رواية إنها لعنة صالح الفصل الثانى بقلم منى حارس
-هل زارك صالح يا ولدي ؟
نظرت لي العجوز بفزع مردده :
– هل زارك صالح يا ولدي ؟
وهنا نظرت لها بدهشة شديدة فأنا لا افهم عما تتحدث فقلت لها بتوتر:
– عما تتحدثين سيدتي ومن هو صالح هذا ؟
ردت بتوتر وهي تتلفت يمينا ويسارا قائلة بصوت منخفض :
– ألم يزرك صالح أمس يا ولدي ، فانا أرى هذا في عينيك.؟
– اخبريني من صالح هذا وماذا يحدث بالعقار من فضلك ، فلقد شعرت بوجود شيء غريب بالشقة أمس ولا افهم شيء .
– انه صالح يا ولدي صالح ولعنته التي جعلت الجميع يرحل بلا عودة ..
– ومن هو صالح هذا يا سيدتي .؟
وهنا نظرت العجوز إلى خالد بتعجب شديد وكأنه يأتي من عالم أخر غير عالمنا قائله :
– ومن هنا لا يعرفه يا ولدي ، تفضل سأخبرك قصته دخلت الى شقتها ، وجلست على اقرب مقعد من الباب واغلقت هي باب الشقة بهدوء وجلست وبعدها امامي تنظر لي بريبه وشك ثم اخذت نفسا عميق وهزت رأسها ثم أكملت :
– ألا تعرف صالح حقا ، انه ذلك الفتى الأسمر خفيف الدم الذي أتى من الصعيد ..
ليعمل بالمحارة وهو من قام بتشطيب وتجهيز تلك العمارة ودهانها فكان يعمل بالبناء والمحارة والنجارة كان صالح يعرف في كل شيء ويحاول أن يكسب الكثير من المال من أي عمل يأتي في طريقة ، ليكمل مهر ابنة عمه التي كان يعشقها بجنون ويريد اتمام زواجه منها اتفق صالح مع صاحب العمارة ، بأن ينهي له كل العمل الذي يريده للعمارة من تجهيز ومحارة ودهان ويعطيه ايضا ما معه من مال جمعة من عمله مقابل أن يعطيه الحجرتين والصالة فوق سطح العمارة ليتزوج فيها من ابنة عمه ولقد وافق الرجل ورحب فلقد كان صالح سيوفر عليه الكثير من الأموال وكان نشيط ومتحمس ويستطيع فعل كل شيء لن ينكر احد ذلك.
ولم تكن الشقة فوق السطح مكتمله البناء من الاساس وليس لها سقف وكان صالح سيكمل بنائها وتجهيزها للزواج من ابنه عمه و كان سيرحمة من المصاريف الكثيرة وطلبات العمال التي ارتفعت وأجورهم المبالغ فيها ، ولكن صاحب العمارة رفض أن يكتب له عقد بذلك الاتفاق ، واخذ صالح يعمل بكد ونشاط ما طلب منه ومن سلم إلى ثقاله إلى الدلو للمحارة ..
لقد فقد الصبي الكثير من وزنه وكان مرهق ومكدود كان خدوما بشوشا يحب الجميع ويبتسم للجميع ويحب مساعدة الآخرين ..
وكان الجميع يحبه لطيبته إلى أن أتى ذلك اليوم الشؤم يا ولدي ، سقط صالح من فوق سطح العمارة بعد ان فقد توازنه في ذلك اليوم شديد البرودة والرياح وكانت نوة شديدة ..
ووقع المسكين في المنور وهو يقوم بالدهان ، لقد نصحته يومها ألا يعمل في هذا الطقس والنوة ولكنه كان يريد أن يكمل شقته ليحضر العروس ومات صالح في الحال فور سقوطه على رأسه من الدور العاشر .
