رواية حبل الوريد الفصل الثالث
_ كانت الأنغام الهادئة تشع البهجة في المكان .. والأضواء الخافتة تنثر جوًا من الرومانسية حول العروسين اللذان يقفان في وسط القاعة المزدانة بالأضواء البيضاء والزرقاء والحمراء ..
وقف العروسان يرقصان وسط الحشد المتواجد من المدعوين .. كما وقف بعض أصدقاء العروس والعريس أيضًا ليتبادلا الرقص ، وكان من بينهم (( ريان - كارمن)) .. واللذان كانا يرقصان بكُل حُب وكأن الليلة خُلقت لأجلهم .. هما العروسان وليس أصدقائهم .. حتى أن العيون الحاسدة تتبعتهم بحقد شديد على تماسك علاقتهم وتطورها في فترة وجيزة .. حتى أصبحت حكائة أصدقائهم ومثلًا يُضرب به.
_ وضع حدقتيه الوالهتين على عينيها ليعشق بهما بنظراته .. فأستحت منه وأخفضت بصرها وهي تشد أناملها المسنودة على كتفهُ و....
كارمن : بطل تكسفني
ريان وقد أتسع مبسمهُ بإبتسامة واسعة : هو انا أتكلمت! أنا سايب عنيا تحكيلك قد إيه هي مأسورة بيكي
كارمن وقد تلونت وجنتيها بحُمرة ساخنة : ياريت كل الرجالة بيحبوا زي حُبك
_ قام بإزاحة خصلات شعرها الملقاه على كتفها لتنسال على ظهرها ، ثم ثبت ذراعه على خصرها وهو يتابع...
- مش كل الستات والبنات كارمن ، عشان يحبو زيي
_ صدرت قهقهه صغيرة منه وهو يردد بمرح
- فاكرة أول مرة شوفتك فيها !
كارمن وقد صدرت صوت ضحكتها الرنانة : فاكرة ، كانت صدفة غريبة
ريان وهو يشمل وجهها بنظرة عاشقة : أجمل صدفة ، صدفة أتغير عشانها حياتي كلها
- عودة بالوقت للسابق
_ كان ريان يقود دراجتهُ النارية بسرعة جنونية گعادتهُ ، فقد عاونه في ذلك خلو الطريق الصحراوي أمامه ليمارس قيادة دراجته التي يعشقها ..
وفجأة ، تظهر أمامهُ سيارة '' كارمن '' والتي ظهرت على حين غرة من إحدى التقاطعات بالطريق فسرعان ما أصابته بالإرتباك ..
حاول أن يتفادى الموقف سريعًا دون خسائر فنظر جانبه ليتأكد من إتاحة الفرصة للتحرك يسارًا وبسرعة ..
ولكنه وجد سيارة تخلفه لا يستطيع أن يخترق مسارها ، فأضطر للإستسلام وهو يخفض من سرعة الدراجة حتى أصاب سيارتها بالفعل .. وهنا توقفت السيارة والدراجة ،
حيث سقط ريان من أعلى دراجته ، فترجلت كارمن عن السيارة سريعًا وهي تنظر لسيارتها التي تأذت بفعل الإصطدام العنيف بها .. تجهمت ملامحها وهي تلتفت برأسها نحوه لتهتف بضجر.....
- ينفع اللي انت عملته في عربيتي ده ؟
ريان وهو يضغط بقبضته على ركبتهُ التي أصطدمت بالأرضية بعنف : بدل ما تقوليلي ألف سلامة عليك ! باصة لحتة عربية! وبعدين انتي اللي خرجتي قدامي فجأة من التقاطع
كارمن وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بتهكم : والله ! على أساس أن الطريق بتاعك؟
_ أستند على الأرضية لينهض ، ثم بدأ بتنظيف ثيابهُ التي تلوثت بالغبار .. وقفت بعض السيارات لترى هل هناك حادث ما فيستطيعون اللحاق به أم ماذا؟
ولكنه أشار بيديه وهو يقول :
- تسلموا يارجالة ، نجاملكو في الحوادث
كارمن وهي تحدق فيه بإستغراب : بتقول إيه !
ريان وهو يلتفت ليواجهها : بصي ، متكلميش معايا عشان انتي اللي غلطانة
_ أتسعت حدقتيها وهي تحدجه بحنق شديد ، بينما أنتبه هو للون عينيها الخضراء .. والتي ظهرت في الظُلمة الكالحة وكأنهن ماستين خضراوتين ، فأبتسم بلطف وهو يقول
- أنتي صحيح حلوة وزي القمر ، بس ده ميمنعش إنك بوظتيلي الموتوسيكل ومش هعرف أروح النهاردة
كارمن وقد تلوت شفتيها بإستهجان : أحسن
_ أستدارت كارمن بجسدها لكي تستقل سيارتها من جديد وتترك المكان ، ولكنه سار صوبها مسرعًا بتعرج حتى يمنعها من إستقلال سيارتها و....
- انتي هتسيبيني هنا لوحدي ! المفروض توصليني
كارمن وهي تحدجه بإستغراب : هو انا أعرفك عشان أركبك عربيتي!
ريان وقد عبست ملامحه بضيق مصطنع : متخافيش انا غلبان مبعملش حاجة ، ويتيم وأمي متوفية من عشر سنين ومحروم من حنان الأم و....
كارمن وهي تقاطعه ليتوقف عن الثرثرة : بس ، أنت هتحكيلي قصة حياتك !
ريان وهو يغمز لها بعينيه : مش يمكن لما تعرفي حكايتي أصعب عليكي وتقعي في غرامي
كارمن وقد أنفرجت شفتيها بذهول : غرامك ! باين عليك شارب حاجة ياأما فاكر نفسك نيكولاس كيدچ ( ممثل أجنبي)
ريان وهو يستند على سطح سيارتها : نيكولاس ! شكلك بتحبي أفلامه صح ؟
كارمن وهي تجذب باب سيارتها بعنف : أوعى من قدامي ياكابتن
ريان وقد أنقعد ما بين حاحبيه : كابتن ! لأ أسمي ريان ، بيقولولي ياروني
كارمن وهي تتعمد إهانتهُ حتى يبتعد عن طريقها : ليه ! كلب ؟
ريان وقد تبدلت ملامحه المرحة لأخرى عابسة : فعلًا أسم الكلب بتاعي ، الله يرحمه بقا
_ قبضت على شفتيها بحرج ، ثم راحت تستقل مقعدها خلف المقود .. تركها تصعد للسيارة ثم أستند على حافة الباب وأنحنى بجزعه وهو يتعمد الجدية في حديثهُ...
- ممكن بجد توصليني للبنزينة اللي بعد ٦٥٠ متر من هنا ، عشان مش هعرف أمشي بالموتوسيكل
كارمن وهو تنظر نحو الدراجة الملقاة على بُعد منها : والموتوسيكل ده هتوديه فين !
ريان : هحطه على جنب وحد هييجي ياخدهُ
كارمن وقد شعرت بالرغبة في توصيلهُ : okey
_ تحرك ريان بخطوات متعرجة قليلًا لينقل دراجتهُ إلى الجانب .. ثم راح يجلس في المقعد الأمامي من سيارتها لتبدأ هي بالحركة من هذا المكان .. كانت قيادتها متهورة لحد ما مثلهُ ، فشعر بالراحة من قيادتها تلك ..
راح يتأمل السيارة من الداخل ، وبدأ يعبث في محتوياتها أيضًا بفضول عجيب ، عسى أن يجد ما يمكنهُ من التعرف إليها .. ولكنها أضجرت من تصرفاته فصاحت به...
- أنت بتعمل إيه ؟
ريان وقد تلوت شفتيه بعدم إهتمام : على أساس إني هسرقك يعني ! بشوف حاجة نشغلها بدل الزهق ده
_ وجد ريان إسطوانة مُدمجة فقام بتشغيلها ليتفاجأ بأغنية أجنبية صاخبة .. وبدأت كارمن بالتفاعل برأسها مع الأغنية ، فنظر نحوها مدهوشًا من تبدل حالتها المزاجية و.....
