رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الثالث
_تشبه الجميع في عينيه_
ليس الألم في فقدان أحدهم ولكنه في إدراك أنك عشت لأعوام تظن أنه يضعك في خانة الحبيب بينما لم تكن له قط سوي صديق، تشبه الجميع في عينيه رغم كونه القاطن الوحيد بمقلتيك.. وفي لحظة ظننتها أعظم انتصاراتك معه تصير ذكري لأقسي دروس الخذلان.
تركها تسكب مدامعها بينما يتمزق القلب حزناً عليها، يدرك عمق جُرحها قد أخرجها من الحفل قبل أن تفتضح مشاعرها أمام ابن عمه وقد انتبه إلي نظرات الأخير الحائرة إليها حين لم تستطع تهنئته علي خطبته بينما يرتعش ثغرها حزناً، يسألها بكل اهتمام عما اذا كانت بخير.. لا يعلم أنها في هذه اللحظة ولولا أن أسندها رعد بذراعه لوقعت بين يدي فهد مغشياً عليها ولكن حركته هذه جعلتها تتطلع إليه بعيون زائغة فطالعها بنظرة مطمئنة قبل أن يخبر فهد أنه و سلسبيل عليهما الذهاب و دون أن يضيف كلمة واحدة سحبها وسار بها إلي الخارج فسارت جواره باستسلام تتبعهما عيون أفراد العائلة بنظرات تحمل بعضها حيرة والبعض الآخر شفقة. أخذها إلي هذا الكافيه علي ضفاف النيل، كانت ملامحها جامدة وكأن الحياة غادرتها تجلس أمامه صامتة تتطلع إلي الفضاء بشرود، قال بقلق :
_سلسبيل عيطي.. صرخي حتي بس متبقيش بالجمود ده.
حانت منها نظرة إليه فرأت الشفقة ممتزجة بالألم في عينيه، تجمعت الدموع بمقلتيها علي الفور وبدأت بالبكاء الذي سرعان ماصار نحيباً يمزق نياط القلب،لم يهتم بتطلع بعض رواد الكافيه القليلين قدر اهتمامه بهذه الفتاة أمامه، يود لو يصرخ بها..
كفاكِ بكاءاً.. فأنا هنا، أقسم أن أُنسيكِ إياه فيصبح مجرد ذكري محترقة يضيع رمادها مع الأيام.
فتحت حقيبتها تبحث عن منديل فوجدته يمنحها منديلاً، أغلقت الحقيبة تتناول منه منديله بيد مرتعشة دون أن تنظر إليه، تمسح دموعها قبل أن تقول بصوت هامس:
_عايزة أروح لو سمحت.
مد يده يضعها علي يدها الممدودة علي الطاولة فرفعت عيناها إليه علي الفور تطالعه بحيرة فقال بحزم:
_مش هتروحي البيت قبل ماتقدري تواجهي أسئلة الكل وتعرفي تجاوبي عليهم لما يسألوكي عن رد فعلك في الحفلة وليه مقدرتيش تهني ابن خالك فهد زي ما الكل هناه؟
أغمضت عيناها تبعد عن مقلتيها شبح الذكري وألم اعتصر قلبها حين ذُكر اسمه لتسمعه يردف قائلاً:
_وليه كمان مشيتي معايا من الحفلة وروحنا فين؟
فتحت عيناها تسحب يدها من يد رعد وهي تعقد حاجبيها قائلة:
_ انت عايز توصل لإيه يارعد؟
_أنا عايز أساعدك، مش هتلاقي حد حاسس بيكي قدي، تعرفي ليه؟
زاد انعقاد حاجبيها، كاد أن يعترف بمشاعره ولكنه أدرك ان الوقت غير مناسب ليفعل، فتنهد قائلاً:
_لإني أكتر واحد عارفك، احنا متربيين مع بعض ولا نسيتي؟
_كلنا اتربينا مع بعض بس أنا لغاية دلوقتي مش فاهمة انت عايز توصل لإيه ؟ لو عايز تواسيني فصدقني مفيش في الدنيا حاجة ممكن تجبر جرحي ولو عايز تفوقني فالقلم اللي خدته النهاردة يفوق أي حد ولو عايزني آخد وقتي عشان أقوي وأقدر أرد علي علامات استفهام كتيرة هتتفتح قدامي فصدقني، مهما خدت من وقت ففي الآخر لا هقدر أجاوبهم ولا أكسر نفسي قدامهم أكتر من كدة.. مفيش قدامي غير الرجوع وطلب مساحتي من الخصوصية واللي أكيد مش هيبخلوا بيها عليا لحد ماأقدر أجاوبهم واريح قلوبهم.
_حتي لو ده حصل هتعملي ايه مع فهد نفسه؟ هتقدري تواجهيه ولا هتطلبي منه هو كمان ميسألكيش عن عتاب عيونك ونظرة خذلان شافها جواهم لما قدم خطيبته ليكِ.
قالت بألم:
_انت عايز مني ايه بالظبط؟
_قلتلك عايز أساعدك.. أنا عارف انك بتحبي فهد لكنه أعمي مقدرش يشوف الحب اللي في قلبك ليه و مقدرش يشوف طيبة قلبك ونقاء روحك اللي كانوا هيحيوا جفاف قلبه ويدوبوا قسوته، لكن أنا شايف و كنت ساكت قلت جايز يوم يحس وتكونوا لبعض ووقتها مش هيبقي ليا مكان في حكايتكم لكن النهاردة اتأكدت ان حكايتكم انتهت.. النهاردة بس ممكن يكون ليا مكان في حياتك.
_مكان في حياتي؟ انت فاكر ان بسهولة كدة ممكن أنساه وأديلك فرصة؟وانت ممكن تنسي اني بحب حد غيرك؟ تفتكر ممكن نكون لبعض؟
تراجع في مقعده يعدل من وضع نظارته قائلاً:
_أكيد مش بسهولة بس أنا مستعد أجازف، ارتباطنا هيخرس كل الأسئلة وينفي الشكوك والظنون، هتقدري تواجهي الكل من غير انكسار ولا خوف.. ويمكن أكون لك فترة نقاهة تتعافي بيها من حبك.
ظهر التفكير علي ملامحها قبل أن تعقد حاجبيها قائلة:
_وانت هتستفيد ايه؟
_انتِ عارفة ان ماما بتضغط عليا كتير عشان أتجوز قبل ماأسافر لندن ، عايزة تطمن ان فيه حد هياخد باله مني بدالها خصوصاً ان بابا رفض سفرها معايا،ورغم اني دكتور والمفروض أكون عملي بس انا بصراحة مش مستعد لأي ارتباط دلوقت من غير مشاعر لمجرد اني أرضي أمي ولو ارتبطنا ببعض فده هيريح جميع الأطراف ويخلي ماما تبطل كل يوم والتاني تجيلي المستشفي مع عروسة جديدة من بنات صاحباتها.
_أنا مش قادرة أفهم انت بتتكلم بجد ولا بتهزر؟انت عايزنا نتجوز عشان أحافظ علي كرامتي.. وعشان ترضي الست الوالدة؟
لتنهض وهي تردف بعصبية:
_آسفة أسبابك سخيفة وعرضك مرفوض هان كرامتي أكتر من اللي حصل النهاردة.
أمسك ذراعها قبل أن تذهب يوقفها عن الرحيل قائلاً:
_اهدي بس واسمعيني للآخر قبل ماتقرري.. الأسباب السخيفة اللي بتقولي عليها دي هي أساس حياتنا.. تفتكري بعد مافهد يعرف بمشاعرك هتقدري تكوني في مكان هو فيه من غير ماتنكسري قدامه وتحسي بجرحك النازف؟ تفتكري هتقدري تعيشي مع شفقته هو ومامتك وباباكي وبقية العيلة لما تعرف؟ أنا عارفك كويس وعارف ان احساسك بشفقتهم ممكن يدمرك أكتر من قلبك المكسور بسبب فهد، وانا مقلتش ان احنا هنتجوز انا قلت هخطبك قدام الكل وده هينفي وجود اي مشاعر من ناحيتك لفهد، لو اتولد بينا مشاعر في الخطوبة هنكمل ونتجوز ولو متولدش هنتفارق ومحدش فينا خسران حاجة.
ظهر التردد في عينيها فشعر بقرب انتصاره رغم وضاعته حين أصر وبقوة استغلال ضعفها في هذه اللحظات لينل ماحلم به منذ سنوات ولكنه وجد الحب كدافع لما فعل خير شيء يُخرس به ضميره.
تقافزت خفقاته وهو يجدها تجلس مجدداً ليكتم ابتسامة انتصار بداخله حين سمعها تقول :
_يعني هنعمل ايه دلوقت؟
_هقولك ياسلسبيل بس فيه شرط لازم نحققه احنا الاتنين عشان خطتنا تنجح.
_شرط ايه ده؟
_اننا نتظاهر بالحب قدام الكل والا مستحيل هيصدقوا.
تنهدت بصمت لاتدري هل تستطيع القيام بدورها لتنجح في مسعاها أم أن هذه الخطة السخيفة ستزيد الأمر سوءاً؟
______
كان يجلس في الحديقة يطالع السماء وقد جافاه النوم وأعجزه التفكير عن السبات بعد يوم شاق ظن بعده أنه سيغط في نوم عميق ولكن ماحدث في آخر الليل جعله عاجزاً عن فعل أي شيء سوي تحليل نظرات ابنة عمته ورد فعلها الغريب علي خبر خطبته بعدما ظن أنها ستطير فرحاً وهي التي لطالما تحدثت عن التقاء الأرواح وتزواجهم .. هي التي لطالما كان حديثها عن الحب والزواج كأعظم رزق للإنسان.. وهي التي لطالما حثته علي إذابة جمود قلبه بنيران العشق والاستقرار بدلاً من النقل بين الفتيات، اذا لماذا أرسلت إليه عيناها عتاباً صارخاً ولماذا نظرة الخذلان؟
_انت ايه اللي مسهرك لحد دلوقتي؟بتعد النجوم زي زمان؟
استدار يتطلع إلي والدته يبتسم قائلاً:
_كبرت وعرفت ان مفيش وقت لعد النجوم وان الحياة مش عايزة غير الراجل العملي اللي كل تفكيره في الشغل وبس.. ده غير اني عرفت ان مهما أعد النجوم مش هقدر أحصيهم.
اقتربت تبتسم بدورها ولكنها ابتسامة باهتة لا تشبه ابتسامة والدته المشرقة والتي تضفي علي وجوده حياة، لتجلس جواره قائلة:
_الحياة مش حاجة واحدة وبس.. الحياة توازن بين كل حاجة مش ممكن تمشي بالعقل لوحده ومش ممكن برضه تمشي بالقلب لوحده.. الحياة مزيج بين الاتنين.
_يمكن.
_مش يمكن، أكيد..قولي بقي ايه اللي مسهر ابني حبيبي ومخلي النوم مفارقه لو مكنش قاعد يعد النجوم.. بتفكر في سوزي؟
هز رأسه نفياً وهو يتطلع إلي الأمام قائلاً:
_لأ.. بفكر في سلسبيل.
_سلسبيل.
قالتها بمرارة لم ينتبه إليها فتنهد قائلاً:
_مش عارف ياماما، من ساعة الحفلة وانا مش فاهم حاجة حتي لما سوزان سألتني معرفتش أرد عليها ولقيتني أنا كمان بسأل نفسي.. هي ليه سلسبيل سكتت؟ ليه مباركتليش؟ ليه عينيها كانت حزينة وجواهم نظرة عتاب؟ وليه خدها رعد ومشوا من غير كلمة واحدة؟ تعرفي ياماما انا كنت فاكر انها أول واحدة هتهنيني وتفرحلي لإني لقيت نصي التاني زي ماكانت دايماً بتشجعني، الظاهر ان اختياري معجبهاش.. بس حتي لو ده صحيح كان لازم تقول مبروك حتي لو من ورا قلبها مش تحرجني قدام الكل وتسيب سوزان واقفة مادة ايدها بالشكل ده..انا مش عارف سلسبيل جرالها ايه ولا هي اتغيرت في السنة اللي غبت فيها عن البلد؟
_تعرف كنت دايماً بحب فيك انك لماح وذكي، يمكن كنت بخاف عليك من يوم مابدأت تحكم عقلك بدل قلبك لكن كنت دايماً بقول فترة وهتعدي والقلب اللي جواك هيشارك عقلك حكمه في يوم من الأيام بس في اللحظة دي لا شايفة عقل بيميز ولا حتي قلب بيحس ودي حاجة تقلق بجد.
_تقصدي ايه بكلامك ده ؟ انا مش فاهم حاجة.
نهضت رهف قائلة:
_هتفهم لما في يوم قلبك يحس من تاني.. هتفهم لما تلاقي نفسك متلخبط ومش عارف ايه سبب النار اللي جواك؟ هتفهم لما تقارن بين المشاعر وتلاقي نفسك خسران بس ياريت تفهم قبل فوات الأوان.
نهض بدوره قائلاً بحيرة:
_ليه الألغاز؟ وليه الغموض؟ وليه مش قادرة تفهميني ايه الحكاية؟
_لإن خلاص مبقاش من حقي أتكلم عن مشاعر خاصة بحد تاني قرر يحتفظ بيها لنفسه وبعد اللي جاي واللي شفته النهاردة لازم في نهاية القصة حد هيخسر، بتمني الحد ده ميبقاش انت يافهد.
_قصة ايه وخسارة ايه اللي بتتكلمي عنها؟ لأول مرة مبقاش فاهمك ولأول مرة أحس انك مخبية حاجة عني.
_من زمان وأنا الوحيدة تقريباً اللي عارفة، احتفظت بالموضوع جوايا، كنت متأكدة انك زي باباك في يوم هتستسلم لمشاعرك وتعترف بيها من غير ضغط لكن الظاهر كنت غلطانة..عايز تعرف اجابات أسئلتك وتعرف ليه سلسبيل مقدرتش تهنيك..مش كدة؟ دور جواك هتلاقي الاجابة واضحة زي الشمس.. النهاردة الكل أكيد عرف الاجابة وانت لسة.. حقيقي خسارة.
_ماما.
_اطلع نام يافهد.. بتمني تكون مبسوط مع سوزي وتكون هي نصك التاني زي مابتقول وإلا هتندم وزي ماقلتلك مش هيفيد الندم .
غادرت يتابعها بنظراته الزائغة، لقد تركته والدته وهو أشد حيرة من ذي قبل.. يعيد كلماتها في أذنه مراراً وتكراراً، يحاول أن يدرك ما تلمح له والدته وماتخشي التصريح به.. لتتسع فجأة عينيه بصدمة وهو يدرك ماغاب عنه وكان واضحاً حقاً كشمس النهار .. رعد يحمل مشاعر لسلسبيل، لطالما كان.. اذاً لماذا تترك فكرة وجود علاقة غرام بين رعد وسلسبيل مرارة بحلقه وغصة بقلبه ؟ ربما هو شعوره التملكي تجاه صديقة عمره و علاقتهما التي لن تعود للسابق ما ان تتزوج رعد.. تباً لماذا يشتعل جسده بالنيران حين تخطر هذه الفكرة برأسه الآن؟تري هل هذه النيران هي ماأشارت لها والدته في حديثها منذ قليل؟تري ان وصل لأسبابها بطلت حيرته أم ستزداد وعن أي مقارنة في المشاعر تحدثت عنها ؟ تباً انه سيجن وعلي عكس احساسه في صباح اليوم حين ظن أنه سيكون أسعد أيامه بتقديم خطيبته للجميع، حمل له الليل أسوأ مشاعر قد يمر به رجل تخبط وحيرة وغضبمزيج مميت من الأفضل أن يتجاهله ويتجه إلي حجرته يحاول نيل قسطاً من النوم علّ الصباح يحمل له فرجاً ولا يدري أن الصباح سيحمل له خبراً سيكون مفاجأة صادمة بالنسبة له.
______
انتفضت علي صوته الهادئ يلقي عليها التحية فاستدارت تطالعه بارتباك تبادله التحية بخجل، ابتسم قائلاً:
_ايه اللي مسهرك لحد دلوقت؟ انتِ مش خلصتي امتحانات؟
هزت رأسها قائلة:
_أيوة بس والدك ووالدتك لسة سهرانين وقاعدين في الجنينة وماما زي ماانت عارف مبتقدرش تسهر.. قلت أخليني في المطبخ جايز يحتاجوا حاجة.
_وإيه اللي مسهر ماما وبابا لحد دلوقت؟
مطت شفتيها وهزت كتفيها بلا أدري فأخفي بداخله اعجابه الدائم بحركتها الطفولية تلك، ليقول بهدوء:
_عموماً حتي لو احتاجوا حاجة فيقدروا يعملوها بنفسهم، ادخلي نامي وارتاحي يابراء.
_بس أنا مش تعبانة....
_لأ تعبانة.. الصبح بتشتغلي في المدرسة وبعد الضهر بتساعدي والدتك،يبقي من حقك ترتاحي.. انتِ بني آدمة علي فكرة مش سوبر جيرل.
ابتسمت برقة تهز رأسها بطريقة تنجح دائما في سلب لبه،قبل أن تغادر المكان اتجه للطاولة كي يعد له فنجالاً من القهوة السريعة فوجدها تعود إليه قائلة:
_كتر القهوة مضر بالصحة علي فكرة.
لتجاوره وهي تقف علي أطراف أصابعها تفتح أحد ضلف المطبخ وتحضر علبة منها تشير إليها قائلة:
_دي خلطة من أعشاب طبيعية عاملاها بنفسي، ليها نفس تأثير القهوة بس أكيد مفيدة أكتر، تحب أعملك فنجال تجرب؟
أمسك منها العلبة يغالب روحه التائقة إلي هذه الفتاة البريئة الرائعة وهو يقول بابتسامة هادئة لا تعكس اضطراب خفقاته وتسارعها حد الجنون :
_هعمل أنا.. قلتلك روحي نامي يابراء،عشان خاطري اسمعي الكلام.
عيونه التي غامت بالمشاعر رغم نبراته الهادئة الطبيعية وهذا اللهيب الذي طاف بروحها جراء ذلك جعلاها تطيعه علي الفور وقد ارتأت مثله أنه من الأفضل لها الذهاب الآن، تراجعت ببطئ قبل ان تستدير وتغادر بسرعة ليزفر ساهر بقوة يقول لنفسه:
_اهدي ياساهر.. خلاص هانت، كلها كام يوم وتخلص امتحاناتك انت كمان وشهر بالكتير والنتيجة تبان وتبقي دكتور رسمي ووقتها تقدر تطلب من باباك يوفي بوعده و يخطبهالك، استنيت كتير ومبقاش غير القليل ياابن يزيد المنصوري.
______
قالت نيرة بعصبية:
_انتِ ازاي تتأخري لحد دلوقت ياسلسبيل؟
_استني انتِ يانيرة....
قاطع رعد جدالهما قائلاً:
_أنا السبب ياعمي أنا آسف ياعمتي، آسف بجد.. كنت مستني اليوم ده بفارغ الصبر عشان أعترف لسلسبيل بمشاعري ونسيت اني كان لازم أستأذنكوا الأول.
قطبت نيرة حاجبيها تتطلع إلي سلسبيل التي أطرقت برأسها تدرك في هذه اللحظة أن والدتها ان تطلعت لعينيها لأدركت سخافة مايحدث وكذبه، بينما قال يزيد بحيرة:
_مشاعرك.. قصدك ايه يارعد؟
عدل يزيد من وضع نظارته قائلاً:
_الحقيقة أنا كنت ناوي النهاردة في عيد الحب أعترف لسلسبيل بمشاعري لكن المشكلة اللي حصلت بين بابا وماما ضيعت الليلة زي ما حضراتكوا أكيد عارفين واول مالقيت الساعة داخلة علي نص الليل وأنا لسة معترفتش ليها بحبي ورغبتي في الارتباط بيها اضطريت أخطفها زي ماشفتوا وعلي النيل كان اعترافي وقبولها، أكيد غلطنا و مفكرناش غير في مشاعرنا، نسينا انكوا ممكن تقلقوا علينا بس حضراتكم عارفين حماسة الشباب وبتمني تغفرولنا.
نقل يزيد بصره مابين رعد وسلسبيل التي رفعت عيونها إليه تبتسم ابتسامة باهتة تحاول بها اقناع والدها بهذه القصة التي اخترعها رعد، فعاد يزيد ببصره إلي رعد يقول بهدوء:
_يعني انت عايز تفهمني انكوا بتحبوا بعض وانك اتقدمتلها وهي وافقت.. صح؟
هز رعد رأسه، فأردف يزيد قائلاً:
_وأهلك؟
_لسة ميعرفوش اني خلاص نويت أعترف بمشاعري وآخد خطوة اتأخرت كتير.. هخرج من هنا بعد موافقتك طبعا عليهم عشان أفرحهم بالخبر ده.. جوازي من سلسبيل هو حلم أهلي قبل مايكون حلمي.
_وانتِ موافقة علي الكلام ده؟ موافقة تتجوزي رعد؟ بتحبيه ياسلسبيل؟
هزت سلسبيل رأسها دون أن تنطق بحرف وقد غصت حلقها مرارة كبيرة ترغب في إنهاء هذه الليلة وقد أدركت أنها قاب قوسين أو أدني من البكاء قهراً، ليردف يزيد:
_يبقي علي بركة الله ياابني.. خلي أهلك ييجوا يطلبوها مني وأنا مش هلاقي أحسن من عيلة الجبالي أكون مطمن معاهم علي بنتي.
مد رعد يده يُحيّي يزيد بسعادة حقيقية ثم احتضن عمته التي ظلت صامتة طوال حديثهم، قبل ان يستأذن بالمغادرة بينما أسرعت سلسبيل إلي حجرتها قبل ان تخضع لاستجواب لا قبل لها به الآن وهي حقاً أضعف ما يكون.