رواية حبل الوريد الفصل السابع 7 بقلم ياسمين عادل


 رواية حبل الوريد الفصل السابع  


         _ أخذت كارمن محلها في الحافلة بجوار صديقتها '' يسرا '' بينما جلس كريم في مؤخرة الحافلة بجوار رفاقه .. 
كانت عينيه مسلطتان على هذه الأنسية التي خطفت إنتباهه منذ الوهلة الأولى ، كان يسترق النظر إليها خلسًة دون أن تشعر هي .. ولكن حاستها گأنثى جعلتها تستشعر وجود عيون مراقبة لها ، 
لم يختفي من بالها ذلك المشهد الذي حدث قبل قليل ، عندما أطبقت أصابعهُ على كفها وكأنه يرفض تركها ..
فأبتسمت رغمًا عنها وهي تتحسس كفها ، ثم أخفضت بصرها بإستحياء كلما تذكرت نظراته حيالها.. 
بنفس الآن .. كانت كارمن تُحدث '' ريـان '' إلكترونيًا عن طريق المحادثات ، فيتزين ثغرها بإبتسامة حينًا وتعبس حينًا آخر .. وبقت هكذا لمدة تزيد عن الساعة ، وعندما أنتهت من محادثته بدأت تتفاعل مع هذه الأجواء بحماسة شديدة .. 
فـ مثل هذه السفريات تكون ذات طابع مختلف عن غيرها .. 

     _ ساعات عديدة مضت في هذا الطريق المؤدي لمدينة '' العين السخنة  '' .. كان قُصي ينتظر مُضيّ الوقت على أحرّ من الجمر ، متلهفًا لرؤية إنطباعها الإنفعالي عند ظهورهُ أمامها فجأة .. لاح على ثغرهُ بسمة متسلية وهو يتخيل تشنجات وجهها وحتى إنفعالاتها تروق له ، تمنى أن تضحك له مرة .. أو أن تبادلهُ حديثًا معسولًا ، ولكنه دائمًا يتمنى عبثًا ، تنهد وهو يهز أصابعه الممسكة بالمقود .. حتى لاحظ بطء حركة الحافلة ، فأيقن أن هذه القرية السياحية الصغيرة هي التي سيقيم بها الفوج الطلابي .. 
تأمل البوابات والحراسات الأمنية ، الهيكل البنائي للقرية من الخارج .. وكذلك الديكورات الخاصة بالقرية .. 
تقوست شفتيه برضا عن هذا المكان ، ثم بدأ يتأهب ذهنيًا لمقابلتها .. 

قام المشرف على الرحلة بأصطحابهم لداخل الفندق .. ثم تركهم بالساحة الفسيحة لينهي هو إجراءات الأقامة بالفندق ، بينما جلست كارمن على أحد الأرائك المخملية الزرقاء في إنتظار الإشارة بالتحرك  .. 
وأثناء إهتمامها بالمحادثة مع '' ريان '' تفاجئت بوجود جسد بشري يسد عنها الضوء ، فرفعت رأسها لتكتشف هويته .. لتتفاجأ بـ قُصي .. 
أتسعت عينيها عن آخرها وهي تحدق فيه ، وضغطت على الزر الجانبي للهاتف لإغلاقه .. نهضت عن جلستها بتشنج وهي تحدجه بغيظٍ شديد ثم نطقت بإستنكار  :

- إنت جاي ورايا !؟ 
قُصي متمعنًا النظر بها : قررت أقضي معاكي عيد ميلادك بعد بكرة ، ولما عرفت إنك مسافرة مقدرتش أستنى وجيت على طول
كارمن وقد قست تعابير وجهها : أنت ازاي تفرض نفسك عليا بالشكل ده ! لحد أمتى هفضل أقولك أبعد عن طريقي؟ 

     _ لاحظت تاج هذه المشادة الكلامية بينهم ، فتابعت الموقف عن بُعد وقد تنغض جبينها بإستفهام .. 
لتجد هاتفها يصدر رنينًا متتاليًا ، نظرت إليه لتجد شقيقها يتصل بها .. فأجابت دون تردد و..... 

- أيوة ياريو
ريان بنبرة يشوبها القلق : تاج ، أنا كنت بكلم كارمن على الواتساب وفجأة قفلت ، طمنيني في حاجة حصلت ! 
تاج وهي تتأمل هذه الأجواء المضطربة بينهم : لأ مفيش ، بس هي بتتكلم مع واحد كده وشكلها بتشد معاه جامد
ريان وقد تحفزت حواسه لعبارتها : نعـم ! مين ده ؟ 
تاج وقد تلوت شفتيها : مش عارفه أول مرة أشوفه ، بس باين عليه ابن ناس يعني
ريان وقد أحتقنت عينيه بالدماء : طويل ورفيع ، شعره قصير وبني غامق وبشرته بيضا شوية ؟ 
تاج وقد أرتفع حاجبيها بذهول : إيـه ده ! أنت تعرفه ؟ 
ريان وهو يضرب بقبضته الحائط وبعنف : إلا أعرفه ! ده عــز المعرفة .. أقفلي دلوقتي 
تاج  : ريـ.... 

   _ تفاجئت بإغلاقهُ للهاتف.. فعضت على شفتيها بحنق وهي تعاتب حالها على تسرعها في هذه التصريحات الي صرحت بها لشقيقها فـ ربما تكون قد أفسدت الأجواء بينهما بسبب غبائها .. فـتمتمت بخفوت : 

- إيه اللي عملتيه ده ياغبية ! أوف 

    _ ضغطت بأناملها على جبهتها وهي تُحيد ببصرها عنه لتهتف بلهجة متبرمة :
- مفيش فايدة من الكلام معاك ، لكن بحذرك لو فكرت تطاردني في الرحلة آ.... 
قُصي بلهجة مترقبة : هتعملي إيه ! 
كارمن وهي ترمقه بإزدراء : معرفش رد فعلي هيكون إيه ساعتها ! 

     _ في هذه اللحظة تحديدًا ، تواجد كريم وعلى وجهه إشارات السخط جليّة .. أشار لشقيقته لتتحرك وهو ينطق بـ  :
- تعالي ياكارمن ، أوضتك انتي والبنات جاهزة خلاص
كارمن وهي تحمل حقيبتها الصغيرة : جيت في وقتك ياكريم
كريم وهو يشير نحوها لتترك الحقيبة : سيبي الشنطة هجيبهالك

    _ تجاوزتهم كارمن وقد تبدل مزاجها للأسوأ عقب رؤيته ، بينما وقف كريم في مواجهته وهو يحذرهُ قائلًا  :
- إبعد عن كارمن ياقُصي ، أنا مش عايز أعمل معاك مشكلة
قُصي وهو يضم شفتيه سويًا بإستخفاف شديد : بجد ! مبقاش إلا أنت ياكريم ! 

   _ تحرك من أمامهُ ، فنعتهُ بسبّة لاذعة وهو يردد :
- صحيح جبلة مبيحسش

           _ أقـل من ساعة زمن ، وكان ريـان قد حزم حقيبته وضبّ أغراضها ليغادر القاهرة هذه الليلة .. 
فلن ينتظر حتى الصباح عقب معرفتهُ بأن هذا البغيض قد أنتقل أيضًا لهناك .. مستغلًا الفرصة للإنفراد بها وحدها ، واللّه وحده يعلم حقيقة نواياه الخبيثة التي يكنّها لها .. 
كانت النيران المستعرة تغلى بداخلهُ وتتعالى ألسنتها حتى وصل لجوفهُ .. 
تحسس عنقه الذي أخنقهُ فجأة وأنتقل لتجرع بعض المياه .. ثم عاد ليتابع إنهاء عمله .. ليترك القاهرة مسافرًا بعد آذان الفجر بساعة ، وقد بدأ الضُحى في البزوغ . 

................................................................... 

    _ كان نومها متقطعًا ومؤرقًا ، بل الأصوب إنها لم تنل قسطًا وفيرًا من الراحة .. فكان عقلها منشغلًا بهذا الوضع الذي حُشرت به ، فكيف ستواجه ريان بذلك ، وكيف ستعترف له بوجود هذا الـ قُصي بنفس المكان! 
هي تعلم مدى غيرتهُ المجنونة عليها .. ومن المستحيل أن تعرضه لمثل هذه المواقف .. 
تنهدت بيأس ثم نهضت عن نومتها لتبدل ثيابها بأخرى .. 
حيث أرتدت ثيابًا صيفية خفيفة مكونة من بنطال أبيض وصل لبعد ركبتها ليكشف عن جزء من ساقيها ، وكنزة وردية رقيقة ذات أكمام وصلت لمنتصف عضدها ، ولكنها مكشوفة الأكتاف لتُظهر عظمتي الترقوة البارزين أسفل نحرها .. 
تركت الفندق وأنتقلت للبحر مباشرًة .. حيث أعتلت أحد المقاعد الطولية ، وضعت نظراتها ذات الزجاج الرمادي على عينيها وراحت تطالع هذه الطبيعة الخلابة بإستمتاع .. 
حيث خففت هذه الأجواء اللطيفة من أعصابها المشدودة وأرختها لحد ما .. تطلعت لحركة المدّ والجزر بتسلية وأستمعت لصوت تضارب الأمواج وكأنها موسيقى تُعزف بجوار أذنيها .. فأكلها الشغف لتلمس هذه المياة الزرقاوية الصافية التي ضربتها أشعة الشمس الصفراء .. 
نهضت عن مكانها ورفعت نظاراتها لتستقر على خصلات شعرها الذي تحرك يمينًا ويسارًا مع الرياح الخفيفة .. 
مدت قدميها لتستقبل هذه الموجة القادمة حتى لمست أطراف أصابعها ، فدغدغتها برودة المياه التي لم تدفأ بعد .. 
أبتسمت بسعادة وهي تكرر فعلتها حتى غمرت المياه كف القدم كاملًا .. 

في هذه اللحظات ، كان يقترب منها .. يستمتع بأقل تفاصيلها ، مشتاقًا لأحتضانها .. وحتى صوتها إشتاقهُ ، وكلما أقترب أقتربت رائحتها منه ، ليتخلل عبقها أنفه فـ يداعب مشاعرهُ المتوهجة بها .. حيث تحمل الرياح عبق شعرها المميز إليه لينفجر شوقهُ .. 
أقترب منها ليطوق خصرها بساعديهِ .. فأنتفضت ودب الذعر بداخلها وهي تدفعه بعنف وتلتفت لتهتف بإهتياج  :

- بتعمل إيــ.... 

    _ أنقطع حديثها وأنفرج ثغرها بعدم تصديق وهي تراه أمامها و  : 

- ريـــان ! 
- حياتي كلها ! 

   _ وأخيرًا أستكانت  ، ورمت بجسدها بأحضانهُ .. حيث عانقتهُ عناقًا قويًا وهي تنطق بشوٍق جارف  :

- وحشــتني !  جيت أمتى وإزاي ؟ 
ريان وهو يشد على ساعديه المحاصرتان لها : جيت من ساعتين تقريبًا ، يدوب غيرت هدومي وأرتاحت من طريق السفر وجيتلك على طول 
كارمن وهي تبتعد عنه مدهوشة : بس إنت قولتلي آ... 
ريان وهو يضع سبابته على شفتيها : تـؤ .. سحبت كلامي ومقدرتش أسيبك هنا لوحدك 
- حياتي أنت

         _  كان يُطالع لقائهم ببعض بكُل حقد .. فقد تأكدت ظنونه الآن ، كان يشعر بوجود شيئًا بينهما منذ أن رآهما صدفًة بأحد النوادي الشهيرة ولكنه كذب حالهُ .. الآن لا يستطيع إنكار هذه الحقيقة التي باتت واضحة وضوح الشمس .. وكأنه سيفتك بفكيهُ من فرط الضغط عليهما  ، لو يستطيع لـ محى سيرة هذا الرجل الذي يعترض طريقه ويمنعه عن تحقيق مبتغاه .. ولكنه لن يقوَ على ذلك ، فـ لن يغامر ليكون هو الخاسر الوحيد بالنهاية .. 
وأخيرًا أدرك أن هذه الحرب لن يفوز بها بالعنف أول الأساليب العدائية ، وإنما يحتاج الأمر لتكتيكات من نوع خاص حتى ينجح الأمر .. لاح على ثغره بسمة شيطانية وهو يردف بتوعد  :

- لو كملتو مع بعض ، مبقاش أنا قُصي زهران

    _ ترك هذه النافذة التي تطل على البحر وولج للداخل .. بينما بقى أثنتاهم ، حيث راق لهم السير فوق الأمواج وهي تداعبهم ذهابًا وإيابًا ، لم يصرح لها معرفته بشأن قُصي .. وأبقى الأمر طي الكتمان ، حتى يحظيا بلحظات فريدة أخرى تضاف لعمرهم سويًا .. 
توقف ليكونا في مواجهة البحر ، حيث أستندت كارمن برأسها على صدره وراحت تتحدث بأريحية :

- متتصورش سعادتي أد إيه النهاردة ، دي أول مرة نسافر فيها سوا برا القاهرة 
ريان وهو يحاوط كتفها بذراعه : وانا مقدرش أشوف حاجة هتفرحك ومعملهاش  
كارمن : للدرجة دي بتحبني ! 

   _ سحب ذراعهُ وأبعدها عنه لتكون في موازاتهُ ، ومن ثم تابع :
- انتي بقيتي زي الدمّ بالنسبالي
كارمن وقد تفاجئت من تشبيههُ لها بالدماء ، فتجهم وجهها وهي تردد بإستنكار : دم ! ؟ أنا دم ياريان ؟ 

    _ أمسك بكفها بلطف شديد ، ثم وضع سبابتها على عنقهُ ، تحديدًا على الوريد النابض الذي يضخ الدماء للمخ مباشرًة .. والذي بدونه تنفصل الحياة عن الجسد ، 
سرت قشعريرة بجسدها وهي تشعر بالنبض في وريدهُ .. بينما تابع هو بنبرة هائمة وهو يضغط على أصابعها :

- انتي هنا .. ماشية جوه وريدي ، يعني أنتي الدم اللي معيشني ومخليني أتنفس 

     _ كم كان رائعًا وهو يصفها بأبلغ الأوصاف وأقربها وصولًا للقلب ! .. خفق قلبها بقوة وهي تستمع لكلماتهُ ، أرادت أن تُحطم القيود بينهما الآن .. أن تعترف وأمام الجميع بعشقها لهذا الرجل الذي خُلق لأجلها .. 
لمعت عينيها بوميضًا فرحًا ، وسحبت كفها بهدوء وجذبت معه كفهُ .. حيث ثبتت سبابتهُ على شرايين مرفقها والأوردة المتشعبة بهذه المنطقة الحية بالجسم ، ثم نطقت بصوت تسلل لقلبهُ  :

- وانت هنا ، إنت الحياة ياريـان ، الحياة

      _ أبتسم لها إبتسامة زادت من جاذبية ملامحه .. وبصورة تلقائية أخفض بصرهُ ليقع على عظمتيها .. فضيق عينيه وهو يهتف :

- البلوزة دي وحشة
كارمن وهي تتأمل كنزتها بإندهاش : بجد! 
ريان وهو يشير بأصابعه نحو عظمتيها البارزتين : عشان مبينة حاجة مينفعش حد يشوفها غيري
كارمن وقد أتسع ثغرها بإبتسامة سعيدة : بقـى هي كدا! 
ريان وهو يومئ رأسه بخفة : أه ، يلا أطلعي غيري هدومك وانزلي نفطر سوا ، أنا محضرلك program لليومين الجايين هيبهـرك
كارمن وقد أكلها الفضول : طب قولي إيـه! 
ريان : لأ ، بس خلصي وانزلي على طول مستنيكي

      _ أبتعدت عنه بخطوات شبه راكضة ، بينما سلط هو أنظاره على الشرفات والنوافذ وكأنه يبحث عنه ومنتظرًا لظهورهُ .. 
هو أيضًا ليس بهين ، فقد أستطاع تخمين سبب وجوده بهذا الوقت والزمان .. رغب في الإختلاء بها ، وسيتعمد أن يستخدمها لإثارة غيظه وإتلاف أعصابهُ .. ولكنهُ أنتوى ألا يترك له الفرصة لذلك .. 
وضع ريان نظارته الشمسية على عينيه ثم جلس على أحد المقاعد يفكر بهدوء وإتزان .... 

    _ حبذ قُصي ألا يظهر أمامهم الليلة ، حتى يبث في نفوسهم طمأنينة مؤقتة بعدم وجودهُ .. حيث قضى ليلتهُ خارج القرية وتنزهُ بعيدًا عنها ، بينما كان النهار وحتى حلول الليل لهما .. 
أصطحبها ريان لرحلة بحرية قصيرة بأحد اليخوت المستأجرة .. فقضيا بها طوال النهار بصحبة '' تاج ، كريم ، يسرا ، نهاد '' .. كان الأمر مخفيًا عن كريم ولكنه بدأ الأن يدركهُ، فقد لاحظ حالة العشق التي بينهما ، فقرر الصمت حتى ينفرد بشقيقته فيعلم منها أصل هذه الحكائة التي شغلت عقله .. 
ولكن هذا الأمر لم يجعله ينصرف عن التركيز بها '' تاج  '' فقد سنحت له فرصة ذهبية للتواجد معها وبأطول وقت ممكن .. مما جعله مستمتعًا بذلك للغاية . 

  _ أشرف ريان بنفسه على إعداد وجبة بحرية كاملة للغداء ، حيث ضمت أنواعًا مختلفة من الأسماك بجانب الجمبري والإستاكوزا ، وغيرهم من الأشكال العديدة .. 
أنتشت كارمن كثيرًا لهذه اللحظات التي تشاركهُ فيها ، فقد وقفت معه لتراقب كيف كان طباخًا ماهرًا في عمل هذه الوجبات اللذيذة .. كان يطلب مساعدتها فقط من أجل ألا يلاحظ شقيقها وجود أمرًا غير طبيعيًا بينهما ، ولكن كانت أعينهم فاضحة بشكل كبير .. 
أنتقلت تاج نحوهم وقد عبس وجهها الطفولي وهي تردد :

- ريـــو ، أنا هموت من الجوع أكلني بقا 
ريان وهو يحدجها بغرابة  : خلاص ، دقايق واكون خلصت أصبري على رزقك
تاج وهي تشتم هذه الرائحة المثيرة للشهية  : مش قادرة أصبر 

   _ مدت يدها لتسرق أيًا من هذه السمكات ولكنه طرق بأنامله على يدها وهو يهتف  :

- قولنا أصبري 
كارمن : حرام عليك ياروني ، سيبها تاخد واحدة بس 

   _ ألتقطت كارمن واحدة منهن وبسطت ذراعها نحوها وهي تردد :
- خدي ياتوتي الجمبرياية دي 
تاج وقد أنفرج ثغرها بسعادة : حببتي ياكوكي ، بس دي مش هتكفي
ريان وقد أرتفع حاجبيه بإستنكار  : شوفتي ، ده اللي عامل حسابهُ .. بتعامل مع طفلة
كارمن بتلقائية شديدة : طب ماهي طفلة فعلًا
تاج وهي تتوسط خصرها وقد بدا عليها الضجر : نعم نعم ! انتوا الأتنين هتتلمو عليا ، لأ أنا خلاص تميت سن الرشد والقانون المصري بيديني قيمتي 
ريان وهو يلوح بيده مستخفًا بها  : أتلهي ! 

     _ لاحظت يسرا تعلق عيني '' كريم '' بهذه الفتاة .. فلكزتهُ برفق وهي تداعبهُ قائلة  :
- هي غمزت ولا إيه ! 
كريم وقد أنعقد حاجبيه بعدم فهم  : هـا ! هي إيه دي ؟ 
يسرا وهي تغمز له : الصنارة ياكوكو ، عينك متشعلقة بالبت مسيبتهاش من ساعة ما سيبنا البر
كريم متنحنحًا بحرج : آ... بصراحة شغلت دماغي ودي مش عادتي يعني ، أنتي عرفاني يايسرا مش بتاع بنات خالص
يسرا وهي تقهقه بسخرية : آآه عارفة طبعًا ، ده انت حتى لسه مفركش مع علا الأسبوع اللي فات بس
كريم وقد أتسعت حدقتيه بتخوف من أن تفضح أمره  : إيـه ؟ لأ أبوس إيدك أستري عليا ، بقولك شغلت دماغي 

   _ تقوست شفتيها وهي تهز رأسها بتفهم ، ثم مالت عليه لتهمس بخفوت  : 
- أنا منصحكش تاخد ولا خطوة نحيتها ، ريان بيخاف على أخته بصورة متتخيلهاش ، يعني مش هيسمحلك تقرب حتى منها
كريم وقد بدأ تفكيرهُ يتطور : أمــم ، بس انا آ.... 
يسرا وهي تقاطعه بحزم  : مش بقولك أي كلام وخلاص ، فكر بس تزعل تاج ولا تنكشها هتلاقي أخوها في وشك على طول .. وريان غبي في الحاجة اللي تخصهُ
كريم وقد أحتدت نظراته وهو يتابع : أنتي شيفاني إيه بالظبط ! خلاص رايح أكلها مثلًا ! 
يسرا وهي تجتهد لتوصيل المعلومة بشكل مهذب : لأ مش ده قصدي ! لكن مش ده النوع اللي تلاغيه وبعدين تسيبه وتمشي ياكريم
كريم وقد ضاقت عينيه بضيق : بما إنك عرفاه كويس كدا ، يبقى تعرفي علاقتهُ إيه بأختي ! ؟
يسرا وقد تسرب التوتر إليها : هه ! لأ مفيش ، just friends ( مجرد أصدقاء ) 
كريم بعدم تصديق  : بصي على عنيه كدا يايسرا ، دي مش نظرات صديق .. دي نظرات واحد واقع على بوزو 

    _ لم تستطع يسرا كبح ضحكتها عقب عبارته الأخيرة .. ثم تابعت بصوت يختلجهُ الضحك  : 
- فعلاً 
كريم وقد جحظت عينيه بعدم تصديق : نعـم ! 
يسرا بصوت متعقل : بص ياكريم ، أنا عارفة إنك مش بتدخل في حياة كارمن ، ودي كانت رغبة أونكل جلال دايما .. لكن عشان دماغك متلفش كتير أنا هريحك ، ريان وكارمن مش بس بيحبو بعض ، دول خلاص كتبوا أساميهم على أسامي بعض

     _ أتسع فاههُ بعدم إستيعاب ، شقيقته وقعت في دائرة الحب وأصبحت ضمن قائمة العاشقين وهو لا يدري .. 
والأكثر خطورة إنه لا يعلم شيئًا عن هذا الرجل ليرتاح إليه أو يطمئن عليها معهُ .. تحرك بنظراته نحوهم ليجدهم يعدون أطباق الطعام من أجل البدء في تناوله ، دقق نظراته عليه وكأنه يتفحصهُ من جديد .. أراد سبر أغوارهُ والدخول لخبايا عقلهُ ليكتشف صدق نواياه وتفكيره أو كذبها .. 
فقاطعته يسرا بعبارتها التي أنهت شكوكهُ وجعلته يصدق وإن كان بإرغام من قلبهُ :

- على فكرة ، أونكل جلال عارف .. وريان حاول كتير إنه ياخد خطوة رسمية مع كوكي ، لكن هي اللي موقفة الموضوع لحد ما تخلص رسالة الماچيستير
كريم وقد فاق الأمر توقعاتهُ  : بابا يعرف ! 
يسرا : آه ، تقدر تسألهُ
- الأكل لو برد أنا مش مسؤل ، وساعتها مش هيتاكل

   _ ردد ريان بهذه الجملة وهو يرصّ الأطباق فوق الطاولة الدائرية صغيرة .. بينما حضرت تاج وهي تحمل صحنًا مميزًا أعدتهُ بنفسها ليكون لها ، ملئتهُ حتى فوهته وجلست به بالقرب منهم وهي تقول بإستمتاع  :

- وأخيرًا هاكل

   _ لم يستطع أن يتحكم بوجهه الذي أشرق بإبتسامة عريضة وهو يراها تأكل بتلقائية شديدة .. وكأن الطعام لم يعرف طريقهُ لمعدتها منذ أيام ، بدأ كريم التناول أيضًا .. وقد أستقل دور المراقب والملاحظ لشقيقته وحبيبها ، وتلك التي أستحوذت على عقله أيضًا .. 
فطاب لهم الحديث والطعام سويًا ، وسط هذا المحيط الأزرق الذي يحاوطهم من كل مكان .. فالسماء أعلاهم والبحر حولهم . 

....................................................................... 
  
     _ حلّ المساء ، حيث أعدتّ كارمن حالها لحفل مسائي صاخب برفقة هذا الفوج الطلابي .. 
بينما أعتذرت كُل من يسرا ، ونهاد عن هذا الحفل .. فقد أرهقتهم هذه الرحلة البحرية التي أستحوذت على اليوم النهاري بأكمله .. فقررت كلاهما بالراحة في غرفة الفندق خاصتهم حتى يستطعن إستكمال برنامج الرحلة غدًا ، وإذ بالباب يقرع قرعات ثابتة .. فأتجهت يسرا لفتحهُ وقد ظنت إن '' كارمن '' قد عادت مرة أخرى ولكنــ ...  :

- مساء الخير 
يسرا وقد تنغض جبينها بإستفهام  : قُصي ! خير .. جيت أمتى هنا ! 
قُصي بإبتسامة طفت على ثغره : إمبارح ، وكنت عايزك في موضوع مهم
 يسرا وقد تفهمت سوء نيته  : أكيد الموضوع يخص كارمن ، وأكيد هقولك لأ
قُصي وقد رسم قناع البراءة على وجهه  : بالعكس ، أنا متأكد إنك هترحبي جدًا ، خصوصًا لو الحكاية تتعلق بسعادة كارمن
يسرا وهي تحدجهُ بعدم تصديق : سعادة كارمن ! ومن ناحيتك إنت !! 
قُصي  : أسمحيلي نتكلم وانا هفهمك كُل حاجة ، هستناكي في الرسيبشن

    _ تحرك من أمامها ، بينما ترددت هي في مجارتهُ ، أو الإبتعاد عنه .. ولكنها لن تخسر شيئًا بمعرفة ما ينتوي عليه ، هكذا فكرت ، فقررت أن تسمح له بالتحدث إليها و............... 
..................................................................... 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1