رواية مالم تخبرنا به الحياة الجزء الثاني الفصل الثالث بقلم عائشة الكيلاني
_هسألك شوية أسئلة ، و كل سؤال مترديش عليه او تكدبي هخ*لع حتة من هدومك المقر*فة اللي مش عاجباني دي، حلو؟
تحدث بينما يجلس على كرسي في مقابلتها.
_انت عبيط؟ إياكش تلمسني!
_اشتغلتي في البار ليه؟
_ملكش دعوة.
قام ليسحب ربطة العنق التي كانت ترتديها لتشهق بخو*ف.
_لسه برضو مش مصدقة إني هعملها؟ ردي عليا، اشتغلتي في البار ليه؟
_م..مزاجي كدا هو.
قام لينز*ع السترة الزرقاء و يمز*قها لتبقى بالقميص الأبيض تحتها.
_ل..ليه عملت كدا؟ انا رديت.
صر*خت بغ*ضب ليعود للجلوس مكانه بينما يجيب بهدوء:
_بس كدبتي، قولي الحقيقة..
ابتلعت ريقها بق*لق:
_ع..عشان محتاجة الفلوس، استريحت؟!
_و مشتغلتيش ليه في أي حتة تاني؟
_المبلغ اللي محتاجاه كبير و البار بيوفر أعلى فلوس.
همهم بتفهم قبل أن يعود لسؤالها مجدداً:
_اتور*طتي في ايه؟
_قصدك ايه؟
_محتاجة ليه مبلغ كبير؟ اتور*طتي في ايه؟ سؤالي واضح.
_ممكن أفهم عايز تعرف ليه؟ كل دا ميخصكش في حاجة.
نهض و بدأ يقترب منها فأجابت سريعاً بخو*ف:
_مع..مع مر*ابيين اتور*طت مع مر*ابيين.
_يعني انتي هر*بتي مني عشان تروحي تستلفي فلوس بالر*با و كمان تشتغلي في بار؟ لا و مش بس كدا قلعتي الحجاب.
صر*خت بدمو*ع:
_مكنتش ناوية أعمل كل دا، لما هر*بت راجل عرض عليا انه يسلفني مبلغ أقدر أأجر بيه شقة ليا انا و بنتي...
_ و بعدين؟
_ب..بعدين وافقت و مضيت على الوصل من غير ما أبص على الشروط، افتكرت انه بيساعدني بطيب خاطر عشان صعبت عليه، مكنتش أعرف إن على المبلغ فايدة!
_كملي...
_أ..أكمل ايه؟ دا كل اللي حصل.
_ليه قلعتي الحجاب و اشتغلتي في بار؟
_م..ما قولتلك إني محتاجة مبلغ كبير كل شهر، الفلوس اللي بقبضها من البار بدفعها كلها للمرابيين.
_اومال بتصرفي منين؟
_ب..بشتغل في مخبز الصبح.
تنهد بينما ينظر إلى عينيها الدامعتين قبل أن يتحدث:
_مفكرتيش ليه في سمعة يارا قبل ما تعملي كدا؟ مفكرتيش ليه انه حر*ام و كل قرش بتكسبيه هيحطك في النا*ر.
نظرت إليه بصد*مة:
_أنا..أنا مكنتش ناوية أكمل فيه كتير، كلها سنة واحدة تاني و كنت ناوية اسيبه بعد ما أسدد كل الفلوس.
_سنة واحدة تاني مش كدا؟ ضامنة عمرك انتي ؟
أخرج مسد*سه ليوجهه ناحية ر*أسها:
_دقيقة واحدة تاني...ضامنة انك هتع*يشي دقيقة واحدة تاني حتى مش سنة؟ قوليلي لو مو*تك دلوقتي هتعملي ايه؟!
أحنت رأسها لتتساقط دمو*عها بصمت.
رفع ذقنها بمسد*سه لتنظر إليه في عينيه:
_هديكي حل تاني، اتجوزيني...اتجوزيني و هسدد كل دينك.
___________________
أصبحت الساعة العاشرة و النصف مساءً و لا تزال يارا تسير برفقة أنس في الشارع بينما يبحثان عن منزلها.
فجأة توقفت يارا عن السير لتترك يد أنس و تجلس في منتصف الطريق.
تعجب أنس من فعلتها و اقترب منها ليتفقد خطبها لكنه تفاجئ عندما وجدها انهمرت في البكا*ء بنش*يج مرتفع.
_ع..عايزة مامااا.
صر*خت و تجمد أنس في مكانه للحظات عا*جزاً عن فعل أي شئ قبل أن ينزل لمستواها متحدثاً:
_يارا، ادينا بندور عليها اهو، حالا نلاقيها...
نفت الصغيرة برأسها لتتحدث بينما تستمر في البكا*ء:
_لا، احنا تا*يهين انا عايزة ماما دلوقتي!
_يارا م...
قوطعت كلماته فجأة بفعل امرأة اقتربت منهما بينما تتحدث:
_يارا! بتعملي ايه هنا و بتع*يطي كدا ليه؟
رفعت يارا رأسها سريعاً بعد أن سمعت الصوت المألوف، ركضت نحو الامرأة بينما تصرخ بسعادة:
_طنط آية!