ولكنه قبل أن تخرج روحه وصى الناس من حوله بأن يعطوا اموال الشقة إلى أمه ويقولوا لها لا تحزن ولكن الناس لم تفهم أي أموال وأي شقة وجاء أهله من الصعيد واستلموا جثته وبعد عدة أيام جاء والد صالح ليطالب بشقة ابنة ..
ولكن صاحب العمارة أنكر الامر ، وقال بأن صالح ليس له شيء وهنا انفعل الأب الملكوم لفقد ابنه وضياع حقه وتعبه على صاحب العمارة واتهمه بالنصب وبأنه لن يضيع عرق وتعب ابنه صالح ..
فلقد كان يعرف كل شيء واخبره ابنه بالاتفاق والشقة ، وأصر صاحب العمارة على الإنكار والكذب ، فلم يكن هناك اي ورق ولا عقد فقام الأب بضربه بعصاه بقوة على رئسه فأصابه بشدة وفتحت رئسه ، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات .
ومن يومها يا ولدي بدء سكان العمارة يرون صالح بالليل ، يذهب ليرن عليهم الجرس مرارا ومن العيون السحرية يجدوه يقف غارقا في دمائه ، ولم يفتح له احد الباب ، فبدءوا يرونه في منازلهم ليلا فأصبح يخيفهم ويثير الرعب في نفوسهم ، وكان احيانا يضربهم وهم يصعدون الدرج ليلا ..
فانتشر الرعب والفزع بين السكان فمنهم من رحل من العمارة وباعها باقل من ثمنها ، واستمر الحال شهور حتى جاء ذلك اليوم الذي باع فيه صاحب العمارة شقة صالح فوق السطوح ، لقد وضبها الفتى بعرقه ومجهوده قبل موته وكان يستعد لاحضار العروس .
وكان ينتظر العروس والزواج ، بعد بيع الشقة مباشرة وسكنها وفي نفس الليلة فوجئنا بالمشتري الجديد ، ينزل يصرخ هو وزوجته بعد منتصف الليل قائلا :
- الشقة مسكونة الشقة مسكونة لن يترككم صالح تهنئون في تلك العمارة ، بعد ان ضاع حقة ، لقد تعجب السكان من الرجل وقتها فهو لا يعرف صالح ولم يراه من قبل ، ومن يومها لم يعد الرجل إلى الشقة حتى ليأخذ أشيائه وأثاث منزله ، لقد تركها لشبح صالح ، وكل يوم بعد منتصف الليل نسمع صوت التلفاز وصوت ضجة بشقة صالح وكأن هناك من يسكنها ،يا ولدي ويعيش فيها ولكن لم يجرؤ احد على الاقتراب من الشقة الى يومنا هذا .
وهنا تنهد خالد بضيق قائلا :
– ما هذا الظلم ولماذا لم يعطيه صاحب الشقة شقته ، ويريح روحه المعذبه لا افهم لماذا هذا الطمع والجشع ؟
ردت العجوز بحزن :
– لقد ذهبت إليه يا ولدي ، وطلبت منه ان يفعل ولكنه غبي ولم يفعل ، لقد طلبت منه هذا ، واخذت اترجاه ان يتنازل عن البلاغ في حق الأب الملكوم على فقد ابنه بعد ان زارني صالح وطلب مني أن افعل يومها ، ولكن الرجل رفض وطردني من منزله وأهانني وضربني يا ولدي وبعدها بيومين كان انتقام الله له فلقد مات أولاده وزوجته ، بعد أن فتح احدهم الغاز عليهم وهم نائمون ليلا وكان هو مسافر ، وعاد ليجد جثثهم تنتظره ، ان ربك يمهل ولا يهمل يا ولدي ، وهنا نظر خالد إليها بتعجب فهل ما تقوله تلك العجوز حقيقة ، ام تخرف هو حائر لا يفهم شيء في الحقيقية .
وفي تلك اللحظة فتح باب الشقة مرة واحدة ، ليدخل رجل كبير بالسن الى المنزل وينظر إلى خالد متعجبا ، وهنا تذكرة خالد انه صاحب العمارة الذي اشترى منه الشقة هو يتذكره جيدا " الحج جمال " فلقد رآه من قبل ، وقف خالد وهو يشعر بالدهشة فهل هذه شقة الرجل :
– كيف حالك يا حج ..
ولكن الرجل لم يرد عليه السلام بل صرخ في وجهه قائلا بفزع :
– من أنت وكيف دخلت إلى شقتي ، ايها اللص
– لص …
أنا خالد يا حج جمال جارك من القاهرة بالشقة المجاورة ..
– وكيف دخلت إلى الشقة لا افهم
– لقد فتحت لي السيدة العجوز .
وهنا سقط الرجل على اقرب مقعد …وهو يصرخ برعب مرددا :
– أي عجوز أيها المعتوه ..
إلى متى سأظل أخبركم بأن زوجتي ماتت ، ماتت هي وأولادي جميعا ، اختناقا بالغاز ألا تفهمون لقد قتلهم صالح .. سامحني يا صالح ، اعرف بأنك تنتقم مني يا ولدي وأنا استحق ، وبعدها سقط الرجل على الأرض ..
ووقفت أنا بذهول انظر مكان العجوز ولكنها كانت قد اختفت من المنزل تماما وتبخرت ، وهنا لم أجد أمامي إلا الذهاب إلى شقتي فلقد عادت زوجتي من الخارج ، وكان الأطفال يصرخون برعب وزوجتي تنظر بذهول ولا تنطق فلقد كان كل شيء بالشقة يسقط على الأرض ويتهشم بمفرده وقطة سوداء كبيرة تموء بطريقة مخيفة لتثير الفزع في النفوس.
وهنا أخذت الأولاد و زوجتي وعدنا الى القاهرة ، تركنا كل أغراضنا هناك وملابسنا ، فلتذهب كل الأشياء إلى الجحيم ، فلن نعود لتلك الشقة الملعونة مرة اخرى ، وهنا نظر مراد إلى صديقة بتعجب غير مصدق ما يسمع ولكنها فرصة ولن تعوض ، فقال بجدية:
– أتبيعني تلك الشقة يا خالد ؟؟
– هل تتكلم بصدق ، بعد كل ما أخبرتك به يا مراد ، عن لعنة صالح وشبحه بالعمارة
– نعم فانا لا امن بتلك الخرافات والكلام الذي ليس له تفسير علمي …
– موافق يا مراد ، فلنكتب العقد الآن حتى لا ترجع في رأيك يا صديقي.
وبعد شهر رن جرس هاتف خالد المحمول ، وهو في طريقه الى العمل وكان صديقة مراد يتحدث معه ويخبره عن جمال الإسكندرية والشقة ويطلب منه أن يحضر هو والأولاد لقضاء يومين ، فليس هناك أي لعنات بالشقة .وكل ما أخبرته به العجوز هو كذب ، ولم يمت صالح ، رفض خالد معتذرا بأنه لن يذهب الى الإسكندرية مرة أخرى فلقد كرهها وكرهها الأولاد وسيذهب إلى مرسى مطروح ، فلقد اشترى شقة هناك ، بسعر مغري ..
كان خالد يضحك على تلك النكته وفي الطريق قابل خالد صديقة محمد وكان حزينا مهموما وعندما سئله خالد عن سبب حزنه اخبره صديقه بحزن وأسى شديد بموت صديقهم مراد منذ أسبوع هو وعائلته جميعا وهم في شقتهم الجديدة بالإسكندرية ، اختناقا وتسمما بالغاز فلقد نسى احدهم إغلاق الغاز ليلا وتسرب ليقتلهم جميعا وهم نيام ..
وهنا سقط الهاتف من يد خالد أرضا ، فمن الذي كان يكلمه منذ دقائق ، فهل مازالت لعنة صالح تطارده وكيف سيتخلص منها يا ترى؟..