رواية غراب الياقوت الفصل الثاني 2 بقلم رحمة أيمن


رواية غراب الياقوت الفصل الثاني بقلم رحمة أيمن 


«أسمع يا أستاذ عشان أنا مشغولة وعندي عميل مهم أنت مطالب بإعتذار ليه لكن زي ما أنا شايفه حضرتك مابتفهمش في الزوق» 


قربت منه وعكس أي حد كان واقف ثابت مكانه ماتحركش ولا بِعد ودي نقطة جديدة لصالحه من ناحيتي 

قللت ملامحى الفضحانى منها لله وكملت ببرود وعصبية قدرت اطبعهم عليها 


« والمدير بعتلي قبل وجودك قدامي وسال عن كلامي ورديت بوضوح بصحته وانه صح وقالي انه كان هينقلك لفريق وائل وانت عارف لو روحت هناك هيحصلك إيه وهيتعامل معاك ازاي؟ مفروض تكون شاكر وتحمد ربك بعرضي غيرك بحلم بيه ومش طايله 

ولو مش عجبك الباب اهو بفوت إيه.. جَمل» 


قولت حروف كلمتي الاخيرة وانا شايفة ملامحه كلها بتقلب وبيحمر وفكه بيضرب في بعض وكأن فكه بيطلب الرحمة من بطش صاحبه 

ولما حسيت ببياخة تأملي وجرأتي في مراقبته بعدت عيوني وراسي بسرعه عنه وقعدت علي الكرسي جنب العميل من التاني واتكلمت بهدوء مع ابتسامة لَبقه لفك التوتر اللي حصل وكأني شخص تاني 


« عذراً علي قلة الزوق اللي حصلت ، كنا بنقول إيه؟»


 كان هيموت ويحطني تحت رجله وخرّج زي ما دخل عاصفة متحركة، كتم غيظه ومشي بعد تجاهلي لي فضرب الباب بعصبية نفضت جسمي كله رغم اني متعودتش غير علي اللين والحنيه في التعامل 

ماعرفش بصّتلُه ليه بجد ، انشك في عيوني اللي حَبتُه.. 


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


« يبني أنت مجنون! أنت اتطول أصلا تكون من فريق البشمهندسة ياقوت! ، ده احنا هنموووت كده ونشارك معاهم في أي حاجه بيعملوها ولا أنها مختراهم علي الفرازه وما شاء الله عليهم» 


« مختراهم؟!» 


نظر له يزن بعينية الحادة وحاجبيه المعقوصين فرد عليه عامر بفتح فمه كالأبله يسَبه بزهول ويرد عليه بصدمه 


« أصلا بقا! انت ماتعرفش أنه البشمهندسة ياقوت اللي مدربه الفريق ده ومختراه كله، تعرف قصة مايسترو الحاس.. اقصد عبد الرحمن يعني؟ » 


« عبد الرحمن ده اللي تحسه مركب الاب توب في إيده من كتر ما هو شايله وبلبس نظارة صح؟ لأ ماله؟ » 


مَسد عامر رأسه يرجع بظهره للمقعد ينطق بإستسلام 


« لأ انا ضغطي واطي! ومش حملك أنا اقسم بالله، هتعرف لوحدك مع الوقت عمتا، قصته مشهوره أوي» 


رفع يزن رأسه لسقف الغرفة يلعب بقضاحته الذهبية بفتور فالشخص الوحيد الذي يحدثه هنا ويعاملة يزن أيضاً بإحترام هو عامر فقط ، كان يعرفه منذ سنوات ونشأت بينهم صداقة قوية، غير هذا كان سيصبح عامر مثلهم جميعاً لا يُطيقه صُحبته ويميلُه لعداوته. 


لاَنّ عامر في نظراته يرى حيرته، فهو يعلم أن ما يضايق صديقه انها أمرأة ولا يستطيع ضربها أو سبها أو الصراخ في وجهها أو التعامل معاها حتى كما يفعل مع جنس أدم امثاله 

وهذا اكثر شيئا يبغضه صديقه وهو عدم إثارة المشاكل 


ولكن هو لا يعلم مع أي امرآه قد وقع، لذلك يجب توضيح جمال الياقوت لزئبق عفن مثله .. 


« البشمهندسة ياقوت الريداني، بنت أسماعيل الريداني ، راجل ما شاء الله عليه فتح مكتب وكان موهوب جداً جداً في شغله وتصميمه خطيرة وبيدّفع فيها ملايين عشان دقته وشطارته، بنته كانت في كلية هندسة عين شمس وفي فترة الكلية كانت بتتدرب معاه وعلّمها الشغل ودربها كويس ازاي تكون شخصية قيادية 

كانت في مدارس أزهريه خلال فترة دراستها ما عدا الكلية فتلقي ديما لبسها شرعي في لمحات عصرية جذابة طبعاً ، اكدب عليك لو قلت انها معانتش في الاول وحصلتلها مشاكل بسبب الحجاب ده لانه مجتمعنا الراقي دماغه بقت تعبانه وبقوا استغفر الله العظيم لكن والدها بسبب اسمه الكبير خلاهم يتقبلو الوضع مهما كان 


قبل ما تمشي وتختفي بفترة حصلت شراكه بين عمو وهو وكانت بتيجي تدرب هنا تحت اشرافي لحد ما تخرجت وبقت موظفه بدوام كامل وبأمانه كله بيشهد بذكائها وادبها واحترامها في الشغل، غير جمالها الفريد وعيونها البراقة اللي تشبه اسمها


اترقت مع الوقت وبعد وفات اسماعيل من سنتين أي وقت رجوعك، اترقت وبقت رئيسة القسم أحتراما لوالدها غير اسباب تانية يطول شرحها، فبس يا سيدي ومن وقتها وهي حرفياً معلَمة علينا كلنا في الشغل هي وفريقها اللي اكتسحنا كلنا، انت شكلك مش عايش معانا يا زُن زُن» 


انهي عامر كلامه وشعر يزن بأنه علّم القليل عنها يتخصر كلامه في جملة واحدة 


« كنت قول انها ترقت عشان ابوها وخلاص وبيعملولها حساب وبيحترموها عشانه، صرعت راسي من الصبح بأدبها واخلاقها م تفكك وتنجز»  


« بالله عليك ده اللي فهمته من كلامي! تصدق أنا غلطان لاهلك اساساً، ده ربنا يكون في عونها يشيخ هتكره حياتها بسببك عشان فكرت تخليك بني أدم! » 


« هعديهالك بمزاجي عشان العيش والملح بس، وبنسبه انها هتكره حياتها فده هيحصل، مش هي اخترتني وضمتني لفريقها، انا هخليها تكره اليوم اللي فتحت في بُقها وقالت يزن السباعي وبكره تشوفها وهي بتخرج علي مستشفى الامراض العقلية، هبقي أفكرك» 


« لأ يحبيبي مش محتاج تفكرني سمعتك سبقاك بزيادة ما شاء الله»  


رد يزن ابتسامته السِمجة بإبتسامة أخرى تُشبها وأخذ عُلبة تَبغه يفتح قداحته ويشرع في اشعالها فخبط به وائل بقصد و غل واضح يبتسم بإصتناع وينطق بإستخفاف 


« اهلا من اللي خلع من تحت إيدي عشان واحدة ست، مكانتش تقول أنك بتيجي عن الطريق الستات كنا لجمنا التور اللي جواك من بدري» 


أغلق يزن قداحته يبتسم ببرود وسحب السيجار من فهمه بعدما تنحى عن فكرة اشعاله واقترب من غريمه بثقه يرد عليه بإستهزاء واضح


« ومين قالك يا تور انه في حد بيلجمني، إذا واحدة ست منعتني ادخل فريقك فده من حسن حظك انت، ابقي روح اشكرها عشان انقذتك من إيدي اصل الستات بيعرفوا يتعاملوا مع بعض كويس اوي عكسنا احنا الرجالة مابنعرفش.» 