ضمتها آية إليها قبل أن تلتفت إلى أنس:
_انت! عملتلها ايه عشان تب*كي كدا؟!
هم أنس بالحديث لكنه تسمر في مكانه بصد*مة عندما رأى يارا تقف أمامه لتدافع عنه متحدثة:
_العصفورة معمليش حاجة، كان بيساعدني..
نظرت إليها آية بحواجب معقودة:
_العصفورة؟!
_انا...انا سميته كدا عشان مقاليش اسمه.
ضر*ب أنس جبهته و تأوه بقلة حيلة بينما تحدثت آية و هي تسحب يارا من يدها:
_طيب، خلينا نروح على البيت، و متشكرين يا عم العصفورة.
حك أنس رقبته بإحر*اج بينما يشاهد كل من آية و يارا تغادران.
عاد إلى منزله ليجد والده يجلس في الصالة بينما ينتظره، تحدث أيوب ما إن رآه يعبر باب الشقة:
_كنت فين يا بيه كل دا؟
أجاب أنس دون اكتراث:
_خرجت مع أصحابي بعد المدرسة.
_كل دا مع أصحابك؟
_أيوا.
_و أنا كام مرة أقولك تروح على البيت علطول بعد المدرسة عشان أروى؟
تنهد أنس بملل بينما يجلس:
_أروى كانت عند تيتا النهاردا.
_و انت ليه مروحتش معاها؟
نظر إليه أنس بغ*ضب:
_انت عارف ليه مروحتش معاها!
_أنس...تيتا بتحبك زي أروى عا...
قطع أنس كلماته في ثو*رة عا*رمة:
_لا مش بتحبني، عارف ليه؟ عشان أنا شبه أمي اللي مكانتش من مستواهم، الخدامة اللي اتجوزها أبويا..
نهض أيوب ليجيب بغضب:
_أنس، اخر*س!
_أخر*س ليه؟ دا الكلام اللي بسمعه هناك، حتى و هي مي*تة مش راحمينها...عايزني أروح أسمع شتي*مة أمي بودني و اسكت؟ أتعامل معاهم عادي؟ أضحك في وشهم كأن مفيش حاجة؟ أصبغ شعري بني عشان أرتقي لجينات سيادتهم الكريمة اللي بوظتها أمي الد*خيلة؟
وسعت أروى التي كانت تستمع إليهم من خلف الباب عينيها بذهول و خرجت من غرفتها لتتحدث بأعين دامعة:
_ا..اسكت يا أنس! ماما مش مي*تة...
التفتت إلى والدها:
_بابا..سامع أنس بيقول ايه؟ ليه ساكتله؟ قوله انها مش مي*تة.
منح أيوب ابنه نظرات حا*نقة قبل أن يجلس على الأرض ليصبح في مستوى أروى و يتحدث:
_أروى حبيبتي، انتي بقيتي كبيرة كفاية عشان تعرفي الحقيقة، ماما....ا..الله يرحمها، را*حت عند ربنا من زمان.
هطلت الدموع من عيني أروى:
_لا، دا مش حقيقي، قولي الحقيقة يا بابا، ليه بتقول كدا؟ انا عارفة انها سابتنا و مش عايزانا لكن مما*تتش..متقولش كدا.
_أنا آسف يا أروى، كان لازم نقولك ساعتها بس كنتي لسه صغيرة.
تحدث أيوب بينما يجذبها إلى حضنه.
أبعدته أروى لتصر*خ:
_يعني ايه لسه صغيرة؟ كنتوا مستنيين لغاية ما أمو*ت و أقابلها هناك عشان أعرف؟ انا اللي كر*هتها من كل قلبي و لُم*تها كل يوم عشان سابتني و في الآخر تطلع مي*تة؟
_أروى احنا...
لم تدع له أروى مجالاً للحديث حيث خرجت من الباب و ركضت سريعاً باتجاه السطح.
هم أنس أن يلحقها لكن والده أوقفه.
_سيبها تهدى مع نفسها، و أنا عارف انت كنت فين النهاردا...هنتحا*سب بعدين على كدبك و على كل اللي قلته.
أنهى أيوب حديثه ليدخل إلى غرفته و يغلقها على نفسه قبل أن يخرج صور هدير و يشرع في البكا*ء بينما يتذكرها:
_سيبتيني ليه يا هدير؟ انتي الوحيدة اللي كنتي بتعرفي تتعاملي معاهم، قوليلي أعمل ايه من غيرك دلوقتي...
___________________
الساعة الحادية عشرة مساءً كان مروان يقف على سطح البناية بينما يحاول التقاط شبكة للاتصال على ريم و الاطمئنان عليها قبل أن يتفاجئ بابنة الجيران التي صعدت لتفتح الباب بع*نف و تجلس في أحد الأركان بينما تب*كي.
اقترب مروان منها قبل أن يسألها بفضول:
_مالك ؟
ما إن ميزت أروى نبرة صوته الهادئة حتى رفعت وجهها سريعاً لتطالعه و وسعت عينيها بذهول عندما تأكدت أنه مروان، الفتى الذي يكر*هه أنس و يتشا*جر معه دائماً، لكنها في الواقع...كانت معجبة به.
