رواية حبل الوريد الفصل الخامس
- عاد لوعيهُ توًا ليكتشف إنه خرج من الحاضر وحُصر بالماضي الذي قضاه معها ..
أبتسم إبتسامة عاشقة وهو يتنهد مُلتاعًا ثم هتف :
- دي اللحظة اللي حياتي أبتدت فيها ، وده يوم ميلادي .. مكنتش بصدق في الحُب اللي بييجي خطف بين لحظة وثانية ، لكن معاها كل حاجة أتغيرت وصدقت
_ تذكر إبتسامتها الصافية وهي تُنير صباح يومهُ ، فبرزت أسنانه الناصعة وهو يتابع بشغف :
- عشانها مستعد أعمل أي حاجة في الدنيا ، كفاية تكون جمبي وعشاني .. أنا عشانها بعيش وبتنفس ، وبيها بس وريدي بينبض ، خلاص أتولدت عشاني .. عشاني لوحدي
_ أفاق من حالتهُ الهائمة ليجد شقيقته قد هامت معه هي الأخرى .. مستندة على سطع سيارته برسغها وتنظر حيالهُ بنظرات متأملة غدٍ أفضل ، فلوح لها '' ريان '' بكفه وهو يستطرد قائلًا :
- تاج ، أنتي هنا !
تاج وهي تهز رأسها بخفة : هــه ! آه معاك
ريان وهو يشير لها نحو سيارة والدها : طب روحي خلي السواق يوصلك، أنا لازم أمشي حالًا عشان أتأخرت
تاج وهي تغمز له بنصف عين : سلملي على كوكي
ريان وهو يلكزها بعنف مُحبب إليها : طب غوري يلا ، كتك داهية
تاج وهي تضيق عينيها التي لمعت بفكرة جيدة : كـدا ! أوكي ، عمومًا أنا بعت add ( طلب إضافة ) لكوكي أمبارح ، وأول ما هتقبله هنقضيها chatting ( دردشة إلكترونية ) ، ومش بعيد نكون جبهة ضدك
ريان وقد حدقت عينيه بذهول : هي كدا يعني ! طب دوريلك على أخ غيري يجيلك شيكولاتة
_ أستقل سيارتهُ سريعًا وأوصد الباب من الداخل حتى لا تستطيع مداهمتهُ كعادتها ، بينما ظلت هي تطرق على زجاج السيارة وهي تنطق بضيق طفولي :
- أخس عليك ياريـو ، أنا بهزر معاك ياحبيبي ماانت عارفني بوء على الفاضي
ريان وهي يغمز لها متعمدًا إغاظتها : بعينك ياقلب أخوكي من جوه
_ لوح لها بكفه وهو يردد :
- بــــــاي
_ ركلت الأرضية بقدميها عقب أن قام بقيادة سيارتهُ وتركها بمفردها .. ثم نظرت لساعة اليد خاصتها لتتفاجأ بتسرب الوقت من بين يديها ، فأنفرجت شفتيها بذعر وهي تقول موبخة نفسها :
- كدا أول محاضرة أتكنسلت والحمد لله ، كان لازم يعني أسمع يوميات ريان وكارمن! .. أوف بقا
.................................................................
_ بداخل أسوار أحد أرقى الجامعات في مصر ، الجامعة الأمريكية ..
تواجدت كارمن بأحد المكتبات الخاصة بالجامعة لتبحث عن مبتغاها بين أروقة المكتبة وبين صفحات المراجع والكتب .. وعندما وجدت ما تريدهُ أبتسمت بحماسة وأنتقلت بخطواتها نحو أحد الطاولات الخشبية الصغيرة والمنتشرة بمحيط المكتبة ..
راحت تتجول بين الصفحات وسطور الكلمات وتدون ما يحوز على أهتمامها بداخل مذكرتها الصغيرة ..
حتى تفاجئت بصوت رنات هاتفها الجوال ، فتوترت وهي تبحث عنه بداخل حقيبتها .. وسرعان ما ضغطت على الزر الجانبي لأغلاق هذا الصوت ، رفعت بصرها لتجد أمينة المكتبة تنظر لها بنظرات معترضة مستنكرة .. حيث يُمنع منعًا باتًا إستخدام الهواتف المحمولة بداخل مركز المكتبة ، فرفعت كارمن كفها بأسلوب مهذب وهي تضغط على شفتيها بحرج ثم نطقت :
- I'm so sorry ( انا آسفة )
_ أومأت تلك السيدة الوقور رأسها بتقبل لأعتذارها ، ثم تحركت من مكانها لتباشر عملها .. بينما أخفضت كارمن رأسها لتنظر نحو هاتفها المحمول ، ثم شرعت بكتابة رسالة نصية لتقوم بإرسالها عبر أحد التطبيقات الشهيرة ( واتسـاب ) للمراسلات الكتابية ، وأغلقت هاتفها ودستهُ بحقيبتها مرة أخرى ..
وعقب أن قضت أكثر من ساعة ونصف بمركز المكتبة ، حصلت على مرادها وغادرت المكان بعجالة .. وأول ما أفتعلتهُ هو تشغيل هاتفها لتتصل به سريعًا و.....
كارمن : أيوة ياريان
ريان وقد ظهرت نبرة صوته الخشنة والمنفعلة لحد ما : أنتي قافلة الزفت ليه ! مليون مرة أقولك سيبي التليفون مفتوح وأعمليه silent بس ! هو انتي مصممة تخرجيني عن هدوئي ليه ؟
كارمن وقد تفاجئت بحدتهُ معها : ريــان ! أنت متعصب كدا ليه؟ وإزاي تزعقلي كدا؟
ريان مُكافحًا لأجل إخفاء ثورته عنها : عشان دماغي بتقعد تودي وتجيب ومعرفش عنك حاجة ! المفروض تكوني خلصتي من ساعتين ومتصلتيش بيا تطمنيني عنك!
كارمن وهي تذم على شفتيها بتبرم : عشان كُنت في الـ library ، وممنوع إستخدام الموبايلات
_ زفر أنفاسهُ مُعاتبًا نفسه على توبيخها ، ثم عادت نبرتهُ لأصلها الهادئ الرذين وهو يقول :
- طيب ، ياحبيبي بعد كده أبقي عرفيني بس .. طلب بسيط أهو
كارمن وهي تهز ساقها اليسرى بإنفعال : مش عارفة ليه بتخاف عليا بالصورة دي ؟ وكأني هتخطف
ريان وقد برز الحنان المُشبع به صوته : كوكي أنا بخاف عليكي حتى مني ، قدري ده
كارمن وقد تفهمت مخاوفه ، ولكنها أرادت ألا تتخلى عن محاولاته لمصالحتها : ماشي ، بس أعمل حسابك تشوفلك طريقة تصالحني بيها عشان زعلانة منك
ريان وقد أتسع محياه بإبتسامة متحمسة : بس كده ! أنتي تؤمري .. بس أفتكري إنك انتي اللي طلبتي
كارمن وقد تحمست نبرتها هي الأخرى : موافـقة جدًا
_ أنتبه ريان لإقتراب مدير عام الشركة منه ، فتبدلت ملامح وجهه فجأة ليحل محلها الجدية والرسمية ، ثم هتف بـ :
- هقفل معاكي دلوقتي وأرجعلك تاني ، باي
- ماشي ، باي
_ لمست شاشة هاتفها لتغلق المكالمة ، وهبطت درجات السلم اللامعة من فرط نظافتهُ .. لتلتقي بصديقتها '' نهاد '' في الطريق ، بينما كانت الأخيرة عابسة الوجه متصلبة الملامح وهي ترمق '' كارمن '' بتجهم ، لتنطق بـ :
- طالما خلصتي حوار المكتبة ليه مكلمتنيش ياكارمن ، مش بعتي قولتيلي هكلمك لما أخلص !
كارمن وقد تنغض جبينها بضيق : sorry يانودي ، والله نسيت خالص .. المهم كنتي عايزاني ليه ؟
_ أخرجت بطاقات دعوة صغيرة من جيب بنطالها ، ثم بسطت يدها إليها وهي تقول بتحمس شديد :
- دي تذاكر لبورتو السخنة ، هنطلع أول الأسبوع ونرجع بعد ٤ أيام
كارمن وقد أرتفع حاجبيها بذهول : إيـه ! هنـطلع ؟
مين قال إني طالعة؟
نهاد وهي تحدجها بإزدراء : نـعـم ياحببتي ! هتطلعي ورجلك فوق راسك ، كل الشلة طالعة وحجزنا الـ tickets ( تذاكر ) خلاص
كارمن وهي تفرك طرف ذقنها بتردد : مش عارفة هقدر ولا لأ ، كمان كريم كان عايزنا نسافر الأسبوع الجاي وكدا هكنسل ( هلغي ) معاه
نهاد وهي تفرك كفيها بحماسة وشغف : معايا tickets زيادة خليه ييجي ، ونولعــها بقا
_ أبتسمت كارمن وقد لمع برأسها فكرة إصطحابهُ معها ، فعضت على شفتيها بتحمس وهي تقول :
- خلاص هقول لكريم وأشوف كده
نهاد وهي تغمز لها بعينيها :طالما ضحكتي يبقى الحكاية فيها ريـو ، ولا إيـه ؟
كارمن وهي تخفض رأسها بخجل : بس يانهاد ، ويلا بقى عشان تعبانة جدًا وعايزة أروح
_ تحركت إثنتاهم لمغادرة الجامعة الأمريكية ، حيث أستقلت كارمن سيارة شقيقها الذي حضر خصيصًا لإصطحابها .. بينما غادرت نهاد بمفردها عقب أن قادت سيارتها للإبتعاد عنهم .
....................................................................
_ كانت الظُلمة قد حلّت بعد غروب لطيف من الشمس .. وصلت كارمن لباحة القصر وهي تضغط على رأسها من فرط الإرهاق الذي تشعر به يحاوطها ..
ولكنها أنتبهت لصوت والدها وهو ينادي عليها بصوته الحنون :
- كــارمن
كارمن وهي تلتفت بجسدها بإتجاه مصدر الصوت ، لتنبعث منها إبتسامة رقيقة وهي تخطو نحوه قائلة : بابي ، وحشتني جدًا ياجلجل
_ ألتقيا في نقطة بالمنتصف ، حيث عانقته عناقًا طويلًا يحمل الكثير من شوقها الجارف له .. مسحت كارمن على صفحة وجهه المزينة باللحية وكأنه الحبيب وليس الأب ..
ولما لا ، فهي ترتبط إرتباطًا وثيقًا بوالدها منذ وفاة والدتها منذ أكثر من خمسة عشر عامًا .. فكانت هي مدللة والدها والتي لا تفارق خطواته ، وهي له الجوهرة المصون .. يحمل دُنياه في يسراه وهي في يُمناه ، ويليها شقيقها الأصغر '' كريم '' والذي نال من هذا الدلال بجانب بعض الشدة والحزم لتكون شخصيته رجولية حازمة گوالدهُ ..
أبتعدت عنه كارمن قليلًا ثم قبّلت جبهتهُ ورددت :
- كنت واحشني جدًا ، معرفتش أتكلم معاك أمبارح لما رجعت من الفرح
_ تجهم وجهها فجأة وهي تتابع بسخرية واضحة :
- أصلك مكنتش لوحدك
جلال وقد تفهم ما ترمي إليه ، فجذبها من معصمها ليجلس بها على أحد المقاعد المبطنة الناعمة في بهو القصر ، وجلست هي أعلى ساقيه : قولتيلي !
كارمن وهي تداعب ياقة قميصهُ القرمذي : ياريت يابابي تكون صرفت نظر عن موضوع الجوازة دي
جلال محاولًا إستخدام أقصى درجات الهدوء والرذانة معها : روكا ، صدقيني قُصي بيحبك لدرجة متتوصفش .. لكن هو مش عارف يوصلك دا أنا متأكد
كارمن وهي تشيح بوجهها للجانب الآخر : فرضًا إني صدقت ، برضو مش هعرف أبادلهُ الحب ده ، أنا مش بحبهُ بالعكس ، مش بطيق سيرته!
جلال وهو يوجه رأسها نحوه : يمكن عشان عقلك مبرمج نفسه على كدا ، لأ يبقى لأ .. من غير ما تسيبي فرصة لنفسك إنك تخوضي التجربة دي معاه
كارمن وقد ضاقت عينيها بإصرار عجيب : هتكون تجربة فاشلة ، لأني مش عايزاها
_ تنهد جلال بسئم ، ثم أخفض بصرهُ عنها وهو يتابع بنبرة حزينة :
- دي أول مرة تخالفيني ، وبالإصرار ده !
_ رفع بصره نحوها مرة أخرى ، ثم رمقها بنظرات مُغزية تحمل معاني كبيرة وهو يردد :
- ولا في حاجة أنا معرفهاش !
كارمن وقد بدا عليها الإرتباك فورًا عقب فضح والدها لأمرها : هـه ! لأ خالص .. بس آ....
جلال وقد أتسع مبسمهُ بإبتسامة مُتسلية : يبقى في حاجة! هتخبي على بابـي برضو ؟
_ أحنت كارمن رأسها بإستحياء من والدها ، ثم أومأت برأسها إيماءه خفيفة .. وأحتفظت بهذه الحُمرة التي أتشعت في وجنتيها ، بينما مسّد هو بعاطفة أبوية على رأسها وهو ينطق بـ :
- بقا كده ! وبتخبي عن بابي؟
كارمن وهي تذم على شفتيها بحرج ، وقد أنزعجت من حالها لعدم الإلتزام بالصدق معهُ : كنت مستنية اللحظة المناسبة
جلال وقد ظهرت الحماسة في نبرة صوتهُ : طب هو مين ! أسمه إيه وعرفتيه إزاي ! و.....
كارمن وهي تقاطعه بنبرة أختلجها الضحك : بابا ، براحة عليا شوية ياجلجل .. كل حاجة هقولك عليها لما أكون جاهزة لده
جلال وقد أنعقد ما بين حاجبيه بإستغراب : جاهزة !
كارمن : بصراحة أنا اللي موقفة الموضوع من إنه يكمل ، حضرتك عارف إني هاخد الماچيستير بعد شهرين .. وانا فضلت يكون بعدها
جلال : أهـا ! طيب ياروكي .. أنا هستنى اليوم اللي هتعرفيني فيه على الإنسان اللي أختارتيه يكمل معاكي حياتك ، وهكون سعيد لو إختيارك صح
كارمن وقد تزين محياها بإبتسامة سعيدة : حبيــبي يابابـي ، ربنا يخليك ليا يـارب
_ وأخيرًا قبّلت صدغهُ ونهضت عن ساقيه لتنتقل إلى الطابق العلوي .. بينما أستقام هو في وقفته وأنتقل ببصره نحو أحد الزوايا التي تحمل إطارًا كبيرًا به صورة فوتوغرافية مميزة لإمرأة غاية في الجمال .. أبتسم وهو يحدجها بإشتياق ثم نطق بصوت خفيض :
- كارمن كبرت وقلبها دق ياريـم ، كان نفسي تكوني موجودة
_ تنهد بتألم وقد وخزهُ قلبه الكائن بين أضلعهُ ، طغت الملامح الحزينة على وجهه وهو ينطق بـ :
- ربنا يرحمك ياحببتي
_ كانت كارمن تتحرك بمرح في الرواق حتى وصلت لغرفتها ، أسرعت في إرتداء ثوبها المنزلي والمكون من بنطال قصير يصل لبعد الركبة من اللون الأزرق ، ويعلوه كنزة لبنية اللون ذات حمالة واحدة فقط .. ألقت بجسدها على الفراش وهي تفتح جهاز الحاسوب الشخصي خاصتها ، وبدأت تتفحص مواقع التواصل الإجتماعي بإهتمام شديد .. تدفق الوقت من بين يديها وهي لا تشعر به ، حيث مر ساعتين وأكثر وهي بمحلها لم تتحرك .. حتى تفاجئت بدخول كريم المفاجئ إليها وهو يزعق بصوته عليها و...
كريم : كـــــــارمن
كارمن وهي تضع كفيها على أذنيها ملثمة إياهم : في إيـه يابني ، هو انا عايشة في بيت تاني وانا معرفش!
_ مدد كريم جسدهُ على فراشها وسلط أنظارهُ على السقفية وهو يهتف بمرح :
- هنطلع الغردقة الأسبوع الجاي ، جاهزة ؟
كارمن وقد تلوى ثغرها بعدم إقتناع : لأ ، خليها بورتو السخنة
كريم وهو ينتقل ببصره نحوها مدهوشًا : إشمعنا السخنة ! روحناها كتير ؟
كارمن : بحبها ، وبعدين الـ tickets جاهزة خلاص
كريم وهو يعتدل في جلسته بإندفاع :جاهزة ! على إعتبار إني شنطة سفر هتاخديها معاكي تحصيل حاصل !
كارمن وقد تفهمت الغلطة التي سقط بين حوافها : لأ مش قصدي ياكوكو ، بس نهاد فاجئتني النهاردة وقالتلي إنها حجزت لينا معاها
كريم وقد عبست ملامحه بضيق : بس انا كنت عايز الغردقة! وبعدين انا ما صدقت بابا وافق يسيبني أسافر معاكي الكام يوم دول وأخد rest من الشغل
كارمن وقد أندفعت في الحديث بمرح زائد : دول ٤ أيام بس ! وانت واخد أسبوع كامل إبقى إطلع الغردقة بعدها
_ بدا حديثها مُقنعًا له ، فوضع إبهامهُ ليقرض به وهو منشغل بالتفكير .. بينما كانت هي تحدجه بترقب منتظرة قرارهُ ، حتى هز رأسه بالموافقة وهو يقول :
- موافق ، طالما أربعة بس
_ صفقا كفيهما سويًا گتعبير عن الإتفاق ، ثم نهض عن جوارها وترك الغرفة موصدًا الباب عليها ..
في هذه اللحظة تحديدًا ، أضاء هاتفها مُعلنًا عن إتصال هاتفي ، وأسمهُ يلمع بين أيقونات الشاشة .. فأبتسمت بشغف وأعتدلت في جلستها سريعًا ، أستشعرت سرعة نبضاتها وتلهفها الزائد لسماع صوته بعد غياب دام لعدة ساعات فقط ، فحاولت ضبط أنفاسها المتسارعة وهي تهتف :
- أهدي ياكوكي ، أهدي .. إيه شغل المراهقين ده ! هو أول مرة يكلمك يعني
_ سحبت شهيقًا عميقًا لصدرها ثم لمست هاتفها للرد و :
- ريـان
ريان بصوت رجولي تدفق به الحُب : وحشتيـني
كارمن وقد أطبقت عينيها بإستمتاعٍ شديد : وانت كمان وحشتني
ريان : انتي فين ؟
كارمن وهي تمدد جسدها على الوسادة العريضة : أنا في البيت
ريان : طب أطلعي عايز أشوفك
كارمن وهي تنتفض من جلستها غير مصدقة : إيـه ! أنت هنا! ؟
ريان وهو يستمع لصوتها بإستمتاع : هتسيبيني واقف كتير؟
_ نهضت بل الأصح إنها ركضت نحو شرفة غرفتها وخرجت إليه لتنظر حولها .. ولكنها لم تجدهُ ، فرفعت الهاتف لأذنها وهي تردد :
- فين ؟ مش شيفاك
_ رفع ريان ذراعه حتى يظهر إليها موقعه ، فتبين أمامها ..
حيث كان يعتلي الدراجة النارية الجديدة خاصته .. فأبتسمت له بسعادة وهي تقول :
- بتعمل إيه هنا الساعة دي يامجنون !
ريان وهو ينظر لساعة يدهُ : لسه الساعة عشرة ونص بس ، يلا أنزلي
كارمن وقد أتسعت عينيها بعدم تصديق : أنزل ! لأ مينفعش طبعًا
ريان وهو يشير بذراعه نحوها ، ويتابع بلهجة جادة : هتنزلي ولا أطلعلك أنا وأتعرف على عمي جلال وكريم ودادة لطيفة وكل سكان القصر !
كارمن وقد أتسع ثغرها بضحكة صغيرة : ريان ، بلاش جنان
ريان : مقدرش أعيش من غيرهُ ، يلا بسرعة عشان كل ما توحشيني أكتر معدل الجنان بيزيد عندي
كارمن وهي ترفع يديها مشيرة بأصبعيها السبابة والوسطى : طيب دقيقتين بس
ريان : هنشوف الموضوع ده لما تنزلي ياكوكي
_ أغلقت هاتفها وتحركت سريعًا نحو الأسفل ، تخطت الدرجات بسرعة جنونية حتى كادت تتعثر في طريقها .. فهي أيضًا تشتاق لرؤيته وإشباع جوع عينيها به ..
وعندما وصلت أمام البوابة الرئيسية للقصر ، فتحتها بتمهل وتعدت الأعتاب الكبيرة التي تفصل بينها وبين الخارج ، لتجده واقفًا بدراجته أمام القصر مباشرة .. فتحركت نحوهُ بعجالة ، ليحتضن كفيها الباردتين بكفيه الدافئتين وهتف :
- ينفع تسيبيني كل ده واقف !
كارمن بنبرة مستنكرة : هي دقيقة واحدة !
ريان عاقدًا لحاجبيه بسخرية : يعني ٦٠ ثانية بحالهم ياقاسية
_ لفت إنتباهه هذه الملابس المنزلية التي ترتديها، وخاصة هذه الكنزة الفاضحة والتي كشفت عن ذراعيها وكتفيها وعنقها بطولهُ .. فأمتعضت ملامحه وقست فجأة وهو يردد بخشونة :
- أنتي إزاي تنزلي بالشكل ده !
كارمن وقد شعرت بالحرج من رؤيته لها بهذا الوضع : أصلك إستعجلتني و آ....
ريان : أستعجلت إيه وزفت إيه ؟
_ بسط يده بالأسفل ليلتقط حقيبة بلاستيكية ثم أخرج منها وشاحًا ناعمًا ذي معصمين .. وترك الحقيبة ليتمكن من مساعدتها في إرتدائهُ وهو ينطق بصوت محتد :
- لو أتكررت تاني هطين عيشتك ياكارمن ، محدش يشوفك بالشكل ده غيري
_ أستسلمت لرغبته وهو يحاوطها بذلك الوشاح ولم تعترض ، ولكنها نطقت بتهكم :
- هطين عيشتي !
ريان بلهجة حازمة لا تحمل المزاح : وأكسر رقبتك كمان ، متستفزنيش بالنقطة دي
_ أخفضت بصرها عنهُ ، بينما تابع هو بغيظ :
- أنا غلطان إني جيت أصالحك
كارمن وقد أنتبهت حواسها لعبارته الأخيرة : ها ! بقا كده ؟ يعني مش هتصالحني يعني ولا إيه ؟
ريان وهو يرمقها من زاوية عينيه : أركبي يلا
كارمن وقد صدرت منها شهقة صغيرة : نعم ! أركب إيه لأ طبعًا مينفعش
_ جذبها لتستقل دراجته النارية من خلفهُ ، حاولت ألا تنساق وراء رغبته ولكنه لم يترك لها المجال للرفض ، حيث أجلسها سريعًا خلفه وضغط على مقبضي الدراجة وهو يهتف بحماسة :
- ماهو أنا مش ماشي من هنا قبل ما أصالحك ، ودي طريقتي إذا كان عاجبك
_ ألتفت برأسه نصف إلتفاتهُ وتسائل :
- في إعتراض عند حضرتك ؟
كارمن وهي تهز رأسها بالسلب : لأ
ريان وهو يبتسم بسعادة غزت وجهه : طب أقفشي كويس
كارمن وقد أرتفع حاجبيها بعدم فهم : أقـ .. إيه؟
ريان وهو يتحرك بالدراجة رويدًا رويدًا : أمسكي فيا يعني يابنت الذوات
_ وما أن تشبثت بملابسهُ حتى وجدته يطير بها على الأرض وبسرعة جنونية أنطلق نحو الأمام و............................................
....................................................