رواية ابتليت بها الفصل الثالث 3 بقلم قطر الندي

 

رواية ابتليت بها الفصل الثالث بقلم قطر الندي

موعد_على_العشاء 🥂

رنّ منبّه هاتفها ليذكرها أن أمامها أقل من ساعتين على موعد العشاء. نهضت من مكتبها بنشاط محسوب، أغلقت الحاسوب ورتبت أوراقها بدقة. كانت تدرك أن عشاء الليلة ليس مناسبة اجتماعية عادية، بل فرصة مهمة لبناء علاقات مهنية قد تؤثر على مسار عملها في الفترة القادمة. 
في الحمام، غسلت وجهها بالماء البارد، محاولة أن تطرد آثار التعب عن ملامحها. وضعت مرطبًا خفيفًا ولمسة من كريم الأساس، مكياج بالكاد يُلاحظ، لكن كفيل بمنحها مظهرًا منتعشًا. اختارت بعناية ماسكارا مقاومة للتلطخ، ورسمت حاجبيها بخفة لتحافظ على ملامح طبيعية وواثقة. اكتفت بأحمر شفاه بلون نيود هادئ. أمام خزانة الملابس، توقفت قليلًا، في داخلها شعور خفيف بالقلق: هل تبدو رسمية أكثر من اللازم؟ هل ستنجح في ترك انطباع قوي دون أن تبدو متصنعة؟ اختارت بدلة كحلية أنيقة مع قميص أبيض مكوي بعناية. أضافت سلسلة بسيطة وساعة أنيقة — إكسسوارات قليلة لكنها مدروسة بدقة. جلست على حافة السرير، أخرجت مفكرتها الصغيرة من حقيبتها وراجعت النقاط التي قد تحتاج لذكرها خلال العشاء: آخر الصفقات التي درستها، بعض الأسماء المهمة التي يجب أن تتذكرها، والنقاط التي تود أن تبرزها عن عملها. أخذت نفسًا عميقًا، محاوِلة تهدئة توترها الداخلي، وابتسمت بخفة لنفسها في المرآة: "كل شيء تحت السيطرة."

كانت تضع اللمسات الأخيرة على مظهرها عندما سمعت جرس الباب يرن فتوجهت بسرعة لتفتحه، دخلت صديقتها جنان بابتسامة واسعة تحمل معها طاقة دافئة خففت قليلًا من التوتر في الأجواء.
"جاهزة للغزو الكبير؟" سألتها ممازحة وهي تضع حقيبتها جانبًا وتتقدم نحوها.
ضحكت حنين وهي تلتقط فرشاة شعرها مرة أخرى، تمررها بسرعة فوق خصلاتها:
"أحاول أن أكون. دعيني أقول إنني متوترة أكثر مما توقعت."
اقتربت منها، تحدق بها بتمعن و إعجاب :
"تبدين رائعة، دروسي لم تذهب سدا. جدّية وأنيقة، بالضبط كما يجب أن تكوني."
ثم مالت نحوها وهمست بمكر:
"لكن لا تنسي أن تظهري بعض العفوية... يحبون أن يشعروا أنك حقيقية."
ابتسمت، وأخذت نفسًا عميقًا وهي ترتب ياقة قميصها أمام المرآة: "أعرف، أحاول ألا أبدو متوترة. لا أريد أن يشعروا أنني أجهد نفسي لأُرضيهم."
جلست صديقتها على طرف السرير، تراقبها بنظرة مشجعة:
"هم من يجب أن يحاولوا إرضاءك أيضًا. تذكري، أنت تملكين ما يكفي لتكوني في هذا العشاء، وإلا لما دُعيت أصلاً."
توقفت للحظة، تنظر إليها بامتنان، وكأن كلماتها أعادت ترتيب شيء ما داخلها.
"شكرًا... كنت بحاجة لسماع هذا."
نهضت جنان، التقطت معطفها، وقبل أن تغادر، قالت مبتسمة: "كوني ذكية، واثقة، وعلى طبيعتك. الباقي سيأتي وحده."

💫💫💫

ارتدت معطفًا خفيفًا وحذاء بكعب متوسط يناسب المناسبة دون أن يرهقها. رشّت قطرة خفيفة من عطر ناعم بالكاد يُلحظ، ثم خرجت من شقتها بخطى ثابتة. في طريقها إلى العشاء، كانت تراجع في ذهنها بعض العبارات الذكية التي قد تستخدمها لكسر الجليد، لكنها في قرارة نفسها كانت تعرف: صدقها وثقتها هما ما سيجعلها تترك الأثر الحقيقي.
ما إن أغلقت الباب خلفها، حتى سمعت صوت محرك سيارة مألوف يهدئ من توترها. كان علي ينتظرها عند الرصيف بسيارته السوداء الصغيرة. شدت معطفها حولها جيدًا ومشت بخطى ثابتة نحو السيارة، والهواء الليلي البارد يلسع وجنتيها برفق.

في اللحظة التي نزلت فيها درجات المدخل، توقفت فجأة، على بُعد خطوات، كان يقف شخص تعرفه جيدًا. لوهلة تجمدت في مكانها لكنها استعادت هدوءها بسرعة، كان يقف بجانب مدخل العمارة، يتحدث إلى شخص عبر هاتفه، قبل أن يرفع عينيه مصادفة ويلتقي نظره بها. بدت ملامحه مذهولة للحظة قصيرة، خفض الهاتف ببطء، وكأنه نسي تمامًا المكالمة التي كان يجريها ونظر إليها بعيون مليئة بالدهشة والأسئلة. ترددت بين أن تحييه أو تواصل طريقها، لكنها تماسكت. بدت له مختلفة — أكثر نضجًا، أكثر قوة. فستانها الأنيق، خطواتها الواثقة، والهالة الهادئة التي تحيط بها، كلها أشياء لم يعتد أن يراها بهذا الشكل من قبل.
اقترب بخطوتين مرتبكتين، ثم قال بصوت خافت وكأنه لا يصدق: "أهذه أنت حنين؟!!."
ابتسمت ابتسامة خفيفة رسمية، لا تنتمي إلى أيامهما الماضية، وقالت بهدوء:
"أعذرني يجب أن أذهب فأنا مستعجلة."
لكن قبل أن يسألها عن وجهتها، كان أخاها قد أطل من نافذة السيارة، يناديها:
"حنين! أسرعي سنتأخر!"
أشارت إليه بيدها مطمئنة، ثم التفتت نحو إبن عمها بنظرة مختصرة لا تحمل مجالًا للكثير من الكلام: "عمت مساءا."
ثم مشت نحو السيارة دون أن تلتفت، ركبت إلى جانب علي وأغلقت الباب بهدوء. من طرف عينها، لمحت ملامحه — واقفًا هناك، ثابتًا مكانه، كأنه تمثال صخري.

انطلقت السيارة وسط صمت قصير بينهما، قبل أن يكسره علي مبتسمًا: " كأنه صدم من مظهرك، معه حق فهو لم يراك بهذا الجمال من قبل!"
ضحكت بخفة، تنظر إلى الأمام بعينين تلمعان بالقوة: " لقد صار مجرد شخص من الماضي."
توقفت السيارة أمام مدخل أحد افخم المطاعم في المدينة. كان الواجهة مضاءة بأضواء دافئة أنيقة، والاسم محفور فوق الباب بلون ذهبي لامع، يدل على مكانته الرفيعة.
أطفأ علي المحرك وأدار وجهه نحوها:
"هل أرافقك أم أعود إليك حين ينتهي اللقاء؟"
ابتسمت له بامتنان، وقدّرت في داخلها قلقه الأخوي: " لا داع لمجيئك، سأتصل بك قبل أن أخرج بقليل." 
هزّ رأسه بتفهم و تمنى لها حظا موفقا.
💫💫💫

عدلت معطفها وتنفست بعمق، فتحت الباب ونزلت بخطوات ثابتة. وقفت لحظة أمام المطعم، تصلح وضع حقيبتها الصغيرة، ثم اتجهت نحو المدخل. أحد العاملين فتح لها الباب بأدب، وأومأ لها مرحبًا: "مساء الخير، آنسة. على أي طاولة الحجز؟"
ابتسمت بلطف وأجابت بثقة:
"على اسم شركة 'ألفا تكنولوجي'."
راجع النادل قائمة الحجز سريعًا، ثم انحنى قليلًا مشيرًا لها بالدخول: "من فضلك، تفضلي من هنا."
سارت خلفه عبر صالة الاستقبال الفخمة، التي يغلب عليها الطابع الكلاسيكي مع لمسات عصرية. كانت الأضواء خافتة، والأجواء يغمرها مزيج من الموسيقى الهادئة ورائحة الزهور الطبيعية. اقتربت من الطاولة بخطوات هادئة، لم تكد تصل حتى وقف رجل أنيق في منتصف العمر، يرتدي بدلة فاخرة وربطة عنق بسيطة لكنها تعكس ذوقًا عاليًا. كان يحمل كأسا من الماء بيده، وحين رآها، ابتسم ابتسامة مهنية دقيقة، ثم تقدم نحوها بخطوة محسوبة.
"مساء الخير، آنسة... لا بد أنكِ الآنسة حنين؟" قالها بنبرة ودودة لكنها رسمية.
أجابت بابتسامة رزينة وهي تمد يدها لمصافحته:"نعم، مساء الخير. تشرفت بلقائك."
صافحها مصافحة خفيفة لكنها واثقة، ثم أشار بيده نحو أحد الكراسي الشاغرة إلى جانبه:"أنا المحامي نذير عزيز، مستشار قانوني لشركات ال طوروس."
جلست بهدوء، واضعة حقيبتها الصغيرة إلى جانبها، وأجابت بحذر دبلوماسي:
"أهلاً وسهلاً أستاذ نذير. سمعت كثيرًا عن شركتكم."
هزّ رأسه موافقًا، وابتسم ابتسامة قصيرة قبل أن يميل قليلاً للأمام، يخفض صوته وكأنه سيدخل مباشرة في صلب الموضوع:
"بصراحة، نحن نبحث عن مساعدة تنفيذية لرئيس مجلس إدارة شركتنا. شخص بكفاءتكِ، مع خبرة جيدة في تنظيم الأعمال ومهارات تواصل عالية... قد تكونين بالضبط ما نحتاجه."

