديه صدى كبير داخلها ...مهما حاولت تجاهله فإنه يسيطر عليه ....ابتلعت ريقها وقالت:
-هما يستاهلوا اللي حصلهم وخاصة الرخيصة دي اللي اغوت أمجد...
-أمجد مش طفل يا اريام ...وهو يعتبر معملش حاجة غلط ...هو بس مكملش في الخطوبة ودي حاجة من حقه مادام مش مرتاح ميكملش ...يمكن أنه غلطته أنه وعدك واتراجع ..أو أنه حب بنت عمه وهو خاطبك .. أيوة هو غلطان بس هي مش ذنبها حاجة تخوضي في شرفها بالشكل ده ...حرام عليكي ....ده اسمه قذف محصنات 
اشتعلت النيران بعينيها وقالت بهجوم :
-وأنتِ ايش عرفك أنتِ ....طيب ما يمكن حصلت حاجة بينهم ...والدليل أنه عايز يسيبني ...
-هرد عليكِ بنفس سؤالك ...ايش عرفك أن ده حصل بينهم ما يمكن محصلش وأنتِ اخدتِ الذنب خلاص ......الاحسن أننا منتهمش حد واحنا مش متأكدين 
-انتِ هتعلميني الدين ولا ايه ؟!أنتِ نسيتي نفسك ...نسيتي عملتي ايه ...وازاي حطيتي راس اهلك في الطين ...عاملة فيها شيخة دلوقتي يا سلوى ....و...
-كفاية ...
قالتها سلوى بنبرة جليدية وقد نهضت وهي تقول بصوت خافت وحاد :
-انا رغم الغلط اللي عملته مرمتش واحدة بالباطل زيك ...واه صح أنا غلطت بس اللي عملته ميعتبرش حرام....اللي حصل بيني وبين هشام الله يرحمه ميعتبرش حرام ...أحنا كان مكتوب كتابنا صحيح غلطنا لما ضعفنا وكانت النتيجة أن عشان مات قبل ما نشهر جوازنا واضطريت اتجوز اخوه اللي مش بيطيقني...بس تعرفي رغم كده انا عمري ما اعمل حاجة بشعة واخوض في شرف بنت بريئة أنا متأكدة أن البنت دي معملتش حاجة مع أمجد...وعارفة انك اخترعتي الكلام ده عشان متقبلتيش أنه يسيبك عشانها...أنتِ للاسف عمرك ما حبيته ...اللي في قلبه ذرة حب ميعملش كده ...زي ما عمرك ما حبتيني يا اريام أنا كنت الصاحبة اللي بتقف جنبك ...اتحملتك كتير واتحملت تجاوزاتك في حقي بس للاسف أنتِ عمرك ما حبتيني يا اريام ولا اعتبرتيني صاحبتك أنا كنت زي كيس الملاكمة اللي انتِ بتفضي فيه غضبك ... والنهاردة أنتِ خسرتيني زي ما خسرتي أمجد !!!
ثم تركتها وخرجت من غرفتها تاركة اريام تنظر إليها بصدمة وعينيها ثقيلة بفعل الدموع !!

.........
في المساء ...