- سبحان مغير الأحوال
_ أنتبهت كارمن لوجوده .. فعضت على شفتيها بحرج وتوقفت عن الحركة التفاعلية ، فقام بإيقاف الأغنية والتي لم تروق لهُ .. وبحث في المحتويات الجانبية عن أسطوانة أخرى ، ولكنها ضربت بأناملها على ظهر يدهُ وهي توبخه و....
- سيب حاجتي ومتلعبش في حاجه
ريان وقد أرتفع حاجبيه بذهول من فعلتها : هو انا تلميذ في المدرسة وبتضربيه على إيدهُ ؟
كارمن وقد تقوست شفتيها بسخرية : زيك زي الـ kids ( أطفال ) بالظبط
ريان بنبرة مازحة : مش بقولك محروم من حنان الأم ومحتاج حد يحتويني
_ أرادت الضحك على أسلوبه المثير للضحك ، ولكنها كبحت هذه الرغبة حتى لا يشعر بالنجاح في إثارة ضحكها ..
ومن مسافة ليست ببعيدة لمحت الأضاءة الشديدة المنبعثة من مكان ( البنزينة) .. فأنحدرت بسيارتها لليمين حتى تقف أمامها و.....
- وصلنا
ريان وقد عبست ملامحه : خسارة
_ ترجل عن سيارتها ، ثم أنحنى بجسده وهو ينظر نحوها بنظرات مُغزية ثم هتف
- خليكي ثواني ، عايز أديكي حاجة
كارمن وقد تقلصت المسافة بين حاجبيها : حاجة!
ريان وهو يومئ برأسه مؤكدًا : أيوة ، ثواني
_ تحرك ريان لداخل هذا المكان ، لحظات وخرج بصحبة أحد العاملين والذي كان يرتدي الزي الرسمي للعمل ..
حيث وقف ريان بمفرده عدة لحظات ، حتى وجد العامل قد حضر بسيارة '' ريان '' والتي كانت مصفوفة بالقرب من ( البنزينة) .. تأملت كارمن سيارته من بُعد فأستطاعت إستنباط حالتهُ المادية والمترفة ، حيث كانت سيارته على أحدث طراز .. ويبلغ سعرها آلاف الجنيهات ، لاحظت الإحترام الشديد من هذا العامل له ، فعلمت إنه ذو مكانة رفيعة رغم ملابسة البسيطة ودراجته التي كان يستقلها ..
_ ألتقط ريان شيئًا من مؤخرة سيارته ثم أنتقل بخطواتهُ نحوها .. طرق بأصابعه على زجاج السيارة فقامت بفتحه ، لتجده يمد يدهُ بصندوق كرتوني صغير ومغلف وهو يردد
- أتفضلي
كارمن وهي تنظر نحو هذا الصندوق بذهول : إيه ده!
_ أسند ريان الصندوق على المقعد الأمامي المجاور لها ، ثم لوح بيده لها وهو يقول
- حاجة هتعجبك أوي ، يلا سلام
_ ألتفت ليتركها ، فلاحظت تعرج قدميهُ .. تضايقت لما أصابه ولكنها أقنعت حالها بأنه على خير ما يرام ..
فقامت بتشغيل سيارتها من جديد لتتحرك بها ، كان فضولها شديدًا لتعرف محتوى هذا الصندوق .. فقامت ببسط يدها محاولة فتح هذا الغلاف ، حتى أنكشف لها الصندوق ..
فرفعت غطاؤه ونظرت بمحتواه ، لتصطدم بوجود حلوى الشيكولاتة ..
شهقت غير مصدقة هذه الهدية القيّمة بالنسبة لها ، وشعرت بتدفق السعادة لداخلها .. فهي تعشق الشيكولاتة بكافة أنواعها ، نظرت للطريق أمامها قبيل أن تلتقط إحداهم وتبدأ في نزع غلافها لتتناولها دفعة واحدة .. وأغمضت عينيها بإنسجام وهي تغمغم بخفوت عاشق
- ممم ، ياســـلام
_ واحدة تليها الأخرى وتليهم أخرى .. تناولت أكثر من نصف ما تحويه العُلبة ، حتى شعرت بإنتفاخ معدتها .. فتنهدت بسعادة وهي تردد
- طلع چينتل وبيفهم ، بس رغاي أوي
- عودة للوقت الحالي -
_ قهقه أثنتاهم عندما تذكرّا أول موقف جمع بينهما ، ليتفاجئا بإنتهاء الرقصة سريعًا وإنتقال العروسين لمقاعدهم المُزينة ( الكوشة ) ..
عبس ريان بوجهه وهو يسحب ذراعهُ عن خصرها ثم هتف بـ ....
- الرقصة خلصت بسرعة
كارمن وهي تتحرك ليتبع أثرها هو : بس كانت جميلة أوي
_ وقفا بأحد الجوانب لينضم إليهم أصدقائهم من الفتيات.. حيث بدأت يسرا بقول :
- عقبالك ياكارمن انتي وريان
_ أبتسمت كارمن بإستحياء وهي تنظر حيالهُ ، بينما غمز لها هو بعبث وهو يردد :
- قريب إن شاء الله
_ أنتقلت كارمن بأنظارها نحو العروسين .. رمقتهم بحُب وهي تهتف بصوت مسموع
- شكلهم حلو أوي
_ في هذه اللحظة .. شعر ريان بإهتزاز هاتفهُ الموجود بالقرب من صدرهُ ، فمد يدهُ بجيب سترته الرصاصية وسحب هاتفه ليجد أسم والده يُضئ الهاتف ..
أنعقد ما بين حاجبيه بإستغراب ثم أنسحب من بينهم بعيدًا عن الضجة التي أشعلتها مُكبرات الصوت ..
بينما بدأن الفتيات بالتحدث سويًا وهن ينظرن نحو العروسين و.....
نهاد وقد ذابت نظراتها : يارب أوعدنا يارب
يسرا وهي تتنهد بهيام شديد : ياترى بيقولها إيه؟
نهاد وهي تضحك بصوت مرتفع لفت الأنظار : ليلة زي دي هيكون بيقولها إيه مثلًا !
كارمن وقد شعرت بالحرج ، فلكزتها بخفة وهي تتابع : هدهد ، مش وقت فضايح بضحكتك دي .. وبعدين بطلو قلة أدب
يسرا وهي تغمز لها بنصف عين : طب قوليلي ياكوكي ، ريان كان بيقولك إيه.. ها
كارمن بوداعة شديدة : كنا بنفتكر أول مرة أتقابلنا فيها
_ أرادت الفتاتان بالمرح والمزاح معها .. فقامت يسرا بترديد أغنية شهيرة للمطرب '' عمرو دياب '' وتفاعلت معها نهاد بجو من البهجة و.......
- يوم ما اتقابلنا اليوم ده هفضل مش ناسيه
- أنا أنكتبلي أحلى قصة حُب فيه
كارمن وقد أشتعلت غيظًا من سخريتهم : إنتوا أتفقتوا عليا بقى
ريان وهو يدنو من خلفها دون شعورها : روما ، لازم نمشي عشان بابا محتاجني دلوقتي
كارمن وقد تنغض جبينها وهي تلتفت لمواجهته : دلوقتي!
ريان وهو يشير نحو ساعة يده : حياتي الساعة ١١ ونص ، يعني مش بدري أوي يعني .. معلش هعوضهالك ، وعد
كارمن وهي تهز كتفيها بإستسلام : طالما فيها وعد يبقى خلاص
_ ألتفتت برأسها مرة أخرى لتوديعهم بحرارة ، ثم تحركت بصحبتهُ للإنصراف ..
غادرا القاعة سويًا ليهبطا الدرجات الرخامية البيضاء بهدوء ورويّه .. حيث كانت ترتدي كارمن حذاءً ذي كعب عالِ جعل حركتها بطيئة ، بينما أنخفض بصر ريان لقدميها وهو يردد
- تحبي أشيلك لحد العربية ؟
كارمن وقد أرتفع حاجبيها بذهول وهي تبتعد عنه خطوة : لأ
ريان وهي يقهقه على مشهدها الذي أثار ضحكهُ : خلاص انا مجيتش جمبك ، هانت .. كلها شوية وتلاقيني قاعد مع بابا وبنتفق على كُل حاجة
_ فرك كفيها بحماسة شديدة ثم همس لها بنبرة أخجلتها
- أبقى أهربي مني ساعتها
كارمن وهي تتحاشى النظر إليه : مش يلا بينا أحسن عشان أنكل طاهر
_ حاولت التخلص من حصارهُ لها ، ولكن لا فائدة.. فقد أهلك عينيها بالدموع من فرط الضحك ، حتى أن صديقتهم '' زينة '' لمحتهم وهي تخرج من دورة المياة لتصعد إلى أعلى ..
نظرت نحوهم بنظرات نقص وحاجة ، أجل !
فقد حسدت إثنناهم على تجمعهم .. وهذا الحُب النابض بداخل كُل منهم ، بينما هي تبحث عن قصة حقيقية تعيش بداخل متاهاتها وتتذوق لوعات الحُب وإشتياقة .. حلوهُ ومرّهُ ، نكست رأسها وهي تغمغم
- يابختكم ، نفسي ألاقي حد يحبني كدا ! ، يابختك ياكارمن
_ أجلسها أولًا بالمقعد الأمامي ، ثم أستقل مكانهُ خلف المقود .. قاد بسرعة جنونية كما أعتاد على ذلك ، حتى تمكن من توصيلها أمام بوابة قصرها في زمن قياسي ..
وقف بسيارته ثم أغلق المحرك بإلتفاتة منه ونظر صوبها و......
- كارمن ، أنا عمري ما حاولت أضغط عليكي .. لكن مش عارف أجيب منين صبر تاني
كارمن وقد تفهمت ما يرمي إليه : آ....
ريان : عارف هتقوليلي إيه ، أستنى ياريان لما أخلص الماچيستير .. السؤال هنا بقى أنا هعطلك في إيه عشان تقوليلي إستنى ؟
كارمن وقد شعرت بضعف حُجتها : مش قصدي تعطلني .. لكن آ....
ريان محاولًا إجتذاب الكلام منها : لكن إيه !!
كارمن وهي تعض على شفتيها بحرج : آ....
ريان وقد تجهمت تعابير وجهه وهو يتسائل : أنتي مش عايزاني زي ماانا بتمناكي؟
كارمن وهي تهز رأسها عدة مرات متتالية : لأ لأ ، بس عايزة أكون متفرغة خالص .. وكمان بابي عايزني معاه في الشركة أنت عارف
ريان وهو ينصرف بنظرهُ عنها وقد بدأت الغيرة تغلى بصدره : عشان يكون في فرصة تكوني قدامه دايمًا !
كارمن وقد تلوت شفتيها بتهكم : قولتلك مش بفكر في قُصي خالص ياريان
ريان وهو يلتفت نحوها فجأة وقد أتسعت عينيه بغيظ بيّن : أنا بفكر ، الإنسان ده بالذات مش طايقهُ، ونظراته ليكي مش بتريحني !
_ أرادت كارمن أن تُهدئ من حدة وضعها معه ، فبسطت يدها لتمسك بكفهُ .. ثم تعمقت النظر لحدقتيه الغاضبتين وهي تردد بخفوت
- مهما يعمل ، أنا عشانك
ريان وقد أسترخت عضلات وجهه وتبدلت بسرعة البرق : أنتي إيه ؟
كارمن وهي تمط في الحروف لتقول ببطئ : عـشـانـك
_ وفجأة ، غزت وجهه إبتسامة سعيدة وهو يمرر بصره على كُل ذرة بوجهها .. ثم قبض على أصابعها وهو يتابع
- أنتي أتخلقتي ليا
_ لحظات وهو لا يزال مُسلطًا بصرهُ عليها .. حتى تذكر رغبة والده المُلحة في حضوره بأسرع وقت ، فأخفض بصره لينظر نحو ساعتهُ وهتف ب...
- بكرة هاجي أخدك أوديكي الجامعة قبل ما أروح المجموعة ، أرجوكي تنزلي بدري مرة
كارمن : حاضر
_ فتحت باب السيارة لتترجل منها وهي تمسك بذيل فستانها الطويل .. ثم صفقت الباب ولوحت له بكفها قبل أن تتحرك لداخل القصر ..
طالعها بعيون والهة وهو يحدث حالهُ قائلًا :
- كل يوم بخاف أكتر من اللي قبله ، وكل ما أحبك أكتر أخاف إنك تضيعي من بين إيديا أكتر .. مش عارف ليه الشعور ده مسيطر عليا!
_ تنهد بضيق ثم تابع :
- بس انا عمري ما هتخلى عننا ، ولا هسمح لأي ظروف مهما كانت تبعدك عني .. خلاص انتي بقيتي زي الدم في جسمي ، ومن غيرك الحياة تقف وتموت
_ أدار محرك السيارة ثم بدأ بالتحرك بها .. حينما كانت كارمن تخطو بقدميها داخل القصر لتسأل مربيتها :
- هو بابي فين يادادة؟
لطيفة وهي تمسح على كتفها : في مكتبه ياحببتي ، أحضرلك حاجة تشربيها قبل ما تنامي؟
كارمن : لأ شكرًا يادادة ، روحي انتي نامي
_ تحركت بحذائها الذي أحدث ضجة مُسلية وصلت أصدائها لداخل المكتب .. طرقت الباب بخفة حتى سمح لها والدها بالدلوف و......
جلال : تعالي ياكارمن
_ دلفت كارمن لتتفاجئ بوجود '' قُصي '' بالداخل .. ولما لا ، فهو الشريك الأكبر في شركات ( KM ) بنسبة تزيد عن الثلاثين بالمائة .. عن طريق الوراثة ، فقد كانت الأسهم لوالده وأنتقلت له بعد وفاته وأصبح هو المالك لها ..
(( قُصي _ سليل عائلة زهران ، يبلغ من العمر واحد وثلاثين عامًا .. وسامتهُ تكمن في ملامح وجهه الغامضة إلى حد ما ، عينان ذات لون قاتم وبشرة تميل للبياض ، شعر بُني قاتم .. طولهُ فارع بجانب نحالة جسدهُ )) .
_ودت كارمن لو تنصرف سريعًا حتى لا تجتمع معه في مكان واحد ، ولكن باغتها عبارة والدها ....
- أدخلي ياكارمن ، قوليلي عملتي إيه في الفرح ؟
كارمن بإبتسامة متصنعة : كان حلو ، sorry مكنتش أعرف إن في حد عند حضرتك
قُصي بإبتسامة باردة : وهو انا حد برضو ياكيرو ؟
كارمن وقد أحتقنت عينيها بالدماء من نعته لها بهذا الأسم : متقوليش الأسم ده ، مش بحبه
_ تشنجت بجسدها وهي تقبض على ذيل فستانها ، ثم هتفت بلهجة ساخطة
- أنا طالعة أوضتي يابابي لحد ما تخلص
_ سحبت حالها وأوصدت الباب بشكل فج ، بينما نظر '' جلال '' نحوه وهو يهتف بإعتراض :
- قولتلك أعمل اللي يعجبها مش يغيظها ياقُصي !
قُصي وهو يهز رأسه بتفهم : حاضر ياعمي ، عن أذنك أحاول أصلح الموقف
جلال وهو يشير له ليتعجل : بسرعة قبل ما تطلع أوضتها
_ نهض قُصي عن مكانه وأسرع خُطاه نحو الخارج .. عبر الممر القصير ليكون في باحة القصر ، فأستمع لصوت حذائها وهي تصعد الدرجات .. فأسرع نحو الدرج وبعينيه وميضًا خبيثًا ، حتى لمحها بأخر الدرجات و.......................
.......................................................................