شعرت ليان بقلبها يخفق قليلاً من وقع الكلمات، لكنها ظلت محافظة على مظهرها المهني. وضعت يديها برفق فوق الطاولة، ونظرت إليه بثقة دون مبالغة:
"أشكر ثقتكم. بالطبع يشرفني سماع التفاصيل أكثر. ما هي طبيعة المهام المطلوبة بالضبط؟"
ابتسم المحامي ابتسامة خفيفة تدل على إعجابه بطريقة إدارتها للموقف، وأكمل وهو يتحدث بوضوح: "المهام تتراوح بين الإشراف على جدول الأعمال، التنسيق مع كبار العملاء والشركاء، حضور الاجتماعات الهامة، وإدارة بعض الملفات الحساسة الخاصة بالإدارة العليا. نبحث عن شخص يملك القدرة على التحرك بثقة بين الدوائر العليا، ويحافظ على السرية التامة."

أومأت برأسها بتفهم، وعينها تلمعان بالتركيز. كانت تعرف أن هذا النوع من الفرص لا يتكرر كثيرًا، لكنها أيضاً تدرك أن حجم المسؤولية سيكون كبيرًا. "يبدو تحديًا مثيرًا للاهتمام،" قالت بابتسامة رصينة، ثم أضافت: "هل هناك خطوات تالية محددة للمضي قدمًا في هذا الحديث؟"
ابتسم المحامي بتقدير، وأخرج بطاقة عمل أنيقة من جيبه، وضعها أمامها برفق:"أعجبتني طريقتكِ في التقديم، من راهن عليك كان يدرك إلى أي مدى يمكن الإعتماد عليك. سأتواصل معكِ خلال اليومين القادمين. سنحتاج إلى تقييم مباشر قبل إتمام أي اتفاق."

تناولت البطاقة بأناقة، شكرت المحامي بلطف، وشعرت بشعور خفي من الرضا يتسلل إلى أعماقها. هذه الليلة كانت بداية جديدة، لا شك في ذلك.
في الخارج، كان شقيقها ما زال ينتظر بصبر، دون أن يعلم أن اللحظة التي دخلت فيها أخته هذا المطعم، كان بداية فصل جديد تمامًا في حياتها.

بعد انتهاء العشاء، وبينما كانت تجمع أغراضها استعدادًا للمغادرة، اقترب المحامي نذير منها مجددًا. كان يحمل في يده هاتفه ويبدو وكأنه تردد قليلاً قبل أن يتحدث.
"بالمناسبة، آنسة حنين..." قال بنبرة أخف، وكأنه يهيئها لخبر مختلف،
" السيد فؤاد، موجود حاليًا في منزله الريفي. كان من المفترض أن نرتب لقاء رسمي خلال الأسبوع القادم، لكن يبدو أنه بحاجة لمساعدة ذكية بشكل عاجل."

رفعت حاجبيها باهتمام، فأكمل موضحًا:
"المنزل هناك، كما تعرفين، بعيد عن ضوضاء المدينة، وهو يفضل إدارة بعض التفاصيل الحساسة بعيدًا عن الأضواء. سألني إن كان بإمكانك أن تلتقيه هناك، بطريقة غير رسمية أولًا، فقط لمساعدته في ترتيب بعض الملفات العاجلة ومراجعة بعض العقود التي تحتاج إلى متابعة سريعة."
ترددت للحظة، تفكر بسرعة. اللقاء خارج الإطار التقليدي يبدو غريبًا قليلًا، لكن فكرة أن يتم اختيارها لمهمة كهذه قبل أن تبدأ رسميًا كانت دليلاً على ثقة محتملة بقدراتها.
نظرت إلى المحامي بعينين ثابتتين، وسألته بهدوء: "ومتى يتوقع حضوري؟"

ابتسم السيد نذير ابتسامة مطمئنة، كأنه كان يتوقع هذا السؤال: "غدًا صباحًا إن أمكن. سأرسل لك العنوان الليلة. المنزل لا يبعد كثيرًا عن المدينة، ساعة تقريبًا بالسيارة."
أومأت موافقة، رغم شعور خفيف بالقلق كان يدور في أعماقها — لكنه لم يكن قلق الخوف، بل قلق التحدي.
"مفهوم. سأكون هناك." أجابت بثقة.

