رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الثاني 2 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الثاني 


_ياليتنا مِتنا قبل هذا_

قالت نيرة بتوتر:
_ماتهدوا كدة الناس بدأت تاخد بالها،أنا مش قادرة أصدق انكوا بتتخانقوا والنهاردة بالذات.

_احنا علطول كدة، من وقت ما رعد قرر يعيش في شقتنا اللي جنب المستشفي وأنا رفضت نروح نعيش معاه وهي بتتلككلي.. طبعاً مش قادرة تعيش من غير حبيب القلب ومحملاني الذنب ومنكدة عليا عيشتي.

_علي فكرة بقي حبيب القلب ده يبقي ابنك زي ماهو ابني والطبيعي اني أحب أعيش معاه وآخد بالي منه ومن طلباته وأهتم بيه.

_وأنا ياهانم.. نسيتيني ونسيتي اني كمان ليا مطالب واحتياجات ومحتاج اللي يهتم بيا.

_أيوة بقي ادخل في مواضيع جانبية زي كل مرة عشان تهرب من الموضوع الأساسي.

ضرب فهد كفاً بكف قائلاً:
_والله عال موضوع أساسي ايه وههرب ليه يعني ؟

_طب تقدر تقولي ياأستاذ يامحترم عزمت سكرتيرتك علي حفلة عيد الحب ليه؟ الحفلة دي عائلية يعني العيلة وصحابنا وبس.. الست جيرمين تبقي ايه من دول؟ ولا حاجة يبقي تحضر الحفلة ليه؟

_قلتلك جايبالي ورق مهم أمضي عليه.

_والورق ده ميستناش للصبح لما تروح المكتب؟

_لو كان يستني مكنِتش جت الحفلة.. والله دي الحقيقة عايزة تصدقيها انتِ حرة مش عايزة اخبطي راسك في الحيط.

_شايفة يانيرة أخوكِ؟ شايفة بيعاملني ازاي؟

_أنا شايفة انكم مكبرين الموضوع قوي.. مفيش فيها حاجة ياوعد لما السكرتيرة جت الحفلة عشان تمضي فهد علي ورق مهم زي ماقال.. وانت يافهد طول بالك شوية.. الأمور متتاخدش بالعصبية دي.

_هي اللي بتستفزني بأفعالها وكلامها وأنا خلاص جبت آخري ومبقتش قادر أتحمل.

جاء رعد في هذه اللحظة قائلاً:
_خير ياجماعة صوتكم جايب آخر الفيلا.

_إسأل باباك اللي مبقاش طايقني ولا قادر يتحملني.. أنا ماشية من هنا خالص وسايبالكم الحفلة كلها.

سارت وعد بخطوات عصبية بينما يتبعها رعد قائلاً:
_استني ياماما نتفاهم طيب..يا ماماااا.

_ليه كدة بس يافهد؟ ليه تزعلها في يوم زي ده؟

أشاح فهد بيده قائلاً بحنق:
_احنا أيامنا كلها بقت شبه بعضها، بنام متخانقين وبنصحي متخانقين.. عيشة بقت تقصر العمر.

_أنا مش قادرة أصدق وداني معقول العلاقة بينكم توصل لكدة؟

_هي السبب صدقيني.. هي اللي بعدتني عنها حبة حبة، الأول باهمالها ليا واهتمامها اللي حصرته بالكامل في رعد وبعدين بانتقادها ليا وغيرتها العامية عليا لما حست اني بعدت عنها وكأنها مصممة تضيعني من بين ايديها.

_مش للدرجة دي يافهد، حاول تفهمها وتقدر ظروفها ..انت ناسي رعد جه ازاي وانها مقدرتش تحمل بعده، الطبيعي ان يكون رعد نن عنيها من جوة واهتمامها كله يبقي ليه وانت كان واجبك تفهمها وتشاركها اهتمامها وتقرب انت منها لو هي بعدت غصب عنها.. أما غيرتها فأكيد أي ست لو حست ان جوزها مبقاش مهتم بيها مش هتحس بأمان وأكيد وجود أي ست قريبة من جوزها هتكون ليها بمثابة تهديد صريح لحياتها معاه.. مش لازم ده يزعلك بالعكس ده يخليك متأكد انها لسة بتحبك زي الأول اللي بيحب بيغفر ويسامح ويحاول ينجح علاقته مع حبيبه،ايه اللي جرالك يافهد؟ معقول بطلت تحب وعد؟

فرك وجهه قائلاً:
_مش عارف.. جوايا بقايا مشاعر لواحدة مبقتش موجودة، كل ما الزمن يمر بتبهت صورتها وبتبهت مشاعري ناحيتها، أوقات كتير بجري علي ألبوم صورنا وأفتحه وأفتكر وقت مكنتش فيه بتفارق خيالي، وقت كنت بسمع فيه اسمها في قلبي مابين النبضة والتانية، وأروح لدولاب ذكرياتنا.. الدولاب اللي ضمت فيه وعد حاجات من أول مااعترفنا فيه بمشاعرنا أول وردة هاديتها بيها وأول كتاب كتبت تحت عنوانه بحبك، وأول ورقة كتبتلي هي فيها بحبك.. حتي الهدية اللي جابتهالي في أول عيد حب بعد اعترافنا بمشاعرنا واللي كانت دبلة فضة نقشت عليها اسمي واسمها وسابتلي جنبها ورقة مكتوب عليها تتجوزني.. بقعد مابينهم بالساعات يمكن ترجع مشاعري تقيد بعد ما انطفت، خفت كتير تتحول لرماد وميفضلش من حب كبير غير حاجات مش هيبقي ليها معني مع الزمن كنت بحارب كل حاجة بتبعدني عنها بالذكريات والظاهر اني كنت بحارب لوحدي وخلاص لازم اعترف اني انهزمت.

_مش فهد أخويا اللي ممكن ينهزم.. متستسلمش.. حارب كمان.. صارحها باللي جواك واطلب منها تقف جنبك وتحارب معاك..أكيد هتلاقيها جنبك ايدها في ايدك، مش ممكن حد هيحبك زي وعد و صدقني خسارتها هتقتلك.

طالعها بنظرات زائغة حائرة لتربت علي يده قائلة:
_افتكر كلامك اللي قلتهولي زمان لما اعترفتلي انك بتحبها، قلتلي وعد هي نصي التاني يانيرة النص اللي لو ضاع مني عمري ماهحس اني كامل وعد هي روحي وجزء من تكويني وعد مخلوقة مني وفهد مش ممكن يتخلي عن حتة منه.

استقرت نظراته رويداً رويداً وعاد اللين إلي عينيه فابتسمت نيرة تردف:
_روحلها يافهد واطلب منها فرصة ترجعوا فيها قصة حبكم اللي الكل كان بيحسدكم عليها.. متضيعوش اللي بينكم عشان اللي بينكم بييجي مرة واحدة في العمر.

ابتسم فهد وضم أخته إليه يقبل جبينها قبل أن يبتعد باحثاً عن وعد، لتتابعه نيرة بنظرة حانية قبل أن تبتسم و صوت أجش يأتيها من خلفها  :
_وهو أنا بحبك من شوية.

استدارت تطالع رماديتيه العاشقتين قائلة:
_تعرف بقالي قد ايه مسمعتش الكلمة دي منك؟

اقترب منها فلم يدع حتي الهواء يفصل بينهما وهو يمد ذراعه ويسحبها إليه فلفحتها أنفاسه الساخنة وهو يقول بهمس:
_قد ايه؟

ازدردت ريقها بصعوبة وقد تسارعت خفقاتها حد الجنون ولكنها استطاعت أن تقول بعد لحظة:
_ساعتين و٢٢ دقيقة و٤٧ ثانية.

رفع احدي حاجبيه قائلاً:
_ياااه.. كل ده؟ ده تقصير مش ممكن تتسامحي فيه ولازم تعاقبيني و حالاً.

تذكرت كيف يعاقبها وتعاقبه فاحمر وجهها خجلاً وهي تبعده عنها قائلة :
_هتتعاقب هتتعاقب بس الأكيد اني مش هعاقبك دلوقت، هأجل عقابك لما نروح البيت.

ابتسم قائلاً:
_اعتبر ده وعد؟

ابتسمت وكادت أن تجيبه ولكنها لم تستطع وألم في صدرها يجتاحها فجأة مع دوار أطاح بثباتها.كان يزيد يمسك بها في ثوان يمنعها من السقوط قائلاً بقلق ينهش قلبه:
_نيرة.. حبيبتي.. فيكِ ايه؟

تماسكت وهي تشعر بخوفه وقلقه تحاول أن تتجاهل ألم صدرها وقد عاد إليها اتزانها قائلة:
_أنا كويسة متقلقش.. شوية دوخة وراحوا لحالهم.

_أكيد زي عوايدك مكلتيش حاجة م الصبح.. مش معقول يانيرة كل ماأغيب عن البيت تنسي نفسك ومتاكليش.. صحتك ياحبيبتي لو مش خايفة عليها خافي عليا.. أنا لو جرالك حاجة أمو......

قاطعته تضع اصبعها علي فمه قائلة:
_بعيد الشر عنك.

قبل اصبعها قبل أن يرفعه بأنامله عن ثغره قائلاً:
_اوعديني تاخدي بالك من نفسك.. لو بتحبيني بجد وبتخافي عليا.
_أوعدك.

أمسك يدها قائلاً:
_يبقي يلا بينا.
_علي فين؟
_أجيبلك حاجة تاكليها.. الليلة لسة طويلة والبوفيه مش هيتفتح قبل نص الليل.. الهانم تحب تاكل فين؟
_مش مهم المكان.. المهم أكون معاك.

ابتسم فابتسمت بدورها وهي تسير جواره تشعر بأن الله قد منحها الكثير من النعم ولكن تظل أكبر نعمه هي هذا الزوج الرائع الذي تعشقه بكل جوارحها.

______

_شوفي خالك نضال بيبص لطنط رهف ازاي، وكأنها محور كونه، حياته وسبب وجوده.

_هي فعلاً كدة.. انتِ ناسية خالك نضال قبل طنط رهف كان ازاي وبعد ما قابلها بقي ازاي؟

تنهدت سلسبيل قائلة:
_كان زي الوحش في فيلم بيوتي آند ذا بيست، لما دخلت بيلا حياته شافت الانسان اللي جواه وقدرت بحبها تغيره وتبدل حاله من وحش لأمير عاشق.. تفتكري ممكن أنا كمان أكون لفهد بيلا وأحوله من وحش لعاشق؟

_مفتكرش.

قالت سلسبيل متذمرة:
_بطلي غلاسة ياسندس، اديني أمل ياستي وقوليلي ممكن.. يعني مش كفاية تأخير فهد والليلة اللي بتضيع قدامي وأنا مش قادرة أشوفه وأرقص معاه.. ده حتي عيب والله لما كل اتنين بيحبوا بعض قاعدين مع بعض وأنا قاعدة معاكي انتِ..صحيح ياسندس هو قلبك الحديدي ده عمره ما لان ولا حب زي أهالينا وبقية خلق الله؟

تطلعت سندس لهذا الذي يقف بين والديه يتحدث معهما قبل أن يمسك خالها فهد بيد وعد يقبلها ثم يتجه بها إلي حلبة الرقص منضماً إلي إخوته اللذان سبقاه مع أحبتهما يشاركهما رقصة عيد الحب علي أنغام رومانسية رائعة لينقل رعد بصره إلي طاولتهما مركزاً نظراته علي سلسبيل التي كانت بدورها تنظر لأختها سندس فتنهدت الأخيرة قائلة بحزن:
_وايه الفايدة؟ الظاهر ان بنات يزيد المنصوري انكتب عليهم يحبوا من غير أمل،يبقي ملوش لزوم تعب القلب.

_يعني انتِ بتحبي؟ معقول؟ ازاي معرفش لحد دلوقت؟ ولا يبان عليكي أي حاجة.. طول عمر اللي جواكي بيفضل جواكي ياسندس مبيطلعش برة غير بإذنك..ممكن بقي تحكيلي ولا لسة أوان الكلام ماجاش.

أشاحت سندس بناظريها عن رعد تتطلع إلي ذويها قائلة:
_سيبك مني وبصي علي ماما وبابا.. شوفي قد ايه بيحبوا بعض.. الحب ده اتخلق لكل الناس بس فيه ناس انكتب عليهم يعيشوا الحب مع حبايبهم وناس انكتب عليهم يخبوا مشاعرهم جوة قلوبهم، الحب أقدار ورزق  ياسلسبيل ويابخت اللي رزقه يعيش الحب مع حبيبه وياويله اللي بيحب من طرف واحد، وقتها بيعيش أسوأ عذاب ممكن يعيشه المحبين.

_سندس....

_قلتلك سيبك مني وقوليلي راح فين ساهر؟ كان هنا من شوية واختفي.

_استأذن من ماما وبابا ورجع البيت عشان يذاكر.. عنده امتحان بكرة في الجامعة.

هزت سندس رأسها لتقول سلسبيل بحماس حين توقفت الموسيقي :
_شوفي خالك وقف الموسيقي ازاي.. أكيد محضر مفاجأة لمرات خالك زي كل سنة، ياتري الطيارة هتعدي من فوقنا زي السنة اللي فاتت وترمي قلوب مكتوبة عليها اسمها ولا هيغيرلها العربية زي السنة اللي قبل اللي فاتت؟ أو يمكن هيديلها تذاكر رحلة رومانسية زي ماعمل من ٣ سنين ولا هيجيبلها المطرب اللي بتحبه يغنيلها أجمل أغانيه؟

_خالك مستحيل يكرر مفاجآته.. أكيد محضر لها مفاجأة جديدة السنة دي.

بالفعل وجدا نضال يتحدث في الميكروفون يقترب من رهف التي طالعته بشغف وهو يقول:
_كل سنة وانتِ روحي ونصي التاني،كل سنة وانتِ أجمل شيء حصل لي.. كل سنة وانتِ مراتي أمي أختي بنتي وحبيبتي.. كل سنة وإنتِ أنا وأنا انتِ.

توقف أمامها تماماً فاحتبست أنفاسها بينما يمد يديه يضم وجهها بين كفيه يقربها إليه ويقبل جبهتها مغمض العينين ثم ابتعد ممررا أنامله علي وجنتها، كانت تتنفس بالكاد بينما تخترق نظرات العشق بعينيه قلبها ابتسم ثم أخرج من جيبه علبة مخملية وففتحها ليظهر عقد من الماس تتوسطه ألماسة زرقاء، شهقت رهف حين طالعتها فابتسم قائلاً:
_الألماسة دي نادرة زيك يارهفي، سافرت مخصوص وجبتهالك من الهند..

_فكرتني بعقد الزفير اللي جبته برضه من الهند وكان شبكتي منك.. فاكر يانضال؟
_أكيد فاكر.. دي اللحظة اللي عرفت فيها انك دخلتي قلبي يارهف بس وقتها مكنتش عارف انك هتفضلي ساكناه العمر كله.
_بس اشمعني اللون الأزرق تقريبا كل المجوهرات اللي بتجيبهالي بتكون بنفس اللون.
_أكيد قلتلك قبل كدة وهفضل أقولهالك طول العمر.. انا بقيت من عشاق اللون الأزرق ودرجاته لإنه بيفكرني دايما بلون عنيكي اللي بيتغير مع كل احساس بتحسيه.
بيبقي شبه الزفير لما بتضحكي وشبه التوباز لما بتزعلي ولما بتحتاري بيبقي شبه التنزانيت وشبه الزبرجد لما بتبصي لولادك أما دلوقتي وانتِ بتبصيلي بحب ملك عليا قلبي وجوارحي بيبقي شبه الماس الأزرق أنقي وأندر الألماس اللي في الدنيا.
_أنا دايماً ببقي عاجزة عن الكلام لما بتغرقني بحبك يانضال.
_كفاية كلمة واحدة تقوليها فيها حياتي ياقلب نضال.
_بحبك.. بحبك.. بحبك ياأعظم زوج في الدنيا.

ضمها إليه يدور بها في المكان بينما تعالي الهتاف والصفير بين أُناس شاهدوا كل الحب في هذين العاشقين فمنهم من غبطهم علي عشقهم ومنهم من تمني أن يعيش قصة تشبه قصتهم ومنهم من كان يعيش مثلها ومابين ليلة وضحاها انتهت القصة وليس لديهم أدني فكرة كيف ولماذا انتهت؟

________

استيقظت تدرك أن الغطاء علي عينيها قد زال كذلك قيود معصميها تتمدد علي سرير بعدما كانت تجلس أرضاً، فتحت عينيها ببطئ لتري أمامها رجل طويل قمحي البشرة  أسود الشعر ذو عينين خضراوتين حادتين يطالعها بنظرة ساخرة بينما يقول بصوت عميق النبرات:
_مساء الخير يابرنسيسة.

تطلعت إلي محيطها فوجدت نفسها في غرفة بيضاء تخلو من كل شيء وبلا حتي نافذة ، لا يوجد بها سوي هذا السرير الذي تتمدد عليه وهذا الكرسي الذي يجلس عليه مختطفها، عادت إليه بعينيها قائلة بهدوء:
_ممكن اعرف خطفتني ليه؟

ارتباك بعينيه ظهر لجزء من الثانية قبل ان يتمالك نفسه وهو يمط ثغره وقد زالت عنه هذه النظرة الساخرة يقول بهدوء:
_موقفك غريب بالنسبة لواحدة مخطوفة.

_عشان معيطش مثلاً أو اتوسلت ليك عشان تسيبني وعرضت عليك فلوس..معتقدش البكا هيخليك تسيبني أمشي ومعتقدش كمان ان الفلوس تهمك قوي والأغلب ان فيه سبب تاني ورا خطفي وده يوصلنا لسؤالي اللي مجاوبتنيش عليه لحد دلوقتي.. خطفتني ليه؟

نهض يقترب من سريرها فتحفز جسدها قلقاً ليميل فمه بابتسامة جانبية ساخرة يدرك بها أنها تدعي القوة بينما بداخلها هي فتاة رغم كل شيء تخشي الغرباء وتخشي الظلمة و المجهول وهو في هذه اللحظة يمثل لها كل هؤلاء.
مال عليها فتراجعت في السرير تضم قدميها إلي صدرها بينما يقول:
_ياتري عرفتي اني مش خاطفك عشان الفلوس من علم النفس اللي درستيه؟

كادت أن تقول له أن علم النفس لا دخل له باكتشافها الصغير ذاك.. بل ملابسه غالية الثمن وساعته الباهظة ولكن كلماته منعتها من التفوه بحرف وهي تدرك أنه يعرف مجال دراستها، اذا لم يكن خطفها عشوائياً بل أرادها هي بالتحديد لتعقد حاجبيها وهي تنهض قائلة بغضب:
_ماتبطل لف ودوران وتقولي خطفني ليه يابني آدم انت؟

استقام يمسك ذراعها بقسوة فتألمت تطالعه وهو يقول متجهماً:
_لأ مش معني اني بكلمك بالراحة يبقي تطولي لسانك لإني بكل بساطة ممكن أقطعهولك، وأي حاجة عايزة تعرفيها فأنا اللي أحدد امتي وازاي تعرفيها.. مفهوم ياهانم ولا محتاجة أفهمك عملي؟

تمالكت نفسها تمنع آهة ألم أنّت لتخرج من فاهها ولكن أحرف مضغوطة لكلمة واحدة هي كل ماتفوهت به:
_مفهوم.

ترك ذراعها فأبت أن تفركه أمامه ليعود إلي كرسيه ويجلس عليه مشيرا لها بالجلوس علي السرير فجلست بينما يقول :
_دلوقتي زي الشاطرة هتمسكي الورقة والقلم اللي جنبك ده وتكتبي الكلام اللي همليهولك.

طالعت الورقة بتردد فقال بحدة:
_مستنية ايه؟ امسكي الورقة والقلم واكتبي في نص السطر.

تناولت الورقة والقلم وبدأت الكتابة ومع كل حرف كانت عيونها تتسع بخوف تتساءل عن سبب كتابتها لهذه الرسالة وماينتوي خاطفها أن يفعل بها وقد كانت نواياه حتي الآن غامضة وليست سهلة الاكتشاف كما اعتقدت حور أنها ستكون ماإن تتحدث مع مختطفيها.

_______

قالت سندس :
_وأخيراً شرّف فهد باشا الجبالي.

استدارت سلسبيل تطالع دلوف فهد إلي المكان بلهفة ولكنها مالبثت أن عقدت حاجبيها وهي تراه يمسك بيد فتاة شقراء قصيرة القامة يتقدم معها تجاه والديه اللذان رحبا به وبالفتاة قبل أن تري شحوب وجه والدة فهد وهي تتطلع إلي الفتاة بينما تتقدم الأسرة تباعاً للترحيب بالغائب،شعرت سندس بوجود خطب ما خاصة وعائلتها ترحب بالضيفة بشكل مبالغ فيه لتتسع عينيها وقد أدركت ما يحدث، استدارت إلي أختها تحاول منعها عن الذهاب والترحيب به ولكنها وجدت أختها قد تقدمت تجاههم بخطوات بطيئة شاحبة الملامح كالموتي لتدرك أن سلسبيل بدورها قد أدركت مايحدث.. حاولت اللحاق بها ولكنها وجدت رعد يتقدم ويسير جوارها فأغمضت عينيها بألم قبل أن تستدير وتغادر المكان بهدوء.

بينما تقدمت سلسبيل تجاههم تخترق الحشد وإلي جوارها يسير رعد حتي أصبحا أمام فهد وهذه الفتاة الشقراء ليقول فهد بابتسامة واسعة ما ان وقع بصره عليهما:
_سلسبيل و رعد.. زينة شباب الجبالية بنفسهم جايين يرحبوا بينا ياسوزي.

ابتسم وهو يتوسط الاثنين مواجهاً الفتاة الشقراء وهو يضع يديه علي كتف أبناء عمومته قائلاً:
_سلسبيل بنت عمتي اللي حكيتلك عنها ورعد يبقي ابن عمي والوحيد اللي كان ممكن أخاف يقابلك قبلي لإننا رجالة عيلة الجبالي عندنا كاريزما واحدة متقدرش تقاومها أي بنت في الدنيا.

ليعود إلي مكانه جوار الشقراء وهو يقول:
_ودي بقي المفاجأة اللي قلتلكم عليها في آخر ماسيدج مابينا.. سوزان حسان جارتي في السكن في لندن..... وخطيبتي.

أغمضت سلسبيل عيناها بألم يصرخ قلبها بصمت
بالله عليك لا تفعل.. لا تبعثر نفسي التائقة لحبك ولا تطعنني بخنجر الخذلان، أمواج الحزن تلاطم فتات قلبي الذي تحطم وتسحب ذراته إلي أعماق المحيط ليصير غريقاً ثم شبحاً يعيش في أعماق الأنين ينادي في الظلمات كل ليلة اسمك فتجيبه الرياح الهوجاء الغاضبة ..
"يكفيك نواحاً أيها الأبله، فحبيبك قد سلاك ويحيا
لاذنب له في جريمة اقترفها صاحبك في حقك، تركك علي شطآن الوهم تسحبك الأمواج لأعماقه حيث تمكث رفات القلوب ضحايا العشق تصرخ كما تصرخ خفقاتهم النافقة...
ياليتنا مِتنا قبل هذا وكُنا نسياً منسياً".

تعليقات



×