-جورج عشان خاطري متعملش مشاكل ولا تحرجني النهاردة ....
كانت ماريانا تقولها بترجي وهي تقبل وجنته ...بينما هو يبعدها عنه بينما يشعر بالنيران تشتعل داخله .....نظرت إلى عينيه الزرقاء التي تندلع منها النيران وابتلعت ريقها ...وداخلها جزء مجنون يرقص بقوة لانه يغار ...نعم الغيرة تشتعل داخله ....غيرته تلك اشعرتها بأنوثتها ...جعلتها تحاول اخفاء سعادتها بينما تترجاه بدلال أن يتحمل دعوة العشاء الليلة...فهي قد دعت ابرام وزوجته للعشاء ...وجورج قد غضب بسبب هذا ولكنه لم يريد أن يحرجها ...
-لو سمحتي يا ماريانا ابعدي...
قالها بضيق وهو يحاول دفعها ....
-يا حبيبي انا مش عارف ماله يعني إبرام متضايق منه ليه ..
صمت ولم يجيبها لتبتسم هي بخبث خفي ...تعرف أن قد وصله خبر أنها وإبرام يوما كانا  سيرتبطان وهذا بالطبع هو ما يزعجه...ولكنه لن يتحدث 
كتمت تنهيدة عميقة وهي تفكر لماذا لا يعلن غيرته عليها...أنها تتوق لرؤية غيرته ...تتوق أن يقبلها غاضباً ويخبرها انها ملكه فقط ...
هزت راسها مبتسمة وهي تنحي تلك الأفكار الجامحة عن عقلها ولمست وجهه وقالت :
-قوليلي الحقيقة انت ليه متضايق. ...
-معرفش أنا مبحبش إبرام.  .تقدري تقولي مفيش قبول ما بيننا ...
-الله بس بجد إبرام انسان جنتل ومفيش زيه ...هو ...
ولكنها اخرسها بقبلة عنيفة لتتسع عينيها بصدمة ....وقد ارتبكت بشدة ولكنها ضمته إليه ...ابتعد عنها للحظات وقال :
-متمدحيش راجل تاني قدامي ....ماشي ؟!
ابتسمت متوردة وهي تهز رأسها  ليكمل :
-عشان خاطرك بس هكون لطيف...
قبلته على وجنته وهي تقول :
-شكرا يا حبيبي ....
.....
بعد ساعة تقريبا.....
-واو ايه السفرة الملوكي دي. ..
قالها إبرام بلطف وهو ينظر إلى ماريانا وقدم لها باقة الورد الصفراء ...تقبلته منه هي شاكرة وهي تبتسم له وتقول برقة :
&شكرا يا إبرام ....
نفخ جورج بضيق وهو يحاول السيطرة على الغيرة الشرسة التي بدأت تأكل روحه ...هل عانت ماريانا يوما من تلك الغيرة ...لابد أن الأمر كان اصعب فهو كان يحب سيلا ...ولكن ماريانا لا تحب إبرام ولكن رغم ذلك يشعر بالقهر ...بالغضب وهو يراها تتحدث معه بتلك الطريقة ...تبتسم له ؟!!لماذا تبتسم له ...لا يحق لها أن تبتسم لغيره ....
-ماريانا وحشتيني ...
قالتها امرأة قصيرة ممتلئة الجسد ...
-نانسي ..
قالتها ماريانا بإبتسامة حقيقية ثم ضمتها بحب ....
ابتعدت ماريانا وهي تقول بلطف:
-اتفضلوا يا جماعة ....
هز إبرام رأسه وسمح لزوجته بتقدمه ثم سحب مقعد وجعلها تجلس عليه ...وهو يربت على كتفها في لفتة رقيقة ....
ابتسمت له بحب وهي تتبعه بعينيها بينما ماريانا كتمت تنهيدة وهي تفكر أن إبرام حقا يعشق زوجته ...ذلك العشق الذي لا تلمسه من جورج للاسف ...حتى لو أن جورج يحبها هو لا يمتلك شغف إبرام نحو زوجته ...هي تحب نانسي حقا رغم أنها مرات عديدة كانت تحسدها على حب إبرام ...ليسامحها الله احيانا كانت تتعجب من حب إبرام لها .... فإبرام كان وسيم للغاية أنا نانسي لم تكن جميلة بالمعنى الحرفي ولكن إبرام كان حقاً متيم بها ورغم أنها جميلة جدا ولكن جورج لا يعشقها كما يعشق إبرام زوجته  ...هي حقاً تشعر بالذنب بسبب تفكيرها هذا ولكن عدم حب جورج لها جعلها تشعر بالغيرة من اي قصة حب ناجحة ...وبالأخص من قصة إبرام ونانسي..ولكن تشعر الآن حقا بالسلام وقد لمست عشق جورج لها ...لهفته عليها وغيرته أيضا ...كل تلك الأشياء جعلتها تنسى اي مشاعر سلبية ....
جلست بجوار جورج وهي تتناول طعامها بكل هدوء .....

-ايه اخبار مع الحمل يا ماريانا بجد لما سمعت فرحتلك اووي ...
قالتها نانسي بود لتبتسم لها ماريانا وتقول :
-انا الحمدلله كويسة ...في الاول الموضوع متعب بس بعد كده الموضوع بقا اسهل شوية ...

-ربنا يقومك بالسلامة يارب ...
-امين ...
-على فكرة ورق العنب حلو اووي يا ماريانا تسلم ايديكي من زمان وأنتِ نفسك يجنن في الاكل ..
قالها إبرام بعفوية وهو يلتهم ورق   العنب بسعادة....قبض جورج على كفه وهو ينظر لماريانا بغضب وقال بنبرة هازئة :
-ياااه شكلك كنت بتاكل كتير من ايد مراتي يا إبرام ....
اختنقت ماريانا بالطعام ورمشت نانسي مجفلة بينما ظل إبرام على ابتسامته الراقية وقال :
-طبعا ...ماريانا قريبتي يا جورج وهي زي اختي مريم بالضبط ومن زمان أهلها واهلي بيروحوا وبيجوا على بعض ...ولحد دلوقتي ماريانا هي اختى وانا اخوها ....
بكلماته تلك اخرس بالفعل جورج الذي صمت وهو يشعر بالضيق بينما ماريانا رمقته بغيظ وهي تفكر أنه قد أحرجها أمام ضيوفها !!
.....
بعد أن ذهب إبرام وزوجته....
كان جورج يقف أمام غرفة زوجته وهو يقول بتوسل :
-ماريانا أنا آسف ممكن تدخليني...
كانت ماريانا جالسة على الفراش وهي تشعر بالغضب وقالت:
-لا يا جورج مش هدخلك ...عشان انت برضه عملت اللي في دماغك واحرجتني قدام إبرام ...
-هو اللي مستفز يا ماريانا ...
لحظات وقد فتحت الباب وهي تصرخ به وتقول:
-هو برضه المستفز ولا أنت...أنا بجد مش قادر اصدق انك بالعقل الصغير ده ...
جذبها فجأة عليه ...عانق وجهها وهو يضع جبينه على جبينها ويقول؛
-انا بغير منه ...ليه مبتفهميش ...بغير ....
رقص قلبها طربا ...ولكنها زمت شفتيها وهي تدفعه ثم تراجعت لداخل الغرفة وأغلقت الباب ثم قالت :
-انت متعاقب مش هتدخل الاوضة لحد ما تعرف غلطك كويس !!

.. ......

-انا اذيت الكل بتصرفاتي يا رحيق ..اذيت جيلان ونفسي وأريام...صحيح أنا متضايق من اريام جدا بس انا السبب لو مكنتش انسان مشتت بيهرب من مشاعره مكانش ده حصل ...
قالها أمجد وهو يشعر باليأس ..نظرت إليه شقيقته بشفقة وقالت بنعومة :
-انت بتقسى على نفسك ده نصيب يا أمجد...يمكن كده احسن بدال ما كنت تكمل مع اريام واتصدم بتصرفاتها بعد الجواز ...ربنا يسامحني على اللي بقوله بس مكانتش عاجباني البيئة الغريبة اللي هي جاية منها ...أن والدتها تبقى متحكمة ولاغية دور جوزها خالص كده ...دي حاجة مش مبشرة بالنسبالك ...يعني هي بيئتها مش سوية يمكن عشان كده هي نفسها تصرفاتها بالغرابة دي....
ابتسم أمجد بحزن وقال:
-بتحاولي تخففي عني مش كده ؟!
هزت رأسها وقالت بصدق:
-انت عارف اني مبعرفش اقول غير الحقيقة يا أمجد ....هي بجد مكانتش تنفع ليك ابدا ...انت غلطت منكرش لما عاندت وكملت رغم أن كان واضح من البداية انك مايل لجيلان اكتر وأنا حاولت افهمك بس انت انفجرت فيا ....
نظر إليها بخجل وقال :
-انا اسف...تصرفاتي الفترة اللي فاتت كانت غريبة زي تصرفات المراهقين !!!...مكنتش بعقلي .. 
ابتسمت بتسامح وقالت :
-بتحصل يا حبيبي متشيلش هم ...المهم انت هتعمل ايه دلوقتي ....جاسم جه وعايز ياخد القرار النهائي .. 
-ما أنا قولتله خلاص ...هي مش هتتجوز فادي ...وبعدين جاسم جه يتكلم عن نوران معظم قعدته بيقول أنه حاسس انها خايفة من خطوة الجواز وطالب اقدم كتب الكتاب ونعمل الفرح بعدين عشان ياخد راحته معاها ...
ارتبكت رحيق قليلا وقالت بتلعثم :
-هو .هو ليه مستعجل كده ما يستنى شوية ؟!..
عبس أمجد وقال:
-يستنى ليه...ما عنده حق ...لازم يقربوا من بعض ...نوران بتعامله بشكل واقف وهو متضايق ...
صمتت رحيق وهي لا تعرف ماذا تقول 

.........

-انا جيت اكلم أمجد عشان عايز اكتب الكتاب أنا ونوران ...وكلمته وهو معندوش مانع !!
تجمدت نوران مكانها وهي تشعر أنها سوف تفقد وعيها ...ماذا يقول هذا ...اي كتب كتاب !!!مستحيل الآن ....كانت تقف وهي تمسك صينية المشروبات وهي ترتعش بقوة ...الدموع اغشت عينيها وكادت أن تسقط ارضا...كلما تحاول دفع، جاسم يقترب منها بقوة محطما حصونها...ماذا تفعل لتبعده ...ماذا تفعل لكي يفسخ تلك الخطبة ....
انحرفت عيني جاسم نحوها وشبح ابتسامة احتلت شفتيه وهو يقول :
-انا محتاج اقرب من نوران يا خالتي ...وعارفة ان الوضع مش سامح اننا نكتب الكتاب عشان خاطر والدة جيلان الله يرحمها ...بس احنا هنكتب الكتاب من غير اي احتفالات وهنعمل الفرح في ميعاده عادي ....
رمشت نوران لإبعاد تلك الدموع السخيفة بينما تتنفس بقوة ...رباه هل هو مجنون ..كيف يفكر هذا ...أنها تتورط...ستتزوجه وسوف ينكشف سرها وحينها سوف تُفتح ابواب الجحيم عليها ...
-منك لله يا عادل...منك لله...
همست بإختناق وهي تحاول ألا تبكي ثم اتجهت برشاقة وهي تضع الصينية على الطاولة وتقول بوجوم:
-انا مش عايزة اكتب الكتاب دلوقتي...دي فترة خطوبة واحنا بندرس بعض ...مش يمكن أقرر فجأة اني مش عايز اكمل معاك تبقى اتحسبت عليا جوازة .. انت مش خسران حاجة بس انا اللي هيشاوروا عليا ويقولوا المطلقة اهي ...
ابتسم بمرح لتقول دلال بتأفف :
-الشر برة وبعيد ...أنتِ بنت فقرية اووي ...مالك يا نوران بتنطحي في الكلام ليه ؟!أنا مش شايفاه قال كلام غلط ...بالعكس لازم تاخدوا على بعض ...أنا شايفة قرار جاسم مضبوط مية في المية .  
تمعنت نوران في والدتها بقلق وهي تفكر أن أمرها قد انتهى. . .
.....،
-تصرفاتك مع خطيبتك مبقتش عاجباني يا عادل ...جميلة قبل ما تبقى خطيبتك فهي بنت عمك ولازم تحافظ عليها ومتكسرش قلبها 
قالها والده بقوة ليبتسم هو بسخرية ويقول :
-يا ترى العيلة الصغيرة هي اللي اشتكتلك مني بنفسها ولا بعتت عمي يشتكيلك؟!!
-عادل احترم نفسك.وانت بتتكلم معايا ...متنساش نفسك ...ومتنساش اني انقذتك من فضيحة كنت هتورط نفسك فيها ...أهل البنت اللي كنت بتهددها لو بلغوا عنك كنت هتغور في ستين داهية ....
احمر وجه عادل من الغضب وقال:
-الستين داهية دي ارحم من العبط اللي انا فيه حاليا ...انت خلتني أخطب طفلة حرفيا ...كل اللي في دماغها اللعب واعياد الميلاد والفسح ...مبقتش طايقها ولا طايق نفسي ...
-مالها جميلة ...بنت محترمة ..على الأقل عارفين اخلاقها ولا انت عايز البنت اللي كانت بتبعتلك صورها من غير هدوم ...عايز تعيش في القذارة طول حياتك كده ....أنا انقذتك من واحدة زي دي ...البنت اللي تبعتلك صورها النهاردة وتجيلك شقتك هتروح لغيرك بكرة وتبعتلوا صورها برضه ...افهم الرخيص بيفضل رخيص ...على الأقل جميلة بنت عمك صغيرة هتقدر تربيها على ايديك ....غير التانية دي ...
-لو سمحت كفاية يا بابا متتكلمش عنها بالشكل ده 
ابتسم والده بسخرية وقال:
-ايه بقول حاجة غلط ولا ايه يا عادل ...ما دي الحقيقة ....انت تأمن لواحدة زي دي ...مش هتشك في يوم انك وانت في شغلك متجيبش راجل لفرشتك...ولا تقرطسك وانا نايم جنبها وتكلم واحد تاني وتبعتله صورها ...اصلا دي كواحدة بصراحة اتوقع منها اي حاجة .....
ابتلع عادل ريقه .. كان يشعر بالغضب من كلمات والده عنها .. أراد أن يوقفه ...أو أن يخبر والده أن هذا ليس صحيحاً..ولكن سيكون كاذبا .. هو من الأساس يشك بأخلاق نوران ...في عقله أرادها كزوجة سرية أو عشيقة ...لا يمكنها أن يخرجها للضوء.. وحتى لو تزوجها ستظل الشكوك تنهشه...لأنها تنازلت مرة وبالطبع ستتنازل مرة أخرى ....
ابتسم والده وقال هازئا وهو ينظر إليه:
-اقتنعت بكلامي يا استاذ ....صدقني أنا عارف بعمل ايه ...هتتجوز جميلة واهي على الأقل مضمونة ومقفول عليها ومتعرفش غيرك ...احسن من اللي ....
قطع كلامه ورمقه بسخرية ثم غادر ليجلس عادل على الأريكة بإنهيار ....والده محق....ولكن هو قد أخطأ أيضا مثل نوران !!

....
-وأنا مش عايزة اعمل كتب كتاب دلوقتي ...هو الموضوع هيتم بالغصب ؟!!
قالتها نوران وهي تزم شفتيها بقوة ...كانت تشعر بالضيق مما سيحدث ....أنهما يقرران حياتها بكل تلك البساطة ....
ابتسم جاسم وقال:
-انا عايز اعرف أنتِ ايه مشكلتك مع كتب الكتاب ...ده هيكون احسن لينا .. حتى لو جيت هنا مبقاش حاسس بقلة الراحة.   ابقى جاي لمراتي ...
رفضت أن تظهر ضعفها للكلمة التي قالها للتو ...زوجته ...رباه لو كانت في وضع اخر غير هذا الوضع لقبلت الزواج سريعا وهي سعيدة راضية ...فهي ما زالت تحمل مشاعر قوية له...ولكن الآن هي امرأة محطمة ...كيف ستعطيه ما يريده...هو يريد امرأة عفيفة  لم تمس ابدا ...ولكن هي غير عفيفة ...هي تم تدنيسها من قبله ...كادت أن تتكلم ...تعترض ولكن ضعفها كسا وجهها فابتسم جاسم وقال:
-نخلي كتب الكتاب الأسبوع اللي جاي!!

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
 "مفاجأة"

في اليوم التالي ....
استيقظت من نومها فزعة على رنة هاتفها ...ابتلعت ريقها وهي تستل الهاتف لترى اسمه البغيض  يتألق على شاشتها ..ثقلت عينيها بفعل الدموع وكل ما كانت تريده هي ان تغلق الهاتف بوجهه ولكنها فشلت ...هي أجبن من أن تفعل هذا !!!
اغمضت عينيها والدموع تنهمر منهما بقوة ...لقد اصبحت تحت سيطرته ...واليوم سوف تعود الى  السجن الذي هربت منه....مسحت دموعها وهي تقبل الاتصال ....
وضعته على اذنها وهي تقول بصوت مبحوح :
-ألو ....
على الجهة الأخرى ....أغمض لطيف عينيه وصوتها يقتحمه ...الغبية لا تدرك انه يحبها ...يعشقها بجنون .....
-ياريت تمر الساعات بسرعة عشان نكون سوى يا حبيبتي ...أنا وانتِ وإبننا ....اغمضت عينيها وهي تشعر بالقرف وخرج من فمها نشيج حار ليعبس هو ويقول بجدية :
-مش هتندمي المرة دي يا ماجدة ...أنا هقدر احميكم المرة دي ...محدش هيقدر يأذي أبننا ...وكمان هنقدر نخلف تاني ونعوض معتز .....
احمر وجهها بغضب....بقهر وهي تقول بصوت مخنوق:
-ابني مش فردة شراب عشان تتعوض يا لطيف ...لو هرجعلك اعرف اني مش هجيب أي اطفال اظلمهم تاني وتكون انت أبوهم....
قبض كفه بقوة وهو يمنع نفسه قسرا من ان يصرخ بها ....رسم ابتسامة غامضة على شفتيه وقال :
-ميعادنا الساعة خمسة يا روحي ...أنا ظبطت كل حاجة ...جبت خالتك وجوزها بنفسي عشان جوزها يبقى وكيلك وهجيب صاحبي يبقى شاهد وابن خالتك الشاهد التاني   ....وكل الإجراءات خلصتها فاضل بس نكتب الكتاب ....
اغمضت عينيها ودموعها تنهمر وقالت بنحيب :
-ماشي ...
لم يتحمل اكثر من هذا وصرخ بها بغيرة  :
-هو فيه ايه ؟!!انتِ لسه متعلقة بالدكتور بتاعك ...فاكراه هيتجوزك ...اتقبلي الوضع يا ماجدة ...انتِ النهاردة هتكوني مراتي أنا !!ومحدش هيقدر يمنع ده...أنا مش هسمح لأي حد انه ياخدك مني ....انتِ بتاعتي !!!
-ممكن اقفل ؟!
قالتها بصوت مخنوق ....اراد ان يصرخ بها مجدداً...كان يائس للغاية ...رغم انه حقق ما يريد الا انها بعيدة ...قلبها لم يعد ملكه ....
تنهد وهو يقول :
-سلام...
ثم أغلق الهاتف بسرعة 
بعد ان أغلق الهاتف جلس على الأريكة وهو يهز ساقه بعصبية ....اليوم ستكون له ...ستعود له ...هي وابنه وجب ان يكون سعيدا ولكن فكرة انها تحب آخر تقتله ...حتى لو لم تتكلم عينيها تخبره انها تحب هذا المدعو يوسف ...كيف استطاع هذا الرجل أن يسيطر عليها بتلك القوة يتلك السرعة ...واين كان هو ....هو دوما كان يراقبها ...يتأكد ان ليس هناك أي رجل يقتحم رقعته...ففي قانونه هي ملكه فقط ....ولكن كيف اغفل عن سحر ذلك المدعو يوسف ....نهض وهو يحك شعره بقوة وقال وهو يهدأ نفسه ؛
-خلاص اهدى...اهدى...النهاردة هتكون ليك...وقتها هتقدر تنسيها يوسف واي حاجة تتعلق بيه ...اهدى هي لسه حزينة بسبب معتز.  ..معتز ...
رددها مرة أخرى والدموع تحرق عينيه. ..ابنه الذي مات بسبب اعداؤه....قُتل في سن صغير ....ماجدة مهما فعل لن تسامحه على هذا ولكن ربما ان انجبا طفل مرة أخرى شوف تنسى ....صحيح انها لن تنسى معتز كليا ولكن ربما هذا الرابط بينهما سوف يجعلها تسامحه ...هو لن يستطيع قبول  طلبها الذي طلبته منذ زمن ...ان يترك تجارة المخدرات ...لا يستطيع فعل هذا. ...هذا العمل يدر عليه بالكثير من الاموال...عمله هو من يجعله يشعر بالقوة.  ....بدونه هو ضعيف...جبان..لا يستطيع فعل اي شئ غير هذا العمل ....لذلك سوف يستمر به حتى الموت ...وماجدة سوف تعود اليه برغبتها او بدونها !!!!
...
كانت متسطحة على الفراش الدموع تنهمر من عينيها بقوة ...لقد عادت الى سجانها ....لن يستطيع احد مساعدتها....حتى يوسف اختفى من محيطها ...هي الآن وحيدة ...وحيدة للغاية ...وضعت ذراعها على عينيها وهي تنفجر بالبكاء ...تشعر بالشفقة على نفسها ...تتساءل لما هي ضعيفة لتلك الدرجة ...لما لا يمكنها ان تحاربه ...والسبب برز بوضوح ...ابنها ...هي لا تريد أن تخسر الثاني كنا خسرت الأول ...ولكنها ان عادت للطيف سوف تخسر الثاني بكل تأكيد :
-يارب ساعدني ...يارب مليش غيرك ...ان كان هو قوى انت أقوى منه يارب متخلهوش يأذيني أنا وابني ...
كانت حروفها تنطق باليأس ...تنتظر أي معجزة لتنقذها منه ...نهضت هي من الفراش بتعب وهي تأخذ ملابسها لكي تتحمم ...نظرت على طفلها النائم وهي تفكر انها تفعل هذا كله من اجله هو فقط ....
....   
بعد قليل ....
خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها بينما ترتدي بيجامة قطنية....جلست على طاولة الزينة وهي تمسك المشط كي تمشط شعرها بينما تنظر إلى انعاكسها في المرآة بشرود ...ساعات وتكون له....تنفست بإختناق وهي تفكر أنها ستعيش على المال الحرام مرة أخرى ...ستعود وبشروطه هو ...هي تحت رحمته تماماً...احيانا تفكر أنها السبب لو لم تحب يوسف لم يكن ليفقد عقله بتلك الطريقة ويجبرها ....والآن اين يوسف ...لقد اختفى تماماً...حتى أنه توقف عن محاولة التواصل معها ..
هزت رأسها بتعب وهي تمشط شعرها ....
......
خرجت من الحمام وهي ترتدي بيجامتها تجفف شعرها .....سيف كان مصر على جعلها تتصرف بحرية في الغرفة ....فجأة أسقطت المنشفة وهي تستدير بعنف وتقول :
-مين شال الغطا عن المرايا ...
كانت تقولها وهي تضع كفها على وجهها ...صوتها مشدود بينما يرتجف جسدها ...لقد رأت انعكاسها بعد فترة طويلة ...كانت تشعر بالإشمئزاز وقد تضاءلت ثقتها بنفسها كثيرا ...كان سيف ينظر إليه بينما كانت هي ترتجف بقوة دليل على بكاؤها....شعر بالخوف للحظات ...شعر أنه تسرع في تلك الخطوة ...هو كان يرى أنها تتقدم ...خلعت النقاب نهائيا في غرفتها....أصبحت لا تخجل من شكلها أمامه .....وهذا أسعده لذلك قرر التقدم في الخطوة التالية ولكن رد فعلها صدمه ....
-مياس ...
قالها لاهثا وهو يقترب منها ...كانت تخفي وجهها بين كفيها ....
-مياس ابعدي ايديك ...
قالها بهدوء وهو يمسك كفها بيده السليمة ولكنها رفضت وهي تقول بإختناق:
-ابعد ايديك عني ...ابعد !!!
كانت لهجتها بها هجوم اجفله ...خاف أن يتفاقم الأمر ...ولكن عقله أخبره أن تلك هي الفرصة المناسبة ليجعلها تواجه الأمر ....امسك كفها وابعده عن وجهها بلطف شديد..كانت تبكي امامه..تبكي بعنف....عينيها تصرخ بالتوسل إليه إلا يفعل هذا ...هذا يقتلها.....ولكن كان يجب أن تواجه الأمر ...يجب أن تتقبله ....مسح دموعها برفق وهو يجعلها تستدير....كانت مغمضة عينيها ...لا ترغب بمواجهة الأمر ...لما يفعل هذا بها ...لما يريد أن يجرحها بتلك الطريقة ...انهمرت الدموع بشكل اقوى وهي تقول :
-لا سيف ...ابوس ايديك لا 

-مياس ...اهدي...افتحي عينيك مفيش حاجة 
همس وهو يحثها أن تفتح عينيها ...بينما يلمس كتفها ...كانت تتنفس بعنف. ..لا تعرف لماذا يفعل هذا؟!لماذا يصر على الضغط على جرحها بتلك القوة ...لم تعهده قاسي لتلك الدرجة ....لقد تقبلت أن تظهر أمامه دون غطاء للوجه ..ولكن لا يمكنها أن تتقبل أن تنظر لوجهها ...لن ترى هذا الجمال الذي يراه ....
-خايفة من ايه ؟!
-انت عايز ايه ؟!عايز تقهرني ...عايز تزعلني !!!أنا مش عايزة ابص...أنا بكره شكلي ..بكرهه....متعملش كده يا سيف ...متخلنيش اكرهك انت كمان ....
-فتحي عينيكي يا مياس ...مفيش حاجة تشمئزي منها أو تخافي منها ....أنتِ بتوهمي نفسك ....لازم تتقبلي نفسك مهما كان ....
-سيف انت مالك النهاردة ...بجد مالك ....انت عايز ايه ؟!عايز تأذيني ....
-اهون عليا الموت ولا إني أذيكي يا مياس ...بس انا حابب انك تتقبلي نفسك....لحد امتى هتكرهي نفسك بالشكل ده ...أنتِ جميلة تستحقي تتحبي ...
-وأنت كداب ...
قالتها بنحيب ...ليضغط على كتفها ويقول برفق :
-فتحي عينيكي ....
شهقت وهي تفتح عينيها بتردد توسعت عينيها وهي تشعر وكأن كل ما حدث قد عاد ليقتحم ذاكرتها ...تذكرت كيف كانت جميلة ...جميلة للغاية ...كانت تنظر الى نفسها بإعجاب ...ولكن كل هذا انتهى ...هي مجرد مسخ....مهما حاول سيف أن يكذب عليا....
-لااا ...
قالتها بإنهيار وهي تبكي ...كادت أن تسقط ارضاً...وذكرى الرجل الذي ألقى الحمض على وجهها تبرز من العدم ....امسكها سيف بذراع واحدة ولكن رغم ذلك سقطت أرضا ..
-مياس ....
قالها سيف برعب وهو يجلس بجوارها ...ثم يضمها بقوة ويقول بندم :
-انا اسف يا مياس ...اسف ....
كانت تبكي دون توقف وهي تتمسك به...بينما تقول بكلمات متقطعة :
-متعملش كده تاني....متعملش كده تاني ....
-حاضر أنا آسف...اسف ..
قالها وهو يقبل رأسها بينما استسلمت هي وبقت تبكي بين ذراعيه ....
.....
بعد قليل ...
كانت جالسة على الفراش بإنهاك بينما غطا سيف المرآة مرة أخرى ...يجب أن يساعدها ...لا يمكنه أن يراها في تلك الحالة ويصمت ...مياس يجب أن تواجه ما حدث لها ..أن تتقبل هذا ...الهروب لن يحل اي شئ...وهو سيبقى معها للنهاية ....اقترب منها وجلس بجوارها على الفراش وأمسك كفها ثم قبلها وهو يقول بلطف:
-ايه رأيك اوديكي عند حد ممكن يساعدك يا فراشة ؟!
نظرت إليه بحيرة وهي تمسح دموعها وتقول :
-مش فاهمة مين ممكن يساعدني ....لو بتتكلم عن دكتور تجميل فأنا روحت لكتير محدش قدر يساعدني ...عملت عمليات كتير بس لل....
ولكنه قاطعها وهو يشد على كفها ويقول :
-انا اقصد دكتور نفسي يا مياس يساعدك تتخطى الموضوع ....
شدت كفها وقد شهقت بإهانة وقالت بلوم بينما نبرتها مختنقة بفعل الدموع :
-دكتور نفسي ...شايفني مجنونة يعني ؟!
-هو ده كلام برضه ...
قالها بتوبيخ ثم أكمل :
-مفيش حد قال كده ....متقنعنيش انك واحدة متعلمة ومش عارفة إننا كلنا محتاجين لدكتور نفسي في أي فترة في حياتنا ...ده مش عيب ...اللي حصل معاكِ صعب  تتجاوزيه لوحدك  عشان كده لازم حد يساعدك وانا هكون معاكي.....
ضمت شفتيها بقوة وهي تنظر إليه ...شعرت في تلك اللحظة أن الشفقة هي الشئ الوحيد الذي سوف تناله من اي احد حتى سيف ...ولسبب ما يقتلها أن ترى الشفقة في عينيه....
مسحت دموعها وقالت :
-لو روحت وقدرت اعتمد على نفسي ...اتقبلت كل اللي حصلي...هبقى مؤهلة بالنسبالكم اني اقدر اعتمد على نفسي....ممكن وقتها تطلقني وتحررني !!
رمش وهو ينظر إليها ...كان يشعر وكأنها ألقت قنبلة على رأسه...ماذا تقول هي ...كاد أن يتكلم إلا أنها أنهت الحديث وهي تخبره :
-انا هسمع كلامك وهروح بس وقتها هتنفذ اللي هطلبه !!
.......
بعد ساعتين ...
كانت جالسة على طاولة الزينة بينما جارتها تمشط لها شعرها ...تبقى  ساعتين  على قدوم لطيف مع المأذون ...قررت أن ترتدي الفستان الذي وصاها لطيف بأن ترتديه ...لقد احضر لها فستان كريمي محتشم وبسيط متسع  عن أطراف ذراعها ...وكما وصى امرأة تأتي لتزينها ....أراد أن يجعل كل شئ رومانسيا للغاية ...وكأن زواجهما عن حب ....أخفت ابتسامة مريرة ساخرة وهي تفكر أنها لا تكره الآن أكثر منه ...هذا الشخص دمر حياتها بالكامل ...وسوف يعيدها ليدمر الباقي منها.....
وضعت جارتها أم عبد الرحمن كفها على كتفها وهي تلاحظ انسياب دموعها من عينيها وهي تهمس :
-الليلة ليلة فرحك متعيطيش ...
-قصدك ليلة موتي ...
قالتها بنحيب لتضغط ام عبد الرحمن على كتفها وتقول :
-يمكن يكون ده لصالحكم يا ماجدة عشان ابنك يتربى وسط أبوه وأمه ...أنا بجد معرفش ايه اللي حصل وخلاكي تصممي انك مترجعلهوش ...بس ايه الحاجة الكبيرة اللي عملها تخليكي تسامحيه عشان خاطر ابنك ...يا ستي لو على الخيانة فالرجالة كلها كده ...مفيش راجل مخانش...لو هنتطلق عشان الراجل بيخون يبقى كل ستات مصر هتطفش من رجالتها ...مش اهم حاجة ليرجع لحضنك وحضن عيالك يبقى مش مهم ....
أطرقت ماجدة وهي لا تستطيع التحدث ...هناك نيران داخلها تهدد بحرق كل شئ ...هي لا تفهم ...لا يمكنها أن تفهم أنها لا تريد هذا الرجل في حياتها ...وهي بالطبع لن تخبرها السبب .....مسحت ماجدة دموعها ليدق الباب فجأة فتقول ماجدة بصوت مبحوح :
-تلاقيها الكوافيرة اللي بعتها لطيف روحي افتحيلها لو سمحتي ....
هزت ام عبد الرحمن رأسها وخرجت لتفتح الباب فوجدت أن خالة ماجدة منيرة وزوجها كارم.....
-اهلا وسهلا ..اتفضلوا ...اتفضلوا ....
ولجت منيرة وهي تبتسم وتقول بحبور :
-اومال فين العروسة ... فينها...
ثم اتجهت للغرفة وهي تجد ماجدة لتطلق زغرودة بسعادة وتقول :
-يا حبيبتي الف مبروك ...أخيراً رجعتي لعقلك ....ربنا يكملك بعقلك يارب ..
ثم ضمتها لتكتم ماجدة دموعها بشق الأنفس وهي تسيطر على نفسها لكي لا تبكي كالأطفال ...هي تشعر بالإختناق ...كل ما حولها يخنقها ... رباه الجميع سعيد الا هي ...لا أحد يدري الجحيم الذي سوف تعيشه مع هذا الرجل ...حتى خالتها فخالتها رغم معرفتها بعمل لطيف فهي  بعد وفاة أهلها انشغلت بحياتها ولم تعد تراها كثيراً....وبالطبع خالتها تريدها بشدة أن تعود للطيف أو تتزوج حتى لا تقلق عليها كثيراً...فكرت بسخرية مريرة ..أن هذا ما تخبرها بها خالتها دوما ولكن هي حقا لا ترى أنها تهتم حتى ....
ابتعدت منيرة وهي تبتسم وتقول :
-اخيرا يا ماجدة ...ده أنتِ طلعتي جبارة بس اهو الراجل رضاكي وهترجعوا ...ربنا يكملك بعقلك ...كده احسن يا بنتي من رأفت وغيره ...على الأقل ده ابو ابنك ...
أغمضت عينيها بتعب وهي تمسك نفسها بقوة كي لا ترد عليها ....رن جرس المنزل مرة أخرى فذهبت ام عبد الرحمن لتفتح الباب بسرعة .....
-اهي الكوافيرة جات ..
قالتها أم عبد الرحمن بسعادة.....
.......
بعد قليل ...
-ايه يا عروسة دي تالت مرة يبوظ الايلاينر ....ايه يا اختي العروسة اللي بتبكي في فرحها دي ...
قالتها الفتاة التي تزينها وهي تتأفف بضيق ...لتقترب خالتها بسرعة وهي تقول :
-فيه ايه يا ماجدة اومال...يالا خلينا نخلص ....
هزت ماجدة رأسها وهي تكتم نحيبها.....وتترك نفسها لكي تزينها الفتاة .....يجب أن تفعل هذا هي مجبرة .....
ابتسمت منيرة بشفقة على حالتها وهي تتمنى أن يكون كل شئ على ما يرام 
..

بعد قليل ... 
كان كل شئ قد انتهى ....كانت قد ارتدت فستانها ...مساحيق التجميل كانت تلائم بشرتها تماما ...لقد ظنت أن جمالها متواضع ولكن مع قليل من الاهتمام رأت نفسها حقاً جميلة...أن الفتاة ماهرة حقاً في إبراز جمالها ...فهي وضعت مساحيق بضع مرات ولكن لم تكن بهذا الجمال ...
-بسم الله ما شاء الله ربنا يحرسك يا بنتي ويبعد عنك العين يارب...زي القمر يا حبيبتي. ..
قالتها خالتها وهي تضمها إليها ...ضمت ماجدة شفتيها لكي لا تبكي وتفسد كل شئ ....انسحب الفتاة من الغرفة وام عبد الرحمن أيضا التي ذهبت لتحضر ابن ماجدة كي يحضر كتب الكتاب .....
بعد أن خرجا أمسكت منيرة كف ماجدة وقالت:
-متزعليش يا بنتي كل حاجة هتتصلح.   يمكن ده يكون لصالحكم ....يعني اقصد أنتِ وابنك ....
عضت على شفتيها وهي تحاول ألا تبكي وقالت بصوت مختنق :
-لصالحنا اني اعيش مع تاجر مخدرات يا خالتي ...ما أنتِ عارفة اللي فيها . .أنتِ اول واحدة أنا حكيتلها ...
صمتت منيرة وهي تربت على كتفها وتقول :
-يالا يا بنتي زمان المأذون جاي ....
....
بعد قليل ...
كانت ماجدة جالسة على الأريكة وقد حضر الشيخ ولم يحضر لطيف بعد ...ولكنها ابدا لم تهتم ...كانت تتمنى في تلك اللحظة أن يموت ...
فجأة دق الباب لتنتفض بقوة ويلج شخصان غريب ....عبست ماجدة وهي تراه وقالت ؛
-انت مين ؟!
ابتسم وقال:
-انا هكون الشاهد التاني عن العريس ...
-لطيف!
قالتها بحيرة فهي تعرف أنه سيحضر صديقه المقرب هادي ولكن الرجل رد بهدوء وقال:
-لطيف مش هيجي ...
-نعم ؟!
قالتها بحيرة اكبر ليتوقف قلبها للحظات وهي تراه يلج للمنزل ويقول ؛
-قولتلك أنا مجنون ...هعمل اللي متتخيلهوش ...
-يوسف ...بتعمل ايه هنا ؟!!
قالتها وهي تشعر أن الأرض تميد بها ليرد مبتسما بإنتصار؛
-أنا هبقى عريسك يا عروسة مفاجأة  مش كده !!!

تعليقات



×