ناولها مظروفًا صغيرًا، فيه بعض التعليمات الأولية والملفات التي يجب مراجعتها قبل اللقاء، ثم ودعها بأدب. خرجت من المطعم، حيث كان علي ينتظرها في السيارة. فتحت الباب وجلست وهي تتنهد، تحمل بين يديها بداية قصة جديدة لم تكن تتوقعها.
"هاه، كيف كان العشاء؟" سألها وهو يراقبها من طرف عينه.
ابتسمت وهي تتأمل المظروف بين يديها:
"أظن أن الأمور للتو أصبحت أكثر جدية."

بينما كانت السيارة تنساب بهدوء عبر شوارع المدينة، غمرها سيل من الذكريات. لم يكن هذا اللقاء قد جاء مصادفة أو من باب المجاملة السطحية. قبل أكثر من شهر، كانت حنين قد عقدت إتفاق مع السيد محمود *** بأن تساعده في الفوز بالمناقصة مقابل أن يساعدها في الوصول إلى السيد فؤاد أو أحد مدراء المجموعة. لم يخب ظنها فقد اتصل بها منذ أسبوع و طلب منها أن ترسل له سيرتها الذاتية التي لاقت استحسانا لدى محامي المجموعة أو هذا ما أظهره له. فقد أخبره يومها عن السيد فؤاد، وكيف أنه يبحث عن شخصية نادرة تجمع بين الذكاء العملي والدقة والثقة بالنفس — وهي الصفات التي رأى أنها تجسدت فيها تمامًا.
💫💫💫

جلس عزت في المقهى الفخم، يراقب ساعته للمرة الثالثة خلال خمس دقائق، يحاول أن يبدو متماسكًا بينما في داخله شيء ثقيل ينهشه ببطء.
وصلت فتون، حبيبته، بخطوات واثقة، وأناقتها اللافتة تعلن بوضوح انتماءها إلى عالم المال والنفوذ الذي طالما حلم سامر أن يكون جزءًا منه.
ابتسم لها مجاملة وهو ينهض لاستقبالها، فبادلته بابتسامة واسعة مليئة بالثقة.
"تأخرت عليك؟" سألت وهي تضع حقيبتها الباهظة على الكرسي المجاور.
هز سامر رأسه ونفى:
"لا، لقد وصلتِ في الوقت المناسب."
جلست فتون وبدأت تتحدث بحماس عن ترتيبات حفل خطوبتهما الكبير، عن الضيوف، والهدايا، والمكان الفخم الذي سيحتفلون فيه.
كان يسمع كلماتها، لكنه لم يكن يصغي حقًا.
لا تزال صورة حنين عالقة في ذهنه منذ تلك المصادفة القصيرة. بسيطة، رقيقة، حقيقية... لم تحاول يومًا أن تتجمل بما لا تملكه، ولم تسعَ للفت الأنظار. كانت أحلامها أكبر من أن تُختزل في حقيبة يد فاخرة أو حفل مبهرج.
تملكه للحظة شعور مبهم بالاختناق، لكنه قاومه بقسوة. سعى نحو النجاح بأي ثمن، واختار الطريق الأسرع: خطبة فتون، ابنة العائلة الثرية، بوابته إلى عالم لا مكان فيه لأحلام حنين الطفولية كما كان يسميها ساخرًا.
"عزت؟ أين سرحت؟" سألت فتون بضحكة خفيفة، تمسك بكفه عبر الطاولة.
ابتسم مجبرًا، وقال:
"كنت أفكر كيف ستكون حياتنا الجديدة..."
لمعت عيناها غرورًا، وأجابت بثقة:
"ستكون سعادة و نجاح."
هز رأسه موافقًا، بينما داخله صوت خافت يتساءل: هل سهولة الطريق تعني بالضرورة أنه الطريق الصحيح؟ لم يجب عن السؤال.
كل ما فعله هو أن شدّ يدها بقوة أكبر، كمن يثبت نفسه في المكان الذي اختاره عن قناعة.
💫💫💫

في غرفتها الصغيرة، جلست حنين على طرف السرير، تحدق في الحقيبة المفتوحة أمامها.ملابسها مرتبة بعناية، دفتر ملاحظاتها في جيب جانبي، وزجاجة عطرها المفضل بين الثياب — لم تأخذ الكثير، فقط ما يكفي لبدء مرحلة جديدة.
مدّت يدها تتحسس حقيبتها، كما لو كانت تلمس حلمها بيديها. عاشت هنا كل تفاصيل طفولتها وشبابها... والآن، تستعد لخطوتها الأولى بعيدًا عن هذا الحضن الدافئ.
أغمضت عينيها وأخذت نفسًا عميقًا، لم تكن خائفة بالمعنى الحقيقي، لكنها شعرت بتلك الرجفة الخفيفة التي تصاحب كل بداية كبيرة مزيج من الحماس والقلق والرهبة.

هل ستكون على قدر المسؤولية؟
هل تستطيع أن تصنع لنفسها مكانًا في عالم الكبار؟ همست بصوت بالكاد يُسمع:"أنا مستعدة... مهما كان الطريق صعب."

ابتسمت لنفسها، وربطت سحاب الحقيبة بإحكام. غدا، ستودع كل شيء عرفته، وسترحل حاملة في قلبها حلمًا واحدًا: أن تثبت نفسها، أن تنجح، لا لأجل أحد... بل لأجلها وحدها.

في ساعات الصباح الأولى، مع أول خيوط الشمس، هاهي تقف عند الباب، حقيبتها بيدها، تبتسم رغم ارتجاف قلبها، مستعدة أن تخطو أول خطوة نحو حياة جديدة تنتظرها.

بدأت رحلتها المثيرة عبر طريق تمتد هادئة ومليئة بالخضرة، داعب النسيم البارد أطراف شعرها بينما السيارة تنساب وسط الريف، بعيدًا عن صخب المدينة. 
جلست في المقعد الأمامي إلى جانب السائق الذي أرسلته الشركة خصيصًا لإيصالها، تنظر من النافذة إلى الحقول الممتدة بلا نهاية، 
وتحس بشيء يشبه الحنين... 
لكنه حنين غامض لمكان لم تصل إليه بعد.

بينما كانت تقترب من العنوان المحدد، لم تستطع منع ذاكرتها من الغوص إلى الوراء، إلى أيام الجامعة.

الدكتور فؤاد طوروس.

ذلك الاسم ليس غريبًا عنها. كان أستاذها في مادة "إدارة الأعمال المتقدمة"، الرجل الذي كان يلقي محاضراته بثقة نادرة، ويزرع في طلابه فكرة أن العالم الحقيقي لا يرحم المترددين. 
تذكر جيدًا كيف كان يلاحظ اجتهادها، 
لم تنسى تعليقه على أحد مشاريعها آنذاك الذي ظل محفورًا في ذاكرتها: "لديكِ ذكاء تنظيمي نادر...
 لو استمريتي بهذا المستوى، 
ستصلين بعيدًا."

لم تتخيل يومًا أن القدر سيلتف بها بهذه الطريقة، ليجمعها به مرة أخرى، ولكن ليس كطالبة، 
بل كشريكة محتملة في ساحة العمل.
ابتسمت بخفة وهي تشد على حقيبتها الموضوعة فوق ساقيها.

 "أحيانًا، الحياة تمنحنا فرصة ثانية لنثبت أنفسنا... 
أمام أول من رأى إمكانياتنا."

توقفت السيارة أمام بوابة المنزل الريفي الأنيق، المحاط بحديقة خضراء يعبق فيها عبير الياسمين وأصوات العصافير.

 فتحت حنين باب السيارة بيد مترددة، ثم أخذت حقيبتها وجلست للحظة قبل أن تنهض، وكأنها تجمع شجاعتها لدخول عالم جديد لا تعرف عنه إلا القليل.

طرقت الباب الخشبي بلطف، وما إن مرت بضع لحظات حتى فُتح الباب لتجد أمامها الدكتور فؤاد بنفسه... 
لم يكن كما تعرفه تماما.
 شاب في بداية الثلاثينات، ملامحه هادئة و ودودة، عيناه فيهما شيء من الحزن العميق، وكأن العمر سرق منه شيئًا ثمينًا قبل أوانه.
 بدا أنيقًا دون تكلف، قميص بسيط وسروال قماشي مريح، لا أثر للرسميات المتوقعة. 
ابتسم حين رآها وقال بصوت دافئ:
"أهلاً بك حنين... تفضلي بالدخول."
أومأت برأسها بخفة ودخلت. 
لم تعرف السبب تحديدًا، لكن شعورًا غامضًا بالرهبة والفضول تملّكها في اللحظة التي خطت فيها داخل البيت. 
الديكور كان بسيطًا ودافئًا، يعكس روحًا عملية ولكن فيها لمسة حميمية خفية: ألعاب أطفال متناثرة بجانب الأريكة، بطانية صغيرة مطوية بعناية على ذراع الكرسي، وزجاجة رضاعة موضوعة فوق الطاولة.

شعرت بالارتباك الخفيف، لكنها أخفت دهشتها بلباقة.

"يبدو أن هناك طفلًا هنا..." فكرت، لكنها لم تسأل، فليس من اللائق الغوص في تفاصيل شخصية لم تُفتح أمامها بعد.

أشار لها فؤاد أن تجلس، ثم جلس قبالتها واضعًا ملفًا صغيرًا بينهما على الطاولة. 
قال وهو يفتح الملف: "أعلم أن هذا اللقاء غير تقليدي... وأعلم أيضًا أنك ربما تساءلتِ عن طبيعة المهمة."

ابتسمت حنين بخفة وقالت باحترافية:
"كل ما أعلمه أنني هنا لأقدم المساعدة، والباقي أتركه لتوضيحكم."

أومأ برأسه بإعجاب. "ممتاز. المطلوب ببساطة هو أن تكوني يدي اليمنى خلال هذه المرحلة.
 لدي التزامات عملية كثيرة وشخصية أيضًا... وأحتاج إلى من أثق به لمتابعة الملفات، تنسيق المواعيد، والقيام ببعض المهام الخاصة، بما فيها التعامل مع بعض الشؤون العائلية."

ارتفعت حاجباها قليلاً دون أن تبدي أي تعليق. شؤون عائلية؟ لم تتوقع أن يمتد دورها إلى ما هو أبعد من العمل البحت.

تابع فؤاد بهدوء: "لا داعي للقلق. كل شيء سيتم ضمن حدود واضحة. فقط... 
قد تضطرين أحيانًا للتعامل مع بعض التفاصيل التي تتطلب حساسية وصبرًا." 
قبل أن ترد، سُمِع فجأة صوت بكاء خافت يأتي من غرفة مجاورة.

تجمدت حنين لوهلة، 
والتفتت نحو الصوت بفضول لا تستطيع كبحه.نهض فؤاد بهدوء وقال مبتسمًا باعتذار:
"عذرًا لحظة... يبدو أن صغيرتي تحتاجني."

وغاب خلف الباب، ليكشف لها دون أن يقصد أن حياته تحمل خلف الكواليس قصة لم تكن تعرفها...
 قصة رجل شاب حمل عبء الأرملة مبكرًا، وأصبح أبًا لطفلة رضيعة، يكافح ليوازن بين عالمه المهني وألمه الشخصي.

جلست في مكانها، تحدق نحو الباب المغلق، وإحساس جديد بدأ يتشكل في قلبها جعلها تهمهم بخفوت: لم تعد المهمة مجرد خطوة مهنية... 
بل بدت وكأنها بداية دور أكبر مما تخيلت.

بعد لحظات قليلة، عاد فؤاد حاملاً بين ذراعيه طفلة صغيرة، بالكاد تجاوزت النصف سنة. 
كانت ملفوفة ببطانية قطنية ناعمة، ووجهها يحمر من البكاء الخفيف الذي بدأ يخفت شيئًا فشيئًا وهي تتكور في حضنه بأمان.

رفعت حنين نظرها نحو المشهد أمامها، وعقدت الدهشة قلبها للحظة.
 لم يكن هذا ما توقعته حين فكرت بوظيفتها الجديدة، 
ولم تتخيل أن ترى هذا الجانب الإنساني المباغت من رجل ظنته يومًا رمزًا للصرامة الأكاديمية.

ابتسم فؤاد بخجل خفيف وقال وهو يهدهد الصغيرة: 
"آسف... لم أخبرك أن هناك شريكة صغيرة في هذا المشروع."
ضحكت بخفة، وانفكت من تحفظها تدريجيًا، ثم قالت مازحة: "يبدو أنها المديرة الحقيقية هنا."
هز رأسه موافقًا بابتسامة:"بالتأكيد... وأنا مجرد مساعدها."
اقترب أكثر وجلس، بينما الطفلة تحدق بحنين بعينيها الواسعتين الفضوليتين. 
مدت يديها نحوها بحركة طفولية عفوية جعلت الفتاة تبتسم لها وتفتح ذراعيها بتردد لطيف، فنقلها فؤاد إليها برفق قائلاً: "اسمها لوجي."
استقبلت الصغيرة بين ذراعيها بحذر، لكنها سرعان ما ارتاحت للطريقة التي استكانت بها الطفلة إلى صدرها.
 شعرت بنبضة دافئة تنتشر داخلها، مزيج من الحنان غير المتوقع والمسؤولية الجديدة التي بدأت تتضح معالمها.

جلس فؤاد متأملاً هذا المشهد لبضع لحظات، قبل أن يستعيد نبرته العملية الهادئة:
"حنين... الوظيفة التي أعرضها عليكِ تتطلب الكثير من المرونة، والصبر... ليس فقط مع الأعمال الإدارية، بل مع تفاصيل حياتية قد تكون مربكة أحيانًا."
نظر إليها بعينين فيهما رجاء خفي:
"أحتاج إلى شخص أثق به...

 someone who can handle chaos with grace. »

نظرت حنين إلى الصغيرة بين ذراعيها، ثم رفعت عينيها إلى مرؤوسها، وفي قلبها بدأت تتشكل ملامح قرار واضح.
ابتسمت بهدوء وقالت: "أعتقد أنني مستعدة."

في تلك اللحظة، أحست أن الحياة لا تفتح لك أبواب النجاح وحده... بل تختبرك أولاً، لترى هل أنت مستعد أن تحمل الآخرين معك، لا أن تصعد وحدك.
💫💫💫

قاعة الاجتماعات الكبرى في الشركة كانت تغرق في ضوء الشمس المنسكب عبر النوافذ الضخمة والطاولة الطويلة المصقولة تعكس لمعة خفيفة تحت الأضواء المدروسة بعناية.

على رأس الطاولة، جلس مراد يرتدي بدلة فاخرة بلون داكن، قميصه الأبيض يبرز سواد شعره الفاحم المصفف بإتقان. 
ملامحه كانت مشدودة، قوية، فيها ذاك الهدوء الصارم الذي يفرض الاحترام دون حاجة إلى كلمات كثيرة.

من حوله، جلس طاقمه المختار بعناية: مدراء تنفيذيون، مستشارون قانونيون، وأخصائيون ماليون. كل واحد منهم بدا مستعدًا لالتقاط كلماته كأنها أوامر.

بجواره، وقفت مساعدته الخاصة امرأة فاتنة بجمال فخم، ملامحها حادة ودقيقة: عيناها سوداوان كالحبر، شفاهها مشدودة، وقوامها الرشيق يوحي بالقوة بقدر ما يوحي بالنعومة.

ارتدت بذلة رسمية أنيقة بلون رمادي قاتم، شعرها مربوط إلى الخلف في ذيل حصان أنيق، مما أبرز تقاطيع وجهها القوي.

بدأ الاجتماع بنبرة واثقة:
طرق الشاب بأطراف أصابعه على الطاولة مرة واحدة فقط، فجعل الغرفة كلها تصمت.

قال بصوت عميق وحازم:
"لدينا مرحلة انتقالية دقيقة... 
إما نرتقي بها أو نتراجع إلى الخلف."
أشار بيده إلى الملفات أمام كل منهم، وتابع بلهجة لا تحتمل الجدل:
"هذه خطط الأقسام للأشهر الستة القادمة. 
كل فريق مسؤول عن تنفيذ مهامه دون تأخير.

لن أقبل أعذارًا. ولن أكرر نفسي."

المساعدة، بحركة خفيفة ورشيقة، وزعت بعض الوثائق الإضافية، توقفت لحظة خلفه، تهمس له بهدوء بكلمة صغيرة حول أحد البنود التي لم ينتبه له أحد سواها.
 أومأ برأسه بإشارة صغيرة تؤكد أنه التقط الملاحظة.

كانا يعملان بتناغم نادر كأنهما يتحدثان بلغة سرية يفهمها الاثنان دون أن يحتاجا إلى شرح.

مع تقدم الاجتماع، عرضوا مشاريع جديدة، ناقشوا شراكات استراتيجية، لكن كان واضحًا أن من يقود السفينة— بثقة نادرة وكاريزما جذبت حتى أعين من حاولوا معارضته.

انتهى الاجتماع، وغرق الطابق العلوي من الشركة في هدوء ثقيل، لا يُسمع فيه سوى أزيز أجهزة التكييف الخافتة.

في القسم الفخم، جلس مراد خلف مكتبه الواسع،ربطة عنقه مفكوكة قليلًا بطريقة أنيقة تعكس مزيجًا من الصرامة واللامبالاة الظاهرة.

دخلت مساعدته ديلارا تدق الأرضية بخطواتها الدقيقة والمضبوطة كما لو كانت تؤدي رقصة مدروسة. 
في يدها ملفات تحتاج توقيعه، وفي عينيها وميض خفي... محاولة مدروسة لاختراق صموده.
 وضعت الأوراق أمامه برفق، ثم وقفت للحظة، تنتظر أن تلتقط منه كلمة، أو حتى نظرة تختلف عن البرود المعتاد.
قالت بنبرة رقيقة تخفي جهدها المبذول:
"أظن أنني بدأت أفهم تمامًا طريقتك في الإدارة. العمل معك... يلهمني."
رفع عينيه إليها بهدوء بارد، نظرة سريعة، تقييم صارم، دون أي ارتباك أو انجذاب.
كانت نظرته كرجل يرى أمامه زميلًا، أداة عمل... 
لا أكثر. رد بجفاف مهذب: 
"الإلهام الحقيقي لا يأتي من الأشخاص، بل من الهدف نفسه. ركزي على هدفك." 

تورد خفيف علا خديها، لكنها أخفته بإيماءة صغيرة وابتسامة رسمية، ثم استدارت وغادرت بخطوات حذرة، تجر وراءها ظلال خيبة خفيفة حاولت أن تخفيها.

بقي وحده، حدق في النافذة الزجاجية الشفافة الممتدة أمامه، يرى أضواء المدينة تتلألأ تحت سماء رمادية. 
فكر في نفسه بمرارة هادئة:"كل هذا العالم المليء بالأضواء والوجوه اللامعة...و مع ذلك لم أجد من تحرك في شعورا حقيقيا!!!." 
كان قلبه ينتظر شيئًا آخر...امرأة لا تشبه الأخريات، امرأة تظهر فجأة، بعفوية تهدم كل الحصون التي بناها حول روحه المتعبة.

