رواية فريد من نوعه الفصل الخامس بقلم حنين شريف
في الليل
كان فريد يمشي قريباً من الحي.
كان وجهه شاحباً ، لم يتناول الطعام منذ الصباح ، يشعر بالضعف الشديد ، سئم من كل شئ....
من شده تعبه جلس علي احد الارصفه في شارع قريب من الحي.
سند ضهره علي احد الاعمده ، اغمض عينيه بتعب ، كان المكان هادئ ، لايسمع اي صوت .
كان مغمض العينين ولكن كان مستيقظاً ، سمع صوت اقدام صغيره تقترب منه ، ظل مغمض العنين لتقترب اكثر ، شعر بيداً ناعمه تلمسه كتفيه.
انت كويس يا أستاذ ؟...
كان صوت انثوي خائف ، سمع ذلك الصوت من قبل! ،فتح عينيه ببطأ ، كانت الرؤيه مشوشه ، رأي فتاه وجهها ابيض وشعرها اسود طويل ، لم يري ملامح وجهها ، ولكنه احس بشئ لم يشعر به من قبل ، شعر وكانه قد وصل الي منزله الحقيقي ، الي الامان الذي كان يتمني ان يحصل عليه..
كررت الفتاه سؤالها بقلق
انت كويس يا استاذ؟؟..
حاول ان يتمالك نفسه وينهض ولكنه شعر بدوار جعله يفقد الوعي.
.................
فتح عينيه ليراه في منزله ، عقد فريد حاجبيه بأستغراب ، "ايعقل ان كل ذلك كان حلم ؟؟."
كان نائما علي سريره ، دخل محمد الي الغرفه بابتسامته المعهوده:
قلقتني عليك يا فريد بيه..
قال فريد :
هو ايه الي حصل؟..
جلس محمد بجوار فريد علي السرير وقال:
مفيش ياسيدي ، كنت برن عليك علشان حصلي ظرف كده وكنت هتأخر لكنك مكنتش بترد عليا ، وكنت جايلك متأخر علشان عارف انك هتكون صاحي و وانا جاي في العربيه لقيتك مغمي عليك وكانت جمبك جارتك الي في الشقه الي قصادك ، قالتلي انها لقيتك نايم علي الرصيف ولما جات تصحيك اغمي عليك...
ابتسم فريد ابتسامه هادئه ليكمل محمد
انت كلت؟..
هز فريد رأسه نافياً ليقول محمد بضيق
ما طبيعي لازم تتعب ، علي العموم انا كده كده عملتك حاجه تاكلها..
خرج محمد بينما اتسعت ابتسامه فريد وقال:
بقي القمر دي هي الي ساعدتني...
نهض من فراشه وقال:
لا انا اكيد هشكرها يعني...
دخل محمد حاملاً الطعام
يلا ياسيدي اكل انا كمان معاك...
تأفأف فريد وقال لنفسه
شكلي كده هأجلها لبكره...
جلس فريد ومحمد يتناولون الطعام ، قال فريد بتسأل
هو صحيح يا محمد ، متعرفش اسم البنت الي ساعدتني؟..
قال محمد وهو يتناول الطعام
اه اسمها هدير...
عم الصمت علي المكان ومن ثم نظر محمد لفريد الذي كان يأكل وقال:
صحيح يافريد..انا روحت عزاء واحد صاحبي..
نظر له فريد وقال باستغراب
صاحبك مين؟..
محمد وهو. يتناول الطعام
زميلي في الشغل...والده اتوفي النهارده...
فريد بغيظ
اممم علشان كده بقي اتأخرت عليا...
محمد برفع حاجب
ده علي اساس اني لو جيت كنت هتكون موجود يعني ؟..
فريد بضيق
اممم كمل...
محمد
اول ما شوفت وشه افتكرت نفسي لما بابا اتوفي... نفس ردة الفعل ، ونفس الصدمه...
ابتسم وقال
وافتكرت برضو اول مره عرفتك ، لما عم فاروق جابك العماره...
ابتسم فريد وقال
اه فاكر...
محمد
كنت غامض اوي انت...
فريد بضحك
طبعاً...
محمد
الله يرحمه...
فريد بتنهيده حزينه
الله يرحمه..
محمد بتذكر
هو صحيح يافريد ، ازاي يوم العزاء مجاش حد من قرايبكم؟..
تبدل وجه فريد الي الهدوء التام وقال:
خالو كان عنده مشاكل مع عيلته ، قصدي يعني عليتنا ، علشان .كده محدش جه...
محمد قائلاً
بس خالك فاروق كان طيب اوي يافريد...ده انا مش مصدقك اصلا ان لما ابوك وامك اتوفوا خالك هو الي قرر يربيك...
فريد بهدوء
انا شبعت ..
محمد باستغراب
طب كمل...
قاطعه فريد
محمد معلش انا تعبان وعايز انام...
تنحنح محمد وقال
ماشي .. ابقي اجيلك في وقت تاني...
غادر محمد بينما اطفأ فريد الضوء ليظل في الظلام ، ويظل في عتمته الداخلية ، حيث لايراه احد ، مثلما اعتاد دائماً.
نام علي سريره وقال بنبره حزينه
محدش عارفني يامحمد...لا انت ولا حتي فاروق الي رباني ، مع انه هو الي اتبناني من الملجأ وخلاني اعيش حياه عمري ما كنت متخيل اني ممكن اعيشها ، بس هو حتي ميعرفش حقيقتي ، كان نفسي احكيلك عني بجد...من غير كدب..بس في حاجه جوايا منعاني ، مش قادر اصارحك بحقيقتي...لان الافضل هو انك تفضل مخدوع فيا ، لانك لو عرفت حقيقتي ...هتمشي...وانا مش عايزك تمشي....
............................
في نفس الوقت في البيت المجاور لفريد ، حيث منزل هدير...
كانت هدير جالسه بجوار والدتها التي قالت:
طب وهو عامل ايه دلوقتي...
قالت هدير
معرفش...هو صاحبه اخده البيت وانا اتحرجت يعني اخش معاه ، قلت ابقي اشوفه الصبح...
والدتها التي تسمي وفاء:
ربنا يشفيه ان شاءالله...
قالت هدير
يارب...
دخلت هدير الي فراشها لتحاول النوم.
فلااااش باااااك
والد هدير بغضب
بت انت هتقرفيني ولا ايه؟.!
هدير ببكاء وهي تتمسك بوالدتها الذي تقول له بغضب
انت بتقول ايه ياراجل انت!
ايوه البت هتتعلم وتشتغل وتبقي بميه راجل....
والد هدير الذي يسمي "مدحت''
بقولك ايه يا وليه انت ، كلامي هيتسمع غصب عنك ، بعدين وهو من امتي والبت بتتعلم ، طول عمرنا ...البت مكانها بيتها غير كده مش هيحصل!...
وفاء نظرت له بدموع وهو ضحك بسخريه وقال
ولا يكون وحشك ضرب زمان...
غادر مدحت بينما جلست وفاء علي الارض تبكي وتحضن ابنتها وترتبط علي كتفيها وتقول بدموع:
انا اسفه ياهدير..اسفه يابنتي...انا الي غلطت..انا الي اتجوز واحد زي ده...ده ذنبي يابنتي...سامحيني...
باااااااك
فتحت هدير عينيها التي تمتلأ بالدموع لتمسحها بسرعه وتحاول النوم وعدم تكرار تلك الكوابيس التي عاشاتها.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم