رواية فريد من نوعه الفصل الرابع بقلم حنين شريف
محمد وهو يشرب القهوه
عملت ايه بقي ....
فريد كان يجلس امامه علي كرسي ، امسك فريد كوب القهوة وقال:
هعمل ايه يعني....
كان محمد يحتسي كوب القهوة بهدوء بينما قال له فريد بضجر:
انت باارد كده ليه؟..
محمد برفع حاجب
عايزني اعمل ايه يعني.؟..
تنهد فريد وقال
يابني هو انا مش قولتلك تشوفلي شغل؟..
محمد
اااااه...ماهو النهارده معرفتش..بس متقلقش هشوفلك بكره...
فريد بضيق
محمد انا مش عايز البرود بتاعك ده.. أنجز وخلصلي الموضوع..
محمد
حاضر والله متقلقش...
صمت فريد وكذلك أمسك محمد هاتفه.
قال فريد
هو صحيح يامحمد..
اغلق محمد هاتفه وهو ينظر لفريد بأهتمام بينما اكمل فريد
هو انت عرفت الشقه دي ازاي ؟..
محمد
عادي يعني كلمت واحد صاحبي كان يعرف سمسار كويس واداني الشقه دي...بس أشمعنا يعني ؟..
فريد وهو يحاول رسم اللامبالاة
عادي يعني...جه في بالي
صمت فريد قليلا ثم تسأل مره اخري
هو .....محمد انت تعرف حد من السكان هنا..
نظر له محمد بتعجب
هعرف منين يعني يا فريد...
تأفأف فريد بضجر وقال
يييوه..هو انا مش هعرف استفاد منك بحاجه أبدا ؟!...
نظر له محمد برفع حاجب
ده اناااا؟...
فريد بغضب
قوم يلا من هنا..انا هنام...
محمد بدهشه
تنااام....فريد انت لسه صاحي..؟...
وقف فريد وقال
عايز اقعد لوحدي..تقدر تتفضل بقي...
نهض محمد وهو يلملم اشيائه
حاضر....
غادر محمد بينما جلس فريد ووضع يديه علي وجه
كانت نقصاك يامحمد...
شعر فريد بالنعاس ليدخل الي فراشه وينام مره اخري .
.......
المكان مظلم يشعر فريد بالخوف يقف حائراً ، لايعلم اين يذهب ، لايستطيع رؤيه اي شئ...
فريد بصوت مرتجف
ههو في حد هنا...هو انا ...لوحدي...يا جدو..فاروق....انتو فين.؟!..
جلس فريد علي الارض بخوف ، جلس يبكي مثل الطفل الصغير ،
لكنه احس بشئ ما ، شعر بأن الضوء يقترب ، رفع عينيه ليري ضوء ابيض بسيط، ولكن وسط تلك العتمه ..يصبح له أثراً كبيراً...
احس بشخص ما يقترب منه..لم يكن له ملامح..كان يشع منه نور ابيض ساطع...اقترب ذلك الشخص قليلا وقال:
قوم يافريد...قوم...متفضلش خايف..
كان فريد سوف يقف ولكنه سمع صوت مخيف في تلك الغرفه، جلس واضعاً يديه علي اذنيه وهو يقول بصراخ
سيبوني... سيبوني...
قال الشخص بهدوء
متسمعلهومش... قوم...
قال فريد وهو لايزال واضعاً يديه علي اذنيه
ابعدو..بطلوا..سيبوني ...
قال الشخص مره اخري
متسمعلهومش ...قوم...
فريد يضغط علي اذنيه بقوه من قوه الصوت ، قال فريد بصراخ
لااااااااا.....
........
نهض فريد من النوم وهو يحاول اخذ انفاسه ، ينظر حوله بخوف ليراه لايزال في المنزل..
ينهض فريد من علي سريره بسرعه واتجه الي المرحاض.
يحاول اخذ انفاسه ، غسل وجهه وهو يحاول أن يهدأ ، نظر امامه في المرأه وهو ينظر الي وجهه المذعور.
شرب فريد المياه وجلس علي" الكنبه" وضع يديه علي وجهه لينعكس ضوع الشمس عليه.
ينظر في اتجاه الساعه المعلقه علي الحائط ليجدها الثامنة صباحاً.
ينهض ليفتح النافذه ليسمع العديد من الاصوات المتداخله ، العديد من الناس في الشارع ، يري كل شخص يعمل ويوجد ازدحاد من كثره عدد الناس ، الكثير من محلات الملابس والفواكهه والمفروشات المتنوعه .
تأفأف فريد بضيق قائلاً
الواحد مش هيعرف يركب عربيه الواد محمد ، اااووووف هضطر انزل انا...
بدل فريد ملابسه ليخرج من المنزل ، يغلق باب المنزل لينظر الي المنزل المجاور له ، سمع صوت فتاه من الداخل تقول:
حاضر يا ماما متقلقيش...
ثم انفتح الباب ليري تلك الفتاه مره اخري ، نظرت اليه الفتاه بخجل ثم نزلت الي أسفل ، قرر فريد ان ينزل ورائها ولكن بهدوء حتي لاتشعر به.
