رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الخامس 5 بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الخامس 


_ذهب العشق_

كانت تمسح أرضية المطبخ حين شعرت بالعرق يتصبب علي جبينها فتوقفت تخرج منديلها وتجفف به جبهتها ثم عاودت عملها بجد واهتمام تبغي ان تنتهي منه بسرعة حتي يتسني لها أن تساعد والدتها في المهام الأخري والتي زادت اليوم علي كاهلها لاستقبال أصحاب البيت ضيوفاً ينوون خطبة ابنتهم الكبري سلسبيل، شعرت ببعض الإرهاق فقررت أن تأخذ استراحة لبضعة دقائق، جلست علي أقرب كرسي وأخرجت هاتفها تتفقد رسائلها فانتفضت علي صوت ساخر تقول صاحبته:
_الهانم قاعدة ولا علي بالها وسايبة الشغل لمين ان شاء الله؟ تحبي نجيبلك خدامة تساعدك؟

شعرت براء بغضب شديد ولكنها تمالكت نفسها إكراماً لأصحاب المنزل، فهذه العقربة رغم كل شيء هي ضيفتهم وزميلة ساهر التي يتوقع الجميع خطبته لها في وقت قريب، تدرك بكل يقينها أن ما يغصّ قلبها ليس غيرة علي طبيبها  قدر ألمها لأن هذا الرجل الرائع قد ينتهي به الأمر مع هذه الحرباء، نهضت تضع الهاتف في جيبها وهي تقول بهدوء:
_أي خدمة ياآنسة جاسمين؟

تطلعت إليها باستعلاء قائلة:
_اعمليلي عصير فريش واعملي لساهر فنجان قهوة مظبوط وهاتيهم الجنينة، بسرعة وبلاش دلع.. مفهوم؟

هزت براء رأسها بهدوء فغادرت جاسمين المطبخ، زفرت براء ثم اتجهت إلي دولاب المطبخ لتبدأ إعداد ما طلبته منها ، تبتهل إلي الله أن تنتهي هذه الليلة بسرعة وتنتهي معها زيارة الحرباء، لا تدري كيف ستتحمل وجودها معها في نفس المنزل إن تزوجها ساهر وقد أدركت منذ ان عشقته أن عشقها بلا أمل وأنها بعيدة عنه ابتعاد السماء عن الأرض.

______

تطلع إلي محياها الرقيق بعيون تصارعت فيهما المشاعر،فاتنة هي لا يدري سرها الذي جعل خافقه الآن يعود للحياة، لقد عاد من السفر بسرعة بعد أن شعر بأنه يفتقد مشاكستها أمامه كقطة برية، تثير اعجابه كما لم تفعل أي فتاة قط،في المدة التي راقبها فيها قبل اختطافها أدرك أنها فتاة بريئة لاذنب لها فيما اقترفته يدا والدها،جمعت بين الرقة والقوة في مزيج كان سيدفعه للتعرف إليها في ظروف أخري ولكن في ظل درب الانتقام الذي يسير فيه بخطي محسوبة أجبر قلبه أن  يُنحي مشاعره جانباً وأكمل خطته شاعراً بالذنب يغمره، ربما هو نقائها الذي ذكره بكل شيء قد نسيه في خضم صراعه من أجل المال، في حضرتها نسي الماضي الأليم والأوقات القاسية والليالي الباردة.. في حضرتها شعر بشيء لم يشعر به قط، شعور دافئ دثره وراق له وغضب جامح أطلق شياطينه حين وجد هذا القذر يجتاحها بقبلاته، قبض يده بقوة وأغمض عينيه عن صورة أطلت أمامه، فتح عيناه علي صوتها وهي تهذي بضعف:
_ابعد عني اياك تقرب مني.

قطب جبينه ونهض يجلس جوارها يهز كتفها برقة قائلاً:
_حور فوقي ياحور.

انتفضت بينما تقول وقد قسا صوتها وعلت نبراته:
_لو قربت مني هقتلك.. هقتلك.

_حور فوقي.. ده كابوس.

صرخت وهي تستيقظ فجأة وما ان رأته حتي اتسعت عيناها وكادت أن تصرخ مجدداً فأسرع يضع كفه علي فمها، حاولت دفعه عنها ولكنها كانت أضعف من أن تفعل بينما يقول لها بهدوء لا يعكس ألمه وهو يدرك خوفها المرضي منه الآن:
_اهدي بس متخافيش والله العظيم ماهأذيكي ولا هاجي جنبك، حور انا جبتك بيتي وأنا ليا جيران، صوتك هيلم الدنيا علينا وصدقيني وقتها مش ممكن أسيبك تخرجي من هنا حية.

