رواية نصفي الاخر الفصل الرابع
__فارس أحلامي_
قالت سهام بهدوء مفتعل لا يعكس قلقها:
_ليه يارهف؟
_تقصدى ايه ياماما؟
_ليه يابنتى عايزة تتجوزى بالسرعة دى و بالشكل ده ..ولا تعملى فرح ولا أى حاجة من اللى بتحلم بيها البنات؟
نظرت اليها رهف لا تدرى ماذا تقول لها؟ حاولت استجماع أفكارها ..بماذا ستبرر لها رغبتها بالزواج من رجل مشوه وبتلك السرعة وبهذه الطريقة بعد فسخ خطبتها بأيام..أتخبرها بالحقيقة ؟أتخبرها بأنها تتزوج من اجلها هى، من اجل ألا تفقدها..بالطبع لا..ولكن هل هذا هو السبب الوحيد لموافقتها؟ام من اجل شئ آخر احتارت فى تفسيره..فاليوم ربما تكون هى المرة الأولى التى تتلاقى فيها مع نضال وجها لوجه ولكنها ليست المرة الاولى التى تراه بها..فقد رأته كثيرا بأحلامها، كانت تتساءل دائما عن هوية ذلك الرجل الذى يغزو أحلامها منذ عامين بقوة ..يتسلل الى قلبها وعقلها ويشعل داخلها الأحاسيس ويشغلها عن خطيبها _ذلك الجبان مازن_حتى رأت نضال اليوم، كانت صدمتها لرؤيته قاتلة أعجزتها عن التعبير فها هو فارس أحلامها يتجسد أمامها، نعم لم يكن فى أحلامها مشوها بارداً بل كان حنوناً يغدقها بالمشاعر، يظل فارس أحلامها رُغم جفاءه والذي لولاه لكانت بين يديه تعترف له بمشاعر احتارت فى قوة سيطرتها عليها، ان أخبرت والدتها بحقيقة طلب الزواج الذى تقدم به نضال سترفض بالتأكيد ورهف الآن غير مستعدة نهائيا لعواقب ذلك الرفض وان كذبت ستكشفها أمها.. فقررت ألا تقول الحقيقة كاملة، فقط ستقول نصفها..لذا ابتسمت وهى تمسك يد أمها فى حنان قائلة:
_فى الحقيقة ياماما..قبل ماأعرف نضال كان بيجينى فى الأحلام، وكأن ربنا كان بيعلقنى بيه..عشان لما أشوفه أحبه ولما يتقدملي أوافق علطول..حبيته ..ازاى وامتى مش عارفة..حاولت أنسى الحب ده واقول لنفسى انها احلام وان فارس احلامى ده مش موجود..وبعدين حاولت كتير اعيش مع فكرة انى مخطوبة لواحد تانى اختارهولى بابا ولازم يبقى هو محور افكارى بس مقدرتش..وده كان دايما باعدنى عن خطيبى ومسببلنا المشاكل..كنت دايما بقارن بينه وبين نضال وطبعاً نضال بيكسب..لحد ما بابا مات وخسرنا كل حاجة وخطيبى طلع ندل..قررت أقفل قلبى واعيش لوحدى ومفتحش قلبى لحد واكتفى بمشاعري اللي خبيتها جوة قلبي، لكن اول ما شفت نضال النهاردة ولقيته هو كمان بيحبنى وعايز يتجوزنى..مقدرتش ارفض بالعكس فرحت ووافقت علطول، انا بحبه ..بحبه قوى ياماما..ومستعدة عشان اكون معاه أتنازل عن اى حاجة..المهم أكون معاه وبس
كانت سهام تستمع اليها ودموعها تترقرق فى عينيها..ربتت على يد رهف قائلة فى حنان:
_طمنتى قلبى يارهف..بس انا يابنتى برضه خايفة عليكى ..حاسة ان فيه حاجة مش طبيعية ..نضال .....
قاطعتها رهف قائلة:
_متقلقيش ياماما ..نضال يبان وحش معندوش قلب..بس هو مش كدة..قلبى متأكد ان جواه اطيب قلب ممكن تقابليه ..اللى مر بيه مش سهل وانا علية ارجعه نضال..فارس أحلامى.
تنهدت سهام قائلة:
_خايفة يارهف..خايفة تكون احلامك دى اوهام وتفوقى على حقيقة مرة.
ربتت رهف على يد والدتها فى حنان قائلة:
_متقلقيش ياسوسو..انتى عارفانى كويس..ده انا تربية ايدك..مفيش حاجة تقدر تهزنى او تكسرنى.
قبلتها والدتها فى جبينها بحنان قائلة:
_ربنا يسعدك يابنتى ويوفقك للخير.
ابتسمت رهف قائلة :
_ايوة ياماما بالله عليكى دايما تدعيلى.
ثم نهضت لتخرج وهى تقول :
_قومى يلا ياماما ..باركى لنضال ومتقلقيش عليا ابدا.
ابتسمت سهام قائلة:
اسبقينى انتِ وانا هصلى المغرب عشان صلاة العشا قربت وأجيب عصير وجاتوه وأحصلك.
ابتسمت رهف وخرجت من الحجرة لتفاجئ بوجود نضال خارجها ومن نظرته أدركت انه استمع الى حديثها مع أمها..كادت ان تقع مغشيا عليها خجلا وهى تدرك انه استمع الى اعترافها بحبه، ولكنها اطمأنت حين رأته يبتسم بسخرية لتدرك أنه يراها كاذبة ..ممثلة بارعة ربما قد اتقنت دورها، حمدت ربها على ظنه وأشارت له أن يتبعها بهدوء..مشى نضال خلفها وهو معجب بذلك الأداء الرائع الذى رآه منذ قليل، لولا انه يعرف النساء ويدرك قدرتهم على الخداع واختلاق الأكاذيب لوقع فى شباكها وصدقها ليسلم لها قلبه فترفع فيه رايتها، ولكنه ابدا لن يستسلم..ستكون رهف له فقط جسدا جميلا يستمتع به وأم لطفل يحمل اسمه ولقب عائلته..طفل لم تريده ابدا عائلة أمها..ثم يلقيها بالشارع لتضيع الجميلة ويثبت للجميع ولنفسه أنه الوحش الذى يعرفونه.
*************
_انتى يازفتة يااللى اسمك نيرة.
سمعت نيرة صوت نائل الغاضب يناديها فأسرعت الى حجرته قائلة فى توتر:
_نعم ..فيه ايه بس..بتزعق ليه؟
نظر اليها بغضب قائلا:
_أنا أزعق زى ما انا عايز..ده بيتى وانا حر فيه.
ثم اقترب منها قائلا:
_فين ياهانم الصندوق اللى كان فى الدولاب؟
تلعثمت نيرة قائلة:
_صندوق ايه؟
أمسك يدها بعنف وصوته يدوى كالرعد قائلا:
_بت انتِ متستعبطيش ..فين الصندوق الدهبى اللى كان فى دولابى؟..انطقى.
قالت نيرة فى خوف:
_رميتوا.
صفعها بقوة حتى انها شعرت بطعم الدماء فى فمها وهو يقول بصوت أرعبها:
_رميتى ايه يااختى..اطلعى بالصندوق يانيرة وإلا قسما بالله هقتلك دلوقتى.
شعرت نيرة بالرعب يدب فى أوصالها فأسرعت لحجرتها واخرجت الصندوق من دولابها وأحضرته له قائلة فى حدة:
_اتفضل..الصندوق أهو..بس أبوس ايدك متشربش الزفت اللى فيه ده هنا، أنا تعبت من اللى بتعمله فيا بعد ما بتشربه.
اقترب منها بنظرة تحمل تهديدا وظلت هى تتراجع للخلف حتى وصلت الى الحائط فاستندت عليه واقترب هو أكثر حتى شعرت بأنفاسه التى تكرهها على وجهها فأغمضت عينيها واستمعت اليه وهو يقول بالصوت كالفحيح:
_والله وجه اليوم اللى بتعلى فيه صوتك عليا ياست نيرة..بصى بقى..من الآخر كدة البيت ده ملكى أعمل فيه اللى أنا عاوزه..أدخل أخرج ..اشرب ..أسكر..ملكيش فيه..وانتِ برضه ملكى واعمل فيكى اللى انا عايزه..فاهمة ولا لأ؟
لم ترد عليه فصرخ فيها قائلا:
_فاهمة ولا مش فاهمة؟
فتحت عيناها برعب وأومأت بصوت ضعيف:
_فاهمة.
نظر اليها بسخرية قائلا:
_حظك انى متفق مع اصحابى انى أسهر معاهم النهاردة ..وإلا كنت وريتك مقامك يابنت رفعت الجبالى..انتِ شكلك نسيتى أصلك ..ويلا غورى من وشى دلوقتى ..غوووورى.
أسرعت نيرة بالهرب من أمامه ودلفت الى حجرتها لتغلقها بالمفتاح تستند الى الباب وهى تبكى بشده، لم تستطع ان تقف علي قدميها فتهاوت على الأرض وهى تبكى حظها العثر والذى جعلها زوجة لذلك الحيوان لا زوجة للرجل الوحيد الذى أحبته ودق له قلبها..تذكرت عيناه الرماديتين التى لطالما أسرتها ليزداد بكائها وهى تقول بهمس حزين:
_ليه عملت فينا كدة يايزيد؟
علا صوت نحيبها وهى تردد:
_ليه؟