خرجت الفتاه الي الشارع ليتبعها فريد بهدوء اتجهت الفتاه الي منطقه مزدحمه ، حاول فريد ان يتبعها ولكنه فشل في إيجادها مره اخري .
خرج فريد من ذلك الحي وخرج وتمشي في احد الشوارع.
اخرج هاتفه ليتصل بصديقه الوحيد 'محمد"
ايه يا محمد انت فين؟..
محمد
مفيش والله كنت بشتغل ..
فريد
طب المهم..شوفتلي شغل؟..
محمد بأرتباك
هو.....
فريد بضيق
اممم..انجز...
محمد
بص هو في الشركه الي انا بشتغل فيها عايزين محاسب ، وبما انك خريج تجاره ف قولت لو الشغل ده هيناسبك...
فريد بتفكير
اممم.. وايه كمان ، ايه اخبار المرتبات؟..
محمد
لا متقلقش من الناحيه دي ، هي الحمدلله مش شركه معفنه ، تعالي بس واعمل انترفيو وشوف...
فريد
طيب...
محمد
انت فين كده ؟..
فريد
بتمشي....
محمد
طيب ياسيدي هخلص شغل وابقي اعدي عليك...
ابتسم فريد بسخريه ثم اغلق الهاتف ، مشي فريد بعض الخطوات بهدوء ، يتنفس براحه عندما تداعبه نسمه هواء وكأنها تخفف عنه كل آلامه وجوارحه القديمه التي لاينساها ، وكيف ينساها وهي ذكريات طفولته .
لطالما كان يسمع عن الطفوله الجميله المليئه بالعب والحب والمرح ، ولكن طفولته لم تكن كذلك .
تخلي عنه الجميع ...في يوم ما تغيرت حياته ، في يوم واحد فقد اباه وامه ، في يوم واحد اصبح وحيداً ، لم يدخل حياته سوي جده... ولكنه تركه أيضا.
بقي وحيداً بين ذلك الظلام الذي لامفر منه ، لايستطيع الهروب منه مهما حاول ...ولكنه عندما اعتاد علي ذلك الالم ...خرج من ذلك الالم الي ألم اكثر قسوة ، الي وحده ولكن من نوع اخر ...
..................
فلااااش بااااك
نعممم!!
انت بتهرج ولا ايه؟!..
قالها فوزي بغضب بينما كان كل من سناء وسحر وعاطف مندهشين.
قال المحامي بهدوء
يا استاذ فوزي...ده الي مكتوب في الوصيه...
فوزي بغضب
هو الراجل ده جري لعقله حاجه قبل ما يمو*ت ولا ايه ...!
يعني ايه يكتب كل ده بأسم العيل الصغير ويسيب عياله...
المحامي بهدوء
زي ما حضرتكوا سمعتوا الوصيه ، الحاج شوقي خلاني واصي علي فريد وكتبله كل املاكه ، والوصيه دي لازم تتنفذ...
سحر بسخريه
طبعا ما انت مزبطها معاه ، عايز تاخد فريد وتتمتع انت بالفلوس...
المحامي بضيق
يا انسه سحر بعد اذنك ، متنسيش ان الحج شوقي كان صديقي وزي اخويا الكبير ومسمحلكيش انك تكلميني بالطريقه دي، انا عامل حساب للحج الله يرحمه...
فوزي بغضب مكتوم
طيب يا استاذ اشرف تقدر تتفضل...
غادر المحامي اشرف ثم قالت سناء بغل:
بقي هنسيب المفعوص ده ياخد كل الفلوس دي!..
عاطف بدهشه
انا مش مصدق الي بابا عمله ده...
قال فوزي بغموض متجاهلاً حديثهم
الوصيه دي لايمكن تتنفذ..
سحر بتسأؤل
امال هنعمل ايه...
اكمل فوزي
الولا ده لازم يمشي من هنا...
قاطعه عاطف متسائلاً
قصدك ايه ؟..
فوزي بطمع
زي ما سمعتوا كده...ان شا الله نرميه في الشارع.. المهم اننا ناخد الورث بتاعنا..حقنا...
لم يتحدث احد بينما نظر عاطف بصدمه الي اخوته وقال:
انت بتقول ايه؟!!..
مش كفايه الي عاملينه في الولا..كمان عايزين ترموه في الشارع ؟!..
قال فوزي بغضب
معاك حق ... نسيبه معانا وياخد هو كل الورث واحنا نطلع من المولد بلا حمص..
انت اتهبلت يا عاطف ؟!...
قال عاطف بأعتراض
بس انا مش موافق...
اكمل فوزي غاضباً
ان شاالله عنك ما وفقت..
قالت سحر لأخيها عاطف
امال نعمل ايه يا عاطف ، احنا عايزين ناخد حقنا...
عاطف بضيق
ناخده اه بس مش كده...
تنهدت سحر بضيق وقالت
امال ازاي...
سكت عاطف قليلاً ثم قال
نوديه حتي ملجأ..
