![]() |
رواية غراب الياقوت الفصل الرابع بقلم رحمة أيمن
بعد ثلاث أيام.. 8:30 صباحاً
« السلام عليكم يا بشمهندسة ياقوت»
« وعليكم السلام يا عُمر عامل إيه »
« أنا بخير الحمدلله، كنت عايز اسالك عن فكرة وإقتراح لو عندك وقت يعني»
« اكيد تحت أمرك، اتفضل لمكتبي الخاص من هنا»
ابتسم بإحترام ودخلت المكتب بتاعي وفتحت الباب علي اخره ولسه بترف عيني لقيت صقر فيه، كنت لسه هتكلم لقيته حرك عيونه الاتجاه التاني وسلّم علي اللي جنبي بتكلف وتحرك لبرة
بلعت ريقي بضيق وأنا بحاول اتعامل عادي وقعدت اتناقش مع عُمر واصرف نظر
عن زعل صقر، علي حزن الفريق، وعلي عدم وجوده.
عدا 3 أيام ولسة مجاش الشركة من يومها، كنت عارفة انه هلقي صعوبة في انضمامه
هلقي تمرد، عصبية، عناد لكن اختفائه عكس كل التوقعات بنسبالى، معقول استقال
لكن لو ده حصل كان عمل ده من زمان ومستحملش كل الاهانات دي وانا واثقه انه كبريائه قوى وكان محتاج فرصة واحدة انه يتحرر من المكان ده ومكانش قادر ولا عارف وكأنه مجبور، مجبور علي وجوده هنا!
ودى شفرة لسه ماقدرتش احلها.
اختفائه حصل قبل كده؟ امم مرتين لكن كان برجع بعدها بأيام وكل علامات السخط والكره والضيق محفورين في ملامحه لدرجة تجذبك وتخوفك وتزيد علامات الاستفاهم حوليه اكتر واكتر في عيونك
آااه يني أنا تعبت! أعمل إيه؟
أثق في قراري وحدسي واتشبث بورقتي اكتر ولا ارميها وأقول مطلعتش الكومي!..
« ياقوتي؟! »
عدّلت وضيعتي ورفعت عيني لبرة علي صوته المميزة فحضنتها عيونه الجريئة وإبتسامته اللي بتدعمني بوجوده ديما فابتسمت اشوارله بعيوني ونطقت بأسى
« إبهار! »
« بعدين، لينا قاعدة مع بعض، لكن حالياً الساعه 8:59... اممم 9:00! الاجتماع بدأ بشمهندسة ياقوت يلا»
رفع ساعته قدامي ينبهني فابتسمت وحركت راسي بالإيجاب وتحركت ورا بعد ما جمعت ورقي وخرجت بخطوات واثقه وأنا باخد شهيق وزفير علشان مروحش افتح راس صقر اللي ناقم عليا ده، منه لله اللي كان السبب!
حلال عليه لقبه والله، الغراب! .. غرابي!
« انتهى الأجتماع، أستاذة اميرة مهمتك انك تشوفي الميزانيه وتختاري حاجة جودتها كويسة وتكلفتها قليلة علي قد ما تقدري، هو حط سعر ثابت وقال الترجت 2 مليون، فركزي في كل خطوة بتعمليها واكتبيها بالاسعار الحالية وخدى معاد واحجزيهم ولما تخلصي اطبعيهم في نسخه علي مكتبي »
أبتسمت أميرة برضى وهي بتشوف الادوات وبتقسم كل حاجة ومرحلة لوحدها بعينيها المجردة ونطقت بين عيونها وعقلها المسحور بالورق
« تمام اعتمدي عليا»
« ملك وكريم اكيد معاها، اتواصلوا مع الشركات اللي ديما بنتعامل معاها واكيد العميل يكون علي عِلم بكل الخطوات دي»
حركوا راسهم بتمام وبدأو نقاش سوى فوجهت عيني لعبد الرحمن
« وانت وشمس مش مطالب منكم حاجة غير تطوير البرنامج اللي شغالين عليه علي حسب كلام اخر مرة هيوفر معانا وقت ومجهود وانتي يا شمس التصميم اللي حطو صقر اضيفي علي البرنامج بالتصوير ل3D وابعتيلي نسخته عشان نحلله تاني ونشوف افكار جديدة ممكن نضيفها»
« تمام»
« خلصانه»
« إبهار، اكيد انت هتيجي معايا لكن المرة الجاية لانه الاضاءة والالوان التنسيق الاخير، حالياً هنروح انا وصقر الموقع نشو..»
« أنا بعتذر يا بشمهندسة ياقوت، مش هكون فاضي انهاردة، ممكن تاخدي إبهار معاكي وهو هيفيدك زي بظبط
حتي انا قولتله علي الأفكار والحاجات اللي لاحظتها ومهمة، واعتقد انتي كمان قولتي نفس الرأي، كنا وقتها بنفكر زي بعض »
« كنا؟!»
احتل المكان الصمت وكلو حرك عيونه علي صقر بصدمه وزهول عكسى، حركت عيوني بعتاب فهمه وكابر فيه
أذان الضهر انقذنى، انفذنا ، انقذ الموقف وانا بحررهم من اجتماع دام 3 ساعات ولسه مستمر واحنا بنتحرك كلنا لبرة الرجالة في مكان والسيدات في مكان بنهرب من جو كان مشحون وخلاف عمره ما حصل في فريقنا قبل كده علي مر سنتين من وجوده ويالا السخرية! بيني انا وصقر.
« ال1 ضهراً»
« متخافيش يا بنتي، عُمر ما سيف ابني يزعل منك أبداً، هو بس مضايق انك ماعرفتهوش وغير كده مستغرب انه يجي واحد في يومين وياخد المكانه دي جنبه من غير مجهود وبصراحة ماكدبش عليكي يعني عنده حق»
دحرجت رجلي ورا وقدام مع مط شفايفي زي الاطفال وانا بسمع عتاب لطيف من عمو خليفه وكأني بنت ال7 سنين ووالدها بعاتبها علي تصرف طفولي عملته وبقولها تصالحه ازاي وتعمل إيه المرة الجاية
لكن بالعكس كبنت ال7 سنين كابرت وتنهدت بحزن طفولي وانا بثبت وجهت نظري
« يا ربي يا عمو خليفه! انا ماعملتش كده عشان استفزه أو اضايقه انا عملت كده عشان...شايفة انه ده مكانه»
« مشكلتي اني بعرف اصنف المهارات واعرف مكان كل واحد فيها وعقلي بياكلني وبتجنن لما اشوف موهبة جبارة قدامي ومستغلهاش، ويزن فرصة ضخمه انا واثقه انها هتغير كتير في فريقي ومكانتي وهو كمان هيستفاد
يبقي ليه لأ؟! ، أي نعم هو بجح ولسانه طويل ومدمر نفسه لكن اقسم بالله لو تحط إدارة مع شوية لباقة هيكون في حته تانية! انا عارفة انا بقولك إيه! يزن ماينفعش غير إدارة »
خرّج عمو صوت بتنهيده وانه مش عارف يرد عليا بإجابة توسيني فلقيت حاجة بتضرب دراعي برفق فبصيت بخضه وعصبيه لقيت ملف متكور وإيد مألوفه- بخاتم محفور عليه حجر لونه اسود مبتخلعش من الخنصر- عنده جنبي وبحت صوته المميزة بتظهر
« إبهار يا ياقوتي متخافيش! »
« أقسم بالله كان قلم هيترزع علي وشك بسرعة البرق لو كانت إيدك يا حلوف»
ضحك بتسليه وأنا باخد نفسي براحة بعد ما قرب من عمو خليفه وعصبه شوية وشلّه تقريباً وبعدها باس رأسه واحنا بنتحرك علي مكتبي وسالته بفضول واضح عليا
« راح لوحده؟ »
« راح هو وبشمهندس لؤي، قال انكم اتفقتم انه هيصمم هو البيت ده هو وفريقه والفكرة عجبتني بصراحة اوي انا برتاح لاي حاجة بعملها عمتا..»
حركت راسي بتأيد فإذا كنا أنا وفريقي معامري ف لؤي مدني وما ادراك ما هو المدني مع راجل بيعرف يترأس مواقع بالفخامة والكريزما وتأثير ده
اكبرنا سنناً لكن يحيرك بتفائلة وإقباله علي الحياة
افضل قسم بحب اتعامل معاه هو قسمه
واكتر البني ادمين لباقة واحترام شفتهم في حياتي هو وعُماله
« روحت فين يا عيون السما ؟! ، ميهونش عليا زعل الياقوت في عيونك خلي بالك ولا انه حبيبي وماقدرش اتكلم معاه كنت موتهولك »
ابتسمت بطفوليه وانا بشبك إيدي في بعض وبتكلم بحُزن وضعف نادراً ما حد يشوفه فيا
« جرحته يا إبهار، كان لازم استشيره الاول في حاجه زي القرار ده قبل ما اقولوا»
« لأ معلش! عادي جداً تاخدي القرار ده لوحدك وينفذ من سكات! انتى المديرة وطلبك يمشي علي الكل وسمعاً وطاعة ديما وخليكي عارفة هو مايقدرش يعترض ولا يقف قصادك ويعارضك لانك عودتينا يا ياقوت انه كلمتك وعد والوعد علينا حق وهنفذه حتي لو بالغصب»
« وبعدين اللي انتوا بتتخاقوا وعاملين حوار عليه مظهرش من ايام وممكن لحد كبير يكون استقال ووقتها ولا خد هو فرصة لنجاه ولا قلبك هيحاربك زي ما تعود وهيهدا، واخر حاجه بقى ده سيف، صقرك! اللي عمر ما قدر حد يقف قصاده لما قال انه في صفك حتي لو كنتى غلط، مصيره يهدا ويتقبل الواقع وكل حاجة هترجع احسن من الاول ان شاء الله، تمام يا قمري؟ »
جايز اقربهم مشاوير وروحه وجاية كان صقر
لكن اللي ديما كاشفني قدام نفسي وبريحني بكلامه وبنسباله أنا كتاب مفتوح كان " إبهار" وحاجه احيانا بتكون مُريحة لما تلقي حد فاهم احساسك من غير ما تقولوا وبطبطب علي مشاعرك من غير ما تطلبي ده، وده فريقي.. ديما كان سمي وترياقي
دِرعي قدام اي حد وحميتي وهيفضل احلي حاجه انا حوشتها هو فريقي وشخصياته المتناقده فيه.
« شكراً يا إبهار»
« تحت أمر الياقوت »
غمز بتمرد فضحِكت وبصيت لمرمة نظري من تاني وانا باخد نفسي بصعوبة وجديه وبفكر هعمل إيه...
~~~~~~~~~
«بعد يومين» 8:30 صباحاً
دخلت الشركة بلبس كئيب مطنوب بالاسود وشاحح فيه الالوان بطريقه عجيبه، جايز اللون الفاتح هو لون روجي الوردي شبه لون الشفايف وأنا بشرب قهوتي وبتأكد من الساعة زي كل مرة وبقول الحمد الله علي المعاد بظبط، سمعت بودكاست ديني لحد ما اوصل مكتبي وارتب ملفاتي لانه انهارده يوم دسم وطويل واول ما فتحت باب مكتبي لقيته في وشى!
وقفت قدام الباب بصدمه بتأمله وبأكد لنفسي عشرين مرة في سري انه قدامي ومبتخيلوش
عيون زمرديه جارحه نفسها تحرقني من عصبيتها
شعر يضاهي الكحل السعودي في غمقانه
وشه ملتهب وكأنه عبارة عن لهب وقاعد في الكرسي الجانبي بكل تعنت وغرور ولا كأنه مكتب أبوه
الهيبة اخترعت تكون لناس كتير لكن ديما بشوفها متجسده فيه بكل جوارحه
ويؤسفني اقول الخدوش اللي لسه ماتشفتش وسيبه اثر ضفتله وسامه، تقريباً اول مرة اشوف وشه صافي من شهور؟!
قام من مكانه وقرب من مكاني فبعدت عيني عن تأمله ودحرجتها علي الارض بسرعة ، يا جاحده ده انتي لسه سامعة وقول للمؤمنات يغضضن من أبصارهن!! لكن الحمدلله لله مفيش حد خد باله قبل كده
حتى هو الحلوف ده!
« طبعاً مستغربة وجودى هنا بعد الوقت ده؟! حبيت اقولك برافو لعبتيها صح انتي وهو ولقى طريقة جديدة لتعذيبي وانه يحطني تحت قيادة ست! »
عقدت حواجبى بغرابه من كلامته ويقصد إيه، لكن عيوني احتلها الضيق من كلمته واستهتاره بمكانة المرأة واستقلاله بيها وبتكلم بكل ترّفع وعنجهيه علي اساس انه سمعته الحلوة تخلي يتشرف بنفسه!
قطعت حبل فكارى وانا مستعده القي عليه سهامي كلها بدون تردد جاله اتصال فكنسله بعصبية وهو بنطق بخفوت
« مش وقتك يا ريم!»
كورت إيدي بعصبية بدون شعور، ريم!
ريم مين؟! هو مُصر يخرج براثيني انهارده
« كلمتين مفيش غيرهم يا انسه، تروحي الادارة ومدير ام المخروبة دي تقوليله شكرا! مستغنين عن خدماته
اصله قليل الادب أو عملي مشاكل وهيحرجني و س...»
جاله الاتصال تاني وسط كلماته السامه فقفله تاني ولسه هيكمل قطاعته بحدة لانه طفح الكيل حرفياًو، هو فاكر انه كلامه هيعدى عادي، ده بعده هو واهله كلهم وريم كمان حالياً!
« اسمع يا استاذ عشان شكلك اتهفيت في دماغك ونسيت نفسك تقريباً! أنا...»
قطع كلامي الاتصال تاني فكرمش وشه بقلق ورد بدون ما يستأذيني أو يقولي ثانية هقطعك! وقح! وقح لابعد حد.
« خير يا ريم انا مشغول دلوقتي، هكلم...»
« يزن ماما اغمى عليها تاني ونقلوها المستشفى، انا خايفة تعالي بسرعة بالله عليك!»
وشه قلب وإيده اترعشت قدامي بعد ما سمعت صوت عالي مُبهم في التلفون ماقدرتش احدده لكن الاكيد انى لمحت في عيونه خوف.. كان شخص تاني غير الواثق والجاد والحاقد قدامي، شخص سمع خبر وحش عن شخص بحبه!
« طيب يا روح يزن اهدي أنا جي في السكه، اسالي اي حد حوليكي مستشفى إيه تمام، انا معاكي علي التلفون متخافيش يلا اسالي»
نزل إيده المكتوره على المكتب ونكس راسه لتحت وهو مثبت إيده علي ودانه وكأنه صوتها طوق نجاه لأفكاره وغضبه اللي شايله جواه
وانا لما شفت حالته قلبي انقبض! لو عرضت عليه المساعدة هيقبل؟ ولا هحرج نفسي، أم البني أدم اللي تفكري في كل حاجه قبل ما تقوليها معاه ده.. غريب جدا!!
«ماشي يا ريم، رني علي بابا وهو هيدخلها هناك وانا مسافة السكة مش هتاخر، دقيقتين وهتلقيني قدامك يا بابا، ماشي خدي بالك من نفسك»
كان هيتحرك فوقفت في طريقه بمنعه، بصّلي بغضب فقلقت اوجه سؤالي لكن اتجرأت والحروف خرجت مني بصعوبة الحمدلله
« ت.. تحب اوصلك؟ انا معايا عربية وهنوصل بسرعة؟؟»