تطلعت إليه بعيون وجلة ولكنها توقفت عن المقاومة ليتطلع إلي مقلتيها بعينيه الخضراوتين اللتان قتم لونهما وهو يقول:
_هبعد ايدي بس مش هتصوتي.. مش كدة؟

هزت رأسها فأبعد كفه، قالت بصوت متحشرج:
_ايه اللي خلاك تجيبني بيتك وتكشف نفسك بالشكل ده لو مكنتش ناوي تموتني؟

_ده المكان الوحيد اللي ممكن آآمن عليكي فيه بعد اللي حصل.. هنا كل الناس عارفهم ومعايا من سنين وواثق فيهم وفي وفائهم وأخلاقهم.

_الأخلاق تهمك قوي مش كدة؟ لأ واضح الصراحة وبعدين هيفرق معاك في ايه مصيري؟ انت مش قلت انك بتنتقم مني.

نهض قائلاً بجمود:
_أنا مقلتش اني بنتقم منك انتِ، انتِ مجرد وسيلة، كارت بلعب بيه ولازم أكسب به  مش ناوي أأذيكي لإني مبأذيش غير اللي بيإذيني، بس نصيحتي ليكِ انك متحاوليش تستفزيني، يعني انتِ هنا ضيفة هتتشالي علي الراس لكن لو حاولتي تقلي عقلك وتضريني متلوميش غير نفسك لان وقتها هعاملك زي أعدائي تمام وأفرمك.

اقشعر بدنها من لهجته ونبرة التهديد بصوته ولكنها تمالكت نفسها وهي تقول:
_وياتري مين اللي قاصد تإذيه بخطفي.. مين عدوك؟وعمل فيك ايه؟ وأنا أهمه في إيه؟ لو كنت تقصد الدكتور جهاد فصدقني مفيش أي حاجة بتجمعني بيه.. هو طلبني للجواز وأنا رفضت يعني مش هفرق معاه.

قست عيناه وقتم لونهما حتي أنها ظنت للحظة أنهما سوداوتين وهو يقول:
_ اللي أقصده بخطفك مش بس هيفرق معاه، لأ ده هيسحب روحه حرفياً ومش بعيد يقتله.

قطبت جبينها بحيرة وهي تتساءل عن عدو هذا الرجل القريب منها حد أن اختطافها قد يزهق روحه، اتسعت عيناها بصدمة فهذا الوصف قد ينطبق علي رجل واحد في حياتها، رجل لن تسمح لمختطفها بإذلاله عن طريقها لتعقد حاجبيها بغضب وتحدي بينما ارتسمت علي شفتي مختطفها بسمة ساخرة اتسعت تدريجياً وهو يستدير مغادراً قبل أن يتوقف دون أن يلتفت قائلاً:
_متنسيش اني حذرتك، غلطة واحدة ومش هتردد في قتلك ووقتها هتكوني لوحدك السبب في نهايتك.

لم ينتظر ردها وهو يغادر ويغلق الباب بالمفتاح لتزفر حور وهي تفكر.. كيف تخرج نفسها وتخرج والدها من هذه الورطة.... كيف؟

______

ذهب العشق.. وظلت الذكريات تؤلمنا نتحسس أوقات قضيناها معاً. كلمات قلناها وضحكات تشاركناها
افترقنا..وها آنا ذا قد بدأت مراسم رحيلي في طريق بلا عودة،سيستعبدني فيه الألم ويقتل كل لحظات السعادة
الذنب ذنبك يا من منحتك القلب والروح، فلا تسألني شيئاً و اسأل قلبك.. لماذا تخليت عني؟
ثم ارحل بدورك ولا تعد، فسأزرع بدروب قلبي أشواكاً حتي لا تستطيع اختراقه مجدداً، وحتي لا تخونني مشاعري وتسير نحوك، سأتقن فن التجاهل وأحترف الفراق حتي تتعجب مني وتقودك حيرتك لجدار مسدود تتساءل بجنون..
تري هل أحبتني يوماً؟

كانت تتطلع إلي نفسها بالمرآة، فاتنة هي اليوم كما لم تكن يوماً ولكن عيناها قد فقدتا لون الحياة ولمعتهما، حتي الدموع قد فارقتاها بعد أن سكبت العبرات أنهاراً طوال الليل حسرة علي حلم وارته الرياح وكابوس لا تستطيع الاستيقاظ منه.

_لسة الأوان مفاتش، بلاش تتسرعي وبعدين تندمي.

استدارت سلسبيل إلي سندس تقول بابتسامة باهتة:
_مبقاش فيه مجال للندم بعد ماندمت علي سنين ضيعتها في حب انسان محسش للحظة بيا، لازم أبص للمستقبل وأعيش حياتي، يمكن ألاقي السعادة والحب في نهاية طريقي.. رعد انسان رقيق وطيب وأكيد هيسعدني مش كدة؟

صرخ كل كيانها رافضاً ارتباطاً يجمع حبيبها مع شقيقتها ولكنها لم تستطع أن تتفوه بحرف واكتفت بهزة من رأسها وابتسامة أخري باهتة.

تأملت سلسبيل سندس قائلة:
_بس قوليلي ايه الحلاوة دي.. أول مرة أشوفك بفستان، لأ وسايبة شعرك كمان، ناوية تغطي علي العروسة ولا إيه ياسوسو؟

_وهو فيه حد في جمال العروسة برضه؟ انتِ أجمل بنت في الدنيا ياسلسبيل ورعد محظوظ بيكِ.

اقتربت منها سلسبيل واحتضنتها فأغمضت سندس عينيها علي حزن دفين تسعي لمواراته عن الجميع بكل قوتها، قبل أن تبعدها عنها قائلة:
_كفاية بقي مشاعر عشان هعيط وأبوظ الماكياج اللي طنط رهف عملتهولي ووقتها هتعلقني، يلا ياعروسة.. عريسك مستنيكي برة.

_وفهد.. قاعد برة معاهم؟

أمسكت سندس يدها قائلة بحنان:
_انسي فهد ياسلسبيل من اللحظة دي وحاولي تعيشي السعادة مع رعد، رعد بيحبك وأهم حاجة لما تيجي تتجوزي تختاري اللي بيحبك مش اللي بتحبيه.

هزت سلسبيل رأسها قبل أن تأخذ نفس عميق وتتبع أختها باتجاه العائلة وعريسها المنتظر.

_______

كانت براء تقدم المشروب في الطاولة التي ضمت نيرة وزوجها وساهر وجاسمين، حين تعمدت الأخيرة مد قدمها فجأة فتعثرت بها براء وسقطت أرضاً فوقعت الصينية من يدها وانسكب المشروب علي فستان نيرة،لتنهض جاسمين تقول بعصبية مفتعلة:
_انتِ عامية، مش تخلي بالك.. شوفي فستان آنطي نيرة باظ ازاي؟

نهضت براء وقد غشيها الاحراج والخجل بينما تقول نيرة:
_خلاص ياجاسمين محصلش حاجة، بسيطة.. هغيره.

_لأ مش بسيطة، هم الخدامين دول كدة لو عاملتيهم بطيبة بيفتكروا نفسهم من العيلة وبيتصرفوا باستهتار.

قال ساهر بنفاذ صبر:
_ماقالتلك خلاص ياجاسمين.

طالعت جاسمين ساهر باستنكار بينما اغرورقت عينا براء بالدموع وهي تغادر مسرعة باتجاه المطبخ يتبعها ساهر بعد أن أرسل نظرة حارقة باتجاه جاسمين، لتقول نيرة بهدوء:
_علي فكرة براء مش خدامة، براء بتعمل دراسات عليا في علم النفس وبكرة تعمل الماجيستير والدكتوراه وتبقي دكتورة قد الدنيا ومساعدتها لينا حب واهتمام ومشاركة لفرحتنا اللي بنعيشها النهاردة، مش ذنبها ان رجلك كانت في طريقها واتكعبلت، مكنش يصح أبداً تقولي الكلام البايخ ده وتهينيها.. عن اذنكم هروح اعتذرلها بنفسي واغير الفستان.

جلست جاسمين بحنق فمالت عليها والدتها تقول بغيظ:
_مبسوطة كدة؟

أشاحت جاسمين بوجهها بينما تجاهلها يزيد  وهو يتطلع إلي الطاولة حيث جلست ابنته الكبري مع خطيبها تبتسم وتتحدث وكأنها تطفو في سماء السعادة بينما يدرك لأول مرة زيف سعادتها، يتساءل عن غموض مايحدث ولكن مالبث أن زال الغموض وهو يلاحظ نظراتها المسترقة باتجاه معين وقف فيه فهد الجبالي يتطلع إليها بوجه جامد بيننا تحاول محدثته لفت انتباهه وتبادل الحديث معه... دون جدوي.

________

_هو انت لسة زعلان مني؟

_لأ خلاص ياوعد.

_طب احلف.

_قلتلك خلاص يبقي خلاص.. أظن فرحتنا بابننا النهاردة مستحيل تسيب في قلبي أي زعل.

_يعني سامحتني عشان خاطر ابنك مش عشان خاطري.

_ياما عملتي حاجات عشان خاطره مش عشاني ومعترضتش، لما اتبدلت الأدوار دلوقتي مش عاجبك.

_ده انت قلبك بقي اسود قوي يافهد.. ايه اللي غيرك بالشكل ده؟

_قلتلك ميت مرة، أنا زي ماانا انتِ اللي اتغيرتي.

_وبحاول أرجع وعد اللي حبيتها، بحاول ارجع علاقتنا زي ماكانت .. ليه مش عايز تساعدني؟

_عايزاني أعمل ايه يعني؟

_تعالي نسافر مكان نغير جو فيه أو أقولك تعالي نقضي شهر عسل تاني.

_مش هينفع الفترة دي ورايا شغل كتير وارتباطات.

_زي ارتباطك بمدام ريتاج.. مش كدة؟

_يوووه.. أنا هقوم أكلم نضال قبل مانتخانق تاني.

تابعته وعد باحباط تدرك أن الطريق أمامها مليء بالأشواك ولكنها ستسير فيه وستتحمل الألم من أجل استرجاع حبيب الطفولة الذي أضاعته يوماً وستعمل علي استرجاعه مهما كان الثمن.

________

قاوم رغبة هائلة في ضمها إلي حضنه حتي تسكب مدامعها الغالية علي صدره، ضم قبضتيه بقوة حتي لا يفعل وهو يقول:
_يابراء كفاية بكا عشان خاطري، انا مبقدرش أتحمل دموعك دي.

جففت عبراتها بأناملها قائلة:
_أنا خلاص بقيت كويسة، ياريت ترجع لضيوفك ياساهر بيه.

_ايه ساهر بيه دي كمان؟ انا متعودتش تناديني بالشكل ده.

_مش دي الحقيقة، ليه بننكرها؟ انتوا فعلا أصحاب البيت زي ما الدكتورة قالت واحنا الخدامين، شيء ميزعلنيش في حاجة هي بس الطريقة اللي قالتها بيها جرحتني لكن جرحي هيطيب ومش هخليه يكسرني، البني آدم ميعيبوش أصله أو شغله.. اللي يعيبه عدم أخلاقه والحمد لله أمي زرعت فيا اللي عايدة هانم مقدرتش تزرعه في بنتها.. الأخلاق.

طالعها بعيون عجزت عن مواراة مشاعره بهما فأطل الحب من مقلتيه وهو يقول:
_ودول أكتر حاجة حبي.......

قاطعه صوت نيرة وهي تأتي من خلفه قائلة:
_روح انت للضيوف برة وسيبني معاها ياساهر.

نقل ساهر بصره بين والدته و براء ثم مالبث ان خضع لرجاء والدته وغادر متجها إلي الحفل البسيط الذي أقيم احتفالاً بخطبة أخته.

اقتربت نيرة من براء وجلست جوارها تسحب يديها المتكورة بحجرها وتضعها بين يديها قائلة بحنان:
_انتِ عارفة انك غالية عليا زي بناتي بالظبط.. مش كدة؟

هزت براء رأسها فأردفت نيرة قائلة:
_وعارفة انك مش بتشتغلي عندنا وان مامتك جزء من العيلة وكلنا بنحبها وبنحترمها.. مش كدة؟

هزت براء رأسها مجدداً فأردفت نيرة:
_أي اهانة ليكِ هي اهانة لينا كلنا ولو حبيتي هطلب من جاسمين ومامتها ميدخلوش البيت ده تاني ودلوقتي.

شعرت براء بحب وامتنان كبيرين تجاه هذه السيدة الكريمة  لتقول بحب:
_كلامك ده كفاية عليا قوي يطبطب علي أي جرح جوايا، وجود جاسمين في البيت ضروري ولازم كلنا نستحمله عشان خاطر ساهر، ساهر يستاهل مننا نتحمل أي حاجة عشانه.. ربنا يسعده معاها ويحقق أحلامه.

قطبت نيرة جبينها للحظة قبل أن تنفرج أساريرها وهي تضحك قائلة:
_انتِ فاكرة ان ساهر و جاسمين مرتبطين؟ مستحيل طبعاً لان ساهر بيحب واحدة تانية ومستني امتحانه يخلص والنتيجة تظهر بفارغ الصبر عشان يتقدم لها.

قطبت براء جبينها بقوة تتساءل عن هذه المحبوبة الغامضة وكيف لم تسمع عنها شيئاً، لاتدري أن تساؤلها قد خرج من ثغرها دون وعي حتي جاوبتها نيرة قائلة ببشاشة:
_اللي بيحبها ياستي تبقي....

صمتت وقد انتابها ألم حاد بصدرها جعلها تتأوه بقوة، انتاب براء الجزع وهي تقول بقلق:
_مالك ياطنط؟ ايه اللي بيوجعك؟ أندهلك عمي يزيد؟

أخذت نيرة نفساً عميقاً تحاول به احتواء ألمها الشديد ودوار أصابها ثم قالت:
_لأ.. أنا بخير متقلقيش، مفيش داعي نبوظ الليلة الجميلة دي عشان حاجة بسيطة .. شوية وجع في العضم.. أكيد خدت برد، ياريت يابراء متقوليش لحد، هاخد مسكن وهبقي زي الفل.

أسرعت براء تحضر المسكن من الدرج وتفرغ كوباً من الماء ناولتها اياهم، تناولت نيرة المسكن وسط لهفة براء وقلقها فابتسمت نيرة ابتسامة واهنة وهي تربت علي وجنتها قائلة:
_قلتلك متقلقيش انا بقيت كويسة خلاص بعد ماخدت المسكن، اوعديني يا براء متقوليش لحد.

_هوعدك لو وعدتيني تاخدي ميعاد من الدكتور عشان نطمن عليكي.

_انتِ هتعملي زي يزيد.

_أي حد بيحبك ويخاف عليكي هيطلب منك تروحي للدكتور.. اوعدينا لو بتحبينا كلنا.

_أوعدكم.

احتضنتها نيرة فضمتها براء تغمض عيناها وهي تبتهل ان تكون هذه السيدة العظيمة التي تعشقها بخير والا سينهار هذا البيت تماماً وسينهار معه سكانه.

_______

_يعني ايه سافرت رحلة من غير صاحباتها وبعتتلهم رسالة وقفلت التليفون وكمان متصلتش بيكم كل يومين زي عوايدها؟ ده مش طبع حور ولا دي تصرفاتها.

قال نضال بقلق:
_بالظبط وده اللي مقلقني، انا لسة مكلم نفين صاحبتها ولما بعتتلي الرسالة اللي كاتباها ع الواتس لاحظت ان ده حتي مش أسلوب حور ولا ده كلامها.

_يعني ايه الكلام ده؟ تفتكر.....

قاطعه نضال قائلاً بلوعة:
_مش عارف يافهد بس الأكيد اني مش هقعد مكاني أضرب أخماس في أسداس وأنا مش عارف بنتي فين ولا بتعمل ايه دلوقتي؟ أنا هسافر علي أول طيارة وأروحلها.

_هاجي معاك.

_لأ طبعا كدة هنثير الشكوك وهنعمل بلبلة من مفيش، ممكن الأمر يكون أبسط مما نتخيل ولحد ماأعرف الحكاية مش عايز حد يعرف بالموضوع ده،ولا حتي وعد لإنها هتقول لرهف.

_انت مش هتعرف رهف؟

_لأ طبعاً، انت عارف رهف وحالتها ممكن تكون عاملة ازاي لو سمعت حاجة زي دي.. أنا عايز أركز عشان أقدر أوصل للحقيقة بسرعة.

_طيب هتقولها ايه؟

_هقولها رحلة عمل جت فجأة وانت المفروض اللي كنت هتروحها بس هطلع بدالك عشان أسيبك تحل مشاكلك مع وعد.

_مفيش فايدة فيها.

_وده وقته يافهد؟

_آسف.. المهم مش عايز حاجة، أكلملك حد هناك يساعدك؟

_اللوا عز الدين صاحبي عايش هناك وأنا كلمته وهيستناني في المطار.

_ربنا يوفقك يااخويا وتطمنا علي حور في أقرب وقت.

_يارب..مضطر أستأذن وهاخد رهف معايا عشان هسافر الفجر..اعتذرلي من أختك وجوزها لاني لو كلمتهم هيبان عليا.

_أكيد.. ربنا يعينك..سلام.

_سلام.

غادر نضال يتابعه فهد بعينيه يدرك أن أخاه يتظاهر بالتماسك بينما هو علي وشك الانهيار يشتعل قلبه خوفاً علي ابنته، ليدعوا الله ان تكون سالمة وأن تكون شكوكهما مجرد.... أوهام.

تعليقات



×