كان يبحث عن امرأة واحدة فقط... امرأة لم يرها بعد — لكنه يشعر أنها موجودة في مكان ما....
💫💫💫

بعد تناول الفطور، انظمت حنين إلى السيد فؤاد في الحديقة، انتبه إلى وجودها، فابتسم ابتسامة خفيفة، ثم سلّم الطفلة إلى مدبرة المنزل التي اقتربت على الفور. قال لها بنبرة حازمة ودافئة: "اعتني بها جيدًا، لا أريدها أن تبكي أو تشعر بغيابي."

ثم التفت إلى حنين وأشار نحو الرواق قائلاً بصوت هادئ:
"تفضلي معي إلى المكتب."
سارت خلفه بخطوات ثابتة، بينما كانت عيناها تراقبان الصغيرة للحظة، قبل أن تختفي عن أنظارها. دخلت المكتب، فوجدته غرفة رحبة يغمرها ضوء الشمس، جدرانها مكسوة برفوف الكتب والملفات. جلس خلف مكتبه الخشبي الكبير، وأشار لها بالجلوس قبالته.

ساد صمت قصير، كأن كلًّا منهما يحاول أن يتلمس ملامح الآخر من جديد.

قال أخيرًا، بنبرة رسمية جادة:
"حنين، وجودك هنا لا يعني أنكِ مجرد مساعدة إدارية فحسب. ستكونين يدي اليمنى في إدارة ملفات دقيقة، وأعتمد عليكِ في إنجاز مهام لا تحتمل الخطأ."
أومأت برأسها بإصرار وقالت بثبات:
"أدرك تمامًا حجم المسؤولية، وأنا مستعدة لأن أكون على قدر الثقة."
فتح أحد الأدراج وأخرج ملفًا رفيعًا، ووضعه أمامها قائلاً:
"هذا أول ملف ستعملين عليه. اقرئيه بهدوء، دوني ملاحظاتك الأولية، وسنناقشها معًا مساءً."
وقبل أن تبدأ بالاطلاع عليه، أضاف بجملة خافتة وهو يحدق من النافذة نحو الحديقة، حيث كانت الطفلة تلوّح بذراعيها الصغيرتين:
"الحياة كثيرًا ما تضعنا في أدوار لم نستعد لها... ولكن علينا أن نستمر."

💫💫💫

في الطابق السفلي لأحد الأبراج القديمة في قلب إسطنبول، جلس رجل طويل القامة، بملامح قاسية وعينين ضيقتين، خلف مكتب معدني بارد يتميز بالإضاءة خافتة، ورائحة الدخان تعبق في الجو. أمامه خريطة رقمية للشركة الرئيسية. على الشاشة ظهرت صورة الشاب الوسيم محاطة بسلاسل من المعلومات: شركاؤه، تحركاته، وأهم نقاط ضعفه المحتملة.
ابتسم بهزات ابتسامة مائلة، مليئة بالازدراء و الخبث طرق بأصابعه على الطاولة، ثم قال لمساعده الواقف جانبًا:
"تظنه لا يُقهر...؟ لا أحد محصن إلى الأبد."
ألقى نظرة جانبية إلى صورة الطفلة الصغيرة،
ثم همس بنبرة منخفضة قاتمة:
"سنضربه حيث لا يتوقع... حيث يؤلمه أكثر."

ضحك ضحكة قصيرة مكتومة كشفت عن أسنان كريهة كأنها مرآة لروحه، ثم انطفأت الشاشة فجأة، كأنها تخشى أن ترى خططه تتجسد.

من خلفه، دخلت فتاة شقراء تتمايل في مشيتها،
ممشوقة القوام، أنيقة المظهر، ترتدي فستانًا أبيض بسيطًا لكنه فاضح بطريقة محسوبة.

عيناها الزرقاوتان فيهما بريق ذكاء مغلف بالبراءة الكاذبة. تقدمت نحوه بخطوات ناعمة، وقالت بنبرة مغرية: "لم أتصور أن تدعوني لمثل هذا النوع من الأعمال."

استدار نحوها ببطء، ابتسامة خطيرة على شفتيه،
"أنتِ تعرفين العائلة جيدًا"
و أضاف بنبرة هادئة مميتة: "خاصة الشقيق الأصغر... وزوجته الراحلة. كنتِ قريبة جدًا، أليس كذلك؟"
رفعت حاجبها بخفة، تبتسم وكأنها تستمتع بالتحدي: 
 "قريبة بما يكفي لأدخل دون أن يشك بي أحد."
رمى لها ظرفًا بنيًا فوق الطاولة.

"مهمتك بسيطة: كوني قريبة منهم. احصلي على أسرارهم. و خاصة.. راقبي الطفلة."

تناولت الظرف بخفة، فتحت حقيبتها الجلدية الأنيقة، وأخفته بعناية، ثم رفعت عينيها إليه وقالت بابتسامة خبيثة: "اعتبر الأمر منتهيًا."

بعد خروجها، وقف لحظة طويلة ثم همس لنفسه بصوت لا يكاد يُسمع: "كل شخص له ثمنه... حتى أولئك الذين يظنون أنهم فوق كل شيء."


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1