اشتعل وائل بكل حرف ينطقه وهو ينقض عليه بكل قوة ويوجه له الضربات واحدة تلو الاخرى دون رد فعل واحد من يزن الذي كان يتلقى الضرب برحابة صدر رغم قوته ورغم توازنه مع من يهاجمه في القوة والحجم. 


~~~~~~~~~~~~~~~~


كنت قاعدة في قاعة الأجتماعات بشرب قهوتي الدافية وبفتكر كلامي الصبح مع سُليمان بيه وللأسف كدبي الصريح علي صاحب عيون الزُمرد بانه يعرف خبر نقله.. 


« اهلا ببنت الغالي ومصدر قوتي وسعادتي في الشركة» 


ابتسمت علي إطرائه اللطيف وحطيت إيدي علي قلبي بإحترام لي 


« شكراً يا إدارة، انت بس أشّر واحنا كلنا عينينا ليك» 


ضحك بصوت عالي وشوار بصُباعه عليا بإعجاب 


« انتي! يلهوي عليكي مش سهله، فعلاً ابن الوز عوام! 

اتفضلي ارتاحي» 


« مش هلف وادور أنت عارفني صريحة يا عمو، في واحد اسمه يزن السباعي، بشمنهدس جه الشركة من سنتين تقريباً وعامل مشاكل كتير في الأدارة وأنا واخده بالي انك مطنشه بصراحة» 


رقبت ملامحه بدقه وهي بتتقلب وبتختفي إبتسامته وأنا بأخد نقطة لنفسي بتثبت انه هيحاول ينكر دلوقتي، أو يتغاشم..بطرده! 


« أنا! وهسمع عنه ازاي وليه؟ في حد قالك يعني اني بحمي! لو عايزاني اطردهولك وجه علي طرف ليكي عادي قولي ومالكيش دعوة» 


كتمت إبتسامتي وانتصاري الغير مرأي في توّقع إجابته وقولت بس! هي دي! فرصتي جت. 


« تؤ خالص، هو معاملش حاجة تضايقني، ولو عمل مكانتش هجي لحضرتك أنت عارف، أنا عايزة اطلب حاجة تانية، عرفت انه المشرف الخاص بحضرتك نقله في فريق وائل واعتقد هما لتنين مش هيسلكم مع بعض 

فأنا عايزة اضمه في فريقي وانا مش بنظّر علي قرار مشرفك خالص بالعكس! انا بس بستسمحك وانا عارفه انك بتعزني ومش هترفضلي طلب » 


بلع ريقه بضيق توقعته وابتسمت بهدوء عارفه انه موتره ولو أي حد غيري كان ردت فعله هتكون عكس كده تماماً

كسر الصمت بنبرة مرحة بحاول يغير رأي 


« هه لكن انا اعتقد يعني يا بنتي انه بتاع مشاكل وهيقرفك وغير كده مابشتغلش ومهمل وانا عارف فريقك مجتهد وشاطر وعنده مهارات وهو بيفتقر لكل شيء اللباقه والزوق والمهارات وكل حاجه، فيعني اتمني تتحري عنه الاول وتعرفي كل حاجة قبل ما تاخدي قرار زي ده» 


« عرفت منين؟ » 


« عفواً!» 


« عرفت منين كل ده عنه رغم انه حضرتك قولت فوق انك ماتعرفوش ولا تعرف حاجه عنه؟! » 


بَهت لونه ووشه اكتسحه التوتر فعرفت انها الضربة القاضية ومستهونتش فيها! 


« أطمن أنا اتحريت عنه ومن أكبر الاسباب اللي خلتني اضيفه فريقي انه مشاكله تنتهي ونخلص ونعرف نشتغل من غير شوشره وصداع ومش هيبقي موظف معدوم المهارات وبتاع مشاكل زيه معطلنا عن شغلنا كمان! لازم نوقفه عند حَده ولا إيه؟ وأنا والله ما عارفة حضرتك سامحله ازاي بالمشاكل دي ومطردتوش لدلوقتي لكن يلا مش مهم، هاه هتوافق؟!» 


خرجت من دماغي وانا بأبتسم بشر يمكن! لكن خلاص

بعد ثبات أرضي ووجهتي وتهيئة فريقي لازم بداية تحركي تكون دلوقتي مدروسه واتوقع أن العد التنازلي بدأ.. 

 

« ياقوتي يا ياقوتي» 


« بهوره! » 


« امم لو فكرتي أنك هتثبتيني يعني بكلمتك دى وشياكتك ومش هواجهك تبقي غلطانة يا أستاذة، بتحبي انتي تعملي مصايب ترميها في حجرنا وتجري هاه؟! » 


ابتسمت علي تشبيه وهو بقرب مني وبيلف الكرسي وبيقعد عليه بالمقلوب كعادته بشعره الطويل الويڤي وقمحويته الجذابه وملامحه البشوشه ديماً

ومننساش عيونه الملفوفه بالعسل وتشبه الذئب في مَكرها

انه إبهار يا سادة! ملك الرومنسية والجاذبية في فريقي، صاحب العيون النمرية واللي بعاملني زي بنته بظبط 

آه صحيح انا أصغر منهم كلهم ما عدا اميرة أكبر منا كلنا.. 


« أنت أكتر واحد عارف انه موهوب! حتى شهدتلي قبل كده أنه عبقرى وأنا بثق في حدسك خلي بالك» 


« ومن أمتى ده يا كُنتسه؟؟ ياشيخه اكدبي حلو طيب عشان أصدقك، انت عارفة أنه بعمايلك دي هتولعي في الفريق؟!» 


حرّكت عيوني علي بريق عسليته وشربت من قهوتي الباردة وأنا برد عليه بثبات 


« شُفت انه في استقرار مريح وغريب مش عجبني فقولت مابدهاش بقا ماينفعش كده لازم شوية سسبنس عشان الاكله احم اقصد اللعبة تحلو» 


« يعني زي ما توقعت لو جه هتحطي في لإدارة جنب صقر وزي ما بقولوا شوفه النار بتعمل إيه جنب البنزين وتفتحي علينا ابواب جهنم صح؟ » 


« أعزك وأنت ذكي» 


« حسبي الله ونعمة الوكيل!» 


ضحكت وانا برد بإبتسامة قفشها فيا فمش هعرف اخبيها 


« ثق فيا، صَقري محتاج منافس قوي فجبتله غُراب وانا احب الحروب العادلة دي أوى » 


صّفر بغتاته تشبه وضحك فشاركته الضحكة من تاني بعد ما تأكد من ظنونه بخبث اشهده فيه 

شوفته بقرّب لملامحي بعيونه الخطيرة وقوتها في السيطرة علي اللي قدامه ما عدايا طبعاً يبث سَمه اللي شاطر أوي في تحديد درجة تأثيره علي غيره 


« ألا قوليلي صحيح سيبك من الحوارت دي كلها 

 حجاب برغندي علي كوت اسمر عليه بيزك فضفاض وبوت شتوى نفس لون الحجاب، مش ناوية تتهدي بقا قلوب الناس مش لعبة!!» 


« إبهار! امشي اطلع بره لاخبطك في الحيطة، العملية مش نقصاك بصراحة»


حرك عيونه بقرف عليا ونطق بسُخرية 


« مُفسده للمتعه خلي بالك»  


قال جملته وسند علي ظهر الكرسي بدراعه بشكل جذاب فابتسمت و قربت لملامحه اكتر بنفس طريقته فبعد راسه بسرعة بإحراج وخضه قدرت ازرعها جوه كل واحد في فريقي و طريقتهم معايا 


« اتمني المرة الجاية منتعداش حدودنا يا إبهار، مسافة كبيرة هاه، خد بالك ! » 


اتحمحم و حرك عينيه الاتجاه التاني ولسه هيرد سمعنا صوت اصطدام وكسر بره خضنا وطبعاً خناقه جديدة بطلها بلائي الوحيد ولما خرجت وشفته صدّق حَدسي.. 


 فلا يُخفي عن الياقوت إيجاد الذُمرد المتلألأ في عينيه فيتناقرو في اللمعان والغلو

ويكسب اللمعان دائماً في مواجة الغلو...


« خير يا شباب! ابعدو عن بعض حالاً!!! » 


الفصل الثالث من هنا

تعليقات



×