ابتلعت ريقها و جففت دمو*عها في كم ثوبها قبل أن تجيبه:
_مليش.
جلس مروان إلى جوارها.
_كل دا و ملكيش؟ احكيلي...
طالعته أروى بينما هو قريب منها لتزداد نبضات قلبها بجنون، سألته:
_و..و انت مهتم ليه؟
_أنا مش مهتم، أنا عندي فضول أعرف ليه كنتي بتب*كي كدا بس مش أكتر.
عقدت أروى حاجبيها معاً من صراحته المفرطة، شعرت ببعض من الخيبة لكنها تنهدت و قررت الحديث أخيراً:
_ع..عرفت إن ماما مي*تة.
توقعت أن يشهق بمفاجئة، أن يظهر بعض الشف*قة أو الحز*ن لكنها تفاجئت عندما نظرت إليه لتجد ملامح وجهه لا تزال محايدة، تحدث:
_و فيها ايه يعني؟ بت*بكي كل دا عشان عرفتي ان مامتك مي*تة؟
_ا..انت ايه مش*كلتك؟ طبيعي اب*كي لما أعرف ان أقرب الأشخاص ليا راح و مش هشوفه تاني.
_بس كلنا في الآخر هنمو*ت، أنا مش شايف ان حقيقة ثابتة زي دي تستحق العيا*ط.
نهضت أروى بينما ترمقه بنظرات حا*نقة:
_انت انسان غر*يب! انا غلطا*نة اني اتكلمت معاك.
غادرت المكان و لم يكترث لها مروان كثيراً بل عاد لمحاولة الاتصال بريم مجدداً.
___________________
نظرت يمنى إلى أدهم بعدم تصديق قبل أن تتحدث:
_أتجوزك؟ انت اتجننت؟ مستحيل أتجوزك و لو كنت آخر راجل على وش الكوكب.
اقترب منها أدهم ليتحدث بصرامة:
_يمنى، شئتي أم ابيتي أنا بابا يارا الحقيقي، و يارا محتاجة أب في حياتها.
ابتسمت يمنى بسخر*ية:
_و مين قالك كدا؟ يارا مت*عقدة من كل الأبهات بسبب ياسر.
تنهد أدهم قبل أن يعود للحديث:
_حتى لو مبيتنش هي محتاجة أب، و انتي محتاجة زوج يحميكي.
_انت هتحميني؟ فكني يا أدهم ورايا شغل مش فاضية أسمع كلامك الس*خيف دا.
_هترجعي تشتغلي في البار؟
_م..معنديش حل تاني.
_أنا لسه حالاً قايل اني هدفع كل ديو*نك لو اتجوزتيني!
_بس انا مش عايزة أتجوزك، و الشغل دا أهو*ن عندي من اني أشوف وشك كل يوم.
نظر إليها أدهم و الشرا*ر يتطاير من عينيه:
_انتي فاكرة انك هتقدري تسيبي الشغل دا بعدين؟ الشغل دا هيفضل يجرك لحاجات أف*ظع، النهاردا سا*قية، بكرا رقا*صة، بكرا و بعده ع..
_اخر*س!
قاطعته يمنى بغ*ضب.
توجه أدهم ناحية الفراش و تراجعت يمنى للخلف بخو*ف لكنها تفاجئت به يفتح سل*سلة يديها قبل أن يق*يد قدمها بذات السل*سلة الطويلة القديمة.
تركها ليمشي ناحية الدولاب ، أخرج فستاناً و خماراً كان قد اشتراهم لها قبل هر*بها ليل*قيهم عليها بينما يتحدث:
_روحي استحمي و غيري الهدوم المقر*فة اللي انتي لابساها دي عشان مش هسيبك ترجعي البار تاني.
صر*خت يمنى بينما تراه يغادر الغرفة:
_انت مين عشان تقرر عني اللي هعمله، أدهم تعالى هنا..متسيبنيش و تمشي فكني بقولك!
خرج أدهم و أغلق باب الغرفة خلفه بقو*ة، ألقى كل مفاتيحه على الطاولة قبل أن يتنهد و يلقي بنفسه على الأريكة لينام سريعاً من كثرة الإر*هاق.
________________
نهضت يمنى لتطرق باب الغرفة بغ*ضب لكنها تفاجئت بشئ يضئ ما إن نهضت من على الفراش.
اقتربت سريعاً لترى هاتفها يرن بمكالمة، اخذته لتحمد الله أنه كان على الوضع الصامت قبل أن تدخل الحمام لتجيب بهمس:
_ا..الو يا أستاذ شهاب.
_يمنى انتي فين؟ اتأخرتي ليه على الشغل؟ العميل مستنيكي، ناوية تنا*مي معاه و تاخدي الفلوس و لا لا؟
_أستاذ شهاب أنا..أنا مش هقدر آجي النهاردا، ينفع تخليه يستنى كم يوم؟
_يعني وافقتي خلاص؟
_ل..لسه بفكر بس احتمال كبير اه.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم