![]() |
رواية غراب الياقوت الفصل الثالث بقلم رحمة أيمن
وبقولوا الشخص اللي بيعرف الياقوت يفهم جماله
واللي بيفهم جماله بيحاول تقديره
واللي بيقدره بيعرف ديماً ازاي يكسبه...
« خير يا شباب! ابعدو عن بعض حالاً!!! »
قولت جملتي بعصبية وعيونى بتلمع ببريق تأكدلي من ناس كتير أنه يخوف
وانا بشوف وائل بيبعد عنه بسرعة وبيخرج شهيق وزفير بصعوبة تعبيراً عن المجهود اللي بزله عليه
وبنزّل عيونه للأرض بإحراج
عكس اللي كان نايم علي الارض بمنتهى العادى ووشه دامي وتعبيره منتهى البرود والقوه
« بشمهندسة ياقوت أنا... »
اخترق صوت وائل حَسة السمع عندي وقطعني عن تأَمُلي فيه وقطعت جملته بحِده تعبيراً عن ضيقي
« خير يا وائل؟؟ ماتعرفش انه بقى من فريقي ولا إيه؟ وانت عارف انه فريقي خط أحمر ومبسمحش لحد يقرب منه ولا يتعرضلهم ولا نسيت قوانيني؟! »
عكس المعتاد وائل مبجحش ولا قلّ أدبه ولا استهزء من كلام اللي قدامه
بلا بالعكس دفن راسه في الارض أكتر من غير رد وده مزهلش ولا فاجأ حد غير اللي قاعد بصعوبة و ساند بركبته دراعه وببصصّلي بصدمه لاني وقفت وائل عند حدّه
« أسف يا بشمهندسة ياقوت، افتكرت انه لسه طلب نقله جاري وانه لسه متنقلش ولا كده عمري ما كنت قربت منه انتي عارفة انا عمري ما قرب من حد في فريقك وكفاية انك بتحميهم كلهم وأنتي واحدة ست! »
شفت عيونه ادحرجت ورايه علي اللي قاعد بغرور بستغربه فيه ولقيت إبهار برفع حجبه بخشونه متوحيش انه اللي جي خير
لكن انا بقى مقدرتش اسكت الحقيقة خصوصاً انه اللي قدامي منافس قوى وأحب أوي اثبتله أنه غلطان
« ده لما يشوفه رجالة تتخانق معاهم يا بشمهندس، اصل فريقي مبجيش علي حريم فبسبوني ادافع منعاً لخدش حيائك مش اكتر»
أحمر واصفر واخضر يكشي يزور! وملقاش حروف يقولها وشفت نص إبتسامة وراية من يزن كيفتني جامد بصراحة ومن غير ما بص لإبهار واثقه انه فخور بيا..
« تعالي علي المكتب، في كلام لازم نقوله مهم؟! »
اقتحمت عينيه تاني بعصبية وانا بتحرك علي الاوضه الخاصة بتاعتي واتفك الجَمع من حوالينا ومكانتش اتوقع انه يسمع كلامي ويجي وراية بس ديما بغلب كل توقعاتى ويعمل عكسها.. فمضاد الياقوت الزُمرد معروفه.
« مين في مصر عشان وائل يسمع كلامك ويبعد عني ومايردش عليكي لما أهنتي؟! وزير الدخيله!»
دخل المكتب بالجملة دي وأنا بشيل الكرسي اقف عليه عشان اطول الضرفه اللي فوق والحمد الله طولتها
ابتسمت وأنا بمسك الصندوق بين إيدي وبرد بهدوء عارفه انه بعصبه
« امم اللي خلاك تسمع كلامي وتيجي ورايه فضولك باني ازاي وقفته عند حدّه صح ؟ »
قلّب عيونه بملل وتجاهل كلامي وكان لسه هيمشي كملت جملتى وانا متعمده اضايقه
« ولا عشان شكلي ميكونش وحش لما ناديتك قدامهم كلهم بعد ما دافعت عنك وتسيبني وتمشي فبترد الجميل؟؟»
لف مرة واحدة بطوله كله وكأني كشفته قدام نفسه فس ابسؤالين وهو بسأل ملامح بَهته أو اقدر أقول مش باينه من كتر الضرب بينطق بعصبية مابتلقش غير عليه
« انتي عايزة مني إيه بظبط ؟ أنا عمرى ما كلمتك بالغلط حتى! وماعتقدش انه في حاجه هتستفديها مني
هنصحك نصيحة عشان شكلك ماتعرفنيش كويس انا لو دخلت فريقك هدمره! وهدمر سمعتك وكل حاجة بنتيها هتخسريها فمترهنيش عليا عشان هتخرسي وبعديني عنك لمصلحتك عشان وجودك حواليا هتندمي عليه ! »
كان هيمشي فوقته بصوتى من تاني فلف بجحيم العالم لقى حاجه بتتحدف في وشه
« ضمد وشك اللي شبه الأسبكيه ده وتجيلي بكره بملامح ظاهره وشكلك مهندم وخد بالك الأجتماع عندي بيبدأ 9 بظبط فمتتاخرش، اتفضل كلامي انتهى»
حرك عينيه لصندوق الأسعافات الأوليه بين إيده وجز علي سنانه للمرة الالف انهاردة واختفي من قدامي
ابتسمت الحقيقة، اللي يشوفه وهو طايح في الكل وبيخرّج اي كلام للي قدامه ومبهموش حد يكتم غيظه معايا كل مرة وميردش عليا رغم أسلوبي المتمرد معاه
ده أعظم انجاز!
جايز يكون غريب اللي هقوله ده، لكن فكرت انه معظم كلامه وتون نبرته البارد ونظراته الحادة تجوهت ليا انهارده مع عيونه الزمرديه دمرت ثبات قلبي وحسيت بطبول شغالة فيه مفصلتش لحد دلوقتي ورعشه صوتي في أي حرف بقولوا اكدتلي انه مسيطر علي خلايا قلبي بطريقه غريبه ولذيذة في نفس الوقت
قعدت علي الكُرسي الجلدي بتاعي وانا بغمض عيونى وبسند راسي علي المقعد بإرهاق وانا بكلم نفسي زي المجنونة بسببه
« هه صحيح با أبو عيون الشجر انك عمرك ما كلمتني بالغلط لكن قريب هتحاول تتجنبني بالغلط ومش هتعرف، جتلي الفرصة وأخيراً اني اتطور فريقي وحقق فوضىى جديدة ورقم قياسي بحلم بيه
وابقي مجنونه لو مستغلتش الفوضي دي لصالحي
منها قُربك وإصلاحك ومنها نجاح مش هيتحقق غير علي إيديك»
~~~~~~~~~~~~~~
الساعة 8:30 صباحاً
دخلت الشركة بالازرق الدكان اللي بيغطى معظم لبسي أحياناً، بعشق لون السما بكل تقلباتها
اكتفيت بحجاب أزرق وبلطو اسود تحته قميص نفس اللون مع جيبه كورشيه نفس لون الحجاب وطبعا مننساش البوت الاسود الطويل اللي اشترته إمبارح مع الشنطة السوده وروچ خفيف مع كونسلر عشان الاهلات اللي منوره في وشي
دخلت بثباتي المعتاد وانا بمد عيني لمرمى نظرى وبمشي بدون اهتمام أو تركيز بحد معين لكن
منهم اللي يوفقني ياخد بخبرتي القليلة جداً جداً ولا تُذكر
ومنهم اللي بيلقي السلام وتحية بلباقه فبردها بأحسن منها أو زيها وفي الاخر بطلع لفريقي زي ما تعودت..
« صباح الورد والياسمين يا بشمهندسة»
« صباح النور والفل علي عيونك يا عمو، قولتلك مليون مرة تقولي ياقوت بس والله هزعل منك»
« قولتلي يا بنتي بس عيب أكون قهوجي وشغال عامل عندك واقولك كده مايصحش»
« انت تتشال فوق راس لو الأرض ماشلتكش وخليك عارف انا اللي مصبرني علي أم الشركة دي هو الشاي والقهوة اللي بتصنعهم بإيدك الحلوة دي يا عمو خليفه»
ضحك بإحراج فستبشرت خير في اليوم ده وأنا بتأمل عيونه الخجولة المُحبة الراضيه وبقارنها عيون تانية تَشبها لكن جريئة و مغازلة ومفعمه بالحيويه عكسها تماماً فابتسمت اساله سؤال لي إجابة بوجوده هنا
« أخرة صبري وصبرك جه ولا لسه، نبهت عليهم انه اليوم طويل ولازم يجوا بدري»
ضحك تاني بخفه وهو بمد مچي الأحمر مع شوية قطع من الكوكي الساخن وطبعاً عمايل مراته القمر طنط سُعاد وهو برد علي سؤالي
« كلو تمام وكلهم جم قبلك من شوية وعجبتهم المعجنات السخنة دي وخبتلك دول بصعوبة من المفاجيع دول بس لسه سيف ابني مجاش»
ابتسمت وانا بقطم واحدة بسناني وبأخد الصينية ولتحرك
« تسلم إيد اللي خَبزتهم ، وصقر بحب يجي في الماعد بظبط عشان ابنك بينكشوا كتير وهو بصدع، يلا هطير انا شكراً يا عمو»
« في حفظ الله يا بنتي»
ختم جُملته بالدعاء المتواصل ليا لحد ما صوته خِفت وبِعد تدريجيا عن سَمعي
ابتسمت انه ربنا عوضني بنفس الدعاوي، صحيح اسماعيل الريداني مات ومحدش يجي بعده لكن وجود الراجل ده في حياتي بهون كتير بجد..
« غرفة الاجتماعات»
دخلت في معاد الاجتماع بظبط بعد ما عديت علي مكتبي الشخصي فلقيتهم كاملين ما عدا وجوده ووقفه احتراماً ليا كالمعتاد فشورتلهم يستريحوا وشكرتهم بعيوني
وقفت بدون صوت عكس أي بداية ليا بضرب نظري لساعة فلقيتها 9:00 بظبط فنطقت بجدية وإختصار ليهم
« دقيقيتين بظبط لو مجاش هنبدأ الاجتماع»
قلّب صقر عيونه وضحك إبهار بإستفزاز حفظاه ولقيت كريم عايز يتكلم بعيونه فسمحتله
« بشمهندسة ياقوت، اعتقد اننا كاملين يعني هو في حاجة؟ »
كان ده رد فعل مُعظم الموجودين هنا وتحفيزه لردي ولسه هرضي فضولهم خرجت بَحه تانية غير صوتي
« أصل بعيد عندك يا كيمو في واحد صيته مسمع واخلاقة عاليا جداً هيشرفنا في الفريق وهنتبسط كلنا بوجوده ، لكن ممكن تسال البشمهندسة ياقوت هتضيفه في إيه عشان احنا الله اكبر علينا يعني عددنا مُكتمل»
اطلقت بصري الحاد وتبريقاتي عليه وانا بعاتبه بعيوني
« صقر! »
« انا أسف لتدخلي بدون أذن»
اتنهدت بضيق وقطع تواصلي البصري معاه وعصبيتي ضحك هيسترى عرفاه كويس تحت أستغراب الجميع وبتالي لازم اوضح في إيه
« طيب بما انه ابهار ابو فشّه مايعه ضحك وفضحنا يبقى لازم نعلن رغم اني كنت حبّه اعلن لما يوصل بنفسه ويكون وسطينا»
« أنا يا ياقو احم يا بشمهندسة ياقوت! أنا فشتي مايعه اخص عليكي»
« أخرس يا إبهار ! »
« حاضر»
تنهدت بتعب عليهم بعد ما حرك راحت كفه بمعني خلاص الساحة ليكي اعلني قدومه، فاخدت نفس عميق وبصّتلهم بثقه وانا بقول بنبرة لا راجعه ولا نقاش فيها
« من أنهاردة فريقنا مش هيكون 7 بوجودي لكن هضيف لي عضو مهم جداً واثقه في انه انضمامه هيعمل طفره كبيرة في الفريق انا محتاجها، سمعته سيئة حصل، ممكن بدايته في الفريق دون صعبة ومتتأقلموش بسرعة مع بعض بس اللي انا واثقه فيه انه فريقي هيحترم رأي وهيشجعني عليه وهيدعمني زي ما انا متوقعه منه بظبط»
نهيت جملتي واخدت نفس عميق وأنا براقب ملامحهم كلهم وأولهم عبد الرحمن اللي بيطّبع عليه الهدوء ديما عشان اهدى وكملت بنفس الوتيرة والنبره وانا للاسف من غير لف ودوران قلبي بينبض بسرعة وريقي نشف من غير أي مبررات، غمضت عيني وانا برطب شفايفي بلساني وبكمل
« البني ادم ده معروف وسطينا جداً ومفيش حد مايعرفش اسمه وهو يزن السباعي»
أميرة: نعم يما!!!
كريم: لأ لأ اكيد بتهزري
ملك: !! No!!! you must be joking, I swear
شمس: ربنا يستر!
تمام كانت ردود فعل طبيعية متوقعها تماماً تحت نظرات خبيثه من صقري بأنه « شوفتي! عشان تعرفي بس! » وحُضن كبييير من إبهار بعيونه ليا حفظاه زي اسمي وعارفه انه بيدعمني و فهمني لدرجة انه عارف اني كلامي لسه منتهاش هنا و انا بقول الضربة القادية اللي هتدمرهم كلهم بجد وربنا يستر!
« ومش بس كده.... انا هضيفه..احم في الأدراة.. مع صقر»
بصيت لعيون صقر اللي تأملتني بزهول وصدمه
ويحصل بينا تواصل لو انشقت الارض وبلعتني كانت اهونلي من بؤبؤة عيونه النارية قدامي..
تواصل أبدني وأحياه في فريقي
تواصل هز صورتي في عيونهم وأقحم وجوده بينا
تواصل فهمني معنى بُعد الصقر.. ومعنى قُرب الغراب.