نظر فوزي الي سحر باستغراب ليكمل عاطف
اهو نكون منا اخدنا حقنا وكمان الولا يلاقي حته ينام فيها..
قال فوزي
خلاص ..وانا موافق..نرميه قدام اي ملجأ وخلاص...علشان برضو نريح ضميرنا...
نظر اليه عاطف بسخريه " عن اي ضمير تتحدث عنه؟."
قالت سناء
طب والمحامي ؟..
فوزي بأبتسامه خبيثه
وايه المشكله ...نبدل الوصيه...
سناء
ايوه بس المحامي واصي عليه...
فوزي بنفس الابتسامه الخبيثه
سيبيلي المحامي ده ، انا هريحه من الدنيا وبلاويها...
كان فريد يسمع كل ذلك بعيد عن انظارهم ، يضع يديه علي فمه يحاول كتم صوت بكائه ، يكاد قلبه يتوقف من الخوف ، دخل بسرعه الي غرفة جده وأخيراً استطاع البكاء بحريه ، كان كل ما يتمناه ان يبكي وان يشعر بيد احدهم تربط علي كتفيه..يأخذه في احضانه ، لم يطلب الكثير ولكن أحياناً احلامنا البسيطه حتي لا تتحقق...💔
................
بااااااااااك
سقطت دمعه من عين فريد ، الكثير من الذكريات المتداخله والكثير من المشاعر الحزينه ، تهزمه الذكريات مره اخري.
ازدادت شده الرياح مع قلبه الذي ينبض بسرعه يتذكر كل شئ وكأنه كان امبارحه وليس من عده سنوات ، بدأ يُسرع في خطوته مع ازدياد جرحه ....
لايستطيع النسيان ..وكيف ينسي ماحدث له بي الماضي .
لطالما كان الماضي هو عدوه الاول الذي دائما ما يهزمه ، يقف امامه حائراً.
يوجد بداخله طفل صغير يبكي..يريد الامان..يريد الاهتمام...يريد ان يطمأن...ولكنه يداري جرحه امام الجميع.
يخاف ان يبين ضعفه...يُظهر شخصاً اخر.. شخصاً اخر يتمني ان يكون هو..ولكن..ليس كل ما نُظهره للناس يكون ما بداخلنا...
.......................
عند محمد
كان محمد جالساً علي مكتبه يعمل بأهتمام ، قاطعه طرق الباب .
اذن للطارق بالدخول ليدخل صديقه وزميله عبد الله:
اخبارك يا محمد...
جلس عبد الله امامه علي المكتب ليترك محمد الورق الذي امامه ويقول:
الحمدلله والله...انت عامل ايه
عبدالله
الحمدلله...
تسأل محمد
هو انت مشوفتش ياسر النهارده ؟
عبدالله تنهد بحزن
لا اخد اجازه كده كام يوم...
محمد باستغراب
ليه انا كنت لسه مكلمه امبارح...
عبدالله بحزن
اصل ابوه اتوفي النهارده الصبح....
قال محمد بحزن
رينا يرحمه...
بعد ما نخلص شغل نبقي نروح نعزيه...
عبدالله
اه كنت جايلك علشان كده...
محمد بهدوء
تمام..هستناك نمشي مع بعض...
حاول محمد ان يهاتف فريد لكي يخبره انه سوف يتأخر اليوم ولكنه كان لايرد.
ذهب محمد وصديقه الي العزاء .
سلم علي صديقه ياسر الذي كان وجهه باهتاً ، كان محمد هو الوحيد الذي يعلم ما يمر به ياسر ، كان وجه ياسر مألوفاً بالنسبة اليه ، تذكر نفسه عندما توفي والده وكان يبلغ من عمره الخامسه عشر عاماً ، تركه وحيداً بدون ام او حتي اهل .
جلس محمد علي احد كراسي العزاء وصوت القرآن يملئ المكان ، جلس بجوار صديقه عبد الله ليعود بالزمن الي ايام وفاة والده.....
فلااااش بااااك
كان محمد لايزال في الخامسه عشر عاماً
كان يفتح باب منزله المجاور لمنزل جاره فاروق .
سمع صوت جاره فاروق وهو يصعد السلالم ليقول له:
ازيك يا محمد ..عامل ايه ؟..
التفت له محمد وابتسم ابتسامه باهته
الحمدلله يا عمو...
لفت نظره الي ولد اخر في مثل سنه او اكبر منه قليلا بجوار فاروق ، ابتسم فاروق وقال لمحمد:
ده فريد يا محمد..تقدر تقول انه زي ابني... ايه رايك تيجي تتغدي معانا وبالمره تتعرف علي فريد...
نظر محمد الي فريد مره اخري ، كان يبدو ان فريد هادئ ، لايوجد علي ملامحه اي رده فعل .
نظر محمد الي فاروق الذي كان ينتظر موافقته وقال:
ماشي...
لم يكن يعلم ان فريد سوف يكون صديقه الوحيد الذي يحكي له كل أسراره ، ربما معامله فريد له ليست افضل معامله..ولكن يكفي انه ملجأه الوحيد....
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم