رواية ارض المنهاوا الفصل الثاني
فتحت عيون يامن ببطء، وهو يلهث من لاألم الذي اصابه. شعر بضغط ثقيل على صدره، وكأن الهواء في هذا المكان مختلف، كأنه... ملوث بشيء غير مرئي.
رفع رأسه بصعوبة، ثم وقف مترنحًا، يتأمل الأرض التي سقط عليها. كانت سوداء، جافة، متشققة، كأنها رماد محترق. لا حياة فيها، لا زرع، لا ماء. مجرد أرض جرداء تمتد بلا نهاية.
لكن هذا لم يكن أكثر شيء مخيفًا.
السماء جرداء
نظر إلى الأعلى، فوجدها مغطاة بسحب كثيفة سوداء، لا شمس، لا قمر، فقط ظلامٌ أزلي.
"أين أنا؟"
لكن يامن لم يكن بحاجة لإجابة.
كان يعرف.
لقد دخل أرض المنهاوا الأرض التي لا يرحم فيها احد
أهل الأرض ملعونون
بدأ يامن يتحرك بحذر، يحاول استيعاب المكان. لم يكن وحده.
في الأفق، كان هناك أناس يسيرون ببطء، وجوههم شاحبة، أعينهم فارغة.
اقترب بحذر، محاولًا التحدث إلى أحدهم:
— "لو سمحت... ممكن تساعدني؟"
لكن الرجل لم يرد. فقط استمر في المشي، كأنه لم يسمع شيئًا.
قال يامن في نفسه هل هم موتا ام انا شكلي مختلف
ثم لاحظ شيئًا مخيفًا.
أقدامهم لا تترك أثرًا على الأرض!
كأنهم أشباح، كأنهم مجرد ظلال لأشخاص كانوا هنا يومًا... لكنهم لم يعودوا بشرًا.
شعر بقشعريرة تسري في جسده، فابتعد بسرعة
بينما كان يسير بلا هدف، سمع صوتًا خلفه.
— "أنت... لست من هنا."
التفت بسرعة، فوجد رجلًا يرتدي عباءة سوداء طويلة، بعيون خضراء حادة.
كان يحدق فيه بفضول، كأنه يدرسه.
—سأل يامن بحذر "من أنت؟"
— "أنا مجرد شخص عالق هنا منذ زمن."
تقدم الرجل بخطوات بطيئة، ثم أضاف:
— "لكن السؤال الأهم... كيف دخلت إلى هنا؟"
يامن بلع ريقه، ثم قال:
— "جئت للبحث عن أختي الصغيرة. اختُطفت إلى هنا."
الرجل ضاقت عينيه، ثم قال بصوت منخفض:
— "إذن لقد أخذها حراس البوابة."
أسرار المنهاوا
يامن شعر برعشة تسري في جسده.
— "حراس البوابة؟ من هم وانا سوف اسحق وجوههم
الرجل ابتسم ابتسامة باهتة، ثم أشار إلى أطلال بعيدة في الأفق.
— "هناك... القلعة السوداء، حيث يُحتجز القادمون الجدد. إن كانت أختك هنا، فهي هناك."
يامن قبض يده بقوة، ثم قال:
— "لازم أوصل لها."
الرجل رفع حاجبه، ثم قال:
— "مستحيل. لا أحد يدخل القلعة السوداء... إلا إذا كان يملك نقاط الدم."
يامن عقد حاجبيه:
— "نقاط الدم؟" انت بتخرف بتقول ايه
الرجل اقترب منه، ثم قال بصوت منخفض:
— "هنا، لا يوجد مال، لا يوجد ذهب. القوة الوحيدة التي تحكم كل شيء... هي دمك. كلما ارتكبت أفعالًا شريرة، كلما زادت نقاط دمك... وزادت قوتك."
يامن شعر بقشعريرة تسري في جسده.
إذن، هذه الأرض لا تُكافئ الخير... بل تُكافئ الشر.
الخيار الصعب يا فتى
— "هل تقصد... أن عليّ قتل أحدهم حتى أتمكن من الدخول؟"
الرجل أومأ برأسه.
— "تمامًا. هنا، كل شيء له ثمن... والثمن دائمًا هو الدم."
يامن شعر بالاشمئزاز.
هل يمكنه فعل ذلك؟ هل يمكنه أن يصبح قاتلًا فقط ليجد منى؟
لكن قبل أن يتخذ قراره، سمع صوتًا مألوفًا خلفه.
— "يامن؟!"
التفت بسرعة، وعيناه اتسعتا في صدمة.
يعقوب كان هناك... ومعه سهيله وكانو خائفون
------------------------------------
الفصل الرابع: لعنة الدم
وقف يامن في مكانه، مصدومًا وهو يحدق في يعقوب وسهيلة. كيف وصلا إلى هنا؟ هل سقطا عبر البوابة مثله؟ أم أن هناك طريقًا آخر؟
هرع إليهما، وعيناه تجولان حول المكان بقلق.
— "إزاي جيتوا هنا؟!"
يعقوب كان يلهث، وجهه شاحب وعيناه مليئتان بالخوف.
— "مش عارف... آخر حاجة فكرتها إننا كنا بندوّر على منى... وبعدين الأرض اتفتحت تحتنا!"
سهيلة أمسكت بيد يامن، صوتها مهتز:
— "يامن، إحنا فين؟ المكان دا... مش طبيعي!"
نظر إليهما الرجل ذو العباءة السوداء، ثم قال بهدوء:
— "أصدقاؤك محظوظون، لم ينتهي بهم الأمر في القلعة السوداء مثل أختك الصغيرة."
يامن التفت إليه بسرعة، قبضته مشدودة.
— "مين أنت؟ وليه بتساعدني؟" ماذا تريد؟
الرجل تنهد، ثم نظر إلى الأفق، حيث كانت القلعة السوداء تلوح في الظلام مثل ظل عملاق يراقبهم.
— "اسمي نور الدين. كنتُ يومًا ما ساحرًا، لكنني رفضت قوانين المنهاوا... فحُكم عليّ بالبقاء هنا للأبد."
يامن لم يفهم تمامًا، لكن لم يكن لديه وقت للأسئلة.
— "قلت إنهم محتجزينها هناك... إزاي نقدر نوصل لها؟"
نور الدين نظر إليه بعينين حادتين، ثم قال بصوت منخفض:
— "إما أن تحصل على نقاط الدم... أو تجد طريقة أخرى للدخول دون أن يلاحظك الحراس."
يعقوب تدخل بغضب:
— "يعني لازم نقتل حد عشان نقدر نتحرك هنا؟ دا جنون!"
نور الدين هز رأسه:
— "هذه قوانين المنهاوا
إما أن تتبعها، أو تصبح فريسة."
فجأة، دوّى صوت غريب في الأجواء.
"وووووووووششششششش!"
ريح سوداء بدأت تهب، والغبار ارتفع في الهواء.
نور الدين اتسعت عيناه، ثم قال بسرعة:
— "حراس القلعة قادمون! يجب أن نتحرك!"
يامن، يعقوب، وسهيلة تبادلوا نظرات قلقة، لكنهم لم يعترضوا لعدم وجود حل آخر امامهم
بدأوا يركضون خلف نور الدين، بينما الريح السوداء كانت تزداد قوة.
فجأة، ظهر أربعة أشخاص يقفون في طريقهم.
لكنهم لم يكونوا طبيعيين.
كانت أعينهم حمراء متوهجة، وأجسادهم مغطاة بوشوم سوداء غريبة. كانوا يبتسمون، لكن ابتسامتهم لم تكن بشرية.
أحدهم تقدم خطوة، ثم قال بصوت بارد:
— "أنتم لستم من أهل المنهاوا... لكنكم ستصبحون قريبًا."
هههههههههههه
نور الدين تمتم بشتيمة، ثم همس ليامن:
— "هؤلاء هم حراس الدم... أقوى جنود القلعة. لا يمكننا هزيمتهم، يجب أن نهرب!"
يامن كان يريد القتال، لكنه لم يكن يملك أي قوة.
نور الدين أشار لهم بالجري، فانطلقوا بأقصى سرعة، بينما كان الحراس يطاردونهم كذئاب جائعة.
ركضوا وسط الأزقة المظلمة، لكن الحراس كانوا أسرع.
نور الدين قادهم إلى زقاق ضيق، ثم فجأة ضرب الأرض بعصاه الخشبية، ففتح ممر سري في الحائط.
— "ادخلوا بسرعة!"
يامن، يعقوب، وسهيلة قفزوا إلى الداخل، بينما نور الدين أغلق الممر خلفهم بلحظة قبل أن يصل الحراس.
وقفوا يلهثون، أجسادهم ترتعش من التوتر.
يعقوب نظر إلى نور الدين، وقال بغضب:
— "ما كانش لازم نهرب! كان لازم نحاربهم!"
نور الدين نظر إليه بهدوء، ثم قال:
— "لو كنتَ حاربتهم، لكنت الآن مجرد ظل بلا روح."
وبدأ يحكي عن سر ظلال قائلا هنا في المنهاوا احياء او ظلال
نظر يامن إلى نور الدين بقلق وقطع كلامه
— "إيه معنى الكلام دا؟"
نور الدين جلس على حجر في الزاوية، ثم قال ببطء:
— "أهل المنهاوا ينقسمون إلى نوعين: الأحياء، والظلال."
— "الأحياء هم من يملكون نقاط الدم، يستطيعون القتل، السرقة، والخداع."
— "أما الظلال... فهم من خسروا أرواحهم. مجرد أشباح تتجول في هذه الأرض، بلا هدف... بلا أمل."
سهيلة وضعت يدها على فمها برعب:
— "يعني لو خسرنا هنا... هنفضل محبوسين للأبد؟"
نور الدين أومأ برأسه.
— "لهذا يجب أن تتحركوا بحذر... لأن كل خطوة في المنهاوا قد تكون خطوتكم الأخيرة."